حديث: «يخرج الدجال من أرض يقال لها خراسان»!
سئلت عن حديث عمرو بن حريث عن أبي بكر: «يخرج الدجال من
أرض يقال لها خراسان» أصحيح هو أم لا؟ وإن كان له علة أن تبينوها لنا كرمًا منكم.
فأجبت: هذا الحديث رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وأبو يعلى
الموصلي والبزار والحاكم وغيرهم من طريق عبدالله بْنِ شَوْذَبٍ وسعيد بن أبي
عروبة، كلاهما عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ عَنْ
عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ مَرِضَ فَلَمَّا أَكْثَرَ عَنْهُ
قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَا آلُوكُمْ نُصْحًا سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ
أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانُ يَتْبَعُهُ قوم كَأَن وُجُوههم
المجان".
وقال الترمذي: "حسن غريب". وصححه الحاكم وبعض
المعاصرين.
لكن بيّن أهل العلم أن سعيد بن أبي عروبة لم يسمعه من أبي
التياح.
قال البزار: "وهَذَا الْكَلَامُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ سُبَيْعٍ فَلَا نَعْلَمُ رَوَى عَنْهُ، إِلَّا
أَبُو التَّيَّاحِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ
أَبِي التَّيَّاحِ".
ثم قال: "وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فَلَمْ
يَسْمَعْ مِنْ أَبِي التَّيَّاحِ، وَيَرَوْنَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ
شَوْذَبٍ، أَوْ بَلَغَهُ عَنْهُ فَحَدَّثَ بِهِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، وَكَانَ
ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، قَدْ تَحَدَّثَ عَنْ جَمَاعَةٍ يُرْسِلُ عَنْهُمْ لَمْ
يَسْمَعْ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَقُلْ حَدَّثَنَا وَلَا سَمِعْتُ مِنْ وَاحِدٍ
مِنْهُمْ مِثْلَ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ،
وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ رَوَى عَنْهُمْ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَإِذَا قَالَ
أَنَا وَسَمِعْتُ كَانَ مَأْمُونًا عَلَى مَا قَالَ".
وقال في موضع آخر: "وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ
أَحَدًا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا
اللَّفْظِ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَا نَعْلَمُ
رَوَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، وَلَا عَنْ عَمْرٍو
إِلَّا الْمُغِيرَةُ بْنُ سُبَيْعٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ سُبَيْعٍ لَا نَحْفَظُ
أَنَّ أَحَدًا حَدَّثَ عَنْهُ غَيْرَ أَبِي التَّيَّاحِ، وَلَا نَعْلَمُهُ رَوَى
غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي
التَّيَّاحِ إِنَّمَا يُقَالُ: سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ أَبِي
التَّيَّاحِ".
وكذا ذهب الدارقطني في "العلل" إلى أن ابن أبي
عروبة دلّسه.
وعليه فرواية ابن أبي عروبة ليست متابعة لابن شوذب.
فالحديث تفرد به أبو التياح غن المغيرة بن سُبيع! والمغيرة
لا يُعرف إلا في هذا الحديث وحديث آخر وهو كوفي وثقه العجلي! لكن الأقرب أنه مجهول
الحال! فلا يقبل تفرده بهذا الحديث.
وأميل إلى أن أصل الحديث هو ما رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه»
عن يَزِيد بْن هَارُونَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «هَلْ بِالْعِرَاقِ أَرْضٌ
يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانُ»، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنَّ الدَّجَّالَ
يَخْرُجُ مِنْهَا».
وهذا مرسل من مراسيل ابن المسيب. ومراسيله عن أبي بكر
منكرة!
قال عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ
سَعِيدٍ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: "ذَاكَ شِبْهُ
الرِّيِحِ".
شاركنا تعليقك