وهم للإمام مسلم رحمه الله.
بقلم: خالد الحايك.
قال مسلم في ((المنفردات والوحدان))
(ص94): "قُفَيرة ويقال: مُليكة الهلالية. امرأة عبدالله بن أبي حدرد. لم يرو
عنها إلا عبدالرحمن بن هرمز الأعرج".
وترجمها ابن حجر في ((الإصابة)) (8/83)
فقال: "قفيرة -بقاف ثم فاء مصغرة- الهلالية، ويقال لها: مليكة. قال أبو علي
الغساني في ((ذيله على الإستيعاب)): ذكرها مسلم في ((الوحدان))، وقال: زوج عبدالله
بن أبي حدرد، ولم يرو عنها إلا الأعرج". ثُمّ ترجمها في ((باب مليكة)) (8/124)
فقال: "مُليكة الهلالية امرأة عبدالله بن أبي حدرد. ذكرها مسلم في الأفراد.
وكذا في التجريد".
قلت: وهم مسلم ومن تبعه في هذه
الترجمة.
1- الصواب هو: بَقيرة امرأة
القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي. قال ابن أبي حيثمة: "لا أدري أسلمية هي أم لا؟"
وقال غيره: هي هلالية. لها صحبة ورواية. عدادها في أهل المدينة. ذكرها ابن حبان في
الصحابة من كتاب ((الثقات)) فأوردها في باب الباء (3/38)، ثم أوردها في النون
(3/424).
وبقيرة لها حديثٌ واحد في
المسانيد: أخرجه الحميدي في ((المسند)) (1/170)، وأحمد في ((المسند)) (6/378)،
والطبراني في ((المعجم الكبير)) (24/203) من طريق إبراهيم بن بشار الرمادي، كلّهم
عن سفيان بن عُيينة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق: أنه سمع محمد بن إبراهيم التيمي،
يحدِّث عن بقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي، قالت: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم على المنبر يقول: ((يا هؤلاء، إذا سمعتم بجيش قد خسف به قريباً،
فقد أظلت الساعة)).
فوهم مسلم في اسمها وفي اسم
زوجها.
2- قول الإمام مسلم بأنه يقال
لها: مليكة الهلالية، وهم أيضاً! وكأن الذي حصل لمسلم أنه دخل له حديث بقيرة في
حديث مليكة! فعدهما واحداً. والحديث رواه حمزة بن عبدالواحد، عن محمد بن عمرو بن حَلْحَلة،
عن محمد بن عمرو، عن مليكة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
فتكون مليكة وبقيرة سمعتا الحديث
من النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكانتا في صفة النساء كما جاء في بعض الطرق.
فبقيرة الأسلمية زوج القعقاع بن
أبي حدرد، ومليكة هلالية أخرى، والله أعلم وأحكم.
وقد أرسل إليّ الأخ الدكتور أبو
بكر خليل هذه الرسالة - سدده الله -:
"الأخ د. خالد الحايك سلام
الله عليكم ورحمته وبركاته قرأتُ لكم في موقعكم هذا كلمةً، عنواها: (وهم للإمام
مسلم رحمه الله) وذكرتم فيها: أن الإمام مسلم وهم في ترجمته لـ " قفيرة
"، وأنها امرأة عبد الله بن أبي حدرد. قلتم: (وهم مسلم ومن تبعه في هذه
الترجمة. 1- الصواب هو: بَقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي). اهـ. وما ذكره
الإمام مسلم غير متعقبٍ بما ذكرتموه آنفا؛ لأن " قفيرة "هي امرأة
عبدالله بن أبي حدرد - بينما "بقيرة" هي امرأة ابنه القعقاع، وهو:
القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد؛ كما في مسند أحمد: 22756 - حدثنا يعقوب حدثنا أبي
عن ابن إسحاق حدثني يزيد بن عبدالله بن قسيط عن القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد عن
أبيه عبدالله بن أبي حدرد قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم فخرجت
في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي ومحلم بن جثامة بن قيس فخرجنا
حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر الأشجعي على قعود له متيع ووطب من لبن فلما مر
بنا سلم علينا فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله بشيء كان بينه وبينه
وأخذ بعيره ... –. أرجو المراجعة والتصحيح أكرمكم الله وتقبلوا تقديري ومودتي
وسلام الله عليكم. أخوكم د. أبو بكر خليل".
فأرسلت له هذه الرسالة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الأخ الكريم د. أبو بكر خليل رفع
الله قدرك وسددك:
أشكر لك هذه الملاحظة الطيبة الكريمة،
وقد راجعت ذلك كما طلبت - بارك الله فيك - ولم أجد أي دليل على أن قفيرة هي زوج
عبدالله، وهناك بقيرة أخرى هي زوج القعقاع، ومما حملني على توهيم الإمام مسلم:
أولاً: مظنة التصحيف: بقيرة وقفيرة!
وهذا كثير عند المتقدمين كما تعلم.
ثانياً: أن مسلماً ذكر أن الأعرج
تفرد بالرواية
عن قفيرة والأعرج (ت117هـ)، ومحمد بن إبراهيم التيمي تفرد عن بقيرة وتوفي (120هـ)،
فالطبقة واحدة، فيستبعد أن يتفرد الأعرج عن زوج عبدالله بن أبي حدرد فيما يتفرد التيمي عن زوج ابنه وهما
في نفس الطبقة.
ثالثاً: أن قفيرة هذه قال عنها
الإمام مسلم ربما هي مليكة، ومليكة
روت الحديث نفسه التي روته بقيرة لا قفيرة.
فهذا ما ظهر لي فإن اطلعت على أي دليل يمكن أن يبعد الوهم عن
الإمام مسلم فزودني به وسأغير ذلك وأشير إلى أنك بعثت لي بالصواب من أجل إبعاد الوهم عن الإمام مسلم.
فإن اقتنعت بما قلته - وهذا ليس ملزماً لك - فيمكنني أن أشير
في الموضع نفسه إلى ملاحظتك وكلامي في هذه الملاحظة، ونبقيها كذلك فلعل أحد الإخوة
يزودنا بشيء قد غاب عني.
هذا والله أعلم وبارك الله فيك.
أخوكم المحب: د. خالد الحايك.
15/7/2010م.
شاركنا تعليقك