نموذج من
تحقيقات المعاصرين السيئة!
بقلم: خالد الحايك.
جاء في كتاب ((معرفة الصحابة)) لأبي نُعيم الأصبهاني
(4/2364) [تحقيق: عادل ابن يوسف العزازي. طبعة دار الوطن/الرياض]:
[2496] قفيز غلام النبيّ صلى الله عليه وسلم.
5804- حدثنا [....] قال: حدثنا محمد بن سليمان الحراني، عن
زهير بن محمد، عن أبي بكر بن عبيدالله بن أنس، عن أنس، قال: كان للنبيّ صلى الله
عليه وسلم غلام يقال له: قفيز.
[ورواه سلمة بن شبيب، عن محمد مثله] انتهى.
قلت: هكذا فعل المحقق، وأشار في
الهامش إلى أن ما بين المعقوفتين الأولى بياض في الأصل، وما بين الثانية ساقط من
النسخة (ب)!!
وهذا كلّ ما فعله المحقق!! فهل
يستفيد طالب العلم شيئاً من هذا؟! لم يبيّن المحقق هل تثبت صحبة قفيز بهذا الحديث؟
وما كلام أهل العلم فيه؟
فلو كان هذا النص أمامي، لقلت:
روى ابن عساكر في ((تاريخ دمشق))
(4/277) بإسناده إلى أبي عبدالله بن مندة، قال: أنبأنا سهل بن السري، قال: حدثنا
أحمد بن محمد بن المنكدر، قال: حدثنا محمد بن يحيى –هو ابن كثير الحرّاني-، عن
محمد بن سليمان الحرّاني، عن زهير بن محمد، عن أبي بكر بن عبيدالله ابن أنس، عن
أنس: ((كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم غلامٌ يقال له: قَفيز)).
قال ابن مندة: "تفرد به محمد
بن سليمان".
وروى أيضاً (4/278) بإسناده إلى أبي
نصر علي بن هبةالله بن علي بن جعفر الحافظ قال: "وأما قفيز، أوله قاف وآخره
زاي، فهو غلام النبيّ صلى الله عليه وسلم. أرى اسمه قفيزاً. روى ذلك أنس بن مالك".
وقال ابن حجر في ((الإصابة)) (5/453):
"قفير: غلام النبيّ صلى الله عليه وسلم. ذكره ابن شاهين في ((الصحابة))، وأخرج
هو وأبو عوانة من طريق زهير بن محمد عن أبي بكر بن عبيدالله بن أنس قال: كان للنبي
صلى الله عليه وسلم غلام اسمه قفيز. وأخرجه ابن منده، وقال: تفرد به محمد بن
سليمان الحراني عن زهير. قلت: وهو ضعيف، وفي شيخه مقال! وهو من زيادات أبي عوانة
عن مسلم. وقد ضبطه عبدالغني بن سعيد بقاف وفاء آخره زاي بوزن عَظيم".
قلت: هذا إسناد لا يصح من وجوه:
الأول: تفرد محمد بن سليمان بن
أبي داود الحرّاني المعروف ببُومة! وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في ((الثقات))
(9/69)، وقال أبو حاتم الرازي: "منكر الحديث" (الجرح والتعديل: 7/267).
الثاني: أنه لا يُعرف لزهير بن
محمد الخراساني رواية عن أحد من أحفاد أنس بن مالك!
الثالث: أنه لا وجود لشخص اسمه:
((أبو بكر بن عبيدالله بن أنس))!! كما حققته في غير هذا المكان.
وعليه فلا تثبت صحبة هذا الغلام،
والحديث لا يصحّ.
ويبقى أمر خطير جداً، وهو أن
المحقق أشار إلى أن هناك زيادة في نسخة من النسخ [ورواه سلمة بن شبيب، عن محمد
مثله]!
وهذا يعني أن سلمة بن شبيب قد
تابع محمد بن سليمان عليه عن زهير!! وهذا مستحيل؛ فإن طبقتهما مختلفة، فمحمد بن
سليمان توفي سنة (213هـ)، وسلمة توفي سنة (247هـ)، ثم إن زهيراً توفي سنة (162هـ)،
فكيف يروي عنه سلمة المتوفى سنة (247هـ)؟!
وما حصل أنه وقع سقطٌ في العبارة،
والصواب: "ورواه سلمة بن شبيب [عن محمد بن سليمان] عن محمد مثله".
ومن المعروف أن سلمة بن شبيب يروي
عن محمد بن سليمان لمن تأمل ترجمته في كتب أهل العلم.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
16 محرّم 1429هـ.
شاركنا تعليقك