سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (29).
قولُ إِبْرَاهِيم الهَرْوِيّ: «هُشَيْم كَانَ يُدَلِّسُ عَنْ أَبِي
بِشْرٍ أَكْثَرَ مِمَّا يُدَلِّسُ عَنْ حُصَيْنٍ».
وقول أحمد: «هُشيم لا يَكاد يسقط عليه شيء من حديث حصين، ولا يكاد
يُدلس عن حصين».
وقول عليّ بن حُجر: «هُشيم فِي أبي بشر مثل ابن عُيَيْنَة فِي
الزُّهْرِيّ، سبق الناس هشيم فِي أبي بشر»!
هُشَيْمُ بنُ بَشِيرٍ الوَاسِطِيُّ (ت
183هـ) من كبار أئمة الحديث والحفاظ. وقد عُرف بالتدليس الكثير!
قال الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ:
"قَدْ دَلَّسَ قَوْمٌ. ثُمَّ ذَكَرَ الْأَعْمَشَ. قَالَ: كَانَ هُشَيْمٌ
يُكْثِرُ- يَعْنِي التَّدْلِيسَ- وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَيْضًا...".
وقَال ابن سعد: "كان ثقة، كثير
الحديث، ثبتًا، يُدلس كثيرًا، فما قال فِي حديثه: أَخْبَرَنَا فهو حجة، وما لم يقل
فيه أَخْبَرَنَا فليس بشيءٍ".
وقال العِجْلِيُّ: "هُشَيْمٌ ثِقَةٌ،
يُعدُّ مِنَ الحُفَّاظِ، وَكَانَ يُدَلِّسُ".
وقال ابن عدي في ترجمته من «الكامل»: "وهشيم رجل مشهور، وقد كتب
عنه الأئمة، وهو في نفسه لا بأس به إلا أنه نُسب إلى التدليس، وله أصناف وأحاديث
حسان وغرائب، وإذا حدّث عن ثقة فلا بأس به، ورُبما يؤتى ويوجد في بعض أحاديثه منكر
إذا دلّس في حديثه عن غير ثقة".
قلت: كان يُدلّس عن شيوخ لم يسمع منهم، بل
كان يدلّس عن شيوخ سمع منهم.
قال ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص:
232) (868): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الهِسِنْجَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الهَرْوِيَّ
- يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ الهَرْوِيَّ - يَقُولُ: "لَمْ
يَسْمَعْ هُشَيْمٌ مِنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ إِلَّا حَدِيثَ المُدَارَاةِ، وَكَانَ
يُدَلِّسُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ أَكْثَرَ مِمَّا يُدَلِّسُ عَنْ حُصَيْنٍ".
قلت: الهروي (ت 244هـ) كَانَ حَافِظاً،
مُجَوِّداً، من أخصّ تلاميذ هُشيم، ومِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيْثِه،
وَأَثْبَتِهِم فِيْهِ.
رَوَى عَنْهُ صَالِحٌ جَزَرَةُ، قالَ: "مَا
مَرَّ حَدِيْثٌ لِهُشَيْمِ إِلاَّ وَقَدْ سَمِعتُهُ عِشْرِيْنَ مَرَّةً، أَوْ
أَكْثَرَ، وَكُنْتُ أُوقِفُهُ، كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْهُ مَعَ سَعِيْدٍ
الجَوْهَرِيِّ وَالِدِ إِبْرَاهِيْمَ".
ثُمَّ قالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: "أَعْلَمُ
النَّاسِ بِحَدِيْثِ هُشَيْمٍ عَمْرُو بنُ عَوْنٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِاللهِ".
قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا عَلِيّ بن
الحَسَنِ الهِسِنْجَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بنَ عَبْدِاللَّهِ الهَرْوِيَّ
يَقُولُ: "هُشَيْمٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ بَيَانٍ كَلِمَةً قَطُّ".
وقال إبراهيم الهروي عقيب حديث: "لم
يسمعه هُشَيم من الزُّهْريّ، ولم يرو عنه سوى أربعة أحاديث سماعًا، منها: حديث
السقيفة، وحديث المضامين والملاقيح، وحديث ما استيسر من الهدي، وحديث اعتكف فأتته
صفية".
قلت: فمن هنا أخبر الهروي بأنه دلّس عن
فلان وفلان، وأنه كان قليل التدليس عن حُصين، فهو أثبت تدليس شيخه عَنْ أَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بنِ
أَبِي وَحْشِيَّةَ، وعن شيخه حُصين بن عبدالرحمن، لكن تدليسه عن حصين قليل.
وكان البخاري يحرص في تخريج حديث
هشيم عن أبي بشر في «صحيحه» بذكر سماع هشيم من أبي بشر، ومتابعة أبي عوانة له
أحياناً، إلا في حديثين رواهما له عن أبي بشر بالعنعنة!
ولقلة تدليس هشيم عن حصين لم أجد أئمة النقد والعلل ذكروا
له حديثاً واحداً دلسه عنه بخلاف تدليسه عن أبي بشر، وكان من أعلم الناس بحديث
حصين.
قال عبدالرحمن بن مهدي: "أعلم
الناس بحديث حصين قديمها وحديثها: هُشيم".
وقال حرب بن إسماعيل: سمعت أحمد بن
حنبل يقول: "ليس أحد أصح سماعًا من حصين بن عبدالرحمن من هشيم، وهو أصح من
سفيان".
وقال أحمد في رواية الأثرم: "هشيم
لا يكاد يسقط عليه شيء من حديث حصين، ولا يكاد يُدلس عن حصين".
وقول أحمد هذا يعني أنه لم يكن
يُدلّس عن حصين، ولهذا قال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/857): "ذكر من
عرف بالتدليس وكان له شيوخ لا يُدلس عنهم فحديثه عنهم متصل، منهم: هشيم بن بشير: ذكر
أحمد أنه لا يكاد يدلس عن حصين".
وقد استنزف هشيم حديث حصين، فهو لا يحتاج إلى أن يُدلّس
عنه؛ لأنه سمع كلّ ما عنده.
روى بَحشل في «تاريخ واسط» (ص: 97) قالَ:
حدثنا وَهْبُ بنُ بَقِيَّةَ بنِ عُبَيْدِ بنِ شَابُورَ، قَالَ: سمعت هُشيماً يقول:
"كتبت عن حصين - يعني بواسط - حتى كنت لألقاه في الطريق فآخذ في طريق آخر".
قلت: يعني لأنه سمع منه كلّ حديثه
فلا يحتاج لأن يسمع منه مرة أخرى فقد استنزفه.
والسبب في أن هشيماً كان يُدلّس
عن أبي بشر هو: أنه لم يسمع منه كثيراً من حديثه، فكان يأخذ حديثه من أصحابه، ثم
يُدلّسه عنه.
قَال أحمد بن علي الأبار: سمعت
علي بن حُجر يقول: "هشيم فِي أبي بشر مثل ابن عُيَيْنَة فِي الزُّهْرِيّ، سبق
الناس هشيم فِي أبي بشر".
قلت: يعني أن سماع هشيم من أبي
بشر مثل سماع ابن عيينة من الزهري.
وهذه المقارنة التي ذكرها علي بن حُجر مهمة جداً في بيان
حجم ما سمعه هشيم من أبي بشر، فسماعه منه كسماع ابن عيينة من الزهري.
فسُفْيَان بن عُيَيْنَة ولد سنة (107هـ)، وجالس
الزهري وهو ابن ست عشرة سنة = يعني سمع ابن عيينة من ابن شهاب سنة (23هـ) أي قبل
موته بسنة واحدة، فلم يكثر عنه.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِاللهِ الهَرَوِيّ: "سَمِعَ هُشَيْمٌ وَابنُ عُيَيْنَةَ مِنَ الزُّهْرِيِّ
فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ، فِي ذِي الحِجَّةِ".
وهشيم وُلد سنة (104هـ)، وسمع من أبي بِشر الواسطي (ت125هـ) وهو
صغير قبل موت أبي بشر بيسير.
فطلبة الحديث سبقوه إلى السماع من
أبي بِشر،
فهشيم الواسطي (ت183هـ) سمع منه لكنه لم يسمع منه كثيراً، وقد سبقه إلى سماع غالب
حديثه غيره مثل أبي عَوانة الوضاح اليشكري الواسطي (ت176هـ)،
وشعبة بن الحجاج (ت160هـ)، ولهذا كان هشيم يسمع من أبي عوانة عن أبي بشر، ثم
يُدلسه ويرويه عن أبي عوانة مباشرة، وكذا يسمع من شعبة عن أبي بشر ثم يدلسه.
قالَ الإمام أحمد: "وَأَبُو عَوَانَةَ أَكْثَرُ
رِوَايَةً عَنْ أَبِي بِشْرٍ مِنْ شُعْبَةَ وَهُشَيْمٍ فِي جَمِيعِ الحَدِيثِ.
أَبُو عَوَانَةَ كِتَابُهُ صَحِيحٌ وَأَخْبَارُ يَحْيَى بِهَا وطول الحَدِيثَ
بِطُولِهِ، وَهُشَيْمٌ أَحْفَظُ وَإِنَّمَا يَخْتَصِرُ الحَدِيثَ، وَأَبُو
عَوَانَةَ يُطَوِّلُهُ فَفِي جَمِيعِ حَالِهِ أَصَحُّ حَدِيثًا عِنْدَنَا مِنْ
هُشَيْمٍ إِلَّا أَنَّهُ بِأَخَرَةٍ كَانَ يَقْرَأُ مِنْ كُتُبِ النَّاسِ
فَيَقْرَأُ الْخَطَأَ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ كِتَابِهِ فَهُوَ ثَبْتٌ".
قال يعقوب الفسوي في «المعرفة
والتاريخ»
(2/666): سَمِعْتُ سَعِيدَ بنَ مَنْصُورٍ أَوْ حَدَّثَنِي عَنْهُ ابنُ فُضَيْلٍ
قَالَ: جَاءَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ إِلَى هُشَيْمٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ
أَحَادِيثَ، وَجَعَلَ يَتَحَفَّظُ أَلَّا يُدَلِّسَ وَيَسْمَعُ وَيَتَحَفَّظُ
وَلَا يَكْتُبُ، ثُمَّ تَنَحَّى وَجَعَلَ يَكْتُبُ مَا سَأَلَهُ بِاخْتِيَارٍ.
وَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ: مَنْصُورُ بنُ زَاذَانَ عَنِ الحَسَنِ شَيْءٌ فِي القَوَارِيرِ.
قَالَ: فَكَتَبَ بِاخْتِيَارٍ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا
سَعِيدٍ هَذَا لَمْ تَسْمَعْهُ مِنْ مَنْصُورٍ وَلَيْسَ عَلَيْكَ. قَالَ: فَقَالَ
لِيَ المَدَائِنِيُّ الْأَحْوَلُ: فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَفَعَلَ أَلَا تَرَكْتَ الحَصْيَةَ
تَتَهَوَّرُ.
وقد ذكر أهل النقد بعض الأحاديث التي دلّسها هشيم عن
أبي بشر ولم يسمعها منه.
1- روى هُشَيْم بن بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي
بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الخَبَرُ كَالمُعَايَنَةِ،
إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ مُوسَى بِمَا صَنَعَ قَوْمُهُ فِي
الْعِجْلِ فَلَمْ يُلْقِ الأَلْوَاحَ فَلَمَّا عَايَنَ مَا صَنَعُوا أَلْقَى
الأَلْوَاحَ فَانْكَسَرَتْ».
ورواه يَحْيَى بنُ حَسَّانَ، عن هُشَيْم،
ثم قَالَ يَحْيَى: "لَمْ يَسْمَعْهُ هُشَيْمٌ".
وذكره ابن عدي في ترجمة هشيم من «الكامل»
ثم قال: "ويقال: إن هذا لم يسمعه هشيم من أبي بشر، إنما سمعه من أبي عَوَانة،
عن أبي بشر، فدلّسه".
ثم روى من طريق يحيى بن حسان، قال:
"هشيم لم يسمع حديث أبي بشر عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس: «ليس الخبر
كالمعاينة»، إنما دلسه".
ثم ساقه من طرق عن أبي عوانة عن
أبي بشر.
وقال إِسْحَاق بن مَنْصُورٍ: قالَ
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: "لَمْ يَسْمَعْ هُشَيْمٌ حَدِيثَ أَبِي بِشْرٍ: «لَيْسَ
الخَبَرُ كَالمُعَايَنَةِ»". [علل الترمذي الكبير (ص387)].
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (14/96)
(6213) من طريق سُرَيْج بن يُونُسَ، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ،
عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الخَبَرُ كَالمُعَايَنَةِ، قَالَ اللَّهُ
لِمُوسَى: إِنَّ قَوْمَكَ صَنَعُوا كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا يُبَالِ، فَلَمَّا
عَايَنَ أَلْقَى الْأَلْوَاحَ».
ثم قال ابن حبان: "ذِكْرُ
الخَبَرِ المُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ
هُشَيْمٌ".
ثم ساقه من طريق أَبي عَوَانَةَ،
عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به.
قلت: هشيم أخذه من أبي عوانة
فدلسه، والحديث حديث أبي عوانة.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/351)
(3250) من طريق سُرَيْج بن النُّعْمَانِ، عن هُشَيْم، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ
سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ.
ثم قال: "هَذَا حَدِيثٌ
صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".
ولم يتنبّه الحاكم لتدليس هُشيم
لهذا الحديث!
2- قال عبدالله بن أحمد في «العلل»
(2/249) (2143): سَمِعت أَبِي يَقُول: حَدَّثَنَا هُشَيْم، عَن أَبِي بشر، عَن
عَطاء، قلت لِابْنِ عَبَّاس: «أَسْتَأْذن على أُمِّي وأختي، قَالَ: اسْتَأْذن».
سَمِعت أَبِي يَقُول: "لم
يسمعهُ هُشَيْم من أَبِي بشر".
3- قال عبدالله بن أحمد في «العلل»
(2/254) (2164): حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَن أبي بشر، عَن
أبي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «تَذَاكَرُوا الحَدِيثَ
فَإِنَّ الحَدِيثَ يُهَيِّجُ بَعْضُهُ بَعْضًا».
سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: "وَلَمْ
يَسْمَعْهُ هُشَيْمٌ مِنْ أَبِي بِشْرٍ، هَذَا حَدِيثُ شُعْبَة".
4- قال عبدالله بن أحمد في «العلل»
(2/264) (2200): حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: زعم أَبُو
بشر عَن سَعِيد بن جُبَيْر فِي قَوْله عز وَجل {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ}
الْآيَة.
قَالَ أَبِي: "لم يسمعهُ
هُشَيْم من أَبِي بشر".
أخرجه الطبري في «تفسيره» (19/197)
قال: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حدثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي
بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ
عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا
وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} قَالَ: «الْأَمَانَةُ: الفَرَائِضُ الَّتِي افْتَرَضَهَا
اللَّهُ عَلَى العِبَادِ».
قلت: وهذا الحديث أخذه هشيم من
شعبة، ثم دلّسه.
أخرجه الطبري في «تفسيره» (19/197)
قال: حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حدثنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حدثنا
شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي
هَذِهِ الْآيَةِ {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] قَالَ: «عُرِضَتْ
عَلَى آدَمَ، فَقَالَ: خُذْهَا بِمَا فِيهَا، فَإِنْ أَطَعْتَ غَفَرْتُ لَكَ،
وَإِنْ عَصِيتَ عَذَّبْتُكَ، قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ، فَمَا كَانَ إِلَّا قَدْرَ مَا
بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى أَصَابَ
الخَطِيئَةَ».
5- قال عبدالله بن أحمد في «العلل»
(2/270) (2219): سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي حَدِيثِ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي بِشْرٍ
عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابن عَبَّاسٍ: «أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ ذَرَارِي المُشْرِكِينَ».
قَالَ أَبِي: "لَمْ
يَسْمَعْهُ هُشَيْم من أَبِي بشر".
رواه أحمد في «مسنده» (3/343) (1845)
قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ
ذَرَارِيِّ المُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ».
ورواه الفِرْيَابِيُّ في كتاب «القدر»
(ص: 140) (171) عن سُرَيْج بن يُونُسَ. [ورواه الآجري في كتاب «الشريعة» (2/821) (402)
عن الفِرْيَابِيّ].
والنسائي في «السنن الكبرى» (2/432)
(2090) عن مُجَاهِد بن مُوسَى.
كلاهما (سُريج، ومجاهد) عَنْ
هُشَيْمٍ، به.
قال شعيب ورفاقه في تحقيقهم لمسند
أحمد (3/344): "حديث صحيح، هشيم- وإن كان مدلساً، وقد عنعن- قد توبع".
قلت: قد قال أحمد إن هشيماً لم
يسمعه من أبي بشر، وقد دلّسه، والحديث أخذه هشيم من أبي عوانة أو شعبة.
رواه أحمد في «مسنده» (5/161) (3034)
عن عَفَّان.
ومسلم في «صحيحه» (4/2049) (2660)
عن يَحْيَى بن يَحْيَى.
وأبو داود في «سننه» (7/95) (4711) عن
مُسدَّد.
ثلاثتهم (عفان، ويحيى، ومسدد) عن
أَبي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، به.
ورواه البخاري في «صحيحه» (2/100) (1383) عن
حبَّان بن مُوسَى، عن عَبْداللَّهِ بن المبارك. و(8/122) (6597) عن مُحَمَّد بن
بَشَّارٍ، عن غُنْدَر.
وأحمد في «مسنده» (5/251) (3165) عن مُحَمَّد
بن جَعْفَرٍ. و(5/364) (3367) عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن مَهدي.
والنسائي في «السنن الكبرى» (2/432) (2089)
عن مُحَمَّد بن المُثَنَّى، عن عَبْدالرَّحْمَنِ.
ثلاثتهم (ابن المبارك، ومحمد بن جعفر
غُندر، وابن مهدي) عن شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، به.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
وكتب: خالد الحايك.
شاركنا تعليقك