الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

دعاء: «اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين» هل فيه ما يخالف العقيدة؟

دعاء: «اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين» هل فيه ما يخالف العقيدة؟

دعاء: «اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين»!

هذا الدعاء منتشر بين الناس، وقد ازداد الدعاء به في هذه الأيام مع احتدام الصراع بين الكفار = أمريكا وإيران!

فخرج بعض المتفلسفين للتحذير من هذا الدعاء!

فقال بعضهم: إن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه. والإسلام يعلم أهله أن يعتمدوا على أنفسهم، ويستنصروا بربهم، ولا ينتظروا أن يُهلك الله الظالمين بالظالمين!

وقال آخر: أصحاب هذه المقولة كمثل بني إسرائيل الذين قالوا لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون...

إلى غير ذلك من الأقوال!

أقول:

أولاً: لم يقل أحد أن هذا الدعاء حديث مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم، وكونه لم يرد عنه، ولم يرد عن أصحابه، فلا يعني أن يكون خطأ!

ثانياً: هذا الدعاء لا يعني أن من يدعو به يجلس وينتظر أن يُهلك الظالمين بالظالمين! بل أقصى ما فيه أن يجعل الله بأس هؤلاء شديد فيما بينهم فيهلكهم، مع بذل الوسع في محاربتهم كذلك.

وكان على هؤلاء أن يتقدموا الناس ويترجموا أقوالهم لأفعال لا التفلسف الذي لا يسمن ولا يُغني من جوع!

ثالثاً: هذا الدعاء ليس فيه ما يُخلّ بالشرع، بل قد جاء في بعض كلام أهل العلم.

واشتهر قديماً «إن الله ينتقم من الظالم بالظالم»، وبيّن أهل العلم أن هذا ليس بحديث، لكن روى ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال: قرأت في الزبور: «إني أنتقم بالمنافق من المنافق، ثم أنتقم من المنافقين جميعًا، وذلك في كتاب الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129]».

وروى أبو نُعيم في «الحلية» عن الزاهد العابد حَسَّان بن عطية، أنه قَالَ: «يعَذِّبُ اللهُ الظَّالِمَ بِالظَّالِمِ، ثُمَّ يُدْخِلُهُمَا النَّارَ جَمِيعًا».

وقال ابن كثير في «تاريخه» في أحداث سنة اثنتين وستين وستمائة قال: "وفِيهَا استحضر الملك هولاكو خان الزين الحافظي وهو سليمان بنِ عَامِرٍ العَقْرَبَانِيُّ المَعْرُوفُ بِالزَّيْنِ الحَافِظِيِّ، وَقَالَ لَهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدِي خِيَانَتُكَ، وَقَدْ كَانَ هَذَا الْمُغْتَرُّ لَمَّا قَدِمَ التَّتَارُ مَعَ هُولَاكُو دِمَشْقَ وَغَيْرَهَا مَالَأَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَآذَاهُمْ وَدَلَّ عَلَى عَوَرَاتِهِمْ، حَتَّى سَلَّطَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِأَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ وَالْمَثُلَاتِ، وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً، ومن أَعَانَ ظَالِمًا سُلِّطَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْتَقِمُ مِنَ الظَّالِمِ بِالظَّالِمِ ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنَ الظَّالِمِينَ جَمِيعًا، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنَ انْتِقَامِهِ وَغَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ".

فالدعاء بمثل هذا الدعاء في أوقات الشدّة وتسلط أعداء الله على المسلمين لا بأس به، وليس فيه ما يعتقده بعض الناس أنه يدعو إلى الكسل والدعة والركون.

والدعاء مطلوب شرعاً، وهو أنواع، ومنه ما يكون كفراً، ومنه ما يكون محرماً، ومنه ما يكون مكروهاً على ما بيّنه الإمام القرافي في «فروقه».

وهذا الدعاء ليس فيه محذور شرعي، وهو طلب من الله بأن يُهلك الظالمين بعضهم ببعض وأن يُنجي المسلمين من بينهم.

والله أعلم.

شاركنا تعليقك