من هو: «أبو يوسف القاضي» صاحب كتاب «لطائف المعارف»؟!
أثناء القراءة والبحث في كتاب الحافظ
مُغلطاي بن قُليج الحنفيّ (ت 762هـ) «إكمال تهذيب الكمال» وجدته ينقل في عدّة
مواضع من كتاب سمّاه «لطائف المعارف» ونسبه لأبي يوسف القاضي، وقد تصحف في المطبوع
في بعض المواضع إلى «أبي موسى»! أو «ابن يوسف»!
وكان مغلطاي يطلق كنيته ولم يُسمه أبداً!
وكان أحياناً يقول: "أبو يوسف"، وأحياناً يقول: "القاضي أبو
يوسف".
وجاء في موضع بحسب المطبوع: "أبو
يوسف المدائني"!
وطفقت أبحث عن هذا الكتاب وصاحبه، ولم
أُوفق في ذلك، وكان مغلطاي - رحمه الله - واسع الاطلاع، ومكتبته واسعة جداً،
وموارده كثيرة بحيث ينقل عنه من جاء من العلماء بعده من كتب مفقودة.
بل لم يذكر هذا الكتاب أحد قبل مغلطاي،
وكل من ينقل عنه ممن جاء بعده، فهم ينقلون عنه، والله أعلم.
والأصل في إطلاق مغلطاي كنية صاحب الكتاب
هكذا: «القاضي أبو يوسف» أو «أبو يوسف» أنه معروف ومشهور عند أهل العلم، وكذا
كتابه، كأن تقول: قال الشافعي، أو قال مالك، أو قال أحمد، أو قال ابن المديني،
وهكذا.
لكن لم أجد من أشار لهذا الكتاب، والظاهر أن
من نقل منه نقله عن مغلطاي، فهل كان مغلطاي يُدلّسه بذكره لكنيته فقط؟ فالله أعلم.
وأبو يوسف القاضي إذا أُطلق عند أهل العلم
فهو صاحب أبي حنيفة المشهور يعقوب بن إبراهيم الكوفيّ (ت 182هـ)، ولهذا نَسب
الباحث "أحمد كامل جاملين" في رسالته للماجستير «موارد الحافظ مغلطاي في
كتابه إكمال تهذيب الكمال - من المجلد الأول إلى المجلد السادس»، 1434هـ / 2013م
بجامعة الملك سعود بإشراف د. علي الصيّاح، نسب هذا الكتاب لأبي يوسف القاضي صاحب
أبي حنيفة!!
وممن نَسب هذا الكتاب لأبي حنيفة الدكتورة
عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطئ) في تحقيقها لكتاب «محاسن الاصطلاح» للبلقيني
(ت805هـ) (ص: 872، و897) في فهارس الكتاب!
وكثير ممن سألتهم من طلبة العلم، ومن أجاب
عن السؤال الذي وضعته على شبكة الانترنت حول هذا الكتاب أجاب بأن صاحب الكتاب هو
القاضي أبو يوسف صاحب أبي حنيفة!!
لكن لا يمكن أن يكون هو صاحب هذا الكتاب
لأسباب، منها:
الأول: أنه لم يُعهد في زمانه مثل هذه
التصنيفات في اللطائف.
الثاني: أنه كان مُعتنياً بالفقه لا في
لطائف المعارف وما يتعلق بالرّجال والتراجم.
الثالث: لم يذكر أهل العلم على كثرة من
ترجم له أنه له مثل هذا الكتاب.
الرابع: أن التصنيف في «المعارف» بدأه ابن
قتيبة (ت 276هـ)، أي بعد وفاة أبي يوسف القاضي بسنوات طويلة، ثم بعده صار التأليف
في «لطائف المعارف»، وأشهر مؤلف فيها «لطائف المعارف» للثعالبيّ (ت 430هـ).
ولا يوجد فيهما أي ذكر لكتاب يُنسب لأبي
يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة في هذا الباب.
الخامس: أن أبا يوسف هذا ينقل عن أَبي
العَبَّاسِ المُبَرَّد (ت 286هـ).
قال مغلطاي في «الإكمال» (5/184): "وزعم
أبو يوسف في كتاب «اللطائف» عن المُبَرَّد أنه قال...".
فيستحيل أن يكون أبا يوسف هذا صاحب أبي
حنيفة، إذ كيف ينقل عن المبرد الذي لم يكن مخلوقاً حينما مات!!! وبين وفاتيهما
أكثر من مائة سنة!
السادس: ذكر مغلطاي في «الإكمال» (8/51)
في ترجمة «موسى بن عبيدة الربذي»: "وقال ابن قتيبة: كان بين موسى وأخيه عبدالله
- يعني في الميلاد - ثمانون سنة، زاد أبو يوسف في كتاب «لطائف المعارف»: ولا يعهد
مثله".
فهذا يدلّ على أن كتاب أبي يوسف بعد كتاب
ابن قتيبة؛ لأن مغلطاي أن أبا يوسف زاد هنا على ابن قتيبة.
وعليه فيستحيل أن يكون صاحب كتاب «لطائف
المعارف» هو أبو يوسف القاضي المشهور صاحب أبي حنيفة.
وقد جاء في مطبوع «الإكمال» (1/245)،
و(2/20): "وفي لطائف أبي موسى...".
وجاء أيضاً (2/328): "وفي كتاب
«اللطائف» لأبي يوسف المدائني..."!
فظننت أنه ربما يكون صاحب الكتاب هو «أبو
موسى المديني» وهو الحافظ المشهور المتوفى سنة (581هـ) وأن «موسى» تحرفت إلى «يوسف»
ورسمهما واحد، ويقال عنه «المدائني» أيضاً.
واستبعدت ذلك لأسباب:
الأول: أن غالب النصوص عند مغلطاي، ومن
نقل من هذا الكتاب صرّحوا بأنه «أبو يوسف» لا «أبو موسى».
الثاني: أن كتاب أبي موسى في «اللطائف»
خاص في أنواع لطاف من علم الحديث، واسمه «اللطائف من دقائق المعارف»، وكتابنا الذي
نبحث عن مؤلفه أوسع من ذلك.
الثالث: أن مغلطاي عندما يذكر أبا موسى
ينسبه، فقد ذكره في «الإكمال» (1/230) وقال: "وفي كتاب «أحاديث التابعين»
للحافظ أبي موسى المديني الأصبهاني...".
الرابع: الرابع: أنه لم يذكر فيما اطلعنا
عليه من تراجم الحافظ أبي موسى المديني أنه كان قاضياً.
وعليه فيستحيل أن يكون أبو موسى المديني،
ويكون ما وقع في المواضع السابقة من كتاب «الإكمال» قد تصحف، والنسخة المطبوعة
سقيمة فيها أخطاء كثيرة.
فيكون «وفي لطائف أبي موسى» محرفة
والصواب: «وفي لطائف أبي يوسف».
و«لأبي يوسف المدائني» ربما تكون تحرفت من
«لأبي يوسف القاضي»، والله أعلم.
وهنا أقف عاجزاً عن معرفة صاحب هذا الكتاب
«أبو يوسف القاضي»!!
وهذه هي النصوص التي نقلها مغلطاي وغيره
من كتابه:
1- قال مغلطاي في «الإكمال» (1/245) في
ترجمة «إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف»: "وفي لطائف أبي يوسف: كَانَ
قَصِيْراً، دَحْدَاحاً، تزوج سُكينة بنت الحسين فلم ترضه واختلعت منه".
في المطبوع: "وفي لطائف أبي
موسى..." وهو تصحيف.
2- قال مغلطاي في «الإكمال» (2/20) في
ترجمة «الأحنف بن قيس»: "وفي لطائف أبي يوسف: وكان أصلع متراكب
الأسنان، مائل الذقن".
في المطبوع "أبي موسى" وهو
تصحيف.
ونقله مغلطاي كذلك في «الإنابة إلى معرفة
المختلف فيهم من الصحابة» (1/53) قال: "قال أبو يوسف في كتابه «لطائف
المعارف»: كان أصلع، متراكب الأَسنان، مائل الذَقن".
ونقله ابن المُلقّن (ت 804هـ) في «التوضيح
لشرح الجامع الصحيح» (10/256) قال: "وقال أبو يوسف في «لطائف المعارف»:
كان أصلع، متراكب الأسنان، مائل الذقن".
وقال العيني (ت 855هـ) في «عمدة القاري»
(8/264): "وفِي «لطائف المعارف» لأبي يُوسُف: كَانَ أصلع، متراكب
الْأَسْنَان، مائل الذقن".
3- قال مغلطاي في «الإكمال» (2/328) في
ترجمة «أيوب السختياني»: "وفي كتاب «اللطائف» لأبي يوسف المدائني
[القاضي]: مات أيوب في الطاعون الذي لم يُصب البصرة بعده طاعون، وكان ذلك
اليوم يعني يوم مات أيوب ما بين السبعة آلاف إلى الثمانية، وكان بدؤه في شعبان
واخترق شهر رمضان وأبلغ في شهر شوال".
قلت: «المدائني» هنا ربما تحريف عن «القاضي»؛
لأن مغلطاي ذكر «القاضي» في غير ما موضع، والله أعلم.
4- قال مغلطاي في «الإكمال» (4/60) في
ترجمة «حسّان بن ثابت الصحابي»: "وفي «لطائف» أبي يوسف: أعرق
الناس في الشعر سعيد بن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام هؤلاء الستة
شعراء. وآل أبي حفصة ... منهم عشرة، لو أنزلوا الشعر كان ...".
قلت: قال المبرد: "أعرق الناس كانوا
في الشعر: آل حسان، فإنهم يعدون ستة في نسق كلهم شاعر: سعيد بن عبدالرحمن بن حسان
بن ثابت بن المنذر بن حرام".
يعني: سعيد شاعر، وعبدالرحمن شاعر، وحسان
شاعر، وثابت شاعر، والمنذر شاعر، وحرام شاعر".
وقال الثعالبي: "أعرق الناس في قول
الشعر آل حفصة، وتوارثوا الشعر كابراً عن كابر، عشرة على الولاء أولهم: أبو حفصة
مولى عثمان، ثم يحيى بن أبي حفصة، ثم سليمان بن يحيى، ثم مروان بن سليمان، ثم أبو
الجنوب بن مروان، ثم مروان بن أبي الجنوب، ثم يحيى بن مروان، ثم محمود بن مروان،
ثم متوج بن محمود، ثم المؤمل بن جميل".
فكأن ما قاله أبو يوسف القاضي أخذه من
المبرد والثعالبي، وهذا يدلّ على أنه جاء بعد الثعالبي كما سبق بيانه، والله أعلم.
5- قال مغلطاي في «الإكمال» (4/222) في
ترجمة «الخليل بن أحمد الفراهيدي»: "وفي «لطائف المعارف» لأبي يوسف:
كان الخليل أعرف".
6- قال مغلطاي في «الإكمال» (5/184) في
ترجمة «سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب»: "وزعم الجوهري في كتاب «الصحيح»:
أن الجلدة التي بين العين والأنف تسمى سالماً مستدلاً بقول عبدالله:
يُديرُونَنِي عَنْ سَالِمٍ وأُدِيرُهُمْ //
وجِلْدَةُ بينَ العَيْنِ والأَنْفِ سَالِمُ
وهو قول فيه نكارة لم يتابعه عليه أحد،
وذكروا له معنى غير ما قاله أليق به وهو كثرة الشفقة؛ لأن ما بين هذين العضوين من
أشرف عضو في الوجه، وهو شبيه زاهر البكري في أنه قال:
أحاذر أن يردى يزيد بن زاهر // وجِلْدَةُ
بينَ الحاجبين يَزيدُ
وزعم أبو يوسف في كتاب «اللطائف» عن المُبرّد
أنه قال: المقول فيه هذا البيت هو سالم مولى هشام لا سالم بن عبدالله.
ونسبه أبو عُبيد في «الأنساب» لعبدالله بن
معاوية في ابنه الأسيم واسمه سالم".
قال ابن ألأبار البلنسي (ت 658هـ) في «إعتاب
الكتاب» (ص: 62): "سالم مولى هشام بن عبدالملك: كان يتقلد له ديوان الرسائل،
وهو ممن نبه بالكتابة. حكى أبو بكر الصولي أن أبا سلمة الخلال، وزير أبي العباس
السفاح، أنكر شيئاً بلغه عن أبي العباس في وقت، فأنكر أبو العباس السفاح ذلك، وسكن
من أبي سلمة وقال له: إن هشام بن عبدالملك حمل على مولاه وكاتبه سالم، وسعي به
إليه، فقال له:
يديرونني عن سالمٍ وأُديرهم // وجلدة بين
العين والأنف سالم
وأنت جلدة وجهي كله".
7- قال مغلطاي في «الإكمال» (6/159) في
ترجمة «سَوّار بن عبدالله القاضي»: "وفي «اللطائف» لأبي يوسف:
هو من أعرف الناس في القضاء، أبوه قضى للمهدي، وجدّه قضى للمنصور".
8- قال مغلطاي في «الإكمال» (6/256) في
ترجمة «شعبة بن الحجاج»: "قال أبو يوسف في كتاب «لطائف المعارف» تأليفه:
أقام شعبة في بطن أمه سنتان".
9- قال مغلطاي «الإكمال» (7/29) في ترجمة «الضحاك
بن مزاحم الهلالي»: "وذكر أبو يوسف في كتاب «لطائف المعارف» أنه
مكث في بطن أمه ستة عشر شهراً".
10- قال مغلطاي في «الإكمال» (7/70) في
ترجمة «طلحة بن عبدالله بن خلف المعروف بطلحة الطلحات»: "وقال أبو يوسف
في «اللطائف»: ذهبت عينه، وعين المهلب بسمرقند".
11- قال مغلطاي في «الإكمال» (7/70) في
ترجمة «طلحة بن عبدالله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق»: "قال أبو
يوسف في كتابه «لطائف المعارف»: طلحة هذا يُعرف بطلحة الدراهم".
12- قال مغلطاي في «الإكمال» (8/51) في
ترجمة «موسى بن عبيدة الرَّبذي»: "وقال ابن قتيبة: كان بين موسى وأخيه عبدالله
- يعني في الميلاد - ثمانون سنة، زاد أبو يوسف في كتاب «لطائف المعارف»:
ولا يُعهد مثله".
في المطبوع: "زاد ابن يوسف" وهو
تصحيف، والصواب: "أبو يوسف".
13- قال مغلطاي في «الإكمال» (8/64) في
ترجمة «عبدالله بن أبي قحافة أبي بكر الصديق»: "وفي «اللطائف» لأبي
يوسف: كان أبوه يقال له: شارب الذهب، لكثرة نقائه كأنه يشرب الذهب".
14- قال مغلطاي في «الإكمال» (8/370) في
ترجمة «عبدالوارث بن عبدالصمد»: "وقال القاضي أبو يوسف في كتابه «لطائف
المعارف» أنه كان ...".
15- قال مغلطاي في «الإكمال» (9/245) في
ترجمة «عطاء بن السائب»: "وفي كتاب «لطائف المعارف» للقاضي أبي يوسف:
قال عطاء: ذهبت عيني منذ أربعين سنة، فلم يعلم بها أحد إلى اليوم".
16- قال مغلطاي في «الإكمال» (11/154) في
ترجمة «مَسروق بن الأجدع»: "وفي «لطائف المعارف» لأبي يوسف:
كان مسروق مفلوجاً، أحدب، أشلّ".
17 قال ابن المُلقّن في «التوضيح لشرح
الجامع الصحيح» (19/322) وذكر «الأقرع بن حابس»: "وقال أبو يوسف في
كتاب «لطائف المعارف»: كان أصمّ مع قرعه وعوره".
وقال العيني في «عمدة القاري» (15/229):
"وفِي «التَّوْضِيح» فِي كتاب «لطائف المعارف» لأبي يُوسُف: كَانَ الْأَقْرَع
أَصمّ مَعَ قرعه وعوره".
قلت: العيني ينقل من كتاب ابن الملقن وهو
مع قرب عهده لمغلطاي إلا أنه لم يقف على كتاب أبي يوسف كما هو الظاهر، ولا أستبعد
أن يكون ابن الملقن نقل ما يتعلق بالأقرع وما بعد هذا من كتاب مغلطاي، وكذا ما
سيأتي من كتاب الصحابة لابن حجر، وأسلوب النقل مثل أسلوب مغلطاي، وكتاب مغلطاي
الذي بين أيدينا فيه نقص كبير، والله أعلم.
18- قال ابن الملقن في «التوضيح لشرح
الجامع الصحيح» (20/39): "وفي «لطائف المعارف» لأبي يوسف: ما
على الأرض عربي إلا وهو من ولد إسماعيل إلا الأوزاع، وحضرموت، وثقيف".
19- قال ابن الملقن في «المقنع في علوم
الحديث» (2/533): "ومِثَال المئة جمَاعَة ذكرهم القَاضِي أَبُو يُوسُف
فِي كِتَابه «لطائف المعارف» حَيْثُ قَالَ: وَمِمَّنْ ولد لَهُ فِي
الْإِسْلَام مئة مَوْلُود: خَليفَة بن السَّعْدِيّ، وجعفر بن سُلَيْمَان
الْهَاشِمِي، وَعبدالله بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ".
وقال البلقيني في «محاسن الاصطلاح» (ص:
535): "ومثالُ المائة ما ذكره القاضي أبو يوسف في كتابه «لطائف المعارف»
قال: وممن ولد له في الإسلام مائةُ مولود: جعفر بنُ سليمان الهامشمي، وعبدالله بن عمير
الليثي، وخليفة ابن السعدي".
20- قال ابن حجر في «الإصابة في تمييز
الصحابة» (2/226): "وذكر أبو يوسف في كتاب «اللطائف» عن
الضّحاك: أنّ النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم أرسل المقداد والزّبير في إنزال خبيب
عن خشبته، فوصلا إلى التنعيم، فوجدا حوله أربعين رجلاً نشاوى، فأنزلاه، فحمله
الزّبير على فرسه، وهو رطب لم يتغير منه شيء فنذر بهم المشركون، فلما لحقوهم قذفه
الزبير فابتلعته الأرض فسمي بليع الأرض".
وقال السيوطي في «الخصائص الكبرى» (1/367):
"وأخرج ابو يُوسُف فِي كتاب «اللطائف» عَن الضَّحَّاك...".
فهذه النقولات التي وجدتها من كتاب أبي
يوسف هذا، وأكثر هذه النقولات من كتاب مغلطاي، وأحسب الأربعة الأخيرة من كتابه
أيضاً؛ لأن من نقلها بأسلوب مغلطاي في النقل، وكتابه المطبوع بين أيدينا فيه نقص
كبير، والله أعلم.
ووجدت في «المجالس الوعظية في شرح أحاديث
خير البرية» (1/306) لمحمد بن عمر بن أحمد السفيري الشافعي (ت 956هـ) لطيفة منقولة
من كتاب «لطائف المعارف» ولم يذكر اسم مؤلفه، فيحتمل أنه من كتاب أبي يوسف، والله
أعلم.
21- قال السفيري: "لطيفة مناسبة: نقل
في كتاب «لطائف المعارف» عن عون بن عقبة أنه قال: بنى ملك من الملوك ممن
كان قبلكم مدينة فتأنق في بنائها، ثم صنع طعاماً ودعا الناس إليه وأقعد على
أبوابها أناساً يسألون كلّ من خرج: هل رأيتم فيها عيباً؟ فيقولون: لا، حتى جاء في
آخر الناس قوم أكسية فسألوهم: هل رأيتم فيها عيباً؟ فقالوا عيبين اثنين فأدخلوهم
على الملك فقال لهم: هل رأيتم فيها عيباً؟ قالوا: رأينا فيها عيبين، قالوا: وما
هما؟ قالوا: تخرب ويموت صاحبها، ثم دعوه وشوقوه إليها فأجابهم وانخلع من ملكه
وتعبد معهم إلى أن مات، فحدّث عون بهذا الحديث لعمر بن عبدالعزيز فوقع منه موقعاً
عظيماً، واشتد خوفه بسبب ذلك وهمَّ أن يخلع نفسه من الملك، فأتاه ابن عمه مسلمة
فقال: اتق الله يا أمير المؤمنين في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فوالله لئن فعلت
لتقتلن الناس بأسيافهم، فقال: ويحك يا مسلمة، حملتني ما لا أطيق وجعل يرددها،
ومسلمة يناشده حتى سكن".
ويبقى السؤال: من هو: «أبو يوسف القاضي»
صاحب «لطائف المعارف»؟!
وكتب: خالد الحايك.
23 ذو الحجة 1441هـ.
شاركنا تعليقك