فائدة ومناقشة!
قال ابن قتيبة (ت 276هـ) في كتاب «المعارف»
[ط. المعارف] (ص:592) تحت عنوان: "أخوان تفاوت ما بينهما في السن":
"موسى بن عبيدة، الذي يُروى عنه الحديث.
كان أخوه «عبدالله بن عبيدة» أسنّ منه بستين سنة، وكان «موسى» يروي
عن أخيه".
كذا في المطبوع: «بستين»! وفي بعض الكتب التي
نقلت عن ابن قتيبة «بثمانين»!
قال مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (8/51)
في ترجمة «عبدالله»: "وقال ابن قتيبة: «كان بين موسى وأخيه عبدالله - يعني في
الميلاد - ثمانون سنة»، زاد أبو يوسف في كتاب «لطائف المعارف»: ولا يُعهد مثله".
[وأبو يوسف هو القاضي المدائني، وقد تحرف اسمه إلى: ابن يوسف].
وقال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (5/310):
"قال ابن قتيبة في «المعارف»: كان بين موسى وأخيه عبدالله في الميلاد ثمانون
سنة. قلت: ولا نظير لهما في ذلك".
قلت: الظاهر أن ابن حجر نقل هذا من كتاب
مغلطاي كعادته في زيادة كثير مما يزيده على المزي فإن هذه الزيادات غالبها من كتاب
مغلطاي، وقوله الأخير هو ما نقله مغلطاي عن ابن يوسف في زيادته على ابن قتيبة.
وَقَال أَبُو بكر الحازمي: "روى
مُوسَى بن عُبَيدة الربذي عن أخيه عَبداللَّهِ بن عُبَيدة وبينهما فِي السن ثمانون
سنة". [تهذيب الكمال (29/106)].
وقال البزار (ت 292هـ) في «مسنده» (4/181):
"كَانَ بَيْنَ مُوسَى بنِ عُبَيْدَةَ، وبَيْنَ أَخِيهِ عَبْدِاللَّهِ بنِ
عُبَيْدَةَ اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سَنَةً، عَبْدُاللَّهِ هُوَ
الْأَكْبَرُ".
قلت: وقول البزار هذا يؤيد ما نقله مغلطاي
وابن حجر، فيكون الذي في مطبوع كتاب ابن قتيبة محرّف، والصواب: «بثمانين».
وربما يكون البزار استفاد هذا من كلام ابن
قتيبة، إلا أنه قال "اثنتان وثمانون"، وابن قتيبة قال:
"ثمانون"، فالله أعلم.
وعبدالله هذا قد روى عن بعض الصحابة
كعليّ، وجابر، وغيرهما، لكن لا يثبت أنه سمع منهم! والراجح أنه ربما أدرك بعض
الصحابة لكن لا يثبت له سماع من أحد منهم، وكان - رحمه الله - قد قتلته الحَرورية
بقُديد سنة (130هـ).
وأخوه موسى بن عُبيدة الرَّبذي من العباد
الزهاد، إلا أنه لم يكن يعتني بحديثه فخلط فيه، وكان يهم وهماً فاحشاً، ويروي
المنكرات عن الثقات، والعلماء على تضعيفه، وحديثه ليس بشيء، ولا يُحتج به. وقد
توفي سنة (153هـ).
قلت: فكيف يسمع موسى من أخيه عبدالله ويروي عنه وبينهما (80) سنة؟!
فعلى هذا لا يمكن أن يكون سمع منه!
إذا نظرنا في طبقة شيوخ موسى نجد أن غالبهم ممن توفوا قبل سنة
(120هـ)، فيكون عبدالله من شيوخه الذين تأخرت وفاتهم بالنسبة لشيوخه، وهذا يدلّ
على أنه لا يمكن أن يكون بينهما (80) سنة في الميلاد!!
ثم وجدت ابن ماكولا يقول في «الإكمال» (6/46) بعد
أن ذكر «عبدالله»: "وأخوه محمد بن عبيدة، سمع عقبة بن عامر، روى عنه: أخوه
عبدالله بن عبيدة، وقيل: إن محمد بن عبيدة أكبر من موسى بثمانين سنة".
فجعل ابن ماكولا أن الذي بينه وبين موسى
(80) سنة هو «محمد بن عبيدة» أخوه الآخر، وموسى لا يروي عنه، وإنما الذي يروي عنه
هو أخوه «عبدالله» وهذا أقرب للصواب، فيكون بين «موسى» و«محمد» (80) سنة، وموسى
أدركه لكن لم يسمع منه، وإنما الذي سمع منه هو أخوه «عبدالله».
ثم وجدت مصدر ابن ماكولا في ذلك، فقد قال
الخطيب البغدادي في «تلخيص المتشابه في الرسم» (1/100): قَرَأْتُ فِي كِتَابِ
عُبَيْدِاللَّهِ بنِ العَبَّاسِ بنِ الفُرَاتِ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ العَبَّاسِ
بنِ العَبَّاسِ بْنِ المُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يُونُسَ الكُدَيْمِيِّ،
قَالَ: "بَيْنَ مُوسَى بنِ عُبَيْدَةَ ومُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدَةَ
الرَّبَذِيِّ ثَمَانُونَ سَنَةً، مُحَمَّدٌ أَكْبَرُ مِنْ مُوسَى بِثَمَانِينَ
سَنَةً".
والكُدَيْمِيُّ بَصْرِيٌّ ضَّعِيْف، وهو
متّهم في روايته، لكن ينقل عنه أهل العلم بعض الفوائد في الوفيات وغيرها، ومات سَنَةَ
(286هـ) = يعني بعد ابن قتيبة بعشر سنين، فكلام ابن قتيبة سابق له.
وقول الكديمي ذكره الخطيب في ترجمة «محمد
بن عبيدة» من كتابه «تلخيص المتشابه في الرسم» (1/100) قال: "مُحَمَّدُ بنُ
عُبَيْدَةَ بنِ نَشِيطِ بنِ عُبَيْدِ بْنِ الحَارِثِ الرَّبَذِيُّ مَوْلَى بَنِي
عَامِرٍ، وَهُوَ أَخُو عَبْدِاللَّهِ وَمُوسَى، سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ
الْجُهَنِيَّ، رَوَى عَنْهُ أَخُوهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُبَيْدَةَ".
ثم ساق له من طريق أَبي حَفْصٍ عَمْرو بنِ
عَلِيّ الفلاس، عن أبي عاصم الضحاك بن مَخلد، عن مُوسَى بن عُبَيْدَةَ قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بنُ عُبَيْدَةَ، قال حَدَّثَنِي مُحمدُ بنُ عُبَيْدَةَ،
قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}
[الأنفال: 60] قَالَ: «القُوَةُ: الرَّمْيُ».
ورواه ابن عدي في ترجمة «عبدالله» من «الكامل»
(6/374) (9850) من طريق مكي بن إبراهيم، قال: حَدثنا موسى بن عبيدة، عن أخيه عَبدالله
بن عبيدة، عن أخيه مُحمد بن عبيدة، عن عقبة بن عامر، عن النبي صَلي الله عَليه
وسلم؛ في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} قال: «القوة
الرمي».
ثم رواه من طريق أَبي قتادة الحراني
عبدالله بن واقد، قال: حَدثنا موسى بن عبيدة، عن أخيه مُحمد بن عبيدة، عن أخيه
عَبد الله بن عبيدة، عن عقبة بن عامر: أَن النَّبي صَلي الله عَليه وسَلم
قال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} قال: الرمي.
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (4/637) (1696): قَالَ أَبِي:
وذكَرَ حديثًا رواه بَكَّارُ بنُ عبدالله بْنِ عُبَيدة الرَّبَذي، عَنْ عمِّه
مُوسَى بْنِ عُبَيدة، عَنْ أَخِيهِ محمد، عن أخيه عبدالله بْنِ عُبَيدة؛ قَالَ: سمعتُ عُقْبَة بْنَ
عَامِرٍ، يَقُولُ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا
اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}: ألاَ إِنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ.
قَالَ أَبِي: "يُروى هَذَا الحديثُ عَنِ عُقْبَة، عن النبيِّ
صلى الله عليه وسلم، وَلا أعرفُ هَذَا الإسنادَ، وَلا أرى عبدالله بْنَ عُبَيدة
أَدْرَكَ عُقْبَة بْنَ عَامِرٍ، ويَروي عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ، فَلا أَدْرِي
أدرَكَهُ أَمْ لا".
قلت: كأنه انقلب على أبي قتادة الحراني، وكان يُخطئ، وعلى بكار بن
عبدالله، وهو ضعيف! فجعلاه: "عن محمد بن عبيدة، عن عبدالله بن عبيدة"!
والصواب ما رواه أبو عاصم، ومكيّ: "عن عبدالله بن عبيدة، عن
محمد بن عبيدة".
وكأن أبا حاتم - رحمه الله - لم يتتبع روايات الحديث فتكلّم على
رواية بكار التي فيها الخطأ!
وكذلك وقع في ذلك ابن حبان، فقال في «الثقات» (7/411) (10655): "مُحَمَّد
بن عُبَيْدَة الربذيّ: يروي عَنْ أَخِيه عَبْداللَّهِ بن عُبَيْدَة، عَنْ عقبَة
بْن عَامر. روى عَنهُ أَخُوهُ مُوسَى بن عُبَيْدَة الربذي".
والخلاصة أن قول ابن قتيبة ومن تبعه في
أنه بين «موسى» و«عبدالله» (80) سنة فيه نظر!
والأقرب أنه بين «موسى» وبين أخيه «محمد»،
ولم يسمع منه، وإنما يروي عنه بواسطة أخيه «عبدالله»، والله أعلم.
والحديث السابق هو من صحيح حديث موسى بن
عبيدة؛ لأن الحديث معروف عن عقبة بن عامر.
رواه مسلم في «صحيحه» (3/1522) (1917) قال:
حَدَّثَنَا هَارُونُ بنُ مَعْرُوفٍ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي
عَمْرُو بنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ، أَنَّهُ
سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ: «{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا
اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ،
أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ».
وموسى بن عبيدة اتفق أهل العلم على عدم
الاحتجاج به لكثرة وهمه، وكان منشغلاً بالعبادة فخلّط في حديثه، وكان يروي
المنكرات، إلا أن شعبة قد روى عنه، ولما سئل أحمد عن رواية شعبة عنه، قال إنه لم
يرو عنه منكراً.
قال يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ»
(2/169): حَدَّثَنِي الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ، قال: وسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِاللَّهِ
وَسَأَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: أيما أَحَبُّ إِلَيْكَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ أَوْ
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ؟ قَالَ: لَا، مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. قُلْتُ لَهُ:
رَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَقُولُ شُعْبَةُ
عَنْ أَبِي عَبْدِالعَزِيزِ الرَّبَذيّ. قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَرْوِ عَنْهُ
شُعْبَةُ حَدِيثًا مُنْكَرًا.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: رَوَى عَنْهُ
الثَّوْرِيُّ أَيْضًا؟ قَالَ: نَعَمْ.
وروى هذه القصة إبراهيم بن يعقوب السعدي
الجوزجاني في «أحوال الرجال» (ص: 215) قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، يَقُولُ: لا تَحِلُّ
الرِّوَايَةُ عَنْ مُوسَى بنِ عُبَيْدَةَ، قِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِاللَّهِ، لَا
يَحِلُّ! قَالَ: عِنْدِي. قُلْتُ لأحمد: إن موسى قد روى عنه سفيان، وشعبة يَقُولُ:
أَبُو عَبْدِالعَزِيزِ الرَّبَذِيُّ، قَالَ: لَوْ بَانَ لِشُعْبَةَ مَا
بَانَ لِغَيْرِهِ مَا رَوَى عَنْهُ.
وروى ابن أبي حاتم هذه القصة عن الجوزجاني
في «الجرح والتعديل» (8/152).
قلت: ما ذكره الجوزجاني يدلّ على أن شعبة
لم يكن يعرف حال موسى ولهذا روى عنه، فلو عرف حاله لما روى عنه، لكن القصة التي ذكرها
يعقوب الفسوي عن الفضل تدلّ على أن شعبة عرف حاله، فروى عنه بعض الأحاديث التي ليس
فيها نكارة، ولهذا قال أحمد: لم يرو عنه شعبة حديثاً منكراً.
فظاهرهما التعارض!!
فيُحتمل أن الجوزجاني روى كلام أحمد
بفهمه، ويحتمل أنه روى جزءا من كلامه، وروى الفضل جزءاَ، فيجمع بينهما = "لوْ
بَانَ لِشُعْبَةَ مَا بَانَ لِغَيْرِهِ مَا رَوَى عَنْهُ"، ومع ذلك "لَمْ
يَرْوِ عَنْهُ شُعْبَةُ حَدِيثًا مُنْكَرًا".
ولو أردنا الترجيح بين النقلين ما قدمنا
أحدا على ما قاله الفضل بن زياد القطّان البغدادي.
وقد تتبعت رواية شعبة عنه فلم أجد له إلا
حديثين فيما توفر بين أيدينا من كتب:
الأول: رواه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/151)
(323) عن عَمْرو بن مَرْزُوقٍ. [ورواه الشاشي في «مسنده» (1/220) (182) عن أَبي
بَكْرِ بن أَبِي خَيْثَمَةَ].
ورواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/126)
(4781) عن مُحَمَّد بن خُزَيْمَةَ، عن عَمْرو بن مَرْزُوقٍ.
ورواه البزار في «مسنده» (4/59) (1225) عن
مُحَمَّد بن المُثَنَّى، عن أَبي دَاوُدَ الطيالسي.
كلاهما (عمرو بن مرزوق، والطيالسي) عن شُعْبَةُ،
عَنْ أَبِي عَبْدِالعَزِيزِ الرَّبَذِيِّ، عَنْ عُمَرَ بنِ الحَكَمِ، عَنْ
سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةٌ
فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ
المَسَاجِدِ إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ».
قال البزار: "وَهَذَا الحَدِيثُ لَا
نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ بنِ الحَكَمِ، عَنْ سَعْدٍ إِلَّا مُوسَى بْنُ
عُبَيْدَةَ".
روى ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص: 138)
(498) من طريق عَمْرو بن عَلِيٍّ الفلاّس قَالَ: ذُكِرَ لِيَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ
سَعِيدٍ - حَدِيثُ مُوسَى بنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عُمَرَ بنِ الْحَكَمِ قَالَ:
سَمِعْتُ سَعْدًا يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا»، فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ بنُ الحَكَمِ
سَمِعَ مِنْ سَعْدٍ!
والثاني: رواه غُنْدَرٌ [كما ذكر
الدارقطني في تعليقاته على كتاب «المجروحين» لابن حبان (ص: 226) (296)].
ورواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (2/228)
(1822) من طريق عَفَّان بن مُسْلِمٍ.
ورواه الخطيب في «تلخيص المتشابه في الرسم»
(2/822) من طريق عَمْرو بن مَرْزُوقٍ الباهليّ.
ثلاثتهم عن شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ
أَبَا عَبْدِالعَزِيزِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ وَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا يَسْتُرُهُ،
فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى
فَلْيُقَاتِلْهُ».
قال الطبراني: "أَبُو عَبْدِالعَزِيزِ
الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ شُعْبَةُ هَذَا الحَدِيثَ هُوَ: مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ
الرَّبَذِيُّ".
قلت: هذا الحديث مشهور من رواية عبدالرحمن
بن سعيد عن أبيه، رواه مسلم في «صحيحه» (1/362) من طريق مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، به. وهو في «الموطأ»، ورواه
جماعة عن زيد بن أسلم، به.
وهذا لا يعني أن شعبة لم يحدث عنه إلا هذا
الحديث، وإنما شعبة انشغل بالجرح والتعديل أكثر من الرواية، وقد أعرض الناس عن
الرواية عن موسى للمناكير التي يرويها.
ويبدو أن شعبة لم يُكثر من الرواية عن
موسى بن عبيدة، وإنما انتقى من حديثه ما رآه ليس بمنكر = أي متنه معروف ولم ينفرد
به.
فالأصل الذي أشار إليه أحمد من رواية شعبة
عنه أحاديث ليست منكرة، فهذا الحديث الذي رواه عن أخيه، عن أخيه ليس بمنكر، وهو
معروف عن عقبة بن عامر، ويستفاد منه أن محمد بن عبيدة سمع من عقبة هذا الحديث، وهو
يروي عنه بواسطة، وهذا يؤيد أنه هو من بينه وبينه (80) سنة لا بينه وبين «عبدالله»!
والله أعلم.
وكتب: د. خالد الحايك.
20 ذو الحجة 1441هـ.
شاركنا تعليقك