سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (33).
قولُ النُّقاد: «لا يَسْتَخِفُّه» و«لا يَسْتَمْرِئُه»!
وقول أَحمد: «وَبَلغنِي أَن سعيدًا كَانَ لَا يستخف أَصْحَاب
أَيُّوب، فَكَانَ إِذا حَدثهمْ يَقُول: ذكره قَتَادَة، ذكره فلَان»!
مصطلح «لا يَسْتَخِفُّه» و «لا يَسْتَمْرِئُه»!
هل الصواب فيما
ينقله الإمام أحمد عن رأي يحيى القطان في بعض الرواة: «لا يَسْتَخِفُّه» أو «لا يَسْتَمْرِئُه»؟!
كنت قد عَرضت
لتحقيقات بعض المعاصرين لبعض الكتب، وأشرت إلى كلام للإمام أحمد اختصرته من أصل
بحث عندي حول ما ينقله عن رأي يحيى القطان في بعض الرواة، وأنه حصل في بعض
النقولات تصحيف، لكن اعترض على ذلك أحد الإخوة - جزاه الله خيراً - وزاد العيار في
عنوانه حيث قال: "مباحثة لصاحبنا الحايك وفقه الله في دعوى وقوع تصحيف في
كلام الإمام أحمد رحمه الله"، وأتى ببعض العبارات الأخرى وخلص إلى أن الإمام
أحمد نوّع في العبارة، وأنه لم يحصل أي تصحيف فيما نُقل عنه، وأن كلا اللفظين
صحيح، ويحملان على الذمّ!
فأحببت التفصيل
في ذلك - رغم الانشغال - وبيان الصواب الذي نراه بالأدلة إن شاء الله.
قال عبدالله بن
أحمد في «العلل» (2/38) (1482) عن أبيه قال: "كَانَ يحيى بن سعيد لَا يستخف
هماماً".
هكذا وقع في أصل
المخطوط الوحيد لهذا الكتاب: "يستخف"! وكذا هو في المطبوع.
وكذا في «ضعفاء
العقيلي» (4/369) (وطبعة السرساوي: 6/306): حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: "كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ لَا يَسْتَخِفُّ
هَمَّامًا. حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: ما رَأَيْتُ
يَحْيَى بنَ سَعِيدٍ أَسْوَأَ رَأْيًا فِي أَحَدٍ مِنْهُ فِي حَجَّاجِ بنِ
أَرْطَاةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، وَلَيْثٍ، وَهَمَّامٍ، لَا يَسْتَطِيعُ
أَحَدٌ أَنْ يُرَاجِعَهُ فِيهِمْ".
وفي «مسائل أحمد -
رواية إسحاق بن إبراهيم ابن هانئ» (2251): وسمعته يقول: "قال عبدالرحمن بن
مهدي: همام عندي في الصدق مثل سعيد. وكان يحيى لا يستخف همامًا".
وفي مطبوع كتاب
ابن المِبرد «بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم» (ص: 165): "وقال
أحمد بن حنبل: كان يحيى بن سعيد لا يستخف هماماً، وما رأيت يحيى أسوأ رأياً في أحد
منه في حجاج بن أرطاة ومحمد بن إسحاق، وهمام لا يستطيع أحد أن يراجعه فيهم.
وفي رواية ابن
إبراهيم: سمعته يقول: قال عبدالرحمن بن مهدي: همام عندي في الصدق مثل سعيد، وكان
يحيى لا يستخف هماماً، وسمعته يقول: همام وأبو هلال أحب إلي من حماد".
هكذا في أصل
مخطوط كتاب عبدالله، وهكذا في كتاب العقيلي، وكذا نقل ابن المبرد عن عبدالله، وعن
ابن هانئ كما في المطبوع!
ورواه ابن عدي في
«الكامل» (10/380) [ط. السرساوي] قال: حَدثنا ابن حماد، قال: حَدَّثني عَبدالله بن
أحمد، عن أبيه، قال: "كان يحيى بن سعيد لا يستمرئ هماماً".
وكذا هو في
«مختصر الكامل» لابن منظور (ص: 790): "وَقَالَ أَحْمد: كَانَ يحيى بن سعيد
لَا يستمرئ همام بن يحيى".
وكذا نقله المزي
في «تهذيب الكمال» (30/307): "وَقَال عَبدالله بن أحمد بن حنبل، عَن أبيه:
كَانَ يَحْيَى بن سَعِيد لا يستمرئ هماماً".
وقال ابن كثير في
«التكميل في الجرح والتعديل» (2/14): "وقال أحمد: كان يحيى لا يستمرئ به".
فكلّ هذا أصله من
كتاب عبدالله، فنقل العُقيلي: "لا يستخف"، وابن عدي: "لا
يستمرئ"، وما بين أيدينا من كتاب عبدالله نسخة وحيدة فيها الكثير من
التصحيفات والتحريفات! وكذا في كثير من نسخ كتاب العقيلي!
ويبدو أن التصحيف
في هذه اللفظة من قديم!
وعليه فلا نستطيع
أن نقول إن كلا اللفظين صحيح كما قال بعضهم؛ لأن المصدر واحد!
فعبدالله نقل عن
أبيه أحد اللفظين! وقد رجّحت أن هذا اللفظ «لا يستمرئ»، واللفظ الآخر مُصحّف!
ولم يقبل الأخ
المُعترِض هذا، فاعتمد ما في أصل علل عبدالله الموجود من رواية القطيعي، وما نقله
عنه العقيلي، وقال: "فهذان اثنان القطيعي والعقيلي رواياه عن عبدالله بن أحمد.
قال الحاكم في
المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم (73): همام بن يحيى احتجا به جميعًا.
قال أحمد بن حنبل:
كان يحيى بن سعيد لا يَسْتَخِّفُ همامًا.
قلت: وهذا نقل عن
حافظ يوافق ما رواه عبدالله.
ورواه ابن عدي في
الكامل (17760): ثنا ابن حماد، ثني عبد الله بن أحمد، عن أبيه، قال: كان يحيى بن
سعيد لا يستمرئ هماماً.
قلت: ابن حماد هو
محمد بن أحمد بن حماد الدولابي حافظ وروايته هذه توافق رواية القطيعي والعقيلي عن
عبد الله في معناها فلا يستخف ولا يستمرئ بمعنى، وإن كان من ترجيح فرواية الاثنين
أصح وتكون رواية الدولابي بالمعنى ويؤكد هذا أن إبراهيم بن هانئ الحافظ تابع عبد
الله بن أحمد على اللفظ الأول فرواه في مسائل أحمد (2251) قال: وسمعته يقول: قال
عبد الرحمن بن مهدي: همام عندي في الصدق مثل سعيد. وكان يحيى لا يستخف همامًا.
وقد نقل هذين
القولين ابن المبرد في بحر الدم (ص: 165): وقال أحمد بن حنبل: كان يحيى بن سعيد لا
يستخف هماما وما رأيت يحيى أسوأ رأيا في أحد منه في حجاج بن أرطاة ومحمد بن إسحاق،
وهمام لا يستطيع أحد أن يراجعه فيهم.
وفي رواية ابن
إبراهيم: سمعته يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: همام عندي في الصدق مثل سعيد، وكان
يحيى لا يستخف هماما.
والأقرب: «لا
يستخف» فقد اتفق عليها القطيعي والعقيلي عن عبدالله ووافق عبدالله عليها ابن هانئ
وقد نقلت عنه أن أحمد استخدم هذا اللفظ فيما يراه القطان حول بعض الرواة"
انتهى.
وكنت قلت في تعليق
لي: "وما جاء في مطبوع ابن هانئ الظاهر أنه مصحف أيضا، فيحتاج الأمر الرجوع
لأصل المخطوط".
فعلّق الأخ
بقوله: "قلت: هذه دعوى كالتي قبلها وما جاء في مطبوع ابن هانئ محفوظ مثل ما
جاء عن عبدالله وقد نقله عن ابن هانئ ابن المبرد في بحر الدم ولو عكسنا عليه الأمر
لكان أصح فإن قوله: «لا يستمرئ» لم ترد إلا في مصدر يتيم وهو أولى بالتصحيف ومع
هذا لا أقول به وأقول: بل هو رواية بالمعنى إذ اللفظان متفقان لا تعارض بينهما".
ثم قال: "وخلاصته
أن ما ورد في كتاب العلل وكتاب العقيلي صحيح محفوظ لا خطأ فيه ولا وهم، والله أعلم"
انتهى.
أقول:
الأخ - غفر الله
له - لا زال ينقل من كتب نقلت عن كتب! ويُرجّح بحسب ذلك دون النظر إلى المعنى
والحال!
فهو قد قرر أن ما
في أصل النسخة الموجودة من كتاب عبدالله صحيح! وكذا ما في كتاب ابن هانئ! مع أن
مخطوط ابن هانئ لا يوجد إلا عند محققه زهير الشاويش، وقيل إنه ليس موجوداً الآن!
وما نقله ابن المبرد نقله من كتاب العقيلي؛ لأنه قد بينت أن النص الآخر فيما يتعلق
بحجاج وابن إسحاق ليس من قول أحمد، وإنما من قول أبي بكر بن خلاد!
وقد رجعت لمخطوط
ابن المبرد ورسم كلمة «يستخف» و«يستمرئ» واحد! فقد يقرأها بعضهم هكذا، وبعضهم هكذا!
وإن تعجب فعجب
قوله إن الدولابي روى هذا القول عن أحمد بالمعنى!! فدعواه هذه غريبة لا دليل
عليها! ومن تتبع نقولات الدولابي من كتاب عبدالله لا يجد ما ادّعاه الأخ! وكيف
يروي الدولابي قولاً من كتاب شيخه بالمعنى!
وأما ما نقله عن
الحاكم في كتابه «المدخل» فهو تدليس منه!
فقد أثبت مُحقق
الكتاب د. ربيع المدخلي في أصل النص ما جاء في النسخة المعتمدة - نسخة المكتبة
السليمانية، وهي بخط واضح جميل أثبت: «لا يستمرئ»، وأشار في الحاشية أنه وقع في
النسخة الأخرى التي كانت موجودة في مكتبة الشيخ حماد الأنصاري: «لا يستخف»! وهي نسخة
قيمة كما ذكر.
والحاصل أن هذه
اللفظة وقع فيها التصحيف في الكتب التي نقلت من كتاب عبدالله أو من كتاب ابن هانئ!
وقد ذهب الأخ إلى
أن اللفظين متفقين في المعنى، ولا تعارض بينهما!
قال الأخ: "قلت: وقد رام أخونا الحايك توهيم رواية عبدالله في منشور له
وقد نقلها من كتاب العقيلي فقال: هذا النص من كتاب العقيلي في ترجمة همام بن يحيى
العوذي فيه تصحيف شنيع!! والصواب: لا يستمرئ!! وكيف تكون: لا يستخفه وهو في معرض
ذمّه.
قلت: هذا منشأ
غلطه ووهمه فظن بين العبارتين تعارضاً وقد قرّ وثبت عنده أن القطان لا يمدح هماماً
ولا يرضاه فلزم أن يكون ما فهم أنه مدح: «لا يستخفه» وهماً وغلطاً وتصحيفا شنيعا
وأن يكون المحفوظ «لا يستمرئ» لأنه في معرض الذم. وهذا عجيب فما أدري ما فهم من
قوله: «لا يستخفه» حتى تعجب من ورودها والمقام مقام ذم وهذه العبارة عبارة ذم أيضا
أخت «لا يستمرئه» وكلاهما يدل على معنى واحد. ومعنى استخفه أي وجده خفيفا وضدها
استثقله أي وجده ثقيلا فكان يحيى لا يجد هماما خفيفا فهو لا يستخفه.
ولعل الحايك
حملها على استخفه أي أهانه ولم يعبأ به فلهذا رأى نفيه لا يستقيم لأن المقام مقام
ذم فطنه تصحيفا شنيعا. وهذا غلط بين في فهم كلام الإمام أحمد وإنما وجه الكلام من
الخفة التي يقابلها الثقل وهو معنى مشهور وقد استعمله الإمام أحمد كما سيأتي. ولهذا
لا معارضة بين قوله؛ لا يستخفه وقوله: لا يستمرئه وكلاهما محفوظ لا تصحيف فيه ولا
خطأ" انتهى كلامه.
أقول:
الأخ يرى أن معنى
استخفه: وجده خفيفاً، وضدها استثقله، أي وجده ثقيلاً، فكان يحيى لا يجد هماماً
خفيفاً، فهو لا يستخفه! يعني كان يحيى لا يراه خفيفاً = يعني يستثقله!
والعجب منه أنه
ذكر في البداية أن «لا يستخفه» عبارة مدح، وشنّع علينا بقولنا إنه تصحيف شنيع! ثم
صرّح أنها عبارة ذم مثل عبارة «لا يستمرئه» وكلاهما يدل على معنى واحد!
ففي «لسان العرب» (9/80): "واسْتَخَفَّه: رَآهُ خَفيفاً... والخِفّةُ:
خِفَّةُ الوَزْنِ وخِفّةُ الحالِ. وَخِفَّةُ الرَّجل: طَيْشُه وخِفَّتُه فِي
عَمَلِهِ... والتَّخْفِيفُ: ضدُّ
التَّثْقِيلِ، واستَخَفَّه: خِلَافُ اسْتَثْقَلَه".
فاستخفه لم
يستثقله، فإذا قيل: لم يستخفه = يعني استثقله.
فالخِفّةُ: ضِدُّ
الثِّقَلِ والرُّجُوحِ، وهذا يَكُونُ فِي الجِسْمِ والعقلِ والعملِ كما في لسان
العرب، لكن هذا لم يكن قصد أحمد فيما يراه القطان في همام، فالاستثقال عندهم إذا
وصفوا به رجلاً يكون في شخصه لا في حديثه! وأحمد ينقل عن القطان ما كان يراه في
حديثه.
وينبغي على من
يتكلم في فهم عبارات أهل النقد أن يكون مستوعباً للمعاني التي يقصدونها، وتكون
عنده خبرة في ذلك.
وقول الأخ أنه
لَعَلي حملتها على استخفه أي أهانه فنعم إن ثبت أن اللفظة التي قالها أحمد هي «لا
يستخفه»، وهذا هو المعنى التي يستخدمه أهل النقد من هذه العبارة.
فاسْتَخَفَّ
فُلَانٌ بِحَقِّي: إِذَا اسْتَهانَ بِهِ، وأخذته خفة، وهو: أن يستخفّه حُمقٌ حتى
يجاوز قدره، وهو من الخِفّة والطَّيش.
فاستخفَّ فلانًا،
أي: هزِئ واستهان به، واحتقره!
فالمعنى يكون
بحسب حال المُتكلّم فيه.
قال عبدالله بن
أحمد في «العلل» (2/353): قَالَ أَبِي: قلت لإسماعيل بن عُلية، مَتَى سَمِعت من
سعيد؟ قَالَ: "قبل الطَّاعُون وَبعد الطَّاعُون"، قُلْنَا لَهُ: فَقبل
الهَزِيمَة أَو بعد الهَزِيمَة؟ قَالَ: "قبل الْهَزِيمَة وَبعد الْهَزِيمَة"،
ثمَّ قَالَ: "لَا أَدْرِي، لَا أَدْرِي - كَأَنَّهُ شكّ فِيمَا سمع بعد
الهَزِيمَة - إِلَّا أَنِّي كنت آتيه أَنَا وَأَصْحَاب لي فيُملي علينا وَكَانَ
لَا يفعل ذَاك بِكُل وَاحِد". [والهزيمة كَانَت سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة،
وَهَذِه هزيمَة إِبْرَاهِيم بن عبدالله بن الحسن الَّذِي كَانَ خرج على أبي
جَعْفَر].
قَالَ أَبِي:
وَبَلغنِي أَن سعيدًا كَانَ لَا يستخف أَصْحَاب أَيُّوب، فَكَانَ إِذا حَدثهمْ
يَقُول: ذكره قَتَادَة، ذكره فلَان.
قَالَ أَبِي:
قَالَ إِسْمَاعِيل: "وَكَانَ سَعِيد لَا يَقُول: حَدَّثَنَا قَتَادَة".
قلت: فهنا معنى:
"لا يستخف" = يعني لم يكن يَستهين بأصحاب أيوب لتنبههم وذكائهم، فإذا
حدثهم قال: "ذكره قتادة" و"ذكره فلان"، ولا يقول: "حدثنا
قتادة" خوفاً من أن يُخطئ في حديثه لهم، فهو يعرف قيمتهم وقيمة شيخهم أيوب،
وكان يخصهم بالإملاء احتراماً لشيخهم.
فعدم ذكره
للتحديث ليس استهانة بهم، بل لأنه يعرف من هم أصحاب أيوب، ومكانتهم.
ولو كان المعنى
كما يقوله الأخ: "لا يستخف" = يعني يستثقل أصحاب أيوب! فكيف يستثقلهم
وهو يُحدّثهم، بل إن ابن علية من أثبت أصحاب أيوب، وقد قال إِنه كان يأتي سعيد بن
أبي عروبة هو وأصحابه فيُملي عليهم وَلم يكن يفعل ذَاك بِكُل وَاحِد = يعني اختصه
وأصحابه - وهم أصحاب أيوب - بأنه كان يملي عليهم دون غيرهم، وذلك لمكانة أيوب
عنده، فكيف يستثقلهم وقد خصّهم بهذا الإملاء!
وابن أبي عروبة
سمع من أيوب، ومن أصحاب أيوب الذين سمعوا من ابن أبي عروبة: عبدالوارث بن سعيد، وعبدالوهاب
بن عبدالمجيد الثقفي، ويزيد بن زُريع.
وهؤلاء من ثقات
أصحاب أيوب، فهل يصلح أن نقول فيهم: إن ابن أبي عروبة كان يستثقلهم! فهذا لا يقوله
إلا جاهل غريب عن هذا العلم!
قال عبدالله في «العلل»
(2/418): حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعت إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم قَالَ: "كَانَ
سَعِيد لَا يكَاد يملي، فَكنت آتيه أَنَا وَأَصْحَاب لي فَكَانَ يملي علينا".
وَقيل لَهُ: إِن يزِيد بن زُرَيْع يَقُول: حَدَّثَنَا سَعِيد قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو معشر، وَحدثنَا قَتَادَة! قَالَ: "مَا كَانَ يَقُول إِلَّا ذكره فلَان
أَو نَحْو ذَا".
ويزِيد بن
زُرَيْع كان يحفظ أَصْنَاف سَعِيد بن أَبِي عرُوبَة كما قال أحمد. وكان يزيد يَقُول:
"أَخ لنا بِبَغْدَاد يُقَال لَهُ عبدالوَهَّاب الخفاف"، وكان يَقُول: "كُنَّا
نقُول من لم يدْخل حجرَة ابن أبي عرُوبَة لم يسمع الفِقْه".
فهؤلاء أصحاب
أيوب وهم أصحاب ابن أبي عروبة، فهل يُقال إن ابن أبي عروبة كان يستثقلهم!
وقد علّق أحد
أصحاب صاحبنا المُشار إليه بتعليقات عنده وأتى ببعض العبارات لدعم رأي شيخه! وهكذا
يفعل غالب التلاميذ المحبين لشيوخهم! لكن المشكلة أنهم يتحمسون "زيادة عن اللازم"
كما يقال!
ولا يقف الأمر
عند هذا! بل يسارعون في غمز المخالف ولا يحفظون له قيمة! مع جهالتهم!! وكان قد أتى
بكلام ابن علية، وكلام أحمد في أن سعيداً كان لا يستحف أصحاب أيوب!
ثم قال:
"والمعنى أن سعيد بن أبي عروبة كان يستثقل أصحاب أيوب؛ فلا يملي لهم الحديث
مسندا كما يفعل مع ابن علية وأصحابه، والله أعلم. هذا.. ولو تريث المردود عليه؛ لما استوحش هذه العبارة!! ولما رأى
فيها تناقضا!!.. وما كان أغناه لو بحث قليلا أن يصحّف غير مصحف!!، ويخطئ صوابا!!
ويشنع على الناس" انتهى.
قلت: لو أنه عمل
بالنصيحة التي قالها في آخر كلامه لسلم، ولما أظهر لنا جهله وغباءه!
فابن علية من
ثقات أصحاب أيوب، وقد خصه ابن أبي عروبة هو وأصحابه الذين هم أصحاب أيوب بأنه كان
يملي عليهم ولا يفعل هذا لكل أحد كما هو ظاهر أمامه في النص الذي نقله.
وابن أبي عروبة
كان يخصهم بهذا لمكانة أيوب عنده فأيوب شيخه، وهذا لا يفهمه المُعترض لأنه لا يعرف
هذا العلم الجليل.
فهل يكون المعنى أن
ابن أبي عروبة كان يستثقل أصحاب أيوب؟! وهل يدري هذا الأخ ما الذي يخرج من رأسه إذ
فرق بين أصحاب أيوب وبين ابن علية وأصحابه الذين كان يخصهم ابن أبي عروبة بالإملاء
عليهم!!
ثم ها هو ابن
علية يقول: كان سعيد لا يقول حدثنا قتادة! فكيف فهم الأخ التفريق فيما كان يسنده
لابن علية وأصحابه؟!
فيا أيها الأخ
تعلم قبل التكلم ولا تقل أدبك بقولك "المردود عليه" وهذه العبارات التي
فيها إساءة أدب!
وقال عبدالله
(2/41): قَالَ أبي: لقِيت أَبَا إِسْحَاق الْأَقْرَع بِمَكَّة، فَذَكرنَا ابن
مهْدي، فَكَأَنَّهُ جعل يَضع من أمره - أَو يستخف بِهِ، فأسمعته، وَقلت أَي من
أَنْت، وأسمعته.
وهنا: يستخف به =
يضع من أمره.
وقال أيضاً
(2/81): سَأَلت أبي عَن الحسن بن الخلال الَّذِي يُقَال لَهُ: الحلْوانِي، قَالَ: "مَا
أعرفهُ يطْلب الحَدِيث، وَمَا رَأَيْته يطْلب الحَدِيث". قلت: إنه ذكر إِنَّه
كَانَ مُلازماً ليزِيد بن هَارُون! فَقَالَ: "مَا أعرفهُ، إِلَّا أَنه
جَاءَنِي إِلَى هُنَا يُسلِّم عَليّ"، وَلم يحمده أبي، ثمَّ قَالَ: "تبلغني
عَنهُ أَشْيَاء أكرهها"، وَلم أره يستخفه. وَقَالَ أبي مرّة أُخْرَى وَذكره،
قَالَ: "أهل الثغر عَنهُ غير راضين" - أَو كلَاماً هَذَا مَعْنَاهُ.
قلت: قوله:
"ولم أره يستخفه" = يعني لم أر أبي يستهين به أو يحقره، أي لم أره يطعن
فيه.
وروى العقيلي في «الضعفاء»
(1/56) في ترجمة «إِبْرَاهِيم بن طَهْمَانَ الخُرَاسَانِيّ» قال: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بنُ سَعِيدِ بنِ بَلْجٍ الرَّازِيُّ بِالرِّيِّ قَالَ: سَمِعْتُ
عَبْدَالرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ بنِ بَشِيرِ بْنِ سَلْمَانَ يَذْكُرُ عَنْ
عَبْدِالعَزِيزِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ المَغَارِبَةِ
يُجَالِسُ سُفْيَانَ، وَكَانَ سُفْيَانُ يَسْتَخِفُّهُ، ثُمَّ جَفَاهُ فَشَكَا
ذَلِكَ إِلَيْنَا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: تُكَلِّمُ فُلَانًا كَذَا، فَإِنَّهُ
أَجْرَأُ عَلَى سُفْيَانَ، قَالَ: فَكَلَّمَهُ، قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِاللَّهِ
هَذَا الشَّيْخُ المَغْرِبِيُّ قَدْ كُنْتَ تَسْتَخِفَّهُ فَمَا حَالُهُ اليَوْمَ؟
فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَالَ سُفْيَانُ: إِنَّهُ يُجَالِسُ... وَلَمْ يُسَمِّ
أَحَدًا، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: مَنْ جَالَسْتَ؟ قَالَ: جَلَسْتُ يَوْمًا إِلَى
إِبْرَاهِيمَ بنِ طَهْمَانَ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ وَدَخَلَ سُفْيَانُ مِنْ
بَابِ المَسْجِدِ فَنَظَرَ إِلَيَّ، فَأَنْكَرْتُ نَظْرَهُ.
قلت: كان سفيان
يستخفه = يعني يستظرفه، فمن معاني الخفة أن يكون الرجل خفيفاً ظريفاً، فلما رآه
جالساً إلى إبراهيم بن طهمان جفّاه وابتعد عنه؛ لأن ابن طهمان كَانَ يَغْلُو فِي
الْإِرْجَاءِ!
وهذا النص فيه
أحد المعاني اللغوية للخفة ولا علاقة له بنصوص أهل النقد في الرواة.
وقال السجزي في «سؤالاته
للحاكم» (41): وسألته عن إبراهيم بن عبدالله السعدي، فقال: "ثقة مأمون، إلا أنه
طويل اللسان، وكان يستخف بمسلم بن الحجاج، فغمزه مسلم بلا حجة".
وقد جاء في نص في
كتاب العقيلي عن أحمد: "كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ لَا يَسْتَخِفُّ..."!
واستشهد ذلك الأخ بهذا في أن أحمد يستخدم كلا اللفظين!
قال: "كون
هذه العبارة مما كان ينقله أحياناً أحمد عن القطان لا يجعل ما نقله عبدالله وابن
هانئ خطأ فالإمام أحمد واسع العبارة يقول هذا وذاك، ولا تعارض بينهما، ويدل على
هذا ويؤكده أنه نقل عن يحيى أيضاً: يستخفه.
روى العقيلي في
الضعفاء (5164): ثني الخضر بن داود، ثنا أحمد بن محمد، قال: قلت لأبي عبدالله: ما
تقول في محمد بن إسحاق؟ قال: هو كثير التدليس جداً، قلت له: فإذا قال: حدثني
وأخبرني فهو ثقة؟ قال: هو يقول أخبرني فيخالف، فقيل لأبي عبدالله: روى عنه يحيى بن
سعيد؟ فقال: لا، كالمنكر لذلك، ثم قال: كان يحيى بن سعيد لا يستخف من هو أكبر من
محمد بن إسحاق.
فهل هذه أيضاً
مصحفة عن: «لا يستمرئ» أم هما عبارتان كان الإمام أحمد يستعملهما جميعا"
انتهى.
أقول: كذا وقع في
بعض المخطوطات التي وقفت عليها لكتاب العقيلي، ووقع كذلك: "مَنْ هُوَ
أَكْثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ"، وفي بعض المخطوطات: "مَنْ هُوَ
أَكْبَر"، وهو الصواب، وهذا يدلّ على أن ما في نسخ كتاب العقيلي فيها تصحيف
كثير.
وفي مطبوع «سير
أعلام النبلاء» (7/54): "ثُمَّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ
يَسْتَخِفُّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ".
والذي أراه أنه
تصحّف هنا أيضاً؛ وذلك أن هذه العبارة هي التي يستخدمها أحمد فيما ينقله من آراء
يحيى القطان عن بعض الرواة، ولا يستخدم لفظ: «لا يستخفه»! لأن المعنى لا ينطبق على
هؤلاء الذين نقل ذلك فيهم.
فهل يقصد أحمد أن
القطان كان لا يستخف بمحمد بن إسحاق = يعني يستثقله؟! وكان يستثقل من هو أكثر
منه؟!
هذا لا ينطبق
عليه، وإنما ينطبق على حديثه أنه لم يكن يستمرئه، ولم يكن يستمرئ حديث من هو أكبر
من محمد بن إسحاق كهمام بن يحيى وغيره.
بل جاء في مخطوط
كتاب عبدالله أيضاً وهو في المطبوع (2/35): سَأَلت أبي عَن أَيُّوب أبي العَلَاء،
فَقَالَ: "لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَكَانَ يَزِيدُ بنُ هَارُونَ لَا
يَسْتَخِفُّهُ، أَظُنُّهُ كَانَ لَا يَحْفَظُ الْإِسْنَادَ".
وهو كذلك فيما
اطلعت عليه من مخطوطات كتاب العقيلي حيث نقله من كتاب عبدالله!
وكذا هو في كتاب
ابن عدي (ت. السرساوي) (2/209)!
وهذا أيضاً مما
صُحّف!
وهذا القول:
"لا يستخفه" لا ينطبق على أبي العلاء!
فأَيُّوْبُ أَبُو
العَلاَءِ القَصَّابُ كان فقيهاً كبيراً، وكان مُفْتِي أَهْلِ وَاسِطَ، وَيَزِيْدُ
بنُ هَارُوْنَ من تلاميذه، وقد روى عنه، فلا يصلح أن يقال فيه: "كان يزيد بن
هارون لا يستخفه"!
وإنما كان يزيد
لا يستمرئ حديثه، وقد بيّن ذلك أحمد بقوله: "أَظُنُّهُ كَانَ لَا يَحْفَظُ
الْإِسْنَادَ".
وقد تكلّموا فيه
بسبب حفظه؛ ولم يكن يحفظ بسبب أنه كان معتنياً بالفقه وكان منشغلاً بالإفتاء،
ولهذا لم يستمرئ تلميذه يزيد بن هارون حديثه.
وعليه فالعبارة
التي كان يستخدمها أحمد: «لا يَسْتَمْرِئُ».
ويَسْتَمْرِئُ من
الاِسْتِمْراء، واِسْتَمْرَأَ الطَّعامَ، أي: وَجَدَهُ طَيِّبًا، مقبولاً، مُستساغًا
= والمعنى أن يحيى لم يكن يستسيغ حديث همام، ولم يكن يقبله.
ولو كان المعنى
كما ذهب إليه الأخ، وهو بمعنة الخفة التي هي ضد الثقل، ونفيها صارت بمعنى الثقل
لما تصرّف الذهبي في العبارة التي نقلها في ترجمة همام في «تاريخ الإسلام» (4/534):
"قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ يَسْتَخِفُّ بِهَمَّامٍ، مَا
رَأَيْتُ يَحْيَى أَسْوَأَ رَأْيًا فِي أَحَدٍ مِنْهُ فِي حَجَّاجٍ بنِ
أَرْطَأَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، لا يَسْتَطِيعُ
أَحَدٌ أَنْ يُرَاجِعَهُ فِيهِم".
يعني أنه كان
يستهين به!
وكنت ذكرت أنه
يحتمل أن كلمة "لا" سقطت من كتاب العقيلي الذي نقل منه الذهبي، فنقل
العبارة كما فهمه من حال همام.
فالصواب:
"كان يحيى بن سعيد لا يستمرئ هماماً"! وهذه عبارة أحمد فيما ينقله
أحياناً عن يحيى القطان في حال بعض الرواة.
قال عبدالله في
«العلل» (2/50): سُئِلَ أبي عَن عمر بن عَامر، فَقَالَ: "كَانَ يحيى بن سعيد
لَا يَستمريه".
وقال (2/524): سَأَلت
أبي عَن سعيد بن زيد أخي حَمَّاد بن زيد، فَقَالَ: "لَيْسَ بِهِ بَأْس،
وَكَانَ يحيى بن سعيد لَا يستمريه".
وكذا في كتاب
العقيلي (2/105)، وكتاب ابن عدي (5/481).
وفي «سؤالات أبي
بكر الأثرم لأحمد» (19): قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِاللَّهِ: مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو
أَبُو سَهْلٍ، كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: "كَانَ عَبْدُالرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ
عَنْهُ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيدٍ لَمْ يَكُنْ يَسْتَمْرِئُهُ"، وَلَمْ أَرَ
أَبَا عَبْدِاللَّهِ يَشْتَهِيهِ.
وهو كذلك في كتاب
العقيلي (4/110).
وروى العقيلي في
«الضعفاء» (2/321) في ترجمة «عَبْدالرَّحْمَنِ بن إِسْحَاقَ المَدَنِيّ القُرَشِيّ»،
قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ
الوَرَّاقُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: "كَانَ يَحْيَى
لَا يَسْتَمْرِئُهُ".
والخلاصة أن أحمد
كان يستخدم هذه اللفظة «لا يَسْتَمْرِئ»، ولأن رسم «يَسْتَمْرِئ» قريب من رسم «لا
يَسْتخف» تصحفت قديماً من النسّاخ.
وهذه اللفظة أقرب
لحال هؤلاء الذين نقل أحمد رأي القطان فيهم من وصفهم باللفظة الأخرى التي تنفي
عنهم الخفة يعني بمعنى الثقل!
وقد استخدم
الأئمة النقاد لفظ «يَسْتخفه» بمعنى الاستهانة والاحتقار، وهذا يرجع إلى ذات
الشخص، وأما «لا يَسْتَمْرِئه» فهذا يرجع لحديثه، وهذا هو الأليق بحالهم الذي رآه
يحيى القطان.
ويؤيد ذلك أن
يحيى القطان لم يكن يعبأ بحديث همام.
روى ابن عدي في
«الكامل» (10/380) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الصوفي، قال:
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِاللهِ بنِ عَمَّارٍ، قَال: "كَانَ يَحْيَى بن
سَعيدٍ لاَ يَعْبَأُ بِهَمَّامٍ".
وقال: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ، قال: حَدَّثَنا ابنُ عَمَّار، قال: سَمِعت يَحْيى بن
سَعِيد القطان يَقُوْلُ: "أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنَ
مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: مَنْ فَاتَه شُعْبَةُ سَمِعَ مِنْ هَمَّامٍ"! - وَكَانَ
يَحْيى بن سَعِيد لاَ يَعْبَأُ بجماعة، فذكر فيهم هماماً.
وروى العقيلي في
«الضعفاء» (4/368) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفلاّس، قَالَ: "كَانَ يَحْيَى لَا يُحَدِّثُ عَنْ
هَمَّامٍ، وَكَانَ عَبْدُالرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْهُ". وقَالَ الفلاس:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بنَ عَرْعَرَةَ، قَالَ لِيَحْيَى: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، عَنْ
هَمَّامٍ قَالَ: "اسْكُتْ وَيْلَكَ - أو وَيْحَكَ -"!
وقال ابن عدي في
«الكامل» (10/381): حَدثنا مُحمد بن جعفر بن يزيد، قال: حَدثنا مُحمد بن يونُس، قال:
سمعت علي بن عَبدالله، يقول: سَمعتُ يحيى بن سعيد، يقول: "لا أرْوي عن همام
بن يحيى".
والحمد لله الذي
تتم به الصالحات.
وكتب: د. خالد الحايك.
شاركنا تعليقك