وهم للمزي
ومتابعة الذهبي وابن حجر له!
بقلم: خالد الحايك.
قال المزي في ((تهذيب الكمال)) (18/363):
"عبدالملك بن عبيد، ويقال: ابن عبيدة: روى عن أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود(
س)، وخرينق بنت حصين أخت عمران بن حصين. روى عنه إسماعيل بن أمية (س)، ويزيد بن
عياض بن جعدبة. روى له النسائي حديثاً واحداً حضرت أبا عبيدة بن عبدالله بن مسعود
أتاه رجلان تبايعا سلعة فقال: هذا أخذتها بكذا وكذا الحديث".
وتبعه على هذا ابن حجر في ((تهذيب
التهذيب)) (6/362). وقال الذهبي في الكاشف)) (1/667): "عبدالملك بن عبيد عن
أبي عبيدة بن عبدالله. عنه إسماعيل بن أمية ويزيد بن عياض بن جعدبة".
قلت: عبدالملك بن عبيد الذي روى
عن خرينق بنت حصين، وروى عنه يزيد بن عياض غير عبدالملك الذي روى عن أبي عبيدة بن
عبدالله بن مسعود.
وهو: عبدالملك بن عبيد بن سعيد بن
يربوع بن عنكثة بن عامر المخزومي. ذكره ابن حبان في ((الثقات)) (7/105)، وقال:
"يروي عن جماعة من التابعين. روى عنه أهل المدينة. كنيته أبو المسور. أمه أم
السفاح بنت سمرة بن خالد بن عبيد من خزاعة".
وحديثه أخرجه البيهقي في ((السنن
الكبرى)) (8/29) قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد
بن أبي عمرو، قالوا: حدثنا أبو العباس محمد ابن يعقوب، قال: حدثنا بحر بن نصر، قال:
حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يزيد بن عياض، عن عبدالملك بن عبيد، عن خرينق بنت
الحصين، عن أخيها عمران بن الحصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
الفتح: ((ألم تر إلى ما صنع صاحبكم هلال ابن أمية. لو قتلت مؤمناً بكافر لقتلته.
فدوه. فوديناه، وبنو مدلج معنا، فجاؤوا بغنم عفر لم أر أحسن منها ألواناً، وكانت
بنو مدلج حلفاء بني كعب في الجاهلية)).
قال البيهقي: "ورواه أيضاً
الواقدي عن عمر بن عثمان عن عبدالملك بن عبيد، إلا أنه قال: خراش بن أمية بدل هلال
بن أمية، ولم يذكر الدية وما بعدها".
قلت: يزيد بن عياض منكر الحديث
ليس بشيء، وكان يكذب، وكأنه سرق هذا الحديث.
قال الأزرقي في ((أخبار مكة)) (1/123):
"قال الواقدي: حدثني عمر بن عثمان، عن عبدالملك بن عبيد بن سعيد بن يربوع، عن
خرينق ابنة الحصين، عن عمران بن الحصين، قال: قتل خراش بعد ما نهى رسول الله عن
القتل، فقال: ((لو كنت قاتلاً مؤمناً بكافر لقتلت خراشاً بالهذلي))، ثم أمر رسول
الله خزاعة يخرجون ديته فكانت خزاعة أخرجت ديته. فقال عمران بن الحصين: فكأني أنظر
إلى غنم عفر جاءت بها بنو مدلج في العقل، وكانوا يتعاقلون في الجاهلية، ثم شده
الإسلام، وكان أول قتيل وداه رسول الله في الإسلام.
وجاء في المطبوع من ((أخبار
مكة)): الواقدي عن عمر بن عبدالرحمن بن سعيد بن يربوع، عن عبدالملك بن عبيد بن
سعيد بن يربوع، وهذا خطأ؛ لأن الواقدي روى هذا عن عمر بن عثمان المخزومي عن
عبدالملك، ولا دخل هنا لعمر بن عبدالرحمن، والذي حصل أنه سبق قلم من الناسخ: كتب
عمر ثم انتقل بصره إلى عبدالرحمن بن سعيد بن يربوع فصار الاسم مركباً من هذين
الاسمين! وعبدالرحمن بن سعيد بن يربوع هو شيخ عبدالملك بن عبيد (انظر: طبقات ابن
سعد: 3/240).
وأشار إلى رواية الواقدي الزيلعي
في ((نصب الراية)) (4/336) قال الواقدي: حدثني عمر بن عثمان، عن خرينق بنت الحصين،
مثله.
قال الزيلعي: "وهذا الإسناد واهي".
قلت: يعني بسبب الواقدي؛ لأنه
متهم! واختصر الإسناد لأنه عن عمر عن عبدالملك عن خرينق.
قال ابن حجر في ((الإصابة في
تمييز الصحابة)) (6/547): "هلال بن أمية الخزاعي الكعبي: له ذكرٌ في حديث
عمران بن حصين. أخرجه البيهقي في الخلافيات من طريق ابن وهب، عن يزيد بن عياض، عن
عبدالملك بن عبيد، عن خرينق بنت حصين، عن أخيها عمران أنّ النبي صلى الله عليه
وسلم، قال: ألم تر إلى ما صنع صاحبكم، هلال بن أمية؟ لو قتلت مؤمناً بكافر لقتلته
فدوه، قال: فوديناه وبنو مدلج، وكانوا حلفاء بني كعب في الجاهلية. ورويناه بعلو في
الجزء الثالث من عوالي أبي علي ابن خزيمة، وفيه: لما كان يوم الفتح قتل هلال بن
أمية رجلاً من هذيل، الحديث. قال البيهقي: ورواه الواقدي من وجه آخر عن عبدالملك،
لكن قال: خراش بن أمية. قلت: وهو الذي ذكره ابن إسحاق، والله أعلم".
·
تعقّب:
قال ابن حجر في ((التقريب))
(ص364): "عبدالملك بن عبيد أو ابن عبيدة: مجهول الحال. من الخامسة. س".
قلت: لم يتعقّب الشيخ شعيب
الأرنؤوط والدكتور بشار معروف ابن حجر في هذه الترجمة؛ لأنهما نظرا إلى أن الرواة
عن عبدالملك اثنين، وهذا ينطبق مع تعريف ابن حجر لمجهول الحال في مقدمته، ولهذا لم
يتعقباه!!
ولكن ذكر يزيد بن عياض في الرواة
عنه غلط، فيكون هذا على شرطهما في التعقب على ابن حجر؛ لأنه لم يرو عن عبدالملك بن
عبيد إلا إسماعيل بن أمية.
وأنا أرى أن تحريرهما بحاجة إلى
تحرير؛ لأنهما اعتمدا قواعد جامدة في التعامل مع الرواة! فالراوي وإن تفرد
بالرواية عنه واحد فقد لا يكون مجهولاً أو مجهول الحال، وهذا يحتاج إلى تحرير،
والله المستعان.
12
محرم 1429هـ.
شاركنا تعليقك