هل أعاد البخاري في «صحيحه» حديث شهود الملائكة بدراً في باب غزوة
أُحد، أم أنه وهمٌ من الرواة أو النسّاخ؟
وتعليل أبي زُرعة للحديث بالإرسال!
سألني أحد الإخوة
عمّا جاء في «صحيح البخاري» من إيراده لحديث شهود جبريل والملائكة بدراً، والحديث
نفسه بإسناده ومتنه ذكره أيضاً في غزوة أًحد، فهل هذا الحديث أدخله بعض النساخ في
هذا الباب أم ماذا؟!
فأقول وبالله
تعالى أستعين:
الحديث أخرجه
البخاري في «بَاب شُهُودِ المَلاَئِكَةِ بَدْرًا» (3995) قال: حَدَّثَنِي
إِبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُالوَهَّابِ، قال: حَدَّثَنَا
خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ:
«هَذَا جِبْرِيلُ، آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الحَرْبِ».
ثم أُعيد في بعض
الروايات من الصحيح في «بَاب غَزْوَةِ أُحُدٍ» (4041) قال: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُالوَهَّابِ، قال: حَدَّثَنَا
خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-،
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ:
«هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الحَرْبِ».
فهذا الحديث
بإسناده ومتنه ذُكر في البابين، وصرّح في كلّ حديث بالغزوة التي توافق الباب، وهذا
لا شك تناقض واضح، ومن هنا قال أهل العلم إن ذكره في غزوة أحد وهم، ونسب بعضهم الوهم
إلى النسّاخ!
قال ابن حجر في «الفتح»
(7/349) بعد أن شرح الحديث الأول من باب غزوة أُحد: "تَنْبِيهٌ: وَقَعَ فِي
رِوَايَةِ أَبِي الوَقْتِ وَالْأَصِيلِيِّ هُنَا قَبْلَ حَدِيثِ عُقْبَةَ بنِ
عَامِرٍ: حَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ: «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ الحَدِيثَ»، وهُوَ
وَهَمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ تَقَدَّمَ بِسَنَدِهِ
وَمَتْنِهِ فِي بَابِ شُهُودِ المَلَائِكَةِ بَدْرًا، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ
هُنَا أَبُو ذَرٍّ، وَلَا غَيْرُهُ مِنْ مُتْقِنِي رُوَاةِ البُخَارِيِّ، وَلَا
اسْتَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَلَا أَبُو نُعَيْمٍ. ثَانِيهِمَا: أَنَّ
المَعْرُوفَ فِي هَذَا المَتْنِ يَوْمَ بَدْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ، لَا يَوْمَ أُحُدٍ،
وَاللَّهُ المُسْتَعَان".
وقال العيني في «العمدة»
(17/141): "هَذَا الحَدِيث غير وَاقع فِي مَحَله هُنَا؛ لِأَنَّهُ تقدم فِي
بَاب شُهُود المَلَائِكَة بَدْرًا بِسَنَدِهِ وَمَتنه، وَلِهَذَا لم يذكرهُ هُنَا
أَبُو ذَر وَلَا غَيره من متقني رُوَاة البُخَارِيّ، وَلَا استخرجه
الْإِسْمَاعِيلِيّ وَلَا أَبُو نُعيم، وَلم يَقع هَذَا إلاَّ فِي رِوَايَة أبي
الوَقْت والأصيلي، وَهُوَ وهمٌ".
وقال القسطلاني
في «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (6/291): "وقد سبق الحديث في باب شهود
الملائكة بدرًا بسنده ومتنه، لكن بلفظ: «قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يوم بدر» بدل قوله هنا: «يوم أُحُد»، وهو الصواب المعروف لا يوم أُحُد،
ولذا سقط من رواية أبي ذر وغيره من المتقنين، ولم يثبت إلا في رواية أبي الوقت،
والأصيلي، ولعله وهم من راو أو ناسخ، والله أعلم".
قلت: هو وهمٌ لا
شك فيه، وهذا الحديث لا يُناسب أن يكون في «باب غزوة أحد» قطعاً، ولم يذكر ابن حجر
ممن الوهم فيه، وإنما قدّم ما جاء في رواية أبي ذر وغيره التي ليس فيها هذا الحديث
على رواية من ذكر هذا الحديث في «الصحيح».
وهذا الحديث
موجود في بعض نسخ الصحيح كما قال ابن حجر، والقول بأنه أدخله بعض الرواة أو النساخ
في هذا الباب يعني أن هناك من كان يدخل في الصحيح ما ليس فيه أصلاً، وهذا يفتح
علينا باباً لا نستطيع إغلاقه، فيدّعي من لا يعجبه أي حديث أنه أُدخل في الصحيح من
الرواة والنساخ! بل إن هذا قد حصل من كثير من الزنادقة، وممن ينتسبون لعلم الحديث،
وقد ناقشنا بعض هؤلاء في بعض "المجموعات الواتسابية" أخزاهم الله.
والقول بحصول
الوهم هو المتّجه، لكن كيف حصل هذا الوهم؟ وكيف يكون وهماً والحديث موجود في رواية
أَبي مُحَمَّدٍ عَبْدِاللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَصِيْلِيّ (ت392هـ)، ورواية أَبي
الوَقْتِ عَبْدِالأَوَّلِ بن عِيْسَى السِّجْزِيّ (ت553هـ).
ورواية الأصيلي
(ت392هـ)، عن أبي زيد المَرْوَزيّ (ت371هـ)، عن الفَرَبْريّ (ت320هـ).
ورواية أَبي
الوَقْتِ (ت553هـ)، عن الدّاوُدِيّ (ت467هـ)، عن الحَمُّوييّ (ت381هـ)، عن
الفَرَبْريّ (ت320هـ).
فهل يُعقل أن
الحديث أخطأ فيه الرواة أو النساخ في هاتين الروايتين؟!
أقول: رواية أَبي
ذَرٍّ الهَرَوِيُّ (ت434هـ) عن المُسْتَمْلِي (ت376هـ)، والحَمُّوييّ (ت381هـ)،
وَالكُشْمِيْهَنِيِّ (ت389)، عن الفربري (ت320هـ).
فأَبو الوَقْتِ
روى عن الدّاوُدِيّ، عن الحَمُّوييّ هذا الحديث، وخالف أَبو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ
الداوديَّ، فروى عن الحَمُّوييّ، ولم يذكر هذا الحديث! ووافق الحمويي هنا: المُسْتَمْلِي،
وَالكُشْمِيْهَنِيِّ، فالمحفوظ في رواية الحمويي عدم وجود هذا الحديث عنده! فلا
ندري كيف دخل في روايته التي يرويها عنه الداودي!
وخالف أبو زيد
المَرْوَزيّ الثلاثة: المستملي، والحمويي، والكشميهني، فذكر هذا الحديث كما في
رواية الأصيلي عنه، وهو من أجلّ من روى الصحيح عنه، ولم يذكر هذا الحديث الرواة
الآخرون عن أبي زيد مثل القابسي (ت403هـ)، وغيره.
وهذه الروايات
كلها عن الفربري، ومعلوم أن الفربري سمع الصحيح من البخاري عدّة مرات، فهل يمكن القول
بأن هذا الحديث كان في بعض نسخ الفربري؟!
أقول:
لم يثبت أن هذا
الحديث محفوظ في أصول الفربري، وإنما الاختلاف في بعض الروايات عنه، وقد بينت أن
هناك اختلاف أيضاً على أبي زيد المروزي، واختلاف على الحمويي، والذي يترجح عدم
وجود هذا الحديث في المحفوظ عن الحمويي، وكذلك عن أبي زيد؛ لأن القابسي وغيره لم
يذكروه عنه.
ورواية أبي ذر
وهي عن ثلاثة من الكبار الذين رووا الصحيح عن الفربري لا يوجد فيها هذا الحديث،
ولا في الروايات الأخرى المتقنة عن الفربري، فدلّ ذلك على أن هذا الحديث ليس في
أصول الفربري.
والذي دفع أهل
العلم إلى القول بأنه وهم من الرواة أو النساخ هو جلالة الإمام البخاري، وأنه لا
يمكن أن يُكرر هذا الحديث في كلا البابين بالسند نفسه والمتن، ولا اختلاف إلا في
ذكر اليوم! وهذا حقّ لا مرية فيه، وهو أجل من أن يقع في هذا، لكن إن احتاج الأمر
لرد مسألة الإدخال في الصحيح ما ليس منه إلى أن نوهّم البخاري من أجل إغلاق باب
الإدخال في الصحيح ما ليس منه فنوهّمه، ولا حرج في ذلك!
لكن الإمام
البخاري لا يمكن أن يَهم في هذا، وإنما الوهم حصل فيما أظن من خلال ترتيب النُّسخ
أو من خلال نَسْخِها، ونحن نعلم الاختلاف بين الروايات في الترتيب ونحوه.
وتنبيه ابن حجر
لوجود هذا الحديث في نسخة الأصيلي، وأبي الوقت في باب غزوة أحد دلّ على وجوده
أيضاً في باب شهود الملائكة بدراً، إذ لو لم يكن موجوداً في نسختيهما في باب شهود
الملائكة بدراً لنبّه عليه هناك، وحينها يكون الخلل في الترتيب، لكن الظاهر أنه موجود
في كليهما.
فالأصيلي روى هذا
الحديث عن أبي زيد المروزي، لكن غير الأصيلي لم يذكره عن أبي زيد!
وكذلك روى
الداودي هذا الحديث عن الحمويي، وخالفه أبو ذر الهروي فلم يذكره.
وعليه فالأصل عدم
وجود هذا الحديث في أصول الفربري، وكذا من روى عنه، لكن كيف جاء في هذه الروايات؟!
أقول: الجزم
بكيفية وقوع الحديث في روايتي الأصيلي وأبي الوقت في باب غزوة أحد من الصعوبة
بمكان، لكن يتعيّن أنه حصل وهم لبعض النسّاخ الذين نسخوا هذه الروايات، فكرر
الناسخ الحديث في بداية باب غزوة أحد؛ ولأنه وقع في هذا الباب كتب الناسخ: «يوم
أحد» وهو في الأصل: «يوم بدر»؛ وهذا ليس تعمداً، فرسم كلمة «بدر» قريبة من رسم
كلمة «أحد»، ولأن الحديث نسخه في أول باب غزوة أحد فأثبته: «يوم أحد».
لكن لسائل أن
يسأل: يمكن وقوع هذا في رواية واحدة، فكيف وقع في روايتين؟
فأقول: اعتنى
مئات العلماء بصحيح البخاري، فيحتمل أن الوهم هذا كان في رواية الأصيلي، عن أبي
زيد المَرْوَزيّ، ووقعت هذه الرواية التي فيها الوهم للداودي أو لأبي الوقت أو من
نسخ لهما، فنسخ ما في رواية الأصيلي فيها، والمحفوظ من رواية الحمويي من رواية أبي
ذر عنه عدم وجود هذا الحديث في روايته.
فتعيّن من خلال
ذلك وجود الوهم، والوهم يقع لأي أحد، وهذا لا يعني إدخال حديث في صحيح البخاري؛
لأن الحديث أصلاً موجود قبل باب غزوة أحد بعدة أوراق، وهذا مما يؤكد حصول الوهم
ودخوله على النسّاخ، ولهذا قيل فيه: «يوم أحد»، والله أعلم.
والحديث محفوظ
فيه: «يوم بدر»، وقد رواه كذلك الطبراني في «المعجم الكبير» (11/342) (11952) عن مُحَمَّد
بن إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيّ الطَّرَسُوسِيّ. والبيهقي في «دلائل النبوة» (3/54) من
طريق عَبْدالرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلَّامٍ. كلاهما عن إِبْرَاهِيمَ بن
مُوسَى الفَرَّاء، به.
·
وهم لابن كثير!
ولما ذكره ابن
كثير في «تفسيره» (4/18) قال: "انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ البُخَارِيُّ، وَقَدْ
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «المُعْجَمِ الكَبِيرِ» مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بنِ
خَدِيجٍ، وهو خطأ، والصواب رواية البخاري، والله أَعْلَمُ".
قلت: بل هو خطأ
منك - رحمك الله -! فالطبراني رواه على الصواب كما تقدم في الأحاديث التي ساقها من
رواية عكرمة عن ابن عباس! ولا أدري كيف دخل الوهم على ابن كثير!
·
تعليل أبي زُرعة الرازي لهذا الحديث بالإرسال!
ومن باب الفائدة:
ثمة أمر مهم لا بدّ من بيانه حول هذا الحديث، وهو أن أبا زرعة الرازي قد أعلّه
بالإرسال.
قال ابن أبي حاتم
في «العلل» (3/347) (921): وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ إبراهيمُ بنُ
مُوسَى، عَنْ عَبْدِالوهَّاب الثَّقَفي، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاء، عَنْ عِكرمَة،
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ بَدْر: «هَذا
جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الحَرْبِ»؟
قَالَ أَبُو
زُرْعَةَ: حدَّثنا أَبُو بَكْرُ بنُ أَبِي شَيبة، عن عبدالوهَّاب الثَّقَفي، عَنْ
خَالِدٍ، عَنْ عِكرمَة: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ...»، وَهَذَا
الصَّحيحُ، وَلا أَدْرِي مِنْ أينَ جاءَ إبراهيمُ بن مُوسَى بِابْنِ عَبَّاسٍ!".
قلت: الحديث في «مصنف
ابن أبي شيبة» (20/305) (37822) قال: حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ
عِكْرِمَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ يَوْمَ
بَدْرٍ: هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الحَرْبِ».
هكذا رواه ابن
أبي شيبة مرسلاً، ليس فيه «ابن عباس»!
فابن أبي شيبة
خالف إبراهيم بن موسى فأرسله، ووصله إبراهيم، فصححه البخاري، وأعلّه أبو زرعة
بالإرسال.
وكان ينبغي على
مذهب أبي زُرْعَةَ أن يُصححه ولا يعلّه لقوله في «إبراهيم بن موسى»: "هو أَتْقَنُ
مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَصَحُّ حَدِيْثاً منه، لا يُحدِّث إلا
من كتابه، لا أعلم أني كتبت عنه خمسين حديثاً من حفظه". [الجرح والتعديل: (2/137)].
فأبو زرعة يُصرّح
بأن إبراهيم أتقن من ابن أبي شيبة وأصح حديثاً، وهو قد كتب عنهما آلاف الأحاديث.
قَالَ صَالِحُ
بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: "كَتَبْتُ عَنْ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَعَنِ أبي بكر بنِ أَبِي
شَيْبَةَ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ". [تاريخ دمشق: (38/18)].
قلت: بمقتضى ذلك
ينبغي أن تكون رواية إبراهيم هي الأصح، ورواية ابن أبي شيبة هي الخطأ! لكن أبا
زرعة رجّح رواية ابن أبي شيبة وحكم له مع أن إبراهيم أتقن، ولا يكاد يُحدث إلا من
كتابه!
والميل إلى ترجيح
أبي زرعة؛ لأن ابن أبي شيبة نقص رجلاً من الإسناد في مقابل إبراهيم الذي زاد رجلاً
في جادة مشهورة ومعروفة، فالإنقاص هنا أولى من الزيادة في جادة مسلوكة، ولو كان
زاد رجلاً ليس في جادة لقلنا إنه حفظه، وإنما حفظه ابن أبي شيبة فلم يذكر «ابن
عباس» فيه، وهذا الذي جعل أبو زرعة يُرجّح رواية ابن أبي شيبة على رواية إبراهيم
مع أنه قال بأن إبراهيم أتقن منه.
وقوله إن إبراهيم
أتقن من ابن أبي شيبة صحيح في الجملة، لكن إن كان هناك قرينة تدلّ على إتقان ابن
أبي شيبة للحديث، فيحكم له مقابل هذا الكلام العام، والقرينة هنا: الزيادو في جادة
مسلوكة، والمخالف لم يذكر الزيادة مع شهرة الجادة، فدلّ على صواب ما رواه ابن أبي
شيبة.
ويبدو أن ذكر
الزيادة في أصل كتب إبراهيم، فيكون الخطأ في أصله، ولو كان حدّث به من حفظه بخلاف
ما في كتابه لذكره أبو زرعة.
وكأن الوهم دخل
على إبراهيم من حديث عِكْرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم قَالَ وَهْوَ فِى قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ...» الحديث المشهور، وهذا
يرويه خالد الحذاء أيضاً عن عكرمة عن ابن عباس، ويرويه عن خالد جماعة منهم
عبدالوهاب الثقفي، والله أعلم.
ومما يُرجّح
رواية الإرسال أن شهود الملائكة بدراً مشهور في كتب المغازي بالإرسال، وعكرمة يروي
الكثير من أحداث الغزوات بالإرسال، والله أعلم.
والحمد لله ربّ
العالمين، وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى
يوم الدِّين.
وكتب: د. خالد
الحايك.
14 ربيع الثاني
1443هـ.
شاركنا تعليقك