الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

«الأنوارُ المُبْهِجَة» في إبرازِ عِلّة حَديثِ «عَرْفَجَة»: «سَتَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وهَنَات» بالدَّلائِلِ الوَاضِحَات!

«الأنوارُ المُبْهِجَة» في إبرازِ عِلّة حَديثِ «عَرْفَجَة»!

«سَتَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وهَنَات» بالدَّلائِلِ الوَاضِحَات!

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، وعلى آله وصحبه الطيبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإنّ حديث «عرفجة» في سفك دم من يريد الخروج حديث مشهور، صححه كثير من أهل العلم على مر العصور!

إلا أنّ في هذا الحديث علة سنبرزها من خلال هذا البحث إن شاء الله.

رُوي عن عَرْفَجَةَ، أنّه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ».

·       تخريج الحديث:

أخرجه مَعمر بن راشد في «جامعه» [المطبوع مع مصنف عبدالرزاق] (11/344) (20714).

وأخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (2/551) (1320).

ومسلم في «صحيحه» (3/1479) (1852) عن أَحْمَد بن خِرَاشٍ، عن حَبَّان بن هلال.

كلاهما (الطيالسي، وحبان) عن أَبي عَوَانَةَ الوضّاح اليشكري.

وأخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (2/551) (1320).

وأحمد في «مسنده» (30/227) (18295) عن يَحْيَى القطان، وفي (30/229) (18296) عن أبي النضر هَاشِم بن القَاسِمِ، وفي (31/338) (19000) عن مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ.

ومسلم في «صحيحه» (3/1479) (1852) عن أَبي بَكْرِ بن نَافِعٍ، ومُحَمَّد بن بَشَّارٍ، كلاهما عن غُنْدَر مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ.

وأبو داود في «سننه» (7/139) (4762).

والطبراني في «المعجم الكبير» (17/143) (361) عن مُعَاذ بن المُثَنَّى.

كلاهما (أبو داود السجستاني، ومعاذ بن المثنى) عن مُسَدَّدٌ، عن يَحْيَى بن سَعِيدٍ.

والنسائي في «السنن الكبرى» (3/429) (3471) عن عَمْرو بن عَلِيٍّ، عن يَحْيَى.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/411) (7134) عن يُوسُف بن مُسْلِمٍ.

وابن حبان في «صحيحه» (10/255) (4406) عن أبي يعلى أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى، عن أَبي خَيْثَمَةَ.

كلاهما (يوسف بن مسلم، وأبو خيثمة) عن حَجَّاج بنِ مُحَمَّدٍ الأعور.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/411) (7136) عن أَبي قِلَابَةَ، عن عَبْدالصَّمَدِ.

والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/100) (2324) عن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوقٍ.

وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (5/315) (2852) عن أَبي مُوسَى.

ثلاثتهم (أبو قلابة، وإبراهيم بن مرزوق، وأبو موسى) عن عَبْدالصَّمَدِ بن عَبْدِالوَارِثِ.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (17/143) (361) عن زَكَرِيَّا بن حَمْدَوَيْهِ الصَّفَّار، عن عَفَّان بن مُسْلِمٍ الصفّار.

كلهم (الطيالسي، ويحيى، وهاشم بن القاسم، ومحمد بن جعفر، وحجاج، وعبدالصمد، وعفان بن مسلم) عن شُعبة بن الحجاج.

وأخرجه أحمد في «مسنده» (31/337) (18999) عن أَبي النَّضْرِ هاشم بن القاسم.

ومسلم في «صحيحه» (3/1479) (1852) عن القَاسِم بن زَكَرِيَّا، عن عُبَيْداللهِ بن مُوسَى.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/411) (7137) عن ابن الجُنَيْدِ الدَّقَّاق، عن أَبي عَبْدِاللَّهِ الْأَنْبَارِيّ.

والبيهقي في «شعب الإيمان» (10/16) (7105) عن أَبي عَبْدِاللهِ الحُسَيْن بن شُجَاعٍ الصُّوفِيّ، عن أَبي بَكْرِ بن الْأَنْبَارِيِّ. وعن أَبي عَبْدِاللهِ الحَافِظ، عن أَبي العَبَّاسِ مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ، كلاهما عن جَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ، عن حُسَيْن بن مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ.

أربعتهم (أبو النضر، وعبيدالله بن موسى، والأنباري، وحسين بن محمد) عن شَيْبَان بن عبدالرحمن النحوي.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (3/1479) (1852) عن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيمَ، عن المُصْعَب بن المِقْدَامِ الخَثْعَمِيّ.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/412) (7144) عن أَبي أُمَيَّةَ، عن قَبِيصَة بن عُقبة.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (17/142) (355) عن عُثْمَان بن عُمَرَ الضَّبِّيّ، عن عَبْداللهِ بن رَجَاءٍ الغُدانيّ.

ثلاثتهم (مصعب بن المقدام، وقبيصة، وعبدالله بن رجاء) عن إِسْرَائِيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (3/1479) (1852) عن حجّاج بن الشاعر.

والطبراني في «المعجم الكبير» (17/143) (358) عن عَلِيّ بن عَبْدِالعَزِيزِ.

والبيهقي في «السنن الكبرى» (8/292) (16690) عن أَبي عَبْدِاللهِ الحَافِظ، عن أَبي بَكْرٍ مُحَمَّد بن عَبْدِاللهِ بنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيّ، عن إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاقَ القَاضِي.

ثلاثتهم (حجاج، وعلي بن عبدالعزيز، وإسماعيل القاضي) عن محمد بن الفَضْلِ عَارِم أَبي النُّعْمَانِ.

وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/101) (2325) عن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيمَ بنِ يُونُسَ.

والطبراني في «المعجم الكبير»  (17/143) (359) عن عَبْداللهِ بن الصَّبَّاحِ الْأَصْبَهَانِيّ، ومُحَمَّد بن يَزْدَادَ التَّوَّزِيّ.

ثلاثتهم (إسحاق بن إبراهيم، وعبدالله بن الصباح، ومحمد بن يزداد) عن مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ لُوَيْن.

كلاهما (عارم، ولوين) عن حَمَّاد بن زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ المُخْتَارِ البصري.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (3/428) (3469) عن أَحْمَد بن يَحْيَى الصُّوفِيّ.

وعن النسائي أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/102) (2327).

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (17/142) (356) عن فُضَيْل بن مُحَمَّدٍ المَلَطِيّ.

كلاهما (أحمد بن يحيى، وفضيل الملطي) عن أَبي نُعَيْمٍ، عن يَزِيد بن مَرْدَانِبَةَ القرشي الكوفي.

وأخرجه النسائي أيضاً في «السنن الكبرى» (3/428) (3470) عن أَبي عَلِيٍّ مُحَمَّد بن يَحْيَى المَرْوَزِيّ.

وعن النسائي أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/101) (2326).

وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/169) (2665) عن أَبي العَبَّاسِ السَّيَّارِيّ، وأَبي مُحَمَّدٍ الحَلِيمِيّ، وأَبي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيم بن أَحْمَدَ الفَقِيه البُخَارِيّ، جميعاً عن أَبي المُوَجِّهِ مُحَمَّد بن عَمْرٍو الفَزَارِيّ.

كلاهما (محمد بن يحيى، ومحمد بن عمرو) عن عَبْداللهِ بن عُثْمَانَ عَبْدَانَ، عن أَبي حَمْزَةَ مُحَمَّد بن مَيْمُونٍ المروزي.

وأخرجه أبو عوانة في «مستخرجه» (4/412) (7138) عن الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ.

والطبراني في «المعجم الكبير» (17/144) (364) عن سَعِيد بن عَبْدِالرَّحْمَنِ التُّسْتَرِيّ، عن شُعَيْب بن أَيُّوبَ الصَّرِيفِينِيّ.

كلاهما (الحسن بن علي، وشعيب) عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ سِيَاهٍ أَبِي يَحْيَى الثَّقَفِيِّ.

وأخرجه أبو عوانة في «مستخرجه» (4/412) (7141) عن أَيُّوب بن إِسْحَاقَ بنِ سَافِرِيٍّ.

والطبراني في «المعجم الكبير» (17/142) (357) عن حَفْص بن عُمَرَ بنِ الصَّبَّاحِ الرَّقِّيّ.

كلاهما (أيوب، وحفص الرقي) عن عُمَر بن حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، عن أَبِيه، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ يزيد بن عبدالرحمن.

وأخرجه أبو عوانة في «مستخرجه» (7142) عن ابن الجُنَيْدِ، عن صَدَقَة المَرْوَزِيّ، عن أَبي حَمْزَةَ السُّكَّرِيّ.

وأبو عوانة (7143) عن مَسْرُور بن نُوحٍ، عن عَبْدالحَمِيدِ بن أَبِي طَالِبٍ.

والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/101) (2325) عن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيمَ بنِ يُونُسَ.

والطبراني في «المعجم الكبير»  (17/143) (359) عن عَبْداللهِ بن الصَّبَّاحِ الْأَصْبَهَانِيّ، ومُحَمَّد بن يَزْدَادَ التَّوَّزِيّ.

ثلاثتهم (إسحاق بن إبراهيم، وعبدالله بن الصباح، ومحمد بن يزداد) عن مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ لُوَيْن.

والطبراني في «المعجم الكبير» (17/143) (358) عن عليّ بن عبدالعزيز، عن عارم أبي النعمان.

ثلاثتهم (عبدالحميد، ولُوين، وعارم) عن حَمَّاد بن زَيْدٍ.

كلاهما (أبو حمزة، وحمّاد بن زيد) عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ.

وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/101) (2325) عن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيمَ بنِ يُونُسَ.

والطبراني في «المعجم الكبير»  (17/143) (359) عن عَبْداللهِ بن الصَّبَّاحِ الْأَصْبَهَانِيّ، ومُحَمَّد بن يَزْدَادَ التَّوَّزِيّ.

ثلاثتهم (إسحاق بن إبراهيم، وعبدالله بن الصباح، ومحمد بن يزداد) عن مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ لُوَيْن، عن حَمَّاد بن زَيْدٍ، عن المُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ.

وأخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/102) (2328) عن إِبْرَاهِيم بن أَبِي دَاوُدَ، عن عليّ بن عَيَّاشٍ، عن يَحْيَى بن يَزِيدَ الرهاوي أبي شيبة، عَنْ زَيْدِ بنِ أَبِي أُنَيْسَةَ.

وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (10/438) (4577) عن أَحْمَد بن يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ، عن مُوسَى بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ المَسْرُوقِيّ.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (17/144) (362) عن مُحَمَّد بن عَبْدِاللهِ الحَضْرَمِيُّ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن الفَضْلِ بنِ مُوَفَّقٍ.

وعن الحُسَيْن بن إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيّ، عن مُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الجُرْجَانِيّ.

ثلاثتهم (موسى، وابن موفق، وابن الصباح) عن عَبْدالحَمِيدِ أَبي يَحْيَى الحِمَّانِيّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَيُّوبَ البَجَلِيِّ.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (17/141) (353) عن عَبْداللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ سَعِيدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عن مُحَمَّد بن يُوسُفَ الفِرْيَابِيُّ، عن سُفْيَان الثوري.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (17/143) (360) عن عَلِيّ بن عَبْدِالعَزِيزِ، عن عَمْرو بنِ عَوْنٍ، عن هُشيم بن بشير الواسطي، عَنِ العَوَّامِ بنِ حَوْشَبٍ الواسطي، ومُجَالِدٍ بن سعيد الكوفي.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (17/144) (363) عن أَحْمَد بن زُهَيْرٍ التُّسْتَرِيّ، عن أَبي حَفْصٍ عَمْرو بنِ عَلِيٍّ، عن أَبي عَاصِمٍ الضحاك بن مَخلد، عن مُحَمَّد بن بِشْرِ بنِ بَشِيرٍ الْأَسْلَمِيّ الكوفي.

وأخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (1/400) (1437) عن مُحَمَّد بن بَكَّار بن الريان، عن الوَلِيْد بن أَبِي ثَوْر الكوفي.

وأخرجه الداني في «السنن الواردة في الفتن» (2/406) (147) عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، عن قَاسِم بن أَصْبَغَ، عن أَحْمَد بن زُهَيْرٍ، عن مُحَمَّد بن بَكَّار، به.

وأخرجه أبو بكر ابن البهلول في «أماليه» (47) عن جده إسحاق بن البهلول، عن أبيه البهلول بن حسان التنوخيّ، عن أَبي شَيْبَةَ إِبْرَاهِيم بنِ عُثْمَانَ العبسي الواسطيّ.

وأخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (1/391) (746) عن مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الحِمْيَرِيّ البَغْدَادِيّ أَبي بَكْرَةَ، عن أَزْهَر بن مَرْوَانَ، عن عَوْن بن مُوسَى الليثي.

كلهم (مَعمر بن راشد، وأَبو عَوَانَةَ، وشُعبة، وشَيْبَان، وإِسْرَائِيل، وعَبْداللهِ بن المُخْتَارِ، ويَزِيد بن مَرْدَانِبَةَ، وأَبو حَمْزَةَ مُحَمَّد بن مَيْمُونٍ، وزَكَرِيَّا بن سِيَاه أَبو يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وأَبو خَالِدٍ الدَّالَانِيّ، ولَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ، والمُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ، وزَيْد بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، ويَحْيَى بنُ أَيُّوبَ البَجَلِيّ، وسُفْيَان الثوري، والعَوَّام بنُ حَوْشَبٍ، ومُجَالِدٌ، ومُحَمَّد بن بِشْر بن بَشِيرٍ الْأَسْلَمِيّ، والوَلِيد بن أَبَي ثَوْرٍ، وأبو شيبة العبْسي، وعَوْن بن مُوسَى) عن زِيَاد بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ، عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به، نحوه.

فالحديث رواه جماعة كبيرة عن زياد بن علاقة، عن عرفجة، مرفوعاً.

·       ذكر «عرفجة» دون نسبة، والاختلاف في نسبته!

وغالب الرواة الثقات كشعبة، وسفيان، وإسرائيل، وغيرهم يذكرون «عرفجة» هكذا دون نسبة!

ومن نسبوه اختلفوا في اسم أبيه اختلافاً كبيراً!

ففي رواية يَزِيد بن مَرْدَانِبَةَ، وزَكَرِيَّا بن سِيَاه: «عَرْفَجَة بن ضُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيّ».

وفي رواية المُفَضَّل بن فَضَالَة، والوَلِيْد بنِ أَبِي ثَوْر: «عَرْفَجَة بْنِ شُرَيْح».

وفي رواية يَحْيَى بنِ أَيُّوبَ وشيبان: «عَرْفَجَة بن شُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيّ».

وفي رواية مُحَمَّد بن مَيْمُونٍ: «عَرْفَجَة بن شُرَيْحٍ الأَسْلَمِيّ».

وفي رواية زَيْدِ بنِ أَبِي أُنَيْسَةَ: «عَرْفَجَة بن شَرَاحِيلَ».

وفي رواية أَبي حَمْزَةَ السُّكَّرِيّ، عَنْ لَيْثٍ: «عَرْفَجَة، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ». وَلَمْ يَنْسِبْ زِيَادًا فِي رِوَايَتِهِ.

وجاء في رواية عن شيبان: «عَرْفَجَة بن شَرِيكٍ»!

وهذه الرواية أخرجه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (4/2229) (5546) عن مُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ الهَيْثَمِ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّدٍ الصَّائِغ، عن حُسَيْن بن مُحَمَّدٍ، عن شَيْبَانُ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ بنِ شَرِيكٍ!

لكن رواه البيهقي في «شعب الإيمان» (10/16) (7105) عن أَبي عَبْدِاللهِ الحُسَيْن بن شُجَاعٍ الصُّوفِيّ، عن أَبي بَكْرِ بن الْأَنْبَارِيِّ.

وعن أَبي عَبْدِاللهِ الحَافِظ، عن أَبي العَبَّاسِ مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ، كلاهما عن جَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ، عن حُسَيْن بن مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ، عن شَيْبَان، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ بنِ شُرَيْحٍ.

وهذا هو المحفوظ عن شيبان كما مر في تخريج الحديث.

وقد أشار ابن حجر في «إتحاف المهرة» (11/154) إلى من نسبه، ومن لم ينسبه، فقال: "قالَ عُبَيْدُ بنُ يَعِيشَ فِي رِوَايَتِهِ: «عَنْ عَرْفَجَةَ بنِ ضُرَيْحٍ». وقالَ الدَّالانِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: «عَنْ عَرْفَجَةَ الأَشْجَعِيِّ». وقَالَ السُّكَّرِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: «عَنْ عَرْفَجَةَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَلَمْ يَنْسِبْ زِيَادًا فِي رِوَايَتِهِ. وقَالَ البَاقُونَ: «عَنْ عَرْفَجَةَ»، لَمْ يَنْسِبُوهُ".

وقالَ علي بن المديني: "قَالَ شُعْبَة: عرفجة، فلم ينسبه، وقالَ فِيهِ أَبُو عوانة: عرفجة بن شريح. وَقَالَ فيه يزيد بن مردانبة: عرفجة بن ضريح، وكلهم يروي حديثه هَذَا عَنْ زِيَاد بْن علاقة عَنْهُ".

وقال أَبُو بَكْر الأثرم: قَالَ أَبُو عَبْداللَّهِ أَحْمَد بْن حَنْبَل فِي حديث عرفجة: "فقالَ بعضهم: عرفجة بن ضريح، وقالَ بعضهم: ابن شريح".

·       ألفاظ الحديث:

وهناك اختلاف في بعض ألفاظ الحديث، وبعض الزيادات:

فلفظ رواية يَزِيد بن مَرْدَانِبَةَ، ويَحْيَى بنِ أَيُّوبَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الجَمَاعَةَ أَوْ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقُ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّ يَدَ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ يَرْكُضُ».

ولفظ رواية مَعْمَرٍ: «مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ».

ولفظ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ: «يَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ، وَهَنَاتٌ - فَطَوَّلَ بِهَا صَوْتَهُ... حَلَفَ مَا اسْتَثْنَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ».

ولفظ العَوَّامِ بنِ حَوْشَبٍ، ومُجَالِدٍ: «مَنْ مَشَى إِلَى أُمَّتِي وَهُم جَمِيعٌ يُرِيدٌ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ».

·       حكم أهل العلم على الحديث:

صححه الإمام مسلم بتخريجه له في «صحيحه»، وكذا ابن حبان، والحاكم.

قال الحاكم بعد روايته للحديث: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَإِنَّمَا حَكَمْتُ بِهِ عَلَى الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّ شُعْبَةَ بنَ الحَجَّاجِ، وَسُفْيَانَ بنَ سَعِيدٍ، وَشَيْبَانَ بنَ عَبْدِالرَّحْمَنِ، وَمَعْمَرَ بْنَ رَاشِدٍ قَدْ رَوَوْهُ عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، ثُمَّ وَجَدْتُ أَبَا حَازِمٍ الْأَشْجَعِيَّ، وَعَامِرًا الشَّعْبِيَّ، وَأَبَا يَعْفُورَ العَبْدِيَّ، وَغَيْرَهُمْ تَابَعُوا زِيَادَ بْنَ عِلَاقَةَ عَلَى رِوَايَتِهِ، عَنْ عَرْفَجَةَ، وَالبَابُ عِنْدِي مَجْمُوعٌ فِي جُزْءٍ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا بُويعَ لِلْخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا»، وَشَرَحَهُ حَدِيثُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ".

وقال أبو نُعيم الأصبهاني: "رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَعْمَرٌ، وَإِسْرَائِيلُ، وَيَزِيدُ بْنُ مَرْدَانَيْهِ، وَلَيْثٌ، وَأَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ، وَالعَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ، وَمُجَالِدٌ، وَعَبْدُاللهِ بنُ المُخْتَارِ، والمُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوبَ البَجَلِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَشَرِيكٌ، وَزَيْدُ بنُ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، ومُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ بَشِيرٍ الْأَسْلَمِيُّ، وَزَكَرِيَّا بْنُ سِيَاهٍ فِي آخَرِينَ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، مِثْلَهُ. وَرَوَاهُ أَبُو يَعْفُورَ، وَأَبُو حَازِمٍ الْأَشْجَعِيُّ، وَيَزِيدُ بنُ أَبِي مَالِكٍ اللَّخْمِيُّ، عَنْ عَرْفَجَةَ نَحْوَهُ".

وقال ابن عبدالبر في «الاستيعاب» (3/1063): "وهُوَ حديث صحيح من حديث أهل البصرة، رواه عَنْ عرفجة زِيَاد بْن علاقة، ورواه عَنْ زِيَاد بْن علاقة جماعة، واتفق فيه أبو عوانة والنعمان ابن راشد على عرفجة بْن شريح، ولا أعلم لعرفجة هَذَا غير هَذَا الحديث، وقد رَوَى عَنْهُ: أَبُو حَازِم الأشجعي، وأَبُو يعفور وقدان العبدي".

قلت: سيأتي الكلام على هذه المتابعات لزياد بن علاقة إن شاء الله.

ولما أورد الحافظ ابن حجر الحديث في «إتحاف المهرة» (1/327) ونصّ على أن أهل العلماء جزموا بتفرد زياد بن علاقة به عن عرفجة، قال: "وقَدْ ضَعَّفَ ابنُ حِبَّانَ زِيَادَ بنَ عِلاقَةَ وَنَسَبَهُ إِلى النَّصْبِ والانْحِرَافِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ".

·       هل وقع سقط من رواية الحاكم! والرد على ابن حجر!

ذكر الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (11/155) تخريج الحديث، ثم قال لما ذكر رواية الحاكم في «المستدرك»: "قُلْتُ: هُوَ فِي (مُسْلِمٍ). وَقَدْ سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِ الحَاكِمِ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ بَيْنَ أَبِي حَمْزَةَ وَبَيْنَ زِيَادِ بنِ عِلاقَةَ، كَمَا تَرَاهُ فِي طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ، وَبِثُبُوتِهِ يَصِيرُ الإِسْنَادُ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِمَا".

قلت: رواه الحاكم عن أَبي العَبَّاسِ السَّيَّارِيّ، وأَبي مُحَمَّدٍ الحَلِيمِيّ، وأَبي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيم بن أَحْمَدَ الفَقِيه البُخَارِيّ، جميعاً عن أَبي المُوَجِّهِ مُحَمَّد بن عَمْرٍو الفَزَارِيّ، عن عَبْدَان بن عُثْمَانَ، عن أَبي حَمْزَةَ مُحَمَّد بن مَيْمُونٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ شُرَيْحٍ الْأَسْلَمِيِّ.

وبحسب كلام ابن حجر فالحديث: "عن أبي حمزة [عن ليث بن أبي سُليم] عن زياد بن علاقة"! سقط منه "ليث بن أبي سليم"!!

ولا أدري كيف قال ابن حجر ذلك! فالحديث متصل ولا سقط فيه!

وقد رواه النسائي في «السنن الكبرى» (3/428) (3470) عن أَبي عَلِيٍّ مُحَمَّد بن يَحْيَى المَرْوَزِيّ، عن عَبْداللهِ بنُ عُثْمَانَ عَبْدَانَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ بنِ شُرَيْحٍ

وعن النسائي أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/101) (2326).

وأَبو حَمْزَةَ السُّكَرِيَّ (168هـ) أدرك زياد بن علاقة (135هـ). ووفاة ليث بن أبي سليم (140هـ) بعد وفاة زياد بقليل، فلا يحتاج السكري أن يروي الحديث عن ليث.

فالظاهر أن ابن حجر وهم في قوله! ولم يُبرهن عليه بالدليل!!

·       نصّ الطبراني على تفرد بعض الرواة ببعض طرق هذا الحديث! وبيان وهمه في ذلك!

وقد أشار الطبراني إلى أن بعض روايات هذا الحديث تفرد بها  بعض الرواة!

قال الطبراني في «المعجم الأوسط» (4/114) (3749): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِالعزِيزِ قَالَ: حدثنا عَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حدثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ المُخْتَارِ، ولَيْثِ بنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ هَنَاتٌ، وَهَنَاتٌ فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَمْشِي إِلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُفَرِّقَ جَمَاعَتَهُمْ فَاقْتُلُوهُ».

قال الطبراني: "لمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ المُخْتَارِ، إِلَّا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَارِمٌ".

قلت: لم يتفرد به عارم، بل تابعه عليه: مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ لُوَيْن، كما تقدم بيانه في التخريج.

وفي رواية لمسلم عن حَجَّاج، عن عَارِم بن الفَضْلِ، عن حَمَّاد بن زَيْدٍ، عن "عَبْداللهِ بن المُخْتَارِ، وَرَجُل سَمَّاه" - وهذا الرجل هو: ليث بن أبي سٌليم.

بل إنّ الطبراني نفسه ذكر متابعة لوين له كما في الحديث الآتي:

روى الطبراني في «المعجم الأوسط» (6/142) (6032) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزْدَادَ التَّوْزِيُّ، قَالَ: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَسَدِيُّ قَالَ: حدثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ المُخْتَارِ، ولَيْثٍ، والمُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ هَنَّاتٌ، وَهَنَّاتٌ، فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَمْشِي إِلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ جَمِيعًا لِيُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ».

قال الطبراني في "لمْ يَرْوِ هذا الحَدِيثَ عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ المُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ إِلَّا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ".

قلت: بل توبع عليه، رواه مُوسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ التبوذكيّ البصري، المُفَضَّل بن فَضَالَة.

رواه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (1/400) (1437) عن مُوسَى بن إِسْمَاعِيْلَ، عن المُفَضَّل بن فَضَالَة، عن زِيَاد بن عِلاَقَة، عَنْ عَرْفَجَة بنِ شُرَيْح، به.

·       هل روى زِيَاد بن عِلَاقَةَ الحديث عَنْ أُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ؟!

جاءت بعض الروايات أن زِيَاد بن عِلَاقَةَ رواه عَنْ أُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ!

رُوي عَنْ زَيْدِ بنِ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، ومُجَالِد بن سعيد، وأَبي شَيْبَةَ العَبْسي، كلهم عن زياد بن علاقة، عَنْ أُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ.

أما حديث زيد بن عطاء بن السائب:

فرواه النسائي في «السنن الكبرى» (3/429) (3472) عن مُحَمَّد بن قُدَامَةَ المِصِّيصِيّ.

ورواه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/103) (2329) عن النسائي.

ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (1/186) (487) عن مُحَمَّد بن عَبْدِاللهِ الحَضْرَمِيّ، عن عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ.

والخطيب في «تالي تلخيص المتشابه» (1/274) (157) عن أَبي الحُسَيْن بن بَشرَان، عن دعْلج بن أَحْمد، عن مُحَمَّد بن أَيُّوب الرَّازِيّ، عن يحيى بن المُغيرَة.

والضياء المقدسي في «المختارة» (4/176) (1391) من طريق أَبي يَعْلَى أَحْمَد بن عَلِيِّ المَوْصِلِيّ، عن عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ.

ثلاثتهم (ابن قدامة، وعثمان، ويحيى بن المغيرة) عن جَرِير بن عبدالحميد، عَنْ زَيدِ بنِ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ خَرَجَ يُفَرِّقُ بَيْنَ أُمَّتِي فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ».

قال الطبراني: "هكَذَا رَوَاهُ زَيْدُ بنُ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ، وَالصَّوَابُ عَنْ عَرْفَجَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، عَنْ مُجَالِدٍ".

وقال الضياء: "رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ زِيَادِ بنِ عَلاقَةَ عَنْ عَرْفَجَةَ بنِ شُرَيْحٍ. قُلْتُ: وَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمَا، واللَّهُ أَعْلَمُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُجَالِدٍ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى أَيْضًا عَنْ سُرَيْجِ بنِ يُونُسَ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ زِيَادِ بنِ عَلاقَةَ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُبَيْدِ بنِ غَنَّامٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَن مجَالد عَن زِيَاد".

قلت: زيد بن عطاء بن السائب ليس بالمعروف! وخالف جماعة كبيرة فيه!

قال عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه؟ فقال: "هو شيخ، وليس بالمعروف".

وذكره ابن حبان في «الثقات» (6/316) كعادته فيمن لا يُعرف بجرح!

وقال الخطيب: "هُوَ عَزِيز الحَدِيث".

وأما حديث مُجَالِدٍ:

فرواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/479) (37373) عن مُحَمَّد بن بِشْرٍ.

ورواه ابن أبي عاصم في «السنّة» (2/525) (1106) عن أَبي بَكْرِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ.

ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (1/186) (488) عن عُبَيْد بن غَنَّامٍ، عن أَبي بَكْر بن أَبِي شَيْبَةَ.

ورواه ابن أبي عاصم أيضاً (1107) عن إِسْمَاعِيل بن سَالِمٍ الصَّائِغ، عن هُشَيْم.

كلاهما (محمد بن بشر، وهُشيم) عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ أُمَّتِي وَهُمْ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوا رَأْسَهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ».

قلت: مجالد بن سعيد ضعيف.

وقد تقدم في التخريج أن الطبراني رواه في «المعجم الكبير» عن هُشيم بن بشير عَن مجالد على الصواب فقال: "عن عرفجة".

وكأنه بسبب ضعفه لم يكن يضبط الاسم، فكان يُخطىء فيه!

وأما حديث أبي شيبة العَبْسيّ:

فرواه أبو عوانة في «مستخرجه» (4/413) (7145) عن مسرور بن نوح أَبي بِشر، عن إِبْرَاهِيم بن المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، عن أَبي غَزيَّة، عن أَبي شَيْبَةَ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ، قَالَ: قَدِمْتُ وَافِدًا مَعَ وَفْدِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ».

·       تصحيف في كتاب أبي عوانة!

وقد وقع في مطبوع «المستخرج»: "أَبُو عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو شَيْبَةَ" في كل الطبعات، وهو من أصل النسخ، وهي كذلك في «إتحاف المهرة» لابن حجر (1/327) (206)، وكأن هذا في أصل كتاب أبي عوانة!

ولهذا قال من حقق الكتاب في الجامعة الإسلامية في الهامش عن "أبي عقبة" هذا: "(1) لم أقف له على ترجمة".

قلت: حصل تصحيف في الإسناد، والصواب: "عن أبي غَزيَّة، عن أبي شيبة"، وهو مُحمد بن مُوسَى بن مِسكين، أَبو غَزيَّة القاضي الأَنصاري المَدِينيُّ، وهو ضعيف.

وقد سبق أن البهلول بن حسان رواه عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان عن زياد بن علاقة عن عرفجة، لا "عن أسامة بن شريك".

قال المزي في «التحفة» (7/293): "رواه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان، عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك".

قلت: الذي ذكر "أسامة بن شريك" هو أبو غزية، وهو ضعيف، فالخطأ منه، ويُحتمل أن أبا شيبة نفسه هو من كان يضطرب فيه، فرواه على الوجهين، وهو ضعيف الحديث، تركه بعض أهل النقد، والله أعلم.

وكان الأخ الفاضل "غالب المطيري" قد نبهني إلى رواية البهلول بن حسان، فجزاه الله خيراً.

·       زيادة في الرواية ذكرها ابن حجر!

ولما ذكر ابن حجر الحديث في «إتحاف المهرة» (1/327) (206) وعزاه لأبي عوانة، قال إنه في هذه الرواية زيادة، وليست في المطبوع!

قال: "زَادَ: «فَلَمَّا خَرَجَ حُسَيْنٌ، قَالَ ابنُ زِيَادٍ لأُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ: قُمْ، فَحَدِّثِ النَّاسَ بِالَّذِي سَمِعْتَ».

قُلْتُ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لا تَثْبُتُ؛ لأَنَّ إِسْنَادَهَا ضَعِيفٌ، والمَحْفُوظُ فِي هَذَا المَتْنِ أَنَّهُ قَالَ: عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ".

·       جعل البوصيري حديث عرفجة شاهداً لحديث أسامة بن شريك!

ذكر البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» (4/209) [3438/5] حديث مُحَمَّد بن بِشْرٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عن زياد بن علاقة، عن أسامة بْنِ شَرِيكٍ، ثم قال: "ولَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَرْفَجَةَ وَلَفْظُهُ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا من كان»".

قلت: لم يصح الحديث عن "أسامة بن شريك"!! وإنما الحديث حديث "عرفجة"! ومن رووه "عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك" ضعفاء لا يُحتج بهم، ورواه جماعة كبيرة "عن زياد بن علاقة عن عرفجة".

·       رواية شَرِيك بن عَبْدِاللَّهِ القاضي:

وقد رُوي عن شريك بن عبدالله عن زياد بن علاقة بالشك!

رواه أبو عوانة في «مستخرجه» (4/413) (7146) عن سَعْدَان بن يَزِيدَ، عن إِسْحَاق بن يُوسُفَ الأَزْرَق، عن شَرِيك بن عَبْدِاللَّهِ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ، أَوْ عَرْفَجَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ جَاءَكُمْ يُفَرِّقُ جَمَاعَتَكُمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ كَائِنًا مَا كَانَ».

كذا رواه إسحاق الأزرق بالشك، والشك منه كما جاء في الجزء الرابع من «حديث أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَمْرو بن البَخْتَرِيِّ الرزاز» (47) عن مُحَمَّد بن عبيدالله ابن المُنادي، عن إِسْحَاق، عن شَرِيك بن عَبْدِاللَّهِ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ أَوْ عَرْفَجَةَ - شَكَّ إِسْحَاقُ -.

قلت: لم يضبطه إسحاق الأزرق فشك فيه! والصواب أنه "عن زياد عن عرفجة"!

وإسحاق الأزرق جليل القدر وله عناية بمرويات شريك حتى ذكر أحمد بن علي الأبار عن عبدالحميد بن بيان: أن الأزرق روى ثمانية آلاف حديث عن شريك، وقد رواها عن كتابه، فلا يبعد أن يقع له مثل هذا الوهم مع كثرة هذه المرويات.

ومن ذكر "أسامة بن شريك" أخطأ ووقع في الوهم؛ لأن زياد بن علاقة يروي عن أسامة بن شريك.

وبالعموم فقد تُكلم في شريك بن عبدالله أيضًا من جهة حفظه على جلالة قدره.

·       متابعات لزياد بن علاقة عن عَرفجة!

وقد توبع زياد بن علاقة عليه بحسب ما جاء في بعض الروايات.

وقد ذكر الحاكم أنه جمع جزءاً في طرق هذا الحديث، وذكر من تابع زياد بن علاقة عليه: أَبَا حَازِمٍ الْأَشْجَعِيَّ، وعَامِرًا الشَّعْبِيَّ، وَأَبَا يَعْفُورَ العَبْدِيَّ، وَغَيْرَهُمْ.

وقال أبو نُعيم: "ورَوَاهُ أَبُو يَعْفُورَ، وَأَبُو حَازِمٍ الْأَشْجَعِيُّ، وَيَزِيدُ بنُ أَبِي مَالِكٍ اللَّخْمِيُّ، عَنْ عَرْفَجَةَ".

وسنتكلم عن هذه الروايات التي ذكرها الحاكم وأبو نُعيم.

·       حديث أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ عَرْفَجَةَ:

وقد رُوي الحديث عن أَبي يَعْفُورَ، عن عرفجة:

رواه مسلم في «صحيحه» (3/1480) (1852) عن عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ.

ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (17/145) (366) عن الحُسَيْن بن إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيّ، عن عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ.

ورواه أبو عوانة في «مستخرجه» (4/412) (7140) عن عَبْداللَّهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عن جَعْفَر بن حُمَيْدٍ الكوفيّ.

وابن قاتعٍ في «معجم الصحابة» (2/281) عن أَبي حُصَيْنٍ، عن جَنْدَل بن وَالِقٍ.

ثلاثتهم (عثمان بن أبي شيبة، وجعفر بن حُميد، وجندل بن والق) عن يُونُس بنِ أَبِي يَعْفُورٍ العبدي، عَنْ أَبِيهِ وَقْدَان، عَنْ عَرْفَجَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ».

·       إشارة ابن حجر إلى أن هناك سقط بين أبي يعفور وبين عرفجة! وجزم بعض العلماء بأن زياد بن علاقة تفرد به عن عرفجة!

وذكر ابن حجر في «إتحاف المهرة» (11/155) حديث عَبْدِاللَّهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ عند أبي عوانة، ثم قال: "قلتُ: ضَبَّبَ فِي الأَصْلِ بَيْنَ أَبِي يَعْفُورٍ وَبَيْنَ عَرْفَجَةَ، فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا سَقْطًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ، فَقَدْ جَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّ زِيَادًا انْفَرَدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ عَرْفَجَةَ".

قلت: الذي يظهر لي أنه لم يحصل فيه سقط! وإنما قد يكون وهم فيه يونس بن أبي يعفور! فرواه عن أبيه وأخطأ!!

وأرى أنه سمعه من شيخه ليث بن أبي سليم  - وهذا الحديث معروف عن ليث كما سبق بيانه -، فلما حدّث به يونس سلك فيه الجادة فرواه عن أبيه، فوهم!! وهو ضعيف لا يُحتج به!

قال مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ: سَمِعْتُ يَحْيَى، يَسْأَلُ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، فَقَالَ لِي: "أَبُوكَ يَرْوِي عَنْهُ، وَكَانَ ضَعِيفًا".

وقال عَبَّاس الدوري: سَمِعْتُ يَحْيَى بن معين، يَقُولُ: "يُونُسُ بنُ أَبِي يَعْفُورٍ ضَعِيفٌ".

وقال جَعْفَر بن أبان الحَافِظ: قُلْتُ لِيَحْيَى بنِ مَعِينٍ: يُونُسُ بنُ أَبِي يَعْفُورٍ؟ قالَ: "ضَعِيفٌ".

وقال النسائي: "يُونُس بن أبي يعفور ضعيف".

وقَال أَبُو عُبَيد الآجري، عَن أبي داود: "ليس لي بِهِ علم، بلغني عَن يحيى أنه قال: ضعيف".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/247): سألت أبا زرعة عن يونس بن أبي يعفور؟ فقال: "صدوق".

وذكره العقيلي في «الضعفاء» (4/459).

وذكره ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (8/521)، وأورد له هذا الحديث، ثم قال: "وهو عندي ممن يُكتب حديثه".

وذكره ابن حبان في «ثقاته» (7/651) (11902) قال: "يُونُس بن أبي يَعْفُور العَبْدي، واسم أبي يَعْفُور وقدان، يروي عَنْ عون ابن أبي جُحَيْفَة. روى عَنهُ: فُضَيْل بن عبدالوَهَّاب".

ثم ذكره في «المجروحين» (3/139) وقال: "يُونُس بن أبي يَعْفُور، من أهل الكُوفَة، يَرْوِي عَن أَبِيهِ. روى عَنهُ أهل بَلَده. مُنكر الحَدِيث، يروي عَن أَبِيه وعَن الثِّقَات مَا لا بشبه حَدِيث الْأَثْبَات، لا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ عِنْدِي بِمَا انْفَرد من الْأَخْبَار".

وقال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (11/452): "وقال الساجي: فيه ضعف وكان ممن يفرط في التشيع، وضعفه أحمد بن حنبل، وقال الدارقطني: ثقة، وقال العجلي: لا بأس به".

لم أقف على تضعيف أحمد له! ولم أقف على قول العجلي في كتابه!

وأما الدارقطني: فقال البَرْقانِيّ: قلتُ للدَّارَقُطْنِيِّ: يونس بن أبي يعفور، يروي عن أبيه، قال: كوفيان، ثقتان".

وقال ابن حجر في «التقريب»: "صدوق يُخطىء كثيرًا".

·       وهم للمزي تبعه عليه الذهبي!!

قال المزي في «تهذيب الكمال» (32/559) في ترجمة «يونس»: "وقَال أَبُو حاتم: صدوق".

وتبعه على ذلك الذهبي، فنقل ذلك في «الكاشف» (2/404)، و«تاريخ الإسلام» (4/769)، و«ميزان الاعتدال» (4/485)!!

ولم يُنبه على ذلك ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (11/452) فبقيت كما في «التهذيب»: "وقال أبو حاتم: صدوق".

والصواب أن هذا القول نسبه ابن أبي حاتم لأبي زرعة، وقد تقدّم سؤاله له عنه.

وكذا نقله عنه ابن كثير في «التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل» (2/495): "وقال أبو زرعة: صدوق".

وأساء صاحبا «تحرير تقريب التهذيب» (4/142) فقالا: "وقال أبو حاتم (أو أبو زرعة): صدوقٌ"!! فجعلا ذلك على الشك!! مع أن الأصل في كتاب ابن أبي حاتم أن هذا القول لأبي زرعة لا لأبي حاتم!! فأين التحرير؟!!!

·       حديث أَبِي حازمٍ الأشجعيّ، عَنْ عَرْفَجَةَ:

ورُوي عن أبي حازمٍ الأشجعيّ، عن عرفجة:

رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (17/144) (365)، و«المعجم الأوسط» (4/258) (4137) عن عَلِيّ بن سَعِيدٍ الرَّازِيّ.

وابن قانع في «معجم الصحابة» (2/281) عن أَحْمَد بن عَلِيٍّ الخَزَّاز.

كلاهما عن الفُضَيْل بن حُسَيْنٍ أَبي كَامِلٍ الجَحْدَرِيّ، قَالَ: حدثنا أَبُو مَعْشَرٍ البَرَّاءُ يُوسُفُ بنُ يَزِيدَ، قَالَ: حدثنا العَبَّاسُ بنُ عَوْسَجَةَ التَّمِيمِيُّ الكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُرَاتٌ القَزَّازُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ عَرْفَجَةَ بنِ ضُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: لَا أُحَدِّثُكُمْ إِلَّا مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً، أَومَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سِتًّا، أَوْ سَبْعًا، لَظَنَنْتُ أَنِّي لَا أُحَدِّثُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كُنْتُمْ عَلَى جَمَاعَةٍ، فَجَاءَ مَنْ يُفَرِّقُ جَمَاعَتَكُمْ، وَيَشُقُّ عَصَاكُمْ، فَاقْتُلُوهُ، كَائِنًا مَنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ».

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ إِلَّا فُرَاتٌ، ولَا رَوَاهُ عَنْ فُرَاتٍ إِلَّا أَبُو مَعْشَرٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو كَامِلٍ".

ووقع في مطبوع الكبير: "عَنْ فُرَاتٍ القَزَّازُ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ"! وهو تحريف! والصواب: "عن أبي حازم".

قلت: هذا إسناد منكر!! أبو معشر البراء ضعيف.

قال يحيى بن معين: "ضعيفٌ"، وقال مرة: "صالح"، وفي رواية: "ليس به بأس".

وقال أبو حاتم: "يُكتب حديثه".

وقال أبو داود: "ليس بذاك".

وقال علي بن الجنيد عن محمد بن أبي بكر المقدمي: "حدثنا أبو معشر البراء وكان ثقة".

وذكره ابن حبان في «الثقات».

وقال الذهبي في «الميزان»: "صدوقٌ نبيل بصري"، ثم قال: "ضعّفه يحيى بن معين بلا وجه، وأثنى عليه غير واحد".

قلت: قد وافق ابن معين غيره على تضعيفه من الأئمة النقاد، ولم أجد من أثنى عليه من الأئمة النقاد! والذي أثنى عليه فقط هو المقدمي.

وقال ابن حجر: "صدوقٌ ربما أخطأ".

وشيخه «العباس بن عوسجة» مجهول لا يُعرف!!

·       حديث يَزِيد بنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَرْفَجَةَ:

ورُوي عن يزيد بن أبي مالك، عن عرفجة:

رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (17/145) (367) عن أَبي عَامِرٍ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيمَ النَّحْوِيّ الصُّورِيّ، عن سُلَيْمَان بن عَبْدِالرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيّ.

وأبو أحمد الحاكم في «فوائده» (37) عن أبي عمرو محمد بن القاسم بن سنان الدقاق، عن هارون بن زياد الجنابي.

كلاهما (سليمان، وهارون) عن خَالِد بن يَزِيدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَرْفَجَةَ بنِ شَرَاحِيلَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ هَنَاتٌ، وَهَنَاتٌ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى أُمَّتِي وَهُم جَمِيعٌ يُفَرِّقُ أَمْرَ جَمَاعَتِهِمْ فَاقْتُلُوهُ».

وزاد الجنابي: "ثم استقبل عرفجة القبلة، فقال: والله الذي لا إله إلا هو لقد قال: اقتلوه كائناً من كان، ما استثنى أحداً".

قلت: وهذا إسناد منكر!! خَالِدُ بنُ يَزِيدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ منكر الحديث!

قال عَبَّاس الدوري: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِينٍ قالَ: "خَالِدُ بنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ ضَعِيفٌ".

وفي موضعٍ آخر: "ليس بشَيْءٍ".

وقال أحمد بن أبي الحواري: سمعت يحيى بن معين يقول: "بالعراق كتاب ينبغي أن يدفن، وبالشام كتاب ينبغي أن يدفن، فأما الذي بالعراق فكتاب التفسير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وأما الذي بالشام فكتاب الديات لخالد بن يزيد بن أبي مالك، لم يرض أن يكذب على أبيه حتى كذب على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".

قال أحمد بن أبي الحواري: "وكنت قد سمعت من خالد بن يزيد بن أبي مالك كتاب الديات فأعطيته لابن عبدوس العطار فقطعه وأعطى الناس فيه حوائج".

وقال أَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيى: سَمِعْتُ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ يَقُول: "خالد بن يزيد بن أبي مالك ليس بشَيْءٍ".

وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن خالد بن يزيد بن أبي مالك؟ فقال: "يروي أحاديث مناكير".

وقال النسائي: "لَيْسَ بِثِقَة".

وقال الآجري: عن أبي داود: "ضعيف". وقال في موضع آخر: "كان بدمشق رجل يقال له خالد بن يزيد: متروك الحديث".

وقال يعقوب بن سفيان فيه وفي أبيه: "في حديثهما لين".

وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/284): "كَانَ صَدُوقًا فِي الرِّوَايَة وَلكنه كَانَ يخطىء كثيرا، وَفِي حَدِيثه مَنَاكِير لا يُعجبنِي الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ إِذا انْفَرد عَن أَبِيهِ، وَمَا أقرّ بِهِ فِي نَفْسه إِلى التَّعْدِيل وَهُوَ مِمَّن أستخير اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ".

وقال ابن عدي في «الكامل» (3/427) بعد أن ساق تضعيف بعض أهل العلم له، وإيراده لبعض منكراته: "ولخالد بن يزيد غير ما ذكرت من الحديث، وعند سليمان بن عَبدالرحمن عنه كتاب مسائل عن أبيه، وعند هشام بن خالد الأزرق عنه كتاب، وأبوه يزيد بن أبي مالك فقيه دمشق ومفتيهم وله مسائل كثيرة، ولم أر في أحاديث خالد هذا إلا كلّ ما يحتمل في الرواية، ويرويه عن ضعيف عنه فيكون البلاء من الضعيف لا منه".

وذكره البرقي في «طبقة من نسب إلى الضعف لإنكار حديثه ممن احتملت روايته».

وذكره ابن شاهين في «جملة الثقات»، ثم ذكره في «المختلف فيهم» وأنه يجب التوثق في حديثه!

وقال أبو محمد بن الجارود: "ليس بشيء ضعيف، وخرج الحاكم حديثه في «مستدركه»".

وذكره الساجي والعقيلي وأبو العرب والمنتجالي في «جملة الضعفاء». [إكمال تهذيب الكمال: (4/161)].

وقال أبو زرعة الرازي: "لا بأس به، حدّث عنه ابن المبارك".

وقال العجلي: "ثقة".

وقال البزار: "ثقة".

فهذه هي الرويات التي توبع فيها زياد بن علاقة عن عرفجة! ولا يصح منها شيء! فكلها معلولة!

ورواية عامر الشعبي عن عرفجة التي ذكرها الحاكم لم أقف عليها، وإن كان هناك رواية فلا أظن أن إسنادها يصح إلى الشعبي!

وعليه فيتأكد جزم بعض أهل العلم أن هذا الحديث تفرد بروايته زياد بن علاقة عن عرفجة.

·       ترجمة زِياد بن عِلاقَة:

زِيَادُ بنُ عِلاقَةَ بنِ مَالِكٍ الثَّعْلَبِيُّ، أَبُو مَالِكٍ الْكُوفِيُّ.

رَوَى عَنْ: عَمِّهِ قُطْبَةَ بنِ مَالِكٍ، والمُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وجَرِيرِ بنِ عَبْدِاللَّهِ البَجَلِيِّ، وأُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ، وعَمْرِو بن ميمون الأَوْدِيِّ.

حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَة، وسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، وَزَائِدَةُ، وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَإِسْرَائِيْلُ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَطَائِفَةٌ. وهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لابنِ عُيَيْنَةَ.

·       هل أدرك زياد بن علاقة ابن مسعود؟!

قالَ لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ: حدثنا زياد، رجل قد أدرك ابن مسعود!!

وأورد هذا المزي في ترجمة "زياد" من «تهذيب الكمال»، وتعقبه ابن حجر في «تهذيب التهذيب» فقال: "قلت: لا يلتئم أن يكون هو مع جزمه - أي المزي - بأن روايته عن سعد بن أبي وقاص (ت 55هـ) مرسلة؛ لأنه عاش بعد ابن مسعود طويلاً، بل عاش بعد المغيرة مدة".

قلت: لا أظن ليثا قصد زياد بن علاقة! وأخشى أن يكون هناك سقط في الإسناد، ويكون الصحيح: "حدثنا زياد [عن عرفجة] رجل قد أدرك ابن مسعود"! والله أعلم، وسيأتي الكلام على ذلك لاحقاً إن شاء الله.

مَاتَ زياد سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ أَوْ بَعْدَهَا بِيَسِيرٍ وعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ.

وفي «كتاب الصريفيني»: "توفي سنة خمسة وعشرين ومائة أو بعدها بيسير وقد قارب المائة".

·       اتفاق الأئمة على توثيق زياد بن علاقة!

قال ابن أبي خيثمة: سألت يحيى بن معين عن زياد بن علاقة؟ فقال: "ثقة".

وقال أبو داود: سَمِعت أَحْمد قَالَ: "زِيَاد بن علاقَة ثَبت الحَدِيث".

وقال عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: "زياد بن علاقة صدوق في الحديث".

وقال النَّسَائِيُّ: "ثِقَةٌ".

وذكره ابن حبان في «الثقات» (4/258).

وقال في «مشاهير علماء الأمصار» (ص: 174): "زياد بن علاقة بن مالك الثعلبي من جِلّة مشايخ الكوفيين، مات بها، وكان مُتقنا".

·       تضعيف الأزدي لزياد، ووهم للحافظ ابن حجر!

وذكرنا فيما مضى أن الحافظ ابن حجر لما أورد الحديث في «إتحاف المهرة» (1/327) ونصّ على أن أهل العلماء جزموا بتفرد زياد بن علاقة به عن عرفجة، قال: "وقَدْ ضَعَّفَ ابنُ حِبَّانَ زِيَادَ بنَ عِلاقَةَ وَنَسَبَهُ إِلى النَّصْبِ والانْحِرَافِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ".

قلت: كأن الحافظ ابن حجر وهم في ذلك! فإن ابن حبان وثقه ولم يقل فيه ذلك بل قال في «مشاهير علماء الأمصار» (ص: 174): "زياد بن علاقة بن مالك الثعلبي من جلة مشايخ الكوفيين مات بها وكان متقنا"! والذي قال فيه ذلك هو أبو الفتح الأزدي كما سيأتي.

وقال العجلي في «الثقات»: "كان ثقة، وهو في عِداد الشيوخ".

وقال يعقوب بن سفيان: "كوفي ثقة".

وذكره ابن خلفون في كتاب «الثقات»، وقال: "قال أبو الفتح الأزدي: سيء المذهب رجل سوء مائل عن أهل بيت النبوة".

وذكره ابن شاهين في «الثقات».

وقال الأزدي في كتابه: «المخزون» إثر حديث رواه عن عيسى بن عقيل: "وهذا حديث لا يحفظ إلا عن زياد بن علاقة على سوء مذهبه وبراءتي من مذهبه، كان منحرفاً عن أهل بيت نبيه صلى الله عليه وسلم زائغاً عن الحق".

·       اتهام زياد بن علاقة بالنّصب! والدليل على ذلك! وسبب ترك ابن عيينة السماع منه!

وقال ابن حجر في «التقريب»: "ثقةٌ، رُمِيَ بالنَّصْب".

فتعقبه صاحبا «التحرير» فقالا: "قوله: (رُمِي بالنصب) أخذه من أبي الفَتْح الأزدي الذي زَعَمَ أنه كان منحرفًا عن بيت أهل النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتابعه على هذا كبيرٌ أحد، على أنه هو ضعيف، فلا يقبل قوله في غيره، فقد ضعفه البرقاني، وقال الأُرْمَوي: رأيت أهل الموصل يُوَهِّنون أبا الفتح ولا يعدونه شيئًا، وقال الخطيب: في حديثه مناكير، وقال الذهبي: وعليه في كتابه في الضعفاء مؤاخذات، فإنه ضعف جماعة بلا دليل، بل قد يكون غيره وثقهم".

قلت: أبو الفتح ليس ضعيفا كما نُقل عنه، بل هو ثقة كما حققته في رسالتي العلمية في الماجستير يسر الله نشرها قريباً إن شاء الله.

وما قاله عن زياد ورميه بالنصب وانحرافه عن آل البيت له مستند فيه.

روى الخليلي في «الإرشاد في معرفة علماء الحديث» (1/376): حَدَّثَنِي ابنُ أَبِي مُسْلِمٍ الحَافِظُ، قالَ: سَمِعْتُ ابنَ عَدِيٍّ الحَافِظَ يَحْكِي عَنْ آخَرَ، عَمَّنْ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، قَالَ: "مَا سَمِعْتُ مِنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ، وَلَيْتَنِي لَمِ اسْمَعْ. قِيلَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ، فَقِيلَ لَهُ: صُلِبَ زَيْدُ بنُ عَلِيٍّ! قالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ، هُوَ وأَبُوهُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: 10]".

قلت: هذه القصة فيها مُبهمان، لكن ثبت أن سفيان بن عيينة لم يسمع منه إلا أربعة أحاديث، فهذا مما يؤيد تلك القصة، وما قاله حول صلب زَيْد بن عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ هو سبب ترك ابن عيينة السماع منه، فلو لم تكن هذه القصة صحيحة لما اقتصر سفيان على سماع أربعة أحاديث منه.

والعجيب أن يكون زياد بن علاقة ناصبي وهو كوفي!! ومما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث الذي يمنع الخروج! وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.

·       لم يسمع ابن عيينة من زياد بن علاقة إلا أربعة أحاديث!

روى ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (1/287) (1009) قال: حَدَّثَنا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّد الصَّفَّار - شيخٌ صحبنا إِلَى البصرة من أهل بغداد، قَالَ: سمعت سُفْيَان بن عُيَيْنَة غير مرة يَقُولُ: "لم أسمع من زياد بْن علاقة إِلا هذه الأربعة أحاديث:

ثُمَّ حَدَّثَ بحديث جَرِير: «بايعت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النصح».

وحديث المُغِيْرَة: «قام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تورمت قدماه».

وحديث زياد بن علاقة، عَنْ عمّه قطبة بن مَالِكٍ، قَالَ: «صليت خلف النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفجر».

وحديث أسامة بن شَرِيْك: «حضرت الأعراب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلوا يسألونه فَقَالَ: وضع اللَّه الحرج»".

وقال الحافظ أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرِ بنِ أَبِي عِيسَى المَدِينِيُّ: "سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ الهِلالِيُّ سَمِعَ مِنْ زِيَادِ بنِ عِلاقَةَ الثَّعْلَبِيِّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ، ثُمَّ رَوَى عَنْ رَجُلٍ عَنْ آخَرَ عَنْهُ". وذكر الأحاديث السابقة.

·       الفائدة من معرفة عدد الأحاديث التي سمعها ابن عيينة من زياد!

وبمعرفة عدد الأحاديث التي سمعها ابن عيينة من زياد بن علاقة كشف أهل العلم كذب أو وهم من يروي أيّ حديث آخر عن ابن عيينة عن زياد.

ذكر ابن حبان في «المجروحين» (2/268): "مُحَمَّد بن حُذَيْفَة الأسيدي من أهل البَصْرَة، يروي عَن ابن عُيَيْنَة. روى عَنهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الحجَّاج بن فرقد القطَّان الرقي. يقلب الْأَخْبَار ويروي عَن الثِّقَات مَا لا يشبه حَدِيث الْأَثْبَات. رَوَى عَنْ ابن عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلاقَةَ، عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلا إِنَّ شَاهِدَ الزُّورِ مَعَ العَشَّارِ فِي النَّارِ».

وهَذَا خبر بَاطِل! مَا سمع ابن عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بنِ عِلاقَةَ إِلَّا أَربع أَحَادِيث: حَدِيث المُغيرَة بن شُعْبَة: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي حَتَّى تورم قدماه»، وحَدِيث قُطْبَة بن مَالك: «سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {والنَّخْل باصقات لَهَا طلع نضيد}»، وحَدِيث أُسَامَة بن شريك: «شهِدت الْأَعْرَاب يسْأَلُون رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وحَدِيث جَرير: «النصح لكل مُسلم»".

·       من لَقي زياد بن علاقة من الصحابة!

قال عليّ بن المديني في «العلل» (ص: 62): "لَقِيَ زِيَادَ بنَ عِلَاقَةٍ: عمَارَةَ بنَ أَوْسٍ، ومِرْدَاسَ بن عُرْوَةَ، وَعَرْفَجَةَ بنَ شُرَيْحٍ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي نَسَبِ عَرْفَجَةَ، فَقَالَ [يَزِيدُ بنُ زِيَادِ بنِ أَبِي الجَعْدِ]: عَنْ عَرْفَجَةَ بنِ ضرِيحٍ، وقَالَ عَبْدُاللَّهِ بنُ المُخْتَارِ: شُرَيْحٌ - أي: عرفجة بن شريح-. ورَوَاهُ شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ عرْفجَة - أخفى كَلِمَةً -.

والمُغِيرَةَ بنَ شُعْبَةَ، وأُسَامَةَ بن شريك".

ثم قال (ص: 67): "لَقِيَ سَعْدًا عِنْدِي، وكَانَ كَبِيرًا قَدْ لَقِيَ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقِيَ المُغِيرَةَ بنَ شُعْبَةَ، وجَرِيرَ بنَ عَبْدِاللَّهِ، وَرِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُهُ مِنْهُمْ: أُسَامَةُ بنُ شَرِيكٍ، وعَرْفَجَةُ بنُ شُرَيْحٍ، وَقُطْبَةُ بْنُ مَالِكٍ، إِلَّا أَنَّ قُطْبَةَ بنَ مَالِكٍ قَدْ رَوَى عَنْهُ عَبْدُالمَلِكِ بنُ عُمَيْر".

·       تحريف في مطبوعات علل ابن المديني!

قلت: ما جاء هنا: "فقال يزيد بن زياد بن أبي الجعد"، وهو كذلك في طبعة د. مازن السرساوي (ص309)، وطبعة حسام بوقريص (ص126)!!

ولا أدري هل روى يزيد بن زياد بن أبي الجعد هذا الحديث عن زياد بن علاقة أم لا!! ولم أقف على روايته، ولم يُشر إليها أحد من أهل العلم ممن ذكر طرق هذا الحديث! والذي قدمناه أن الذي رواه عنه وذكر "عرفجة بن ضريح" هو: "يَزِيدُ بنُ مَرْدَانِبَةَ"، ورواه أيضاً "ليث بن أبي سليم" عن زياد بن علاقة، فأخشى أن يكون ابن المديني جمع بينهما "يزيد وليث بن أبي سليم"، فتحرف إلى "يزيد بن زياد بن أبي الجعد"! والله اعلم.

وكذا قوله: "خفي كلمة"! وهي كذلك في النسختين! ولا معنى لها! والصواب ما أثبته: "أخفى كلمة"، أي أخفى شعبة كلمة، فلا تُدرى هذه الكلمة! وقد نصّ أحمد على أن شعبة لم ينسبه!

·       لم يلقَ زياد بن علاقة سعد بن أبي وقاص!

وأما لقي زياد لسعد بن أبي وقاص ففيه نظر!

فقد نفى ذلك أحمد وأَبُو زُرْعَةَ، فقالا: "زِيَادُ بنُ عِلَاقَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَعْدٍ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ شَيْئًا".

والخلاصة أن علي بن المديني أثبت لقي زياد بن علاقة لعدد من الصحابة، وهم: عِمَارَة بن أَوْسٍ، ومِرْدَاس بن عُرْوَةَ، وعَرْفَجَة بن شُرَيْحٍ، والمُغِيرَة بن شُعْبَةَ، وأُسَامَة بن شريك، وسعد بن أبي وقاص، وجَرِير بن عَبْدِاللَّهِ، وقُطْبَة بن مَالِكٍ.

وقد روى علي بن المديني، قال: سمعت سفيان يقول: "ذهبت إلى زياد بن علاقة فسألته عن الأحاديث، فقال: ويحك ما تريد مني؟ ثم قال سفيان: لم نلق أحداً لقي مثل ما لقي زياد، لقي المغيرة بن شعبة، ولقي جرير بن عبدالله، ولقي أسامة بن شريك، ولقي قطبة بن مالك".

·       نص ابن عيينة على الصحابة الذين لقيهم زياد بن علاقة!

قلت: نصّ سفيان بن عُيينة على الصحابة الذين لقيهم زياد وهم هؤلاء الأربعة، والذي أفهمه من ذلك أنه لم يلق إلا هؤلاء! لكن هذا من رواية ابن المديني عنه، وقد تقدم أنه زاد على هؤلاء جماعة أيضاً!!

فهل فهم ابن المديني أن ابن عيينة ذكر نماذج ممن لقيهم من الصحابة، ولهذا زاد ما زاد عليه، أم أنه لم يعتد بكلامه وزاد آخرين غير هؤلاء!

والذي يظهر أن ابن عيينة إنما ذكر هؤلاء الأربعة؛ لأنه سمع حديثهم من زياد، ولم يسمع منه عن غيرهم، والله أعلم.

وقد ذكر البخاري في ترجمته من ذكرهم ابن عيينة فقط!

قال في «التاريخ الكبير» (3/364): "زياد بن عِلاقة الثعلبي الكوفي، سَمِعَ أسامة بن شَريك، وجريراً، والمغيرة بن شُعْبَة، وعمّه قطبة. روى عنه: الثوري، وشعبة. قَالَ ابن مَعين: كنيته أَبُو مالك. وقال مَحْمُود: حدثنا أَبُو النضر قَالَ: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَة، عَنْ زياد، عَنْ قطبة بن مالك الثعلبي".

·       عدد الأحاديث التي خرّجها البخاري ومسلم لزياد في «صحيحيهما».

وقد خرّج البخاري لزياد حديثاً عن جرير بن عبدالله، وحديثين عن المغيرة بن شعبة.

وكذا مسلم خرّج له الحديث نفسه عن جرير في المبايعة، والحديثين عن المغيرة في كسوف الشمس يوم موت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قيامه صلى الله عليه وسلم حتى تتورم قدماه.

وزاد مسلم حديث عرفجة هذا، وحديثا آخر عن عمّه قُطبة بن مالك، وحديثاً آخر عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَائِشَةَ.

وهذا كلّ ما له عند الشيخين.

ورواية زياد بن علاقة عن هؤلاء قليلة جداً. ويُختلف عليه في بعض حديثه كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

·       هل لقي زياد بن علاقة عمارة بن أوس؟

وأما عن قول ابن المديني أنه لقي عمَارَة بن أَوْسٍ!! ففيه نظر! لأن ذلك جاء في إسناد ضعيف!

رواه قَيْسُ بنُ الرَّبِيعِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَوْسٍ - وَقَدْ كَانَ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ جَمِيعًا - قَالَ: «إِنِّي لَفِي مَنْزِلِي إِذَا مُنَادٍ يُنَادِي عَلَى البَابِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَوَّلَ القِبْلَةَ، فَأَشْهَدُ عَلَى إِمَامِنَا وَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لَقَدْ صَلُّوا إِلَى هَهُنَا - يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ - وَإِلَى هَهُنَا - يَعْنِي الكَعْبَةَ».

وفي رواية: «كنا نصلي إلى بيت المقدس، إذ أتانا آت وإمامنا راكع ونحن ركوع، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه قرآن قد أمر أن يستقبل الكعبة، ألا فاستقبلوها قال: فانحرف إمامنا وهو راكع، وانحرف القوم حتى استقبلوا الكعبة، فصلينا بعض تلك الصلاة إلى بيت المقدس، وبعضها إلى الكعبة».

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (1/295) (3374) عن شبابة.

وابن الجعد في «مسنده» (2078)، وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» (3/79) (1509)، وابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/398) (1424) عن يَحْيَى بن عَبْدِالحَمِيدِ الحماني.

وأبو نُعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» (4/2078) (5229) من طريق مُحَمَّد بن عَبْدِاللهِ الحَضْرَمِيّ، وأَبي حُصَيْنٍ الوَادِعِيُّ، كلاهما عن يَحْيَى بن عَبْدِالحَمِيدِ.

وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (1/187)، و(4/281) عن أبي نُعيمٍ الفَضْل بن دُكَيْنٍ.

وابنُ مَرْدَوَيْهِ [كما في تفسير ابن كثير: (1/460)] عن مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ دُحَيْم، عن أَحْمَد بن حَازِمٍ، عن أبي غسّان مَالِك بن إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيّ.

أربعتهم (شبابة، ويحيى الحماني، وأبو نُعيم، والنهدي) عن قَيْس بن الرَّبِيعِ، به، نحوه.

قال البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» (2/99): "هذا إسناد ضعيف لضعف قيس بنِ الرَّبِيعِ".

وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء»: "هذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ مِنَ الأَفْرَادِ العَوَالِي".

وقال ابن حجر في «الإصابة» (4/475): "تفرد به قيس، وهو ضعيف".

قلت: وهذا إسناد ضعيف! تفرد به قيس بن الربيع، وهو ضعيف جداً ليس بشيء!

والعجب كيف يقول علي بن المديني بأن زياد بن علاقة لقي عمارة بن أوس اعتماداً على حديث قيس بن الربيع، وهو يُضعِّف قيس!!

قال عبدالله بن علي بن المديني: سألت أبي عنه - أي: قيس-؟ فضعفه جداً.

قال: وسمعت أبي يقول: حدثني إبراهيم بن عبدالرحمن بن مهدي، عن أبيه: أن قيس بن الربيع وضعوا في كتابه عن أبي هاشم الرماني: حديث أبي هاشم إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط في الوضوء، فحدّث به، فقيل له: من أبو هاشم؟ قال: صاحب الرمان.

قال أبي: "وهذا الحديث لم يروه صاحب الرمان، ولم يسمع قيس من إسماعيل بن كثير شيئاً، وإنما أهلكه ابن له قلب عليه أشياء من حديثه".

ونقل علي بن المديني عن وكيع أنه كان يُضعفه.

قال ابن حبان: "اخْتلف فِيهِ - أي قيس بن الربيع - أَئِمَّتنَا، فَأَما شُعْبَة فَحسَّن القَوْل فِيهِ، وحث عَلَيْهِ، وضَعفه وَكِيع، وأما ابن المُبَارك ففجع القَوْل فِيهِ، وَتَركه يحيى القطَّان، وَأما يحيى بن معِين فكذبه، وحدث عَنهُ عبدالرَّحْمَن بن مهْدي ثمَّ ضرب على حَدِيثه، وَإِنِّي سأجمع بَين قدح هَؤُلَاءِ فِيهِ وضد الجرْح مِنْهُم فِيهِ إِن شَاءَ الله".

وقال عثمان الدارمي، وعباس الدوري، وأبو داود، عن يحيى بن معين، قال: "قيس بن الرّبيع لَيْسَ بِشَيْء".

وقال الدوري، وابن أبي خيثمة، عن يحيى: "قَيْس بنُ الرَّبِيع لا يُسَاوِي شَيْئًا".

وقال الدوري: سَمِعت يحيى - وسُئِلَ عَن قيس بن الرّبيع -؟ فقالَ: قَالَ عَفَّان: "أتيناه فكَانَ يُحدِّث فَرُبمَا أَدخل حَدِيث مُغيرَة فِي حَدِيث مَنْصُور".

وقال عَمْرو بن عَليّ الفلاّس: "كَانَ يحيى وعبدالرَّحْمَن لَا يحدثان عَن قيس بن الرّبيع، وَكَانَ عبدالرَّحْمَن حَدَّثَنَا عَنهُ، ثمَّ تَركه".

وقال مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: "مَا سَمِعْتُ يَحْيَى، ولا عَبْدَالرَّحْمَنِ يُحَدِّثَا عَنْ قَيْسِ بنِ الرَّبِيعِ، شَيْئًا قَطُّ".

قال أَبُو الوَلِيد: قَالَ لي أَبُو قُتَيْبَة: قَالَ لي شُعْبَة: "عَلَيْك بقيس بن الرّبيع".

وقال عُثْمَان بن خرزاذ: قَالَ الجماني: "جِئْت يَوْمًا أطلب قيس بن الرّبيع فَإِذا وَكِيع وَأَبُو غَسَّان قد أَخَذُوهُ وأدخلوه دَارا يسمعُونَ مِنْهُ"، قَالَ: فَجمعت الحِجَارَة فَمَا زلت أرميهم حَتَّى فتحُوا لي البَاب.

وقال عَبْدُاللَّهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ وَكيعَ بنَ الجَرَّاحِ، غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ: "حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ الرَّبِيعِ، واللَّهُ المُسْتَعَانُ".

وقال أَبُو دَاوُد الطيالسي: سَمِعْتُ شُعْبَة يقول: "ألا تعجبون من هذا الأحول - يعني يَحْيى القطان - يقع فِي قيس الأسدي".

وفي رواية: "مَن يعذرني من هذا الأحول - يعني يَحْيى بن سَعِيد القطان- يزعم أنه لا يرضى قيس بن الربيع".

وقال معاذ: كنا عند شُعْبَة فذكر قيس فغمزه يَحْيى، قَالَ شُعْبَة فذكر قيس الأسدي فثبته شُعْبَة.

وقال أبو داود الطيالسي: قال شعبة: سمعت أبا حصين يُثني على قيس. قال: وقال لنا شعبة: "ارتحلوا إلى قيس قبل أن يموت".

وقال أبو داود عن شعبة قال: "ذاكرني قيس بن الربيع فجعل يقع عليّ الضحك، كأنما أسمعها من أصحابي".

وقال النضر عن شُعْبَة قال: "ذاكرت قيس بن الربيع حديث أَبِي حصين فلوددت أن البيت وقع عليّ وعليه حتى يموت من كثرة ما كانَ يُغرب عليّ".

وقال عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ سَعِيدٍ قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ أَبِي دَاوُدَ بِالبَصْرَةِ فَذُكِرَ قَيْسُ بنُ الرَّبِيعِ فَقَالُوا: لا حَاجَةَ لَنَا فِي قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا فَإِنِّي سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: كُلَّمَا جَالَسْتُ قَيْسًا ذَكَرْتُ أَصْحَابَ الَّذِينَ مَضَوْا، فَأَبَى أَهْلُ المَسْجِدِ فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا فِي قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ: اكْتُبُوا فَإِنَّ لَهُ فِي صَدْرِي سَبْعَةَ آلَافٍ تَتَجَلْجَلُ.

وقال سفيان بن عيينة: "ما رأيت رجلا أجود حديثا من قيس".

وقال أبو نُعيم الفضل بن دكين: "كانوا يجيؤن بالحديث إلى سفيان، فكأنه منكر له، ويجيؤن بحديث قيس فيقول: نعم، إن قيس بن الربيع قد سمع"، وذكر نحو ذلك.

وقال المُثَنَّى بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ مُوسَى بنَ هَارُونَ يَقُولُ: ذُكِرَ قَيْسُ بنُ الرَّبِيعِ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بنِ عَيَّاشٍ، فقالَ: "كَانَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أُنَاسٍ ذَكَرَهُمْ".

وقال مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ: كَانَ قَيْسُ بنُ الرَّبِيعِ اسْتَعْمَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَى المَدَائِنِ فَكَانَ يُعَلِّقُ النِّسَاءَ بِثَدْيِهِنَّ وَيُرْسِلُ عَلَيْهِنَّ الزَّنَابِيرَ.

قال مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدٍ: "لَمْ يَكُنْ قَيْسُ بنُ الرَّبِيعِ عِنْدَنَا بِدُونِ سُفْيَانَ، إِلَّا أَنَّهُ قَدِ اسْتُعْمِلَ فَأَقَامَ عَلَى رَجُلٍ الحَدَّ فَمَاتَ فَطَغَى أَمْرُهُ".

وَقَال يَعْقُوب بن شَيْبَة السدوسي: "وقيْس بن الربيع عند جميع أصحابنا صدوق، وكتابه صالح، وهو رديء الحفظ جداً مضطربه، كَثِير الخطأ، ضعيف في روايته".

وقال ابنُ أَبِي مريم: سألت يَحْيى عن قيس بن الربيع؟ قَالَ: "ضعيف لا يكتب حديثه، كَانَ يُحدث بالحديث عن عَبْدة، وَهو عبدة عن منصور".

وقال مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ: سَأَلت يَحْيَى بنَ مَعِينٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ: "كَانَ يُضَعَّفُ".

وقال عباس الدوري: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: "قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ لَيْسَ بِشَيْءٍ"، وفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: "قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ لَا يُسَاوِي شَيْئًا".

وقال أيضاً: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: "مِنْدَلٌ وَحَبَّانُ فِيهِمَا ضَعْفٌ، وهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَيْسٍ".

وقال عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدارمي: قُلْتُ لِيَحْيَى: قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ؟ قَالَ: "لَيْسَ بِشَيْءٍ".

وقال أَبُو طالب: قلت لأحمد بن حنبل، قيس لم ترك الناس حديثه؟ قَال: "كَانَ يتشيع، وكان كثير الخطأ فِي الحديث".

وقال الساجي: حدثني أَحْمَد بن مُحَمد، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حنبل - وذكر قيسا - فقال: "كَانَ له ابن يأخذ حديث مسعر وسفيان الثَّوْريّ والمتقدمين فيدخلها فِي حديث أبيه، وهو لا يعلم".

وقال ابن هانىء - وسئل أي: أحمد - عن قيس بن الربيع؟ فقال: "ليس حديثه بشيء".

وقال البخاري: "أَنَا لا أَكْتُبُ حَدِيثَ قَيْسِ بنِ الرَّبِيعِ، ولا أَرْوِي عَنْهُ".

وقال عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سئل أبي عن قيس بن الربيع؟ قال: "عهدي به ولا ينشط الناس في الرواية عنه، وأما الآن فأراه أحلى، ومحله الصدق وليس بقوي، يُكتب حديثه ولا يحتج به، وهو أحبّ إليّ من محمد بن عبدالرحمن بن ابى ليلى، ولا يحتج بحديثهما".

وقال عبدالرحمن: سألت أبا زرعة عن قيس بن الربيع؟ فقال: "فيه لين".

وقال عبدالرحمن: حدثني أبي قال: كان عفان يروي عن قيس، ويتكلم فيه! فقيل له تتكلم فيه؟ فقال: "قدمت عليه فقال: حدثنا الشيباني عن الشعبي، فيقول له رجل: ومغيرة! فيقول: ومغيرة، فقال له: وأبو حصين! فقال: وأبو حصين".

وقَال النَّسَائي: "ليس بثقة".

وقَال في موضع آخر: "متروك الحديث".

وقال الجوزجاني: "قيس بن الربيع ساقط".

وقال العجلي: "قيس بن الرّبيع الْأَسدي النَّاس يضعفونه، وَكَانَ شُعْبَة يرْوي عَنهُ، وَكَانَ مَعْرُوفا بِالحَدِيثِ صَدُوقًا، وَيُقَال إِن ابْنه أفسد عَلَيْهِ كتبه بِأخرَة فَترك النَّاس حَدِيثه".

قال جعفر بن أَبَانَ الحافظُ: سَأَلت ابن نُمير عَن قيس بن الرّبيع؟ فَقَالَ: "إِن النَّاس قد اخْتلفُوا فِي أمره، وَكَانَ لَهُ ابن فَكَانَ هُوَ آفته! نظر أَصْحَاب الحَدِيث فِي كتبه فأنكروا حَدِيثه وظنوا أَن ابْنه غَيرهَا".

وقال أبو داود الطَّيَالسي: "إنما أُتِيَ قيسٌ مِنْ قِبَلِ ابنه؛ كان ابنُهُ يأخُذُ حديثَ الناسِ، فَيُدْخِلُهَا في فُرَجِ كتابِ قيس، ولا يعرفُ الشيخُ ذلك".

وقال ابن حبان: "سَبرت أَخْبَار قيس بن الرّبيع من رِوَايَة القدماء والمتأخرين وتتبعتها فرأيته صَدُوقًا مَأْمُونا حَيْثُ كَانَ شَابًّا، فَلَمَّا كبر سَاءَ حفظه وامتحن بِابْن سوء فَكَانَ يدْخل عَلَيْهِ الحَدِيث فيجيب فِيهِ ثِقَة مِنْهُ بِابْنِهِ، فَلَمَّا غلب المَنَاكِير على صَحِيح حَدِيثه وَلم يتَمَيَّز اسْتحق مجانبته عِنْد الِاحْتِجَاج، فَكل من مدحه من أَئِمَّتنَا وحثّ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك مِنْهُم لما نظرُوا إِلَى الْأَشْيَاء المستقيمة الَّتِي حدث بهَا عَن سَمَاعه، وكلّ من وهاه مِنْهُم فَكَانَ ذَلِك لما علمُوا مِمَّا فِي حَدِيثه من المَنَاكِير الَّتِي أَدخل عَلَيْهِ ابْنه وَغَيره".

ولما ذكر له ابن عدي بعض مناكيره قال: "ولقيس بن الربيع غير ما ذكرت من الحديث، وعامة رواياته مستقيمة، وقد حدّث عنه شُعْبَة وغيره من الكبار، وَهو قد حدث عن شُعْبَة وعن ابن عُيَينة وغيرهما، ويدل ذَلِكَ عَلَى أنه صاحب حديث، والقول فيه ما قاله شُعْبَة وإنه لا بأس به".

قلت: لا شك أنه كان صاحب حديث، لكن كان يضطرب في حفظه، ويُلقّن، ويدخل ابنه الحديث في كتبه! فكيف يكون لا بأس به؟!!!

ورواية شعبة عنه وكذا الكبار لا يعني قبول حديثه لما طرأ عليه مما ذكر أهل النقد من سوء حفظه، واضطرابه، والإدخال عليه، وإفساد كتبه!!

نعم شُعْبَة روى عنه وكان يحضّ الطلبة على الرحلة إليه لسماع حديثه، وهُو مِنْ أَقْرَانِهِ، وكان يذاكره، ويثني عليه، ويذكر أن عنده غرائب لا يعرفها شعبة! فإذا كان الحديث ليس عند شعبة عن شيخ قيس أو عنده عن قيس نفسه فهو لا يُقبل، ويكون مما وهم فيه قيس!

وعليه فهذا الحديث الذي رواه عن زياد بن علاقة عن عمارة بن أوس لا يُقبل!! وأين شعبة من هذا الحديث، وهو قد روى عن زياد بن علاقة!!

وصحبة عمارة بن أوس ثابتة وهو معروف النسب، لكن الرواية عنه لا تصح.

قال ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (4/281) (586): "عُمَارَةُ بنُ أَوْسِ بن خَالِد بْن عُبَيْد بْن أمية بْن عامر بن خطمة. وأمه صفية بِنْت كعب بْن مالك بْن غطفان ثُمَّ من بني ثَعْلَبَة. فولد عمارة صالحًا يكنى أَبَا واصل ورجاءً وعامرًا وأمهم أم ولد. وعمرًا وزيادًا وأم خُزَيْمَة وأمهم أم ولد".

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/494): "عُمَارَة بن أوس، لَهُ صحبة، حديثه لَيْسَ بقائم الإسناد".

وأخذ ابن حبان كلام البخاري فقال في «الثقات» (3/294): "عمَارَة بن أَوْس لَهُ صُحْبَة غير أَنِّي لست بالمعتمد على إِسْنَاد خَبره".

·       هل لقي زياد بن علاقة مِرْدَاس بن عُرْوَةَ؟

وأما عن قول ابن المديني أنه لقي مِرْدَاس بن عُرْوَةَ!! ففيه نظر! لأن ذلك جاء في إسناد مختلف فيه!

رواه الوَلِيدُ بنُ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ مِرْدَاسِ بنِ عُرْوَةَ قَالَ: «رَمَى رَجُلٌ مِنَ الحَيِّ أَخًا لِي فَقَتَلَهُ فَفَرَّ، فَوَجَدْنَاهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَادَنَا مِنْهُ».

أخرجه البخاري في ترجمة «مرداس بن عروة» من «التاريخ الكبير» (7/435) عن مُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ.

وابن قانع في «معجم الصحابة» (3/117) عن الحَسَن بن الطِّيبِ البَلْخِيّ. والطبراني في «المعجم الكبير» (20/299) (710) عن عَبْدَان بن أَحْمَدَ.

وأبو نُعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» (5/2566) (6195) من طريق أَحْمَد بن عَلِيٍّ الْأَبَّار.

ثلاثتهم عن جَعْفَر بن حُمَيْدٍ.

كلاهما (محمد بن الصباح، وجَعْفَر بن حُمَيْدٍ) عن الوَلِيد بن أَبِي ثَوْرٍ، به.

وتابعه: محمد بن جابر السحيميّ.

أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» (3/117) عن عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ، عن مُسَدَّد.

وأبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (5/2566) (6195) عن فَارُوق الخَطَّابِيّ، عن أَبي مُسْلِمٍ الكَشِّيّ، عن مُسَدَّد.

وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3/248) (1609) عن الحَسَن بن عَلِيٍّ، عن يَحْيَى بن إِسْحَاقَ.

والبيهقي في «الخلافيات» (6/537) (4799) من طريق عُبَيْداللَّهِ بن جَعْفَرِ بنِ أَعْيَنَ، عن إِسْحَاق بن أَبِي إِسْرَائِيلَ.

ثلاثتهم (مسدد، ويحيى بن إسحاق، وإسحاق بن أبي إسرائيل) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَابِرٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ مِرْدَاسٍ: «أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِحَجَرٍ فَقَتَلَهُ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَادَهُ مِنْهُ».

وفي حديث يحيى بن إسحاق: "عَنِ ابْنِ مِرْدَاسٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: «طُرِدَتْ إِبِلٌ لِأَخِي فَتَبِعَهُمْ فَرَمَوْهُ بِالحِجَارَةِ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَادَهُمْ بِهِ»".

وفي حديث إِسْحَاق بن أَبِي إِسْرَائِيلَ: "عَنْ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ" بمثل حديث يحيى بن إسحاق.

وتابعهم حجاج بن أرطأة:

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (8/78) (15990) من طريق عَبْداللهِ بن عَبْدِالوَهَّابِ، عن عَبْدالوَاحِدِ بن زِيَادٍ، عن الحَجَّاجُ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، قال: «أنبأنا أَشْيَاخُنَا الَّذِينَ أَدْرَكُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِحَجَرٍ فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ».

وتابعهم سفيان الثوري، لكن لم يُسمّه:

قال أبو نُعيم الأصبهاني: "ورَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ رَجُلٍ، وَلَمْ يُسَمِّهِ".

وقال عبدالله بن أحمد في «العلل» (2/567): قَرَأت على أبي: ابنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ: «أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَادَ رَجُلًا مِنْ حَجَرٍ».

قال: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي وسَمِعْتُهُ مِنْهُ قَالَ: نَسَخْنَا من كتاب الْأَشْجَعِيّ - يَعْنِي مِمَّا أَعْطَاهُمُ ابنُهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ: زِيَادَ بنَ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: «أَقَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَجَرٍ».

قال ابن حجر في «المطالب العالية» (9/121): "أَخْرَجَهُ ابنُ السَّكَنِ فِي الصَّحَابَةِ، وذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حدثنا الْوَلِيدُ، بِهِ. وإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ".

قلت: الوَلِيدُ بنُ أَبِي ثَوْرٍ، ومحمد بن جابر، وحجاج بن أرطأة كلهم ضعفاء. وسفيان أثبت منهم، ولم يُسمّه! وسماه كما في كتاب الأشجعي، فيكون الرجل هذا هو "عرفجة"! وهو الذي يروي عنه زياد حديث الجماعة، وسياقه وقوله: "حدثني رجل"، وتسميته بأنه "عرفجة" يدل على أنه ليس بصحابي! وهو رجل من قومه! والله أعلم.

فيحتمل أن زياد بن علاقة كان يضطرب فيه، والحديث مرسل!

وقد سئل الدارقطني في «العلل» (14/35) (3399) عن حديث مرداس بن عروة الثقفي: «أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع إليه رجل قتل رجلا بحجر، وأقاد منه»؟

فقالَ: "يَرْوِيهِ زِيَادُ بنُ عِلَاقَةَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فرواه الوليد بن أبي ثور، عن زياد، فقال: عن مرداس بن عروة.

ورواه محمد بن أبان، عن زياد بن علاقة، عن مرداس، ولم ينسبه.

ورواه الثوري، ومحمد بن جابر، واختلف عنهما:

فقال عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زياد، عن رجل لم يسمه.

وقال الأشجعي: عن الثوري، عن زياد، عن عرفجة.

وقال يحيى بن إسحاق السيلحيني: عن محمد بن جابر، عن زياد بن علاقة، عن ابن مرداس الثقفي.

وقال مسدد، وإسحاق بن أبي إسرائيل: عن محمد بن جابر، عن زياد، عن مرداس الأسلمي.

وقال أبو حماد: عن زياد، عن عيسى بن عقيل.

وأشبهها بالصواب قول الوليد بن أبي ثور".

قلت: بل أشبهها بالصواب قول سفيان الثوري كما بينته آنفاً.

·       هل لمرداس بن عروة صحبة؟

قال ابن حبان في «الثقات» (3/398): "مرداس بن عُرْوَة الثَّقَفِيّ لَهُ صُحْبَة".

ثم أعاده في التابعين (5/449) فقال: "مرداس بن عُرْوَة، يروي عَن أَبِي بكر الصّديق. روى عَنهُ زِيَاد بن علاقَة".

وقال ابن عبدالبر في «الاستيعاب» (3/1386): "مرداس بن عُرْوَة، لَهُ صحبة. روى عَنْهُ زِيَاد بْن عَلْقَمَة".

وقال ابن حجر في «الإصابة» (6/57): "مرداس بن عروة العامريّ: ذكره ابن السّكن في الصحابة، وقال: معدود في الكوفيين، ونسبه البغويّ وابن حبّان ثقفيا".

قلت: لا ذكر له إلا في هذا الحديث المختلف في إسناده، ولم يصح، فلا تثبت صحبته بمثل ذلك، والله أعلم.

·       ترجمة عرفجة، وبيان أهل العلم الاختلاف في نسبه! وهل ثبتت صحبته؟!

وعرفجة لا يُعْرَفُ عَنْهُ رَاوٍ غَيْرُ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ! ولا يُعرف عنه شيء إلا ما ورد من خلال روايته! وبهذه الرواية أثبت العلماء صحبته!!

وقد اختلف في اسم أبيه على وجوه كما جاء في الروايات المتقدمة، ونتيجة لهذا الاختلاف اختلف العلماء عندما ترجموا له!

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (7/64): "عَرْفَجَةُ: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَا كَانَ»، قالَه مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ شُعْبَة، عَنْ زِيَادِ بنِ عَلاقَةَ، عن عرفجة.

وقال موسى بن إسماعيل: حدثنا أَبُو عوانة والمفضل، عَنْ زياد، عَنْ عرفجة بن شريح.

وقَالَ عَبْداللَّه بن مُحَمَّد، عَنْ عاصم، عَنْ حماد بن زَيْد، عَنْ عَبْداللَّه بن المختار وليث، عَنْ زياد، عَنْ عرفجة بن شريح.

ولم ينسبِهِ لنا عارم.

وقَالَ عَبْداللَّه بن مُحَمَّد: حدثنا أَبُو النضر هاشم، قالَ: حدثنا شيبان، عَنْ زياد، عَنْ عرفجة بن شريح الأسلمي، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ أَبُو نعيم، عَنْ يزيد بن مردانبة، عَنْ زياد، عَنْ عرفجة بن ضريح الأشجعي.

ويُقَالَ: عرفجة بن شراحيل" انتهى.

قلت: أثبت البخاري اسمه من خلال هذا الحديث، وذكره لسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم بحسب ما جاء في الإسناد، وهذا لا يدلّ على أنه يثبته، ثم ذكر اختلاف الرواة في نسبته، وأن بعضهم لم ينسبه.

وكذا بيّن الإمام أحمد كما في «المنتخب من علل الخلال» قال: "كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَرْوِيهِ عَنْ شَيْبَانَ، يَقُولُ: ابنُ ضُرَيْحٍ، وَقَالَ بعضهم: شُرَيح، وقال بعضهم: سريح، وَأَمَّا شُعْبَةُ فَلَمْ يَنْسِبْهُ، وَقَالَ فِيهِ: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم". - أي ذكر عرفجة أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو بَكْر ابن الأَثْرَم: قال أبو عَبدالله في حديث عرفجة: "قال بعضهم: ابن ضريح، وقال بعضهم: شُرَيْح، وبعضهم: سريح، وحديثه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «تكون هنات وهنات، فمن جاء إلى أمتي وهم جميع يريد أن يفرق بينهم فاقتلوه». [المؤتلف والمختلف للدارقطني: (3/1285)].

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (7/17): "عرفجة بن شريح، ويقال: ابن ضريح: سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «ستكون هنات وهنات»، روى عنه: أبو حازم الأشجعي، وزياد بن علاقة، وأبو يعفور وقدان - يعني اسمه - العبدي. سمعت أبي يقول ذلك".

قلت: لم يثبت أن أبا حازم وأبا يعفور رويا عنه كما بينت سابقاً.

وقال ابن حبان في «الثقات» (3/320) (1043): "عرْفجَة بن شُرَيْح الْأَشْجَعِيّ: لَهُ صُحْبَة. روى عَنهُ زِيَاد بْن علاقَة، وَقد قيل: عرْفجَة بْن ضريح، وَيُقَال: عرْفجَة بن شرَاحِيل، والْأول أصح. سكن البَصْرَة".

قلت: ذكر الاختلاف في اسمه كما ذكره البخاري، وأثبت صحبته بحسب ما جاء في حديثه أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم!!

وقوله: "سكن البصرة" قاله لأن بعض من روى عنه من البصريين، فقال بأنه سكن البصرة!! وفيه نظر!! فهو كوفيّ.

وذكره ابن سعد في «الطبقات» (6/106) ولم يذكر عنه شيئاً، وإنما قال: "عَرْفَجَةُ بنُ شُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيُّ، وَيُقَالُ: ابنُ ضُرَيْحٍ".

وقال الدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (3/1285): "عرفجة الأَسْلَمي، رَوَى عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. روَى عَنْه زياد بن علاقة، وأبو حَازِم الأَشْجَعيّ، وأبو يعفور العبدي".

قلت: لم تثبت رواية أبي حازم وأبي يعفور عنه، وقد تفرد بالرواية عنه زياد بن علاقة.

وقال أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (4/2228): "عَرْفَجَةُ بنُ ضُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيُّ، وَقِيلَ: عَرْفَجَةُ بنُ شَرَاحِيلَ، وقِيلَ: عَرْفَجَةُ بنُ شَرِيكٍ، وَقَالَ بَعْضُ المُتَأَخِّرِينَ: عَرْفَجَةُ بنُ شُرَيْحٍ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَقَعَ فِي ضُرَيْحٍ، يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ رَوَى عَنْهُ: قُطْبَةُ بنُ مَالِكٍ، وَزِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو يَعْفُورَ، وَأَبُو حَازِمٍ الْأَشْجَعِيُّ، وَأَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، وَيَزِيدُ بنُ أَبِي مَالِكٍ".

قلت: لا أدري من يقصد ببعض المتأخرين الذي صحّف فيه!! ومطبوع الكتاب فيه تحريف وتصحيف كثير!

و"شريح" ليس بتصحيف، بل هكذا جاء في بعض الروايات كما سبق بيانه. ورواية قطبة بن مالك عنه لا تصح كما سيأتي بيانه، ولم تصح رواية الشعبي وأبي يعفور وأبي حازم ويزيد بن أبي مالك عنه.

وأما رواية أبي عون الثقفي فسيأتي الكلام عليها لاحقاً إن شاء الله.

·       تفريق ابن أبي خيثمة بين «عرفجة بن شُريح الأشجعي» وبين «عرفجة بن شريح الكندي»! ورد أهل العلم عليه!

ذكر ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (3/43) (3750) «عَرْ فَجَة» هكذا ليس منسوباً، ثم ساق له حديث عَبْدالأَعْلَى الزُّهْرِيّ، عَنْ زِيَادِ بن علاقة، عن قُطْبَة بن مَالِكٍ، عَنْ عَرْفَجة الأَشْجَعِيّ؛ قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: وُزِنَ أَصْحَابُنَا اللَّيْلَةَ، فَوَزَنَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ وَزَنَ عُمَرُ، ثُمَّ وُزِنَ عُثْمَان، فَخَفّ وَهُوَ رجلٌ صَالِحٌ».

ثم ذكر «عَرْفَجَة بنُ شُرَيْح»، وساق له حديث المُفَضَّل بن فَضَالَة، والوَلِيْد بن أَبِي ثَوْر، عن زِيَاد بن عِلاَقَة، عَنْ عَرْفَجَة بنِ شُرَيْح، قَالَ: «خَرَجَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ فَقَالَ: سَتَكونُ هَنَات وهَنَات، فمَنْ رَأَيْتُموه يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ أُمَّتِي وهِيَ جَمِيعٌ فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ مِن النَّاس».

قلت: هما واحد، فلا يمكن أن يكون زياد بن علاقة يتفرد عن كل واحد منهما! ولا يعرفان إلا في روايته!

قال ابن عبدالبر في «الاستيعاب» (3/1063) (1797): "عرفجة بن شريح الكِنْدِيّ، ويقال الأشجعي، ويقال عرفجة الأسلمي.

وقَالَ أَحْمَد بن زُهَيْر - يعني ابن أبي خيثمة -: عرفجة الأسلمي غير عرفجة بن شريح الكِنْدِيّ.

ليس هُوَ عندي كما قَالَ أَحْمَد بن زُهَيْر. والله أعلم بالصواب.

وقد اختلف فِي اسم أَبِي عرفجة هَذَا اختلافا كثيرا، فقيل: عرفجة بْن شريح، وقيل: صريح، وقيل: ابْن ذريح- بالذال. وقيل: ابْن ضريح- بالضاد، وقيل ابْن شراحيل.

قَالَ علي بن المديني: قَالَ شُعْبَة: عرفجة فلم ينسبه، وَقَالَ فِيهِ أَبُو عوانة: عرفجة بْن شريح. وَقَالَ فيه يزيد بن مردانبه: عرفجة بن شريح، وكلهم يروي حديثه هَذَا عَنْ زِيَاد بْن علاقة عَنْهُ.

لَهُ حديث واحد عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سمعه يَقُول: ستكون هنات وهنات، فمن رأيتموه يفرق أمر أمة محمدٍ - وهم جميع - فاقتلوه كائنا من كَانَ من الناس. وَهُوَ حديث صحيح من حديث أهل البصرة، رواه عَنْ عرفجة زِيَاد بْن علاقة، ورواه عَنْ زِيَاد بْن علاقة جماعة، واتفق فيه أبو عوانة والنعمان ابن راشد على عرفجة بْن شريح.

ولا أعلم لعرفجة هَذَا غير هَذَا الحديث.

وقد رَوَى عَنْهُ أَبُو حَازِم الأشجعي وَأَبُو يعفور وقدان العبدي.

وَقَدَ رَوَى زِيَادُ بْنُ عِلاقَةَ أَيْضًا، عَنْ قُطْبَةَ بنِ مَالِكٍ، عَنْ عَرْفَجَةَ الأَشْجَعِيِّ، قال: صلّى بنا رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الْفَجْرِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ: وُزِنَ أَصْحَابُنَا اللَّيْلَةَ، وُزِنَ أَبُو بَكْرٍ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِن عُثْمَانُ فَخَفَّ، وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ.

لا أدري عرفجة هذا هو عرفجة ابن شريح أو غيره" انتهى كلامه.

·       تردد ابن عبدالبر!!

قلت: العجب من ابن عبدالبر رد على ابن أبي خيثمة بأنهما واحد، ثم لما ذكر حديث زياد بن علاقة عن قطبة عن عرفجة في الآخر قال: "لا أدري عرفجة هذا هو عرفجة بن شريح أو غيره"!!

فكأنه لم يجزم بأنهما واحد! وتردد في ذلك مع جزمه بأنهما واحد في البداية! والصواب أنهما واحد، وهذا الحديث الأخير من رواية من هو متروك الحديث كما سيأتي بيانه لاحقا.

وقال ابن حجر في «الإصابة» (4/400): "عرفجة بن شريح، وقيل: ابن صريح، بالصاد المهملة أو المعجمة، وقيل: ابن شريك، وقيل: ابن شراحيل، وقيل ابن ذريح الأشجعي. نزل الكوفة.

وحديثه عند مسلم، وأبي داود، والنسائي: سمعت النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم يقول: «من خرج من أمّتي وهم جميع على رجل يريد أن يشقّ عصاكم ويفرّق جماعتكم».

وروى عن أبي بكر الصديق، وعنه زيادة بن علاقة، وأبو حازم الأشجعي، وأبو يعقوب العبديّ، وغيرهم.

ثم قال: "عرفجة بن شريح الكندي: فرّق ابن أبي خيثمة بينه وبين الأشجعي. وقال البخاري: هما واحد.

روى أبو عون الثّقفيّ، عن عرفجة السلمي، عن أبي بكر الصديق حديثا، فما أدري أهو هذا أو غيره".

قلت: بحسب ما ترجم أهل العلم لعرفجة، فقد جعلوا الذي يروي عن أبي بكر الصديق آخر! وابن حجر جعله: ابن شريح!

وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله.

·       استدراك مغلطاي على ابن عبدالبر! والرد عليه!

وقد نقل مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (9/218) كلام ابن عبدالبر في أن عرفجة لا يعرف إلا بهذا الحديث، ثم تعقبه بقوله: "وفيه نظر، لما ذكره العسكري: عرفجة بن شريح نزل الكوفة، ومما روى: حدثنا ابن مَنيع: حدثنا داود: حدثنا حفص بن غياث، عن مسعر، عن محمد بن عبيدالله، عن عرفجة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا به زمانه فسجد».

وحدثنا ابن شعبة: حدثنا عبدالله بن أحمد: حدثنا أبي قال: أعطانا ابن الأشجعي كتبا من كتب أبيه، عن سفيان، عن زياد بن علاقة، عن عرفجة قال: «أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجر أو قال: من خدش» - قال: نراه في الفرائض.

وقال البغوي: حدثنا هارون وعلي بن شعيب قالا: حدثنا أبو النضر: حدثنا عبدالأعلى، عن زياد، عن قطبة بن مالك، عن عرفجة الأشجعي قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس فقال: «وزن أصحابنا الليلة، وزن أبو بكر فوزن، ثم وزن عمر فوزن، ثم وزن عثمان وهو صالح».

وقال الطبراني: حدثنا القَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا، وَمُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ التَّوَّزِيُّ قَالَا: حدثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيدٍ الجَوْهَرِيُّ، حدثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ - هو: الضرير-، عَنْ يَزِيدَ بنِ مَرْدِانَبَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَدُ اللهِ تعالى عَلَى الجَمَاعَةِ، وَالشَّيْطَانُ مَع مَنْ خَالَفَ الجَمَاعَةَ يَرْكُضُ»" انتهى.

قلت: أراد مغلطاي أن يُبين أن لعرفجة غير ذلك الحديث، فساق له هذه الأحاديث! وفي استدراكه نظر! فهذه الأحاديث بعضها لم يصح، وبعضها في إسنادها اختلاف!!

أما الحديث الأول:

فرواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (5/264) (5272) عن مُحَمَّد بن مُوسَى النَّهْرَتِيرِيّ.

والبيهقي في «السنن الكبرى» (2/519) (3939) من طريق محمد بن العباس.

 كلاهما عن دَاوُد بن رُشَيْدٍ، به.

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ مِسْعَرٍ إِلَّا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ".

وقال البيهقي: "قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِاللهِ: «وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَتَاهُ فَتْحٌ فَسَجَدَ، وَأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَتَاهُ فَتْحٌ، أَوْ أَبْصَرَ رَجُلًا بِهِ زِمَانَةً فَسَجَدَ»، وَيُقَالُ هَذَا عَرْفَجَةُ السُّلَمِيُّ، وَلا يَرَوْنَ لَهُ صُحْبَةٌ فَيَكُونُ مُرْسَلًا شَاهِدًا لِمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ: عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِاللهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الجَزَّارِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا، ثُمَّ عَنْهُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا".

ورواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (2/228) (8414) عن وكيع، عن مسعر، عن أبي عون الثقفي، عن يحيى بن الجزار: «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به رجل به زمانة فسجد، وأبو بكر، وعمر».

ورواه البيهقي في «السنن الكبرى» (2/519) (3940) من طريق جَعْفَر بن عَوْنٍ، عن مِسْعَر، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ رَجُلٍ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمَّا أَتَاهُ فَتْحُ الْيَمَامَةِ سَجَدَ».

وَسُئِلَ الدارقطني في «العلل» (1/288) (78) عَنْ حَدِيثِ يَحْيَى بنِ الجَزَّارِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ بِهِ زَمَانَةٌ فَسَجَدَ؟

فَقَالَ: "هُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ مِسْعَرٌ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ يَحْيَى بنِ الجَزَّارِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَخَالَفَهُمْ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ رَشِيدٍ عَنْهُ عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ عَرْفَجَةَ.

وَخَالَفَهْمُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ فَرَوَاهُ عَنْ عِيسَى بنِ يُونُسَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ يَحْيَى بنِ الجَزَّارِ".

فالحديث لا يصح عن عرفجة!

وأما الحديث الثاني والثالث فسيأتي الكلام عليهما لاحقاً إن شاء الله.

وأما الحديث الرابع:

فهو جزء من حديث قتل من يفارق الجماعة الذي قال ابن عبدالبر أنه لا يعرف لعرفجة إلا هو.

فقد رواه النسائي في «السنن الكبرى» (3/428) (3469) عن أَحْمَد بن يَحْيَى الصوفيّ، عن أَبي نُعَيْمٍ الفَضْلِ بنِ دُكَيْنٍ، عن يَزِيد بن مَرْدَانِبَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ بنِ ضُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ أَوْ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقُ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّ يَدَ اللهِ عَلَى الجَمَاعَةِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ يَرْكُضُ».

وكذا في رواية يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ شُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَيَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةِ أَوْ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمْرُهُمْ جَمِيعٌ، فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ، فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ يَرْتَكِضُ».

وروى ابن قانع في «معجم الصحابة» (1/13) عن أَحْمَد بن الحُسَيْنِ الكُبْرَانِيّ، عن سَعِيد بن سُلَيْمَانَ، عن عَبْدالْأَعْلَى بن أَبِي المُسَاوِرِ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَدُ اللَّهِ عَلَى الجَمَاعَةِ فَإِذَا شَذَّ الشَّاذُّ اخْتَطَفَهُ الشَّيْطَانُ».

قلت: عبدالأعلى منكر الحديث، وسيأتي الكلام عن حاله إن شاء الله.

·       نسبة ابن حجر كلاما لابن عبدالبر لم يقله!

وقال في «تهذيب التهذيب» (7/177): "وفرّق ابن أبي خيثمة بين «عرفجة الأشجعي» راوي الحديث المذكور، وبين «عرفجة الكندي»، وأما البخاري فجعلهما واحدا، وهو الصواب. وحكى ابن عبدالبر في اسم أبيه أيضا: ذريح، وقال: لا أعلم له غير هذين الحديثين. انتهى. وقد أورد له العسكري في الصحابة حديثين غيرهما، والله أعلم".

قلت: ابن عبدالبر صرح أولا أنهما واحد، ثم جزم بأن عرفجة لا يعرف إلا بذلك الحديث الواحد، ثم في آخر كلامه ذكر الحديث الثاني ولم يجزم أنه هو أو غيره! فتردد فيه!!

وعليه فلا تصح نسبة القول له بأنه قال: "لا أعلم له غير هذين الحديثين"! فهو لم يقل هذا صراحة، بل أخذه ابن حجر من خلال إيراده لهذا الحديث الثاني في ترجمته مع تردده فيه!!

·       حديث زياد بن علاقة عن قطبة عن عرفجة! منكر!

والحقيقة أن هذا الحديث الآخر لا يصح بحال! ولا أدري كيف أوردوه في هذه التراجم دون الكلام عليه!!

والحديث رواه عَبْدُالْأَعْلَى بنُ أَبِي المُسَاوِرِ، قال: حدثنا زِيَادُ بنُ عِلَاقَةَ، عَنْ قُطْبَةَ بنِ مَالِكٍ، عَنْ عَرْفَجَةَ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْفَجْرِ، ثُمَّ انْفَتَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ: «وُزِنَ أَصْحَابُنَا اللَّيْلَةَ، وُزِنَ أَبُو بَكْرٍ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِنَ عُثْمَانُ فَخَفَّ، وَهُوَ صَالِحٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ».

أخرجه عبدالله بن أحمد في «فضائل الصحابة» (1/201) (220) عن صَالِح بن مَالِكٍ أَبي عَبْدِاللَّهِ.

وابن قانع في «معجم الصحابة» (2/282) عن مُحَمَّد بن الفَضْلِ بنِ جَابِرٍ.

والطبراني في «المعجم الأوسط» (1/248) (813) عن أَحْمَد بن يَحْيَى الحُلْوَانِيّ.

كلاهما (محمد بن الفضل، والحلواني) عن سَعِيد بن سُلَيْمَانَ.

وأبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (4/2228) (5545) عن مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ حُبَيْشٍ، وعَبْدالمَلِكِ بن الحَسَنِ السَّقَطِيّ المُعَدِّلُ، كلاهما عن أَحْمَد بن يَحْيَى الحُلْوَانِيّ.

والبغوي في «معجم الصحابة» [كما في إكمال تهذيب الكمال: (9/218)] عن هارون، وعلي بن شعيب.

وابن عساكر في «تاريخه» (44/135) من طريق (39/169) من طريق أبي عبدالله ابن منده، عن أحمد بن محمد بن زياد، عن محمد بن إسماعيل الصايغ.

وأبو بكر الإسماعيلي في «أسامي معجم شيوخه» (3/717) (333) عن عَبْدالعَزِيزِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالعَزِيزِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عَقِيلٍ الهِلَالِيّ، عن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيمَ الصَّفَّار.

أربعتهم (هارون، وعلي بن شعيب، ومحمد الصايغ، وإسحاق الصفار) عن أبي النضر هَاشِم بن القَاسِمِ.

ثلاثتهم (صالح بن مالك، وسعيد بن سليمان، وأبو النضر) عن عَبْدالْأَعْلَى بنِ أَبِي المُسَاوِرِ، به.

قال الطبراني: "لا يُرْوَى هَذَا الحَدِيثُ عَنْ عَرْفَجَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُالْأَعْلَى بنُ أَبِي المُسَاوِرِ".

وقال ابن منده: "غريبٌ بهذا الإسناد، ولا يعرف إلا من هذا الوجه".

وقد رُوي عن عبدالأعلي بإسناد آخر!

رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (1/186) (490) عن الحُسَيْن بن إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيّ، عن عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، عن يَزِيد بن هَارُونَ، عن عَبْدالْأَعْلَى بنِ أَبِي المُسَاوِرِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: «وُزِنَ أَصْحَابِي اللَّيْلَةَ فَوُزِنَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُمَّ وُزِنَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ».

قال الطبراني: "هَكَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ بنُ هَارُونَ، وَرَوَاهُ سَعْدَوَيْهِ، عَنْ عَبْدِالْأَعْلَى بنِ أَبِي المُسَاوِرِ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ قُطْبَةَ بنِ مَالِكٍ، عَنْ عَرْفَجَةَ".

قلت: على أي حال فالحديث منكر!! وعبدالأعلى ليس بشيء، منكر الحديث!!

قال عثمان الدارمي: قُلتُ ليحيى بن مَعِين، فعبدالأعلى الزُّهْريّ عَن زياد بن علاقة تعرفه؟ فَقالَ: "لا أعرفه".

وقال إِسْحَاق بن مُوسَى الرملي، عَن أَبِي دَاوُدَ، عَنْ يَحْيَى بن مَعِين، قال: قدم أَبُو مسعود الجرار، فنزل فِي المخرم، فكتبوا عنه، ولم ندركه نحن، كَانَ عنده عَنِ الشعبي ونافع، وغيرهما، قلت: كيف هُوَ؟ قال: "أرجو أن يكون صالحا".

قال الحافظ أَبُو بكر الخطيب: "وقد روى غير واحد، عَنْ يَحْيَى بن مَعِين الطعن عليه، وسوء القول فِيهِ".

قَال عَباس الدُّورِيُّ، وإِبْرَاهِيم بن عَبداللَّهِ بن الجنيد، وابن محرز، عَنْ يحيى بْن مَعِين: "ليس بشيءٍ".

وزاد ابن الجنيد: "كذاب".

وقال ابن عدي معقبا على قول ابن معين المتقدم "لا أعرفه": "وهذا الذي قَالَ ابن مَعِين لا أعرفه هُوَ عَبدالأَعْلَى بنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، وقد تقدم كلامه فيه ومعرفته به".

قلت: يبدو أنه لم يكن يعرفه، ثم قدم عليهم ولم يدركه وقال بأنه رجل صالح، ثم رأى حديثه فقال عنه: "ليس بشيء"، وزاد ابن الجنيد عنه: "كذاب".

وقال ابن أبي شيبة: سَأَلت عليا - يعني ابن المديني - عَن عبدالْأَعْلَى بن أبي المسَاوِر؟ فقالَ: "ضَعِيف لَيْسَ بِشَيْء".

وقال البُخَارِيّ: "عَبْدُالْأَعْلَى بنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ أَبُو مَسْعُودٍ الجَرَّارُ: مُنْكَرُ الحَدِيثِ".

وقال أبو زرعة الرازي: "عبدالأعلى بن أبي المساور: ضعيف جداً".

وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث شبه المتروك".

وقال النسائي: "عبدالْأَعْلَى بن أبي المسَاوِر مَتْرُوك الحَدِيث".

وَقَال فِي موضع آخر: "ليس بثقة، ولا مأمون".

وقال الذهبي: "ضَعَّفَهُ الكُلُّ".

وقال ابن حجر: "متروك كذبه ابنُ مَعين".

فتعقبه صاحبا «التحرير» (2/292) فقالا: "قوله: "كذبه ابن معين" فيه نظر، فإنه في رواية ابن الجنيد فقط، أما الروايات الأخرى مثل رواية الدوري، والغلابي، والدارمي، وابن محرز، وابن أبي خيثمة، والدورقي، وأبي داود، فليس فيها تكذيبه. ولذلك فإن هذا الإطلاق غير صحيح، بل لعل الأصوب أنه ضعّفه جدًّا مثل غيره، فإننا لا نعلم أحدًا كذبه".

قلت: يشككان في نقل ابن الجنيد عن ابن معين! وهذه ليست طريقة علمية!! فهناك ألفاظ تنقل عن ابن معين في بعض الرواة يتفرد بها بعض الرواة عنه، وهذا أمر عادي في سعة علم ابن معين وكثرة من ينقلون عنه، وقول ابن معين فيه "ليس بشيء" التي اتفق على نقلها عنه غالب رواة تاريخه يعني أنه هالك حتى لو لم يقل فيه "كذاب"!!

والظاهر بحسب تنقل ابن معين في رأيه في عبدالأعلى هذا لا يبعد أن يكون آخر القول فيه: "ليس بشيء كذاب".

وعليه فلا تثريب على ابن حجر في قوله: "كذبه ابن معين"!!

إلا أن صاحبي التحرير يريدان فقط الاستدراك عليه بأدنى شيء!!! بفهم أو بدون فهم!! مع أن الغالب هو الأخير!

·       وَهَم من سمّاه: «بُرَيْح»!

قال ابن منده في «معرفة الصحابة» (ص: 311): "بُريح بن عرفجة أو عرفجة بن بريح، هكذا قاله المحاربي، وهو وهم!

رواه يوسف القطان، عن عبدالرحمن بن محمد المحاربي، عن ليث بن أبي سليم، عن زياد بن علاقة، عن بريح بن عرفجة، أو عرفجة بن بريح - شك المحاربي - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستكون بعدي هنات وهنات».

رواه غيره عن ليث بن أبي سليم، عن زياد بن علاقة، عن عرفجة بن شريح، وهو الصواب: وقيل: عن عرفجة بن ضريح".

وقال أبو نُعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» (1/443): "بُرَيْحُ بنُ عَرْفَجَةَ، أَوْ عَرْفَجَةُ بْنُ بُرَيْحٍ هَكَذَا قَالَهُ المحاربيّ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ عَرْفَجَةُ بنُ ضُرَيْحٍ. وَقِيلَ ضُرَيْحُ بنُ عَرْفَجَةَ".

وفي المطبوع: "هكذا قاله البخاريّ"!! وهو تحريف شنيع!!

وقال ابن حجر في «الإصابة» (1/479): "بريح بن عرفجة.

كذا ذكره ابن منده في حرف الموحدة، ووهمه أبو نعيم، وهو تصحيف. قال ابن منده: روى عبدالرحمن المحاربي، عن ليث، عن زياد بن علاقة، عن بريح بن عرفجة أو شريح. قال: ورواه غيره عن ليث، فقال عرفجة بن بريح، وهو الصّواب".

قلت: ظاهر كلام ابن حجر أن أبا نُعيم وهّم ابن منده مع أنه نقل جزءاً من كلام ابن منده يُصوّب فيه ما ذكره آخراً!!

وقد تقدم كلام ابن منده أن ما قاله المحاربي وَهم، ولم يتعرض لتوهيم ابن منده، بل ما قاله أبو نعيم هو كلام ابن منده.

·       خلاصة وتحليل:

والخلاصة بحسب كلام أهل العلم فإنّ هذا الحديث تفرد به زياد بن علاقة عن عرفجة، واختلف في اسم أبيه ونسبته لاختلاف الرواة في ذلك!

فقيل: ابن شُرَيْح: بضم الشين المعجمة، وفتح الراء، وسكون الياء، وبالحاء المهملة.

وقيل: ابن ضُرَيح: بضم الضاد المعجمة، وفتح الراء، وبالحاء المهملة.

وقيل: ابن ذَرِيح: بفتح الذال المعجمة، وكسر الراء، وبالحاء المهملة.

وقيل: ابن صُرَيح: بضم الصاد، وفتح الراء، وبالحاء المهملة.

وقيل: ابن سُريج: بضم السين المهملة، وبالجيم.

وقيل: ابن شُراحيل.

وقيل: ابن شَريك.

وهذا الاختلاف في اسم أبيه إن كان من زياد فهو لم يضبطه لعدم شهرته! ولا أظنه منه! والظاهر أن زياداً لم يكن يسميه فيطلق اسمه: "عرفجة"! والرواة عن زياد نسبوه، وعليه فيكون مجهولاً لا يُعرف! والذي جعل أهل العلم يثبتون صحبته ما جاء في بعض الروايات أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا!

وفي بعضها: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ".

وفي رواية عن ليث بن أبي سُليم: "عن عَرْفَجَةُ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ".

ويُحتمل أنه نسبه لكن لم يحفظ بعض الرواة نسبته فاختلفوا في ذلك، وهناك راو آخر "عرفجة السلمي" وهو تابعي، وقد ذكره ابن حجر عندما تكلم على ترجمة عرفجة هذا، وقال بأنه لا يدري هو هذا أم غيره!

ولو كان صحابيا نزل الكوفة، فيبعد ألّا يعرفه كبار التابعين في الكوفة! ويتفرد بحديثه زياد بن علاقة!!

وما ذُكر في بعض الروايات أنه رأى أو سمع النبي صلى الله عليه وسلم فهو من الأوهام! أو من الخلط في صيغ التحمل عند الرواة!! فبعض الثقات ممن روى هذا الحديث لم يذكروا فيه هذه الألفاظ ولا صيغ التحديث والسماع بين عرفجة والنبي صلى الله عليه وسلم!!!

وهذا يدخل في "باب السماع الذي لا يصح" وهو من باب العلل المعروفة عند الأئمة النقاد = أي ذكر السماع أو التحديث في بعض الأسانيد ولا تصح فيها، وتكون من باب الوهم والخطأ.

·       من اسمه عرفجة من أهل الكوفة في طبقة التابعين:

وسأعرض هنا لمن ترجم له أهل العلم ممن اسمه عرفجة من أهل الكوفة في طبقة التابعين، وهم اثنان:

الأول: عرفجة بن عَبْداللَّه الثَّقَفِيّ:

ذكره ابن سعد في «الطبقات» (6/218) في «الطَّبَقَة الأُولَى مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ بَعْدَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ رَوَى عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ وعَبْدِالله بن مسعود».

قال: "عرفجة. روى عن علي وعبدالله.

قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ المُغِيرَةِ، عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: صَلَّيْتَ خَلْفَ عَلِيٍّ فَقَنَتَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا قَبْلَ الرَّكْعَةِ".

وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (7/65): "عرفجة بن عَبْداللَّه الثَّقَفِيّ، عَنْ عَلِيّ، وعبداللَّه، وعَائِشَة، وأم عَبْداللَّه. نسبِهِ مَنْصُور بن المُعْتَمِر".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (7/18): "عرفجة بن عبدالله الثقفي: روى عن علي، وعبدالله بن مسعود، وعائشة. روى عنه: منصور، وعطاء بن السائب، وعمر بن عبدالله بن يعلى بن مرة. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال ابن حبان في «الثقات» (5/273) (4806): "عَرْفَجَةُ بنُ عَبْدِاللَّهِ الثَّقَفِيّ، من أهل الكُوفَة. يَرْوِي عَن عَليّ بن أَبِي طَالب، وعَبْدِاللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ فَقَالَ: عَرْفَجَةُ بنُ عَبْدِالوَاحِدِ، وَهُوَ الَّذِي روى مَرْوَان بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الثَّقَفِيِّ عَنْ عَرْفَجَةَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَأْمُرُ النَّاسَ بِقِيَامِ رَمَضَانَ يَجْعَلُ لِلرِّجَالِ إِمَامًا وَلِلنِّسَاءِ إِمَامًا. قَالَ عَرْفَجَةُ: فَأَمَرَنِي عَلِيٌّ فَكُنْتُ إِمَامَ".

وقال المزي في «تهذيب الكمال» (19/557): "عرفجة بن عَبداللَّهِ الثقفي، ويُقال: السلمي الكوفي.

رَوَى عَن: عَبداللَّهِ بن مَسْعُود، وعتبة بن فرقد (س)، وعلي بْن أَبي طالب، ورجل من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (س)، وعائشة أم المؤمنين.

رَوَى عَنه: جَابِر بن يَزِيد الجعفي، وعطاء بن أَبي رباح - فيما قيل -، وعطاء بن السائب (س)، وعُمَر بن عَبدالله بْن يَعْلَى بن مرة الثقفي، ومنصور بن المعتمر.

ذكره ابنُ حِبَّان فِي كتاب «الثقات»، وقَال: وهُوَ الَّذِي روى عنه عَطَاء بْن أَبي رباح، وَقَال: عرفجة بْن عَبْد الْوَاحِد.

وقَال عُمَر بن عَبدالله بن يَعْلَى بن مرة الثقفي، عَنْ عرفجة بن عَبداللَّهِ الثقفي: كَانَ عَلِي بن أَبي طَالِب يأمر النَّاس بقيام رمضان يجعل للرجال إماما والنساء إماما. قال عرفجة: فأمرني عَلِي فكنت إمام النِّسَاء.

رَوَى لَهُ النَّسَائي حَدِيثًا واحِدًا".

وقال العجلي في «الثقات» (ص: 331): "عرفجة بن عبدالله الثقفي: كوفي، تابعي، ثقة".

وخرّج الحاكم حديثه في «مستدركه».

روى عبدالرزاق في «مصنفه» (3/152) (5125)، (4/258) (7722) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَةَ، عَنْ أبي أمية عمر الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَرْفَجَةَ: «أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقِيَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَيَجْعَلُ لِلرِّجَالِ إِمَامًا وَلِلنِّسَاءِ إِمَامًا. قال: فَأَمَرَنِي فَأَمَمْتُ النِّسَاءَ».

وروى أيضاً في «مصنفه» (5/135) (9171) عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: قُلْتُ لَابْنِ عُمَرَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَ الطُّورَ قَالَ: «إِنَّمَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَدَعْ عَنْكَ الطُّورَ فَلَا تَأْتِهِ».

وروى كذلك في «مصنفه» (7/138) (12543) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ مَنْصُورِ بنِ المُعْتَمِرِ، عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى لِأُمِّ ابْنِهِ أَبِي بُرْدَةَ: «إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ رَجُلٌ لَيْسَ بِذِي مَحْرَمٍ فَادعِي إِنْسَانًا مِنْ أَهْلِكِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ، فَإِنَّ الرَّجُلَ والمَرْأَةَ إِذَا خَلَوْا جَرَى الشَّيْطَانُ بَيْنَهُمَا».

وروى سعيد بن منصور في «التفسير» (5/346) (1089) عن أَبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ، عَنْ «عَبْدِاللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ {مَجْرَاهَا وَمَرْسَاهَا}».

وروى ابن الجعد في «مسنده» (2149) عن شَريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن عرفجة قال: «صليت مع ابن مسعود صلاة الفجر فلم يقنت، وصليت مع علي فقنت».

وروى ابن أبي شيبة في «مسنده» (2/413) (941) عن ابن فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ عَرْفَجَةَ، قال: كُنْتُ عِنْدَ عُتْبَةَ بنِ فَرْقَدٍ وَهُوَ يُحَدِّثُنَا عَنْ رَمَضَانَ، قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَكَتَ عَرْفَجَةُ كَأَنَّهُ هَابَهُ، فَلَمَّا جَلَسَ لَهُ قَالَ لَهُ عُيَيْنَةُ: يَا فُلَانُ، حَدِّثْنَا بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِيهِ: «تُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ، وَتُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُصَفَّدُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، وُيُنَادِي مُنَادٍ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ هَلُمَّ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ».

وروى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (1/311) (3557) عن ابن فضيل، عن عطاء بن السائب قال: «صليت خلف عرفجة، فربما قرأ بالمائدة في الفجر».

وروى أيضاً في «مصنفه» (2/101) (6966) عن وكيع، عن مسعر، عن عثمان الثقفي، عن عرفجة: «أن ابن مسعود كان لا يقنت في الفجر».

وروى كذلك في «مصنفه» (2/348) (9785)، (3/110) (12571) عن أبي معاوية، عن عمر بن يعلى الثقفي، عن عرفجة، عن علي، قال: «من أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يقضه أبدا طوال الدهر».

وروى البيهقي في «سننه الكبرى» (8/70) (15965) من طريق مُطَرِّف بن طَرِيفٍ، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ رَجُلٍ، يُقَالُ لَهُ: عَرْفَجَةُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ليْسَ عَلَى الوَالِدِ قَوَدٌ مِنْ ولَدٍ».

وروى الدارقطني في «سننه» (1/415) (867) من طريق وكِيع، عن إِسْرَائِيل، عَنْ عُمَرَ بنِ يَعْلَى الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَرْفَجَةَ السّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِلنُّفَسَاءِ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ إِلَّا أَنْ تُصَلِّيَ».

الثاني: عرفجة السّلَميّ:

ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (7/65) (298) وقال: "عرفجة السلمي عَنْ أَبِي بكر. روى عَنْهُ أَبُو عون محمد بن عُبَيْداللَّه. نسبِهِ وكيع".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (7/18) (87): "عرفجة السلمي، روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. روى عنه محمد بن عبيدالله أبو عون الثقفي. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال ابن حبان في «الثقات» (5/273) (4807): "عرْفجَة السّلمِيّ من أهل الكُوفَة، يَرْوِي عَن أَبِي بكر الصّديق - إِن كَانَ سمع مِنْهُ -. روى عَنهُ أَبُو عون الثَّقَفِيّ".

·       الترجيح بأن «عرفجة الأشجعيّ» هو «عرفجة السلميّ»، وهو تابعي! مجهول الحال، وحديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل!

روى ابن المبارك في «الزهد» (1/42) (131) عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَرْفَجَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَبْكِيَ فَلْيَبْكِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَتَبَاكَ».

ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/92) (34437) عن وكيع، عن مسعر، عن أبي عون، عرفجة السلمي، قال: قال أبو بكر: «ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا».

وروى ابن سعد في «الطبقات» (3/142) عن عَمْرو بن الهَيْثَمِ أَبي قَطَنٍ، عن شُعْبَة، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلاقَةَ، عَنْ رَجُلٍ - أَظُنُّهُ قَالَ مِنْ قَوْمِهِ -: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَضَبَ بِالحِنَّاءِ والكَتَمِ».

ورواه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1/82) (37) عن بُنْدَار، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عن شُعْبَة، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ».

قلت: فـ«عرفجة السلمي» الذي يروي عن أبي بكر هو نفسه الرجل المبهم الذي يروي عنه زياد بن علاقة وروى عن أبي بكر في الخضاب، فيكون هو نفسه «عرفجة» الذي روى عنه زياد حديث منع الخروج.

وقد تقدم ما ذكره ابن حجر في ترجمة «عرفجة بن شُريح»: "وروى عن أبي بكر الصديق، وعنه زيادة بن علاقة، وأبو حازم الأشجعي، وأبو يعقوب العبديّ، وغيرهم".

ثم قال: "عرفجة بن شريح الكندي: فرّق ابن أبي خيثمة بينه وبين الأشجعي. وقال البخاري: هما واحد.

روى أبو عون الثّقفيّ، عن عرفجة السلمي، عن أبي بكر الصديق حديثا، فما أدري أهو هذا أو غيره".

قلت: الذي روى عنه أبو عون الثقفي هو نفسه الذي روى عنه زياد بن علاقة، وهو «عرفجة السلمي»، وجاء في بعض روايات حديث عرفجة: «الْأَسْلَمِيّ»، وبنو سلمة من أشجع، ولهذا جاء في بعض الروايات: «الْأَشْجَعِيّ»، ويُحتمل أن يكون «السّلَمِيّ» محرفة من «الثَّعْلَبِيّ»؛ لأن هذا الرجل من قوم زياد وهم من بني ثَعْلَبَة بن يَرْبُوع التَّمِيمِي كما قاله ابن حبان وأَبُو نعيم، وقال أَبُو عمر: من بني ثعلبة بن سعد، ويقال: من ثعلبة بن بكر بن وائل، وقال ابن منده: الذبياني الغطفاني أحد بني ثعلبة بن بكر.

وثعلبة من بني أشجع، فلا خلاف بين هذه النسب، ولا تعارض.

ومما يؤيد أن الذي يروي عنه زياد هو «عرفجة» التابعي ما تقدم الكلام عليه من الاختلاف على زياد بن علاقة في حديث القود.

قال عبدالله بن أحمد في «العلل» (2/567): قَرَأت على أبي: ابنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ: «أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَادَ رَجُلًا مِنْ حَجَرٍ».

قال: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي وسَمِعْتُهُ مِنْهُ قَالَ: نَسَخْنَا من كتاب الْأَشْجَعِيّ - يَعْنِي مِمَّا أَعْطَاهُمُ ابنُهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ: زِيَادَ بنَ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: «أَقَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَجَرٍ».

وهذا الحديث رواه الوَلِيدُ بنُ أَبِي ثَوْرٍ، ومحمد بن جابر، وحجاج بن أرطأة وكلهم ضعفاء. ورواه سفيان ولم يُسمّه، وهو أثبت منهم جميعاً، وسماه كما في كتاب الأشجعي، فيكون الرجل هذا هو "عرفجة"! وهو الذي يروي عنه زياد حديث الجماعة، وسياقه وقوله: "حدثني رجل"، وتسميته بأنه "عرفجة" يدل على أنه ليس بصحابي! وهو رجل من قومه! والله أعلم.

فالذي يظهر أنه كان يُختلف على زياد في شيوخه، فمن ضبط أسماءهم عنه كسفيان الثوري فأحياناً كان لا يُسميهم، وأحياناً يُبهمهم! ولو كانوا من الصحابة لما فعل ذلك كما مر في حديث القود.

وكذا في فيما ذكره عبدالله بن أحمد في «العلل» (2/572) (3708) قال: قَرَأت على أبي: ابن مهْدي، عَن سُفْيَان، عَن زِيَادِ بنِ عِلاقَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ: «أنَّ عُمَرَ رَأَى رَجُلا سَمِينًا، قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: الضِّبَابُ. قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنَّ مَكَانَ كُلِّ ضَبٍّ ضَبَّيْنِ».

قال: قَرَأْتُ على أبي: أَعْطَانَا ابن الْأَشْجَعِيِّ كُتُبًا مِنْ كُتُبِ أَبِيهِ عَنْ سُفْيَانَ فَنَسَخْنَا مِنْهَا: زِيَادُ بنُ عِلاقَةَ، عَنْ سَعِيدِ بنِ مَعْبَدٍ، قَالَ: «رأَى عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَجُلا سَمِينًا، فَقَالَ: مَا أَسْمَنَكَ؟ قَالَ: مِنْ أَكْلِ الضِّبَابِ. قَالَ عُمَرُ: وَدِدْتُ أَنَّ فِي جُحْرِ كُلِّ ضَبٍّ ضَبَّيْنِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَهُمْ فِي بُطُونِ التِّلاعِ ورؤوس الآكَامِ».

·       الاختلاف على زياد في حديثه!

وقد وُجد في حديث زياد بن علاقة بعض الاختلاف عليه، ويروي عن بعض قومه!

فقد سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (7/136) (1259) عَنْ حَدِيثِ كُرْدُوسٍ، عَنِ المُغِيرَةِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ: «فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّاعُونِ، وَالطَّعْنِ»؟

فقالَ: "يَرْوِيهِ زِيَادُ بنُ عِلَاقَةَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ كُرْدُوسٍ، عَنِ المُغِيرَةِ.

ورَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مِسْعَرٍ، والثَّوْرِيِّ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ كُرْدُوسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى.

وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى.

وَرَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي مُوسَى.

ورَوَاهُ سَعَّادُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ يَزِيدَ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي مُوسَى.

وَرَوَاهُ أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنِ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى.

وَرَوَاهُ الحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ لَمْ يُسَمِّهِ، عَنْ أَبِي موسى".

وَسُئِلَ أيضاً عنه (7/255) (1335) من حَدِيثِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ مُخْتَلَفٌ فِي اسْمِهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ»؟

فقَالَ: "يَرْوِيهِ زِيَادُ بنُ علاقة واختلف عنه:

فرواه الحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى.

وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ، وَإِسْرَائِيلُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ كَقَوْلِ الْحَكَمِ، وَإِسْرَائِيلَ.

وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَمِسْعَرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي مُوسَى.

وَكَذَلِكَ قَالَ سَعَّادُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ.

وَقَالَ الحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ: عَنْ زِيَادٍ، عَنْ كُرْدُوسٍ، عَنْ أَبِي موسى.

وقال أبو مريم: عن زياد بن علاقة، عن البراء بن عازب، عن أبي موسى.

وقال أبو بكر النهشلي: عن زياد، عَنْ أُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى.

وَقَالَ أَبُو شَيْبَةَ: عَنْ زِيَادٍ، عَنِ اثْنَيْ عشر رجلا من بني ثعلبة، عن أبي مُوسَى.

وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ فَأَسْنَدَهُ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَوَهِمَ فِيهِ وَكِيعٌ

وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَفِظَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ فَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ ذَا، وَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ ذَا.

وَقِيلَ: عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي مُوسَى".

ولما ذكر أبو نُعيم الأصبهاني هذا الحديث في «مسند أبي حنيفة» (ص: 99) عن أَبي حَنِيفَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ حَارِثٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ، وَالطَّاعُونِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَالَ: «وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، وَفِي كُلٍّ شَهِيدٌ».

قال أبو نُعيم: "وهَذَا حَدِيثٌ كَثِيرُ الِاخْتِلَافِ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَافَقَهُ عَلَيْهَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ فِيمَا تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا.

والحَدِيثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: رَوَاهُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ كُرْدُوسِ بنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى غَيْرَ أَنَّ مِسْعَرًا قَالَ: عَنْ يَزِيدَ بْنِ الحَارِثِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: عَنْ زِيَادٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قَوْمِهِ، وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ يَزِيدَ بنِ الحَارِثِ، وَقَالَ زَائِدَةُ وَشَيْبَانُ: عَنْ زِيَادٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قَوْمِهِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: عَنِ النَّهْشَلِيِّ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، فِي رِوَايَتِهِ بِبَغْدَادَ، وَفِي رِوَايَتِهِ بِالْكُوفَةِ، عَنِ النَّهْشَلِيِّ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ، وَحَدَّثَ الْحِمَّانِيُّ عَنِ: النَّهْشَلِيِّ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ أُسَامَةَ وَقُطْبَةَ يَجْمَعُهُمَا، وَحَدَّثَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ عَنْ: زِيَادٍ، عَنْ كُرْدُوسٍ، وَحَدَّثَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ: زِيَادِ بنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ، وَحَدَّثَ الْحِمَّانِيُّ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ يَزِيدَ بنِ الحَارِثِ".

قلت: هؤلاء الذين يروون عنه هذا الحديث أكثرهم من الثقات الحفاظ، والاختلاف منه، ويبعد أن يكون سمعه من جماعة من الصحابة!! فالظاهر أنه كان يضطرب فيه، والأقرب أنه "عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى"! والله أعلم.

وجاء في رواية العَوَّامِ بنِ حَوْشَبٍ، ومُجَالِدٍ لحديث الخروج عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ - رَجُلٍ مِن قَوْمِهِ -.

وعليه فإن «عرفجة» هذا ليس بصحابي! وهو تابعي، وحديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.

·       مذهب زياد بن علاقة في النصب وعدم الخروج على الولاة!! والدلائل على ذلك!

والحديث تفرد به زياد بن علاقة، وقد رُمي بالنَّصب - كما تقدم بيانه -، وكان منحرفاً عن آل البيت، وكان يرى عدم الخروج الذي فعله بعض السلف وخاصة بعض آل البيت رضي الله عنهم.

فحديثه هذا يُعدّ مؤيداً لرأيه، والقاعدة عند أهل الحديث أن الراوي إذا كان الحديث يدعم بدعته فلا يقبل منه، وهذا الحديث يدعم رأي زياد بن علاقة في عدم الخروج!!

وقد تقدّم أنّ ابن حجر لما ذكر الحديث في «إتحاف المهرة» (1/327) (206) وعزاه لأبي عوانة، قال إنه في هذه الرواية زيادة، وليست في المطبوع!

قال: "زَادَ: «فَلَمَّا خَرَجَ حُسَيْنٌ، قَالَ ابنُ زِيَادٍ لأُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ: قُمْ، فَحَدِّثِ النَّاسَ بِالَّذِي سَمِعْتَ». قُلْتُ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لا تَثْبُتُ؛ لأَنَّ إِسْنَادَهَا ضَعِيفٌ، والمَحْفُوظُ فِي هَذَا المَتْنِ أَنَّهُ قَالَ: عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ".

وقد حققت فيما مضى عدم صحة "أسامة بن شريك" في إسناده، لكن هذه الزيادة: "فلما خرج حسين، قال زياد...: قم فحدث الناس بالذي سمعت" قد تكون صحيحة، أخطأ فيها الرواي فذكر أسامة والصواب: عرفجة، أي: "فلما خرج حسين، قال ابن زياد لعرفجة: قم، فحدّث الناس بالذي سمعت"، والله أعلم.

ويؤيد ذلك ما ذكره الدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (3/1271): قال عباد بن عباد المهلبي، عن شُعْبة، عن زياد بن علاقة، عن عرفجة: «أنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: من خرج على أمتي وهم جميع يريد أن يفرق بينهم فاقتلوه، كائنا من كان».

قال شُعْبة: "كنت سمعت خَالِد بن سلمة المخزومي يُحدّث بذلك عن زياد بن علاقة حين خرج ابن سُرَيْح بخراسان، ويلعن ابن سريج، فلقيت زيادا فحدّثنيه".

قال الدارقطني: "الحارث بن سُرَيْح بن يزيد بن سواء بن ورد بن مرة بن سُفْيان بن مُجَاشِع، كان أميرا، وهو صاحب الفتن والحروب بخراسان".

وكذلك ما مر في بعض الروايات عن زياد بن علاقة عن عرفجة في هذا الحديث: «فَإِنَّ يَدَ اللهِ عَلَى الجَمَاعَةِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ يَرْكُضُ»!!

ورُوي عنه من طريق آخر!

رواه اللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (1/110) (144) من طريق سليمان بن أبي سليمان أبي إسحاق الشَّيْبَانِيِّ.

والطبراني في «المعجم الكبير» (1/186) (489) من طريق عَبْدالْأَعْلَى بن أَبِي المُسَاوِرِ.

كلاهما عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ شَرِيكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَدُ اللَّهِ عَلَى الجَمَاعَةِ، فَإِذَا شَذَّ الشَّاذُّ مِنْهُمُ اخْتَطَفَتْهُ الشَّيَاطِينُ، كَمَا يَخْتَطِفُ الشَّاةَ ذِئْبُ الغَنَمِ».

وعبدالأعلى منكر الحديث كما بيّنت سابقاً، لكن هذا المتن محفوظ عن زياد بن علاقة!

وكأنه كان يُدخل متن هذا الذي رواه عن أسامة بن شريك في حديث عرفجة، أو يكون ما في حديث عرفجة هو الأصل ورواه من حديث أسامة بن شريك!! وهذا يدلّ على اضطرابه في حديثه!!

ومما يدل على مذهب زياد في هذه المسألة ما رواه ابن شبّة «تاريخ المدينة» (3/1144) عن حَيَّان بن بِشْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ آدَمَ الكوفي، عن حَفْص بن غياث، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ قَالَ: أَرَادَ النَّاسُ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ أَنْكَرُوهُ، فَجَاءَتْ بَنُو عَبْسٍ إِلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ عِصَابَةٍ تَسِيرُ إِلَى سُلْطَانٍ لِتُذِلَّهُ لَا يَكُونُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنٌ».

وهذا إسناد صحيح إلى زياد بن علاقة، وهو حديث منكر!!!

فزياد يروي هذا الحديث المنكر لتأييد مذهبه في مسألة الخروج!!!

وزياد بن علاقة يروي عن عُبَيْدِاللَّهِ بنِ زِيَاد بن أبيه في بعض مسائل الإيمان! وهو الذي قتل الحسين بن علي لما خرج على أسياد عبيدالله!

وهذا يؤكد انحراف زياد عن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستغلاله لمثل هذه الأحاديث في منع الخروج!!

روى ابن أبي شيبة في كتاب «الإيمان» (27) عن وَكِيعٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ زِيَادِ بنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بنِ زِيَادٍ، قالَ: «إِذَا سُئِلَ أَحَدُكُمْ أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ فَلَا يَشُكُّ فِي إِيمَانِهِ».

وبعد، فأخشى أن يكون حديث عرفجة محرّفاً عما رُوي عن ابن مسعود «إنها ستكون هنات وهنات، فبحسب امرئ إذا رأى منكرا لا يستطيع له تغييرا يعلم الله من قلبه أنه له كاره».

رواه عَبْدالمَلِكِ بن عُمَيْرِ، عن الرَّبِيع بن عَمِيلَةَ صِهْر عَبْدِاللَّهِ، عن عَبْدِاللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ.

·       تنبيه حول أصل السمع والطاعة للحاكم في الشريعة!

وفي نهاية المطاف أُنبّه إلى مسألة مهمة، وهي: أن أصل السمع والطاعة للحاكم المسلم صحيح، ولا نُنكره، وفيه أحاديث صحيحة، لكن هذه الطاعة منوطة بحكم الحاكم بشرع الله سبحانه وتعالى، والله تعالى لا يرضى الظلم، ولا أكل أموال الناس وظلمهم، وغير ذلك، ولهذا خرج السلف على الولاة الظلمة، ولم يناقضوا هذا الأصل العظيم، فكيف إذا كان الحاكم قد نحّى شرع الله، واستورد القوانين الوضعية من الكفار، واستبدل بها أحكام الله!!!

وأحاديث السمع والطاعة والصبر على الولاة لحيفهم واستئثارهم ببعض الأشياء دون الرعية فيها ما يصح، وفيها ما لا يصح! وأحاديث منع الخروج لا تصح! ولو صحت لما خالفها السلف - رحمهم الله -.

·       الخلاصة والفوائد:

لقد خلصت من خلال هذا البحث إلى جملة من الفوائد، منها:

1- حديث عَرْفَجَةَ، عن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ»، حديث مشهور، رواه عنه الكثير من الرواة، منهم: مَعمر بن راشد، وأَبو عَوَانَةَ، وشُعبة، وشَيْبَان، وإِسْرَائِيل، وعَبْداللهِ بن المُخْتَارِ، ويَزِيد بن مَرْدَانِبَةَ، وأَبو حَمْزَةَ مُحَمَّد بن مَيْمُونٍ، وزَكَرِيَّا بن سِيَاه أَبو يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وأَبو خَالِدٍ الدَّالَانِيّ، ولَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ، والمُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ، وزَيْد بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، ويَحْيَى بنُ أَيُّوبَ البَجَلِيّ، وسُفْيَان الثوري، والعَوَّام بنُ حَوْشَبٍ، ومُجَالِدٌ، ومُحَمَّد بن بِشْر بن بَشِيرٍ الْأَسْلَمِيّ، والوَلِيد بن أَبَي ثَوْرٍ، وعَوْن بن مُوسَى.

2- الحديث تفرد بروايته عن عرفجة: زياد بن علاقة الكوفي.

3- اختلف الرواة في اسم أبيه اختلافاً كبيراً، فقيل: «عَرْفَجَة بن ضُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيّ»، وقيل: «عَرْفَجَة بْنِ شُرَيْح»، وقيل: «عَرْفَجَة بن شُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيّ»، وقيل: «عَرْفَجَة بن شُرَيْحٍ الأَسْلَمِيّ»، وقيل: «عَرْفَجَة بن شَرَاحِيلَ»، وقيل: «عَرْفَجَة، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ»، وقيل: «عَرْفَجَة بن شَرِيكٍ»!

وبعض الثقات عن زياد لم ينسبوه كشعبة وغيره.

وهذا الاختلاف في اسم أبيه إن كان من زياد فهو لم يضبطه لعدم شهرته! ولا أظنه منه! والظاهر أن زياداً لم يكن يسميه فيطلق اسمه: "عرفجة"! والرواة عن زياد نسبوه، وعليه فيكون مجهولاً لا يُعرف! والذي جعل أهل العلم يثبتون صحبته ما جاء في بعض الروايات أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا!

وفي بعضها: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ".

وفي رواية عن ليث بن أبي سُليم: "عن عَرْفَجَةُ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ".

وهذه كلها من الأوهام! أو من الخلط في صيغ التحمل عند الرواة!! فبعض الثقات ممن روى هذا الحديث لم يذكروا فيه هذه الألفاظ ولا صيغ التحديث والسماع بين عرفجة والنبي صلى الله عليه وسلم!!! وهذا يدخل في باب السماع الذي لا يصح عند الأئمة النقاد، وهو باب مشهور عندهم.

4- هناك اختلاف في بعض ألفاظ الحديث، وفي بعضها بعض الزيادات.

5- الحديث صححه الإمام مسلم بتخريجه له في «صحيحه»، وكذا ابن حبان، والحاكم، وصححه أيضاً أبو نُعيم الأصبهاني، وابن عبدالبر، وغيرهم، ولا أعرف أحداً ضعفه أو أشار إلى وجود علّة فيه!

6- ورد في بعض الروايات أن الحديث مروي عن أسامة بن شريك بدل عرفجة، وهي روايات معلولة لا تصح!

7- ذكر أهل العلم متابعات لزياد بن علاقة عن عرفجة، منها: رواية أَبي يَعْفُورَ، وأَبي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيُّ، ويَزِيد بن أَبِي مَالِكٍ اللَّخْمِيُّ، كلهم عَنْ عَرْفَجَةَ!!

وهذه المتابعات معلولة لا تصح!! ومن جزم بها كالحاكم وأبي نعيم فقد وهم!

8- لم يدرك زياد بن علاقة ابن مسعود، والإسناد الذي جاء فيه أنه أدركه وقع فيه سقط!

9- اتفق الأئمة على توثيق زياد بن علاقة! إلا ما كان من الحافظ أبي الفتح الأزدي فضعفه لانحرافه عن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

10- بعد سبر ودراسة حديث زياد بن علاقة وجدت أنه الثقات يختلفون عليه في بعض حديثه، والاختلاف منه، ويروي عن مُبهمين ومجاهيل من قومه!!

11- سمع سفيان ابن عُيينة من زياد بن علاقة أربعة أحاديث فقط، عنه عن جرير بن عبدالله، والمغيرة بن شعبة، وعمه قطبة بن مالك، وأسامة بن شريك. وكان ترك سفيان السماع منه؛ لأنه لما وصله صلب زَيْد بن عَلِيٍّ، قالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ، هُوَ وأَبُوهُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}، وندم سفيان على السماع منه! وهذه القصة تدل على انحرافه وميله عن آل بيت النبوة!

12- ذكر عليّ بن المديني فيمن لقي زياد بن علاقة من الصحابة: سعد بن أبي وقاص، وعمَارَة بن أَوْسٍ، ومِرْدَاس بن عُرْوَة! ولا يصح ذلك! ولم تثبت صحبة مِرداس بن أوس!!

13- خرّج البخاري لزياد حديثا عن جرير بن عبدالله، وحديثين عن المغيرة بن شعبة. وكذا مسلم خرّج له الحديث نفسه عن جرير في المبايعة، والحديثين عن المغيرة في كسوف الشمس يوم موت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قيامه صلى الله عليه وسلم حتى تتورم قدماه. وزاد مسلم حديث عرفجة هذا، وحديثا آخر عن عمّه قُطبة بن مالك، وحديثاً آخر عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَائِشَةَ.

14- فرق ابن أبي خيثمة بين «عرفجة بن شُريح الأشجعي» وبين «عرفجة بن شريح الكندي»! وهما واحد.

15- استدرك مغلطاي على ابن عبدالبر في قوله إن عرفجة ليس له إلا هذا الحديث الواحد، وذكر له أربعة أحاديث أخرى!! وهذا الاستدراك مردود؛ لأن الأحاديث التي ذكرها بعضها لم يصح، وبعضها في إسنادها اختلاف!! وبعضها هي جزء من حديثه المعروف عنه.

16- الحديث الذي رُوي عن عرفجة عن عمه قطبة بن مالك عن عرفجة منكر لا يصح!

17- هناك في الكوفة من التابعين ممن عُرف باسم «عرفجة» اثنان:

«عَرْفَجَة بن عَبْدِاللَّهِ الثَّقَفِيّ» صاحب عَليّ بن أَبِي طَالب، وعَبْدِاللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ.

و«عرفجة السلميّ» الذي يروي عن أبي بكر الصديق، ويروي عنه أبو عون الثقفي.

18- الراجح أن «عرفجة بن شُريح الأشجعي» هو «عرفجة السلمي» الذي يروي عن أبي بكر الصديق كما جاء في أسانيد حديثه، وهو تابعي من قوم زياد بن علاقة، ولا يُعرف إلا بروايته!! وهو مجهول الحال، وكان بعض الرواة عن زياد يروون عنه عن "رجل من قومه" دون تسميته!

وعليه فعلّة الحديث الإرسال، وجهالة حال عرفجة، ولم تثبت صحبته!

19- جاء في بعض روايات حديث عرفجة: «الْأَسْلَمِيّ»، وبنو سلمة من أشجع، ولهذا جاء في بعض الروايات: «الْأَشْجَعِيّ»، ويُحتمل أن يكون «السّلَمِيّ» محرفة من «الثَّعْلَبِيّ»؛ لأن هذا الرجل من قوم زياد وهم من بني ثَعْلَبَة بن يَرْبُوع التَّمِيمِي كما قاله ابن حبان وأَبُو نعيم، وقال أَبُو عمر: من بني ثعلبة بن سعد، ويقال: من ثعلبة بن بكر بن وائل، وقال ابن منده: الذبياني الغطفاني أحد بني ثعلبة بن بكر. وثعلبة من بني أشجع، فلا خلاف بين هذه النسب، ولا تعارض.

20- الحديث تفرد به زياد بن علاقة، وقد رُمي بالنَّصب، وكان منحرفاً عن آل البيت، وكان يرى عدم الخروج الذي فعله بعض السلف وخاصة بعض آل البيت رضي الله عنهم. فحديثه هذا يُعدّ مؤيداً لرأيه، فإذا كانت القاعدة عند أهل الحديث: "أن الراوي إذا كان الحديث يدعم بدعته فلا يقبل منه"، فكيف يُقبل حديثه الذي يرويه في دعم رأيه ومذهبه؟!! ومذهب زياد بن علاقة في هذه المسألة عدم الخروج! وهناك دلائل تدلّ على مذهبه هذا بينتها بجلاء، واستشهاده بمثل هذه الأحاديث في وقائع خروج بعض أئمة آل البيت وطلبه ممن عنده هذه الأحاديث أن يرويها، وروايته عن عُبيدالله بن زياد بن أبيه قاتل الحسين رضي الله عنه في مسألة من مسائل الإيمان.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

وكتب: خالد الحايك - عفا الله عنه -.

20 جمادى الأولى 1440هـ.

 

شاركنا تعليقك