السيوفُ الـبـاترة
في رد عادية
«الأربعون المتواترة في فضائل اسطنبول الفاخرة»
وجنايتها على السنة الطاهرة!
تصنيف:
الدكتور أبي صهيب خالد بن محمود الحايك
ردا على حاكم بن عبيسان
المطيري
في تصنيفه كتابا في فضائل إسطنبول!
ومضة:
قال الإمام المقرئ خلف بن هشام البزار:
«المدلس مُتشبع بما لم يُعط».
وقال الحافظ الذهبي - معلقا-: «والمدلس
فيه شيء من الغش، وفيه عدم نصح للأمة، لا سيما إذا دلس الخبر الواهي، يوهم أنه صحيح،
فهذا لا يحل بوجه، بخلاف باقي أقسام التدليس، وما أحسن قول عبدالوارث بن سعيد: التدليس
ذل».
[السِّير (7/460)]
·
مقدمة:
الحمد لله كاشفِ عَوار المفسدين، وفاضحِ
إخوان الشياطين المتلاعبين بالدّين، الملبسين على الناس لإبعادهم عن المنهاج المبين،
والصلاة والسلام على حبيبه الأمين، قائد الغر المحجلين، وعلى آل بيته الطاهرين وصحابته
المكرمين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد ابتلينا في الزمان الحديث بكثير
ممن ينتسبون للسنة والحديث، يدلسون ويلبسون ويدجّلون على الناس ويحرّفون من أجل مصالح
دنيوية أو ترقيع المصائب الدينية، لرفع شأن بعض المجرمين من الطواغيت المحاربين لله
ورسوله صلى الله عليه وسلم..!
وأشد من تراهم يفعل هذا هم المتشرعون
من المنتسبين للطوائف المنحرفة المعاصرة كالإخوان المسلمين وأضرابهم من السـرورية والجامية
والصوفية وأشباههم من عبيد الطواغيت!
وقد ولع كثير من هؤلاء بأردوغان ورفعوه
منزلة كبيرة! ولربما يخرج علينا بعضهم بتصنيف كتاب عن فضائله!
فيسميه: «اللؤلؤ والمرجان في فضائل السلطان
أردوغان»!!
وليس هدفنا هو بيان خبث أردوغان وموالاته
الصـريحة للكفار والمشـركين! وحبهم ومساندتهم، وقتله لأولياء الله وأنصار دينه
وحربه عليه وسجنهم وتسليمهم للكفرة ليفتونهم عن دينهم!
وإنما هدفنا بيان كذب وتدليس وتلبيس
دكتور الحديث "حاكم بن عبيسان المطيري الكويتي" صاحب ما يسمى بحزب
الأمة!! فيما كتبه حول كذبة جديدة سماها:
«الأربعون المتواترة في فضائل أسطنبول
الفاخرة»!!
فأي فضائل لأسطنبول..؟!! وأي تواتر
هذا الذي يدّعيه حاكم بن عبيسان..؟!!
وقد سبق - بحمد الله- أن رددت عليه
في بعض التغريدات القديمة ونصحته أن لا يستغل ما تعلمه مِن علم الحديث في التلبيس والتدليس
من أجل تركيا وأردوغان، لكن:
لقد
أسمعت لو ناديت حيا // ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو
نارا نفخت بها أضاءت // ولكن أنت تنفخ في رماد
فأي عمى بعد هذا العمى؟! {فَإِنَّهَا
لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:
46].
وأساس محور ردنا هذا كشف كذبه وتدليسه
فيما يتعلق بالأمور العلمية عامة والحديثية خاصة؛ لأنه افترى على الحديث بجعله هذا
جزءًا حديثيًا في فضائل مدينة كان يتولاها أهل الشرك ويحمون كنائسها إبّان حياة
النبيّ صلة الله عليه وسلم!!!
وسيكون لنا - بعون الله - مع هذا الهراء
والافتراء وقفات حاسمة ومواقف صارمة، تكشف الزيف وتظهر الحيف.. والله المستعان وهو
حسبنا ونعم الوكيل.
·
تزكية حاكم لنفسه!
والعجب أنه لما نعت المرجئُ الخبيث
"حمدُ عثمان" حاكم بن عبيسان بجهله في علم الحديث رد عليه حاكم بقوله:
"وأقول تحدثا بنعمة الله عليّ
لقد تخرجت بحمد الله من كلية الشـريعة بجامعة الكويت سنة 1989م بدرجة ممتاز مع مرتبة
الشـرف وكنت الأول على خريجي كلية الشـريعة منذ تأسيسها إلى سنة تخرجي، والأول أو من
الأوائل على جامعة الكويت في تلك السنة!
كما كنت الأول على دفعتي في السنة
المنهجية للماجستير في قسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى سنة 1992م، وكان في الدفعة
نخبة طلبة الكلية الأوائل عليها وخيرتهم في هذا التخصص!
كما إن أطروحتي في رسالة الماجستير
الحاصلة على درجة ممتاز من قسم التفسير والحديث في جامعة أم القرى بمكة المكرمة وهي
في صميم علم العلل بعنوان (الاختلاف على الراوي وأثره على الروايات والرواة) في ثلاث
مجلدات من أجود ما كتب في هذا الموضوع بشهادة أهل الفن! وكل هذا كاف في إثبات أنني
أعرف على الأقل تخريج الحديث والحكم على الأسانيد!".
قلت: [حيث ورد في هذا البحث
لفظة "قلت" فالأصل أن القائل هو كاتب البحث ما لم يقع التنبيه على ذلك].
هذه تزكية للنفس لا تقبل..! ومن يقرأ
تسويدك هذا - الذي ادعيت فيه تواتر الأباطيل- يحكم عليك بأنك لا تدري ما علم الحديث
ولا الحكم عليه..!!
وقال أيضاً في مقدمة كتابه وهو يرد
على حمد عثمان: "وقد وصل به الحال وتطورت به الأحوال حتى زعم أن ما يدعو إليه
من طاعة الطاغوت وموالاته ونصرته بل ومحبته والتحاكم إليه هو السنة وما كان عليه السلف....".
قلت: وأنت في فضائلك المزعومة التي
نعتها بالفاخرة ودلست فيها وكذبت من أجل تعظيم "أردوغانك" أليس هو طاغوت
مثل هؤلاء الذين ذكرهم حمد عثمان..؟! وما الفرق بينكما؟!!
هو يدعو لطاعة هؤلاء، وأنت تدعو إلى
طاعة أردوغان! وكلهم سواء في موالاتهم للكفار وحبهم لهم! وإعراضهم عن شرع الله وحكمه!!
·
التصنيف في فضائل البلدان ومسألة
التواتر.
أولًا: ادّعاء حاكم بن عبيسان تواتر فضائل «إسطنبول»!
قال حاكم في أربعينه المزعومة
(ص15):
"وقد صنف أئمة الحديث في فضائل المدن التي وردت الأحاديث في فضائلها؛ كالمدينة
ومكة والقدس والشام واليمن ومصر، ولم أقف على من جمع ما ورد في فضائل إسطنبول (القسطنطينية)
مع كثرة ما ورد فيها؛ فرأيت أن أجمع هذا الجزء الحديثي من أربعين حديثا
في فضائلها بين صحيح وحسن وحسن لغيره؛ وهو حد التواتر الروائي عند عامة أهل الحديث؛
بل الراجح عندهم أن ما رواه عشـرة هو من المتواتر، مع أن البشارة بفتح القسطنطينية
وفضل فاتحها ومن شارك في فتحها من المتواتر القطعي من حيث العلم والمعرفة
العامة بين الصحابة ومن بعدهم؛ وهو ما جعل الخلفاء والأمراء يتنافسون على فتحها، وإنما
البحث هنا في المتواتر من حيث الرواية لا من حيث العلم عند غير أهل الحديث!"
قلت: قد بينَّتُ - بفضل الله- في كثير
من بحوثي ودراساتي أنه لا يصح حديث في فضل أي بلد إلا مكة والمدينة لِما يتعلق بهما
من أحكام شرعية، مع قدسية هذين المكانين، وكذلك قدسية المسجد الأقصى ومباركة الله
سبحانه وتعالى لذلك المكان وما حوله، ولكن الحديث هنا عن ورود ما يصح من أحاديث من
فضائل حول هذه الأماكن، وليس هذا محل تفصيل ذلك.
وأما دعوى حاكم أن هناك فضائل وردت
في فضل إسطنبول فهذا محض كذب وبهتان!! فلو كان لها فضل لما تركها الأئمة رحمهم
الله وقد صنفوا في كل شيء.
بل ويزعم (ص5) "أنه لم يرد في البشارات
النبوية والأخبار المصطفوية البشارة بفتح بلد أكثر مما ورد في فتحها، حتى ذكرت
الأحاديث كل محطات الفتح الرئيسية، وذكرت صور الفتح العسكري الأول، والسلمي
الثاني، والنهائي قبل قيام الساعة"!!!
وقد بنى ذلك على أحاديث ضعيفة، بل
منكرة وموضوعة!!
ثم أين الدليل على العلم والمعرفة
العامة بفضائلها بين الصحابة؟!!
ثانيًا: ادعاؤه التفريق بين
التواتر العلمي والتواتر الروائي!
قال حاكم (ص15): "والتفريق بين الأمرين (التواتر
العلمي والتواتر الروائي) لا يكاد يفقهه اليوم أحد من أهل العلم بالحديث -إلا من رحم
الله- فضلا عن غيرهم!".
قلت: هات يا محدث زمانك فقهنا في الفرق
بين الأمرين، وهل يحصل العلم إلا بناء على الرواية، وما معنى التواتر إن لم يكن
متضمنا لمعنى العلم فيه..؟!
قال حاكم (ص15): "ولا يشترط في المتواتر الروائي
عند أهل الحديث صحة الإسناد، وإنما يشترط له كثرة العدد مع إفادة العلم؛ كما قال الحافظ
ابن حجر: (لأن الهيئة الاجتماعية لها أثر ألا ترى أن خبر المتواتر يفيد القطع مع أنا
لو نظرنا إلى آحاده لم يفد ذلك، فإذا كان ما لا يفيد القطع بانفراده يفيده عند الانضمام
فأولى أن يفيد الانضمام الانتقال من درجة الضعف إلى درجة القوة فإن المتواتر لا يشترط
في أخباره العدالة".
قلت: هذا ليس كلام ابن حجر! وإنما هو
كلام الزركشـي، قاله في نكته على مقدمة ابن الصلاح (1/322) عندما تعرض لتقديم المسنِد
الثقة على المرسل.
وسياق كلامه: "وشذ ابْن حزم عَن
الْجُمْهُور فَقَالَ وَلَو بلغت طرق الضَّعِيف ألفا لَا يقوى وَلَا يزِيد انضمام الضَّعِيف
إِلَى الضَّعِيف إِلَّا ضعفا وَهَذَا مَرْدُود لِأَن الْهَيْئَة الاجتماعية لَهَا أثر
أَلا ترى أَن خبر الْمُتَوَاتر يُفِيد الْقطع مَعَ أَنا لَو نَظرنَا إِلَى آحاده لم
يفد ذَلِك فَإِذا كَانَ مَا لَا يُفِيد الْقطع بِانْفِرَادِهِ يفِيدهُ عِنْد الانضمام
فَأولى أَن يُفِيد الانضمام الِانْتِقَال من دَرَجَة الضعْف إِلَى دَرَجَة الْقُوَّة
فَهَذَا سُؤال لَازم لَا سِيمَا إِذا بلغ مبلغ التَّوَاتُر فَإِن الْمُتَوَاتر لَا
يشْتَرط فِي أخباره الْعَدَالَة كَمَا تقرر فِي علم الْأُصُول".
وهذا رأي أهل الأصول! ولا اعتبار لكل
هذا عند أئمة أهل النقد، بل لا نجد في كلامهم لفظ "التواتر" أبدا..!
فما بال حاكم يحتج علينا بأقوال الأصوليين!
وهو الذي يزعم أنه يدعو إلى منهج المتقدمين..!! وقد ضعف الإمام أحمد حديث بُريد بن
عبدالله بن أبي بردة، عن جده، عن أبيه أبي موسى - رضي الله عنه- عن النبيّ صلى
الله عليه وسلم: «المؤمن يأكل في مِعى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعا» وذكر أنه
يروى من ثلاثين وجها، ولم يعتد بها(1)، ومثله حديث «الأذنان من الرأس» على كثرة ما روي من الطرق
المرفوعة والمرسلة والموقوفة؛ فقد حكى حرب الكرماني قال: "قلت لأحمد: فالأذنان
من الرأس؟ قال: نعم. قلت: فيه شيء عن النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا أعلم(2).
(1) شرح علل الترمذي لابن رجب (2/647) والحديث ثابت من غير مسند
أبي موسى
(2) مسائل حرب الكرماني - كتاب الطهارة (ص: 240).
قال حاكم (ص16): "وهو ما لم يتنبه له بعض من
تصدى للحكم على الأحاديث من المعاصرين، حتى ضعفوا بالنظر الجزئي للأسانيد؛ ما يوجب
النظر الكلي تصحيحه؛ بل ضعفوا من الأحاديث ما لم يسبقهم أحد إلى تضعيفه من قبل! وما
ورد في شأن القسطنطينية وفتحها وفضلها، متواتر تواترا معنويا؛ بالأحاديث الصحيحة فضلا
عن الحسنة والمقبولة، مع أن الصحيح في حد المتواتر الذي يفيد العلم هو ما زاد عن المشهور
-وهو ما رواه ثلاثة فأكثر ما لم يبلغ حد المتواتر- وأفاد العلم؛ وهذا يصدق على ما رواه
أربعة فأكثر وأفاد العلم، وقد استعمل الشافعي التواتر بهذا المعنى في كتابه "الأم"؛
كما حررته في بحثي (دفاع ثان عن ابن حبان) المنشور في مجلة المشكاة"(3).
(3) سنبين - إن شاء الله - تدليس حاكم بن عبيسان، وأنه يضعف
ما يخالف هواه ولو لم يسبق إلى تضعيفه ويحاول في ذلك الاستناد لمنهج المتقدمين،
ويصحح ما وافق هواه ولو كان ضعيفا على منهج المتقدمين، والأمثلة في كتابات حاكم
أكثر من أن يحصرها هذا البحث وتحتاج من كثرتها بحثا مفردا.
ووالله لا ينقضـي العجب منه؛ كيف يستدل بأحاديث واهية ويصحح الضعيف
في حين أنه في بحوث أخرى له يضعف أحاديث صححها بعض أهل العلم بأدنى شيء مما لا
تضعف به الأحاديث الصحاح!! بل بدون أدلة واضحة كتضعيفه الحديث الصحيح الذي رواه
مسلم: (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام...) الحديث ولعل الله ييسر كتابة رد
ننقض فيه تضعيفه لهذا الحديث.
قلت: هذا ليس من منهج الأئمة المتقدمين
النقاد في شيء ولا نريد أن نتنبه له!! وهل جر علينا الويلات إلا السير على منهج الأصوليين
المخالف لأصول منهج نقاد الحديث!!
وأما أنه ورد في فضل القسطنطينية وفتحها
ما يعد من المتواتر التواتر المعنوي فهذا من تلبيس إبليس وافق هوى في النفوس ومرضا
في القلوب -نسأل الله العافية-!! فليس ثمَّة في ذلك حديث صحيح ولا حسن!!
قال حاكم (ص16): "كما لا يشترط في المتواتر
الروائي على الصحيح أن يكون كله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل يضم الموقوف
فيه عن الصحابة إلى المرفوع في إفادة المجموع العلم القطعي بثبوته عن الشارع؛ كما قال
الإمام أحمد عن المسح على الخفين (ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثا عن أصحاب
رسول الله ما رفعوا إليه وما وقفوا)".
قلت: لا شك أن الموقوف يؤيد المرفوعَ
ويثبته، والتمثيل هنا بقول أحمد في المسح على الخفين يختلف عما يريده حاكم.!
فالموقوف هو فعل فعله الصحابة رضي الله عنهم بناء على ما رأوا من رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
ثم تكلم على أحاديث الفتن بكلام إنشائي
لا يستحق الرد عليه! لأنه بناه على تخيلات وهلوسات وتعصب وهوى.
وقد
بنى كتابه على أمور واهية من أجل إشباع رغبته - في هذا الجزء الحديثي كما سمّاه -
للرفع من مكانة الأتراك ومدينة أسطنبول!!
وينقل
هذه المصادفة في (ص17) فيقول: "ومن لطيف ما وقع لي في هذا التصنيف أني أردته
جزءا أربعينيا، ولم يكن يخطر على البال أن يكمل أربعين حديثا مرفوعا مقبولا،
وقلت: سأكمله بالآثار عن التابعين، فما زلت أجمع ما ورد من الأخبار ولا أعدها؛ حتى
لم يبق حديث على شرط هذه الرسالة إلا جمعته في مسودتها، ثم ما زلت أحذف منها وأحررها؛
حتى إذا كانت المراجعة الأخيرة، وأخذت أرقمها من جديد ولا أعرف كم سيكون ما بقي
منها بعد التمحيص؛ فإذا آخر حديث منها هو الأربعون تماما بلا زيادة ولا نقص!"!!
قلت: وهذا من هوس حاكم بن عبيسان!!
فهذه الأربعين ليست مرفوعة كلها! وليست مقبولة بحسب ما أراد!
·
أقسام الأحاديث في كتاب حاكم بن
عبيسان!
والأحاديث التي أوردها في
أربعينيته المزعومة تقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أحاديث صحيحة من صحيحي الإمامين
البخاري ومسلم، لكن لا دلالة فيها على مقصوده، ولا تعلق بما يسمى بفضائل إسطنبول!
القسم الثاني: أحاديث ضعيفة ومنكرة معلولة!! صححها
هو بالنظر إلى ظواهر الأسانيد معتمدا على تصحيحات الحاكم والهيثمي والسيوطي!
القسم الثالث: أحاديث من رواية أهل الكتاب كمرويات
كعب الأحبار وابن امرأته تُبيع الحميري(4)!!
(4) وقد روى البخاري عن حُمَيْد بْن
عَبْدِ الرَّحْمَنِ أنه سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ،
وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ فَقَالَ: «إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلاَءِ المُحَدِّثِينَ
الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو
عَلَيْهِ الكَذِبَ». وقد اختلف العلماء في تفسير ذلك!! لكن الواضح في عبارته اتهامه
بالكذب!! وعلى أي حال فما يرويه فيه كذب كثير ولسنا بحاجة له.. وسأفرد الحديث عنه في
بحث خاص أبين حاله! لأني رأيت بعض من يشتغل بالحديث كتب في توثيقه وعدالته!!!
فأما
القسم الأول:
فالأحاديث
التي يوردها من صحيحي البخاري ومسلم وهي على قلتها لا دلالة فيها على فضل
القسطنطينية لا من قريب ولا من بعيد!! وعادة حاكم بن عبيسان تهويل الأمر لمصادرة
عقل القارئ والتشغيب عليه..!
بل
إنه أقحم فيها كل لفظ ذكر في "الروم" وحمله على القسطنطينية!!!
وهذا
تدليس واضح! فالمقصود في فتح الروم أرض الشام عموما وهذا ما نطقت به الأحاديث، فقيصر
كان بالشام، كما ورد في الحديث الذي ذكره حاكم (ص61): "فدفعه دحية الكلبي إلى
عظيم بصـرى، فدفعه عظيم بصـرى إلى قيصـر، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى
من حمص إلى إيلياء شكرا لله عز وجل لما أبلاه الله، فلما جاء قيصـر بكتاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم؛ قال حين قرأه: التمسوا لي ههنا أحدا من قومه لنسأله عن هذا الرجل!"
بل تجده يفرق بين قيصر وبين هرقل!!!
فأورد في الباب الأول (ص61): "باب:
دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قيصـر القسطنطينية إلى الإسلام ونهيه عن إكراه قومه،
ويقين هرقل بنبوته وبظهور الإسلام على مملكته وعلى الأرض كلها"، ثم ذكر الحديث
المشهور: "عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصـر
عن يدعوه إل الإسلام، وبعث بكتابه مع دحية الكلبي، وأمره رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يدفعه إل عظيم بصـرى [الشام] ليدفعه إل قيصـر، فدفعه دحية الكلبي إل عظيم بصـرى،
فدفعه عظيم بصـرى إلى قيصر..".
قلت: فانظروا كيف فرَّق بين "قيصر
القسطنطينية" على زعمه! وبين هرقل!!
وهرقل هُوَ قَيْصر عند أهل العلم.
قال الحافظ ابن حجر في «الفتح»
(1/33): "هِرَقْلُ هُوَ مَلِكُ الرُّومِ وَهِرَقْلُ اسْمُهُ، وَلَقَبُهُ قَيْصَرُ
كَمَا يُلَقَّبُ مَلِكُ الْفُرْسِ كِسْرَى وَنَحْوَهُ".
وسيأتي
الكلام على استدلالاته بالأحاديث الصحيحة في حمل ما ورد في "الروم"
عموماً وحمله على "القسطنطينية"!!!
القسم
الثاني:
أحاديث ضعيفة ومنكرة معلولة!! صححها هو بالنظر إلى ظواهر الأسانيد معتمدا على
تصحيحات الحاكم والهيثمي والسيوطي!! وسيأتي الكلام عليها تفصيلا إن شاء الله.
القسم
الثالث:
أحاديث من رواية أهل الكتاب ككعب الأحبار وابن امرأته تُبيع الحميري!! وسيأتي
الكلام عليها وبيان تناقضات حاكم بن عبيسان فيها.
·
تدليس حاكم وتلبيسه وكثرة
تناقضاته!!
القارئ
لكتاب حاكم بن عبيسان يجده قد ملأه بالتدليس والتلبيس، بل والكذب أحياناً!!
فمن
تدليسه أنه يذكر رواية ما عن راو، ثم يعيد الرواية نفسها ويقول: وفي رواية أخرى!!!
والرواية هي هي!
ومن
تدليسه عدم إظهار العلة لما يورده!!
ومن
عادته أنه يحتج بأقوال الهيثمي في الحكم على الأحاديث، لكنه يعرض عن كلامه إذا كان
كلامه في تضعيف ما يورده!!
ومن
عادته أيضاً أنه ينقل موافقة الذهبي إذا احتاج لتكثير أقوال أهل العلم، لكنه يخفي كلام
الذهبي الصريح في تعقب الحاكم! مع عدم التسليم بأن الذهبي يوافق الحاكم في أحكامه،
وليس هذا محل نقاش المسألة وبحثها.
وتجده
يحتج ببعض الزيادات الشاذة في بعض الأحاديث وتصحيحها!!
وكذلك
تصحيحه لأحاديث بعض الضعفاء!! وهو نفسه قد ضعف حديثهم في بحوثه الأخرى!! كابن
لهيعة! وكثير بن عبد الله المزني كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
ومن
عادة حاكم بن عبيسان إخفاء الأسانيد وعدم إظهارها للقارئ إلا إذا أراد بها تأييد
هواه!! وكذا إخفاء كلام أهل العلم من الكتب التي ينقل منها! والاكتفاء بنقل ما يؤيد
رأيه!!
وكثير
من الأحاديث التي أوردها في كتابه معلولة! إما بعلل ظاهرة لا تحتاج دقة نظر! لكنه
يُعرض عن ضعف رواتها ويُحسنها!! وهذه خيانة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم!
وإما
أنه لم يقف على هذه العلل فيها!! وهذا دليل على بضاعته المزجاة في علم الحديث!!
وكنت
قبل هذا أظن أن عنده مسحة من هذا العلم بالنظر في بعض بحوثه المحكّمة إلا أن هذا
البحث أظهر ضعفه الشديد في هذا العلم! ولا ندري لعل تلك البحوث القديمة لها قصة!!
والعجيب أن حاكم بن عبيسان يزعم في
كثير من بحوثه الحديثية أنه ينصـر منهج المتقدمين وأنه لا بد من الرجوع إليهم في تصحيح
الأحاديث وعدم قبول طريقة المتأخرين، وقد رد تصحيحات الترمذي وابن حبان والحاكم لحديث
الافتراق(5) ورد تصحيح مسلم لحديث الجساسة.!!
(5) وقد أصاب في ذلك، ولكن الشاهد أنه يهمل تصحيح الأئمة حيث
شاء ويفخمه ويحتج به حيث وافق هواه.
وحين جاء تصحيح المتأخرين موافقا لهواه
قَبِل حتى تصحيحات السيوطي والمناوي وهم أشهر من عرف بالتساهل في تصحيح المنكرات والأباطيل!
فضلا عن قبوله تصحيحات الحاكم وابن حبان وكثير منها يعلم هو جيدا أنها مناكير، لكنه
الهوى الذي يعمي ويصم!!
يقول حاكم بن عبيسان في إجابة لسؤال
أحدهم [كما في الجواب على (الرسالة الخامسة) بتاريخ 16/12/2010م حسب ما ورد في
موقعه على الرابط التالي:
http://www.dr-hakem.com/Portals/Content/?info=TnpnekpsTjFZbEJoWjJVbU1RPT0rdQ==.jsp]:
"أخي
الكريم لا يخفى عليك بأن أهم أدوات دراسة التراث والتاريخ والمدخل لفهمه ونقده: معرفة
علم الحديث، وعلم العلل، ونقد الروايات، وتمييز صحيحها من سقيمها، وقد اجتهدت في تحري
الصحة والقبول، وتجنبت شيئا كثيرا مما لا يصح عندي ثبوته، ولم أر حاجة لتسجيل ذلك،
حتى لا تتسع دائرة الجدل مع كثير من أهل العلم، فتضيع القضية الرئيسة، وهي بعث الخطاب
الراشدي، في قضايا ثانوية كصحة هذا الحديث، وضعف ذاك الحديث، ومن الأحاديث التي لا
تكاد تصح في نقدي حديث (خاصف النعل وقتاله على تأويل القرآن)، فهو من حديث إسماعيل
بن رجاء، وقد أورده ابن الجوزي في العلل المتناهية، وقد أصاب، وطرقه الأخرى أشد ضعفا
منه، ومن تساهلوا في تصحيحه من المتأخرين، فإنما صححوه حملا له على قتال علي للخوارج
الذين تأولوا القرآن على غير وجهه، أما أهل الجمل وصفين فلم يقاتلهم علي على تأويل
القرآن، بل على طاعته، ومما يؤكد عدم صحته أن عليا نفسه لم يكن مطمئنا لقتال الخوارج،
حتى رأى ذا الثدية فيهم، وتواتر عنه أنه لم يكن معه عهد عن رسول الله في قتالهم
...الخ".
· قبوله
للحديث المرسل!
يستشهد
حاكم بن عبيسان ويحتج بالمرسل في بحثه هذا، مع أنه في بحث الجساسة يرد المرسل، ويرد
حديث أنس في الافتراق بعلة الإرسال!
ولا
يقبل أن يجاب عن هذا بأن قبول للمراسيل في أبواب الفتن والملاحم والفضائل، فإن
حديث الجساسة والافتراق من هذه البابة! مع الانتباه لعدم تسليمنا مطلقا لتجويز
التساهل في هذه الأبواب لكن هذا مما شاع على ألسنة المتكلمين، وكثير من طلبة العلم
لا يتنبهون لما روي عن بعض أئمة الحديث كعبدالرحمن بن مهدي في قولهم: إذا روينا في
الحلال والحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل تساهلنا، وإنما كلامهم على الرواية لا
على الاحتجاج، فيروون عن الضعفاء في الفضائل وغيرها ويخرجونه في كتبهم لكن لا يحتجون
بها، فمسألة الاحتجاج أمر آخر وليس هذا مقام بيانه.
ومما احتج به بالإرسال هنا:
قال في حديثٍ مرسل لسعيد بن المسيب
(ص73):
"رواه ابن أبي شيبة في المصنف،
وسعيد بن منصور في السنن، بإسناد صحيح عن ابن المسيب مرسلا، وكل مراسيله صحيحة".
قلت: يبقى حديثه مرسل! وليست كل مراسيله
صحيحة! فقد وُجِد له ما يُنكر منها!
فحتى الإمام الشافعي وهو أول من
صرح بقبول مراسيل سعيد بن المسيب ؒ رد بعض مراسيله ولم يعمل بها.
ومن ذلك أيضاً:
أنه ذكر في (ص84) حديث: عن صفوان بن
عمرو، عن راشد بن سعد الحبراني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: («إِنَّ اللَّهَ
تَعَالَى وَعَدَنِي فَارِسَ، ثُمَّ الرُّومَ، ثُمَّ نِسَاءَهُمْ أَبْنَاءَهُمْ وَلَأْمَتَهُمْ
وَكُنُوزَهُمْ، وَأَمَدَّنِي بِحِمْيَرَ أَعْوَانًا»). رواه نعيم في الفتن بإسناد صحيح
مرفوعاً مرسلاً.
ثم قال في الحاشية: "قوله صلى
الله عليه وسلم: (وعدني فارس ثم الروم) فيه معجزة ظاهرة في تأخر وعد الروم عن فارس،
والروم أصلا هم أهل القسطنطينية والدولة البيزنطية؛ وهو ما تحقق فعلا، فقد آلت هذه
الإمبراطورية حتى غدت كما فارس؛ جزءا من أرض الإسلام وتحت سلطانه، وورثها المسلمون
الموحدون والخلفاء العثمانيون؛ كما ورث الخلفاء الراشدون إمبراطورية كسـرى! ووعده سبحانه
تعالى رسوله بهم وبأبنائهم ونسائهم يعني دخولهم في دينه وملته طواعية باختيارهم؛ وهو
ما جرى حتى لم يبق في أرضهم إلا الإسلام!".
قلت: نعوذ بالله من التدليس والتلبيس!!
لمَ لمْ تقل: "نعيم بن حماد"!
واكتفيت بقولك: "رواه نعيم"!!
حتى يدلّس على القارئ! لأن كتاب نعيم
بن حماد معروف بالمناكير التي فيه! وقد حذّر العلماء منه!
قال الإمام الذهبي في «السيّر»
(10/609): "لاَ يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ، وَقَدْ صَنَّفَ
كِتَابَ (الفِتَنِ)، فَأَتَى فِيْهِ بِعَجَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ".
وكيف يكون الإسناد مرفوعاً مرسلاً!
وهل الإرسال هنا إلا إسقاط الصحابي ورفعه للنبي صلى الله عليه وسلم!!
وكيف يكون إسناده صحيحا وهو مرسل؟!
ووعد الله لم يتخلف، فالحديث كان عن
فارس والروم وقد تحقق زمن أبي بكر وعمر... وفتح القسطنطينية زمن محمد الثاني بن مراد
العثماني المشهور بـ: (محمد الفاتح) لا علاقة له بالحديث أبدا. وعلى فرض أن هذا الوعد
قد تحقق فأي فضيلة للقسطنطينية؟!!
فإن كان فتحها فضيلة فعليه يجب أن
نقول بأن لأرض فارس التي فتحت فضيلة أيضا!!
وعليه يجب عليك يا حاكم أن تُصنّف:
«الأربعون الطهرانية أو الإيرانية» لأن أحاديث فتح فارس قد تحققت قديماً.
وما أشنع هذا التشبيه!! تشبه وراثة
الخلفاء الراشدين لإمبراطورية كسـرى بفتح القسطنطينية على أيدي العثمانيين.! وتصفهم
بالموحدين!
ما هذا الضلال؟! ألم تقرأ عن الشركيات
في تلك الخلافة المزعومة، وعن حربها لدعوة التوحيد وأئمة الدين؟!!
ثم ماذا نقول عن فتح الشام كلها التي
أورثها الله لعباده الموحدين حقيقة!!
وقول حاكم بن عبيسان: "ووعده
سبحانه تعالى رسوله بهم وبأبنائهم ونسائهم يعني دخولهم في دينه وملته طواعية باختيارهم؛
وهو ما جرى حتى لم يبق في أرضهم إلا الإسلام!"
ليس بصحيح! وانظر إلى تركيا الآن يغنيك
النظر عن الخبر!!
·
قبوله لحديث المجهول، ومحاولته
رفع الجهالة عنه!!
قال ابن عبيسان (ص83): "عن أبي همام الشعباني،
قال: حدثني رجل من خثعم، قال: كنا مع رسول في غزوة تبوك، فوقف ذات ليلة، واجتمع عليه
أصحابه؛ فقال: إن الله تعالى أعطاني الليلة الكنزين: كنز فارس والروم، وأمدني بالملوك:
ملوك حمير الأحمرين، ولا ملك إلا الله، يأتون يأخذون من مال الله، ويقاتلون في سبيل
الله. قالها ثلاثا). رواه معمر في جامعه، كما في مصنف عبد الرزاق، وعنه أحمد في مسنده
بإسناد حسن... ثم قال في الحاشية: "قال الهيثمي في المجمع: (وفيه أبو همام الشعباني
ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح). قلت – ابن عبيسان -: ذكره البخاري في التاريخ
الكبير وقال: (أبو همام الشعباني، روى عنه يحيى بن أبي كثير). وكذا ابن أبي حاتم في
الجرح والتعديل ولم يذكروه بجرح. وقال ابن حجر في تعجيل المنفعة: (أبو همام الشعباني
عن رجل من خثعم له صحبة، وعنه يحيى بن أبي كثير: مجهول، قاله الحسيني! قلت: ذكره الحاكم
أبو أحمد تبعا للبخاري فيمن لا يعرف اسمه ولم يذكر فيه جرحا)".
قلت - القائل ابن عبيسان-: ليس مجهولا؛
فقد روى عنه أيضا أبو سلام ممطور الدمشقي، كما رواه عنه ابن عساكر في تاريخ دمشق بإسناد
صحيح وفيه: (حدثني أبو همام الشعباني أنه كان مرابطا بتورس وكان فينا رجل من خثعم من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنا أدلجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
مقبلين إلى تبوك فذكر الحديث). فأبو همام الشعباني شامي، دمشقي، تابعي قديم، من الطبقة
الثالثة من أهل الشام، كما قال ابن عساكر في تاريخه، روى عنه إمامان ثقتان: أبو سلام
ويحيى بن أبي كثير، ولم يذكر بجرح، ولم يرو منكرا، فهو مقبول الرواية بلا خلاف، وقد
توبع على حديثه هذا بلفظه، كما في مغازي الواقدي عن عشرة من شيوخه الثقات في غزوة تبوك
وفيه: (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: ألا أبشـركم؟ قالوا: بلى يا رسول
الله! وهم يسيرون على رواحلهم فقال: إن الله أعطاني الكنزين: فارس والروم وأمدني بالملوك
ملوك حمير، يجاهدون في سبيل الله، ويأكلون فيء الله)، وقد كان النبي صلى الله عليه
وسلم قصد في تبوك غزو الروم، فبشـر أصحابه حين رجعوا ولم يقاتلوا الروم بأن الله أعطاه
كنوزهم وأورثهم أرضه وملكهم، والروم آنذاك تطلق على مملكة قيصـر كلها وليس على ملكهم
في الشام فقط. وهو ما تحقق على أكمل صورة وأوضحها بالخلافة العثمانية التي ورثت القسطنطينية،
واتخذتها دار خلافة، وفتحت كل أقاليمها التي كانت تخضع لها في أوربا كلها" انتهى
كلام ابن عبيسان بطوله.
قلت: انظر كيف يبحث عن أدنى شيء لتحسين
الرواية!
فأبو همام هذا مجهول، وما جاء في الحديث
الذي عند ابن عساكر وفيه: "حدثني رجل من خثعم" أراد به حاكم بن عبيسان إثبات
سماع يحيى لهذا الحديث من هذا الرجل!! وعليه حكم على هذا الإسناد بالصحة!!
وهذا عجيب! فحديث ابن عساكر أصلا من
مسند أحمد! وهو كذلك في المسند من طريق عبد الرزاق! وما جاء فيه: "حدثني رجل"
خطأ!
ففي كتاب عبد الرزاق (19878) بالعنعنة:
"عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ الشَّعْبَانِيِّ، عَنْ
رَجُلٍ مِنْ خَثْعَمٍ..".
وكذا في «الأمالي في آثار الصحابة»
لعبد الرزاق (131): "عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ الشَّعْبَانِيِّ،
عَنْ رَجُلٍ، مِنْ خَثْعَمٍ.." فأين صحة الإسناد؟!
ثم أعرض حاكم بن عبيسان عن قول ابن
عساكر بعد أن ساق الرواية: "كذا قال! ولم يذكر أبا سلام"، يعني هكذا قال
يحيى بن أبي كثير، والحديث يرويه أبو سلام.
ثم ساقه من طريق أبي توبة الربيع بن
نافع، عن معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام: أنه سمع أبا سلام: حدثني أبو همام الشعباني
أنه كان مرابطا بتورس، وكان فينا رجل من خثعم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
إنا أدلجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلين إلى تبوك، فذكر الحديث.
قلت: فالحديث يرويه أبو سلام عن أبي همام،
وقد دلسه يحيى بن أبي كثير! وكان يحيى أخذ كتاب زيد بن سلام عن جده أبي سلام، وكان
يدلس من حديثه، وهذا منها.
فالصحيح أن أبا همام هذا مجهول ولا
يعرف، ولم يرو عنه أحد سوى أبي سلام.
ولهذا لما ذكره ابن عساكر في «تاريخه»
قال: "أبو همام الشعباني، من أهل دمشق. روى عن رجل من خثعم له صحبة. روى عنه أبو
سلام الدمشقي".
فلم يذكر في الرواة عنه إلا أبا سلام.
وقد ذكر أبو نعيم الأصبهاني هذا الرجل
الذي جاء فيه أن له صحبة في «معرفة الصحابة» (6/3110) وساق حديثه من طريق مسند أحمد،
ثم قال: "ورَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ سَلَّامٍ، عَنْ
أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ، نَحْوَهُ".
والحديث حكم عليه أبو حاتم الرازي
بالنكارة!!
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (3/378):
وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الحُسَين بن عيسى - أخو سُلَيم بنِ عِيسَى القَارِئ
-، عَنْ مَعْمَر، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكرمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛
قال: بينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبوك يَسيرُ لَيْلا؛ إِذْ تقدَّم الناسَ، ثُمَّ وقَفَ لَهُمْ
حَتَّى أَتَوْهُ، ثُمَّ قَالَ: أُعْطِيتُ اللَّيْلَةَ الكَنْزَيْنِ، قِيلَ: يَا رسولَ
اللَّهِ، وَمَا الكَنْزَان ِ؟ قال: فَارِسُ وَالرُّومُ، وَأُمِدْتُ بِالمُلُوكِ - مُلُوكِ
حِمْيَرَ - يُجَاهِدونَ فِي سَبيلِ اللهِ، وَيَأخُذُونَ فِي اللهِ؟
قَالَ أَبِي: "هذا حديثٌ مُنكَرٌ".
قلت: أخطأ في إسناده الحسين بن عيسى الحنفي،
فرواه عن عكرمة عن ابن عباس! والصواب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي همام.
قال أبو حاتم عن الحسين بن عيسى:
"ليس بالقوي روى عن الحكم بن أبان أحاديث منكرة".
وقال أبو زرعة الرازي: "الحسين
بن عيسى منكر الحديث".
والعجب من حاكم كيف يستشهد برواية
الواقدي ليعضد رأيه!! فالواقدي نفسه متّهم!
وأحداث غزوة تبوك قال فيها الوَاقِدِيّ:
"حَدّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَان بن عبدالرحمن بن سَعِيدٍ، وعَبْدُاللهِ بنُ جَعْفَرٍ
الزّهْرِيّ، ومُحَمّدُ بنُ يَحْيَى، وابنُ أَبِي حَبِيبَةَ، وَرَبِيعَةُ بنُ عُثْمَانَ،
وعَبْدُالرّحْمَنِ بنُ عَبْدِالعَزِيزِ بنِ أبى قتادة، وعبد الله ابن عَبْدِالرّحْمَنِ
الجُمَحِيّ، وعُمَرُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي حَثْمَةَ، ومُوسَى بنُ مُحَمّدِ بنِ
إبْرَاهِيمَ، وعَبْدُالحَمِيدِ بنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو مَعْشَـرٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ
مُحَمّدِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، وَأَيّوبُ بْنُ النّعْمَانِ،
فَكُلّ قَدْ حَدّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيثِ تَبُوكَ، وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ
مِنْ بَعْضٍ، وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ قَدْ حَدّثَنِي مِمّنْ لَمْ أُسَمّ، ثِقَاتٌ، وَقَدْ
كَتَبْت كُلّ مَا قَدْ حَدّثُونِي".
فكيف نثق بما يذكره الواقدي عن هؤلاء!
وكيف رواه عنهم!! ويكفي أن شيخه: موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي منكر الحديث!!!
فأي حُسن هذا الذي يتحدث عنه حاكم
بن عبيسان؟!!
·
قبوله لرواية كعب الأحبار!!
معظم الآثار التي أوردها من كتاب «الفتن»
لنعيم بن حماد من رواية كعب الأحبار!
ففي أحاديث كثيرة ذكرها كان يقول:
"رواه نعيم في الفتن بإسناد حسن عن كعب".
وكعب الأحبار لا يُحتج به؛ لأنه
راوية أهل الكتاب، وما يرويه فيه كثير من النكارة!!!
والعجيب أن حاكم بن عبيسان يحتج
بما يرويه كعب هنا! ويضعّفه في بحوثه الأخرى!! كما في بحثه حول أثر (إن يأجوج ومأجوج
يحفرون السد)، ففي هذا البحث يطعن في بعض المرويات بأنها من كلام كعب، وحين جاءت
رياح كعب على هوى ملاح إسطنبول قبل ابن عبيسان مروياته وصارت عمدة وأصلا!!
وغير ذلك مما سنبينه إن شاء الله.
·
الأحاديث التي ذكرها في فضل
القسطنطينية لا علاقة لها بهذه المدينة لا من قريب ولا من بعيد!!
حديث أم حرام رضي الله عنها في
أول جيش يغزون البحر:
•
ذكر حاكم
بن عبيسان (73):
"باب: فضل فتح القسطنطينية وفضل أول جيش يغزوها من المسلمين" وأورد تحته
حديث أم حرام رضي الله عنها في أول جيش من أمتي يغزون البحر، وبعد أن ذكر الحديث قال:
"رواه البخاري في صحيحه. ومدينة قيصـر هي القسطنطينية".
قلت: وهذا فيه تدليس!! فهو يوهم أن من
قال بأن مدينة قيصر هي القسطنطينية هو البخاري! وليس كذلك!! فهذا كلامه ابن عبيسان
لا كلام البخاري!!
• ذكر حاكم بن عبيسان حديث
أم حرام رضي الله عنها ثم علق عليه بقوله: "وهذا الحديث صريح في فضل هذه المدينة
وشرفها وعظيم مكانتها، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على غزوها حتى كان أول جيش يقصد
فتحها مغفورا له؛ فما ظنك بالجيش الذي يفتحها!"
قلت: ليس ثمة دليل -لا صريح ولا غير صريح-
على فضل تلك المدينة في هذا الحديث!!! ولم يقل أحد من أهل العلم بذلك! فالفضل إنما
لمن يغزوها لا لها.
حديث أبي هريرة وجابر بن سَمُرَة
رضي الله عنهما: إذا هلك كسرى.. الحديث:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص76): "باب: البشارة بفتح القسطنطينية
وتحريرها من طغيان القياصرة وزوال القيصـرية البيزنطية الصليبية عنها وصحة ولاية فاتحها
وصحة جهاده وصرفه أموالها في سبيل الله"، وذكر تحته حديث: «هَلَكَ كِسْـرَى، ثُمَّ
لَا يَكُونُ كِسْـرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَـرُ لَيَهْلِكَنَّ، ثُمَّ لَا يَكُونُ قَيْصَـرٌ
بَعْدَهُ، وَلتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، وقال في الحاشية: "هذا
الحديث فضيلة ظاهرة لمحمد الفاتح؛ فهو الذي أزال سلطان قياصرة الروم من القسطنطينية،
وقضـى على الإمبراطورية البيزنطية؛ كما أزال عمر الفاروق سلطان كسـرى! وفيه صحة ولاية
محمد الفاتح وصحة تصـرفه بإنفاق كنوز قيصـر في سبيل الله وهو ما تحقق على النحو الذي
بشـر به النبي صلى الله عليه وسلم! قال البيهقي في دلائل النبوة: قال الشافعي: ولما
أتي كسـرى بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم مزقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
تَمَزَّقَ مُلْكُهُ. وَحَفِظْنَا أَنَّ قَيْصَـرَ أَكْرَمَ كِتَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَضَعَهُ فِي مِسْكٍ فَقَالَ النَّبِيُّ
صلى الله عليه
وسلم:
«ثُبِّتَ مُلْكُهُ».
وإنما أراد هلاك قيصـر الذي كان ملك
الشام، وتنحية ملك الأقاصرة عنها، فصدق الله تعالى قوله ونحى عن الشام ملك الأقاصرة،
ونحى عن الدنيا ملك الأكاسرة، وبقي للأقاصرة مُلْكٌ بالروم لقوله رسول صلى الله
عليه وسلم: "ثبت ملكه" حين أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يقضـي
الله تعالى فتح القسطنطينية، ولم يبق للأكاسرة ملك؛ لقوله: «تمزق ملكه» حين مزق كتابه.
وفي قوله: "لتنفقن كنوزهما في
سبيل الله": إشارة إلى صحة خلافة أبي بكر وعمر لأن كنوزهما نقلت إلى المدينة،
بعضها في زمان أبي بكر، وأكثرها في زمان عمر وقد أنفقاها في المسلمين، فعلمنا أن من
أنفقها كان له إنفاقها، وكان والي الأمر في ذلك مصيبا فيما فعل من ذلك) انتهى كلام
البيهقي. قلت - القائل: ابن عبيسان-: وفيه أيضا فضيلة للسلطان محمد الفاتح وصحة ولايته،
وصحة جهاده وفتحه للقسطنطينية، وإنفاق أموالها في سبيل الله؛ فهو الذي فتحها وأنفق
أموالها في الجهاد في سبيل الله، وكانت القسطنطينية قبله عاصمة القياصرة أكثر من ألف
سنة! بل هو المقصود في البشارة أصلا؛ إذ لم يزل ملك قيصر عنها إلا على يده!"
ثم شرّق حاكم بن عبيسان وغرّب في الإتيان
بكلام أهل العلم في معنى الحديث، وأن المقصود لا قيصـر بعده في الشام... ثم قال: "قلت
- القائل: ابن عبيسان-: وهو ما ادخره الله من فضل للسلطان العادل محمد الفاتح فصحح
النبي صلى الله عليه وسلم ولايته وجهاده وتصـرفه في إنفاق كنوزهما في سبيل الله؛ وهو
ما تواتر عنه، وما زال يبعث الجيوش إلى أوربا حتى كاد يفتح روما، وسمى النبي صلى
الله عليه وسلم غزوه وفتحه لها كما سمى غزو
الصحابة وفتحهم لجزيرة العرب وفارس سواء بسواء،
وهو من وعد الله للمؤمنين بالاستخلاف في الأرض". انتهى كلام ابن
عبيسان بطوله.
قلت: حديث النبي صلى الله عليه وسلم واضح
وضوح الشمس في وسط النهار وقد تم في عهدي أبي بكر وعمر، وحمله على محمد الثاني بن
مراد العثماني لا دليل عليه. وإن كان محمد الثاني بن مراد قد فتح القسطنطينية إلا أن
هذا الحديث لا علاقة له به، والروم باقون في روما وغيرها. فأين تصحيح النبي صلى الله
عليه وسلم لولايته!!!
قال محمد فريد بك المحامي(6) في كتابه «تاريخ الدولة العثمانية»(ص:177-178) عند ذكر الترتيبات الداخلية
للسلطان محمد الثاني بن مراد العثماني المشهور بـ: (محمد الفاتح): "ووضع
أول مبادئ القانون المدني وقانون العقوبات فأبدل العقوبات البدنية أي السن بالسن والعين
بالعين وجعل عوضها الغرامات النقدية بكيفية واضحة أتمها السلطان سليمان القانوني..."اهـ.
(6) وقد يعد محمد فريد بن أحمد فريد (ت1338هـ) ذو الأصل
التركي من أشهر من أرخ للدولة العثمانية لتمجيدها، وقد أكد في مقدمته أن الهدف من تأليف
هذا الكتاب إبراز دور الدولة العثمانية في حماية الاسلام والدفاع عنه، وله كتاب
آخر في المقصد ذاته اسمه "تاريخ الرومان"، فضلا عن كونه ممن أصر على
فكرة بقاء مصـر تحت جناح الدولة العثمانية، وقد اعتمده ابن عبيسان واطلع على كتابه
وأثنى عليه بوصفه له بـ:"مؤرخ الدولة العثمانية" كما في بحثه (ص99).
فأين تطبيق الشـريعة وإقامة
الأحكام؛ فضلا عن توزيع الغنائم بالقسط الذي ادعاه حاكم بن عبيسان..!!!
وهل تعاميت عن قانون قتل الإخوة
الذي استحل به السلاطين العثمانيون قتل من شاؤوا في سبيل توطيد عروشهم(7)!
(7) ونصه كما في
سجلات القوانين العثمانية: "إذا تيسـرت السلطنة لأي ولد من أولادي فيكون مناسبًا
قتل إخوته في سبيل تأسيس نظام العالم، وقد أجاز هذا معظم العلماء، فيجب العمل به."،
وهو منقول بحروفه من كتاب الدولة العثمانية المجهولة لأحمد آق گوندوز (ص128 وما
بعدها) وقد حاول ترقيع المسألة وتأويلها بما يضحك منه الصبيان.
وللفائدة تراجع كتابات الشيخ ناصر بن حمد الفهد -فك الله
أسره- حول الدولة العثمانية، ففيها فوائد فقد نقل عن المؤرخ الروسي (فاسيلييف) في كتابه
عن "تاريخ الدولة السعودية": "أن الدولة العثمانية أرادت حثّ جنودها
على قتل أهل التوحيد فأصدرت قراراً أن للجندي بكل قتيل مكافأة، ولا بدّ أن يُثبت الجندي
القتل وذلك بقطعه لآذان المقتول وإرسالها لـ (الأستانه) العاصمة، ففعلوا ذلك في (المدينة)
و (القنفذة) و(القصيم) و(ضرمى) وغيرها"، وقد تكلم عليها أئمة الدعوة النجدية
في مواطن من رسائلهم.
وليراجع بحث"شريعة قتل الأخوان وأثرها في نظام الحكم آل عثمان"
لبشرى ناصر هاشم صادر عن الجامعة المستنصرية/ كلية الآداب -قسم التاريخ، فهو بحث جيد
يُسلط الضوء على الإجرام الذي كان يرتكبه سلاطين آل عثمان بقتل إخوانهم لعدم الثورة
عليهم والوصول للحكم!
حديث ثَوبان: إنّ الله زوى لي
الأرض.. الحديث:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص81): "باب: البشارة بملك المسلمين
كنوز قيصـر ومملكته في القسطنطينية" وأورد تحته حديث ثوبان رضي الله عنه: "إِنَّ
اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ أَوْ قَالَ: إِنَّ رَبِّي زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ
مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زَوَى لِي مِنْهَا،
وَإِنِّي أُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ: الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ...". وقال في الحاشية:
"وهذا الحديث فيه معجزات ظاهرة وقد وقعت كلها بحمد الله كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. قال النووي في شرحه لصحيح مسلم قال
العلماء: المراد بالكنزين: الذهب والفضة، والمراد كنزي كسـرى وقيصـر ملكي العراق الشام.
فيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداده في جهتي المشـرق والمغرب وهكذا وقع
وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة إلى المشـرق والمغرب). ورحم الله النووي
فقد قصـر البشارة في هذا الحديث على ملك الروم في الشام ومصـر، بينما الحديث يعم ملك
الروم كله، وهو ما تحقق بعد وفاته بأقل من قرنين! حيث فتح المسلمون بقيادة السلطان
محمد الفاتح القسطنطينية عاصمة هرقل الروم وورثوا الإمبراطورية الرومانية الشـرقية
كلها؛ وهي مملكة قيصـر وكنزه الدينار الأحمر، وسيفتح آخرهم روما، ويرثون الرومانية
الغربية أيضا. وعد الله الذي لا يخلف وعده ! وقد تواترت بذلك الأخبار عنه صلى الله
عليه وسلم كما سيأتي".
قلت: هذا الحديث تابع للذي قبله؛ فهو
في الموضوع نفسه!! وتقسيمه له في الأبواب ليتمم حاكم أربعينه المزعومة هذه! وهو لا
يمل من إقحام اسم "القسطنطينية" في كل تعليق!
حديث عبدالله بن حوالة: حتى
تكونوا أجنادًا ثلاثة.. الحديث:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص85): "باب: البشارة باستخلاف
الله المسلمين في مملكة فارس والروم وأرضهم كلها" ثم ذكر "عن نصر بن علقمة،
عن جبير بن نفير، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ الْفَقْرَ وَالْعُرْي وَقِلَّةَ الشَّيْءِ فَقَالَ:
«أَبْشِـرُوا فَوَاللَّهِ لِأَنَّا مِنْ كَثْرَةِ الشَّيْءِ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنْ
قِلَّتِهِ وَاللَّهِ لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِيكُمْ حَتَّى تُفْتَحَ لَكُمْ أَرْضُ
فَارِسَ وَالرُّومِ وَأَرْضُ حِمْيَرَ حَتَّى تَكُونُوا أَجْنَادًا ثَلَاثَةً جُنْدًا
بِالشَّامِ، وَجُنْدًا بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدًا بِالْيَمَنِ حَتَّى يُعْطِيَ الرَّجُلُ
الْمِائَةَ الدِّينَارَ فَيَتَسَخَّطُهَا» الحديث بطوله.
ثم صحح ابن عبيسان الحديث باستشهاده
بمن صححه من المتأخرين بقوله: "والضياء المقدسي في الصحيحة المختارة، ورواه مختصـرا
أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم في صحيحهما، وصححه الذهبي. وهو حديث مشهور عن النبي
صلى الله عليه وسلم، ومتواتر عن ابن حوالة. رواه عنه جبير بن نفير وأبو إدريس الخولاني
وابن رستم وبسر بن عبيد الله وأبو قتيلة".
واعترض ابن عبيسان على قول البيهقي:
"وأراد بكنوز فارس وبكنوز الروم: ما كان منهم بالشام حين تفتح الشام تؤخذ كنوزهم
بها وقد وجد ذلك". فقال: "قلت - القائل: حاكم بن عبيسان -: تأو ل البيهقي
الحديث وقصره على كنوز الروم في الشام، والحديث
أصرح من ذلك؛ بل المراد ملك الروم كله؛ ففي لفظه (تفتح لكم أرض فارس والروم) وأرض الروم
عند الإطلاق يراد بها أصلا القسطنطينية وما يتبعها من بلدان، وليس الشام فقط؛ كما ورث المسلمون ملك فارس كله في عهد عمر وعثمان، وهو ما
تحقق بعد عصر البيهقي بثلاثة قرون بفتح القسطنطينية وبقي فتح الروم؛ ليكتمل الوعد الحق بظهور الإسلام على الدين كله!" انتهى كلام
ابن عبيسان بطوله.
قلت: هذا الحديث إن صح فإنه يتحدث عن
أرض الروم في الشام، ولهذا جاء مقرونا مع فارس!! فلا توجد أية إشارة إلى تأخر فتح عن
آخر! وإنما هذا فقط في خيالات حاكم بن عبيسان! ومن قال بأنه إذا أطلقت "أرض الروم"
فيقصد بها أصلا القسطنطينية! بل إذا أطلقت في الحديث قصد بها الشام وما حولها. ولا
علاقة بفتح القسطنطينية بهذه الأحاديث ألبتة!
على أن حديث ابن حوالة هذا ضعيف وهو
حديث مضطرب كما بينته في بحثي الموسوم بـ:
القولُ الحسن حول حديث: «إِنَّكُمْ
سَتُجَنِّدُونَ أَجْنَادًا فَجُنْدًا بِالشَّامِ، وَجُنْدًا بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدًا
بِالْيَمَنِ» - وهو في موقعي الحديثي: دار الحديث الضيائية:
http://addyaiya.com/content.php?page-id=402&v=01f7743c
فانظر كيف يعتد حاكم بتصحيح ابن حبان
والحاكم!! وقوله: "صححه الذهبي" ليس بصحيح! مع أن الذهبي يختصـر كلام الحاكم
ولا يوافقه عليه، وليس هذا محل بسط المسألة.
حديث ابن عبّاس: الله أكبر قصور
الروم.. الحديث:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص89): "عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ: احْتَفَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الخَنْدَقَ وَأَصْحَابُهُ قَدْ شُدُّوا الحِجَارَةَ عَلَى بُطُونِهِمْ
مِنَ الْجُوعِ... فَإِذَا صَخْرَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ قَدْ ضَعُفَ عَنْهَا، فَقَالَ نَبِيُّ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «دَعُونِي فَأَكُونُ أَوَّلَ
مَنْ ضَرَبَهَا» فَقَالَ: «بِسْمِ اللهِ» فَضَرَبَهَا فَوَقَعَتْ فِلْقَةٌ ثُلُثُهَا
فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ قُصُورُ الرُّومِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» ثُمَّ ضَرَبَ بِأُخْرَى
فَوَقَعَتْ فِلْقَةٌ فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ قُصُورُ فَارِسَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ»
فَقَالَ عِنْدَهَا الْمُنَافِقُونَ: نَحْنُ نُخَنْدِقُ عَلَى أَنْفُسِنَا وَهُوَ يَعِدُنا
قُصُورَ فَارِسٍ وَالرُّومِ.... ثم قال: "قال الهيثمي في المجمع: (رواه الطبراني،
ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد بن حنبل، ونعيم العنبري، وهما ثقتان".
قلت: احتج بكلام الهيثمي دون النظر في
الإسناد!!! والعجب كيف يحتج بكلام الهيثمي في مواضع كثيرة في بحثه هذا، وهو نفسه اعترض
على ذاك الخبيث المرجئ حمد عثمان عندما رد عليه احتجاجه بقول الهيثمي في حديث (السلطان
ظل الله في الأرض..) قال الهيثمي: "رجاله ثقات"! فاعترض عليه حمد
العثمان بهذا القول، فرد عليه حاكم بقوله: "فلا يفرح بتحسين الترمذي له... وكذا
قول الهيثمي رجاله ثقات لا يقتضـي الحسن فضلا عن الصحة.."! نعوذ بالله من
الهوى والـمَيْن.
والحديث يرويه الطبراني عن عَبْداللهِ
بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عن سَعِيد بن مُحَمَّدٍ الجَرْمِيّ، عن أَبي تُمَيْلَةَ،
عن نُعَيْم بن سَعِيدٍ العَبْدِيّ، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس رضي الله عنهما. كذا
في مطبوع الطبراني: «العبدي»! وفي «مجمع الهيثمي»: «العنبري»!!
وقال صاحب كتاب «أنيس الساري في تخريج
أحاديث فتح الباري» (4/2513): "نعيم بن سعيد العبدي لم أقف له على ترجمة، والباقون
كلهم ثقات".
قلت: لا يوجد شخص اسمه: «نعيم بن سعيد
العنبري» أو «العبدي»! وهذا كله تحريف! والصواب أنه: «نعيم بن ميسرة النحوي» نزيل الريّ،
وهو لا بأس به، لكن تفرده لا يُحتمل عن عكرمة! وينفرد عنه بهذا الحديث أبو تميلة وهو
يحيى بن واضح المروزي! ولم يروه عنه إلا سعيد بن محمد الجرمي الكوفي!!
حديث عبدالله بن عمرو: إذا فتحت
عليكم فارس.. الحديث:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص90): "باب تحذير النبي صلى
الله عليه وسلم أمته من فتنة الدنيا بعد فتح فارس والروم" ثم ذكر "عَنْ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ
فَارِسُ وَالرُّومُ، أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ؟» قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ:
نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، تَتَنَافَسُونَ، ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ، ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ،
ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ الْمُهَاجِرِينَ،
فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ» رواه مسلم في صحيحه".
قلت: وهذا -أيضا- لا شأن له بالقسطنطينية!!
·
الأحاديث التي جاء فيها ذكر
القسطنطينية.
أورد حاكم بن عبيسان بعض الأحاديث
التي جاء فيها لفظ "القسطنطينية"، وهي ضعيفة! ولو صحت لما كان فيها أي دلالة على
فضل تلك المدينة!!
حديث عبدالله بن عمرو: أيّ المدينتين تفتح أولاً.. الحديث:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص91): "باب: البشارة بفتح
القسطنطينية ثم فتح روما". ثم ذكر "عن أَبي قَبِيلٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بنِ العَاصِي، وَسُئِلَ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ
أَوَّلًا: الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللهِ بِصُنْدُوقٍ
لَهُ حَلَقٌ، قَالَ: فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: بَيْنَمَا
نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَكْتُبُ [يعني حديثه](8)، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ
الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا: قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ
أَوَّلًا " يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ". ثم قال: "رواه أحمد، وابن
أبي شيبة، والدارمي، والحاكم في صحيحه من طرق، وقال: (صحيح على شرط الشيخين) ووافقه
الذهبي، وقال عبدالغني المقدسي في كتاب العلم: (حديث حسن الإسناد)، وقال الهيثمي في
مجمع الزوائد: (رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير أبي قبيل، وهو ثقة"، وقال
في الحاشية: "هذا الحديث مما كتبه ابن عمرو في صحيفته الصادقة المشهورة المتواترة،
وكان قد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم بالكتابة لحديثه؛ فأذن له، فكان لا يدع شيئا
يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم إلا كتبه؛ ومن ذلك هذا الحديث في فتح القسطنطينية،
وسؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم عن أي المدينتين تفتح أولا: القسطنطينية أم
رومية؟ يؤكد شيوع خبر البشارة بفتحها بينهم واستفاضة العلم به في عمومهم، وإنما اختلفوا
في أي الفتحين أسبق!".
(8) ما بين القوسين المعقوفين من كلام ابن عبيسان
وليست في أصل الرواية.
قلت:هذا حديث منكر!!
رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/219) (19463)، وأحمد في "مسنده"
(11/224) (6645).
وابن أبي عاصم في كتاب «الأوائل» (ص: 90) (110) عن أَبي بَكْر بن أبي
شيبة.
والدارمي في «مسنده» (1/430) (503) عن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن أبي
شيبة.
والطبراني في «المعجم الكبير» (13/68)
(166) عن بِشْر بن مُوسَى الأسدي. وفي كتاب «الأوائل» (ص: 89) (61) عن عَبْد
اللَّهِ بن الحُسَيْنِ المِصِّيصِيّ.
والداني في «السنن الواردة في الفتن»
(6/1127) (607) من طريق ابن أَبِي خَيْثَمَةَ زهير بن حرب.
كلهم (أحمد، وأبو بكر ابن أبي شيبة
وأخوه عثمان، وبشـر، وعبد الله بن الحسين، وزهير بن حرب) عن يَحْيَى بن إِسْحَاقَ السِّيلَحِينِيّ.
ورواه ابن عبد الحكم في «فتوح مصـر
والمغرب» (ص: 285) عن سعيد بن كثير بن عُفير.
والحاكم في «المستدرك» (4/468)
(8301) من طريق هَاشِم بن مَرْثَدٍ، عن سَعِيد بن عُفَيْرٍ.
ورواه نُعيم بن حمّاد في «الفتن» (2/479)
(1344) عن عبد الله بن وَهْبٍ.
والحاكم النيسابوري في «المستدرك»
(4/553) (8550) من طريق نُعيم بن حماد.
ورواه أيضاً (4/598) (8662) من طريق
أَبي الطَّاهِرِ، عن ابن وَهْبٍ.
ورواه الطبراني في «المعجم الكبير»
(13/68) (166) عن يَحْيَى بن أَيُّوبَ العَلَّاف، عن سَعِيد بن الحكم بن أَبِي مَرْيَمَ.
كلهم (يحيى بن إسحاق، وسعيد بن عُفير،
وابن وهب، وابن أبي مريم) عن يحيى بن أيوب الغافقي المصـري، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عن
عَبْد اللَّهِ بن عَمْرِو بنِ العَاصِ رضي الله عنهما، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ووقع في رواية سعيد بن عفير عند الحاكم
النيسابوري: "حدثَنَا سَعِيدُ بنُ أَبِي أَيُّوبَ"! وهو خطأ! والصواب
"يحيى بن أيوب". والحديث لا يُعرف عن سعيد بن أبي أيوب! وإنما عن يحيى بن
أيوب. وقد تقدمت رواية ابن عبد الحكم عن سعيد بن عفير عن يحيى بن أيوب.
فيُحتمل أنه تحرّف في نسخة الحاكم
النيسابوري لسبق النظر في اسم "سعيد" [سعيد بن عفير] فكتبت: "سعيد بن
أبي أيوب". ويُحتمل أن هاشم بن مرثد لم يحفظه فأخطأ في اسمه.
وهاشم بن مرثد ضعيف. قال ابن حبان:
"ليس بشيء" وقال الخليلي: "صاحب غرائب"، وقال الذهبي: "ما
هو بذاك المجوّد". ورواية ابن عبد الحكم تُقدّم عليه.
قال الحاكم النيسابوري: "هَذَا
حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".
وقال في الموضعين الآخرين: "هذَا
حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، ولمْ يُخْرِجَاهُ".
قلت: هذا الحديث تفرد به هكذا مرفوعاً
يحيى بن أيوب الغافقي! وخالفه فيه عبد الله بن لهيعة، فزاد في إسناده رجلاً، ووقفه.
وأشار إلى ذلك ابن عبد الحكم، فإنه
لما ساق حديث يحيى بن أيوب، قال: "وقد خالف ابن لهيعة، يحيى بن أيّوب في هذا الحديث،
والله أعلم بالصواب".
ثم ساق بإسناده، فقال: حدثناه أبو
الأسود النضـر بن عبدالجبّار: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عمير بن مالك: أنه
كان عند ابن عمرو، فذكروا فتح القسطنطينيّة ورومية، أيّهما تفتح أوّل؛ فاختلفوا في
ذلك؛ فدعا عبد الله بن عمرو بصندوق فيه قراطيس، فقال: "تفتحون القسطنطينيّة، ثم
تغزون بعثاً إلى رومية؛ فيفتح الله عليكم، وإلّا فأنا عند الله من الكذّابين".
ورواه نعيم بن حماد في «الفتن» (2/483)
(1354) عن ابن وَهْبٍ، عَنِ ابنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ
مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ
يَوْمًا، فَذَكَرُوا فَتْحَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَرُومِيَّةَ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ:
تُفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ قَبْلَ رُومِيَّةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُفْتَحُ رُومِيَّةُ
قَبْلَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَدَعَا عَبْدُاللَّهِ بنُ عَمْرٍو بِصُنْدُوقٍ لَهُ
فِيهِ كِتَابٌ، فَقَالَ: «تُفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ قَبْلَ رُومِيَّةَ، ثُمَّ
تَغْزُونَ رُومِيَّةَ بَعْدَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَتَفْتَحُونَهَا، وَإِلَّا فَأَنَا
عَبْدُ اللَّهِ مِنَ الْكَاذِبِينَ، يَقُولُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».
ورواه أيضاً (2/475) (1337) عن الوَلِيد
بن مسلم الدمشقي، عَنِ ابنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ مَالِكٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ: «فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، ثُمَّ تَغْزُونَ
رُومِيَّةَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ عَلَيْكُمْ».
قالَ أَبُو قَبِيلٍ: "وَيْلِي
إِفْرِيقِيَّةَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ يُدْعَى مُحَمَّدَ بنَ سَعِيدٍ، يَكُونُ
بَعْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يُقَالُ لَهُ أَصْبَغُ بْنُ يَزِيدَ، وَهُوَ صَاحِبُ
رُومِيَّةَ، وَهُوَ الَّذِي يَفْتَحُهَا".
ويحيى بن أيوب الغافقي المصري: صدوق
له أوهام!
قال ابنُ معين: "ثقة"، وقال
مرة: "صالح".
وقال أحمد: "سيء الحفظ".
ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال:
"صدوق".
وقال أحمد بن صالح المصري: "له
أشياء يُخالف فيها".
وقال أبو حاتم: "محله الصدق،
يكتب حديثه ولا يحتج به".
وقال يعقوب بن سفيان: "كان ثقة
حافظاً".
وقال ابنُ سعد: "منكر الحديث".
وقال الإسماعيلي: "لا يُحتج به".
وقال الدارقطني: "في بعض أحاديثه
اضطراب".
وقد روى له البخاري في الشواهد.
وابن لهيعة حاله معلومة وهو ضعيف سيء
الحفظ، لكن هنا نُرجّح رواية ابن لهيعة على رواية يحيى بن أيوب؛ لأنه كان أهون على
ابن لهيعة أن يسقط رجلاً لا أن يزيده! وهذا يدلّ على ضبطه له، وكذا ضبط وقفه.
وكان أبو حاتم الرازي يُعلل بعض أحاديث
الثقات بحديث ابن لهيعة الذي يزيد في إسناده؛ لأنه كان أهون عليه إسقاطه لسوء حفظه(9). ويحيى بن أيوب وهم فيه، فأسقط رجلاً، وسلك الجادة فرفعه.
والرواية الموقوفة التي أتى بها
ابن لهيعة لا تصح أيضاً؛ لأن "عمير بن مالك" مجهول! ولم أظفر له بترجمة أو
ذكر في الكتاب!!
(9) ما بين فعلى سبيل
المثال، قال ابن أبي حاتم في «علل الأحاديث» (2/425): "سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ
رَوَاهُ النُّعمان بنُ المُنذِر، عَنْ مَكْحول، عَنْ عَنبَسَة، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ،
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي
يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ»؟ فَقَالَ أَبِي: "لِهَذَا
الْحَدِيثِ عِلَّة؛ رَوَاهُ ابنُ لَهِيعَة، عَنْ سُلَيمان بنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحول،
عَنْ مَوْلًى لِعَنبَسَة بنِ أَبِي سُفْيان، عَنْ عَنبَسَة، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ،
عن النبيِّ لى الله عليه وسلم". قَالَ أَبِي: "هذَا دليلٌ أنَّ مَكْحُولً لَمْ يَلْقَ
عَنبَسَةَ، وَقَدْ أفسَدَهُ روايةُ ابنِ لَهِيعَة".
قلتُ لأَبِي: لِمَ حَكَمْتَ بِرِوَايَةِ ابنِ لَهِيعَة، وقد عرفتَ
ابنَ لَهِيعَة وكثرةَ أوهامِه؟
قال أبي: "فِي رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَة زيادةُ رجل، ولو
كان نُقصانَ رجلٍ، كَانَ أسهلَ عَلَى ابنِ لَهِيعَة حِفْظُهُ"
هذا مثال واحد وهناك عدة أمثلة، وقد شرعنا في بحث حول ذلك
نسأل الله أن ييسر إتمامه ونشره.
وقول الحاكم إن الحديث على شرط الشيخين
فيه نظر!! فأبو قبيل ليس من رجال الشيخين!
وقول من يقول بأن الذهبي وافقه على
قوله فيه نظر أيضاً!! وهو من الأخطاء التي تتابع عليها المتأخرون والمعاصرون، فالذهبي
ملخص لكلام الحاكم ولا يوافقه، وهناك أحاديث سكت عنها الذهبي في تلخيصه للمستدرك وصرح
بنكارتها أو ضعفها في مواطن أخرى.
وفي المسألة بعض البحوث الجيدة لبعض
الإخوة، أصابوا في نفي نسبة ذلك للإمام الذهبي، وعندي ولله الحمد أدلة أخرى لم يذكروها
ليس هذا موضعها.
وعلى فرض صحة حديث يحيى الغافقي؛ فقد
تفرّد به أبو قَبيل وهو حُيي بن هانئ المعافري (ت 128هـ) وثقه بعض أهل العلم لكنهم
نصّوا على أنه كان يخطئ ويهم.
قال ابن حبان في «الثقات» (4/178):
"وكان يخطىء".
وقال في «مشاهير علماء الأمصار» (ص120):
"وكان يهم في الأحايين".
ولهذا قال عنه ابن حجر في «التقريب»
(ص185): "صدوقٌ يهم".
ثُم وجدت الحافظ ابن حجر ضعفه في
"تعجيل المنفعة" في ترجمة «عبيد بن أبي قرة» فإنه علل حديثاً رواه أبو قبيل،
فقال: "ثم تذكرت أن للحديث علة غير تفرد عبيد تمنع إخراجه في الصحيح وهو ضعف أبي
قبيل؛ لأنه كان يكثر النقل عن الكتب القديمة، فإخراج الحاكم له في الصحيح من تساهله".
قلت: هو قد سمع من عبد الله بن عمرو
ولا شك في ذلك، وكأنه لم يكن ضابطاً! وفي حديثه إسرائيليات عدة.
وفي هذا الحديث جملة من الأشياء المنكرة!!
وهي:
* المصادفة في توافق السؤال الذي سئل
عنه عبد الله بن عمرو وكان النبي صلى الله عليه وسلم سئل السؤال نفسه!
* قوله في الحديث: "نحن حوله
نكتب"! وهذا منكرٌ جداً! إذ لم يكن من عادة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الكتابة وهم عنده! نعم، كان بعضهم
كعبد الله بن عمرو يحفظون ثم يكتبون في بيوتهم، أما الكتابة وهم حوله صلى الله عليه وسلم فهو منكر جداً!!
* هل يعجز عبد الله بن عمرو أن يحفظ
هذا الحديث حتى يحتاج إلى أن يخرج صندوقاً ويخرج منه الكتاب ليجيب على هذا السؤال؟!
والحديث يشبه أحاديث القصاص، وفيه
صنعة واضحة، ولأبي قبيل عن عبد الله بن عمرو أحاديث منكرة عموما وفي أخبار آخر
الزمان والملاحم خصوصا.
·
مناقشة الشيخ أحمد شاكر في تصحيحه
للحديث!
قال أحمد شاكر أثناء تحقيقه لمسند
أحمد (6/202) (6645): "إسناده صحيح.
يحيى بن إسحاق: هو السيلحيني، شيخ
أحمد. يحيى بن أيوب الغافقي المصري: سبق توثيقه 598، ونزيد هنا أن الترمذي نقل عن البخاري
توثيقه، كما في التهذيب، ووثقه ابن معين، وقال يعقوب بن سفيان: "كان ثقة حافظاً".
وتكلم فيه الإِمام أحمد وغيره من جهة حفظه، وقال ابن يونس: "كان أحد طلابي العلم
بالآفاق، وحدث عنه الغرباء أحاديث ليست عند أهل مصر"، وترجمه البخاري في الكبير
4/2/260، والصغير ص 188، فلم يذكر فيه جرحاً، ولم يذكره في الضعفاء، وقد خرج له الشيخان
وسائر أصحاب الكتب الستة...
أبو قبيل، بفتح القاف: هو حييُّ بن
هانئ المعافري، سبق توثيقه 6594.
والحديث في مجمع الزوائد 6: 219، وقال:
"رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير أبي قبيل، وهو ثقة"... ثم ساق أحمد
شاكر رواية ابن عبد الحكم، ثم قال: "ورواية ابن عبد الحكم عن سعيد بن عفير عن
يحيى بن أيوب، تؤيد رواية الإِمام أحمد عن يحيى بن إسحق السيلحيني عن يحيى بن أيوب،
وترفع الشبهة التي قد تعرض من قول ابن يونس في يحيى بن أيوب "حدث عنه الغرباء
بأحاديث ليست عند أهل مصـر" لأن سعيد بن عفير: هو سعيد بن كثير بن عفير، بضم العين
المهملة، وهو مصـري ثقة، روى عنه الشيخان وغيرهما، وتكلم فيه بعضهم بغير حجة، كلاماً
لا قيمة له، قال ابن عدي: "لم أسمع أحداً، ولا بلغني عن أحد، في سعيد بن كثير
بن عفير كلام، وهو عند الناس صدوق ثقة، ولا أعرف سعيد بن عفير غير المصـري، ولم ينسب
المصري إلى بدع ولا إلى كذب"، وترجمه البخاري في الكبير2/1/466، فلم يذكر فيه
جرحاً.
وأما مخالفة ابن لهيعة، التي أشار
إليها ابن عبد الحكم ورواها بإسناده: فإنه يريد بها - والله أعلم- تعليل رواية يحيى
بن أيوب، بأن ابن لهيعة رواه عن أبي قبيل عن عمير بن مالك عن عبد الله بن عمرو، من
قوله، فزاد في الإسناد رجلاً، وجعل الحديث موقوفاً لا مرفوعاً. ونحن لا نرى هذا التعليل
قائماً، ونرجح رواية يحيى بن أيوب، إذ هو أحفظ من ابن لهيعة، ثم إن الرجل الذي زاده
ابن لهيعة، وهو "عمير بن مالك"، رجل مجهول، لم نجد له ترجمة ولا ذكراً في
غير هذا الموضع. ثم فوق هذا، لو صحت رواية ابن لهيعة، لم تناف رواية يحيى بن أيوب،
فإن أبا قبيل تابعي ثقة قديم، أدرك مقتل عثمان، وسمع عبد الله بن عمرو وغيره من الصحابة،
فلا يبعد أن يكون سمع الحديث من عمير بن مالك عن عبد الله بن عمرو موقوفاً، ثم سمعه
من عبد الله بن عمرو مباشر مرفوعاً، فحدث به على الوجهين. ومثل هذا كثير". انتهى
كلام الشيخ أحمد شاكر.
قلت: كلام الشيخ أحمد شاكر عليه
مؤاخذات عدة وهو مردود! والكلام عن يحيى بن إسحاق ليس هذا مكانه، فإنه قد توبع على
حديثه. وردُّه على ما أشار إليه ابن يونس عن تفرده عن أهل مصر بأحاديث ليست موجودة
عند المصريين بمتابعة سعيد بن عفير لا يلزم ابن يونس!!
فابن يونس قال بأنه يروي عن أهل مصـر
أحاديث لا يرويها عنهم سواه، وهو لم يُعمم، فإذا تابعه بعض المصـريين على حديث ما فهذا
خارج ما تكلّم عليه الحافظ ابن يونس.
وإطلاق توثيقه لأبي قبيل فيه نظر!
وعدم تعليله لرواية يحيى بن أيوب برواية
ابن لهيعة بسبب المنهج الذي يسير عليه الشيخ شاكر في تحقيقه! وليس يحيى بن أيوب بأحفظ
من ابن لهيعة مطلقاً.
نعم، ابن لهيعة ضعيف سيء الحفظ، لكنه
صاحب حديث كثير، وهو يصيب في أحاديث قد حفظها، وهذا منها.
وعدم وجود ترجمة لعمير بن مالك لا
يعني أن رواية ابن لهيعة خطأ! كما يوهم كلام الشيخ شاكر!
وأما أن أبا قبيل لا يبعد أن يكون
سمع الحديث من عمير بن مالك عن عبد الله بن عمرو موقوفاً، ثم سمعه من عبد الله بن عمرو
مباشر مرفوعاً، فحدث به على الوجهين! فهذا مردود!! لأن الرواية فيها قصة! والقصة حدثت
مرة واحدة، فإن كان حضـرها عمير بن مالك فقد حدث بها، وغاب عنها أبو قبيل، فكيف يكون
سمعها من عمير ثم سمعها مباشرة من عبدالله بن عمرو!!!
وإذ تهافت هذا الحديث تهافت قول ابن
عبيسان: "هذا الحديث مما كتبه ابن عمرو في صحيفته الصادقة المشهورة المتواترة،
وكان قد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم بالكتابة لحديثه؛ فأذن له، فكان لا يدع شيئا
يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم إلا كتبه؛ ومن ذلك هذا الحديث في فتح القسطنطينية،
وسؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم عن أي المدينتين تفتح أولا: القسطنطينية أم
رومية؟ يؤكد شيوع خبر البشارة بفتحها بينهم واستفاضة العلم به في عمومهم، وإنما اختلفوا
في أي الفتحين أسبق!".
وقول ابن عبيسان عن صحيفة عبدالله
بن عمرو متواترة فيه نظر!!
ولم يثبت أنه كان يسميها الصادقة بأسانيد
صحيحة كما حققته في بحث خاص حول «صحف الصحابة رضي الله عنهم»(10).
(10) نشـر البحث
مستقلا في مصـر عن مجلة الدارية العلمية التي تصدرها كلية الدراسات الإسلامية
والعربية بدسوق فرع كلية الشـريعة جامعة الأزهر، ونشر ضمن العدد الخامس عشر من
المجلة في عام 1435هـ.
ثم العجب من حاكم بن عبيسان!!!
كيف ساق بعد الحديث السابق هذا الحديث:
"وعن عمير بن مالك قال: كنا عند
عبد الله بن عمرو بن العاص بالإسكندرية يوما، فذكروا فتح القسطنطينية ورومية، فقال
بعض القوم: تفتح القسطنطينية قبل رومية، وقال بعضهم :تفتح رومية قبل القسطنطينية، فدعا
عبد الله بن عمرو بصندوق له فيه كتاب، فقال: (تفتح القسطنطينية قبل رومية، ثم تغزون
رومية بعد القسطنطينية فتفتحونها، وإلا فأنا عبد الله من الكاذبين، يقولها ثلاث مرات.)
رواه نعيم في الفتن عن ابن وهب بإسناد حسن".
قلت: هذا الحديث هو علة الحديث السابق
كما بينته.!
ثم كيف يكون إسناده حسن! وعمير بن
مالك هذا مجهول لا يُعرف؟!
حديث أبي ثعلبة: والله لا تعجز هذه الأمة.. الحديث:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص92): "باب: مقدمات فتح
القسطنطينية وأنها لا تفتح حتى تفتح قبلها عمورية ونيقية وحتى يكون الشام إقليما واحدا"
ثم ذكر: "عن جبير بن نفير؛ قال: سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيَّ، صَاحِبَ
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ وَهُوَ بِالفُسْطَاطِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ،
وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَغْزَى النَّاسَ القُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَقَالَ: "وَاللهِ
لَا تَعْجِزُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ إِذَا رَأَيْتَ الشَّامَ مَائِدَةَ
رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ".
ثم قال: "رواه أحمد وأبو داود والحاكم في صحيحه، وقال: (صحيح على شرط الشيخين)
ووافقه الذهبي. وقال: "قال الهيثمي في مجمع الزوائد: (رواه أحمد، ورجاله رجال
الصحيح)، وقال السيوطي: (بإسناد صحيح) ووافقه المناوي.
وله شاهد آخر من حديث المقدام بن معد
يكرب مرفوعا، رواه الطبراني في المعجم الكبير، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، ورجاله
ثقات، وفيه بقية بن الوليد وهو ثقة مدلس وقد عنعنه، فلا يضر حديث أبي ثعلبة الاختلاف
في رفعه ووقفه، فقد صح مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الذي بعده،
ومثله لا يقال بالرأي". انتهى كلام ابن عبيسان.
قلت: انظر كيف يعتمد حاكم عبيسان على
تصحيح الحاكم النيسابوري!! وتصحيح الهيثمي!! ثم تعدى ذلك إلى اعتماد تصحيح السيوطي
واخترع مصطلحا جديدا وهو "موافقة المناوي للسيوطي"!!! وكل هؤلاء لا يُعتد
بهم في التصحيح(11)!
(11) وقد أهمل ابن عبيسان
تصحيحهم لحديث الافتراق الذي ضعفه وصححه كل هؤلاء ولم يرفع به رأسا لمخالفته هواه،
وسنشير إلى ذلك لاحقا إن شاء الله.
وينقل كلام الحاكم ويقول بأن الذهبي
يوافقه! ولا يتحرى عن مدى صحة الكلام!!
فالبخاري لم يخرّج لمعاوية بن صالح
الحضـرمي صاحب هذا الحديث في الصحيح! وإنما خرّج له في «الأدب المفرد»، و«القراءة خلف
الإمام»، فهو ليس على شرط البخاري كما زعم الحاكم!
وقطع الإسناد والقول بأنه فلان روى
مباشرة كذا وكذا! فيه تدليس على القارئ! لأنه سيظن أن ما حُذف من الإسناد صحيح! وليس
كذلك.
فهذا الحديث كل طرقه تدور على معاوية
بن صالح، وقد اختلف فيه عليه في رفعه ووقفه، ورجّح البخاري الوقف.
وكيف لا يضر الاختلاف في رفعه ووقفه
كما يزعم ابن عبيسان؟! بل يضره!!
ومع هذا فهو من تفردات معاوية بن صالح،
وعنده غرائب لا تُقبل!!
قَال يَحْيى بن مَعِين: كَانَ ابن
مهدي إِذَا حدث بحديث مُعَاوِيَة بن صَالِح زبره يَحْيى بن سَعِيد القطان، وقَالَ:
"إيش هَذِهِ الأحاديث"!!، وكان ابن مهدي لا يبالي عمن روى، ويحيى ثقة في
حديثه.
وقال عباس الدوري: سَمِعْتُ يَحْيى
يقول: كَانَ يَحْيى بن سَعِيد لا يرضى معاوية بن صَالِح.
وقال علي بن المديني: سَألتُ يَحْيى
بن سَعِيد عن مُعَاوِيَة بن صَالِح؟ فَقَالَ: "ما كنا نأخذ عَنْهُ ذلك الزمان،
ولاَ حرفا".
وقال حميد بن زَنْجَوَيْهِ: قُلتُ
لعلي بْن المديني إنك تطلب الغرائب فأت عَبد اللَّه بْن صَالِح واكتب كتاب مُعَاوِيَة
بْن صالح تستفيد مِئَتَي حديث.
وقال أبو حاتم: "صالح الحديث
حسن الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به".
والحديث في بعض طرقه التصريح أن القسطنطينية
كانت قد فتحت آنذاك.
ففي بعض الروايات: "عَن أبي ثَعْلَبَة
الخُشَنِي قَالَ سمعته فِي خلَافَة مُعَاوِيَة بِالقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَكَانَ مُعَاوِيَة
غزا النَّاس بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ".
وقال الترمذي لما خرّج حديث أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ: "فَتْحُ القُسْطَنْطِينِيَّةِ مَعَ قِيَامِ السَّاعَةِ"، وضعّفه
بقوله: "هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ" قال: "والقُسْطَنْطِينِيَّةُ هِيَ مَدِينَةُ
الرُّومِ تُفْتَحُ عِنْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَالقُسْطَنْطِينِيَّةُ قَدْ فُتِحَتْ
فِي زَمَانِ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم".
وأما الشاهد الذي ذكره ابن عبيسان
عن المقدام بن معدي كرب، فرواه بَقِيَّةُ بن الوليد، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ بنِ رَاشِدٍ،
قَالَ: سَمِعْتُ المِقْدَامَ بنَ مَعْدِي كَرِبَ، فذكره.
قلت: عبد الملك بن راشد هذا مجهول!! من
شيوخ بقية بن الوليد المجاهيل! وبين بقية والمقدام على الأقل اثنان لا واحد! فالحديث
مرسل أيضاً.
حديث أبي ثعلبة: إذا كان بين الدرب والعريش.. الحديث:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص93): "عن جُبَيْرِ بنِ
نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، قَالَ: «إِذَا كَانَ بَيْنَ الدَّرْبِ
والعَرِيشِ مَأْدُبَةُ أَهْلِ بَيْتٍ وَاحِدٍ فَقَدْ دَنَا فَتْحُ القُسْطَنْطِينِيَّةِ»".
ثم قال: "رواه نعيم في الفتن بإسناد صحيح عنه".
قلت: رواه صَفْوَان بن عَمْرٍو السكسكي، عَنْ
أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عن جبير بن نفير، به.
ورواه نُعيم بن حماد أيضاً في كتاب
«الفتن» (2/504) (1422) عن الوَلِيد بن مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي مَهْدِيٍّ سَعِيدِ بنِ
سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ
الْخُشَنِيِّ، قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ مَا بَيْنَ العَرِيشِ إِلَى الفُرَاتِ مَأْدُبَةَ
أَهْلِ بَيْتٍ وَاحِدٍ فَذَلِكَ عَلَامَةُ المَلَاحِمِ».
فخالف أبو مهدي صفوانَ بن عمرو في
لفظه، ولم يذكر "القسطنطينية"!! وإنما ذكر "علامة الملاحم"!
وأبو مهدي سعيد بن سنان ضعيف وكان
عابداً صالحاً، فيحتمل أنه أصاب في روايته وإن كان بعض أهل العلم ضعفوه جداً. لكن يُحتمل
منه ما ليس مرفوعا.
وكان ينبغي على ابن عبيسان أن يذكر
هذه الرواية أيضاً لبيان الاختلاف.
وعلى كل حال فهذا الذي يُروى عن أبي
ثعلبة منكر!! ولا يُحتج به.
حديث سعد بن أبي وقاص: إني لأرجو أن لا تعجز أمتي.. الحديث:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص93): "وعن شريح بن عبيد
وسعد بن راشد عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه
وسلم قَالَ:
«إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تَعْجِزَ أُمَّتِي عِنْدَ رَبِّي أَنْ يُؤَخِّرَهُمُ نِصْفَ
يَوْمٍ» فَقِيلَ لِسَعْدٍ: كَمْ نِصْفُ يَوْمٍ؟ قَالَ: خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ"...ثم
قال: "رواه أبو داود عن شريح به، والحاكم في صحيحه عن ابن راشد به، شاهدا لحديث
أبي ثعلبة، وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)"، وقال في الحاشية:
"وقد تحقق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الله يمد في زمن أمته حتى تفتح القسطنطينية، وقد كانت اليهود
في زمانه صلى الله عليه وسلم يتحدثون عن قرب انتهاء العالم، وقرب قيام الساعة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن وعد الله له لن يتخلف بظهور دينه
على كل الأديان وعلوه على عواصمها بالفتح والظهور العسكري، ولن يعجز الله أن يمد عمر
العالم نصف يوم وهو خمس مئة عام لو اقتضـى ذلك حتى تفتح القسطنطينية، والمعنى: أنه
مهما قيل عن قرب قيام الساعة؛ فلن تقوم حتى يتحقق الفتح للقسطنطينية، وهذا يؤكد الارتباط
بين فتح هذه المدينة العظيمة وقيام الساعة؛ كما تواترت بذلك الأخبار الصحيحة، وسيأتي
بعضها في هذا الجزء... إلخ".
قلت: سبحان الله! كيف يدلّس ويلبّس على
الناس!! وما كنت أظن أن يطول بي العمر حتى أرى من إيحاء إبليس للناس بمثل هذا
التلبيس والتلاعب بالدين وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم.!
فهذا الحديث منقطع من كلا الطريقين
اللذين أوردهما، ولم يُشـر إلى ذلك! وإنما اكتفى بنقل تصحيح الحاكم للحديث!!
ومن عادته أنه ينقل موافقة الذهبي
إذا احتاج لتكثير أقوال أهل العلم مع عدم التسليم بأن الذهبي يوافق الحاكم في أحكامه،
لكن هنا أخفى كلام الذهبي الصريح في تعقب الحاكم!!!
قال الذهبي متعقباً أبا عبد الله
الحاكم النيسابوري: "لا والله، ابنُ أبي مريم ضعيف، ولم يرويا له شيئًا".
ورواية راشد بن سعد عن سعد بن أبي
وقاص مرسلة كما قال أبو زرعة الرازي [المراسيل لابن أبي حاتم: ص59].
وكذلك رواية شريح عن سعد منقطعة، فشريح
لم يدرك سعداً، بينهما مفاوز.
وأما كلام ابن عبيسان عن تأخير الله
سبحانه لهذه الأمة نصف يوم (خمسمائة عام) من أجل فتح القسطنطينية فهذا من تلبيس إبليس
ليوافق هوى في النفس!! والله المستعان.
حديث حذيفة: لا تُفتح القسطنطينية حتى تُفتح قريتان.. الحديث:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص96): "عن عبد الرحمن بن
يزيد بن عبيدة، عن أبيه، عن جده، أنه سمعه من حذيفة بن اليمان يقول: (لا تفتح القسطنطينية
حتى تفتح القريتان: نيقية وعمورية). رواه البخاري في "التاريخ الكبير" من
طريق زائدة، عن الحكم بن المبارك، ثنا عبد الرحمن بن يزيد به.
وابن عساكر في "تاريخ دمشق
"بإسناد صحيح إلى الوليد بن مسلم، قال حدثني عبد الرحمن به. وهذا إسناد شامي حسن،
وعبد الرحمن وأبوه وجده عبيدة بن أبي المهاجر السكوني كلهم في عداد الثقات، ولم يذكروا
بجرح، والحديث موقوف له حكم الرفع، إذ لا يقال مثله بالرأي، وحذيفة من أعلم الصحابة
بأخبار الفتن ولم يعرف عنه أنه كان يحدث عن أهل الكتاب، وهو قديم الوفاة"
انتهى.
قلت: قوله: "من طريق زائدة"!
وهم وغلط!!
فالبخاري رواه عن "زكريا"،
وهو: زكريا بن يحيى البلخي.
وقوله عن هذا الإسناد بأنه إسناد شامي
حسن فيه نظر!! نعم قد ذكروهم في جملة الثقات ولا يوجد فيهم جرح، إلا أن حديثهم عند
التفرد لا يحتج به.
وهذا الحديث مرسل! فكيف جزم بصحة وقفه
على حذيفة؟!! وحسّنه! وأنه لا يقال بالرأي!!
فقد ذكر الذهبي في «تاريخه» (3/97)
"عبيدة بن أبي المهاجر" فيمن مات بين سنة [101 – 110هـ]، وقال: "سَمِعَ
مِنْ معاوية، وأرسل عَنْ: حُذَيْفَةَ، وَكَعْبٍ الأَحْبَارِ". فهو لم يدرك حذيفة،
وحديثه عنه مرسل!
وأصل الحديث عن كعب الأحبار.
رواه نُعيم بن حماد في «الفتن»
(2/494) (1385) قال: حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيرَةِ، عَنْ عُتْبَةَ بنِ ضَمْرَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هَزَّانَ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «لَا تُفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ
حَتَّى تُفْتَحَ كُلْيَتُهَا»، قِيلَ: وَمَا كُلْيَتُهَا؟ قَالَ: "عَمُّورِيَّةُ".
قالَ أَبُو المُغِيرَةِ: حَدَّثَنِي
بِشْرُ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ:
"لَا تُفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ حَتَّى يُفْتَحَ نَابُهَا، قِيلَ: وَمَا
نَابُهَا؟ قَالَ: عَمُّورِيَّةُ". قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ عَنْ كَعْبٍ
مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: "كَلْبُهَا".
وهنا نُلْزم حاكم بن عبيسان بما قاله
عن "حمد عثمان" عندما رد عليه في كتابه: "الفرقان بين حقائق الإيمان
وأباطيل الشـرك والطغيان" - ولسنا ندافع عن ذاك الجهمي المرجئ عبد الطاغوت
حمد العثمان - وإنما الرد عليه من كلامه، فإنه لما ضعّف حديث: «السلطان ظل الله في
الأرض من أهانه أهانه الله» رد عليه حمد بأن الحديث صحيح! فرد عليه حاكم بن عبيسان
فقال: "وإليك طرق الحديث وحكم الأئمة عليها ليعرف هذا الكاتب أنه ليس من أهل هذا
الفن وإن ادعاه وحمل فيه شهادة الدكتوراه". ثم عرض حاكم لطرقه ووصل إلى أن الحديث
ثبت من قول كعب الأحبار من الإسرائيليات.
فقال: "والصحيح أنه ثابت عن كعب
الأحبار من قصصه الإسرائيلية التي صارت عند هذا المتعالم سنة وعقيدة سلفية"!
ونقول - الآن - لحاكم بن عبيسان: "وهنا
جعلت ما ثبت عن كعب فضيلة متواترة"!!!
أثر كعب الأحبار في فتح رومية يخرج جيش من المغرب.. الأثر:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص97): "عَنْ كَعْبٍ، قَالَ:
«فِي فَتْحِ رُومِيَّةَ يَخْرُجُ جَيْشٌ مِنَ المَغْرِبِ بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ لَا يَنْكَسِـرُ
لَهُمْ مِقْذَافٌ، وَلَا يَنْقَطِعُ لَهُمْ حَبْلٌ، وَلَا يَنْحَرِقُ لَهُمْ قِلْعٌ،
وَلَا تَنْتَقِصُ لَهُمْ قِرْبَةٌ، حَتَّى يَرْسُوا بِرُومِيَةَ فَيَفْتَحُونَهَا»،
قَالَ كَعْبٌ: «إِنَّ فِيهَا لَشَجَرَةً هِيَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَجْلِسُ ثَلَاثَةِ
آلَافٍ، فَمَنْ عَلَّقَ فِيهَا سِلَاحَهُ، أَوْ رَبَطَ فِيهَا فَرَسَهُ فَهُوَ عِنْدَ
اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَفْضَلِ الشُّهَدَاءِ». قَالَ كَعْبٌ: تُفْتَحُ عَمُّورِيَّةُ
قَبْلَ نِيقِيَةَ، وَنِيقِيَةُ قَبْلَ القُسْطَنْطِينِيَّةِ، والقُسْطَنْطِينِيَّةُ
قَبْلَ رُومِيَّةَ". ثم قال ابن عبيسان: " رواه نعيم في الفتن بإسناد
حسن عن كعب."، وقال في الحاشية: "وهذا ما حدث لهذه المدن البيزنطية النصـرانية
الثلاث المشهورة من فتح على الترتيب المذكور في هذا الأثر عن كعب الأحبار اليماني الحميري
العالم اليهودي الذي أدرك عهد النبوة، وأسلم مبكراً، وقدم المدينة في عهد عمر، وأخذ
العلم عن الصحابة، وكانوا يسألونه عن علم أهل الكتاب، وهذه النبوءة إما إنه أخذها عن
الصحابة كما عن عبدالله بن عمرو بن العاص الذي صح عنه أنه كان يحدث بفتح القسطنطينية
قبل رومية، وكما صح عن حذيفة في فتح عمورية ونيقية قبل القسطنطينية، أو يكون كعب علم
ذلك مما عنده من علم كتب أنبياء بني إسرائيل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن
بالتحديث عنهم فيما لا يتعارض مع ما جاء به من الوحيين...".
قلت: يرويه نعيم بن حماد عن ابن وَهْبٍ،
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ حُدَيْرِ بْنِ كُرَيْبٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ،
عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ كَعْبٍ.
ومعاوية بن صالح الحضرمي ينفرد بمنكرات!
ولو صح الإسناد إلى كعب فيكون من الإسرائيليات!
ولا وجه لكلام حاكم أنه ربما أخذ ذلك من الصحابة!! فلو كان عند الصحابة لوجدناه من
طرق أخرى لا أن ينفرد به كعب الأحبار!!
وحاكم يريد رفع قيمة كعب الأحبار فوصفه
بهذا الوصف "العالم اليهودي الذي أدرك عهد النبوة"! نعم هو عالم من علماء
اليهود وفي كثير مما يرويه نكارة..!! ومر بنا قبل قليل كيف رد ابن عبيسان على حمد
العثمان بخصوص كعب الأحبار!
وقوله "ما صح عن عبد الله بن
عمرو وحذيفة" قد بينت فيما سبق أنه لم يصح عنهما كما ادّعى ابن عبيسان! وفتح هذه
المدن لا علاقة له بأي نبوة، وفتحها لا يدل على أية فضيلة!
وعلى رأي حاكم ينبغي أن يكون هذا الأثر
فيه فضيلة لعمورية، وفضيلة لنيقية!! وينبغي أن يصنف في فضائلها وينزل كل أحاديث
الروم عليهما فهما أولى!! ولعله يلحق ذلك بأربعين حديثا في فضل المعتصم العباسي
الجهمي القائل بخلق القرآن..!!
أثر تُبيع اليماني: إذا رأيت الجزيرة التي بالفسطاط.. الأثر:
• ذكر حاكم بن عبيسان (ص98): "عن خُثَيْم الزَبَادِيّ،
عن تُبَيْع اليماني: وَسَأَلْتُهُ عَنْ رُومِيَّةَ، فَقَالَ: "إِذَا رَأَيْتَ
الجَزِيرَةَ الَّتِي بِالفُسْطَاطِ بُنِيَ فِيهَا سُفُنٌ، أَوْ قَالَ: سَفِينَةٌ، خَشَبُهَا
مِنْ لُبْنَانَ، وَحِبَالُهَا مِنْ مِيسَانَ، وَمَسَامِيرُهَا مِنْ مَرِيسٍ، ثُمَّ
أُمِرَ بِجَيْشٍ فَغَزَوْا فِيهَا، لَا يَنْقَطِعُ لَهُمْ حَبْلٌ، وَلَا يَنْكَسِرُ
لَهُمْ عَمُودٌ، فَإِنَّهُمْ يَفْتَتِحُونَ رُومِيَّةَ، وَيَأْخُذُونَ تَابَوتَ السَّكِينَةِ،
فَيَتَنَازَعُ التَّابُوتَ أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ مِصْـرَ، أَيُّهُمْ يَرُدُّهَا
إِلَى إِيلِيَاءَ، ثُمَّ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهَا، فَيُصِيبُ أَهْلُ مِصْرَ بِسَهْمِهِمْ،
فَيَرُدُّونَهَا إِلَى إِيلِيَاءَ".
قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ
فَقَالَ: «يَغْزُونَهَا رِجَالٌ يَبْكُونَ، وَيَتَضَـرَّعُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى،
فَإِذَا نَزَلُوا بِهَا صَامُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَيَدْعُونَ اللَّهَ، وَيَتَضَرَّعُونَ
إِلَيْهِ، فَيَهْدِمُ اللَّهُ جَانِبَهَا الشَّرْقِيَّ، فَيَدْخُلُهَا الْمُسْلِمُونَ
وَيَبْنُونَ فِيهَا الْمَسَاجِدَ». رواه أبو نعيم في الفتن بإسناد حسن"، ثم
قال في الحاشية: "في هذا الأثر ثناء على جيش محمد الفاتح وعلى تقواهم وصلاحهم،
وأن الفتح كان باسم الله وفي سبيله، وفيه البشارة بكثرة بناء مساجد القسطنطينية بعد
فتحتها، حتى لا يكاد يوجد اليوم في مدن الإسلام أكثر منها مسجدا! وهذا الوصف عن حال
الجيش وتضـرعهم بالدعاء وصومهم مذكور في أحداث الفتح، فقد طال يوما، فقد طال الحصار
مدة 53 يوما، واشتد الخطب عليهم بتتابع السفن الأوربية مشكونة [كذا!] بالقوات الصليبية
للدفاع عن القسطنطينية، وكاد المسلمون يرجعون
عنها، حتى كان الهجوم الأخير عليها، والذي استغرق ثلاثة أيام حتى استكمل فتحها كلها،
وقتل أثناءه قسطنطين آخر إمبراطور روماني بيزنطي، وقد ذكر مؤرخ الدولة العثمانية محمد
فريد في كتابه "تاريخ الدولة العلية" حال الجنود العثمانيين تلك الليلة؛
فقال: (وفي الليلة السابقة لليوم المحدد اشعلت الجنود العثمانية الأنوار أمام خيامها
للاحتفال بالنصـر المحقق لديهم، وظلوا طول ليلهم يهللون ويكبرون، حتى إذا لاح الفجر
صدرت إليهم الأوامر بالهجوم، فهجم مائة وخمسون ألف جندي، وتسلقوا الأسوار حتى دخلوا
المدينة من كل فج.)..
وأما تضرع المجاهدين بالدعاء والبكاء
لفتحها؛ فقد ذكر بعضه الإمام الشوكاني في كتابه "البدر الطالع" في ترجمة
الشيخ العابد الزاهد محمد بن حمزة الدمشقي ثم الرومي المعروف بابن شمس الدين، المشهور
عند الأتراك بالشيخ "آق شمس الدين" فقد ذكر فيها عنه: "اشتهرت بركته
وَظهر فَضله حَتَّى إن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان سُلْطَان الروم لما أَرَادَ فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة
دَعَاهُ للْجِهَاد فَقَالَ صَاحب التَّرْجَمَة للسُّلْطَان سيدخل الْمُسلمُونَ القلعة
فِي يَوْم كَذَا فجَاء ذَلِك الْوَقْت الَّذِي عينه لفتح القلعة فَحصل مَعَ بعض أَصْحَابه
فزع شَدِيد من السُّلْطَان على الشَّيْخ إِذا لم يَصح الْخَبَر فَذهب إِلَيْهِ فِي
تِلْكَ الْحَال فَوَجَدَهُ فِي خيمته سَاجِدا على التُّرَاب مَكْشُوف الرَّأْس وَهُوَ
يتَضَرَّع ويبكي فَرفع رَأسه...." انتهى كلام ابن عبيسان بطوله ونقوله.
قلت: كيف يكون حسناً وهو من قول تُبيع
اليماني!!! ما هذا السقوط والنزول إلى روايات تبيع من أجل الهوى ونصرة الباطل!!
وهل يُعقل أن حاكم بن عبيسان لا يعرف حال تُبيع؟!! إن كان لا يدري فهذا جهل فاضح،
وإن كان يدري فهذا تلبيس واضح!
إن
كنت لا تدري فتلك مصيبة // وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
فتُبَيع الحِميري ابن امرأة كعب الأحبار،
من التابعين، قرأ الكتب القديمة وحدّث عن كعب كثيراً من الأخبار، وهو صاحب الملاحم.
ويروي نُعيم بن حماد في كتابه "الفتن" من طريقه عشـرات الروايات في الملاحم
وأخبار بني أمية وبني العباس وأخبار آخر الزمان وغيرها! وعامَّة أخباره منكرة وكذب!
ثم ما هذا الهوى في إنزال هذا الأثر
المكذوب على جيش محمد الثاني بن مراد العثماني ومدحه! سبحان الله!!
نعم هو من قاد الجيش الذي غزا
القسطنطينية وبنيت فيها بعد ذلك المساجد كغيرها من البلاد والمدن التي فتحت في بلاد
فارس والشام وما حولهما...
ثم ما هذا التدليس أن ما جاء في هذا
الأثر المكذوب قد وُجد في جيشه من بكاء الجيش وصيامه ثلاثة أيام والتضـرع وغير ذلك!!
لما لم يجد حاكم ما يؤيد كلامه وجد ما ذكره الشوكاني في قصة ابن شمس الدين، ولا علاقة
لها بما ذُكر في الأثر!! لكنه الهوى والتعصب نسأل الله العافية والسلامة.
حديث أبي أيوب الأنصاري: في معنى
التهلكة.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص101): "باب: حرص الصحابة والتابعين
على فتح القسطنطينية وفضائل أبي أيوب الأنصاري.. عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَسْلَمَ الكندي،
قَالَ: (غَزَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ نُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالرُّومُ مُلْصِقُوا ظُهُورِهِمْ
بِحَائِطِ الْمَدِينَةِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى الْعَدُوِّ، فَقَالَ النَّاسُ: مَهْ
مَهْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةَ. فَقَالَ أَبُو
أَيُّوبَ: "إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَـرَ الْأَنْصَارِ،
لَمَّا نَصَـرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، قُلْنَا لَهُمْ: نُقِيمُ
فِي أَمْوَالِنَا، وَنُصْلِحُهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَنْفِقُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا تُلقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، فَالْإِلْقَاءُ
بِأَيْدِينَا إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحَهَا، وَنَدَعَ
الْجِهَادَ". قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ". رواه أبو داود والترمذي
وابن حبان وقال الحاكم: (على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي".
قلت: هذا حديث مشهور حول مشاركة أبي أيوب
رضي الله عنه في غزو البحر.
وقد رواه حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ،
قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ أَبُو عِمْرَانَ،
مَوْلًى لِكِنْدَةَ قَالَ: "كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ، فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا
صَفًّا عَظِيمًا، مِنَ الرُّومِ، وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِثْلُهُ، أَوْ أَكْثَرُ... الحديث.
وهذا الحديث يدل على فضل من يغزو البحر
كما في حديث أم حرام رضي الله عنها، وليس فيه دلالة على فضل القسطنطينية (اسطنبول)؛
والصحابة كانوا حريصين على فتح كل البلاد وليس فقط القسطنطينية!
وكون أبي أيوب رضي الله عنه دُفن على
أسوار القسطنطينية لا يعني أن ذلك فضيلة لتلك المدينة!! فالصحابة رضوان الله عليهم
ماتوا بالآلاف في كثير من البلاد، ولم يقل أحد من أهل العلم أن فلانا من الصحابة إذا
مات في بلد ما فهذا يدل على فضل ذلك البلد، ويدخل ذلك في أحاديث فضائلها!!
ويكفي هؤلاء الصحابة رضوان الله
عليهم وموتهم خارج المدينة حرصهم على نشـر الدين ومشاركتهم في الجهاد والفتوحات.
والروايات الأخرى التي ذكرها ابن
عبيسان في هذا الباب كلها في مشاركة أبي أيوب رضي الله عنه في غزو القسطنطينية.
وذكر في آخر الباب: "وعن محمد
بن عمر، قال: (آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي أيوب، وبين مصعب بن عمير،
وشهد أبو أيوب بدرا، وأحدا، والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وتوفي عام غزا يزيد بن معاوية القسطنطينية في خلافة أبيه معاوية سنة اثنتين وخمسين،
وقبره بأصل حصن القسطنطينية بأرض الروم فيما ذكر يتعاهدون قبره، ويزورونه ويستسقون
به إذا قحطوا) رواه الحاكم في صحيحه".. وقال في الحاشية: "وقد ظل قبره مشهورا
معروفا منذ دفنه؛ وشاهده كثير ممن زاروا القسطنطينية من أهل الإسلام، كما ذكر ذلك المؤرخون
المسلمون الذين ينتابونها، فقد روى الخطيب البغدادي في تاريخه بإسناد صحيح من تاريخ
يعقوب بن سفيان البسوي(12) إلى الوليد بن مسلم قال: (حدثنا ابن
جابر: أن أبا أيوب لم يقعد عن الغزو في زمان عمر، وعثمان، ومعاوية، وأنه توفي في غزاة
يزيد بن معاوية بالقسطنطينية. قال الوليد: فحدثني شيخ من أهل فلسطين أنه رأى بنية بيضاء
دون حائط القسطنطينية، فقالوا: هذا قبر أبي أيوب الأنصاري صاحب النبي صلى الله عليه
وسلم، فأتيت تلك البنية، فرأيت قبره في تلك البنية، وعليه قنديل معلق بسلسلة.."
إلخ.
(12) كذا ورد في
أربعينيته المزعومة، هذه النسبة الى بلدة بفارس يقال لها بسا، وإليها يُنسب البساسيري،
وبالعربية فسا، والنسبة بالعربية إليها: فسوي، وهذا هو المشهور في استعمال
العلماء.
قلت: هذا تدليس واضح!! لأنه لم يبين من
هو: «محمد بن عمر»!!! لأنه لو قال بأنه هو «الواقدي» لرد كلامه! لأنه متهم بالكذب!!
نعم جاء في رواية الحاكم من طريق سُلَيْمَان
بن دَاوُدَ قال: حدثنا محمد بن عمر..! لكن لأنه اختصـر الإسناد وقال: "وعن محمد
بن عمر" كان ينبغي عليه أن يبين أنه هو الواقدي.
ثم تدليسه الآخر قوله: "رواه
الحاكم في صحيحه"!!!
ليلبس على القارئ أنه قد صح!! فعادة
الحاكم يحكم على الروايات ولكن في الكلام التاريخي والأخبار غالبا لا يحكم!
فها هنا كلام الواقدي وهو في مجمله
صحيح، لكن وقع خطأ في هذه الرواية فيما يتعلق بتعاهد قبر أبي أيوب وزيارته والاستسقاء
به!!
أي توحيد هذا عند ابن عبيسان بنقله
هذا الضلال المبين والافتخار به وجعله من المناقب! استسقاء بصاحب قبر!
ورواية سليمان بن داود وهو الشَّاذَكُوْنِيُّ
أَحَدُ الهَلْكَى عن الواقدي خطأ!
والصواب ما رواه عنه تلميذه الملازم
له الحافظ ابن سعد في «طبقاته» (3/370) عنه قال: "فَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرُّومَ
يَتَعَاهَدُونَ قَبْرَهُ وَيَرُمُّونَهُ وَيَسْتَسْقُونَ بِهِ إِذَا قَحَطُوا".
فالواقدي لم يجزم بهذا، وإنما بلغه ذلك!
والعجيب أن حاكم بن عبيسان ذكر أن
مسلمة بن عبد الملك بن مروان قد بنى مسجداً في القسطنطينية، وذكر أن طغرابك(13) السلجوقي أرسل رسوله من العراق سنة (447هـ) (بكتابه يأمر متملك الروم
بأن يمكن الرسول من الصلاة في جامع القسطنطينية، فأذن له في ذلك، فدخل إليه وصلى فيه
صلاة الجمعة. وخطب للخليفة القائم بأمر الله العباسي).
ثم تجده مضطرباً في التوفيق بين هذا
وبين بناء محمد الثاني بن مراد العثماني لمسجد إسطنبول!!!
فيقرر: "ولا يبعد أن يكون هناك
مسجد قديم عند القبر قد اندثر ثم بني عليه الجامع الجديد بعد فتحها؛ جمعا بين الروايات
التي تؤكد وجود مسجد قبل الفتح. وقد يكون هو مسجد أبي أيوب نفسه الذي بناه في تلك الغزوة
وكان يصلي فيه ويعظ الناس ويحدثهم فيه، كما في رواية ابن عساكر السابقة، ثم بقيت آثار
ذلك المسجد حتى بناه محمد الفاتح جامعا بعد فتح القسطنطينية".
والعجب أنه ينقل رواية الوليد بن مسلم
عن رجل مجهول في رؤيته قبر أبي أيوب وعليه قناديل معلقة!! ويسكت عن ذلك!!!
(13) كذا ورد في أربعينيته المزعومة مصحفا، والصواب الذي
ورد في المواعظ والاعتبار للمقريزي أن اسمه طغريل السلجوقي كما في نشـرة الكتاب
القديمة عن مكتبة الثقافة الدينية بمصـر (1/335). واشتهر كذلك بطغرلبك، كما في
تاريخ بغداد (11/47) وغيرها، وكان له مشاركة في كبح فتنة ابن البساسيري ببغداد.
وهذا المسجد الذي يحيك حوله ابن عبيسان الخرافات ويبني عليه
القصور الوردية قد بناه في الأصل ملك الروم في تلك الديار!! فقد ذكر الملك المؤيد
أبو الفداء الحموي في كتابه المختصـر في أخبار البشر (2/ 169) في حوادث سنة إحدى وأربعين
وأربعمائة: "وفيها أرسل ملك الروم إلى السلطان طغرلبك هدية عظيمة، وطلب منه المعاهدة
فأجابه إليها، وعمر مسجد القسطنطينية، وأقام فيه الصلاة والخطبة لطغرلبك" ثم
لما أراد نيل المزيد من الولاء من السلطان العباسي جعل طغرلبك الخطبة للقائم بأمر
الله!
وأصل القصة ما حكاه مؤرخ زمانه ابن الأثير فقال في الكامل في التاريخ (8/ 78):
"وَأَرْسَلَ مِلْكُ الرُّومِ إِلَى ابْنِ مَرْوَانَ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْعَى فِي
فِدَاءِ مَلِكِ الْأَبْخَازِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ، فَأَرْسَلَ نَصْرُ الدَّوْلَةِ
شَيْخَ الْإِسْلَامِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَرْوَانَ فِي الْمَعْنَى إِلَى السُّلْطَانِ
طُغْرُلْبَك، فَأَطْلَقَهُ بِغَيْرِ فِدَاءٍ، فَعَظُمَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ مِلْكِ
الرُّومِ، وَأَرْسَلَ عِوَضَهُ مِنَ الْهَدَايَا شَيْئًا كَثِيرًا، وَعَمَرُوا مَسْجِدَ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَأَقَامُوا فِيهِ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ لِطُغْرُلْبَك".
حديث أبي أيوب الأنصاري: إذا أنا
متّ فاحملوني.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص105): "باب: فضل نزول القسطنطينية
ومن أوصى أن يدفن تحت أسوارها"..."عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ
الْأَنْصَارِيِّ، أنه خَرَجَ غَازِيًا فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَمَرِضَ، فَلَمَّا ثَقُل
قَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَاحْمِلُونِي، فَإِذَا صَافَقْتُمُ الْعَدُوَّ
فَادْفِنُونِي تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا مَا حَضَرَنِي لَمْ أُحَدِّثْكُمُوهُ،
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ مَاتَ لَا
يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ».. رواه أحمد وابن سعد في الطبقات عن
أبي ظبيان بإسناد صحيح.. وعن أبي ظبيان؛ قال: (أوصى أبو أيوب أن يدفن إلى جانب القسطنطينية،
فناهضنا المدينة حتى دنونا منها، ثم دفناه حتى أقدامنا)".
قلت: هذا الحديث لو صح فليس فيه أي فضل
في نزول القسطنطينية..!! وإنما الفضل لمن نزلها غازياً كما هو الفضل لمن نزل أي بلد
غازيا مجاهدا في سبيل الله.
ووصية أبي أيوب رضي الله عنه أن يدفن
تحت أسوارها كي تكون له حجة على جهاده وغزوه في البحر، لا لفضل تلك المدينة كما يوهم
كلام حاكم بن عبيسان..! ولم يكن من عادة الصحابة رضوان الله عليهم طلب الدفن في
مدن معينة أو مواضع معينة، إلا ما كان من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من طلب جوار
النبي المكرم صلى الله عليه وسلم.
والعجيب من دكتور الحديث كيف يقول:
"بإسناد صحيح" وهو
معلول..! فرواية
أحمد وابن سعد "عن أبي ظبيان عن أبي أيوب"! من طريق الأعمش، لكنها معلولة.
فقد رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى»
(3/369) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضّـَرِيرُ وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ
قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، عَنْ أَبِي
أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ خَرَجَ غَازِيًا فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ.
ورواه سعيد بن منصور في «سننه»
(2/384) (2931) عن أَبي مُعَاوِيَة الضـرير، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ،
عَنْ أَشْيَاخِهِمْ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: خَرَجَ غَازِيًا
فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَمَرِضَ، فَلَمَّا حَضَـرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:
إِذَا أَنَا مُتُّ فَاحْمِلُونِي، فَإِذَا صَافَقْتُمُ الْعَدُوَّ فَادْفِنُونِي تَحْتَ
أَقْدَامِهِمْ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَوْلَا مَا حَضَـرَنِي لَمْ أُحَدِّثْكُمُوهُ،
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
فالحديث فيه "عن أشياخ"
مجاهيل لا يعرفون!!
وذكر الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (2/129)
الرواية التي ذكرها ابن عبيسان، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد وما خرجوه في الكتب
الستة"، وذكرها أيضاً في «السير» (2/412) وقال: "إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ"،
ثم ذكر عن جَرِيْر، عَنْ قَابُوْسِ بنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: أَتَيْتُ
مِصْـرَ، فَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ قَفَلُوا مِنْ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرُوْنِي: أَنَّهُمْ
لَمَّا كَانُوا عِنْدَ انْقَضَاءِ مَغْزَاهُمْ حَيْثُ يَرَاهُمُ العَدُوُّ، حَضَـرَ
أَبَا أَيُّوْبَ المَوْتُ؛ فَدَعَا الصَّحَابَةَ وَالنَّاسَ، فَقَالَ: إِذَا قُبِضْتُ،
فَلْتُرْكَبِ الخَيْلُ، ثُمَّ سِيْرُوا حَتَّى تَلْقَوُا العَدُوَّ، فَيَرُدُّوْكُمْ،
فَاحْفِرُوا لِي، وَادْفِنُوْنِي، ثُمَّ سَوُّوْهُ! فَلْتَطَأِ الخَيْلُ وَالرِّجَالُ
عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يُعْرَفَ، فَإِذَا رَجَعْتُمْ، فَأَخْبِرُوا النَّاسَ: أَنَّ رَسُوْلَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَنِي: (أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ يَقُوْلُ: لاَ
إِلَهَ إِلاَّ اللهُ)، وقابوس ضعيف الحديث.
والرواية الأخرى التي ذكرها ابن
عبيسان "وعن أبي ظبيان؛ قال: (أوصى أبو أيوب أن يدفن إلى جانب القسطنطينية، فناهضنا
المدينة حتى دنونا منها، ثم دفناه حتى أقدامنا)" هي الرواية السابقة نفسها..!!
وإنما ذكرها وكأنها منفصلة عنها لتكثير الروايات! وهذا من التدليس!!
فالرواية ساقها ابن عساكر في «تاريخه»
(16/62) من طريق الوليد بن مسلم، عن إبراهيم بن محمد أبي إسحاق الفزاري، عن الأعمش،
عن أبي ظبيان.
فكل الروايات ترجع لحديث الأعمش.
أثر أبي سعيد المعيطي في ذكر
القصة المنكرة ليزيد بن معاوية مع قبر أبي أيوب الأنصاري!
• ذكر ابن عبيسان (ص105): "وقال أبو سعيد المعيطي:
(إن أهل القسطنطينية قالوا ليزيد ومن معه: ما هذا ننبشه غدا! قال يزيد: ذا صاحب نبينا
صلى الله عليه
وسلم أوصى
بهذا لئلا يكون أحد من المجاهدين ومن مات في سبيل الله أقرب إليكم منه، لئن فعلتم لأنزلن
كل جيش بأرض العرب ولأهدمن كل كنيسة. قالوا: إنما أردنا أن نعرف مكانه منكم لنكرمنه
لصحبته ومكانه قال فبنوا عليه قبة بيضاء وأسرجوا عليه قنديلا. قال أبو سعيد: وأنا دخلت
عليه القبة في سنة مائة ورأيت قنديلها فعرفنا أنه لم يزل يسـرج حتى نزلنا بهم). رواهما
ابن عساكر من طريق الوليد بن مسلم بأسانيد حسنة".
قلت: ما هذا التدليس!! قال أسانيد حسنة
إلى الوليد بن مسلم!
الوليد يرويه عن المعيطي من قوله،
وأبو سعيد المعيطي هذا مجهول لا يعرف!! هو من شيوخ الوليد المجاهيل والوليد ممن
يدلس تدليس التسوية!! والقصة منكرة، وليس له إلا أخبار معدودة لا تعرف إلا من طريق
الوليد، وقد استنكر بعض ما في متنها الحافظ ابن عساكر!!
حديث أبي أيوب الأنصاري: إنكم
سترون بعدي أثرة.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص106): "عن عُمَارَة بن غَزِيَّةَ
يَقُولُ: دَخَلَ أَبُو أَيُّوبَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَمَعَهُ رَجُلَانِ مِنْ قُرَيْشٍ
فَأَمَرَ لَهُمَا بِجَائِزَةٍ وَفَضَّلَ الْقُرَشِيِّيْنَ عَلَى أَبِي أَيُّوبَ فَلَمَّا
خَرَجَتْ جَوَائِزُهُمْ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: أَخَوَاكَ الْقُرَشِيَّانِ
فَضَّلَهُمَا فِي جَوَائِزِهِمَا، فَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَا مَعْشَـرَ الْأَنْصَارِ،
إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّبِرِ. فَبَلَغَتْ مُعَاوِيَةَ
فَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ. قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَجْرُهُ عَلَى
اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ وَهَجَرْتُ مَجْلِسَهُ لَلَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ أَبَدًا،
وَلَا يَأْوِينِي وَإِيَّاهُ سَقْفُ بَيْتٍ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى الصَّائِفَةِ،
فَمَرِضَ فَأَتَاهُ يَزِيدُ بنُ مُعَاوِيَةَ يَعُودُهُ وَهُوَ عَلَى الْجَيْشِ، فَقَالَ
لَهُ: هَلْ مِنْ حَاجَةٍ أَوْ تُوصِينِي بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: مَا ازْدَدْتُ عَنْكَ وَعَنْ
أَبِيكَ إِلَّا غِنًى إِلَّا أَنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَ قَبْرِي فِيمَا يَلِي
الْعَدُوَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا قُبِضَ كَانَ
يَزِيدُ كَأَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجَلٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، فَنَادَاهُ أَهْلُ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ أَنَّا قَدُ عَلِمْنَا أَنَّكُمْ أَنَّمَا صَنَعْتُمْ هَذَا
لِقِسٍّ كَانَ فِيكُمْ أَرَادَ أَنْ يُجَاهِدَنَا حَيًّا وَمَيِّتًا، فَلَوْ قَدْ فَعَلْتُمْ
نَبَشْنَاهُ ثُمَّ أَحْرَقْنَاهُ ثُمَّ ذَرَّيْنَاهُ فِي الرِّيحِ، فَقَالَ يَزِيدُ:
وَالَّذِي نَفْسـِي بِيَدِهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَا أَمُرُّ بِكَنِيسَةٍ فِيمَا بَيْنِي
وَبَيْنَ الشَّامِ إِلَّا حَرَقْتُهَا، قَالُوا: فَالْمُتَارَكَةُ قَالَ: مَا شِئْتُمْ).
رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وابن عساكر في تاريخه بإسناد صحيح من طريق أبي
إسحاق الفزازي، عن إبراهيم بن كثير، عن عمارة بن غزية، وقيل لم يسمع عمارة من أبي أيوب،
وهو حسن بشواهده".
قلت: سبحان الله! ما هذا التدليس؟!
قول ابن عبيسان: "وقيل لم يسمع عمارة من أبي أيوب"! بهذا الأسلوب يعني أنه
قد يكون سمع منه! وهذا كذب واضح!
فعُمارة بن غَزِيَّة مات سنة (140هـ)
ولم يدرك أحداً من الصحابة! فكيف يوهم حاكم بن عبيسان أنه قد يكون سمع من أبي أيوب
الذي توفي سنة (55هـ)!!!
والحديث ذكره الحاكم في «مستدركه»
(3/525) في "ذكر مَنَاقِبِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَزْدِيِّ"، وقال: "صَحَابِيّ
مِنَ الزُّهَّادِ".
ثم ساق الحديث من طريق مُحَمَّد بن
أَحْمَدَ بنِ النَّضْـرِ، عن عُمَارَة بن غَزِيَّةَ: أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَزْدِيَّ
مَرَّ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
ثم قال: "هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ،
فَإِنَّ بَيْنَ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ وَبَيْنَ أَبِي أَيُّوبَ وَمُعَاوِيَةَ مَفَازَةً".
ونقل الحافظ ابن حجر في «الإصابة في
تمييز الصحابة» (7/28) قول الحاكم: "قال الحاكم: هذا مرسل؛ لأن عمارة لم يدرك
أبا أيوب، وقد جاء هذا الحديث من وجه آخر عن أبي أيوب الأنصاري".
ثم قال: "قلت: لعل بعض الرواة
نسب أبا أيوب الأنصاري أزديّا؛ لأن الأنصار من الأزد". وقوله: "حسن بشواهده"!
فيه نظر!! فشواهده واهية لا تزيده إلا وهنا، مع ما في متنه من الغرابة!
أثر ابن سيرين المرسل في وفاة أبي
أيوب الأنصاري.. الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص107): "عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
سِيرِينَ، قَالَ: شَهِدَ أَبُو أَيُّوبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا، ثُمَّ لَمْ يَتَخَلَّفْ
عَنْ غَزَاةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا هُوَ فِيهَا إِلَّا عَامًا وَاحِدًا، فَإِنَّهُ
اسْتُعْمِلَ عَلَى الْجَيْشِ رَجُلٌ شَابٌّ فَقَعَدَ ذَلِكَ الْعَامَ، فَجَعَلَ بَعْدَ
ذَلِكَ يَتَلَهَّفُ وَيَقُولُ: مَا عَلَيَّ مَنِ اسْتُعْمِلَ فَمَرِضَ وَعَلَى الْجَيْشِ
يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَعُودُهُ فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ؟ فَقَالَ:
«حَاجَتِي إِذَا أَنَا مُتُّ فَارْكَبْ، ثُمَّ اسْعَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ مَا وَجَدْتَ
مَسَاغًا، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا، فَادْفِنِّي ثُمَّ ارْجِعْ» . قَالَ: وَكَانَ
أَبُو أَيُّوبَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}
[التوبة: 41]، «فَلَا أَجِدُنِي إِلَّا خَفِيفًا أَوْ ثَقِيلًا». رواه ابن سعد في الطبقات
والحاكم في صحيحه بإسناد صحيح".
قلت: هذا مرسل! فمحمد بن سيرين لم يسمع
من أبي أيوب!!
قال ابن عبدالبر في «الاستيعاب في
معرفة الأصحاب» (4/1606): "وروى أيوب، عن محمد بن سيرين، قال: نُبئت
أن أبا أيوب شهد مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم بدرا..." فذكره.
ولم يذكر سماعا بينهما.
مرسل عاصم بن بَهدلة في قصة وفاة
أبي أيوب الأنصاري:
• ذكر ابن عبيسان (ص108): "وعن عَاصِم ابن بَهدلة،
عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ قَالَ لِيَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ
حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ: (أَقْرِئِ النَّاسَ مِنِّي السَّلامَ وَلْيَنْطَلِقُوا بِي
فَلْيَبْعُدُوا مَا اسْتَطَاعُوا. قَالَ فَحَدَّثَ يَزِيدُ النَّاسَ بِمَا قَالَ أَبُو
أَيُّوبَ فَاسْتَسْلَمَ النَّاسُ فَانْطَلَقُوا بِجَنَازَتِهِ مَا اسْتَطَاعُوا). رواه
ابن سعد بإسناد صحيح عن عاصم".
قلت: هل يصح لطالب حديث بله أن يحمل
شهادة الدكتوراه فيه أن يقول: "بإسناد صحيح عن عاصم"! ثم يتوقف!! وهو يعلم
حال عاصم بن بهدلة من الضعف!! وشيخه المجهول! ما هذا التدليس والتلبيس؟!
مرسل إبراهيم بن مَيسرة في خبر
وفة أبي أيوب الأنصاري:
• ذكر ابن عبيسان (ص109): "عن إبراهيم بن ميسـرة
قال: (غزا أبو أيوب المدينة، قال: قلت: القسطنطينية؟ قال: نعم، قال: فمر بقاص يقص وهو
يقول: إذا عمل العبد العمل في صدر النهار عرض على أهل معارفه من أهل الآخرة من آخر
النهار، وإذا عمل العمل في آخر النهار عرض على أهل معارفه من أهل الآخرة في صدر النهار،
قال: فقال أبو أيوب: انظر ما يقول؟ قال: فقال: والله إنه لكما أقول، قال: فقال أبو
أيوب: اللهم إني أعوذ بك أن تفضحني عند عبادة بن الصامت وسعيد بن عبادة بما عملت بعدهما،
قال: فقال القاص: والله لا يكتب الله ولايته لعبد إلا ستر عوراته وأثنى عليه بأحسن
عمله). رواه ابن أبي شيبة في المصنف بإسناد حسن".
قلت: أي حسن هذا..! وهو مرسل! والراوي
عن إبراهيم متكلّم فيه!! وهو محمد بن مسلم الطائفي! وثقه ابن معين وغيره، وضعفه آخرون،
وله غرائب! ويُخطئ إذا حدّث من حفظه. وقد أخفاه حاكم بن عبيسان ليدلّس على القرّاء!!
وإبراهيم بن ميسـرة ثقة، لكن أخشى
أن يكون الاسم تحرّف! ويكون «إبراهيم بن مسعدة»!! تحرف «مسعدة» إلى «ميسرة»، فرسمهما
واحد.
وهذا أقرب لأنهم ذكروا أن محمد بن
مسلم يروي عن إبراهيم بن مسعدة المراسيل، وهو مجهول.
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»
(2/138): "إبراهيم بن مسعدة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل، روى عنه محمد بن مسلم الطائفي.
سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك. وسمعت أبي يقول: هو مجهول".
وقال ابن حبان في «الثقات»
(6/23): "إِبْرَاهِيم بن مسْعدَة: شيخ يروي المَرَاسِيل. روى عَنهُ مُحَمَّد بن
مُسلم الطَّائِفِي". والله أعلم.
حديث عبدالله بن بُسْر: يا ابن
أخي إن أدركت فتح القسطنطينية.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (110): "باب: فضل سكنى القسطنطينية
والهجرة إليها بعد فتحها... عن
بِشْـر بن عَبْدِاللَّهِ بنِ يَسَارٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُاللَّهِ بنُ بُسْـرٍ صَاحِبُ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ بِأُذُنِي وَيَقُولُ: «يَا ابْنَ أَخِي إِنْ أَدْرَكْتَ فَتْحَ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَلَا تَدَعْ أَنْ تَأْخُذَ بِحَظِّكَ مِنْهَا»). رواه ابن أبي
عاصم في "الآحاد والمثاني في "السنن الواردة في الفتن "عن إسماعيل بن
عياش بإسناد شامي حسن".
قلت: تفرد به إسماعيل بن عيّاش عن بشر بن
عبدالله بن يسار الحمصي.
وبشـر كان من حرس عمر بن عبد
العزيز، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرج له الحاكم في «المستدرك»، وليس
له في الكتب الستة إلا حديثاً واحداً عند أبي داود.
وقال ابن حجر: "صدوق".
قلت: هو مجهول الحال ولم يتابع على حديثه هذا لا متنا ولا إسنادا!
حديث بشر الخثعمي: لتفتحنّ
القسطنطينية.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص111): "باب: فضل الأمير والجيش
الذي يفتح القسطنطينية الفتح الأول عسكريا".
"عن بِشْـر الخَثْعَمِيّ: أَنَّهُ
سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ، فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ
أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ". قَالَ: فَدَعَانِي مَسْلَمَةُ
بنُ عَبْدِالْمَلِكِ فَسَأَلَنِي، فَحَدَّثْتُهُ، فَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ".
رواه أحمد وابن خزيمة والحاكم في صحيحيهما، قال الحاكم: (صحيح الإسناد)، ووافقه الذهبي،
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: (رواه أحمد، والبزار، والطبراني، ورجاله ثقات)، وقال
السيوطي في الجامع الصغير: (رواه أحمد والحاكم بإسناد صحيح) ووافقه المناوي"..
وقال في الحاشية: "وهذه فضيلة خاصة بالترك، وبالسلطان العادل محمد الفاتح، وبالجيش
العثماني الذي فتحها، لا يشاركهم فيها أحد! ولا يلتفت لقول من ضعف الحديث من المعاصرين؛
فليس لهم سلف في تضعيفه إلا الأوهام! فقد صححه ابن خزيمة والحاكم والذهبي والهيثمي
والسيوطي والمناوي!
وذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث في
الإصابة في ترجمة بشـر الغنوي وذكر الاختلاف في اسمه ونسبه ولم يجزم فيه بشـيء، ولم
يقدح في صحته! وكذا ذكره في تعجيل المنفعة ولم يتكلم فيه بقدح؛ فهو عنده حسن على أقل
أحواله!".
قلت: هذا الحديث رواه زَيْدُ بنُ الحُبَابِ،
عن الوَلِيد بن المُغِيرَةِ المَعَافِرِيّ، عن عَبْداللهِ بن بِشْرٍ الخَثْعَمِيّ،
عَنْ أَبِيهِ!
وأورده ابن عبد البر في «الاستيعاب
في معرفة الأصحاب» (1/170) في ترجمة «بشر الغنوي»، وقال: "إسناده حسن. لم يرو
عنه غير ابنه عبيد الله بن بشر".
وقال أبو سعيد ابن يونس: "وما
حدّث به إلا زيد بن الحباب! وعبيد الله بن بشر الخثعمي يُشبه أن يكون من ناقلة الشام".
[تاريخ دمشق: (58/35)].
وقال محمد بن أحمد بن البراء: قال
علي بن المديني: "الوليد ابن أبي المغيرة أبو العباس المعافري: حدثني عبيد
الله بن بشـر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه
وسلم:
لتفتحن القسطنطينة؟ فقال: مجهول". [تاريخ دمشق: (58/36)].
وقال أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة»
(1/325): "والذي روى هذا الحديث الوليد بن المغيرة المعافري من أهل مصر، وهو صالح
الحديث".
قلت: هذا الحديث تفرد به زيد بن الحباب
عن الوليد المعافري! وعبد الله بن بشر مجهول! وأبوه لا تعرف له صحبة! ولا يُعرف إلا
في هذا الحديث!
فمثل هذا الإسناد لا يُصحح! فهو حديث
منكر!! ورواته مجاهيل!
فأين الصحة التي اعتمدها حاكم بن
عبيسان؟!! ولهذا تجده يحتج بتصحيحات ابن خزيمة والحاكم! بل وينزل للاحتجاج بأقوال الهيثمي
لنصـرة رأيه!! حتى إنه احتج بتصحيحات السيوطي والمناوي!!
واتهم من ضعفه من المعاصرين بأنهم
ليس لهم سلف إلا الأوهام وأنه لم يضعفه أحد من قبل!! ويقصد بالمعاصرين العبد الفقير،
فقد رددت عليه تصحيحه لما احتج بهذا الحديث لما وقع ما يسمى بالانقلاب العسكري في تركيا!!
وماذا يفعل حاكم بتجهيل ابن المديني
لراوي هذا الحديث؟!! أليس هذا بسلف لنا في تضعيفه؟! وممن؟ من إمام العلل علي بن المديني.
حتى لو لم نجد من ضعفه من المتقدمين
فهذا لا يعني أنهم يصححونه! فهم لم يتكلموا على كل الأحاديث.
وزعْمُ ابن عبيسان تصحيح الذهبي له
بموافقته الحاكمَ النيسابوري في كتابه غلط محض، فقد نقل الذهبي في «تاريخ الإسلام»
(2/1045) ما يشير إلى تضعيفه الحديث، فإنه ذكره ثم قال: "قال ابنُ المَدِينِيِّ:
رَاوِيهِ مَجْهُولٌ".
والعجب من ابن عبيسان كيف أغمض عينيه
وأنزل هذا الحديث على محمد الثاني بن مراد العثماني المشهور بـ: (محمد الفاتح)!!
فالحديث لو صح فإنه يتنزل على جيش
يزيد بن معاوية الذي غزا القسطنطينية، وعلى هذا مشى بعض أهل العلم. لكن الهوى جعل ابن
عبيسان ينزله على الترك، وأنه خاص بهم وبالجيش العثماني!! وهذا قمة -بل قاع-
الافتراء والكذب!
وأما ذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث
في «الإصابة» و«التعجيل» وعدم القدح فيه وهذا "عنده حسن على أقل أحواله!"
فهذه هي الأوهام التي يرمي بها ابن عبيسان الناس!! وليس له سلف في هذا الاختراع
إلا أوهامه! وهذا تقويل للحافظ ما لم يقله ولم يدعه - فيما نعلم- أحد من العلماء
بعده!!
فعدم القدح فيه أو في صحته لا يعني
أنه حسن عنده! فهو لم يحكم على كل حديث في كتابيه، وليس هذا من شرطه، ولا نلزمه ما
لم يلزم به نفسه.
أثر كعب الأحبار في وصف أمير جيش
القسطنطينية:
• ذكر ابن عبيسان (ص115): "باب: صفة فاتح القسطنطينية
وعدالته.. عن عتبة بن تميم، قال: حدثني الوليد بن عامر اليزني، عن يزيد بن خمير، عن
كعب، قال: (أمير الجيش الذي يفتح القسطنطينية ليس بسارق، ولا زان، ولا غال.) رواه نعيم
في الفتن، والداني في السنن، من طريقين عن عتبة به، وإسناده حسن لغيره".
قلت: هذا من رواية كعب الأحبار! ولا يُعتمد
عليه! والعجب من حاكم يحتج بأقوال كعب هنا، ويردها في بحوث أخرى له - كما مر معنا
في رده على الجهمي حمد العثمان-!!
إضافة لما سبق، فإن رواية الداني ليس
فيها ذكر "كعب"!!
فالذي في المطبوع عن إِسْمَاعِيل بن
عَيَّاشٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ تَمِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَامِرٍ
اليَزَنِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، قَالَ: «أَمِيرُ الْجَيْشِ الَّذِي يَفْتَحُ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ لَيْسَ بِسَارِقٍ وَلَا زَانٍ وَلَا غَالٍّ».
فيحتمل أنه سقط من المطبوع اسم
"كعب"! والله أعلم.
ثم إن ما فعله حاكم بن عبيسان هنا
فيه تدليس كبير..! فإنه اقتطع جزءا من الأثر لإنزاله على محمد الثاني بن مراد العثماني
المشهور بـ: (محمد الفاتح)! في حين أن ما حذفه من الأثر يدل على أن فاتحها من بني هاشم!
وهناك روايات فيها أنه من آل هرقل..!! فهل محمد الثاني من آل هرقل؟! كل ذلك أعرض
عنه ابن عبيسان.
والرواية الكاملة هي: «إِذَا أَبَقَ
رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَقَدْ حَضَـرَ أَمْرُهَا، وَأَمِيرُ
الْجَيْشِ الَّذِي يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ لَيْسَ بِسَارِقٍ وَلَا زَانٍ وَلَا
غَالٍّ، وَالْمَلَاحِمُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ آلِ هِرَقْلَ».
ثم ساق نعيم بن حماد بعده من طريق
أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «تُفْتَحُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي
هَاشِمٍ».
ثم ساق من طريق شُرَيْحٍ، وَأَبِي
الْمُثَنَّى الْأُمْلُوكِيِّ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «تُفْتَحُ عَلَى يَدَيْ وَلَدِ سَبَأٍ،
وَوَلَدِ قَاذِرٍ».
وساق أيضا عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى،
عَنْ كَعْبٍ، «الَّذِي تَكُونُ عَلَى يَدَيْهِ الْمَلَاحِمُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هِرَقْلَ،
يُقَالُ لَهُ طَبْرُ، يَعْنِي طَبَارَةَ».
فهذه كلها عن كعب الأحبار، مرة يقول:
تفتح على يدي رجل من قريش، ومرة على يدي ولد سبأ وولد قاذر! ومرة على يدي رجل من آل
هرقل!!
وكلها من الإسرائيليات ولا يُعتمد
عليها!
وروى ابن أبي شيبة في «مصنفه»
(6/562) (33809) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن بعض أصحابه، عن حذيفة رضي الله عنه،
قال: «لا يفتح القسطنطينية ولا الديلم ولا الطبرستان إلا رجل من بني هاشم».
وهذا ضعيف أيضاً.
خبر عبدالله بن عمرو بن العاص في
اسم من يفتح القسطنطينية:
• ذكر ابن عبيسان (ص115): "باب: اسم من يفتح القسطنطينية
محمد.. عن عبدالله بن عمرو - موقوفا له حكم الرفع – قال: (يفتح القسطنطينية رجل اسمه
اسمي) يعني اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم. رواه نعيم في الفتن بإسناد حسن لغيره...
عن أبي قبيل، قال: (الذي يفتح القسطنطينية اسمه اسم نبي). نعيم في الفتن بإسناد حسن...
وقال في الحاشية: كل هذه الأخبار تصدق على محمد الفاتح فاسمه يوافق اسم النبي محمد
صلى الله عليه وسلم".
قلت: أثبت أولاً أنه صح عن عبدالله بن عمرو
ثم قل: "له حكم الرفع"!!
فهذا من رواية رِشْدِين بن سعد، عَنِ
ابنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «يَفْتَحُ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ اسْمِي».
ورشدين بن سعد المصري ليس بشيء!
والرواية الأخرى التي ذكرها حاكم
بن عبيسان عن أبي قبيل هي في حقيقتها الرواية الصحيحة عن أبي قبيل والأولى معلولة!
فهي من رواية عبدالله بن وَهْبٍ، عَنِ
ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، قَالَ: «الَّذِي يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ
اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ». قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: وَيُرْوَى فِي كُتُبِهِمْ، يَعْنِي
الرُّومَ، أَنَّ اسْمَهَ صَالِحٌ.
وابن وهب ثقة حافظ، ولم يذكر في روايته
عن ابن لهيعة «عبدالله بن عمرو»! فالصواب فيه عن أبي قبيل من قوله، وقد أخطأ رشدين
في زيادة "عبد الله بن عمرو" في حديثه.
ثم العجب من المدلس الكذاب ابن
عبيسان يقول: "كل هذه الأخبار تصدق على محمد الفاتح فاسمه يوافق اسم النبي محمد
صلى الله عليه وسلم"! وهي أخبار منكرة لا تصح!! بل في الرواية الثانية التي ذكرها
ابن عبيسان وحسن إسنادها، وهي من رواية ابن وهب عن ابن لهيعة، في آخرها: "قَالَ
ابْنُ لَهِيعَةَ: وَيُرْوَى فِي كُتُبِهِمْ، يَعْنِي الرُّومَ، أَنَّ اسْمَهَ صَالِحٌ".
فانظر كيف أعرض عن هذا القول حتى يدلّس
على الناس أن المقصود بهذا الأثر هو محمد الثاني بن مراد العثماني المشهور بـ: (محمد
الفاتح)! لأن اسمه يوافق اسم نبينا صلى الله عليه وسلم.
خبر أبي هريرة: لا تذهب الليالي
والأيام... الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص117): "باب: وصف النبي صلى
الله عليه وسلم فاتح القسطنطينية بالغازي وغزوه روما من القسطنطينية ورجوعه عنها ومشاركة
أبناء المهاجرين في فتحها ... عن أبي هريرة: (لا تذهب الليالي والأيام حتى يغزو الغازي
رومية، فيقفل إلى القسطنطينية، فيرى أن قد قفل، ولا تقوم الساعة حتى يسوق الناس رجل
من قحطان). رواه معمر في الجامع بإسناد صحيح موقوفا وله حكم الرفع، والشطر الثاني عن
القحطاني في الصحيحين.
ورواه نعيم في الفتن بإسناد حسن عن
أبي الغيث، عن أبي هريرة: (يفتتحون رومية حتى يعلق أبناء المهاجرين سيوفهم بلبخات رومية،
فيقفل القافل من القسطنطينية، فيرى أنه قد قفل".
قلت: بحسب عنوان الباب الذي ذكره وفيه:
"ومشاركة أبناء المهاجرين في فتحها"! فما دخل محمد الثاني بن مراد والجيش
العثماني بهذا؟!! هل هم من أبناء المهاجرين؟! ثم هو في التبويب يزعم أن هذا الوصف
من النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه يقرر أنه موقوف..!! فهو يفترض أنه موقوف له حكم الرفع ثم
ينسب ما فيه جازما للنبي صلى الله عليه وسلم!
كل هذا التخبط والخلط من حاكم بن
عبيسان من أجل نصـرة رأيه بالهوى لإرضاء الأتراك!! والله المستعان.
وإليك بيان ما زعمه من الأوهام:
أما الحديث الأول الموقوف فهو في «جامع
مَعمر» الملحق بآخر "مصنف عبدالرزاق" (11/388) (20816):
قال عَبْدُالرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «لَا تَذْهَبُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ حَتَّى يَغْزُوَ
الْعَادِي رُومِيَّةَ، فَيَفْعَلَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَيَرَى أَنْ قَدْ فَعَلَ،
وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَسُوقَ النَّاسَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ».
لكن في كتاب «الفتن» لنعيم بن حماد
(1/121) (284) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي
ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ: «لَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَسُوقَ النَّاسَ
رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ».
وهذا الذي عند نعيم بن حماد ليس فيه
ما يتعلق بغزو رومية والقسطنطينية، ولا يعرف هذا عن أبي هريرة رضي الله عنه.!
والمعروف عن أبي هريرة حديث القحطاني
وهو في الصحيحين مرفوعا، من حديث أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله
عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ، حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ،
يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ».
ولا يبعد أن يكون هذا دخل على راوي
كتاب عبدالرزاق: «إسحاق الدَّبَرِيّ»؛ فإن له بعض الأخطاء في روايته عن عبدالرزاق،
وقد أَلَّف القَاضِي أَبُو عَبْدِاللهِ بنِ مفرج كِتَاباً فِي الحُرُوْف الَّتِي أَخْطَأَ
فِيْهَا الدَّبرِي، وَصحف فِي جَامع الإمام عَبْد الرَّزَّاقِ.
وحتى لو صح ذلك عن أبي هريرة رضي
الله عنه فهذا ليس له حكم المرفوع كما ادّعى حاكم بن عبيسان!! لأن أبا هريرة كان يروي
عن أهل الكتاب، وهذا وغيره يُروى عن كعب الأحبار وغيره.
وإسناد حديث خروج الرجل من قحطان من
رواية أبي الغيث عن أبي هريرة، وهو إسناد الحديث الآخر الذي أتى به حاكم!
وهو عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «يَفْتَتِحُونَ
رُومِيَّةَ حَتَّى يُعَلِّقَ أَبْنَاءُ الْمُهَاجِرِينَ سُيُوفَهُمْ بِلَبَخَاتِ رُومِيَّةَ،
فَيَقْفُلُ الْقَافِلُ مِنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَيَرَى أَنَّهُ قَدْ قَفَلَ».
وهذا لا يُعرف عن أبي الغيث، ولا عن
أبي هريرة!! وإسناد الحديث منكر! لا كما ادعى حاكم بأنه حسن!!!
فهو من رواية مُحَمَّد بن عبدالرَّحْمَن
بن عِرْق اليحصبِي، وهو مستور الحال، وثقه دُحيم، وذكره ابن حبان في «الثقات» (5/377)
وقال: "لا يحْتَج بحَديثه مَا كَانَ من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَبَقِيَّة
بن الْوَلِيد وَيحيى بن سعيد الْعَطَّار وذويهم، بل يعْتَبر من حَدِيثه مَا رَوَاهُ
الثِّقَات عَنهُ".
قلت: وهذا الحديث من رواية ابن عياش
عنه، فلا يُحتج به.
ومحمد بن عبد الرحمن لا تعرف له رواية
عن أبي الغيث، وهذا الحديث من منكرات إسماعيل بن عيّاش.
وقد قال حاكم في الحاشية: "قوله:
"حتى يغزو الغازي رومية ثم يقفل إلى القسطنطينية يصدق على محمد الفاتح؛ فهو الغازي
الذي فتح القسطنطينية، ثم غزا قاصدا رومية ثم قفل ورجع عنها عازما على فتحها، ثم توفاه
الله قبل أن يحقق غايته. وأل التعريف هنا ليست للجنس لتعم كل غاز؛ بل هي عهدية، والمراد
بها: الأمير الذي يفتحها، وتعريف (الغازي) إشارة إلى شهرته بهذا الوصف، وقد كان هذا
من أشهر صفات محمد الفاتح وألقابه، وبه اشتهر، فقد قاد بنفسه 25 معركة خلال ثلاثين
سنة؛ وواجه الجيوش الأوربية الصليبية كلها! وقوله بعده: "لا تقوم الساعة حتى يسوق رجل من قحطان الناس بعصاه " قيل: هو محمد
بن عبد الله الرشيد أمير حائل ونجد في أواخر
عصور الخلافة العثمانية، وقد ألف بعض علماء الهند آنذاك رسالة في أنه المقصود
بالحديث، ومال إليه صديق حسن خان، فهو أول رجل من قحطان - وابن رشيد من شمر من عبدة
ويرجع نسبهم إلى قحطان كما هو مشهور- يكون ذا سلطان واسع على أواسط جزيرة العرب منذ ظهور الإسلام؛ وقد اشتهر بالعدل والصلاح ودام حكمه
أكثر من عشـرين سنة، وقد ذكر ذلك ابن عتيق في الدرر السنية (1/558) فقال: (فقد وقع
البحث في الحديث، الذي في الصحيحين، حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان، يسوق الناس بعصاه، فصـرح بعض الحاضرين، بأن القحطاني
المذكور في هذا الحديث هو: محمد بن رشيد الذي خرج في أواخر المائة الثالثة بعد الألف
من الهجرة، وعظمت شوكته، وانتشـرت دولته في أوائل المائة الرابعة، واستولى على كثير
من البلدان النجدية، وقهر جماعات من أهل البادية، حتى استسلم لأمره كثير من أهل نجد
واليمامة، أو أكثرهم، فسألني بعض الخواص، هل يسوغ
القول بما قاله هذا القائل؟ وهل ينبغي الجزم به، أم لا؟ ثم بلغني عن بعض الإخوان:
أنه نسب هذا إلى صديق حسن الهندي....) ثم حاول صرف الحديث عن ظاهره بدعوى عدم التنصيص
عليه بعينه! وعدم مطابقة حاله لما ورد في الحديث! وكلاهما استدلال ضعيف بل باطل؛ فلا
يشترط في مثل هذه الأخبار التنصيص على الأعيان، بل التوصيف كاف في التعريف...".
قلت: نسبة وصف النبي صلى الله عليه
وسلم فاتح القسطنطينية بالغازي كذب!! فهذا لم يثبت أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم!!
وقول حاكم: "الغازي رومية.. يصدق
على محمد الفاتح؛ فهو الغازي الذي فتح القسطنطينية"! فيه تدليس؛ بل كذب واضح!
فالذي في "جامع معمر بن راشد": "حَتَّى يَغْزُوَ العَادِي رُومِيَّةَ"!!"العادي"
لا "الغازي"!!!
فمن أين جاء حاكم بـ "الغازي"؟!!
فهذا تحريف متعمد وواضح؛ لأنه يريد
إسقاط كل شيء على محمد الثاني بن مراد العثماني المشهور بـ: (محمد الفاتح)! وهو بهذا
الاعتبار كذاب!
ومحاولته تصحيح رأي صديق حسن خان في
أن الرجل القحطاني المذكور في حديث الصحيحين هو "محمد بن عبدالله الرشيد"
أمير حائل ونجد في أواخر عصور الخلافة العثمانية، والرد على ابن عتيق في نقد ذلك إنما
هي محاولة بائسة يائسة لإلصاق بعض الأحاديث التي جاءت في آخر الزمان بالخلافة العثمانية!!
والكتاب الذي ينقل منه حاكم وهو كتاب
«الفتن» لنعيم بن حماد إنما ذكر حديث القحطاني في باب "مَا يَكُونُ بَعْدَ المَهْدِيِّ".
فساق حديث عَبْدالرَّزَّاقِ، عَنْ
مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «لَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَسُوقَ
النَّاسَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ».
ثم حديث أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى
يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ».
وبحسب تبويب نعيم بن حماد، فالقحطاني
يظهر بعد المهدي! والمهدي لم يخرج بعد! على فرض ثبوت أحاديثه.
وقد دلّس حاكم في قوله إن صديق حسن
خان مال إلى أن الرشيد هذا هو القحطاني المذكور!!
وقد رد الشيخ حمد بن عَتيق هذا في
الكلام الذي نقل منه حاكم شيئا يسيرا عنه، وطوى بقيته!!!
وكان مما قال: "فقد قدمنا في
هذا جزم صديق في كتابه بأن خروج القحطاني يكون بعد خروج المهدي، واستدلاله على ذلك
بما رواه أبو نعيم؛ فكيف يتفق هذا، وذاك؟! ولا شك في عدم ثبوت هذه المقالة، عمن أخذ
عن صديق وسمع كلامه. فلذلك أقول: ينبغي أن ينظر فيمن نقل هذا عن صاحبنا الذي نقل عن
صديق؛ وعلى تقدير ثبوت هذا، فهو قول مجرد عن الدليل، مناقض لما قرره هو واستدل عليه".
خبر أبي هريرة: لا تقوم الساعة
حتى تُفتح مدينة قيصر... الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص119): "باب: البشارة برفع الأذان
وكثرة المؤذنين في القسطنطينية بعد فتحها وكثرة الأموال فيها... عن أبي هريرة قال:
(لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُفْتَحَ مَدِينَةُ قَيْصَـرَ أَوْ هِرَقْلَ، وَيُؤَذِّنُ
فِيهَا المُؤَذِّنُونَ، وَيَقْتَسِمُونَ الْأَمْوَالَ فِيهَا وَالْأَتْرِسَةَ، فَيُقْبِلُونَ
بِأَكْثَرَ مَالٍ عَلَى الْأَرْضِ، فَيَتَلَقَّاهُمُ الصَّـرِيخُ: إِنَّ الدَّجَّالَ
قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيُلْقُونَ مَا مَعَهُمْ، فَيَجِيئُونَ فَيُقَاتِلُونَهُ.)
رواه ابن أبي شيبة في المصنف، ونعيم في الفتن، بإسناد حسن موقوفا، وله حكم المرفوع".
قلت: هذا الأثر يرويه إِسْمَاعِيل بنِ
أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
ووالد إسماعيل هو أبو خالد البجلي
الأحمسـي، اسمه سعد أو هرمز أو كثير، ولم يوثقه أحد! وذكره ابن حبان في «ثقاته»، وقال
ابن حجر: "مقبول"، أي إذا تُوبع كما شرح ذلك رحمه الله.
وهو هنا يتفرد عن أبي هريرة! وتفرده
لا يقبل لعدم معرفة هذا الأثر عن أصحاب أبي هريرة الثقات!
وكعادته حاكم بن عبيسان يحاول تهويل
الأمور، فيقول في التبويب: "وكثرة المؤذنين في القسطنطينية بعد فتحها"! وهذا
أخذه مما في الأثر: "وَيُؤَذِّنُ فِيهَا المُؤَذِّنُونَ"! وهذا أمر طبيعي،
فإن كل بلد فتحه الصحابة ومن بعدهم بنيت فيه مساجد كثيرة، وأذن فيها المؤذنون، وهذا
لا يختص بالقسطنطينية.
ثم إن هذا الأثر حجة على حاكم بن
عبيسان لا حجة عليه!! فإن فتح القسطنطينية بحسب هذا الأثر مرتبط مباشرة بخروج الدجال!
ففيه: "وَيَقْتَسِمُونَ الْأَمْوَالَ
فِيهَا وَالْأَتْرِسَةَ، فَيُقْبِلُونَ بِأَكْثَرَ مَالٍ عَلَى الْأَرْضِ، فَيَتَلَقَّاهُمُ
الصَّـرِيخُ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيُلْقُونَ مَا
مَعَهُمْ، فَيَجِيئُونَ فَيُقَاتِلُونَهُ"!
فالصـريخ يتلقاهم بخروج الدجال مباشرة
بعد رجوعهم من فتح القسطنطينية وإقبالهم بما فيها من مال!
فنسأل ابنَ عبيسان: كيف ينطبق هذا
على أحبابه الأتراك؟ أو على محمد الثاني بن مراد وجيشه العثماني؟!!
حديث أبي هريرة: إنكم ستفتحون
مدينة هرقل... الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص120): "وجاء مرفوعا عنه: (قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مَدِينَةَ هِرَقْلَ، أَوْ قَيْصَـرَ،
وتَقْتَسِمُونَ أَمْوالَهَا بِالتِّرَسَةِ، وَيُسْمِعُهُمُ الصَّـرِيخُ أَنَّ الدَّجَّالَ
قَدْ خَلَفَهُمْ فِي أَهَالِيهِمْ، فَيُلْقُونَ مَا مَعَهُمْ، وَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ.)
قال الهيثمي في المجمع: (رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات)".
قلت: من عادة حاكم بن عبيسان إخفاء الأسانيد
وعدم إظهارها للقارئ إلا إذا أراد بها تأييد هواه!! وكذا إخفاء كلام أهل العلم من الكتب
التي ينقل منها! والاكتفاء بنقل ما يؤيد رأيه!!
فهذا الحديث أخرجه الطبراني في «المعجم
الأوسط» (1/195) (622) من طريق نَصْـر بن الحَكَمِ المُؤَدِّبُ قَالَ: حدثنا إِسْمَاعِيلُ
بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكره.
قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا
الحَدِيث عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ إِلَّا إِسْمَاعِيلُ بنُ عَيَّاشٍ، تَفَرَّدَ
بِهِ: نَصْرٌ".
وهذا من الطبراني تضعيف للرواية! فقد
تفرد برفع هذا الحديث: نصـر بن الحكم المؤدب! والصواب عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبيه،
عن أبي هريرة، موقوفاً، كما مر في الحديث السابق.
ونصر بن الحكم هذا مجهول لا يُعرف..!
فكيف يكون رجاله ثقات؟!
ولو صح هذا الإسناد لكان معلولاً؛
لأن عيسى بن يونس وعبدالله بن نمير روياه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبيه، عن أبي
هريرة موقوفاً.
وهؤلاء أوثق من إسماعيل بن عياش لو
ثبتت الرواية عنه! فكيف إذا كان الراوي عنه مجهولاً!!
أثر جُبير بن نُفير: تفتحون مدينة
الكفر... الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص120): "عن جبير بن نفير، قال:
(تَفْتَحُونَ مَدِينَةَ الْكُفْرِ بِالتَّكْبِيرِ، يَضَعُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ
كُلَّ يَوْمٍ ثُلُثَ حَائِطِهَا، فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ
يَأْتِيهِمْ خَبَرُ الدَّجَّالِ، فَلَا يُفْزِعَنَّكُمْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ كَذِبٌ،
فَاحْتَمِلُوا مِنْ غَنِيمَتِهَا) رواه نعيم في الفتن بإسناد صحيح عن جبير الحضـرمي
وهو تابعي مخضـرم شامي إمام ثقة".
قلت: هذا رواه نُعيم بن حماد عن أَبي المُغِيرَةِ
عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عَبْدِ اللَّهِ بن أَبي مريم
الغسانيّ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ.
وهذا من روايات كعب الأحبار! ويبدو
أن حاكم بن عبيسان لم يقف على ذلك! فلو وقف عليه لذكره معتضدا به حين يوافق هواه!
فقد روى الداني في «السنن الواردة
في الفتن» (6/1135) (620) من طريق إِسْمَاعِيل بن عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ
أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «أَنْصَارُ
اللَّهِ الَّذِينَ يَنْتَصِـرُ بِهِمْ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ الْكُبْرَى أَهْلُ إِيمَانٍ
لَا غِشَّ فِيهِمْ يَفْتَحُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَسِيرُونَ
فَيَدْخُلُونَ أَرْضَ الرُّومِ، فَلَا يَمُرُّونَ بِحِصْنٍ إِلَّا اسْتَنْزَلُوهُ وَلَا
بِأَرْضٍ إِلَّا دَانَتْ لَهُمْ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى الْخَلِيجِ فَيُيْبِسُهُ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ حَتَّى تَجُوزَهُ الْخَيْلُ ثُمَّ يَسِيرُوا حَتَّى يَنْزِلُوا
عَلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيُغْدُونَ عَلَيْهِمْ يَوْمًا حَتَّى
يُدْنُوا حَائِطَهَا فَيُكَبِّرُوا تَكْبِيرَةً فَيَضَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ
مَا بَيْنَ بُرْجَيْنِ حَتَّى يَنْهَضُوا إِلَيْهَا وَلَا يَدْخُلُوهَا حَتَّى يَعُودُوا
إِلَيْهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَيَفْعَلُونَ مِثْلَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ
يَعُودُونَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى حَائِطِهَا، فَيُكَبِّرُوا
تَكْبِيرَةً يَضَعُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ مَا بَيْنَ بُرْجَيْنِ، ثُمَّ يَنْهَضُوا
إِلَيْهَا فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ فَيَأْتِيهِمْ
آتٍ مِنَ الشَّامِ فَيُخْبِرُهُمْ أَنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ فَلَا يَفْزَعَنَّكُمْ
ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِسَبْعِ سِنِينَ بَعْدَ فَتْحِهَا فَخُذُوا وَاحْتَمِلُوا
مِنْ غَنِيمَتِهَا».
ورواية كعب من الإسرائيليات فلا يُعتمد
عليه، ورواياته منكرة مع ما في متونها من اضطراب وغرابة!
أثر أبي قَبيل في ذكر فتح
القسطنطينية:
• ذكر ابن عبيسان (ص121): "باب: فضل مسجد محمد
الفاتح في القسطنطينية والبشارة ببنائه بعد فتحها.. عَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: (اجْتَمَعَ
أَبُو فِرَاسٍ مَوْلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ، وَمُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ، وَعِيَاضُ بْنُ
عُقْبَةَ، وَذَكَرُوا فَتْحَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَذَكَرُوا الْمَسْجِدَ الَّذِي
يُبْنَى فِيهَا، فَقَالَ أَبُو فِرَاسٍ: إِنِّي لَأَعْرِفُ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُبْنَى
فِيهِ، وَقَالَ مُوسَى بنُ نُصَيْرٍ: إِنِّي لَأَعْرِفُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، فَقَالَ
عِيَاضُ بْنُ عُقْبَةَ: يَضَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا حَدِيثَهُ فِي أُذُنِي، فَأَخْبَرَاهُ
فَقَالَ: أَصَبْتُمَا كِلَاكُمَا، فَقَالَ أَبُو فِرَاسٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ
بنَ عَمْرِو بنِ العَاصِ يَقُولُ: إِنَّكُمْ «سَتَغْزُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ ثَلَاثَ
غَزَوَاتٍ، فَأَمَّا أَوَّلُ غَزْوَةٍ فَتَكُونُ بَلَاءً، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتَكُونُ
صُلْحًا، حَتَّى يَبْنِي الْمُسْلِمُونَ فِيهَا مَسْجِدًا، وَيَغْزُونَ مِنْ وَرَاءِ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ
فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِالتَّكْبِيرِ، فَيَخْرَبُ ثُلُثُهَا، وَيَحْرِقُ
اللَّهُ ثُلُثَهَا، وَتَقْسِمُونَ الثُّلُثَ الْبَاقِي كَيْلًا.) رواه نعيم في الفتن
عن ابن وهب في جامعه بإسناد حسن".
قلت: لا يزال حاكم بن عبيسان يدلّس دون
حياء! فماذا يعني: "رواه نعيم في الفتن عن ابن وهب في جامعه بإسناد حسن"؟!
هذا يعني للقارئ أنه قد تكفل لك بأن
الرواة الذين لم يذكرهم حديثهم حسن!! وذكره لابن وهب فقط ليطمئن القارئ أن راويه هو
هذا الإمام الثبت، فأي تدليس بعد هذا.؟! وهذا الحديث يرويه عبد الله بن وَهْبٍ، عَنِ
ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ!
وابن لهيعة وأبو قبيل كلاهما ضعيف!
والأثر رواه نعيم بن حماد أيضا في
كتابه (2/438) (1261) عن الوَلِيد بن مسلم.
وكذلك (2/472) (1328) عن رِشْدِين
بن سعد.
كلاهما عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ
أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ:
"تَغْزُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ ثَلَاثَ غَزَوَاتٍ...".
وهذه أسانيد مظلمة مسلسلة
بالضعفاء، وصدق الحافظ الذهبي رحمه الله حين قال عن نعيم بن حماد وكتابه «الفتن»:
"لا يجوز لأحد أن يحتج به، وقد صنف كتاب «الفتن»، فأتى فيه بعجائب ومناكير."
[السير: 10/609].
أثر كعب الأحبار: الروم يوم
الملحمة.. الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص122): "باب: فضل المشاركة في
فتوح القسطنطينية وملاحمها العظمى وتخلي الأعراب عن الأمة فيها.. عَنْ صَفْوَانَ بنِ
عَمْرٍو، عَنْ فَرَجِ بنِ مُحَمَّدٍ الكلاعي، عَنْ كَعْبٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [الفتح: 16] ، قَالَ: «الرُّومُ
يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ» قَالَ كَعْبٌ: " قَدِ اسْتَفَزَّ اللَّهُ الْأَعْرَابَ
فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَتْ: {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} [الفتح:
11] فَقَالَ: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [الفتح: 16] يَوْمَ
الْمَلْحَمَةِ، فَيَقُولُونَ كَمَا قَالُوا فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ: {شَغَلَتْنَا
أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} [الفتح: 11] فَتَحِلُّ بِهِمُ الْآيَةُ: {يُعَذِّبْكُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39].
فَحَدَّثْتُ بِهِ عَبْدَالرَّحْمَنِ
بنَ يَزِيدَ يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ: صَدَقَ، قَالَ بَقِيَّةُ فِي حَدِيثِهِ: «وَلَوْلَا
أَنْ أَشْهَدَ فَتْحَ مَدِينَةِ الْكُفْرِ مَا أَحْبَبْتُ أَنْ أَحْيَا، فَإِنَّ اللَّهَ
تَعَالَى مُحَرِّمٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى كُلِّ حَدِيدَةٍ أَنْ تَجْبُنَ». قَالَ: وَقَالَ
صَفْوَانُ: حَدَّثَنَا مَشْيَخَتُنَا أَنَّ مِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَرْتَدُّ يَوْمَئِذٍ
كَافِرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُوَلِّ عَلَى نُصْـرَةِ الْإِسْلَامِ وَعَسْكَرِهِمْ شَاكًّا،
فَإِذَا فُتِحَ لِلْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ بَعَثُوهَا غَارَةً عَلَى مَا تَرَكَ الْفِئَةُ
الْكَافِرَةُ المُرْتَدَّةُ، وَالْفِئَةُ الشَّاكَّةُ الْخَاذِلَةُ، فَالْخَائِبُ مَنْ
خَابَ مِنْ غَنِيمَتِهِمْ يَوْمَئِذٍ.) رواه نعيم في الفتن مطولا واللفظ له، والطبري
في التفسير مختصرا، بإسناد صحيح عنه".
قلت: كيف يكون إسناده صحيحا وهو منقطع؟!
فصفوان بن عمرو السكسكي الحمصـي (ت 155هـ)، وبينه وبين كعب الأحبار (ت34هـ) راويان
على الأقل.
والفرج بن محمد هذا لم يدرك كعب الأحبار!
بينهما واحد.
وقد ذكر ابن عساكر في «تاريخه» (1/364)
أثراً عن صفوان، عن الفرج بن محمد: أنه سمع أبا ضمرة يقول: قال كعب... علاوة على
أن الفرج هذا مجهول لا يُعرف!! ولم أجد أحداً ترجم له! وهو يروي عن مجاهيل!!
فقد روى ابن عساكر في «تاريخه»
(21/350) من طريق ابن عائذ، عن الوليد بن مسلم، عن إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو،
عن الفرج بن محمد، عن بعض أشياخه قال: "كنا مع سفيان بن عوف الغامدي شاتين بأرض
الروم فلما صفنا دعا سفيان الخيول فاختار ثلاثة آلاف، فأغار بنا على باب الذهب حتى
فزع أهل القسطنطينية، وضربوا بنواقيسهم، ثم لقونا، فقال: ما شأنكم يا معشـر العرب،
وما جاء بكم؟ قلنا: جئنا لنخرب مدينة الكفر، ويخربها الله على أيدينا، فقالوا: ما ندري
أخطأتم الحساب أم كذب الكتاب أم استعجلتم القدر! والله إنا لنعلم أنها ستفتح يوماً،
ولكنا لا نرى هذا زمانها".
ثم لو صح هذا القول عن كعب فهو مخالف
لما عليه أئمة التفسير.
فقد قال الطبري في «تفسيره» (22/219)
في تفسير قول الله: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ
أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ
اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا}: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (قُلْ) يا محمد (لِلْمُخَلَّفِينَ
مِنَ الأعْرَابِ) عن المسير معك، (سَتُدْعَوْنَ إِلَى) قتال (قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ)
في القتال (شَدِيدٍ)".
ثم قال: "واختلف أهل التأويل
في هؤلاء الذين أخبر الله عزّ وجلّ عنهم أن هؤلاء المخلفين من الأعراب يُدْعَوْن إلى
قتالهم".
فقال بعضهم: هم أهل فارس.
وإلى هذا ذهب: ابن عباس رضي الله
عنه، وعبدالرحمن بن أبي ليلى، والحسن، وابن زيد.
وقال آخرون: هم هَوازن بحُنين.
وإلى هذا ذهب: سعيد بن جبير، وعكرمة،
وقتادة.
وقال آخرون: بل هم بنو حنيفة.
وإلى هذا ذهب: الزهري، وقيل: سعيد
بن جُبير وعكرِمة.
وقال آخرون: هم الروم.
قال الطبري: حدثني محمد بن عوف، قال:
حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا صفوان بن عمرو، قال: حدثنا الفرج بن محمد الكلاعي، عن
كعب، قال {أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} قال: الروم.
ثم قال الطبري بعد أن ساق هذه الأقوال:
"وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المخلَّفين
من الأعراب أنهم سيدعون إلى قتال قوم أولي بأس في القتال، ونجدة في الحروب، ولم يوضع
لنا الدليل من خبر ولا عقل على أن المعنيَّ بذلك هوازن، ولا بنو حنيفة ولا فارس ولا
الروم، ولا أعيان بأعيانهم، وجائز أن يكون عني بذلك بعض هذه الأجناس، وجائز أن يكون
عُنِي بهم غيرهم، ولا قول فيه أصحّ من أن يُقال كما قال الله جلّ ثناؤه: إنهم سيدعون
إلى قوم أولي بأس شديد".
وما قاله صَفْوَانُ بن عمرو: حَدَّثَنَا
مَشْيَخَتُنَا أَنَّ مِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَرْتَدُّ يَوْمَئِذٍ كَافِرً.. إلخ! فهذا
لا يُحتج به؛ لأنه لا إسناد له!!!
أثر كعب الأحبار: لولا ثلاث
لأحببت أن لا أحيا ساعة.. الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص123): "وعن تُبيع عن كعب قال:
(لَوْلَا ثَلَاثٌ لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَحْيَا سَاعَةً، أَوَّلُهَا نُهْبَةُ الْأَعْرَابِ،
فَإِنَّهُمْ يُسْتَنْفَرُونَ فِي بَعْضِ مَا يَكُونُ، وَيَحْدُثُ مِنَ الْمَلَاحِمِ،
فَيَقُولُونَ كَمَا قَالُوا فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ أَوَّلَ مَرَّةٍ حِينَ اسْتُنْصِـرُوا:
{شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} [الفتح: 11] فَأَجَابَ مَنْ أَجَابَ، وَتَرَكَ
مَنْ تَرَكَ، فَإِذَا اسْتُنْصِـرُوا الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي زَمَنِ الْمَلَاحِمِ
فَأَبَوْا أَحَلَّ اللَّهُ بِهِمُ الْآيَةَ الَّتِي وَعَدَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي
كِتَابِهِ: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي
بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: 16] الْآيَةَ، فَهِيَ نُهْبَةِ
الْأَعْرَابِ، وَالخَائِبُ مَنْ خَابَ يَوْمَ نُهْبَةِ كَلْبٍ، وَالثَّانِيَةُ لَوْلَا
أَنْ أَشْهَدَ الْمَلْحَمَةَ الْعُظْمَى فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحَرِّمُ عَلَى
كُلِّ حَدِيدَةٍ أَنْ تَجْبُنَ، فَلَوْ ضَرَبَ الرَّجُلُ يَوْمَئِذٍ بِسَفُّودٍ لَقَطَعَ،
وَالثَّالِثَةُ لَوْلَا أَنْ أَشْهَدَ فَتْحَ مَدِينَةِ الْكُفْرِ، وَإِنَّ دُونَ فَتْحِهَا
لَصَغَارًا كَبِيرًا.) رواه نعيم في الفتن عن كعب من قوله بإسناد حسن".
قلت: لا نحتاج لأن نقول "عن كعب من
قوله بإسناد حسن".! فذكر لفظ "حسن" من حاكم بن عبيسان ليسيطر على القارئ
بقبول هذا من كعب!!!
وروايات كعب الأحبار منكرة لا تُعتمد!!
من أين له هذه الأخبار المتعلقة بالملاحم؟!! هل يعقل أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بالمئات لا يعرفون ما يرويه كعب!!!
ثم الراوي عن كعب هو تبيع ابن امرأته،
ورواياته منكرة جداً لا يُحتج بها!!
وقول كعب في هذه الآية قد بينته في
الحديث السابق وأنه خلاف أقوال أئمة التفسير من الصحابة رضوان الله عليهم وغيرهم.
أثر كعب الأحبار: لولا ثلاث
لأحببت أن لا أحيا ساعة.. الأثر من طريق آخر:
• ذكر ابن عبيسان (ص125): "عَنِ المُفَرَّجِ بنِ
مُحَمَّدٍ، وَشُرَيْحِ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: (لَوْلَا ثَلَاثٌ لَأَحْبَبْتُ
أَلَّا أَحْيَا: إِحْدَاهُنَّ الْمَلْحَمَةُ الْعُظْمَى، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى
يُحَرِّمُ فِيهَا يَوْمَئِذٍ عَلَى كُلِّ حَدِيدَةٍ أَنْ تَجْبُنَ، وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ
بِسَفُّودٍ لَقَطَعَ، وَالْأُخْرَى لَوْلَا أَنْ أَشْهَدَ فَتْحَ مَدِينَةِ الْكُفْرِ،
وَإِنَّ دُونَ فَتَحِهَا الصَّغَارَ وَهَوَانًا كَبِيرًا). رواه نعيم في الفتن بإسناد
حسن".
قلت: أي حسن هذا أيها المدلّس الكبير؟!!!
فهذا الإسناد منقطع! فالفرج بن محمد
لم يدرك كعبا كما بينته قبل حديثين.
وقد وقع في المطبوع: «المُفَرَّجِ
بنِ مُحَمَّدٍ»! وهو تحريف! والصواب: «الفرج بن محمد»، ولم يتنبه حاكم لهذا!
[ووقع أيضا في كتاب حاكم في ص125 عندما
نقل في الحاشية: (عن صفوان بن عمرو عن الفرج بن يحمد..)، يحمد هذا تحريف، والصواب:
محمد].
وشريح بن عبيد أيضاً لم يدرك كعبا
كما نص على ذلك المزي في ترجمته من «تهذيب الكمال» (12/446)، وفي ترجمة «كعب» أيضًا
(24/189).
فالأثر منقطع وهو يرجع للأثر السابق:
عن تُبيع عن كعب.
حديث نافع بن عتبة: تغزون جزيرة
العرب فيفتحها الله.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص126): "باب: البشارة بفتح مدينة
الدجال رومية بعد فتح القسطنطينية.. عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ
عُتْبَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، قَالَ: فَأَتَى النَّبِيَّ
صلى الله عليه وسلم قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ المَغْرِبِ، عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ، فَوَافَقُوهُ
عِنْدَ أَكَمَةٍ، فَإِنَّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ، قَالَ: فَقَالَتْ لِي نَفْسِـي:
ائْتِهِمْ فَقُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لَا يَغْتَالُونَهُ، قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ:
لَعَلَّهُ نَجِيٌّ مَعَهُمْ، فَأَتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، قَالَ:
فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، أَعُدُّهُنَّ فِي يَدِي، قَالَ: «تَغْزُونَ
جَزِيرَةَ العَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ
تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ
اللهُ». قَالَ: فَقَالَ نَافِعٌ: يَا جَابِرُ، لا نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ، حَتَّى
تُفْتَحَ الرُّومُ". رواه مسلم في صحيحه". وقال في الحاشية: " المراد
بالروم هنا: دولتهم وعاصمتها القسطنطينية، والدجال هنا الذي يغزوه المسلمون بعدها ويفتحونه:
دولة البابا في الفاتيكان في روما الذي ينتحل اسم المسيح عيسى بن مريم كذبا وزورا وهو
غير الدجال الذي يخرج بين يدي الساعة. وخروج الدجال هنا - الذي يغزوه المسلمون ويفتحونه
- هو خروج أممه المسيحية على العالم واحتلالها له، وهو ما جرى بعد فتح القسطنطينية،
فخرج البرتغاليون والأسبان والفرنسيون والبريطانيون والأوربيون وما زالوا يستولون على
العالم حتى لم يبق أرضا لم تطأها أقدامهم! ويرفعوا فيها صليبهم، وينشروا فيها كفرهم
وإلحادهم....".
قلت: ذهب حاكم بن عبيسان هنا إلى أن قوله
صلى الله عليه
وسلم في
هذا الحديث: "ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ" بعد ذكره
غزو الروم أن المقصود بغزو الدجال هنا هو: "غزو رومية"!! فبوب عليه:
"باب: البشارة بفتح مدينة الدجال رومية بعد فتح القسطنطينية"!! قال:
"وهو غير الدجال الذي يخرج بين يدي الساعة"!!
وهذا الذي ذهب إليه حاكم بن
عبيسان لا يوافق عليه!! ويرده ما جاء في الحديث نفسه: "فَقَالَ نَافِعٌ: يَا جَابِرُ،
لا نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ، حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ"، وقوله واضح الدلالة
في خروج الدجال المعروف لا أن المقصود هو غزو رومية كما توهم حاكم!!!
والدجال إذا أُطلق فهو الذي حذر منه
النبي صلى الله عليه وسلم من فتنته، ولا يوجد أي قول لأهل العلم يقول بخلاف ذلك! وما قاله حاكم
كذب صريح على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفسير لنصوص الوحي بالظن والهوى، {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ
الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} [يونس: 36].
حديث عبدالرحمن بن سَنّة: ليأرزن
الإيمان إلى ما بين المسجدين.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص127): "باب فضل الترك وقيامهم
بالإسلام حين غربته وجهادهم للروم وتصديهم لحملاتهم الصليبية وفتحهم القسطنطينية..
عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ سَنَّةَ الأنصاري، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (وَالَّذِي نَفْسـِي بِيَدِهِ
لَيَأْرِزَنَّ الْإِيمَانُ إِلَى مَا بَيْنَ المَسْجِدَيْنِ [مكة والمدينة] كَمَا تَأْرِزُ
الْحَيَّةُ إِلَى حُجْرِهَا، وَلَيُجَاوِزُ الْإِيمَانُ الْمَدِينَةَ كَمَا يَجُوزُ
السَّيْلُ الدِّمَنَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ اسْتَغَاثَتِ الْعَرَبُ بِأَعْرَابِهَا
فِي مَجْلَبَةٍ لَهُمْ، كَصَالِحِ مَنْ مَضَـى، وَخَيْرِ مَنْ بَقِيَ، فَاقْتَتَلُوا
هُمْ وَالرُّومُ، فَتَتَقَلَّبُ بِهِمُ الْحُرُوبُ حَتَّى يَرِدُوا عَمْقَ أَنْطَاكِيَةَ
فَيَقْتَتِلُونَ بِهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَيَرْفَعُ اللَّهُ النَّصْـرَ عَنْ كُلِّ
الْفَرِيقَيْنِ حَتَّى تَخُوضَ الْخَيْلُ فِي الدَّمِ إِلَى ثُنَتِهَا، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ:
أَيْ رَبِّ، أَلَا تَنْصُـرْ عِبَادَكَ؟ فَيَقُولُ: حَتَّى يَكْثُرَ شُهَدَاؤُهُمْ،
فَيُسْتَشْهَدُ ثُلُثٌ، وَيَصْبِرُ ثُلُثٌ، وَيَرْجِعُ ثُلُثٌ شَاكًّا فَيُخْسَفُ بِهِمْ،
قَالَ: فَتَقُولُ الرُّومُ: لَنْ نَدَعُكُمْ إِلَّا أَنْ تُخْرِجُوا إِلَيْنَا كُلَّ
مَنْ كَانَ أَصْلُهُ مِنَّا، فَيَقُولُ الْعَرَبُ لِلْعَجَمِ: الْحَقُوا بِالرُّومِ،
فَتَقُولُ الْعَجَمُ: أَنَكْفُرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ؟ فَيَغْضَبُونَ عِنْدَ ذَلِكَ،
فَيَحْمِلُونَ عَلَى الرُّومِ فَيَقْتَتِلُونَ، فَيَغْضَبُ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ،
فَيَضْـرِبُ بِسَيْفِهِ، وَيَطْعَنُ بِرُمْحِهِ " قِيلَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عَمْرٍو، مَا سَيْفُ اللَّهِ وَرُمْحُهُ؟ قَالَ: سَيْفُ الْمُؤْمِنِ وَرُمْحُهُ، حَتَّى
يُهْلِكُوا الرُّومَ جَمِيعًا، فَمَا يَفْلِتُ إِلَّا مُخْبِرٌ، ثُمَّ يَنْطَلِقُونَ
إِلَى أَرْضِ الرُّومِ فَيَفْتَتِحُونَ حُصُونَهَا وَمَدَائِنَهَا بِالتَّكْبِيرِ،
حَتَّى يَأْتُوا مَدِينَةَ هِرَقْلَ فَيَجِدُونَ خَلِيجَهَا بَطْحَاءَ، ثُمَّ يَفْتَتِحُونَهَا
بِالتَّكْبِيرِ، يُكَبِّرُونَ تَكْبِيرَةً فَيَسْقُطُ أَحَدُ جُدُرِهَا، ثُمَّ يُكَبِّرُونَ
أُخْرَى فَيَسْقُطُ جِدَارٌ آخَرُ، وَيَبْقَى جِدَارُهَا الْبَحْرِيُّ لَا يَسْقُطُ،
ثُمَّ يَسْتَجِيرُونَ إِلَى رُومِيَّةَ فَيَفْتَتِحُونَهَا بِالتَّكْبِيرِ، وَيَتَكَايَلُونَ
يَوْمَئِذٍ غَنَائِمَهُمْ كَيْلًا بِالْغَرَائِرِ».) رواه نعيم في الفتن واللفظ له
بإسناد حسن لغيره بشواهده، ورواه عبدالله بن أحمد في زوائده على المسند مختصـرا؛ ولفظه:
(أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا
بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنِ الْغُرَبَاءُ؟
قَالَ: الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ، وَالَّذِي نَفْسِـي بِيَدِهِ
لَيَنْحَازَنَّ الْإِيمَانُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا يَحُوزُ السَّيْلُ، وَالَّذِي
نَفْسِـي بِيَدِهِ لَيَأْرِزَنَّ الْإِسْلَامُ إِلَى مَا بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا
تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا).
قلت: كيف يكون إسناده حسناً وفيه متروك
وضعفاء؟! ولا زال حاكم بن عبيسان يخفي الأسانيد ولا يذكرها ليدلّس على القرّاء!!
فالحديث يرويه الوَلِيدُ، وَأَبُو
المُغِيرَةِ، عَنِ ابنِ عَيَّاشٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ يُوسُفَ
بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ جَدَّتِهِ مَيْمُونَةَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ سَنَّةَ.
وذكر نُعيم بن حماد أن الوليد بن مسلم
لَمْ يَذْكُرْ "جَدَّتَهُ ميمونة"!
وهذا الإسناد منكر!!! فإسحاق بن عبد
الله بن أبي فروة: متروك، وقد كذّبه ابن معين!
فهل اتفاق الأئمة على تركه وعدم الاحتجاج
به يخفى على حاكم بن عبيسان! وهو يحمل الدكتوراه في الحديث! وله سنوات يدرسه؟!! هذا
لا يخفى على أي طالب مبتدئ! فكيف يخفى على الدكتور؟ أم أنه أعرض عنه لنصرة رأيه؟!
فهو إما أنه خفي عليه! أو أنه أخفاه
عمداً! وأحلاهما مُرّ!! والله المستعان.
وإن تعجب فالعجب من حاكم بن
عبيسان الذي يذكر أقوال الهيثمي عندما يريد الانتصار لرأيه! ويخفيه إذا كان يخالفه!!!
فهذا رأي الهيثمي في الحديث:
قال في «مجمع الزوائد» (7/278):
"رَوَاهُ عَبْدُاللَّهِ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِاللَّهِ
بنِ أَبِي فَرْوَةَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ".
وقال أيضاً (7/318): "رَوَاهُ
الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ".
وقال الإمام البخاري في «التاريخ الكبير»
(5/252): "عَبْدالرَّحْمَن بن سنة عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وحديثه لَيْسَ بالقائم".
وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»
(5/238): "عبد الرحمن بن سنة: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً ليس إسناده بالقائم؛ لأن راويه:
إسحاق بن أبي فروة".
وذكره ابن عدي في «الكامل»
(5/499) وقال: "ولا أعلم لعبد الرحمن بن سنة غير هذا الحديث، ولا يعرف إلا من
هذه الرواية التي ذكرتها".
وقالَ ابن عبد البر في «الاستيعاب»:
"فِي الْإِسْنَاد عَنهُ ضعف".
وقال الحسيني في «الإكمال في ذكر من
له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال» (ص: 263): "روى حَدِيثه يُوسُف بن سُلَيْمَان
عَن جدته مَيْمُونَة عَنهُ، وَفِي سَنَده إِسْحَاق بن عبدالله بن أبي فَرْوَة وَهُوَ
واهٍ. قَالَ ابن السكن: لا يعْتَمد عَلَيْهِ. وَقَالَ البُخَارِيّ حَدِيثه لَيْسَ بالقائم".
وقال أيضاً (ص: 480): "يُوسُف
بن سُلَيْمَان عَن جدته مَيْمُونَة عَن عبدالرَّحْمَن بن سنة، وَعنهُ إِسْحَاق بن عبدالله
بن أبي فَرْوَة: مَجْهُول".
حديث عوف بن مالك: أنه أتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم في فتح له.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص129): "باب: البشارة بكثرة
بناء المساجد في القسطنطينية بعد فتحها حتى تصبح أبرز مظاهر عمرانها.. عَنْ إِسْحَاقَ
بنِ عَبْدِاللَّهِ: (أَنَّ عَوْفَ بنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه
وسلم فِي
فَتْحٍ لَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: هَنِيئًا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
قَدْ أَعَزَّ اللَّهُ نَصْـرَكَ وَأَظْهَرَ دِينَكَ وَوَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا
بِجِرَانِهَا، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ:
«ادْخُلْ يَا عَوْفُ» فَقَالَ: أَدْخُلُ كُلِّي أَوْ بَعْضِي؟ فَقَالَ: «ادْخُلْ كُلُّكَ»
فَقَالَ: «إِنَّ الْحَرْبَ لَنْ تَضَعَ أَوْزَارَهَا حَتَّى تَكُونَ سِتٌّ أَوَّلُهُنَّ
مَوْتِي» فَبَكَى عَوْفٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قُلْ: إِحْدَى، وَالثَّانِيَةُ
فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالثَّالِثَةُ: فِتْنَةٌ تَكُونُ فِي النَّاسِ كَعُقَاصِ
الْغَنَمِ، وَالرَّابِعَةُ فِتْنَةٌ تَكُونُ فِي النَّاسِ لَا يَبْقَى أَهْلُ بَيْتٍ
إِلَّا دَخَلَ عَلَيْهِمْ نَصِيبُهُمْ مِنْهَا، وَالْخَامِسَةُ يُولَدُ فِي بَنِي الْأَصْفَرِ
غُلَامٌ مِنْ أَوْلَادِ الْمُلُوكِ يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ كَمَا يَشِبُّ الصَّبِيُّ
فِي الْجُمُعَةِ، وَيَشِبُّ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا يَشبُّ الصَّبِيُّ فِي الشَّهْرِ،
وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ كَمَا يَشِبُّ الصَّبِيُّ فِي السَّنَةِ، فَمَا بَلَغَ اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ سَنَةً مَلَّكُوهُ عَلَيْهِمْ، فَقَامَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَقَالَ: إِلَى
مَتَى يَغْلِبُنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَى مَكَارِمٍ أَرْضِنَا، إِنِّي رَأَيْتُ
أَنْ أَسِيرَ إِلَيْهِمْ حَتَّى أُخْرِجَهُمْ مِنْهَا، فَقَامَ الْخُطَبَاءُ فَحَسَّنُوا
لَهُ رَأْيَهُ، فَبَعَثَ فِي الْجَزَائِرِ وَالْبَرِّيَّةِ بِصَنْعَةِ السُّفُنِ، ثُمَّ
حَمَلَ فِيهَا الْمُقَاتِلَةَ حَتَّى نَزَلَ بَيْنَ أَنْطَاكِيَّةَ وَالْعَرِيشِ!
قَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ: فَسَمِعْتُ
مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُمُ اثْنَا عَشَرَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ
أَلْفًا، فَيَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى صَاحِبِهِمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَجْمَعُوا
فِي رَأْيِهِمْ أَنْ يَسِيرُوا إِلَى مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَكُونَ مَسَالِحُهُمْ بِالسَّـرْحِ
وَخَيْبَرَ - قَالَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «يُخْرِجُوا أُمَّتِي مِنْ مَنَابِتِ الشِّيحِ» قَالَ: أَوْ قَالَ الْحَارِثُ
بْنُ يَزِيدَ: «إِنَّهُمْ سَيُقِيمُوا فِيهَا هُنَالِكَ فَيَفِرُّ مِنْهُمُ الثُّلُثُ
وَيُقْتَلُ مِنْهُمُ الثُّلُثُ فَيَهْزِمُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالثُّلُثِ الصَّابِرِ»،
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ: «يَوْمَئِذٍ يَضْـرِبُ وَاللَّهِ بِسَيْفِهِ وَيَطْعَنُ
بِرُمْحِهِ وَيَتْبَعُهُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَبْلُغُوا الْمَضِيقَ الَّذِي عِنْدَ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَيَجِدُونَهُ قَدْ يَبِسَ مَاؤُهُ فَيُجِيزُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ
حَتَّى يَنْزِلُوا بِهَا، فَيَهْدِمُ اللَّهُ جُدْرَانَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ
يَدْخُلُونَهَا فَيَقْسِمُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالْأَتْرِسَةِ»، وَقَالَ أَبُو قَبِيلٍ
الْمَعَافِرِيُّ: "فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذَا جَاءَهُمْ رَاكِبٌ، فَقَالَ:
أَنْتُمْ هَاهُنَا وَالدَّجَّالُ قَدْ خَالَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، وَإِنَّمَا كَانَتْ
كَذِبَةً، فَمَنْ سَمِعَ العُلَمَاءَ فِي ذَلِكَ أَقَامَ عَلَى مَا أَصَابَهُ، وَأَمَّا
غَيْرُهُمْ فَانْفَضُّوا وَيَكُونُ المُسْلِمُونَ يَبْنُونَ الْمَسَاجِدَ فِي الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ
وَيَغْزُونَ وَرَاءَ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ السَّادِسَةَ.) رواه الحاكم،
وقال: (صحيح الإسناد)".
قلت: كعادته حاكم بن عبيسان نقل تصحيح الحاكم
للحديث! وأعرض عن تضعيف الذهبي له!! فقد تعقّب الذهبي الحاكم في تصحيحه وقال:
"فيه انقطاع".
وقال ابن حجر في «إتحاف المهرة»
(12/544) بعد ذكره لهذا الحديث وما فيه من الفتن: "وفيها روايات منقطعة لعبد
الرحمن بن شُريح، عن خالد بن يزيد. وعن ابن أبي جَعْفر. وعن غير مسمّى. وعن أبي قَبِيل
المعافري".
قلت: الحديث يرويه عَبْدُاللَّهِ بنُ وَهْبٍ،
عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن شُرَيْحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بنِ سَيْفٍ المَعَافِرِيِّ، عَنْ
إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِاللَّهِ، عن عوف بن مالك.
وهذا إسناد ضعيف!
قال البخاري في «التاريخ الأوسط»
(1/302): "وروى ربيعَة بن سيف الْمعَافِرِي الإسْكَنْدراني أَحَادِيث لَا يُتَابع
عَلَيْها".
وقال في «التاريخ الكبير»
(3/290): "ربيعة بْن سيف المعافري الإسكندراني... عنده منا كير".
وذكره ابن حبان في «الثقات»
(6/301) وقال: كَانَ يُخطىء كثيرا".
وقال النَّسَائي: "ليس به بأس".
وقَال الدَّارَقُطْنِيُّ: "مصري
صالح".
وقَال أبو سَعِيد ابن يونس إمام أهل
مصر: "في حديثه مناكير".
وإسحاق بن عبدالله هذا مجهول، ومن
اسمه إسحاق بن عبدالله في هذه الطبقة عدة، والله أعلم من هو، وعلى كل حال فالحديث معلول
بربيعة.
حديث عمرو المزني: ستقاتلون بني
الأصفر.. الحديث، وتناقض ابن عبيسان وتدليسه!
• ذكر ابن عبيسان (ص133): "باب: فضل الجماعة التي
تفتح القسطنطينية الفتح الثاني بالتكبير والدعاء.. عن عمرو المزني، أَنَّ النَّبِيَّ
صلى الله عليه
وسلم قَالَ
لِعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: (سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ [هم
الروم] فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ
حَتَّى تَسْتَفْتِحونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ.) رواه
الطبراني في المعجم الكبير بإسناد صحيح، عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده، وكثير
صحح وحسن الترمذي له حديثا، وحسن حاله البخاري.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: (رواه
الطبراني، وفيه كثير بن عبد الله، وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حديثه).. وقال في
الحاشية: "هذه أصح روايات هذا الحديث وأوضحها! ولم يبشر النبي صلى الله عليه
وسلم بفتح مدينة مرارا كما بشر بفتح القسطنطينية (إسطنبول)؛ وذلك لعظمتها السياسية
كعاصمة للإمبراطورية الرومانية، وعاصمة دينية للمسيحية الأرثوذكسية، ولأن فتحها واستعادتها
كل مرة يمثل تحولا في تاريخ الإسلام والمسيحية؛ لأنها ستظل الثغر الأعظم، والحاجز الأضخم،
بين أمة الإسلام من جهة، وأوربا والروم أمم المسيح الدجال من جهة أخرى إلى يوم القيامة...".
قلت: الحديث رواه الطبراني من طريق عَبْداللهِ
بن نَافِعٍ الصائغ، عَنْ كَثِيرِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
جَدِّهِ.
ورواه ابن ماجه في «سننه» (2/1370)
من طريق (4094) أَبي يَعْقُوبَ الحُنَيْنِيّ إسحاق بن إبراهيم، عَنْ كَثِيرِ بنِ عَبْدِ
اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ أَدْنَى مَسَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
بِبَوْلَاءَ» ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ،» قَالَ: بِأَبِي، وَأُمِّي،
قَالَ: " إِنَّكُمْ سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ، وَيُقَاتِلُهُمُ الَّذِينَ
مِنْ بَعْدِكُمْ، حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رُوقَةُ الْإِسْلَامِ، أَهْلُ الْحِجَازِ،
الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَيَفْتَتِحُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ
بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، فَيُصِيبُونَ غَنَائِمَ لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهَا،
حَتَّى يَقْتَسِمُوا بِالْأَتْرِسَةِ، وَيَأْتِي آتٍ فَيَقُولُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ
خَرَجَ فِي بِلَادِكُمْ، أَلَا وَهِيَ كِذْبَةٌ فَالْآخِذُ نَادِمٌ، وَالتَّارِكُ نَادِمٌ".
ورواه البزارفي «مسنده» (8/317) من
طريق مُحَمَّد بن خَالِدٍ بن عثمة، عن كَثِير بن عَبْدِاللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ عَوْفٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى
تَكُونَ رَابِطَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: بُولَانُ، حَتَّى
يُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ، يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لَا تَأْخُذُهُمْ
فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قُسْطَنْطِينَةَ
وَرُومِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، فَيُهْدَمُ حِصْنُهَا، وَحَتَّى يَقْتَسِمُونَ
الْمَالَ بِالْأَتْرِسَةِ"، قَالَ: "ثُمَّ يَصْـرُخُ صَارِخٌ، يَا أَهْلَ
الْإِسْلَامِ قَدْ خَرَجَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ، فِي بِلَادِكُمْ وَدِيَارِكُمْ،
فَيَقُولُوُنَ: مَنْ هَذَا الصَّارِخُ، فَلَا يَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ، فَيَبْعَثُونَ
طَلِيعَةً يَنْظُرُ هَلْ هُوَ الْمَسِيحُ؟، فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ فَيَقُولُوُنَ:
لَمْ نَرَ شَيْئًا وَلَمْ نَسْمَعْهُ، فَيَقُولُوُنَ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا صَرَخَ
الصَّارِخَ إِلَّا مِنَ السَّمَاءِ أَوْ مِنَ الْأَرْضِ، تَعَالَوْا نَخْرُجُ بِأَجْمَعِنَا،
فَإِنْ يَكُنِ الْمَسِيحُ بِهَا نُقَاتِلْهُ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ،
وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ وَإِنْ يَكُنِ الْأُخْرَى فَإِنَّهَا بِلَادُكُمْ وَعَسَاكِيرُكُمْ
وَعَشَائِرِكُمْ رَجَعْتُمْ إِلَيْهَا".
ورواه ابن عدي في «الكامل في ضعفاء
الرجال» (7/188) من طريق إِسْمَاعِيل بن أَبِي أُوَيْسٍ، عن كَثِير بن عَبدالله بن
عَمْرو عَوْفِ بنِ زَيْدِ بنِ مِلْحَةَ المزني، عن أبيه، عَن جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا تَذْهَبُ نَفْسٌ حَتَّى تَكُونَ رَابِطَةٌ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ يَقُولانِ يَا عَلِيُّ قَالَ الْمُزَنِيُّ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي
طَالِبٍ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّكُمْ تُقَاتِلُونَ
بَنِي الأَصْفَرِ وَيُقَاتِلُهُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَهْلُ الْحِجَازِ
الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ
لائِمٍ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَرُومِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ
وَالتَّكْبِيرِ فَيَنْهَدِمَ حِصْنُهَا فَيُصِيبُونَ مَالا عَظِيمًا لَمْ يُصِيبُوا
مِثْلَهُ قَطُّ حَتَّى أَنَّ مَا تُقِيمُونَ بِالأَتْرِسَةِ ثُمَّ يَصْرُخُ صَارِخٌ
يَا أَهْلَ الإِسْلامِ الْمَسِيحُ الدَّجَالُ فِي بِلادِكُمْ وَذَرِارِيكُمْ فَيَنْفَضُّ
النَّاسُ عَنِ الْمَالِ فَمِنْهُمُ الآخِذُ وَمِنْهُمُ التَّارِكُ الآخِذُ نَادِمٌ
وَالتَّارِكُ نَادِمٌ ثُمَّ يَقُولُونَ مَنْ هَذَا الصَّارِخُ، ولاَ يَعْلَمُونَ مَنْ
هُوَ فَيَقُولُونَ ابْعَثُوا طَلِيعَةً إِلَى الْبَلَدِ فَإِنْ يَكُنِ الْمَسِيحَ قَدْ
خَرَجَ فَسَيَأْتُوكُمْ بِعِلْمِهِ وَيَأْتُونَ فَيَنْظُرُونَ فَلا يَرَوْنَ شَيْئًا
وَيَرَوْنَ النَّاسَ سَاكِتِينَ فَيَقُولُونَ مَا صَرَخَ الصَّارِخُ إلاَّ لِنَبَأٍ
عَظِيمٍ فَاعْتَزِمُوا ثُمَّ ارْتَضُوا فَيَعْتَزِمُونَ أَنْ نَخْرُجَ بِأَجْمَعِنَا
إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ يَكُنِ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ خَرَجَ نُقَاتِلْهُ
حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَهو خَيْرُ الْحَاكِمِينَ وَإِنْ تَكُنِ
الأُخْرَى فَإِنَّهَا بِلادُكُمْ وَعَشَائِرُكُمْ وَعَسَاكِرُكُمْ إِنْ رَجِعْتُمْ
إِلَيْهَا".
ورواه الحاكم في «المستدرك» (4/530)
(8488) من طريق عَبْداللَّهِ بن مَسْلَمَةَ القعنبيّ، وإِسْمَاعِيل بن أَبِي أُوَيْسٍ،
كلاهما عن كَثِير بن عَبْدِاللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: «لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا يَا عَلِيُّ بْنَ أَبِي
طَالِبٍ» قَالَ عَلِيٌّ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "اعْلَمْ أَنَّكُمْ
سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ أَوْ يُقَاتِلُهُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ،
وَتَخْرُجُ إِلَيْهِمْ رُوقَةُ الْمُؤْمِنِينَ أَهْلِ الْحِجَازِ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ حَتَّى يَفْتَحَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَرُومِيِّةَ بِالتَّسْبِيحِ
وَالتَّكْبِيرِ فَيَنْهَدِمُ حِصْنُهَا فَيُصِيبُونَ نَبْلًا عَظِيمًا لَمْ يُصِيبُوا
مِثْلَهُ قَطُّ، حَتَّى إِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَ بِالتُّرْسِ، ثُمَّ يَصْـرُخُ صَارِخٌ:
يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ قَدْ خَرَجَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ فِي بِلَادِكُمْ وَذَرَارِيِّكُمْ،
فَيَنْفَضُّ النَّاسُ عَنِ الْمَالِ، فَمِنْهُمُ الْآخِذُ، وَمِنْهُمُ التَّارِكُ،
فَالْآخِذُ نَادِمٌ، وَالتَّارِكُ نَادِمٌ، يَقُولُونَ: مَنْ هَذَا الصَّائِحُ؟ فَلَا
يَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ، فَيَقُولُونَ: ابْعَثُوا طَلِيعَةً إِلَى لُدٍّ، فَإِنْ يَكُنِ
الْمَسِيحُ قَدْ خَرَجَ فَيَأْتُونَكُمْ بِعِلْمِهِ، فَيَأْتُونَ فَيَنْظُرُونَ فَلَا
يَرَوْنَ شَيْئًا، وَيَرَوْنَ النَّاسَ شَاكِّينَ، فَيَقُولُونَ: مَا صَرَخَ الصَّارِخُ
إِلَّا لِنَبَأٍ فَاعْتَزِمُوا، ثُمَّ ارْشُدُوا فَيَعْتَزِمُونَ أَنْ نُخْرِجَ بِأَجْمَعِنَا
إِلَى لُدٍّ، فَإِنْ يَكُنْ بِهَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ نُقَاتِلْهُ حَتَّى يَحْكُمَ
اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ، وَإِنْ يَكُنِ الْأُخْرَى
فَإِنَّهَا بِلَادُكُمْ وَعَشَائِرُكُمْ وَعَسَاكِرُكُمْ رَجَعْتُمْ إِلَيْهَا".
وسكت عليه الحاكم، وقال الذهبي
في «التلخيص»: "كثير واهٍ".
وأورد البزار في «مسنده» أحاديث كثير
بن عبدالله عن أبيه عن جده، وقال في الأحاديث التي تفرد بها: "وهَذَا الْحَدِيثُ
لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا عَمْرُو بنُ عَوْفٍ، وَلَا
نَعْلَمُ حَدَّثَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إِلَّا ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَمْرٍو،
وَلَا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو إِلَّا كَثِيرُ بنُ عَبْدِ
اللَّهِ".
ثم قال بعد أن ساق كلّ أحاديث عمرو
بن عوف: "وعَمْرُو بنُ عَوْفٍ هَذَا قَدْ بَيَّنَا أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ
إِلَّا ابنُهُ، وَإِنَّمَا يَكْتُبُ مِنْ أَحَادِيثِهِ مَا لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ،
وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ كَثِيرٍ شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ، فَذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِهِ
أَحَادِيثَ لَمْ يَرْوِهَا غَيْرُهُ، وَأَحَادِيثَ قَدْ رَوَاهَا غَيْرُهُ، لِيُعْلَمَ
أَنَّ بَعْضَ حَدِيثِهِ قَدْ شُورِكَ فِي رِوَايَتِهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم".
وقال ابن الجوزي في «العلل المتناهية
في الأحاديث الواهية» (2/372) بعد أن ساقه من طريق مُحَمَّد بن خَالِدِ بنِ عَثْمَةَ،
عن كَثِير بن عَبْدِاللَّهِ المُزْنِيّ مختصـراً: "هذَا حَدِيثٌ لا يَصِحُّ".
وكثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف المزني
مُجمعٌ على تضعيفه!
قَالَ أَبُو طَالب عَن أَحْمد بن حَنْبَل:
"هُوَ مُنكر الحَدِيث، لَيْسَ بِشَيْء".
وقَالَ عبدالله بن أَحْمد بن حَنْبَل:
"كثير بن عبدالله بن عَمْرو بن عَوْف، لَيْسَ يسوى شَيْئا، وَضرب على حَدِيثه
فِي المسند، وَلم يحدّث بِهِ".
وقَال أَبُو خَيْثَمَة: "قال
لي أَحْمَد بن حَنْبَل: لا تحدث عنه شيئاً".
وقَالَ ابن أبي مَرْيَم عَن ابن معِين:
"لَيْسَ بِشَيْء، ولَا يكْتب حَدِيثه".
وَكَذَلِكَ روى عَنهُ عُثْمَان الدَّارمِيّ،
وروى عَنهُ عَبَّاس الدوري قال: "كثير ضَعِيف".
وقال أَبُو عُبَيد الآجُرِّيّ: سئل
أَبُو دَاوُد عَنْ كَثِير بن عَبداللَّهِ بن عَمْرو بن عوف المزني؟ فَقَالَ:
"كَانَ أحد الكذابين، سمعت مُحَمَّد بن الوزير المِصـْرِي، قال: سمعت الشافعي،
وذكر كَثِير بن عَمْرو بْن عوف، فَقَالَ: ذاك أحد الكذابين أو أحد أركان الكذب".
وقَالَ أَبُو زرْعَة: "واهي الحَدِيث،
ليس بقوي".
وَقَال أَبُو حاتم: "ليس بالمتين".
وَقَال النَّسَائي، والدَّارَقُطنِيّ:
"متروك الحديث".
وقَال النَّسَائي فِي موضع آخر:
"ليس بثقة".
وَقَال أَبُو حاتم بن حبان:
"مُنكر الحَدِيث جدًا، يروي عَن أَبِيه عَن جده نُسْخَة مَوْضُوعَة لَا يحل ذكرهَا
فِي الْكتب وَلَا الرِّوَايَة عَنهُ إِلَّا على جِهَة التَّعَجُّب، وَكَانَ الشَّافِعِي
ؒ يَقُول: كثير بن عبد الله المُزنِيّ ركن من أَرْكَان الْكَذِب".
وقَال أَبُو أَحْمَد بن عدي:
"عامة ما يرويه لا يتابع عَلَيْهِ". وَأورد لَهُ أَحَادِيث مِمَّا تنكر عَلَيْهِ،
وهذا منها.
وقال أبو نعيم: "ضعفه علي بن
المديني".
وقال بن سعد: "كان قليل الحديث
يستضعف".
وقال ابن السكن: "يروي عن أبيه
عن جده أحاديث فيها نظر".
وقال الحاكم: "حدّث عن أبيه عن
جده نسخة فيها مناكير".
وضعّفه الساجي ويعقوب بن سفيان وابن
البرقي.
وقال ابن عبد البر: "مُجمعٌ على
ضعفه".
وأما تصحيح الترمذي له حديثاً وتحسين
آخر، ونقله عن البخاري أنه حسن له حديثاً! ففيه نظر!!
نقل المزي في «تهذيب الكمال»
(24/139): وقَال التِّرْمِذِيّ: قلت لمحمد في حديث كَثِير بن عَبداللَّهِ عَن أبيه
عَن جده فِي الساعة التي ترجى في يَوْم الجمعة: كيف هُوَ؟ قال: "حديث حَسَن إِلا
أن أَحْمَد بن حَنْبَل كَانَ يحمل على كَثِير يضعفه، وقد روى يَحْيَى بن سَعِيد الأَنْصارِيّ،
- يَعْنِي: على إمامته -، عَن كثير بن عَبداللَّهِ".
ولما أورد الذهبي كلام أهل العلم فيه
في ترجمته من «تاريخ الإسلام» (4/486) قال: "وأَمَّا الترمذي فأخذ بمليء فَقَالَ:
قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ فِي حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ
فِي سَاعَةِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، إِلا أَنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ
يَحْمِلُ عَلَى كَثِيرٍ، يُضَعِّفُهُ".
وقال ابن المُلقّن في «البدر المنير»
(6/688): "وَحسّن البُخَارِيّ حَدِيثا لَهُ. قَالَ التِّرْمِذِيّ: قلت للْبُخَارِيّ
فِي حَدِيث كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف، عَن أَبِيه، عَن جده «فِي السَّاعَة
الَّتِي ترجى يَوْم الْجُمُعَة» قَالَ: حَدِيث حسن".
قلت:
قد جهدت في معرفة أين هذا النقل عن
الترمذي فلم أجده في كتابيه «الجامع»، و«العلل الكبير»! وفيهما ينقل الترمذي سؤالاته
للبخاري.
بل إنه أخرج في «جامعه» (1/618)
(490) هذا الحديث من طريق أَبي عَامِرٍ العَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بنُ
عَبْدِاللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ فِي الجُمُعَةِ سَاعَةً
لاَ يَسْأَلُ اللَّهَ العَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ: حِينَ تُقَامُ الصَّلاَةُ إِلَى انْصِرَافٍ
مِنْهَا".
قال الترمذي: "حَدِيثُ عَمْرِو
بنِ عَوْفٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ".
ولم ينقل كلام البخاري في تحسينه لهذا
الحديث مع أن هذا هو مكانه!!!
فلا أدري هل أحكم المزي في نقله ذلك
عن الترمذي وتبعه الذهبي وغيره!!!
ولو صح هذا النقل فلا يدلّ على أن
البخاري يمشّيه! والحسن عند البخاري يعني "الغريب"!! وقوله عن أحمد إنه يضعفه
لا يعني أن الحسن هنا يعني "المقبول"!!! واستدراكه بقوله "إلا أن أحمد
بن حنبل يحمل على كَثِير يضعفه" يدلّ على عدم قبوله لحديثه.
وقوله: "وقد روى يَحْيَى بن سَعِيد
الأَنْصارِيّ عَن كثير بن عَبد اللَّهِ"، لا يعني أيضاً قبول حديثه والاحتجاج
به، فهذا شيء، والرواية عنه شيء آخر، ويحيى بن سعيد كان أكبر منه.
وأخرج له الترمذي في «جامعه«» حديثه
عن أبيه عن جده مرفوعا: "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا،
والمسلمون على شروطهم إلا شرط حرم حلالا أو حلل حراما".
وقال: "حسن صحيح".
وقد أنكر العلماء على الترمذي تصحيحه
لهذا الحديث للإجماع على ضعف كثير!
قال ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير»
(2/87): "قلت: في هذا نظر؛ فكثير أجمعوا على ضعفه، حتى قال الشافعي فيه: إنه ركن
من أركان الكذب. قال ابن القطان: وعبد الله بن عمرو والده مجهول الحال".
وقال الذهبي في «ميزان الاعتدال»
(3/407): "وأما الترمذي فروى من حديثه: الصلح جائز بين المسلمين. وصححه، فلهذا
لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي".
وقال الزيلعي في «نصب الراية»
(2/425): "وَكَثِيرٌ هَذَا مُجْمَعٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ، ولَمْ يُوَافَقْ التِّرْمِذِيُّ
عَلَى تَصْحِيحِ حَدِيثِهِ فِي مَوْضِعٍ، وَتَحْسِينِهِ فِي آخَرَ".
وحتى يعلم القارئ أن حاكم بن
عبيسان المطيري رجل كذاب يكذب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم وينسب له ما يعلم أنه لا يحل
نسبته، فسأنقل كلام ابن عبيسان في تضعيفه لأحد طرق حديث «ستفترق أمتي على ثلاث
وسبعين فرقة»، وهو طريق كثير بن عبد الله بن عوف المزني.
قال حاكم بن عبيسان في «بحثه» عن «حديث
الافتراق» المنشور في موقعه(14):
"خامسا: تخريج حديث عمرو بن عوف
المزني:
رواه الحاكم من طريق إسماعيل بن أبي
أويس عن كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعا" إلا أن بني إسرائيل
افترقت على موسى على إحدى وسبعين فرقة كلها ضالة إلا فرقة واحدة الإسلام وجماعتهم،
وأنها افترقت على عيسى بن مريم على إحدى وسبعين فرقة كلها ضالة إلا فرقة واحدة الإسلام
وجماعتهم، ثم أنهم يكونون على اثنتين وسبعين فرقة كلها ضالة إلا فرقة واحدة الإسلام
وجماعتهم".
وقد قال الحاكم عن هذا الحديث بعد
روايته "تفرد به كثير بن عبد الله ولا تقوم به الحجة"، وقال عنه ابن حبان:
"منكر الحديث جداً، يروي عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب ولا
الرواية عنه إلا على جهة التعجب". "انتهى كلام ابن عبيسان بطوله.
(14) على هذا الرابط:
http://www.dr-hakem.com/Portals/Content/?info=TmpJMEpsTjFZbEJoWjJVbU1RPT0rdQ==.jsp
قلت: فانظر - رحمك الله - كيف أن
حاكم بن عبيسان صاحب هوى ينتقي من النصوص ما يوافق هواه لينصر بدعته ويؤيد بها
الطواغيت الذين يمجدهم ويلمعهم، وقد وقف على نصوص الأئمة في كثير بن عبد الله بن
عوف المزني ويعلم حاله، ومع ذلك دلس ولبس، ولن يفلح امرؤ كذب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولو طالت به السلامة.
تكرار حاكم بن عبيسان لحديث عمرو
المزني وتدليسه!
• ذكر ابن عبيسان (ص135): "وفي رواية أخرى عن كثير
عن أبيه عن جده عمرو بن عوف المزني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِنَّكُمْ سَتُقَاتِلُونَ
بَنِي الْأَصْفَرِ وَيُقَاتِلُهُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ يَخْرُجُ
إِلَيْهِمْ رُوقَةُ الْمُسْلِمِينَ أَهْلُ الْحِجَازِ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ
اللهِ لَا يَأْخُذُهُمْ فِي اللهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ
قُسْطَنْطِينِيَّةَ ورُومِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، فَيَهْدِمُ اللهُ حِصْنَهَا،
فَيُصِيبُوا مَالًا عَظِيمًا لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهُ قَطُّ، حَتَّى إِنَّهُمْ يَقْسِمُونَ
بالتِّرْسَةِ، ثُمَّ يَصْرُخُ صَارِخٌ يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ قَدْ خَرَجَ الْمَسِيحُ
الدَّجَّالُ فِي بِلَادِكُمْ، فَيَنْقَبِضُ النَّاسُ عَنِ الْمَالِ، فَمِنْهُمُ الْآخِذُ،
وَمِنْهُمُ التَّارِكُ، وَالْآخِذُ نَادِمٌ، وَالتَّارِكُ نَادِمٌ، ثُمَّ يَقُولُونَ:
مَنْ هَذَا الصَّارِخُ؟ وَلَا يَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ، فَيَقُولُونَ: ابْعَثُوا طَلِيعَةً
إِلَى لُدٍّ، فَإِنْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ خَرَجَ فَسَيَأْتِيكُمْ بِعِلْمِهِ، فَيَأْتُونَ
فَيُبْصِرونَ فَلَا يَرَوْنَ شَيْئًا، وَيَرَوْنَ النَّاسَ سَاكِتِينَ فَيَقُولُونَ:
مَا صَرَخَ الصَّارِخُ إِلَّا إِلَيْنَا فاعْتَزِمُوا، ثُمَّ ارْشُدُوا فَنَخْرُجُ
بِأَجْمَعِنَا إِلَى لُدٍّ، فَإِنْ يَكُنْ بِهَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ نُقاتِلْهُ
حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ، وَإِنْ يَكُنِ
الْأُخْرَى فَإِنَّهَا بِلَادُكُمْ وَعَشَائِرُكُمْ وَعَسَاكِرُكُمْ رَجَعْتُمْ إِلَيْهَا.)
رواه الطبراني في المعجم الكبير واللفظ له، والحاكم في صحيحه بإسناد حسن، وفيه ألفاظ
شاذة زائدة عن الرواية التي قبلها)".
قلت: هذا تدليس من حاكم بن عبيسان،
فالرواية هي نفسها عن كثير!
رواها الطبراني في «المعجم الكبير»
(17/15) (9)، والحاكم في «المستدرك» (4/530) (8488) من طريق عَبْد اللَّهِ بن مَسْلَمَةَ
الْقَعْنَبِيّ، وإِسْمَاعِيل بن أَبِي أُوَيْسٍ، كلاهما عن كَثِير بن عَبْدِ
اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ.
وسكت عليه الحاكم! وقال الذهبي:
"كثيرٌ واهٍ"! فكيف يكون إسناده حسنا؟!!
خبر عبدالله بن عمرو: يكون على
الروم ملك.. الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص136): "باب: فضل جهاد الروم
والدفاع عن القسطنطينية وأمداد العرب للترك في ملاحمها.. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو
بنِ العَاصِ، قَالَ: (يَكُونُ عَلَى الرُّومِ مَلِكٌ لَا يَعْصُونَهُ - أَوْ لَا يَكَادُونَ
يَعْصُونَهُ -، فَيَجِيءُ حَتَّى يَنْزِلَ بِأَرْضِ كَذَا وَكَذَا». قَالَ عَبْدُاللَّهِ:
«أَنَا مَا نَسَيْتُهَا»، قَالَ: «وَيَسْتَمِدُّ الْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا
حَتَّى يَمُدَّهُمْ أَهْلُ عَدَنَ أَبْيَنَ عَلَى قَلَصَاتِهِمْ».
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «إِنَّهُ لَفِي
الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ: فَيَقْتَتِلُونَ عَشْـرًا لَا يَحْجُزُ بَيْنَهُمْ إِلَّا اللَّيْلُ،
لَيْسَ لَكُمْ طَعَامٌ إِلَّا مَا فِي إِدَاوِيكُمْ، لَا تَكِلُّ سُيُوفُهُمْ وَيباركهم
وَلَا نِسَائِهِمْ، وَأَنْتُمْ أَيْضًا كَذَلِكَ، ثُمَّ يَأْمُرُ مَلِكُهُمْ بِالسُّفُنِ
فَيَنْحَرِفُ - يَعْنِي مَلِكَ الرُّومِ - قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ شَاءَ الْآنَ
فَلْيَفِرَّ، فيجَعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ، فَيُقْتَلُونَ مَقْتَلَةً لَمْ
يُرَ مِثْلُهَا - أَوْ لَا يُرَى مِثْلُهَا -، حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِهِمْ
فَيَقَعُ مَيِّتًا مِنْ نَتْنِهِمْ، لِلشَّهِيدِ يَوْمَئِذٍ كِفْلَانِ عَلَى مَنْ مَضـَى
قَبْلَهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ، وَلِلْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ كِفْلَانِ عَلَى مَنْ مَضَـى
مِنْهُمْ قَبْلَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَبَقِيَّتُهُمْ لَا يُزَلْزِلُهُمْ
شَيْءٌ أَبَدًا، وَبَقِيَّتُهُمْ يُقَاتِلُ الدَّجَّالَ».
قَالَ ابنُ سِيرِينَ: فَكَانَ عَبْدُ
اللَّهِ بنُ سَلَامٍ يَقُولُ: «إِنْ أَدْرَكَنِي هَذَا الْقِتَالُ وَأَنَا مَرِيضٌ
فَاحْمِلُونِي عَلَى سَرِيرِي حَتَّى تَجْعَلُونِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ.) رواه عبد
الرزاق في المصنف عن جامع معمر، ونعيم في الفتن، بإسناد صحيح موقوفا، وله حكم الرفع،
إذ مثله لا يقال بالرأي، وله شواهد مرفوعة صحيحة)".
قلت: هذا يرويه مُحَمَّد بن سِيرِينَ، عَنْ
عُقْبَةَ بنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عَمْرٍو.
وفي رواية نعيم بن حماد في «الفتن»
(1/415): "قَالَ مُحَمَّدٌ: وَنُبِّئْتُ أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بنَ سَلَامٍ قَالَ:
إِنْ أَدْرَكَنِي وَلَيْسَ فِيَّ قُوَّةٌ فَاحْمِلُونِي عَلَى سَرِيرِي حَتَّى تَضَعُوهُ
بَيْنَ الصَّفَّيْنِ".
والحديث منقطع!
لا يُعرف لعقبة بن أوس الثقفي سماعٌ
من عبدالله بن عمرو بن العاص.
قال ابن الجنيد في «سؤالاته» (ص:
318): قلت ليحيى بن معين: تعلم محمد بن سيرين يدخل بينه وبين عقبة بن أوس أحداً، أو
عقبة بن أوس يدخل بينه وبين عبد الله بن عمرو أحداً؟ فقال: "لا أعلمه، وعقبة بن
أوس يقال له أيضاً: يعقوب بن أوس".
قال ابن الغلابي: "يزعمون أن
عقبة بن أوس السدوسي لم يسمع من عبدالله بن عمرو، إنما يقول: قال عبدالله بن عمرو".
وقال العلائي في «جامع التحصيل» (ص:
239): "عقبة بن أوس عن عبدالله بن عمر أو عبدالله بن عمرو. قال ابن الغلابي فيما
رواه عنه إبراهيم بن عبدالله بن الجنيد: لم يسمع منه".
قلت: فهو منقطع.
وعقبة بن أوس صدوق وحديثه قليل، وعلى
قلة حديثه فمعظم مروياته عن عبدالله بن عمرو، وعدد من أحاديثه عنه في أحداث آخر الزمان!
ولو صح هذا فيكون من الإسرائيليات؛
فقد ذكر ابن سيرين أنه نُبئ عن عبدالله بن سلام إن أدركه ذلك أن يحمل على سرير حتى
يوضع بين الصفين!
خبر عبدالله بن عمرو: تغزون
القسطنطينية ثلاث غزوات.. الخبر:
• ذكر ابن عبيسان (ص138): "باب: تكرر فتح المسلمين
القسطنطينية حربا وسلما كلما غلب عليها الروم عسكريا أو سياسيا...عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ: (تَغْزُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ ثَلَاثَ غَزَوَاتٍ،
فَأَمَّا غَزْوَةٌ وَاحِدَةٌ فَتَلْقَوْنَ بَلَاءً وَشِدَّةً، وَالْغَزْوَةُ الثَّانِيَةُ
يَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ صُلْحٌ، حَتَّى يَبْتَنِيَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ
الْمَسَاجِدَ، وَيَغْزُونَ مَعَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ
إِلَيْهَا، وَالْغَزْوَةُ الثَّالِثَةُ يَفْتَحُهَا اللَّهُ لَكُمْ بِالتَّكْبِيرِ،
فَتَكُونُ عَلَى ثَلَاثِ أَثْلَاثٍ، يُخَرَّبُ ثُلُثُهَا، وَيُحْرَقُ ثُلُثُهَا، وَيَقْسِمُونَ
الثُّلُثَ الْبَاقِي كَيْلًا.) رواه نعيم في الفتن بإسناد حسن لغيره".
قلت: سبق وأن أورد حاكم هذا الحديث في
"باب: فضل مسجد محمد الفاتح في القسطنطينية والبشارة ببنائه بعد فتحها".
وبينت تدليسه هناك! ولا يزال حاكم
بن عبيسان يدلّس دون حياء!
والحديث يرويه عبدالله بن وَهْبٍ،
والوليد بن مسلم، ورِشدين بن سعد، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ!
وابن لهيعة وأبو قبيل كلاهما ضعيف!
وإسقاطه مثل هذه المنكرات على بعض
الأحداث التاريخية والغزوات واحتمال إنزالها على محمد الثاني بن مراد العثماني المشهور
بـ: (محمد الفاتح) مما لا طائل تحته!!!
خبر عوف بن مالك: اعدد ستا بين
يدي الساعة.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص141): "باب: وقوع الملاحم العظمى
بعد هدنة المسلمين مع الروم في القسطنطينية ثم غدر الروم بهم وغزوهم لهم وثورة المسلمين
عليهم.. عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي
قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي،
ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ،
ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا،
ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ
تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ
ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا.) رواه البخاري في
صحيحه".
وأتى في الحاشية بكلام ابن حجر وغيره
حول هذا الحديث، وما جاء في رواية الحاكم: أن عوف بن مالك قال لمعاذ في طاعون عمواس:
"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: اعدد ستا بين يدي الساعة؛ فقد وقع منهن
ثلاث يعني موته صلى الله عليه وسلم، وفتح بيت المقدس والطاعون، قال: وبقي ثلاث، فقال
له معاذ: إن لهذا أهلا.)".
قال حاكم بن عبيسان: "قلت: وكل
ذلك تحقق بعد وفاة هؤلاء الأئمة وبعد وفاة الحافظ ابن حجر رحمه الله بخمس سنوات فإنه
توفي سنة 852 هجرية، وفتحت القسطنطينية سنة 857 هجرية، وتجدد شباب الإسلام وصار عساكره
تملأ الأرض عددا وعدة وتنظيما وقوة!".
قلت: هذا الحديث لا علاقة له باسطنبول وفتحها
على يد محمد الثاني بن مراد العثماني المشهور بـ: (محمد الفاتح)!! ولم يتحقق بعد كما
ادعى حاكم بن عبيسان!!!
وذكر بعده روايات أخرى لهذا الحديث
بألفاظ أخرى لكن لا علاقة للقسطنطينية بها لا من بعيد ولا قريب!!
ومحاولته إسقاط بعض ما حدث بين الجيش
العثماني وجيوش أوروبا الصليبية على هذه الأحاديث محاولات فاشلة تنبئ عن حال الرجل!!
تكرار حاكم حديث عوف بن مالك: اعدد
ستا.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص150): "عَنِ الشَّعْبِيِّ،
عَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (بَيْنَا نَحْنُ
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، إِذْ مَرَرْتُ
فَسَمِعَ صَوْتِي، فَقَالَ: «يَا عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، ادْخُلْ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَكُلِّي أَمْ بَعْضِـي؟ فَقَالَ: «بَلْ كُلُّكَ» قَالَ: فَدَخَلْتُ، فَقَالَ:
«يَا عَوْفُ، اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ» فَقُلْتُ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ
اللَّهِ؟ قَالَ: «مَوْتُ رَسُولِ اللَّهِ» فَبَكَى عَوْفٌ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه
وسلم:
قُلْ: إِحْدَى، قُلْتُ: إِحْدَى، ثُمَّ قَالَ: وَفَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قُلِ:
اثْنَيْنِ، قُلْتُ: اثْنَيْنِ، قَالَ: وَمَوْتٌ يَكُونُ فِي أُمَّتِي كَعُقَاصِ الْغَنَمِ،
قُلْ: ثَلَاثٌ، قُلْتُ: ثَلَاثٌ، قَالَ: وَتُفْتَحُ لَهُمُ الدُّنْيَا حَتَّى يُعْطَى
الرَّجُلُ الْمِائَةَ فَيَسْخَطَهَا، قُلْ: أَرْبَعٌ، قُلْتُ: أَرْبَعٌ، وَفِتْنَةٌ
لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ بَيْتَهُ، قُلْ:
خَمْسٌ " قُلْتُ: خَمْسٌ، «وَهُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ
يَأْتُونَكُمْ عَلَى ثَمَانِينَ غَايَةً، كُلُّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَـرَ أَلْفًا، ثُمَّ
يَغْدِرُونَ بِكُمْ حَتَّى حَمْلِ امْرَأَةٍ» قَالَ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ عَمْوَاسَ
زَعَمُوا أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه
وسلم،
قَالَ لِي: «اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ» فَقَدْ كَانَ مِنْهُنَّ الثَّلَاثُ
وَبَقِيَ الثَّلَاثُ، فَقَالَ مُعَاذٌ: إِنَّ لِهَذَا مُدَّةً وَلَكِنْ خَمْسٌ أَظْلَلْنَكُمْ
مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُنَّ شَيْئًا ثُمَّ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ فَلْيَمُتْ: أَنْ يَظْهَرَ
التَّلَاعُنُ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَيُعْطَى مَالُ اللَّهِ عَلَى الْكَذِبِ وِالْبُهْتَانِ
وَسَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَتُقْطَعُ الْأَرْحَامُ، وَيُصْبِحُ الْعَبْدُ
لَا يَدْرِي أَضَالٌّ هُوَ أَمْ مُهْتِدٍ.) رواه الحاكم وقال: (هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة). ووافقه الذهبي".
قلت: الحديث يرويه عبداللَّهِ بنُ وَهْبٍ،
عن عَمْرو بن الحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي هِلَالٍ، عَنْ أَبَانَ بنِ صَالِحٍ،
عَنِ الشَّعْبِيِّ، عن عوف بن مالك.
وفيه نكارة!
وأبان بن صالح هذا مجهول! ولا يُعرف
أن الشعبي سمع من عوف بن مالك.
قال ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص:
160): سمعت أبي يقول: "مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ - أي الشعبي - سَمِعَ مِنْ عَوْف
بنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيّ".
• ثم ذكر ابن عبيسان – عقبه -: "ورواه أحمد والبزار
بإسناد صحيح من طريق عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف وقال في السادسة (وَالسَّادِسَةُ:
هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ
عَلَى ثَمَانِينَ غَايَةً. قُلْتُ: وَمَا الْغَايَةُ؟ قَالَ: الرَّايَةُ، تَحْتَ كُلِّ
رَايَةٍ اثْنَا عَشَـرَ أَلْفًا، فُسْطَاطُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ فِي أَرْضٍ يُقَالُ
لَهَا: الْغُوطَةُ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ".
قلت: هذا الحديث يرويه جماعة عن صَفْوَان
بن عَمْرٍو السكسكي، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ.
وبعض الرواة زادوا فيه: "فُسْطَاطُ
الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ فِي أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: الْغُوطَةُ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ
لَهَا: دِمَشْقُ"، وبعضهم لم يذكرها.
والمحفوظ من حديث عوف بن مالك كما
رواه البخاري من حديث أَبي إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيّ عنه بدون هذه الزيادة! وهي زيادة
منكرة! وهي مشتهرة في حديث الشاميين بالإرسال.
رواه مكحول الشامي عن جبير بن نفير
مرسلاً.
ورواه مكحول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «موضع فسطاط المسلمين في الملاحم
أرض يقال لها الغوطة» مرسلاً.
• ذكر ابن عبيسان (ص152): "وعن أَبي إِدْرِيسَ
الخَوْلَانِيّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ، وعن المقبري
عن أبي هريرة. قال عوف: (أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي
قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ لِي: "يَا عَوْفُ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ
السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مَوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ
كَعُقَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ فِيكُمْ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ
مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ
إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ
فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا).
قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَذَاكَرْنَا
هَذَا الْحَدِيثَ شَيْخًا مِنْ شُيُوخِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قَوْلُهُ: ثُمَّ فَتْحُ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ الشَّيْخُ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِهَذِهِ السِّتَّةِ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ: بَدَلَ «فَتْحِ بَيْتِ
الْمَقْدِسِ» عِمْرَانُ بَيْتَ المَقْدِسِ.) رواه الحاكم في صحيحه، وقال: (حديث صحيح
على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة) ووافقه الذهبي".
قلت: الحديث يرويه الحاكم من طريق أَبي
أَيُّوبَ الدِّمَشْقِيّ: حدثَنَا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ، حدثَنَا عَبْدُ للَّهِ بنُ
العَلَاءِ بنِ زَبْرٍ الرَّبْعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ بِشْـرَ بْنَ عُبَيْدِاللَّهِ
الْحَضْـرَمِيَّ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ سَمِعَ أبا إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيّ، يَقُولُ:
سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ، فذكره.
والإسناد: "وعن المقبري عن أبي
هريرة" ليست في أصل الرواية!! وأقحمها حاكم بن عبيسان للتدليس على القارئ!! وإنما
ذكر الوليد بن مسلم أنه سمع شيخا يحدث عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بهذه الزيادة في
الحديث.
وهذا الرجل الذي حدثهم مجهول لا يُعرف!!!
والحديث رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي
«الصَّحِيحِ» عَنِ الحُمَيْدِيِّ عَنِ الوَلِيدِ بنِ مُسْلِمٍ دُونَ إِسْنَادِ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
مرسل أبي قَبيل: يكون بين
المسلمين وبين الروم هدنة.. الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص153): "عَنْ أَبِي قَبِيلٍ،
عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
وَبَيْنَ الرُّومِ هُدْنَةٌ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا
يَكُونُ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ غَوْثًا لَهُمْ، فَيَأْتِيهِمْ عَدُوٌّ مِنْ وَرَائِهِمْ
يُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ وَالرُّومُ مَعَهُمْ، فَيَنْصُرُهُمُ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَيَهْزِمُونَهُمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ، فَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الرُّومِ:
غَلَبَ الصَّلِيبُ، وَيَقُولُ قَائِلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: بَلِ اللَّهُ غَلَبَ، فَيَتَرَاجَعُ
الْقَوْمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، فَيَقُومُ الْمُسْلِمُ إِلَى الرُّومِيِّ فَيَضْرِبُ
عُنُقَهُ، فَتَنْتَكِثُ الرُّومُ حَتَّى إِذَا رَجَعُوا إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ
وَأَمِنُوا قَتَلُوهُمْ وَهُمْ آمِنُونَ، فَإِذَا قَتَلُوهُمْ عَرَفُوا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ
سَيَطْلُبُونَهُمْ بِدِمَائِهِمْ، فَيَخْرُجُ الرُّومُ عَلَى ثَمَانِينَ غَيَايَةٍ،
تَحْتَ كُلِّ غَيَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا. قَالَ أَبُو قَبِيلٍ: فَإِذَا جَاءَتِ
الرُّومُ لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ بَعْدَهُمْ قِوَامٌ، وَمَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ التُّرْكُ
وَبُرْجَانُ وَالسَّقَالِبَةُ.) رواه نعيم في الفتن بإسناد حسن لغيره".
قلت: أبو قبيل ضعيف! ولم يدرك أحداً من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم! ورواياته منكرة!!
حديث أبي هريرة: لا تقوم الساعة
حتى ينزل الروم بالأعماق أو دابق.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص154): "باب: فتح القسطنطينية
الأخير بين يدي الساعة ونزول المسيح عيسى بن مريم وقتله المسيح الدجال.. عن أبي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتى يَنْزِلَ
الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أو بِدَابِقٍ، فيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ من المَدِينَةِ
من خِيَارِ أَهْلِ الأرض يَوْمَئِذٍ، فإذا تَصَافُّوا، قالت الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا
وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ! فيقول الْمُسْلِمُونَ: لا والله،
لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ
لا يَتُوبُ الله عليهم أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ
اللَّهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ،
فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قد عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ
إِذْ صَاحَ فِيهِمْ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قد خَلَفَكُمْ في أَهْلِيكُمْ!
فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فإذا جاؤوا الشام خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ
لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَيَنْزِلُ عِيسَى بن
مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّهُمْ، فإذا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كما يَذُوبُ
الْمِلْحُ في الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لانْذَابَ حتى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ
الله بيده فَيُرِيهِمْ دَمَهُ في حَرْبَتِهِ.) رواه مسلم في صحيحه".
قلت: لا أدري ما علاقة هذا الحديث بفضائل
القسطنطينية!!!
والحديث ضعيف كما بينته في بحثي:
«المَورد العذب الرائق» في حديث «الأَعماق ودابِق»(15)! وعلى فرض صحته تنزلا فلا علاقة
له بالقسطنطينية إلا كعلاقة تركيا العلمانية بالإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم..!!
(15) على هذا الرابط:
http://ww http://addyaiya.com/content.php?page-id=445&v=01f7743c
حديث أسير بن جابر عن ابن مسعود:
هاجت ريح حمراء بالكوفة.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص156): "باب: في فضل جيش القسطنطينية
بعد فتحها الأخير وقتالهم الروم وأنهم خير فوارس أهل الأرض.. عن أسير بنِ جَابِرٍ،
قَالَ: هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى
إِلَّا: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ جَاءَتِ السَّاعَةُ، قَالَ: فَقَعَدَ وَكَانَ
مُتَّكِئًا، فَقَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ، حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ،
وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ، ثُمَّ قَالَ: بِيَدِهِ هَكَذَا - وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ
- فَقَالَ: عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ،
قُلْتُ: الرُّومَ تَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رَدَّةٌ
شَدِيدَةٌ، فَيَشْتَرِطُ المُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً،
فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ،
كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً
لِلْمَوْتِ، لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ
اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ،
ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ، لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً،
فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ،
وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ، نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ
أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَيَجْعَلُ اللهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ، فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً
- إِمَّا قَالَ لَا يُرَى مِثْلُهَا، وَإِمَّا قَالَ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا - حَتَّى
إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ، فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا،
فَيَتَعَادُّ بَنُو الْأَبِ، كَانُوا مِائَةً، فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا
الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ؟ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ،
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ، هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمُ
الصَّـرِيخُ، إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ، فَيَرْفُضُونَ
مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَيُقْبِلُونَ، فَيَبْعَثُونَ عَشَـرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً،
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَأَلْوَانَ
خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ - أَوْ مِنْ
خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ.) رواه مسلم في صحيحه".
قلت: هذا الحديث لا علاقة له بالقسطنطينية
وفضلها وجيشها! وإنما فيه ذكر للروم عموماً! وكل ذكر للروم يحمله حاكم بن عبيسان على
"القسطنطينية"!! - وحُقّ لنا أن نسميه: مجنون إسطنبول!!-.
ولعله يخرج علينا بعد زمن فيصنف
لنا في فضائل طهران أو قُمّ ويحمل كل حديث ذكرت فيه فارس وفتحها على فضائلها!!
وقد أورد هذا الحديث هنا لأن الذي
بعده فيه زيادة وفيه ذكر "القسطنطينية"!!!
تكرار حاكم حديث ابن مسعود السابق
من رواية ابن حبان:
• ذكر ابن عبيسان -عقبه-: "ورواه ابن حبان في صحيحه
مطولا وفيه ذكر فتح القسطنطينية، ولفظه قال عبد الله: (وَيْحَكَ إِنَّ السَّاعَةَ لَا
تَقُومُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ
إِلَى الشَّامِ وَقَالَ: عَدُوٌّ يَجْتَمِعُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ ها هنا فَيَلْتَقُونَ،
فَتُشْتَرَطُ شُرْطَةُ الْمَوْتِ: لَا تَرْجِعُ إِلَّا وهي غالبة، فيقتتلون حتى تغيب
الشمس فيفيء هؤلاء وهؤلاء، وكل غير غالب،" وتفنى الشـرطة" ثُمَّ تُشْتَرَطُ
الْغَدَ شُرْطَةُ الْمَوْتِ: لَا تَرْجِعُ إلا وهي غالبة فيقتتلون حتى تغيب الشمس،
فيفيء هؤلاء وهؤلاء، وكل غير غالب، "وتفنى الشُّرْطَةُ" ثُمَّ تُشْتَرَطُ
الْغَدَ شُرْطَةُ الْمَوْتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ: لَا تَرْجِعُ إِلَّا وَهِيَ
غَالِبَةً، فيقتتلون حتى تغيب الشمس فيفيء هؤلاء وهؤلاء، وَكُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتُفْنَى
الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَلْتَقُونَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَيُقَاتِلُونَهُمْ وَيَهْزِمُونَهُمْ
حَتَّى تَبْلُغَ الدِّمَاءُ نَحْرَ الْخَيْلِ، وَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى إِنَّ بَنِي
الْأَبِ، كَانُوا يَتَعَادُّونَ عَلَى مِائَةٍ فَيُقْتَلُونَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ
رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَأَيُّ مِيرَاثٍ يُقْسَمُ بَعْدَ هَذَا وَأَيُّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ
بِهَا، ثُمَّ يَسْتَفْتِحُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْسِمُونَ
الدَّنَانِيرَ بالترسة، إذا أَتَاهُمْ فَزَعٌ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ: إِنَّ الدَّجَّالَ
قد خرج في ذراريكم، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ، وَيَبْعَثُونَ
طَلِيعَةَ فَوَارِسَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ
يَوْمَئِذٍ خَيْرُ فَوَارِسِ الْأَرْضِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ
آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ.) رواه ابن حبان في صحيحه".
قلت: قال ابن حبان: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بنُ عَلِيِّ بنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ،
قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ حُمَيْدِ بنِ هِلَال،
عن أبي قتادة العدوي، عَنْ أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ، عن ابن مسعود.
وأحمد بن المثنى شيخ ابن حبان هو أبو
يعلى الموصلي، والحديث في «مسنده» (9/163) (5253). فالعزو لأبي يعلى الموصلي أولى من
ابن حبان.
وهذا الحديث مشهور معروف بحميد بن
هلال، رواه عنه جماعة، ولا يوجد لفظ: "ثُمَّ يَسْتَفْتِحُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ"
إلا في رواية جرير بن حازم!
والجماعة كأيوب السختياني، وسُلَيْمَان
بن المُغِيرَةِ، ومَهْدِيّ بن مَيْمُونٍ، وابن فَضَالَةَ، يروونه عن حميد بن هلال دون
هذه الزيادة.
وهذه الزيادة في هذا الحديث من أوهام
جرير أو من الراوي عن وهب بن جرير: مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ، والله
أعلم.
وعليه فلا حجة لحاكم بن عبيسان في
الاحتجاج بهذه الزيادة الشاذة في هذا الحديث!
تكرار حاكم حديث ابن مسعود السابق
من رواية عبدالرزاق:
• ذكر ابن عبيسان -عقبه-: "ورواه عبدالرزاق في
المصنف عن جامع معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلَالٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ
رَجُلٍ سَمَّاهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّا لَجُلُوسٌ عِنْدَهُ بِالْكُوفَةِ
إِذْ هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: قَامَتِ السَّاعَةُ،
حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى، يَقُولُ: قَدْ قَامَتِ السَّاعَةُ يَا
ابْنَ مَسْعُودٍ، قَدْ قَامَتِ السَّاعَةُ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ فَاسْتَوَى جَالِسًا
وَغَضِبَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا
يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ، وَقَالَ: إِنَّهَا سَتَكُونُ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ رِدَّةٌ - قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِلرَّجُلِ: الرُّومَ تَعْنِي؟
قَالَ: نَعَمْ - وَيَسْتَمِدُّ الْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَيُقْتَلُونَ،
فَتَشْتَرِطُ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ ألَّا يَرْجِعُوا إِلَّا غَالِبِينَ، فَيَقْتَتِلُونَ
حَتَّى يَحُولَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ، وَكُلٌّ
غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ الْيَوْمَ الثَّانِي كَذَلِكَ، ثُمَّ
الْيَوْمَ الثَّالِثَ كَذَلِكَ، ثُمَّ الْيَوْمَ الرَّابِعَ يَنهَدُ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ
الْمُسْلِمِينَ فَيُقْتَلُونَ مَقْتَلَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا، حَتَّى إِنَّ بَنِي
الْأَبِ كَانُوا يَتَعَادَوْنَ عَلَى مِائَةٍ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ،
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أفَيُقْسَمُ هَاهُنَا مِيرَاثٌ؟ - قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ
قَتَادَةُ يَصِلُ هَذَا الْحَدِيثَ - قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى يَدْخُلُوا قُسْطَنْطِينِيَّةَ،
فَيَجِدُونَ فِيهَا مِنَ الصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ، مَا أَنَّ الرَّجُلَ يَتَحَجَّلُ
حَجْلًا، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ أَنَّ الدَّجَّالَ قَدْ
خَلَفَ فِي دِيَارِكُمْ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:
أفَيُفْرَحُ هَاهُنَا بِغَنِيمَةٍ؟ فَيَبْعَثُونَ مِنْهُمْ طَلِيعَةً عَشَرَةَ فَوَارِسَ،
أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَقَبَائِلَهُمْ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ،
هُمْ يَوْمَئِذٍ خَيْرُ فَوَارِسَ فِي الْأَرْضِ، فَيُقَاتِلُهُمُ الدَّجَّالُ فَيُسْتَشْهَدُونَ).
قلت: وهذا الحديث من رواية أيوب السختياني
رواه عنه جماعة كما عند مسلم من طريق ابن عُليّة وحماد بن زيد، وليس فيه ما في هذه
الرواية: "فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى يَدْخُلُوا قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَيَجِدُونَ
فِيهَا مِنَ الصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ، مَا أَنَّ الرَّجُلَ يَتَحَجَّلُ حَجْلًا".
بل إن معمراً بيّن أن هذا من حديث
قتادة وكان يصله!
"قالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ قَتَادَةُ
يَصِلُ هذا الحَدِيثَ - قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى يَدْخُلُوا قُسْطَنْطِينِيَّةَ،
فَيَجِدُونَ فِيهَا مِنَ الصَّفْرَاءِ وَالبَيْضَاءِ، مَا أَنَّ الرَّجُلَ يَتَحَجَّلُ
حَجْلًا".
فكيف يغض حاكم الطرف عن هذا التفصيل
الذي ذكره معمر ليُدلّس على القارئ!
حديث أبي هريرة: سمعتم بمدينة
جانب منها في البر.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص159): "باب: فتح القسطنطينية
الأخير بالتهليل والتكبير، بلا قتال ولا رمي...عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي البَرِّ وَجَانِبٌ
مِنْهَا فِي البَحْرِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ
حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا،
فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا
اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا - قَالَ ثَوْرٌ: لَا أَعْلَمُهُ
إِلَّا قَالَ - الَّذِي فِي البَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا
اللهُ واللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ:
لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا،
فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ المَغَانِمَ، إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فَقَالَ:
إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ). رواه مسلم
في صحيحه، والحاكم في صحيحه، وفي آخره: (يُقَالُ إِنَّ هَذِهِ المَدِينَةُ هِيَ القُسْطَنْطِينِيَّةُ
قَدْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ أَنَّ فَتْحَهَا مَعَ قِيَامِ السَّاعَةِ)... وقال في الحاشية:"
أحاديث فتح القسطنطينية تواترت عن النبي ﷺ تواترا معنويا، وقد جاء بعضها صريحا بالفتح
العسكري كما في حديث بشـر بن ربيعة الغنوي
أو الخثعمي في مسند أحمد، وصحيح الحاكم "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها،
ولنعم الجيش ذلك الجيش!" وكما فيهما أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص:
"أي المدينتين تفتح أولا يا رسول الله القسطنطينية أم رومية؟ فقال مدينة هرقل
أولا!" وهي القسطنطينية، وهذا ما تم على يد السلطان العادل محمد الفاتح، وهو الفتح
الذي غير وجه التاريخ وإلى اليوم...".
ثم تكلم على استشكال ما ورد في الحديث
من قوله: "من بني إسحاق"، وأن العلماء قالوا: الصواب: "من بني إسماعيل"!
ورد حاكم بن عبيسان ذلك وقال بأن الرواية
صحيحة "من بني إسحاق" والمقصود بهم من يسلم من الروم من أهل القسطنطينية!!
ثم أسقط هذا الحديث على ما حصل من
الانقلاب العسكري سنة (2016م) وأن الصراع بين العثمانيين وأوروبا وأمريكا (الروم).
وقال: "ولم تتحرر حقيقة إلا بعد
ذلك الانقلاب الذي كان آخر سهم رموا فيه تركيا لإعادتها لسيطرتهم ونفوذهم، كما هي عادتهم
في انقلاباتهم العسكرية المدعومة منهم، والذي استفتحت فيه الأمة كلها بالدعاء، وضجت
مساجد تركيا كلها بالتكبير، ونزل الشعب إلى الشوارع حتى تحقق النصر، وتحرر الشعب التركي
واستعاد الإسلام فيها حضوره من جديد، بعد مئة عام من اضمحلاله وغربته فيها! وقد اعترف
سياسيو تركيا وكتابها ومفكروها بل وصرحت جمعيات مسيحية بأن هذا هو الفتح الثاني، بعد
الفتح الأول لها على يد محمد الفاتح، ومن تابع الحدث أدرك عالميته حتى كاد العالم كله
يقف وهو يحبس أنفاسه، ولم يفرح المسلمون منذ عقود كما فرحوا بذلك النصـر، فلا ينبغي
صرف ما ورد فيه من البشارة وتعطيلها؛ فهذا من الإرجاء للنصوص إلى المجهول! بينما البشارات
تنزل على أول وقوعها، فالبشارة حددت المكان القسطنطينية، وطريقة الفتح بالاستفتاح بالدعاء
والتكبير، وحددت طرفي الصراع وأنه بين بني الأصفر وهم أوربا النصرانية، وعصابة من المسلمين
لا يخافون في الله لومة لائم! ولهذا الفتح ما بعده بإذن الله!" انتهى كلام
حاكم بن عبيسان على تملقه وطوله ومبالغاته.
قلت: الحديث لم يحدد المكان وهو "القسطنطينية"
كما يزعم حاكم!!!
وإنما جاء في رواية الحاكم
النيسابوري: "يُقَالُ إِنَّ هَذِهِ المَدِينَةُ هِيَ القُسْطَنْطِينِيَّةُ قَدْ
صَحَّتِ الرِّوَايَةُ أَنَّ فَتْحَهَا مَعَ قِيَامِ السَّاعَةِ".
فهذا القول من الحاكم النيسابوري نفسه،
وليس من حديث النبي صلى الله عليه وسلم!
ولاحظ أن قول الحاكم النيسابوري
ربط الفتح مع قيام الساعة! فلو كان ما يزعمه حاكم بن عبيسان صحيحا وأن الحديث يتنزل
على ما حصل في الانقلاب، فهل قامت الساعة ونحن الآن بعد سنتين من الانقلاب؟!
ثم الحديث ربط ذلك الفتح بخروج الدجال:
إِذْ جَاءَهُمُ الصَّـرِيخُ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ
كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ"، فهل خرج الدجال مع الفتح المزعوم؟!!!
ألهذه الدرجة وصل الحال بحاكم بن
عبيسان في استغلال أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وإسقاطها على تركيا العلمانية؟! فإلى الله المشتكى وهو وحده
المستعان.
ثم منطوق الحديث واضح في أن هذا العدد
سيغزون هذه المدينة، وبعد أن تسقط دون قتال يتقاسمون الغنائم.. فأين هذا مما حصل من
انقلاب تركيا؟!!!
من يسقط هذا الحديث على ما حصل في
تركيا قبل سنتين إما جاهل جهلا مركبا أو صاحب هوى أعمى الله بصره وبصيرته..!!
بل العجب العجاب أنه أسقط هذه
الأحاديث على ما سماه فتحاً هنا! وفي مقدمة كتابه (ص8) يقول: "وسيكون الفتح
الثاني لها سلما بالتكبير - كما بشـر به النبي صلى الله عليه وسلم - واستعادة المسلمين لها من جديد"!!
أثر أنس بن مالك: فتح القسطنطينية
مع قيام الساعة:
• ذكر ابن عبيسان (ص162): "باب: فتح القسطنطينية
الأخير بين يدي الساعة وخروج الدجال.. عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: فَتْحُ القُسْطَنْطِينِيَّةِ
مَعَ قِيَامِ السَّاعَةِ). رواه الترمذي بإسناد صحيح موقوفا، وله حكم الرفع".
قلت: رواه أبو داود الطيالسـي وعمرو بن
مرزوق [كما عند الداني في الفتن] كلاهما عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ الأنصاري،
عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قوله.
ولما أخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان،
قال في آخره: "قالَ مَحْمُودٌ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَالقُسْطَنْطِينِيَّةُ
هِيَ مَدِينَةُ الرُّومِ تُفْتَحُ عِنْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَالقُسْطَنْطِينِيَّةُ
قَدْ فُتِحَتْ فِي زَمَانِ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم"(16).
فهنا أراد الترمذي تضعيفه لنقله قول
محمود بن غيلان فيه: "حديث غريب"، والغريب عند الترمذي يعني به الضعيف،
فلِمَ أعرض حاكم بن عبيسان عن هذا؟!
نعم ظاهر إسناده الصحة، ولو سلمنا
بأنه في حكم المرفوع، فكان ماذا؟! وهل الإخبار عن فتح القسطنطينية يدل على فضلها كما
يزعم؟!
على أن الشجري روى هذا الحديث كما
في «ترتيب الأمالي الخميسية» (2/383) (2844) من طريق زَيْد بن حَبَّابٍ، عَنْ شُعْبَةَ،
عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ يَقُولُ: "كَانَ
يُقَالَ: فَتْحُ القُسْطَنْطِينِيَّة مَعَ قِيَامِ السَّاعَةِ".
فقوله: "كان يقال" ينفي
أنه في حكم الرفع كما يدعي حاكم بن عبيسان! فلو كان مرفوعاً لصرح به عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(16) وقد اعترض ابن كثير رحمه الله على كلام محمود بن غيلان
رحمه الله فقال: "هَكَذَا قَالَ إِنَّهَا فُتِحَتْ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، وَفِي
هَذَا نَظَرٌ; فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ إِلَيْهَا ابْنَهُ يَزِيدَ فِي جَيْشٍ فِيهِمْ
أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ فَتْحُهَا، وَحَاصَرَهَا
مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فِي زَمَانِ دَوْلَتِهِمْ، وَلَمْ
يَفْتَحْهَا أَيْضًا"[ البداية والنهاية (19/113)].
حديث معاذ بن جبل: عمران بيت
المقدس خراب يَثرب.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان: "عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رضي
الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ
خُرُوجُ المَلْحَمَةِ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ القُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَفَتْحُ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ). ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي
حَدَّثَهُ - أَوْ مَنْكِبِهِ -، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا،
- أَوْ كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ - يَعْنِي: مُعَاذ بن جبل. رواه أبو داود وأحمد والحاكم
في صحيحه ووافقه الذهبي، ولفظه: (وَخَرَابُ يَثْرِبَ، حُضُورُ الْمَلْحَمَةِ، وَحُضُورُ
المَلْحَمَةِ فَتْحُ القُسْطَنْطِينِيَّةِ). وفيه أن معاذا كان يحدث عمر بن الخطاب
به. وقال الحافظ ابن كثير عن هذا الحديث: (هذا إسناد جيد، وحديث حسن، وعليه نور الصدق،
وجلالة النبوة). وقال في الحاشية: "هذا الحديث من المعجزات النبوية فقد تحقق على
النحو المذكور بأوضح صوره! فقد كان تحول الخلافة من المدينة النبوية إلى دمشق الشام
في العهد الأموي بداية لعمران القدس والعناية بها بشكل كبير، كما فعل عبدالملك بن مروان
الذي بنى مسجد قبة الصخرة سنة 72هـ، ثم ابنه سليمان بن عبدالملك، كما بدأت المدينة
النبوية تفقد أهميتها السياسية؛ فهاجر منها أهلها نحو الشام والعراق حيث مراكز الخلافة
والسلطة والثروة، حتى كادت المدينة تخرب! ولا يقتضـي خرابها اندثارها بالكلية؛ بل تراجع
دورها السياسي وبناء عليه يتراجع تطورها العمراني، بهجرة أهلها منه...".
قلت: خلط حاكم بن عبيسان بين روايتي أحمد
وأبي داود وبين رواية الحاكم!!! وجعلهما رواية واحدة وليس كذلك!! والحديث منكر!!
والإسناد الذي رواه أحمد وأبو داود
عن هاشم بن القاسم، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن
نفير، عن مالك بن يخامر السكسكيُّ، عن معاذ بن جبل.
ورواه أحمد عن زَيْد بن الحُبَابِ،
عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن ثَوْبَانَ، عن أَبِيه، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ.
ولم يذكر جبيرا، ولا مالكا.
قال الدارقطني في «العلل» (6/53):
"يَرْوِيهِ ابنُ ثَوْبَانَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛ فَرَوَاهُ أَبُو حَيْوَةَ شُرَيْحُ
بنُ يَزِيدَ، عَنِ ابنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي
مَالِكُ بنُ يُخَامِرَ، عَنْ مُعَاذٍ.
وخَالَفَهُ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ،
فَرَوَاهُ عَنِ ابنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ
نُفَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ، عَنْ مُعَاذٍ، زَادَ فِي الْإِسْنَادِ جُبَيْرًا،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ".
قلت: الظاهر أن عبدالرحمن بن ثوبان
كان يضطرب فيه! وقد تفرد به! وهو ضعيف، لا يُحتج به.
وثقه دُحيم.
وقال ابن معين: "ليس به بأس".
وقال مرة: "صالح الحديث".
وقال أبو داود: "كان فيه سلامة".
وقال أبو حاتم: "ثقة".
وروى عثمان بن سعيد الدارمي، عن ابن
معين: "ضعيف".
وعن معاوية، عَن يَحْيى، قال:
"عَبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان ضعيف، يُكتب حديثه على ضعفه، وكان رجلاً صالحا".
وقال أحمد: "أحاديثه مناكير".
وقال النسائي: "ليس بالقوي".
وقال صالح جزرة: "قدري صدوق".
وقال ابن عدي: "يكتب حديثه على
ضعفه".
وأورد الإمام الذهبي حديثه هذا في
«الميزان» في جملة مناكيره.
وقد خولف عبد الرحمن فيه أيضاً!
فقد رواه الحاكم من طريق مُحَمَّد
بن شُعَيْبِ بنِ شَابُورَ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ،
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ مُحَيْرِيزٍ: أَنَّ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، فذكره.
قال الحاكم: "هَذَا الحَدِيثُ
وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَإِنَّ إِسْنَادَهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الرِّجَالِ، وَهُوَ
اللَّائِقُ بِالْمُسْندِ الَّذِي تَقَدَّمَهُ".
ورواه البخاري في «التاريخ الكبير»
(5/193) من طريق الوليد، عن ابن جَابِر، عَنْ مكحول، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن محيريز،
عن معاذ.
وعبدُالرحمن بنُ يزيد بن جابر ثقة،
وروايته أصح من رواية عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان.
وابن محيريز لم يسمع من معاذ.
على أن هذه الرواية أيضاً معلولة.
فقد روى الداني في «الفتن»
(6/1130) (612) من طريق هَارُون بن مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنْ يَحْيَى
بنِ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ ابنِ مُحَيْرِيزٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا
مَنْ لَا يُتَّهَمُ أَنَّ: «عِمْرَانَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابَ
يَثْرِبَ حُضُورُ الْمَلْحَمَةِ، وَحُضُورَ الْمَلْحَمَةِ حُضُورُ فَتْحِ مَدِينَةِ
هِرَقْلَ وَحُضُورُ فَتْحِ مَدِينَةِ هِرَقْلَ خُرُوجُ الدَّجَّالِ».
فابن محيريز يرويه مرسلاً.
والخلاصة أن هذا الحديث منكر!
وأما هذيان حاكم بن عبيسان في أن خراب
المدينة كان سياسياً!! وانتقال الخلافة من المدينة للشام وعناية الخلفاء بالقدس!! فهذا
كلام المهووسين!! فما دخل السياسة في إسقاط الأحاديث على الواقع!!!
فالمدينة لم يخرج منها الناس! ومن
خرج من أهلها حلّ مكانهم أناس، ولا زالت تزدهر بأهل العلم على مر العصور!!
ثم إن في تسميتها بيثرب نكارة واضحة!!
فالنبي صلى الله عليه وسلم غيّر اسمها إلى "طابة" أو "طيبة" كما
صحّ.
حديث معاذ بن جبل: الملحمة العظمى
وخروج الدجال في سبعة أشهر:
• ذكر ابن عبيسان (ص165): "عن مُعَاذ بن جَبَلٍ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (المَلْحَمَةُ العُظْمَى
وَفَتْحُ القُسْطَنْطِينِيَّةِ وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ.) رواه
أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه".
قلت: الترمذي لم يحسنه!! فلا أدري من أين
جاء بهذا؟!
قال الترمذي: "وَهَذَا حَدِيثٌ
غَرِيبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ".
وكذا نقله المزي في «تحفة الأشراف»
(8/404) وهو أكثر من ضبط اختلاف أحكام الترمذي بين النسخ.
وعليه فالحديث ضعيف عند الترمذي.
وقال ابن حجر في «إتحاف المهرة»
(13/255) لما ذكر رواية الحاكم: "ولم يتكلم عليه، وفيه ضعف".
والحديث يرويه أَبُو بَكْرٍ ابن عبدالله
بن أبي مريم، عن الوَلِيد بن سُفْيَانَ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَزِيدَ بنِ قُطَيْبٍ
السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدِاللهِ بنِ قَيْسٍ، عن مُعَاذ بن جَبَلٍ.
وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء!
أَبُو بكر بن عبد الله بن أبي مَرْيَم
الغساني:
قال فيه ابن معين: "لَيْسَ حَدِيثه
بِشَيْء".
وقال ابن حبان: "كَانَ رَدِيء
الحِفْظ يحدث بالشَّـيْء ويهم فِيهِ. لم يفحش ذَلِك مِنْهُ حَتَّى اسْتحق التّرْك وَلَا
سلك سنَن الثِّقَات حَتَّى صَار يحْتَج بِهِ فَهُوَ عِنْدِي سَاقِط الِاحْتِجَاج بِهِ
إِذَا انْفَرد".
وقال ابن عدي بعد أن ذكر بعض منكراته:
"وَلأَبِي بَكْرِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ مِنَ الحَدِيثِ، وَالْغَالِبُ
عَلَى حَدِيثِهِ الْغَرَائِبُ، وَقَلَّ مَا يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ الثِّقَاتُ وَأَحَادِيثُهُ
صَالِحَةٌ، وَهو مِمَّنْ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَلَكِنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ".
والوليد بن سفيان بن أبي مريم ابن
عم أبي بكر ابن أَبِي مريم الغساني:
مجهول الحال، لم يذكره أحد إلا ابن
حبان في "ثقاته"!!
ويزيد بن قطيب:
مجهول الحال، لم يذكره أحد إلا ابن
حبان في "ثقاته"!!
وأخرج الطبراني في «مسند الشاميين»
(691) عن أبي زرعة الدمشقي، عن أبي اليمان، عن إسماعيل بن عياش، عن أرطأة بن المنذر،
عن ضمرة بن حبيب، عن أبي بحرية، عن معاذ بن جبل، مثله.
ورواه الطبراني في «المعجم الكبير»
(173) من طريق عبدالله بن صالح، عن إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن أبي
بحرية، عن معاذ بن جبل.
فيشبه أن يكون إسماعيل بن عياش كان
يضطرب فيه!!
ويحتمل أن يكون إسماعيل بن عياش سمعه
من أبي بكر ابن أبي مريم فدلسه!
فقد رواه نعيم بن حماد في «الفتن»
(2/525) (1476) عن أَبي بَكْر بن عبدالله بن أبي مريم، قال: أَخْبَرَنِي ضَمْرَةُ بنُ
حَبِيبٍ، أَنَّ عَبْدَالمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، كَتَبَ إِلَى أَبِي بَحْرِيَّةَ، أَنَّهُ
بَلَغَهُ أَنَّكَ تُحَدِّثُ عَنْ مُعَاذٍ، فِي المَلْحَمَةِ، وَالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ،
وَخُرُوجِ الدَّجَّالِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَحْرِيَّةَ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا
يَقُولُ: «الْمَلْحَمَةُ الْعُظْمَى، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ
فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ».
وابن أبي مريم ضعيف سيئ الحفظ. فيحتمل
أن ابن عياش سمعه منه، ولما رواه دلسه وأخطأ وزاد فيه "عن أرطأة بن المنذر"!
فأخطأ.
وروى عبدالقدوس بن الحجاج الخولاني،
وعبدالجبار بن عاصم الخراساني، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني،
عن عبدالله بن محيريز من قوله مقطوعاً بلفظ: «بين الملحمة وخراب القسطنطينية وخروج
الدجال حمل امرأة...».
ولما خرج أبو داود في «سننه» حديث
عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن الوليد بن سُفيان الغسانيِّ...
أتبعه بحديث بقيَّة، عن بَحِيْرٍ،
عن خالد بن معدان، عن ابن أبي بلالٍ، عن عبدِالله بن بُسـرٍ، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «بين الملحمةِ وفتح المدينة
ستُّ سنينَ، ويخرج المسيحُ الدَّجالُ في السابعة».
قال أبو داود: "هذا أصحُّ من
حديثِ عيسى".
قلت: وهذا ضعيف! بقية مدلّس!! وابن
أبي بلال مجهول!!
وأصل الحديث عن كعب الأحبار!
رواه نُعيم بن حماد في «الفتن»
(2/499) (1407) عن أَبي المُغِيرَةِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ، عَنْ كَعْبٍ،
قَالَ: «الْمَلْحَمَةُ الْعُظْمَى، وَخَرَابُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ،
فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ».
أثر عبدالله بن عمرو: ملاحم الناس
خمس.. الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص165): "عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بنِ عَمْرٍو، قَالَ: (مَلَاحِمُ النَّاسِ خَمْسٌ، فَثِنْتَانِ قَدْ مَضَتَا، وَثَلَاثٌ
فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ: مَلْحَمَةُ التُّرْكِ، ومَلْحَمَةُ الرُّومِ، ومَلْحَمَةُ الدَّجَّالِ،
لَيْسَ بَعْدَ مَلْحَمَةِ الدَّجَّالِ مَلْحَمَةٌ.) رواه نعيم في الفتن بإسناد حسن
موقوفا، وله حكم الرفع. ورواه الداني في "السنن الواردة في الفتن" بإسناد
صحيح عنه موقوفا". وقال في الحاشية: "ملحمة الروم انتهت بفتح القسطنطينية
وسقوط إمبراطوريتهم البيزنطية، وملحمة الدجال هي حروبهم الصليبية منذ فتح القسطنطينية
إلى يومنا هذا حتى يفتح المسلمون روما عاصمة المسيح الدجال ولا ملحمة بعدها!".
قلت: لا أدري لم حكم على ما عند نعيم بحكم،
ثم حكم على ما عند الداني!! مع أن ما عندهما هو بالإسناد نفسه!!! فحكم على الأول بإسناد
حسن، والثاني بإسناد صحيح!!
والحديث عندهما من طريق عَوْفٍ الأعرابي،
عَنْ أَبِي المُغِيرَةِ القَوَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو.
ورواه نعيم بن حماد أيضا في «الفتن»
(2/476) (1339) عن الوَلِيد، عَنِ ابنِ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيرَةِ
عُبَيْدُاللَّهِ بنُ المُغِيرَةِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ: «الْمَلَاحِمُ
خَمْسٌ، مَضـَى مِنْهَا ثِنْتَانِ، وَبَقِيَ ثَلَاثٌ، فَأَوَّلُهُنَّ مَلْحَمَةُ التُّرْكِ
بِالْجَزِيرَةِ، ومَلْحَمَةُ الْأَعْمَاقِ، ومَلْحَمَةُ الدَّجَّالِ، لَيْسَ بَعْدَهَا
مَلْحَمَةٌ».
ورواه أيضاً (2/682) (1924) بالإسناد
نفسه، بلفظ: «المَلَاحِمُ ثَلَاثٌ، مَضَتْ اثْنَتَانِ، وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ مَلْحَمَةُ
التُّرْكِ بِالجَزِيرَةِ».
قلت: أَبو المُغِيرَةِ القَوَّاسِ أحاديثه
قليلة، وغالبها عن عبدالله بن عمرو، وهي منكرة!!
قال عَلِيٌّ بن المديني: سَمِعْتُ
يَحْيَى بنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: كَانَ التَّيْمِيُّ سَيِّءَ الرَّأْيِ فِي عَبْدِ
اللَّهِ بنِ شَقِيقٍ، قُلْتُ لِيَحْيَى: سَمِعْتَهُ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ:
وَأَبُو المُغِيرَةِ القَوَّاسُ؟ قَالَ: كَانَ أَشَرَّ عِنْدَهُ، قَالَ يَحْيَى: وَلَمْ
أَرَ أَحَدًا عَرَفَ أَبَا المُغِيرَةِ غَيْرَهُ.
وقال إبراهيم بن عرعرة: حدثنا يحيى
بن سعيد قال: "ضعّف سليمان التيمي أبا المغيرة القواس".
وقال ابن معين [رواية ابن محرز
(2/191)]: سمعت علياً - وقلت له: أبو المغيرة القواس، ما اسمه؟ قال: "ومن روى
عنه غير عوف حتى يعرف اسمه!".
وقال عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سئل
أبو زرعة عن اسم أبي المغيرة القواس؟ قال: "لا أعلم أحدا يسميه".
وعن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين
أنه قال: "أبو المغيرة القواس ثقة".
وقال الآجري، عن أبي داود، قال:
"ليس بالمشهور، وأحاديثه مناكير".
وذكره ابن حبان في "ثقاته".
وقال الحاكم في «المستدرك»
(4/619): "أَبو المُغِيرَةِ مَجْهُولٌ".
قلت: أهل العلم على أنه تفرد بالرواية عنه
عوف الأعرابي ولا يُعرف اسمه!
لكن سماه ابن لهيعة في حديثه فقال:
" أَبُو المُغِيرَةِ عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ المُغِيرَةِ"، وهذا معروف عندهم.
وهو: عُبَيداللَّه بن المغيرة بن معيقيب
السبئي، أَبُو المغيرة المِصْرِي.
روى عنه: محمد بن إسحاق، وعبيدالله
بن أبي جعفر، وابن لهيعة، وبكر بن مصر.
وقالَ ابنُ يُونُسَ: "تُوُفِّيَ
سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ".
وقال أبو حاتم الرازي: "مصري
صدوق".
وخرج ابن خزيمة حديثه في صحيحه، وكذلك
الحاكم، وحسّنه أبو علي الطوسي.
وذكره مسلم بن الحجاج في الطبقة الثانية
من أهل مصـر، ويعقوب بن سفيان في «الثقات».
وعليه إن كان أبو المغيرة القواس هو
عبيدالله بن المغيرة فلا نعرف له سماعاً من عبدالله بن عمرو، ولا أظن أنه أدركه!!
فعبدالله بن عمرو بن العاص توفي سنة
(63هـ) قديماً، وعبيدالله توفي سنة (132هـ) فقد عمّر بعد عبدالله بن عمرو، وتفرده عنه
بأحاديث لا يعرفها أصحاب عبدالله لا يقبل منه! سيما وأكثرها فيها نكارة!!!
وكلام حاكم بن عبيسان حول الملاحم
كلام مردود! ولا دليل صحيح عليه!!!
حديث حذيفة: فتح لرسول الله صلى
الله عليه وسلم فتح لم يفتح له مثله.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص166): "باب: غزو الروم وأهل
الصليب جزيرة العرب وحصارهم المدينة ودفاع العجم الترك عنهم.. عن حُذَيْفَة رضي الله
عنه، قال: (فُتِحَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتْحٌ لَمْ يُفْتَحْ لَهُ مِثْلُهُ مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى،
فَقُلْتُ لَهُ: يَهْنِيكَ الْفَتْحُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ وَضَعَتِ الْحَرْبُ
أَوْزَارَهَا، فَقَالَ: «هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ دُونَهَا
يَا حُذَيْفَةُ لَخِصَالًا سِتًّا، أَوَّلُهُنَّ مَوْتِي» قَالَ: قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ،
وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، «ثُمَّ يُفْتَحُ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ يَكُونُ
بَعْدَ ذَلِكَ فِتْنَةٌ تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، يَكْثُرُ فِيهِمَا الْقَتْلُ،
وَيَكْثُرُ فِيهِمَا الْهَرْجُ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، ثُمَّ يُسَلَّطُ عَلَيْكُمْ
مَوْتٌ فَيَقْتُلُكُمْ قَعْصًا كَمَا تَمُوتُ الْغَنَمُ، ثُمَّ يَكْثُرُ الْمَالُ فَيَفِيضُ
حَتَّى يُدْعَى الرَّجُلُ إِلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَيَسْتَنْكِفَ أَنْ يَأْخُذَهَا،
ثُمَّ يَنْشَأُ لِبَنِي الْأَصْفَرِ غُلَامٌ مِنْ أَوْلَادِ مُلُوكِهِمْ»، قُلْتُ:
وَمَنْ بَنُو الْأَصْفَرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الرُّومُ، فَيَشِبُّ فِي الْيَوْمِ
الْوَاحِدِ كَمَا يَشِبُّ الصَّبِيُّ فِي الشَّهْرِ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ كَمَا
يَشِبُّ الصَّبِيُّ فِي السَّنَةِ، فَإِذَا بَلَغَ أَحَبُّوهُ وَاتَّبِعُوهُ، مَا لَمْ
يُحِبُّوا مَلِكًا قَبْلَهُ، ثُمَّ يَقُومُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَيَقُولُ: إِلَى
مَتَى نَتْرُكُ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنَ الْعَرَبِ؟ لَا يَزَالُونَ يُصِيبُونَ مِنْكُمْ
طَرَفًا، وَنَحْنُ أَكْثَرُ مِنْهُمْ عَدَدًا وَعُدَّةً فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ،
إِلَى مَتَى يَكُونُ هَذَا؟ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ بِمَا تَرَوْنَ، فَيَقُومُ أَشْرَافُهُمْ
فَيَخْطُبُونَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَيَقُولُونَ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ، وَالْأَمْرُ
أَمْرُكَ، فَيَقُولُ: وَالَّذِي نُقْسِمُ بِهِ لَا نَدَعُهُمْ حَتَّى نُهْلِكَهُمْ،
فَيَكْتُبُ إِلَى جَزَائِرِ الرُّومِ فَيَرْمُونَهُ بِثَمَانِينَ غَيَايَةً، تَحْتَ
كُلِّ غَيَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، وَالْغَيَايَةُ الرَّايَةُ، فَيَجْتَمِعُونَ
عِنْدَهُ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ وَسِتُّمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَيَكْتُبُ إِلَى كُلِّ جَزِيرَةٍ
فَيَبْعَثُونَ بثَلَاثِمِائَةِ سَفِينَةٍ، فَيَرْكَبُ هُوَ فِي سَفِينَةٍ مِنْهَا،
وَمُقَاتِلَتُهُ بِحَدِّهِ وَحَدِيدِهِ، وَمَا كَانَ حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا مَا بَيْنَ
أَنْطَاكِيَةَ إِلَى الْعَرِيشِ، فَيَبْعَثُ الْخَلِيفَةُ يَوْمَئِذٍ الْخُيُولَ بِالْعَدَدِ
وَالْعُدَّةِ، وَمَا لَا يُحْصَى، فَيَقُومُ فِيهِمْ خَطِيبٌ فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَوْنَ؟
أَشِيرُوا عَلَيَّ بِرَأْيِكُمْ، فَإِنِّي أَرَى أَمْرًا عَظِيمًا، وَإِنِّي أَعْلَمُ
أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنْجِزٌ وَعْدَهُ، وَمُظْهِرٌ دِينَنَا عَلَى كُلِّ دِينٍ،
وَلَكِنَّ هَذَا بَلَاءٌ عَظِيمٌ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مِنَ الرَّأْيِ أَنْ أَخْرُجَ
وَمَنْ مَعِي إِلَى مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُبْعَثَ
إِلَى الْيَمَنِ وَالْعَرَبِ حَيْثُ كَانُوا، وَإِلَى الْأَعَارِيبِ، فَإِنَّ اللَّهَ
نَاصِرٌ مَنْ نَصَرَهُ، وَلَا يَضُرُّنَا أَنْ نُخْلِيَ لَهُمْ هَذِهِ الْأَرْضَ حَتَّى
تَرَوُا الَّذِي يَتَهَيَّأُ لَكُمْ "، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " فَيَخْرُجُونَ حَتَّى يَنْزِلُوا مَدِينَتِي هَذِهِ وَاسْمُهَا طَيْبَةُ،
وَهِيَ مَسَاكِنُ الْمُسْلِمِينَ فَيَنْزِلُونَ، ثُمَّ يَكْتُبُونَ إِلَى مَنْ كَانَ
عِنْدَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ، حَيْثُ بَلَغَ كِتَابُهُمْ فَيُجِيبُونَهُمْ حَتَّى تَضِيقَ
بِهِمُ الْمَدِينَةُ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُجْتَمِعِينَ مُجَرِّدِينَ، قَدْ بَايَعُوا
إِمَامَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ، فَيَفْتَحُ اللَّهُ لَهُمْ فَيَكْسِرُونَ أَغْمَادَ سُيُوفِهِمْ،
ثُمَّ يَمُرُّونَ مُجَرِّدِينَ، فَيَقُولُ صَاحِبُ الرُّومِ: إِنَّ الْقَوْمَ قَدِ
اسْتَمَاتُوا لِهَذِهِ الْأَرْضِ، وَقَدْ أَقْبَلُوا إِلَيْكُمْ وَهُمْ لَا يَرْجُونَ
حَيَاةً، فَإِنِّي كَاتِبٌ إِلَيْهِمْ أَنْ يَبْعَثُوا إِلَيَّ بِمَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ
الْعَجَمِ، وَنُخْلِي لَهُمْ أَرْضَهُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ لَنَا عَنْهَا غِنًى، فَإِنْ
فَعَلُوا فَعَلْنَا، وَإِنْ أَبَوْا قَاتَلْنَاهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنَنَا
وَبَيْنَهُمْ، فَإِذَا بَلَغَ أَمْرُهُمْ وَالِي الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ قَالَ:
لَهُمْ: مَنْ كَانَ عِنْدَنَا مِنَ الْعَجَمِ أَرَادَ أَنْ يَسِيرَ إِلَى الرُّومِ
فَلْيَفْعَلْ، فَيَقُومُ خَطِيبٌ مِنَ الْمَوَالِي فَيَقُولُ: مُعَاذَ اللَّهِ أَنْ
نَبْتَغِيَ بِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبَدَلًا، فَيُبَايِعُونَ عَلَى الْمَوْتِ، كَمَا
بَايَعَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ يَسِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ، فَإِذَا
رَأَوْهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ طَمِعُوا وَأَحْرَدُوا وَجَهِدُوا، ثُمَّ يَسِلُّ الْمُسْلِمُونَ
سُيُوفَهُمْ، وَيَكْسِرُوا أَغْمَادَهَا، وَيَغْضَبُ الْجَبَّارُ عَلَى أَعْدَائِهِ،
فَيَقْتُلُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الدَّمُ ثُنَنَ الْخَيْلِ، ثُمَّ
يَسِيرُ مِنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بِرِيحٍ طَيْبَةٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً، حَتَّى يَظُنُّوا
أَنَّهُمْ عَجَزُوا، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا عَاصِفًا، فَتَرُدُّهُمْ
إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ خَرَجُوا، فَيَقْتُلُهُمْ بِأَيْدِي الْمُهَاجِرِينَ،
فَلَا يَفْلِتُ أَحَدٌ، وَلَا مُخْبِرٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَا حُذَيْفَةُ تَضَعُ الْحَرْبُ
أَوْزَارَهَا، فَيَعِيشُونَ فِي ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْتِيهمْ مِنْ قِبَلِ
الْمَشْرِقِ خَبَرُ الدَّجَّالِ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ فِينَا). رواه نعيم في الفتن بإسناد
حسن".
قلت: ما هذا التدليس! بل الكذب الصريح!!
كيف يكون إسناده حسنا؟!
وهو من رواية النُّعْمَان بن المُنْذِرِ
الغساني، وإِسْحَاق بنِ أَبِي فَرْوَةَ، جَمِيعًا عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ
بنِ الْيَمَانِ! وهذا مرسل.
فمكحول (ت 112هـ) لم يسمع من حذيفة
(ت 36هـ)!!
قال ابن أبي حاتم في «المراسيل»: حَدَّثَنَا
أَبِي قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا مسهر، هَلْ سَمِعَ مَكْحُولُ مِنْ أَحَدٍ منِ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: "مَا صَحَّ عِنْدَنَا إِلَّا أَنَسَ بنَ مَالِكٍ".
حديث ابن مسعود: يكون بين
المسلمين وبين الروم هدنة.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص169): "باب: بدء الحملات الصليبية
من روما على المسلمين واحتلالهم الشام وردة العرب واعتزال روم القسطنطينية القتال ثم
فتحها على يد أولياء الله... عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الرُّومِ هُدْنَةٌ
وَصُلْحٌ حَتَّى يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ عَدُوًّا لَهُمْ، فَيُقَاسِمُونَهُمْ غَنَائِمَهُمْ،
[ثُمَّ إِنَّ الرُّومَ يَغْزُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَارِسَ فَيَقْتُلُونَ مُقَاتِلَتَهُمْ،
وَيَسْبُونَ ذَرَارِيَّهُمْ، فَتَقُولُ الرُّومُ: قَاسِمُونَا الْغَنَائِمَ كَمَا قَاسَمْنَاكُمْ،
فَيُقَاسِمُونَهُمُ الْأَمْوَالَ وَذَرَارِيَّ الشِّرْكِ، فَتَقُولُ الرُّومُ: قَاسِمُونَا
مَا أَصَبْتُمْ مِنْ ذَرَارِيِّكُمْ فَيَقُولُونَ: لَا نُقَاسِمُكُمْ ذَرَارِيَّ الْمُسْلِمِينَ
أَبَدًا]، فَيَقُولُونَ: غَدَرْتُمْ بِنَا، فَتَرْجِعُ الرُّومُ إِلَى صَاحِبِهِمْ
بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَيَقُولُونَ: إِنَّ الْعَرَبَ غَدَرَتْ بِنَا، وَنَحْنُ
أَكْثَرُ مِنْهُمْ عَدَدًا، وَأَتَمُّ مِنْهُمْ عُدَّةً، وَأَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً،
فَأَمِدَّنَا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ: مَا كُنْتُ لِأَغْدِرَ بِهِمْ، قَدْ كَانَتْ
لَهُمُ الْغَلَبَةُ فِي طُولِ الدَّهْرِ عَلَيْنَا، فَيَأْتُونَ صَاحِبَ رُومِيَّةَ
فَيُخْبِرُونَهُ بِذَلِكَ، فَيُوَجِّهُ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا
عَشَرَ أَلْفًا فِي الْبَحْرِ، وَيَقُولُ لَهُمْ صَاحِبُهُمْ: إِذَا رَسِيتُمْ بِسَوَاحِلِ
الشَّامِ فَاحْرِقُوا الْمَرَاكِبَ لِتُقَاتِلُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ، فَيَفْعَلُونَ
ذَلِكَ، وَيَأْخُذُونَ أَرْضَ الشَّامِ كُلَّهَا، بَرَّهَا وَبَحْرَهَا، مَا خَلَا
مَدِينَةَ دِمَشْقَ، وَالْمُعْنِقَ، وَيُخْرِبُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ.
[قَالَ: فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:
وَكَمْ تَسَعُ دِمَشْقَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَتَّسِعَنَّ عَلَى مَنْ يَأْتِيهَا
مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يَتَّسِعُ الرَّحِمُ عَلَى الْوَلَدِ» قَالَ: قُلْتُ: وَمَا
الْمُعْنَقُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «جَبَلٌ بِأَرْضِ الشَّامِ مِنْ حِمْصَ، عَلَى
نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ الْأَرْنَطُ، فَتَكُونُ ذَرَارِيُّ الْمُسْلِمِينَ فِي أَعْلَى
الْمُعْنَقِ، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى نَهَرِ الْأَرْنَطِ، وَالْمُشْرِكُونَ خَلْفَ
نَهَرِ الْأَرْنَطِ يُقَاتِلُونَهُمْ صَبَاحًا وَمَسَاءً، فَإِذَا أَبْصَرَ ذَلِكَ
صَاحِبُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَجَّهَ فِي الْبَرِّ إِلَى قِنَّسْرِينَ سِتَّمِائَةِ
أَلْفٍ حَتَّى تَجِيئَهُمْ مَادَّةُ الْيَمَنِ سَبْعِينَ أَلْفًا، أَلَّفَ اللَّهُ
قُلُوبَهُمْ بِالْإِيمَانِ، مَعَهُمْ أَرْبَعُونَ أَلْفًا مِنْ حِمْيَرَ، حَتَّى يَأْتُوا
بَيْتَ الْمَقْدِسِ].
فَيُقَاتِلُونَ الرُّومَ فَيَهْزِمُونَهُمْ،
وَيُخْرِجُونَهُمْ مِنْ جُنْدٍ إِلَى جُنْدٍ، حَتَّى يَأْتُوا قِنَّسْرِينَ وَتَجِيئُهُمْ
مَادَّةُ الْمَوَالِي» قَالَ: قُلْتُ: وَمَا مَادَّةُ الْمَوَالِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: " هُمْ عَتَاقَتُكُمْ.
[وَهُمْ مِنْكُمْ قَوْمٌ يَجِيئُونَ
مِنْ قِبَلِ فَارِسَ، فَيَقُولُونَ: تَعَصَّبْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، لَا نَكُونُ
مَعَ أَحَدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، أَوْ تَجْتَمِعَ كَلِمَتُكُمْ، فَتُقَاتِلُ نِزَارُ
يَوْمًا، وَالْيَمَنُ يَوْمًا، وَالْمَوَالِي يَوْمًا، فَيُخْرِجُونَ الرُّومَ إِلَى
الْعَمْقِ، وَيَنْزِلُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ كَذَا وَكَذَا، يُغْزَى
وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ الرَّقَبَةُ، وَهُوَ النَّهَرُ الْأَسْوَدُ].
فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَرْفَعُ اللَّهُ تَعَالَى نَصْرَهُ عَنِ الْعَسْكَرَيْنِ، وَيُنَزِّلُ
صَبْرَهُ عَلَيْهِمَا، حَتَّى يُقْتَلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الثُّلُثُ، وَيَفِرُّ ثُلُثٌ،
وَيَبْقَى الثُّلُثُ، فَأَمَّا الثُّلُثُ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ فَشَهِيدُهُمْ كَشَهِيدِ
عَشَرَةٍ مِنْ شُهَدَاءِ بَدْرٍ، يَشْفَعُ الْوَاحِدُ مِنْ شُهَدَاءِ بَدْرٍ لِسَبْعِينَ،
وَشَهِيدُ الْمَلَاحِمِ يَشْفَعُ لِسَبْعِمِائَةٍ، وَأَمَّا الثُّلُثُ الَّذِينَ يَفِرُّونَ
فَإِنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ، ثُلُثٌ يَلْحَقُونَ بِالرُّومِ، وَيَقُولُونَ:
لَوْ كَانَ لِلَّهِ بِهَذَا الدِّينِ مِنْ حَاجَةٍ لَنَصَرَهُمْ، وَهُمْ مُسْلِمَةُ
الْعَرَبِ: بَهْرَاءَ وَتَنَّوخُ وَطَيِّئٌ وَسُلَيْمٌ، وَثُلُثٌ يَقُولُونَ: مَنَازِلُ
آبَائِنَا وَأَجْدَادِنَا خَيْرٌ، لَا تَنَالُنَا الرُّومُ أَبَدًا، مُرُّوا بِنَا
إِلَى الْبَدْوِ، وَهُمُ الْأَعْرَابُ، وَثُلُثٌ يَقُولُونَ: إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَاسْمِهِ،
وَأَرْضُ الشَّامِ كَاسْمِهَا الشُّؤْمُ، فَسِيرُوا بِنَا إِلَى الْعِرَاقِ وَالْيَمَنِ
وَالْحِجَازِ، حَيْثُ لَا نَخَافُ الرُّومَ، وَأَمَّا الثُّلُثُ الْبَاقِي فَيَمْشِي
بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ يَقُولُونَ: اللَّهَ اللَّهَ، دَعُوا عَنْكُمُ الْعَصَبِيَّةَ،
وَلِتَجْتَمِعْ كَلِمَتُكُمْ وَقَاتِلُوا عَدُوَّكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تُنْصَرُوا
مَا تَعَصَّبْتُمْ، فَيَجْتَمِعُونَ جَمِيعًا وَيَتَبَايَعُونَ عَلَى أَنْ يُقَاتِلُوا
حَتَّى يَلْحَقُوا بِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ قُتِلُوا، فَإِذَا أَبْصَرَ الرُّومُ
إِلَى مَنْ قَدْ تَحَوَّلَ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ قُتِلَ، وَرَأَوْا قِلَّةَ الْمُسْلِمِينَ،
قَامَ رُومِيُّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَعَهُ بَنْدٌ فِي أَعْلَاهُ صَلِيبٌ، فَيُنَادِي:
غَلَبَ الصَّلِيبُ، غَلَبَ الصَّلِيبُ، فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ
الصَّفَّيْنِ وَمَعَهُ بَنْدٌ فَيُنَادِي: بَلْ غَلَبَ أَنْصَارُ اللَّهِ، بَلْ غَلَبَ
أَنْصَارُ اللَّهِ وَأَوْلِيَاؤُهُ، فَيَغْضَبُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْ قَوْلِهِمْ: غَلَبَ الصَّلِيبُ.
فَيَقُولُ: يَا جِبْرِيلُ، أَغِثْ
عِبَادِي، فَيَنْزِلُ جِبْرِيلُ فِي مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَيَقُولُ:
يَا مِيكَائِيلُ، أَغِثْ عِبَادِي، فَيَنْحَدِرُ مِيكَائِيلُ فِي مِائَتَيْ أَلْفٍ
مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَيَقُولُ: يَا إِسْرَافِيلُ، أَغِثْ عِبَادِي، فَيَنْحَدِرُ
إِسْرَافِيلُ فِي ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.
وَيُنَزِّلُ اللَّهُ نَصْرَهُ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ، وَيُنَزِّلُ بَأْسَهُ عَلَى الْكُفَّارِ، فَيُقْتَلُونَ وَيُهْزَمُونَ،
وَيَسِيرُ الْمُسْلِمُونَ فِي أَرْضِ الرُّومِ حَتَّى يَأْتُوا عَمُّورِيَّةَ، وَعَلَى
سُورِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، يَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا شَيْئًا أَكْثَرَ مِنَ الرُّومِ،
كَمْ قَتَلْنَا وَهَزَمْنَا وَمَا أَكْثَرَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ وَعَلَى سُورِهَا،
فَيَقُولُونَ: أَمِّنُونَا عَلَى أَنْ نُؤَدِّيَ إِلَيْكُمُ الْجِزْيَةَ، فَيَأْخُذُونَ
الْأَمَانَ لَهُمْ وَلِجَمِيعِ الرُّومِ عَلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَتَجْتَمِعُ إِلَيْهِمْ
أَطْرَافُهُمْ، فَيَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَالَفَكُمْ
إِلَى دِيَارَكُمْ، وَالْخَبَرُ بَاطِلٌ، فَمَنْ كَانَ فِيهِمْ مِنْكُمْ فَلَا يُلْقِينَّ
شَيْئًا مِمَّا مَعَهُ، فَإِنَّهُ قُوَّةٌ لَكُمْ عَلَى مَا بَقِيَ، فَيَخْرُجُونَ
فَيَجِدُونَ الْخَبَرَ بَاطِلًا، وَتَثِبُ الرُّومُ عَلَى مَا بَقِيَ فِي بِلَادِهِمْ
مِنَ الْعَرَبِ فَيَقْتُلُونَهُمْ، حَتَّى لَا يَبْقَى بِأَرْضِ الرُّومِ عَرَبِيُّ
وَلَا عَرَبِيَّةٌ، وَلَا وَلَدُ عَرَبِيٍّ إِلَّا قُتِلَ، فَيَبْلُغُ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ
فَيَرْجِعُونَ غَضَبًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقْتُلُونَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَيَسْبُونَ
الذَّرَارِيَّ، وَيَجْمَعُونَ الْأَمْوَالَ، لَا يَنْزِلُونَ عَلَى مَدِينَةٍ وَلَا
حِصْنٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُمْ، وَيَنْزِلُونَ عَلَى الْخَلِيجِ،
وَيُمَدُّ الْخَلِيجُ حَتَّى يَفِيضَ، فَيُصْبِحُ أَهْلُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ يَقُولُونَ:
الصَّلِيبُ مَدَّ لَنَا بَحْرَنَا، وَالْمَسِيحُ نَاصِرُنَا فَيُصْبِحُونَ وَالْخَلِيجُ
يَابِسٌ، فَتُضْرَبُ فِيهِ الْأَخْبِيَةُ، وَيَحْسِرُ الْبَحْرُ عَنِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ،
وَيُحِيطُ الْمُسْلِمُونَ بِمَدِينَةِ الْكُفْرِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِالتَّحْمِيدِ
وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ إِلَى الصَّبَّاحِ، لَيْسَ فِيهِمْ نَائِمٌ وَلَا جَالِسٌ،
فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ كَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً، فَيَسْقُطُ
مَا بَيْنَ الْبُرْجَيْنِ، فَتَقُولُ الرُّومُ: إِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ الْعَرَبَ،
فَالْآنَ نُقَاتِلُ رَبَّنَا وَقَدْ هَدَمَ لَهُمْ مَدِينَتَنَا وَخَرَبَهَا لَهُمْ،
فَيَمْكُثُونَ بِأَيْدِيهِمْ، وَيَكِيلُونَ الذَّهَبَ بِالْأَتْرِسَةِ، وَيَقْتَسِمُونَ
الذَّرَارِيَّ حَتَّى يَبْلُغَ سَهْمُ الرَّجُلِ مِنْهُمْ ثَلَاثَمِائَةِ عَذْرَاءَ،
وَيَتَمَتَّعُوا بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ
حَقًّا، وَيَفْتَحُ اللَّهُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ عَلَى يَدِ أَقْوَامٍ هُمْ أَوْلِيَاءُ
اللَّهِ، يَرْفَعُ اللَّهُ عَنْهُمُ الْمَوْتَ وَالْمَرَضَ وَالسَّقَمَ، حَتَّى يَنْزِلَ
عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيُقَاتِلُونَ مَعَهُ الدَّجَّالَ).
رواه نعيم في الفتن بإسناد حسن لغيره وفيه ألفاظ ضعيفة منكرة" انتهى كلام ابن
عبيسان.
قلت: كيف يكون حسنا؟ وفيه ألفاظ ضعيفة
منكرة؟!
أليس يُروى بإسناد واحد؟ وما هو الصحيح
منه، وما هي الألفاظ الضعيفة والمنكرة؟! هذا ليس بمنهج علميّ، بل هو منهج المدلسين!!
والحديث يرويه نعيم بن حماد في «الفتن»
(1/417) (1252) قال: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ صَاحِبٌ لَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْـرَةِ،
حدثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِالوَهَّابِ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الحَارِثِ الهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ للَّهِ بنِ مَسْعُودٍ،
به.
لو عرضت هذا الإسناد على طالب علم
مبتدئ فلن يحكم عليه بالحسن!! فكيف بدكتور متخصص وله سنوات يشتغل بالحديث ويدرسه؟!
هذا إسناد مسلسل بالضعفاء والمجاهيل!!
فشيخ نعيم بن حماد مجهول لا يعرف!
وشيخه ابن لهيعة ضعيف!
وعبد الوهاب بن حسين مجهول!
وقد أخرج الحاكم النيسابوري بهذا الإسناد
حديثاً في «المستدرك» (4/566) ثم قال: "مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتِ بنِ أَسْلَمَ البُنَانِيُّ
مِنْ أَعَزِّ البَصْـرِيِّينَ وَأَوْلَادِ التَّابِعِينَ، إِلَّا أَنَّ عَبْدَالوَهَّابِ
بنَ الحُسَيْنِ مَجْهُولٌ".
وقال الذهبي في "التلخيص":
"قلت: ذا موضوع والسلام".
والحارث الهمداني هو الأعور، وهو كذاب
كما قال الشعبي!!
أثر كعب الأحبار: ذكر رسول الله
صلى الله عليه وسلم الملحمة.. الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص175): "عَنْ كَعْبٍ، قَالَ:
(ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَلْحَمَةَ فَسَمَّى الْمَلْحَمَةَ مِنْ
عَدَدِ الْقَوْمِ، وَأَنَا أُفَسِّـرُهَا لَكُمْ، إِنَّهُ يَحْضُـرُهَا اثْنَا عَشَـرَ
مَلِكًا، مَلِكُ الرُّومِ أَصْغَرُهُمْ وَأَقَلُّهُمْ مَقَاتِلَةً، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا
هُمُ الدُّعَاةُ، وَهُمْ دَعَوْا تِلْكَ الْأُمَمَ وَاسْتَمَدُّوا بِهِمْ، وَحَرَامٌ
عَلَى أَحَدٍ يَرَى عَلَيْهِ حَقًّا لِلْإِسْلَامِ أَنْ لَا يَنْصُـرَ الْإِسْلَامَ
يَوْمَئِذٍ، وَلَيَبْلُغَنَّ مَدَدُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ صَنْعَاءَ الْجُنْدِ،
وَحَرَامٌ عَلَى أَحَدٍ يَرَى عَلَيْهِ حَقًّا لِلنَّصْـرَانِيَّةِ أَنْ لَا يَنْصُرَهَا
يَوْمَئِذٍ، وَلَتُمِدَّنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ الْجَزِيرَةُ بِثَلَاثِينَ أَلْفَ نَصْرَانِيٍّ،
فَيَتْرُكُ الرَّجُلُ فَدَّانَهُ يَقُولُ: أَذْهَبُ أَنْصُـرُ النَّصْـرَانِيَّةَ،
وَيُسَلَّطُ الْحَدِيدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَمَا يَضُرُّ رَجُلًا يَوْمَئِذٍ كَانَ
مَعَهُ سَيْفٌ لَا يَجْدَعُ الْأَنْفَ أَلَّا يَكُونَ مَكَانَهُ الصَّمْصَامَةُ، لَا
يَضَعُ سَيْفَهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِرْعٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا قَطَعَهُ، وَحَرَامٌ
عَلَى جَيْشٍ أَنْ يَتْرُكَ النَّصْرَ، وَيُلْقَى الصَّبْرُ عَلَى هَؤُلَاءِ وَعَلَى
هَؤُلَاءِ، وَيُسَلَّطُ الْحَدِيدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ لِيَشْتَدَّ الْبَلَاءُ،
فَيُقْتَلُ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُلُثٌ، وَيَفِرُّ ثُلُثٌ، فَيَقَعُونَ
فِي مَهِيلٍ مِنَ الْأَرْضِ، يَعْنِي هَؤُلَاءِ لَا يَرَوْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَرَوْنَ
أَهْلِيهِمْ أَبَدًا، وَيَصْبِرُ ثُلُثٌ فَيَحْرُسُونَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لَا
يَفِرُّونَ فَرَّ أَصْحَابِهِمْ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ، قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ:
يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، مَا تَنْتَظِرُونَ؟ قُومُوا فَادْخُلُوا الْجَنَّةَ كَمَا
دَخَلَهَا إِخْوَانُكُمْ، فَيَوْمَئِذٍ يُنَزِّلُ اللَّهُ تَعَالَى نَصْرَهُ، وَيَغْضَبُ
لِدِينِهِ، وَيَضْرِبُ بِسَيْفِهِ، وَيَطْعَنُ بِرُمْحِهِ، وَيَرْمِي بِسَهْمِهِ، لَا
يَحِلُّ لِنَصْرَانِيٍّ أَنْ يَحْمِلَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ سِلَاحًا حَتَّى تَقُومَ
السَّاعَةُ، وَيَضْرِبُ الْمُسْلِمُونَ أَقْفَاءَهُمْ مُدْبِرِينَ، لَا يَمُرُّونَ
بِحِصْنٍ إِلَّا فُتِحَ، وَلَا مَدِينَةٍ إِلَّا فُتِحَتْ، حَتَّى يَرُدُّوا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ،
فَيُكَبِّرُونَ اللَّهَ وَيُقَدِّسُونَهُ وَيَحْمَدُونَهُ، فَيَهْدِمُ اللَّهُ مَا
بَيْنَ اثْنَيْ عَشَرَ بُرْجًا، وَيَدْخُلُها الْمُسْلِمُونَ، فَيَوْمَئِذٍ يُقْتَلُ
مُقَاتِلَتُهَا، وَتُفْتَضُّ عِذِارُهَا، وَيَأْمُرُهَا اللَّهُ فَتُظْهِرُ كُنُوزَهَا،
فَآخِذٌ وَتَارِكٌ، فَيَنْدَمُ الْآخِذُ، وَيَنْدَمُ التَّارِكُ، قَالُوا: وَكَيْفَ
يَجْتَمِعُ نَدَامَتُهُمَا؟ قَالَ: «يَنْدَمُ الْآخِذُ أَلَّا يَكُونَ ازْدَادَ، وَيَنْدَمُ
التَّارِكُ أَلَّا يَكُونَ أَخَذَ»، قَالُوا: إِنَّكَ لَتُرَغِّبُنَا فِي الدُّنْيَا
فِي آخِرِ الزَّمَانِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ يَكُونُ مَا أَصَابُوا مِنْهَا عَوْنًا لَهُمْ
عَلَى سِنِينَ شِدَادٍ، وَسِنِينَ الدَّجَّالِ» قَالَ: وَيَأْتِيهِمْ آتٍ وَهُمْ فِيهَا،
فَيَقُولُ: خَرَجَ الدَّجَّالُ فِي بِلَادِكُمْ، قَالَ: فَيَنْصَرِفُونَ حَيَارَى فَلَا
يَجِدُونَهُ خَرَجَ، فَلَا يَلْبَثُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى يَخْرُجَ.) رواه نعيم في
الفتن بإسناد حسن لغيره مرسلا".
قلت: هذا من رواية كعب! ورواياته منكرة
لا يُحتج بها!!
والأثر رواه نعيم بن حماد في «الفتن»
(2/481) (1352) عن ابن وَهْبٍ، عَنْ عَاصِمِ بنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ عَبْدِاللَّهِ،
عَنْ كَعْبٍ، به.
وعاصم بن حكيم من الغرباء الذين دخلوا
مصر وحدث فيها.
قال البخاري في «التاريخ الكبير»
(6/488): "عاصم بن حكيم أَبُو مُحَمَّد عَنْ يَحْيَى بن أَبِي عَمْرو السيباني،
سَمِعَ منه عَبْداللَّه بن وهب".
وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»
(6/342): "عاصم بن حكيم ابن أخت عبدالله بن شوذب، روى عن يحيى ابن أبي عمرو السيباني.
روى عنه: ضمرة وعبدالله بن وهب. سمعت أبي يقول ذلك".
قال عبد الرحمن: سألت أبي عنه؟ فقال:
"ما أرى بحديثه بأسا".
وذكره ابن حبان في «الثقات» (8/505).
قلت: لم يذكروا أنه يروي إلا عن يحيى
بن أبي عمرو السيباني! فأخشى أن يكون ما في مطبوع كتاب «الفتن»: "عمرو بن عبدالله"
محرّف!!! وإنما هو: "ابن أبي عمرو السيباني".
ويؤيد ذلك ما سيورده حاكم المطيري
بعد هذا:
أثر كعب الأحبار: إن أمة تدعى
بالنصرانية.. الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص176): "وعَنِ السَّيْبَانِيِّ،
عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: (إِنَّ أُمَّةً تُدْعَى بِالنَّصْـرَانِيَّةِ فِي بَعْضِ جَزَائِرِ
الْبَحْرِ تُجَهِّزُ أَلْفَ مَرْكَبٍ فِي كُلِّ عَامٍ، فَيَقُولُونَ: ارْكَبُوا إِنْ
شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ، قَالَ: فَإِذَا وَقَعُوا فِي الْبَحْرِ بَعَثَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ عَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ كُسِـرَتْ سُفُنُهُمْ، قَالَ: فَتَصْنَعُ
ذَلِكَ مِرَارًا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرًا اتَّخَذَتْ سُفُنًا لَمْ
يُوضَعْ عَلَى ظَهْرِ الْبَحْرِ مِثْلُهَا قَطُّ ثُمَّ تَقُولُ: ارْكَبُوا إِنْ شَاءَ
اللَّهُ، قَالَ: فَيَرْكَبُونَ فَيَمُرُّونَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، قَالَ: فَيَفْزَعُونَ
لَهُمْ فَيَقُولُونَ: مَا أَنْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ أُمَّةٌ تُدْعَى النَّصْرَانِيَّةُ
نُرِيدُ هَذِهِ الْأُمَّةَ الَّتِي أَخْرَجْتَنَا عَنْ بِلَادِنَا وَبِلَادِ آبَائِنَا،
قَالَ: فَيُمِدُّونَهُمْ سُفُنًا، قَالَ: فَيَنْتَهُونَ إِلَى عَكَّا فَيُخْرِجُونَ
سُفُنَهُمْ وَيَحْرِقُونَهَا وَيَقُولُونَ: بِلَادُنَا وَبِلَادُ آبَائِنَا، قَالَ:
وَأَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَيَبْعَثُ إِلَى مِصْـرَ
فَيَسْتَمِدُّهُمْ، وَيَبْعَثُ إِلَى الْعِرَاقِ فَيَسْتَمِدُّهُمْ، وَيَبْعَثُ إِلَى
أَهْلِ الْيَمَنِ فَيَسْتَمِدُّهُمْ، قَالَ: فَيَجِيئُهُ رَسُولُهُ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ
مِصْـرَ فَيَقُولُونَ: إِنَّا بِحَضْـرَةِ بَحْرٍ، وَالْبَحْرُ حَمَّالٌ، فَلَا يُمِدُّونَهُ،
وَيَأْتِيهِ رَسُولُهُ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ بِحَضْرَةِ
بَحْرٍ، وَالْبَحْرُ حَمَّالٌ، فَلَا يُمِدُّونَهُ، قَالَ: فَيَمُرُّ الرَّسُولُ بِحِمْصَ
وَقَدْ غَلَقَهَا أَهْلُهَا مِنَ الْعَجَمِ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ،
فَيُخْبِرُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ أَمِيرَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: وَيُمِدُّهُ أَهْلُ
الْيَمَنِ عَلَى قُلْصَانِهِمْ، قَالَ: وَيَكْتُمُ الْخَبَرَ وَيَقُولُ: أَيَّ شَيْءٍ
نَنْتَظِرُ؟ الْآنَ يُغْلِقُ أَهْلُ كُلِّ مَدِينَةٍ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ،
قَالَ: فَيَنْهَضُ إِلَيْهِمْ، فَيُقْتَلُ ثُلُثٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيَأْخُذُ ثُلُثٌ
بِأَذْنَابِ الْإِبِلِ وَيَلْحَقُونَ بِالْبَرَّيَّةِ وَيَهْلِكُونَ فِي مَهْبِلٍ مِنَ
الْأَرْضِ، قَالَ: فَلَا إِلَى أَهْلِيهِمْ يَرْجِعُونَ وَلَا الْجَنَّةَ يَرَوْنَهَا
قَالَ: وَيَفْتَحُ الثُّلُثُ فَيَتْبَعُونَهُمْ فِي جَبَلِ لُبْنَانَ حَتَّى يَنْتَهِيَ
أَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْخَلِيجِ وَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى مَا كَانَ النَّاسُ
عَلَيْهِ، الْوَالِي يَحْمِلُ الرَّايَةَ فَيَرْكُزُ لِوَاءَهُ وَيَأْتِي الْمَاءَ
لِيَتَوَضَّأَ مِنْهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، قَالَ: فَيَتَبَاعَدُ الْمَاءُ مِنْهُ،
قَالَ: فَيَتْبَعُهُ فَيَتَبَاعَدُ مِنْهُ، فَإِذَا رَأَى ذَلِكَ أَخَذَ لِوَاءَهُ
وَاتَّبَعَ الْمَاءَ حَتَّى يَجُوزَ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ثُمَّ يَرْكُزُهُ ثُمَّ
يُنَادِي: أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيزُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَقَ لَكُمُ الْبَحْرَ
كَمَا فَرَقَهُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: فَيَجُوزُ النَّاسُ، قَالَ: فَيَسْتَقْبِلُ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، قَالَ: فَيُكَبِّرُونَ فَيَهْتَزُّ حَائِطُهَا، ثُمَّ يُكَبِّرُونَ
فَيَهْتَزُّ، ثُمَّ يُكَبِّرُونَ فَيَسْقُطُ مِنْهَا مَا بَيْنَ اثْنَىْ عَشَرَ بُرْجًا،
قَالَ: فَيَدْخُلُونَهَا فَيَجِدُونَ فِيهَا ثَلَاثَةَ كُنُوزٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ
وَكَنْزٍ مِنْ نُحَاسٍ فَيَقْتَسِمُونَ غَنَائِمَهُمْ عَلَى التُّرْسَةِ). رواه الداني
في السنن الواردة في الفتن بإسناد صحيح إلى كعب".
قلت: هذا الحديث هو الحديث السابق، وهو
من رواية أَحْمَد بن زُهَيْرٍ، عن هَارُون، عن ضَمْرَة، عن السيباني، عن كعب.
فالحديث حديث السيباني عن كعب.
وما ذكره حاكم من كلام في الحاشية
على أن هذا "الأثر عن كعب أوضح وأصرح في انطباقه على الحملات الصليبية التي احتلت
سواحل الشام، وجاءت عبر القسطنطينية، واستعانت بها في العبور للشام، وقد انطلقت عدة
حملات غرق بعضها في البحر، وهلك بعضها في البر..." إلخ كلامه، فهذا لا ينطبق على
هذا الأثر! وإنما من خيالات وتوهمات المطيري!! فالمهم عنده حشد كل أثر فيه ذكر القسطنطينية؛
صحيحا كان أو ضعيفا؛ متعلقا بها تعلقا واضحا أو تخيلا فاضحا..!!
أثر عبدالله بن عمرو: يوشك أن
يخرج ابن حمل الضأن.. الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص179): "عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ،
عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: (أَتَيْتُ عَبْدَاللَّهِ بنَ عَمْرٍو
فِي بَيْتِهِ وَحَوْلَهُ سِمَاطَيْنِ مِنَ النَّاسِ وَلَيْسَ عَلَى فِرَاشِهِ أَحَدٌ
فَجَلَسْتُ عَلَى فِرَاشِهِ مِمَّا يَلِي رِجْلَيْهِ، فَجَاءَ رَجُلٌ أَحْمَرُ عَظِيمُ
الْبَطْنِ فَجَلَسَ، فَقَالَ: «مَنِ الرَّجُلُ؟» قُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي
بَكْرَةَ، قَالَ: «مَنْ أَبُو بَكْرَةَ؟» قُلْتُ: وَمَا تَذْكُرُ الرَّجُلَ الَّذِي
وَثَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سُوَرِ الطَّائِفِ؟ فَقَالَ: «بَلَى»، فَرَحَّبَ بِي، ثُمَّ أَنْشَأَ
يُحَدِّثُنَا فَقَالَ: «يُوشِكُ أَنْ يَخْرُجَ ابْنُ حَمَلِ الضَّأْنِ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
-» قُلْتُ: وَمَا حَمَلُ الضَّأْنِ؟ قَالَ رَجُلٌ: أَحَدُ أَبَوَيْهِ شَيْطَانٌ يَمْلِكُ
الرُّومَ يَجِيءُ فِي أَلْفِ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ خَمْسِ مِائَةِ أَلْفٍ فِي الْبَرِّ،
وَخَمْسِ مِائَةِ أَلْفٍ فِي الْبَحْرِ، يَنْزِلُونَ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا الْعَمِيقُ
فَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّ لِي فِي سَفِينَتِكُمْ بَقِيَّةً فَتَخَلَّفَ عَلَيْهَا
فَيَحْرِقُهَا بِالنَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ: لَا رُومِيَّةَ وَلَا قُسْطَنْطِينِيَّةَ
لَكُمْ مَنْ شَاءَ أَنْ يَفِرَّ فَلْيَفِرَّ، وَيَسْتَمِدُّ الْمُسْلِمُونَ بَعْضُهُمْ
بَعْضًا حَتَّى يُمِدَّهُمْ أَهْلُ عَدَنَ أَبْيَنَ، فَيَقُولُ لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ:
الْحَقُوا بِهِمْ فَكُونُوا فَاجًّا وَاحِدًا، فَيَقْتَتِلُونَ شَهْرًا حَتَّى أَنَّ
الْخَيْلَ لَتَخُوضُ فِي سَنَابِكِهَا الدِّمَاءُ، وَلِلْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ كِفْلَانِ
مِنَ الْأَجْرِ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ قَالَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: الْيَوْمَ أَسُلَّ سَيْفِي وَأَنْصُـرُ دِينِي وَأَنْتَقِمُ
مِنْ عَدُوِّي فَيُجْعَلُ اللَّهُ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ فَيَهْزِمُهُمُ اللَّهُ
حَتَّى تُسْتَفْتَحَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ لَا غُلُولَ الْيَوْمَ،
فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ يَقْتَسِمُونَ بِتُرْسَتِهِمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ إِذْ
نُودِيَ فِيهِمْ: أَلَا إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ فَيَدَعُونَ
مَا بِأَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ إِلَى الدَّجَّالِ). رواه البزار في مسنده بإسناد
حسن بالشواهد، قال الهيثمي في المجمع (رواه البزار موقوفا، وفيه علي بن زيد وهو حسن
الحديث، وبقية رجاله ثقات)".
قلت: رواه البزار في «مسنده» (6/447)
(2486) عن طَالُوت بن عَبَّادٍ، عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ.
ورواه نعيم بن حماد في «الفتن» (2/499)
(1409) عن عَبْدالصَّمَدِ بن عَبْدِالوَارِثِ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، به، مختصراً.
والحديث منكر!! فأي شواهد هذه التي
تحسّنه؟!!
وعلي بن زيد بن جُدعان ليس بحسن الحديث!
وإنما هو ضعيف لا يحتج بحديثه!!
وقد نص حاكم بن عبيسان في بعض
بحوثه على أن علي بن زيد بن جدعان ضعيف(17)! وهذا لا يخفى على طالب علم.
قال أحمد: "ضعيف". وقال
مرة: "ليس بشيء".
وروى عثمان بن سعيد الدارمي، عن يحيى،
قال: "ليس بذاك القوي".
وروى عباس الدوري عن يحيى، قال:
"ليس بشيء".
وقال حَمَّاد بن زَيْدٍ: "كانَ
عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ يُحَدِّثُ بِالحَدِيثِ، فَيَأْتِيهِ مِنَ الغَدِ فَيُحَدِّثُ بِهِ
كَأَنَّهُ حَدِيثٌ آخَرَ".
وقال البخاري، وأبو حاتم: "لا
يحتج به".
وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه،
هو أحب إليّ من يزيد بن أبي زياد".
وقال العجلي: "ليس بالقوي".
وقال السعدي: "واهي الحديث، ضعيف،
لا يُحتج بحديثه".
وقال يعقوب الفسوي: "اختلط في
كبره".
وقال ابن خزيمة: "لا أحتج به
لسوء حفظه".
وقال ابن عدي بعد أن أورد له بعض المنكرات:
"وكَانَ يُغَالِي فِي التشيع فِي جملة أهل البصرة، ومع ضعفه يكتب حديثه".
وقال ابن حبان: "روى عَنهُ الثَّوْريّ
وَابن عُيَيْنَة والبصـريون. كَانَ شَيخا جَلِيلًا، وكَانَ يهم فِي الْأَخْبَار، ويخطئ
فِي الْآثَار حَتَّى كثر ذَلِك فِي أخباره وَتبين فِيهَا الْمَنَاكِير الَّتِي يَرْوِيهَا
عَن المَشَاهِير فَاسْتحقَّ ترك الِاحْتِجَاج بِهِ".
(17) كما في موقعه
على هذا الرابط:
http://www.dr-hakem.com/Portals/Content/?info=TmpNeUpsTjFZbEJoWjJVbU1RPT0rdQ==.jsp
ولا يزال حاكم المطيري ينزل هذه الآثار
المنكرة عما حدث من أحداث في التاريخ! وحين يصطدم ببعض ما في هذه الآثار يحاول تأويلها
وأن الرواة يهمون في الروايات، ونحو ذلك!!!
قال: "والزمن المذكور في أحاديث
الفتن كاليوم والشهر ليس على ظاهره، بل مجاز يراد به الإشارة إلى طول المدة تارة وقصـرها
تارة أخرى! وهنا قد تتداخل الروايات بسبب أوهام الرواة وعدم ضبطهم، وأحاديث الفتن كالرؤى
لا تأتي في أكثر الأحيان على ظاهرها، بل لها رمز وإشارة وباطن يفقهه أهل التأويل!".
قلت:
طالما أنها لا تأتي في أكثر الأحيان
على ظاهرها فكيف نستدل بها؟! ومن هم أهل التأويل الذين يفقهون هذه الرموز والإشارات
والباطن؟! أخشى أن يتحول الدكتور إلى الباطنية بسبب هذه الهرطقات..!
تكرار حاكم للحديث السابق!
• ذكر ابن عبيسان (ص181): "عن علي بن زيد بن جدعان
عن رجلين أحدهما عبدالرحمن بن أبي بكرة عن عبدالله بن عمرو أنه سأل أحد الرجلين فقال:
أنت عبدالله بن عمرو؟ قال: نعم، قال: أنت الذي تزعم أن الساعة تقوم إلى مائة سنة! قال:
سبحان الله، وأنا أقول ذلك! قال: ومن يعلم قيام الساعة إلا الله، إنكم يا أهل العراق
لترمون أشياء ليست كذلك، إنما قلت: ما كانت رأس مائة للخلق يعني منذ خلقت الدنيا إلا
كان عند رأس المائة، قال: يوشك أن يخرج ابن حمل الضأن، قال: قلت، وما ابن حمل الضأن؟
قال: رومي أحد أبويه شيطان يسير إلى المسلمين في خمسمائة ألف برا وخمس مائة ألف بحرا
حتى ينزل بين عكا وصور، ثم يقول: يا أهل السفن، اخرجوا منها، ثم أمر بها فأحرقت.
قال: ثم يقول لهم لا قسطنطينة لكم
ولا رومية حتى يفصل بيننا وبين العرب. قال: فيستمد أهل الإسلام بعضهم بعضا حتى يمدهم
عدن أبين على قلصانهم. قال: فيجتمعون، فيقتتلون. قال: فتكاتبهم النصارى الذين بالشام
ويخبرونهم بعورات المسلمين. قال: فيقول المسلمون الحقوا فكلكم لنا عدو حتى يقضي الله
بيننا وبينكم. قال: فيقتتلون شهرا لا يكل لهم سلاح ولا لكم، ويقذف الصبر عليكم وعليهم.
قال: وبلغنا والله أعلم أنه إذا كان رأس الشهر قال ربكم: اليوم أسل سيفي فأنتقم من
أعدائي وأنصر أوليائي. قال: فيقتتلون مقتلة ما رأى مثلها قط حتى ما تسير الخيل إلا
على الخيل، وما يسير الرجل إلا على الرجل، وما يجدون خلقا لله يحول بينهم وبين القسطنطينة
ولا رومية.
قال: فيقول أميرهم يومئذ: لا غلول
اليوم، من أخذ شيئا فهو له. قال: فيأخذون ما خف عليهم ويذبحون ما ثقل عليهم. قال: فبينما
هم كذلك إذ جاءهم أن الدجال قد خلفكم في ذراريكم. قال: فيرضون ما في أيديهم ويقبلون.
قال: ويصيب الناس مجاعة شديدة حتى إن الرجل ليحرق وتر قوسه فيأكله، وحتى إن الرجل ليحرق
حجفته. - قال أبو حفص هو الترس - فيأكلها حتى إن الرجل ليكلم أخاه فما يسمعه صوته من
الجهد. قال: فبينما هم كذلك إذ سمعوا صوتا من السماء: أبشروا فقد أتاكم الغوث. قال:
فيقولون نزل عيسى بن مريم، قال: فيستبشرون ويستبشر بهم، ويقولون: صلّ يا روح الله،
فيقول: إن الله أكرم هذه الأمة فلا ينبغي لأحد أن يؤمهم إلا منهم. قال: فيصلي أمير
المؤمنين بالناس، قال: فأمير الناس يومئذ معاوية بن أبي سفيان، قال: لا، قال: ويصلي
عيسى خلفه، قال: فإذا انصرف عيسى دعا بحربته فأتى الدجال، فقال: رويدك يا دجال، يا
كذاب، قال: فإذا رأى عيسى عرف صوته ذاب كما يذوب الرصاص إذا أصابته النار، وكما تذوب
الألية إذا أصابتها الشمس. قال: ولولا أنه يقول رويدا لذاب حتى لا يبقى منه شيء. قال:
فيحمل عليه عيسى، قال: فيطعن بحربته بين يديه فيقتله، قال: قال وتفر جنده تحت الحجارة
والشجر، قال: وعامة جنده اليهود والمنافقون، قال: فينادي الحجر، يا روح الله هذا تحتي
كافر فاقتله. قال: فيأمر عيسى بالصليب فيكسر، وبالخنزير فيقتل، وتضع الحرب أوزارها
حتى إن الذئب ليرفعن إلى جنبه ما يغمز بها، قال: وحتى أن الصبيان ليلعبون بالحيات ما
تنهشم، قال: ويملأ الأرض عدلا، قال: فيبنما هم كذلك سمعوا صوتا، قال: فتحت يأجوج ومأجوج،
قال: وهو كما قال الله عز وجل {وهم من كل حدب ينسلون}، قال: فيفسدون الأرض كلها حتى
إن اوائلهم ليأتي النهر العجاج فيشربونه كله، وإن آخرهم ليقول: قد كان ههنا نهر، قال:
ويحاصرون عيسى ومن معه ببيت المقدس، ويقول: ما يعلم في الأرض يعني أحدا إلا قد أنخناه،
هلموا نرمي من في السماء، قال: فيرمون حتى ترجع إليهم سهامهم في نصولها الدم للبلاء،
فيقولون: ما بقي في الأرض ولا في السماء، قال: فيقولون، المؤمنون يا روح الله، ادع
عليهم بالفناء، فيدعو الله عليهم، فيبعث النغف في آذانهم، قال: فيقتلهم في ليلة واحدة،
قال: فتنتن الأرض كلها من جيفهم، قال: فيقولون: يا روح الله نموت من النتن، قال: فيدعو
الله فيبعث وابلا من المطر فجعله سيلا فيقذفهم كلهم في البحر، ثم يسمعون صوتا، فيقال
مه قيل غزا البيت الحصين، قال: فيسمعون حديثا فيجدون أوائل ذلك الجيش ويقبض عيسى بن
مريم، ووليه المسلمون، وغسلوه، وحنطوه، وكفنوه، وصلّوا عليه، وحفروا له، ودفنوه.
قال: فيرجع أوائل الجيش والمسلمون
ينفضون أيديهم من تراب قبره قال فلا يلبثون بعد ذلك إلا يسيرا حتى يبعث الله الريح
اليمانية، قال: قلنا، وما الريح اليمانية؟ قال: ريح من قبل اليمن، ليس على الأرض مؤمن
يجد نسيمها إلا قبضت روحه، قال: ويسرى على القرآن في ليلة واحدة ولا يترك في صدور بني
آدم ولا في بيتهم منه شيء إلا رفعه الله، قال: فيبقى الناس ليس فيهم نبي، وليس فيهم
قرآن، وليس فيهم مؤمن.
قال عبدالله بن عمرو: فعدهم أخفي علينا
قيام الساعة فلا يدري كم يتركون كذلك، كانت الصيحة، قال: ولم يكن صيحة قط إلا بغضب
من الله على أهل الأرض، قال: وقال الله تعالى {ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها
من فواق}، قال: فلا أدري كم يتركون كذلك).
رواه ابن عساكر في تاريخه بإسناد حسن".
قلت: هذا من رواية المبارك بن فضالة، عن
علي بن زيد بن جدعان! وهو شبيه بالرواية السابقة، وقد عرفنا حال ابن جدعان!! وظاهرٌ
أن الحديث فيه خلط كثير!! فيه أحاديث صحيحة مشهورة، وفيه نكارة واضحة!! فكيف يكون حسنا
على رأي حاكم المطيري؟!
تكرار حاكم حديث عوف بن مالك:
اعدد ستا.. الحديث برواية ضعيفة!
• ذكر ابن عبيسان (ص185): "باب: غدر الروم بالمسلمين
بعد فتح القسطنطينية ونقضهم لمعاهداتهم... عَنْ هِشَامِ بنِ يُوسُفَ، عَنْ عَوْفِ بنِ
مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: (اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: أَدْخُلُ كُلِّي أَوْ بَعْضِي؟
قَالَ: ادْخُلْ كُلُّكَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا مَكِيثًا،
فقال: يا عوف بن مالك، ست قبل الساعة: موت نبيكم صلى الله عليه وسلم، خذ إحدى، فكأنما
انتزع قلبي من مكانه، وفتح بيت المقدس، وموت يأخذكم تقعصون به كما تقعص الغنم؛ وأن
يكثر المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيسخطها، وفتح مدينة الكفر؛ وهدنة تكون بينكم
وبين بني الأصفر، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا فيكونون أولى
بالغدر منكم).
رواه
ابن أبي شيبة في المصنف بإسناد صحيح".
قلت:
هذا الحديث أورده حاكم لوجود لفظ: "وفتح مدينة الكفر" - يعني القسطنطينية!
والحديث
يرويه أحمد في «مسنده» (39/392) (23971)، وبحشل في «تاريخ واسط» (ص: 52) بنفس إسناد
مصنف ابن أبي شيبة عن يَزِيد بن هَارُونَ، عن سُفْيَان بن حُسَيْنٍ، عن عوف بن مالك.
وعندهما
بدل "وفتح مدينة الكفر": "ثُمَّ تَظْهَرُ الفِتَنُ"!
وإسناده
ليس بصحيح كما ادّعى حاكم المطيري!!
بل إسناد ضعيف!
هشام بن يوسف السلمي الحمصي، نزيل
واسط: مجهول الحال.
قال الدارمي: سَأَلت يحيى، قلت: سُفْيَان
بن حُسَيْن عن هِشَام بن يُوسُف، من هِشَام هَذَا؟ فقالَ: "لا أعرفهُ".
وذكره ابن حبان في «ثقاته»
(5/501)؛ لأنه لم يجد فيه جرحا.
والرواية منقطعة، فقد ذكر أبو حاتم
الرازي أن رواية هشام عن عوف مرسلة.
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»
(9/71): "هشام بن يوسف الشامي: روى عن عبد الله بن بسر، وروى عن عوف بن مالك،
مرسل. روى عنه: سفيان بن حسين، وهشيم بن بشير. سمعت أبي يقول ذلك".
• ذكر ابن عبيسان (ص186): "وعن عَبْدِالرَّحْمَنِ
بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: (بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ سِتٌّ: أَوَّلُهُنَّ مَوْتُ نَبِيِّكُمْ
صلى الله عليه
وسلم ثُمَّ
فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ فَتْحُ مَدِينَةِ الكُفْرِ، ثُمَّ مَوْتٌ كَقُعَاصِ
الْغَنَمِ، ثُمَّ يَرُدُّ الرَّجُلُ الْمِائَةَ دِينَارٍ سَخْطَةً، ثُمَّ هُدْنَةٌ
تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ يَكُونُونَ فِيهِ أَوْلَى بِالْغَدْرِ
مِنْكُمْ). رواه الداني في الفتن بإسناد حسن".
قلت: الحديث يرويه أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدالرَّحْمَنِ
بن عَبداللَّهِ بن مُحَمَّد بن عَبداللَّهِ بْن يَزِيدَ المقرئ، عن جده أبي يحيى مُحَمَّد
بن عَبد اللَّهِ بن يَزِيدَ المُقْرِئُ، عن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عن صفوان بن عمرو
السكسكي، عن عبد الرحمن بن جبير، به.
ولفظ: "ثم فتح مدينة الكفر"،
شاذ!!!
فقد روى هذا الحديث نعيم بن حماد في
«الفتن» (1/50) (72) عن بَقِيَّة بن الْوَلِيدِ، والحَكَم بن نَافِعٍ، وأَبي المُغِيرَةِ
عبد القدوس بن الحجاج، كلهم عَنْ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو، به.
وعندهم: "فِتْنَةٌ تَكُونُ فِي
أُمَّتِي".
وهي كذلك في الحديث المشهور عند البخاري
وغيره من طريق أبي إدريس الخولاني عن عوف: "ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ فِيكُمْ حَتَّى
لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ".
فلا يوجد في الحديث المحفوظ:
"ثم تفتح مدينة الكفر"!!!
وقال حاكم بن عبيسان في الحاشية: "هذا
الحديث والأحاديث التي قبله في شأن الهدنة مع الروم وغدرهم بالمسلمين، حدث عدة مرات،
وآخرها الصلح الآمن بين الخلافة العثمانية، والدول الأوربية وغدرهم بها وتآمرهم عليها
في الحرب العالمية الأولى، حيث جاءت جيوشهم من كل حدب وصوب؛ فالروس شمالا وبريطانيا
جنوبا من العالم العربي، وفرنسا غربا، حتى أسقطوها واحتلوا العالم الإسلامي كله".
قلت: الحديث يتحدث عن هدنة واحدة متوافقة
مع بقية الحديث، لكن حاكم هنا لما رأى في التاريخ أكثر من هدنة حمل الحديث على أن الهدنة
حدثت عدة مرات! وهذا مردود!!!
حديث المستورد بن شداد: إن أشد
الناس عليكم الروم.. الحديث، وشيء من تناقض حاكم!
• ذكر ابن عبيسان (ص186): "باب: الصـراع مع الروم
على القسطنطينية إلى قيام الساعة.. عن المُسْتَوْرِد بن شداد - رضي الله عنه - صاحب
النبي صلى الله عليه وسلم قَال وهو عِنْدَ عَمْرِو بنِ الْعَاصِ رضي الله عنه: (سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إن أَشَدّ النَّاسِ عَلَيْكُمُ الرُّومُ، إِنَّمَا
هَلَكَتُهُمْ مَعَ السَّاعَةِ"، فَقَالَ لَهُ عَمْرو بن العاص: أَلَمْ أَزْجُرْكَ
عَنْ هَذَا الحديث!). رواه أحمد والبيهقي في دلائل النبوة بإسناد حسن، كما قال الهيثمي
والسيوطي والمناوي، قال الهيثمي في المجمع: (رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه
حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.) قال البيهقي: (لعله إذ كان صحيحا إنما زجره عن روايته
لئلا يعرض المسلمون عن قتالهم، فإن الذي تدل عليه الأحاديث إنما أراد القسطنطينية...عن
يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك، قال: كان يقال: فتح القسطنطينية مع الساعة".
قلت: الحديث يرويه ابنُ لَهِيعَةَ،
عن الحَارِث بن يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرٍ، عن المستورد.
وابن لهيعة ضعيف لا يحتج به، وحديثه
ليس بحسن كما قال الهيثمي وتبعه حاكم المطيري!!
وأخرجه ابن عبد الحكم في «فتوح مصـر»
(ص261) من طرق عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وفيه: "إن أشد الناس عليكم بنو أختكم
بسمة بنت إسماعيل الروم..". وبسمة بنت إسماعيل تزوجها عيص بن إسحاق.
وهذا الحديث يخالف الحديث الآتي الذي
ذكره المطيري نفسه! ولا أدري لم ذكره؟!!
وأظهر دليل على أن حاكم بن عبيسان
مدلس صاحب هوى؛ أنه ضعف حديثا في منع الخضاب بالسواد وجعل علة ضعفه ابن لهيعة!
فقال في بحثه «الإسـعـــاد فـي نقد أحاديث الخضاب بالسواد»(18): "رواه سعد بن إسحاق عن أنس
مرفوعًا: «غيروا الشيب، ولا تقربوا السواد». وقد تفرد بروايته ابن لهيعة عن خالد بن
أبي عمران عن سعد، به. وفيه ثلاث علل:
أ ) ضعف عبدالله بن لَهِيعة.
ب) وعنعنته وهو مشهور بالتدليس، وقد
ذكره ابن حجر في المرتبة الخامسة، وهي أضعف المراتب، وهم من جمعوا مع ضعفهم التدليس،
فلا يقبل ما صرحوا فيه بالسماع حتى يتابعوا إن كان ضعفهم خفيفًا.
ج) وتفرده بهذا الإسناد وهذا اللفظ،
وهو من مناكيره فلا يصلح متابعًا لمنكر مثله، ولا يتقوى أحدهما بالآخر."
انتهى كلام ابن عبيسان.
(18) على هذا الرابط:
http://www.dr-hakem.com/Portals/Content/?info=TlRRMkpsTjFZbEJoWjJVbU1RPT0rdQ==.jsp
وقال ابن عبيسان في رده على
الجهمي حمد العثمان (ص:46)، في معرض رده على تحسين حمد العثمان لحديث
"السلطان ظل الله في الأرض" ومناقشة ابن عبيسان للألباني: "بقي أن كلام
الشيخ الألباني هنا فيه نظر وهو أن هذا الإسناد الذي فيه ابن لهيعة لا يصلح متابعا
بأي حال من الأحوال لأن ابن لهيعة مع سوء حفظه واختلاط حديثه عنعنه هنا وهو مشهور بالتدليس
لا تقبل منه العنعنة حتى يصرح بالسماع" انتهى كلام ابن عبيسان
فحين يخالف حديثُ ابن لهيعة هوى
حاكم يصبح ضعيفا مدلسا لا يقبل تفرده ولا عنعنته!! وحين يوافق هواه الأردوغاني
التركي يصبح حديثه حسنا..!! وصدق الله {ويل لكل أفاك أثيم}.
حديث المستورد بن شداد: تقوم الساعة
والروم أكثر الناس.. الحديث:
• ذكر ابن عبيسان (ص187): " وروى مسلم في صحيحه
:(قَالَ المُسْتَوْرِدُ الْقُرَشِيُّ، عِنْدَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ» فَقَالَ
لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِـرْ مَا تَقُولُ، قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ
صلى الله عليه
وسلم،
قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ
النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوْشَكُهُمْ
كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ
حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ المُلُوكِ). وفي رواية لمسلم: (فَبَلَغَ
ذَلِكَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تُذْكَرُ
عَنْكَ أَنَّكَ تَقُولُهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ: قُلْتُ
الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَقَالَ عَمْرٌو: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ
النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَجْبَرُ النَّاسِ عِنْدَ مُصِيبَةٍ، وَخَيْرُ النَّاسِ
لِمَسَاكِينِهِمْ وَضُعَفَائِهِمْ).
قلت: الحديث يدل على أن الروم هم أكثر الناس
إلى قيام الساعة، ولا أدري ما دخل هذا بفضائل اسطنبول..!!
وقوله في الحاشية: "رواية مسلم
تؤكد أن المستورد بن شداد كان يحدث بأحاديث كثيرة سمعها من النبي صلى الله عليه
وسلم في شأن الروم، ومنها أنهم أشد الأمم على أهل الإسلام إلى قيام الساعة في الحروب،
وهذا المعنى متواتر كما مر فيما سبقه من أحاديث عن القتال مع الروم وفيه إشارة إلى
كثرة دخولهم الإسلام بعد فتح القسطنطينية، ثم فتح روما".
قلت: هذا الاستدلال ليس بصحيح، ولا دليل
عليه! كل ما للمستورد في هذا الباب هذا الحديث على أن هناك من أهل العلم من تكلم في
تفرد مُوسَى بن عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ المُسْتَوْرِدِ بنِ شَدَّادٍ الفِهْرِيٍّ!
وإسناد مسلم الآخر تكلم فيه الدارقطني!
وهو إسناد أَبي شُرَيْحٍ، عن عَبْد
الكَرِيمِ بن الحَارِثِ، عن المُسْتَوْرِد القُرَشِيّ.
قال الدارقطني في «الإلزامات والتتبع»
(ص 308): "عبد الكريم لم يدرك المستورد، ولا أدركه أبوه الحارث بن يزيد، والحديث
مرسل"(19).
(19) والإلزامات
والتتبع للدارقطني ليسا مجهولين عند ابن عبيسان، فقد جعل أهم حججه في تضعيف حديث «لا
تبدؤوهم بالسلام» طعن الدارقطني في رواية سهيل بن أبي صالح، ولكنه الانتقاء
المتهالك والهوى الأعمى!!!
أثر جابر بن عبدالله: يوشك أهل
العراق.. الأثر:
• ذكر ابن عبيسان (ص189): "باب: البشارة بعودة
الخلافة بعد حصار الروم الشام والعجم العراق.. عَنْ أَبِي نَضْـرَةَ، قَالَ: كُنَّا
عِنْدَ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه فقال: (يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ
لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ:
مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ، يَمْنَعُونَ ذَاكَ، ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الشَّأْمِ
أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلَا مُدْيٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ:
مِنْ قِبَلِ الرُّومِ، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ
حَثْيًا، لَا يَعُدُّهُ عَدَدًا). رواه مسلم في صحيحه وابن حبان والحاكم في صحيحيهما".
وقال في الحاشية: "وهذا الحديث من المعجزات النبوية الخبرية التي لم تحدث إلا
في هذه المحنة التي يعيشها العراق والشام، منذ احتلالهما وحصارهما من الحملة الأمريكية
الروسية الصليبية والإيرانية الصفوية وحتى هذه الأيام! وقد حدد النبي صلى الله
عليه وسلم أطراف الحصار (العجم - إيران) و(الروم - أمريكا وروسيا) والبلدين المحاصرين
(العراق والشام) ثم بشـر بعد هذه المحن العظيمة بالفتح والفرج وبالخليفة الذي يحثو
المال حثوا، بعد الحصار الشديد الذي تعرض له المسلمون في هذين البلدين، وستعود الخلافة
من جديد كما بشـر بها النبي صلى الله عليه وسلم وتواترت بذلك الأخبار!".
قلت: هذا هو الحديث الأربعين في فضائل
حاكم!! ولا علاقة له بإسطنبول ألبتة!! ومسألة الحصار على المسلمين كانت
وستكون، وأخشى أن يكون متعلق حاكم بن عبيسان بالحديث أن يفترض أن الخليفة الذي
سيحثو المال هو صاحبه أردوغان!! فبعد هذه المصائب والطوام التي أتى بها حاكم لا
أستبعد أن يهذي بذلك!
الخلاصة
اعلم رَحمك الله أن التصنيفَ
أنواع:
فأعلاه ما كان خالصا لله سبحانه
وتعالى، لا من أجل مصالح دنيوية أو لدعم فرقة ما أو حزب ما!!
فماذا يفرق هذا عمن كان يكذب في
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم!! بل أؤلئك لما سئلوا عن سبب وضعهم للحديث
قالوا: كذبنا له لا عليه!! لما أرادوا أن يشجعوا الناس على الطاعات فرغّبوا
ورهّبوا لكن بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم!
والآن نجد بعض المنتسبين للعلم
يستغلُ قواعدَ أهل الحديث وخاصة في التصحيح والتضعيف فيصحح الأحاديث الضعيفة
والواهية والمنكرة من أجل حبه لرجل ما أو لبلد ما!!!
فيدلس ويلبس بل ويكذب لأنه استغل
هذا فيما أراده والله المستعان!!
وكان هدفنا في هذا التصنيف هو
بيان كذب وتدليس وتلبيس دكتور الحديث «حاكم عبيسان المطيري الكويتي» صاحب ما يسمى بحزب
الأمة!! فيما كتبه حول هذه الكذبة الجديدة التي سماها: «الأربعون المتواترة في فضائل
أسطنبول الفاخرة»!!
فلم يكتفِ بجمع الأربعين بل حكم
عليها بأنها متواترة!!
فهل بعد هذا العمى عمى؟!!
وقد سبق - بحمد الله - أن رددت عليه
في بعض التغريدات القديمة ونصحته أن لا يستغل ما تعلمه مِن علم الحديث في التلبيس والتدليس
من أجل تركيا وأردوغان.
وجاء هذا الكتاب في بيان منهجِ
حاكم في كتابه، وتناقضِه واضطرابِه فيه، وإلزامِه بكلامه الذي ذكره في بحوثه
الأخرى حتى لا يظننّ ظانٌّ أننا نفتري عليه!!! لأنه قد ينازعنا البعض في أن مسألة
التصحيح والتضعيف مسألة اجتهادية، وهو يرى صحة هذه الأحاديث!!
ولهذا ألزمناه بأقواله الأخرى في
غير هذا الكتاب، ثم بينا أنه لو صحت هذه الأحاديث لما كان فيها الدلالة على ما
أراد حاكمُ من كتابه وهو قابع في تركيا في مدينة أسطنبول التي حاول أن يرقع لها
فضائلَ وينسبُها لحبيبنا صلى الله عليه وسلم وهو منها براء!!!
وكان من منهجه في كتابه
وتناقضاته:
أولًا: تدليسُه وتلبيسُه!
ومن ذلك أنه يذكر رواية ما عن
راو، ثم يعيد الرواية نفسها ويقول: وفي رواية أخرى!! والرواية هي هي!
ومن تدليسه عدم إظهار العلة لما
يورده!!
ثانيًا: احتجاجُه بشيء مُفترض
لتأييد رأيه، وإخفاءُ الشيء الصريح عن ذلك الذي احتج به لمخالفته رأيه!
فمن عادته أنه ينقل موافقة الذهبي
إذا احتاج لتكثير أقوال أهل العلم مع عدم التسليم بأن الذهبي يوافق الحاكم في أحكامه،
ويخفي كلام الذهبي الصريح في تعقب الحاكم!!!
ثالثًا: إعراضُه عن رواة في بعض
الأحاديث متفق على نكارة حديثهم!
رابعًا: احتجاجُه بأقوال الهيثمي إذا
أراد الانتصار لرأيه! وإخفاؤه لها إذا كان يخالفه!!
خامسًا: احتجاجُه بأحكام بعض
المتأخرين إذا وافق هواه! والإعراض عنها إذا لم توافق هواه في بحوثه الأخرى!
سادسًا: احتجاجُه ببعض الرواة
الضعفاء وتصحيحُه لحديثهم إذا وافق هواه! وتضعيفُهم في بحوث أخرى له!!
سابعًا: احتجاجُه بالحديث المرسل!
يستشهد حاكم ويحتج بالمرسل في بحثه
هذا، مع أنه في بحوث أخرى له كحديث الجساسة يرد المرسل، ورد حديث أنس في الافتراق بعلة
الإرسال!
ثامنًا: قبوله لحديث المجهول ومحاولته
رفع الجهالة عنه!
تاسعًا: احتجاجه برواية كعب الأحبار
وابن امرأته تُبيعٍ الحميري وهما يرويان المناكير!!
عاشرًا: احتجاجه ببعض الزيادات
الشاذة في بعض الأحاديث وتصحيحها!!!
أحد عشر: حملُه الأحاديث على غير
المعنى المعروف لإسقاطها على تركيا ومحمد الملقّب بالفاتح!!!
ثاني عشر: كل ذكر للروم في الأحاديث
يُقحم فيها لفظ «القسطنطينية»!! – حتى استحق لقب: «مجنون إسطنبول»!
والخلاصة أنه قد تبين للقارئ الناظر بعين
الإنصاف، المتجنب الحيف والاعتساف، مقام حاكم بن عبيسان في علم الحديث، وأنه لا
يميز فيه بين سمين وغثيث، ويزين بتدليسه كل منكر وخبيث، ولن يخرج من ورطته ولو
صاح: المغيث المغيث..
فضلا عما بدا من جهل ظاهر بالنقد
والتعليل، والمشـي على مسلك ظواهر الأسانيد العليل، مع التناقض في الأحكام، واتباع
المَيْنِ لتلميع الطغاة والحكام، واعتماده على تصحيحات من أسقط أقوالهم في غير هذا
المقام، كالسيوطي والمناوي والهيثمي والحاكم، فبان أنه ليس له من اسمه نصيب وإن
سمي "حاكم"!!
وقد تجلى قبوله لحديث المجهول والمنكر
والضعيف باتباع المدرج الوضيع، والاحتجاج بأثار أهل الكتاب ككعب الأحبار وابن
امرأته تبيع.!
مع إعراض مقصود عن أقوال النقاد،
وأئمة الفن والإسناد، هذا ما لم توافق الهوى الظاهر، فتسوقه إلى الحظ العاثر.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
وكتب: أبو صهيب خالد بن محمود الحايك
20 صفر 1440هـ
أطراف
الأحاديث الواردة في كتاب حاكم عبيسان المطيري مرتبة حسب ورودها في كتابه وبيان
حكمها:
1-
عن رجل من خثعم: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فوقف ذات ليلة،
واجتمع عليه أصحابه؛ فقال: إن الله أعطاني الليلة الكنزين: كنز فارس والروم، وأمدني
بالملوك: ملوك حمير الأحمرين...»: منكر - استنكره أبو حاتم وإسناده مجهول.
2-
عن راشد بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى
وَعَدَنِي فَارِسَ والروم، ثُمَّ نِسَاءَهُمْ أَبْنَاءَهُمْ وَلَأْمَتَهُمْ وَكُنُوزَهُمْ..»:
مرسل ضعيف.
3-
عن عبدالله بن حوالة: «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ
الْفَقْرَ وَالْعُرْي وَقِلَّةَ الشَّيْءِ...»: ضعيف.
4-
عن ابن عباس: «احْتَفَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الخَنْدَقَ وَأَصْحَابُهُ قَدْ شُدُّوا الحِجَارَةَ
عَلَى بُطُونِهِمْ مِنَ الْجُوعِ...»: ضعيف.
5-
عن أبي قبيل عن عبدالله بن عمرو بن العاص: «أَيُّ المَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا:
الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟...»: منكر.
6-
عن عبدالله بن عمرو: «تفتحون القسطنطينيّة، ثم تغزون بعثاً إلى رومية؛ فيفتح الله عليكم...»:
منكر.
7-
عن أبي ثعلبة الخُشني: «واللهِ لَا تَعْجِزُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ
إِذَا رَأَيْتَ الشَّامَ مَائِدَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ...»: مرسل
ضعيف.
8-
عن سعد بن أبي وقاص: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تَعْجِزَ أُمَّتِي عِنْدَ رَبِّي أَنْ
يُؤَخِّرَهُمُ نِصْفَ يَوْمٍ...»: منقطع ضعيف.
9-
عن حذيفة بن اليمان: «لا تفتح القسطنطينية حتى تفتح القريتان: نيقية وعمورية»: مرسل
ضعيف.
10-
عن كعب الأحبار: «فِي فَتْحِ رُومِيَّةَ يَخْرُجُ جَيْشٌ مِنَ المَغْرِبِ بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ
لَا يَنْكَسِـرُ لَهُمْ مِقْذَافٌ...»: منكر من كلام كعب.
11-
عن تُبيع اليماني: «إِذَا رَأَيْتَ الجَزِيرَةَ الَّتِي بِالفُسْطَاطِ بُنِيَ فِيهَا
سُفُنٌ، أَوْ قَالَ: سَفِينَةٌ، خَشَبُهَا مِنْ لُبْنَانَ...»: منكر من كلام
تُبيع الحميري.
12-
عن الواقدي: «آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي أيوب وبين مصعب بن عُمير...»:
باطل منكر.
13-
عن أبي أيوب الأنصاري: «إِذَا أَنَا مُتُّ فَاحْمِلُونِي فَإِذَا صَافَقْتُمُ الْعَدُوَّ
فَادْفِنُونِي تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ...»: ضعيف.
14-
عن أبي سعيد المعيطي: «إن أهل القسطنطينية قالوا ليزيد ومن معه: ما هذا ننبشه غدا!
قال يزيد: ذا صاحب نبينا...»: منكر.
15-
عن عُمَارَة بن غَزِيَّةَ: «دَخَلَ أَبُو أَيُّوبَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَمَعَهُ رَجُلَانِ
مِنْ قُرَيْشٍ فَأَمَرَ لَهُمَا بِجَائِزَةٍ وَفَضَّلَ القُرَشِيِّيْنَ عَلَى أَبِي
أَيُّوبَ...»: منقطع ضعيف.
16-
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: «شَهِدَ أَبُو أَيُّوبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم بَدْرًا، ثُمَّ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ غَزَاةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا
هُوَ فِيهَا إِلَّا عَامًا وَاحِدًا...»: مرسل ضعيف.
17-
عن عَاصِم ابن بَهدلة، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: «أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ قَالَ
لِيَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ: أَقْرِئِ النَّاسَ مِنِّي السَّلامَ
وَلْيَنْطَلِقُوا بِي فَلْيَبْعُدُوا مَا اسْتَطَاعُوا...»: مرسل ضعيف.
18-
عن إبراهيم بن ميسـرة: «غزا أبو أيوب المدينة، قال: قلت: القسطنطينية؟ قال: نعم، قال:
فمر بقاص يقص وهو يقول: إذا عمل العبد العمل في صدر النهار عرض على أهل معارفه من أهل
الآخرة من آخر النهار...»: مرسل ضعيف.
19-
عن بِشْـر بن عَبْدِاللَّهِ بنِ يَسَارٍ: «كَانَ عَبْدُاللَّهِ بنُ بُسْـرٍ صَاحِبُ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ بِأُذُنِي وَيَقُولُ: يَا ابْنَ أَخِي إِنْ أَدْرَكْتَ فَتْحَ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَلَا تَدَعْ أَنْ تَأْخُذَ بِحَظِّكَ مِنْهَا»: ضعيف
غريب.
20-
عن بِشْـر الخَثْعَمِيّ، عن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ،
فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الجَيْشُ ذَلِكَ الجَيْشُ...»: ضعيف.
21-
عن كعب: «أمير الجيش الذي يفتح القسطنطينية ليس بسارق، ولا زان، ولا غال»: منكر،
من كلام كعب.
22-
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عَمْرٍو: «يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ اسْمِي»:
منكر.
23-
عن أبي هريرة: «لا تذهب الليالي والأيام حتى يغزو الغازي رومية، فيقفل إلى القسطنطينية...»:
في ثبوته نظر.
24-
عن أبي هريرة: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُفْتَحَ مَدِينَةُ قَيْصَـرَ أَوْ هِرَقْلَ،
وَيُؤَذِّنُ فِيهَا المُؤَذِّنُونَ...»: ضعيف.
25-
عن أبي هريرة: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مَدِينَةَ هِرَقْلَ، أَوْ قَيْصَـرَ، وتَقْتَسِمُونَ
أَمْوالَهَا بِالتِّرَسَةِ...»: ضعيف.
26-
عن كعب: «تَفْتَحُونَ مَدِينَةَ الكُفْرِ بِالتَّكْبِيرِ...»: منكر، من كلام
كعب.
27-
عن عَبْداللَّهِ بن عَمْرِو بنِ العَاصِ: «إِنَّكُمْ سَتَغْزُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ
ثَلَاثَ غَزَوَاتٍ، فَأَمَّا أَوَّلُ غَزْوَةٍ فَتَكُونُ بَلَاءً...»: ضعيف
منكر.
28-
عَنْ كَعْب الأحبار، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ
شَدِيدٍ}: «الرُّومُ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ»: منكر منقطع، من كلام كعب.
29-
عَنْ كَعْبٍ: «لَوْلَا ثَلَاثٌ لَأَحْبَبْتُ أَلَّا أَحْيَا: إِحْدَاهُنَّ المَلْحَمَةُ
العُظْمَى...»: منكر من كلام كعب.
30-
عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ سَنَّةَ الأنصاري، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي
نَفْسـِي بِيَدِهِ لَيَأْرِزَنَّ الْإِيمَانُ إِلَى مَا بَيْنَ المَسْجِدَيْنِ...»:
منكر ضعيف.
31-
عن عَوْفَ بنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ: «أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فِي فَتْحٍ لَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: هَنِيئًا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
قَدْ أَعَزَّ اللَّهُ نَصْـرَكَ وَأَظْهَرَ دِينَكَ وَوَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا
بِجِرَانِهَا...»: ضعيف.
32-
عن عمرو المزني: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ:
سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا تَأْخُذُهُمْ
فِي اللهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ حَتَّى تَسْتَفْتِحونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ بِالتَّكْبِيرِ
وَالتَّسْبِيحِ»: ضعيف منكر.
33-
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ: «يَكُونُ عَلَى الرُّومِ مَلِكٌ لَا يَعْصُونَهُ
- أَوْ لَا يَكَادُونَ يَعْصُونَهُ -، فَيَجِيءُ حَتَّى يَنْزِلَ بِأَرْضِ كَذَا وَكَذَا...»:
ضعيف منقطع.
34-
عن عَبْداللَّهِ بن سَلَامٍ: «إِنْ أَدْرَكَنِي هَذَا الْقِتَالُ وَأَنَا مَرِيضٌ فَاحْمِلُونِي
عَلَى سَرِيرِي حَتَّى تَجْعَلُونِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ»: ضعيف
منقطع.
35-
عَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ: «بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَرَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، إِذْ مَرَرْتُ فَسَمِعَ صَوْتِي...»: منكر
منقطع.
36-
عن عوف بن مالك: «فُسْطَاطُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ فِي أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: الْغُوطَةُ
فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ»: زيادة منكرة.
37-
عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم: «يَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الرُّومِ هُدْنَةٌ عَلَى
أَنْ يَبْعَثَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا يَكُونُ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ
غَوْثًا لَهُمْ، فَيَأْتِيهِمْ عَدُوٌّ مِنْ وَرَائِهِمْ يُقَاتِلُونَهُمْ...»: ضعيف
منقطع.
38-
عن أبي هريرة: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أو
بِدَابِقٍ»: ضعيف.
39-
عن عبدالله بن مسعود: «وَيْحَكَ إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ... وَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى
إِنَّ بَنِي الْأَبِ، كَانُوا يَتَعَادُّونَ عَلَى مِائَةٍ فَيُقْتَلُونَ حَتَّى لَا
يَبْقَى مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَأَيُّ مِيرَاثٍ يُقْسَمُ بَعْدَ هَذَا وَأَيُّ
غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ بِهَا، ثُمَّ يَسْتَفْتِحُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ،
فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْسِمُونَ الدَّنَانِيرَ بالترسة...»: زيادة شاذة.
40-
عن معاذ بن جبل: «عُمْرَانُ بَيْتِ المَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ
خُرُوجُ المَلْحَمَةِ...»: منكر.
41-
عن مُعَاذ بن جَبَلٍ، عن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المَلْحَمَةُ
العُظْمَى وَفَتْحُ القُسْطَنْطِينِيَّةِ وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ»:
ضعيف، أصله من كلام كعب الأحبار.
42-
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عَمْرٍو: «مَلَاحِمُ النَّاسِ خَمْسٌ، فَثِنْتَانِ قَدْ مَضَتَا،
وَثَلَاثٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ: مَلْحَمَةُ التُّرْكِ، ومَلْحَمَةُ الرُّومِ، ومَلْحَمَةُ
الدَّجَّالِ، لَيْسَ بَعْدَ مَلْحَمَةِ الدَّجَّالِ مَلْحَمَةٌ»: منكر.
43-
عن حذيفة بن اليمان: «فُتِحَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتْحٌ لَمْ يُفْتَحْ لَهُ مِثْلُهُ
مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَقُلْتُ لَهُ: يَهْنِيكَ الْفَتْحُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ، قَدْ وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، فَقَالَ: «هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ...»:
مرسل ضعيف.
44-
عن عبدالله بن مسعود: «يَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الرُّومِ هُدْنَةٌ وَصُلْحٌ
حَتَّى يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ عَدُوًّا لَهُمْ، فَيُقَاسِمُونَهُمْ غَنَائِمَهُمْ...»:
ضعيف منكر.
45-
عَنْ كَعْب الأحبار: «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَلْحَمَةَ فَسَمَّى
الْمَلْحَمَةَ مِنْ عَدَدِ الْقَوْمِ، وَأَنَا أُفَسِّـرُهَا لَكُمْ، إِنَّهُ يَحْضُـرُهَا
اثْنَا عَشَـرَ مَلِكًا، مَلِكُ الرُّومِ أَصْغَرُهُمْ وَأَقَلُّهُمْ مَقَاتِلَةً...»:
منكر.
46-
عن كَعْبٍ: «إِنَّ أُمَّةً تُدْعَى بِالنَّصْـرَانِيَّةِ فِي بَعْضِ جَزَائِرِ الْبَحْرِ
تُجَهِّزُ أَلْفَ مَرْكَبٍ فِي كُلِّ عَامٍ، فَيَقُولُونَ: ارْكَبُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَإِنْ لَمْ يَشَأْ...»: منكر.
47-
عن عبدالله بن عمرو: «يُوشِكُ أَنْ يَخْرُجَ ابْنُ حَمَلِ الضَّأْنِ! قُلْتُ: وَمَا
حَمَلُ الضَّأْنِ؟ قَالَ رَجُلٌ: أَحَدُ أَبَوَيْهِ شَيْطَانٌ يَمْلِكُ الرُّومَ يَجِيءُ
فِي أَلْفِ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ خَمْسِ مِائَةِ أَلْفٍ فِي البَرِّ...»: منكر.
48-
عنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ: «اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ:
أَدْخُلُ كُلِّي أَوْ بَعْضِي؟ قَالَ: ادْخُلْ كُلُّكَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ
يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا مَكِيثًا، فقال: يا عوف بن مالك، ست قبل الساعة: موت نبيكم صلى
الله عليه وسلم، خذ إحدى...، وفتح مدينة الكفر؛ وهدنة تكون بينكم وبين
بني الأصفر...»: زيادة شاذة.
49-
عن المستورد بن شداد: «إن أَشَدّ النَّاسِ عَلَيْكُمُ الرُّومُ، إِنَّمَا هَلَكَتُهُمْ
مَعَ السَّاعَةِ»: ضعيف.
شاركنا تعليقك