سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (16).
قالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: «مَا عَلِمَ شُعْبَةُ بِشْرَ بنَ حَرْبٍ
إِنَّمَا كَانَ بِشْرٌ شَيْخًا لَنَا».
وقال: جعلت أُحدِّث أيوبَ بحديث بِشر بن حربٍ، فقال: «كأني أَسمع
حديث نافع»!
·
ترجمة بِشر بن حرب:
هو: بِشْرُ بنُ حَرْبٍ، أَبُو عَمْرٍو الأَزْدِيُّ
النَّدَبِيُّ البَصْرِيُّ. أحد التابعين.
والندبي: بفتح النون والدال المهملة وبالياء الموحدة: نسبة
إلى الندب بن الهون بن الهن - ويُقال: بن الهنو- بن الأزد بن الغوث، بطن من الأزد.
رَوَى عَن: جرير بن عَبْداللَّهِ البجلي، ورافع بن خديج،
وسمرة بن جندب، وعبدالله بن عُمَر بن الخطاب، وأبي سَعِيد الخُدْرِيّ، وأبي
هُرَيْرة.
رَوَى عَنه: الحارث بن عُبَيد أَبُو قدامة الإيادي
البَصْرِيّ مؤذن مسجد البرتي، وحرب بن سُريج المنقري، والحسين بن واقد، وحماد بن
زيد، وحماد بن سلمة، وخالد بْن يزيد الهدادي، وداود بن يزيد الثقفي البَصْرِيّ،
وسَعِيد بن زيد، وسلام بن مسكين، وشعبة بن الحجاج، والفضل بن معروف القطعي البَصْرِيّ،
ومرثد بن عامر الهنائي، ومَعْمَر بن راشِد، وأَبُو عوانة الوضاح اليشكري.
روى له ابن مَاجَهْ حديثاً واحداً عن ابن عمر، وذكره النَّسَائي
لما روى حديثاً عن أبي سعيد الخدري.
مَاتَ فِي وِلَايَةِ يُوسُفَ بنِ عُمَرَ عَلَى العِرَاقِ،
وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.
·
قول حماد بن زيد: ذكرت لأيوب
حَدِيث بشر بن حَرْب، فقالَ: "كَأَنَّمَا نسْمع حَدِيث نَافِع".
قال عبّاس الدوري [تاريخ ابن معين - رواية الدوري (4/183)
(3846)]: سَمِعت يحيى يَقُول: قالَ عَارِم عَن حَمَّاد بن زيد، قَالَ: ذكرت لأيوب
حَدِيث بشر بن حَرْب، فقالَ: "كَأَنَّمَا نسْمع حَدِيث نَافِع".
وفي موضع آخر (4/298) (4488): حَدثنَا يحيى قَالَ: حَدثنَا
عَارِم، عَن حَمَّاد بن زيد، قَالَ: جعلت أحدث أَيُّوب بِحَدِيث بشر بن حَرْب، فَقَالَ:
"كَأَنِّي أسمع حَدِيث نَافِع". قَالَ يحيى: "كَأَنَّهُ مدحه".
ورواه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» [السفر الثالث]
(2/217) (2530) قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْن يقول: حَدَّثَنِي عَارِمٌ، عَنْ
حَمَّاد بْن زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، أَنَّهُ سَمِعَ بِشْرَ بْنَ حَرْبٍ يُحَدِّثُ
فَقَالَ: "كَأَنَّكَ تَسْمَعُ حَدِيثَ نَافِعٍ".
قلت: فهم يحيى بن معين من كلام أيوب السختياني أنه مدح
لبشر بن حرب.
ولهذا رجع يحيى عن تركه لما بلغه كلام أيوب، وكلامه يعني
أن حديثه موافق لحديث نافع، أي عن ابن عمر.
ففي «تاريخ» ابن أبي خيثمة: قلت ليحيى: كيف حديثه؟ فقال: "لم
يزل عندي متروكا حتى بلغني عن أيوب قوله: كأنه سمع حديث نافع" [إكمال تهذيب
الكمال: 2/392)].
قلت: كذا في مطبوع الإكمال "كأنه سمع"! فإن صحّ
هذا فيكون المعنى: كأن بشر بن
حرب سمع حديث نافع؛ لأن ما حدّث به حماد بن زيد أيوبَ من حديثه إنما يُشبه حديث
نافع. فهو هنا على الاحتمال، والله أعلم.
وسبق في ما نقله الدوري: "كأني أسمع"
و"كأنك تسمع"!
وعموماً فهذا لا يعني أن ابن معين يوثقه، بل هو ضعيف عنده،
وحاصل كلامه هذا أنه ليس بمتروك فيُكتب حديثه.
قال يعقوب بن شيبة: حدثني محمد بن إسماعيل، عن أبي داود،
قال يحيى بن معين: "بشر بن حرب كان حمّاد بن زيد يُطريه، وليس هو كذلك إلى
الضعف ما هو".
قلت: إطراء حماد بن زيد يُحتمل فهمه يحيى بن معين من النص
السابق الذي رواه عن عارم! مع أن الظاهر أن الإطراء من أيوب كما فسره يحيى نفسه:
"كأنه مدحه"! ويُحتمل أنه أراد حماد بن زيد = يعني لما ذكر حماد حديث
بشر لأيوب، فقال كلمته، فنقل حماد لها أراد بها إطراء بشر، والله أعلم.
قال يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: وقد وصف يَحْيى بْن مَعِين
بشر بْن حرب بالضعف فيما حَدَّثني عَبداللَّهِ بنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ قرأ عَلَيْهِ.
وقال عباس بن محمد الدُّوري: سأَلتُ يحيى عن بِشر بن حَرب،
وأَبي هارون العَبدي؟ فقال: أعلاهما بِشر بن حَرب، وبِشر بن حَرب كنيتُه أَبو
عَمرو النَّدَبي، وقد روى عنه شُعبة، كان يُكنيه يقول: أَبو عَمرو النَّدَبي.
وقال: سمعتُ يحيى، يقول، وقيل له: أيما أحبُّ إِليك: بِشر بن
حَرب، أَو يحيى البَكَّاء؟ فقال: بِشر بن حَرب أحبُّ إِليَّ من مئة مثل يحيى
البَكَّاء.
وقال ابن طَهمَان: سمعتُ يحيى، وسُئل: مَن أوثق، بِشر بن
حَرب، أَو أَبو هارون العَبدي؟ فقال: ما لبِشر يُقاس به أَبو هارون؟ أَبو هارون،
ليس بشيء في الحديث، ولا في غيره.
وقال ابن مُحرِز: سمعتُ يحيى، وقيل له: بِشر بن حَرب،
ضعيف؟ قال: نعم، نعم.
وقال ابن أَبي خيثمة: سُئل يحيى بن مَعين، عن بِشر بن
حَرب؟ فقال: ضعيف.
وقال عُثْمَان بن سَعِيدٍ الدارمي: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِينٍ
يُضَعِّفُ بِشْرًا فِي الحَدِيثِ.
·
قول حماد بن زيد: "مَا
عَلِمَ شُعْبَةُ بِشْرَ بْنَ حَرْبٍ، إِنَّمَا كَانَ بِشْرٌ شَيْخًا لَنَا".
وروى العقيلي في «الضعفاء الكبير» (1/138) قال: حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ قَالَ:
سَمِعْتُ عَارِمًا يَقُولُ: قالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: "مَا عَلِمَ شُعْبَةُ
بِشْرَ بْنَ حَرْبٍ، إِنَّمَا كَانَ بِشْرٌ شَيْخًا لَنَا".
قلت: قد روى شعبة عن بشر، ويُفهم من هذا الكلام أن شعبة لم
يكن حسن الرأي في بشر! لكن لا يوجد كلام لشعبة فيه، والذي يظهر لي أن رأي شعبة فيه
يدلّ عليه تكنيته له لما كان يُحدِّث عنه.
قال ابن معين: "وَقد روى عَنهُ شُعْبَة كَانَ يكنيه
يَقُول: أَبُو عَمْرو الندبي"!
فشعبة كان إذا روى عنه كنّاه ولم يصرّح باسمه = يعني كان
يدلس اسمه، وهذا من تدليس الشيوخ.
ولولا أنه كان ضعيفاً عنده لما دلّسه!
وكلام حماد بن زيد أن شعبة لم يعلمه = يعني لم يعرفه حقّ
المعرفة، وقوله: كان شيخا لنا، أي نحن نعرفه فهو شيخنا.
ويبدو أن شعبة لم يسمع منه كثيراً، وروايته عنه قليلة
جداً.
وشعبة (ت161هـ) - وهو واسطيّ، ولد ونشأ
فيها -، دخل البصرة عدّة مرات للقاء الحسن البصري وغيره، ويبدو أن سماعه من بشر بن
حرب كان في دخلته الأخيرة للبصرة عندما استقر بها وكان شيخاً معروفاً عند أهل
العلم في كثيرٍ من البلاد، فقد روى عفّان، قال: حدّثنا حمّاد بن زيد، قال: قال
أيوب: "الآن يقدم عليكم رجلٌ من أهل واسط، يقال له: شعبة، هو فارسٌ في
الحديث، فإذا قدم فخذوا عنه، قال حمّاد: فلما قَدِم أخذنا عنه".
فبشر وغيره من المشايخ الذين توفوا بعد سنة (120هـ) من
أهل البصرة لم يُكثر شعبة عنهم، وإنما سمع منهم بعض الأحاديث.
لكن حمّاد بن زيد (ت179هـ) بصري، وبشر بصري، فأخذ منه
وروى عنه وأثنى عليه فيما ظهر له، وثناؤه عليه لا يعني أن ما يُحدّث به قد أصاب
فيه! فالتلاميذ يسمعون من شيوخهم ثم يروون عنهم، ومسألة ضبط ما سمعوه من الشيوخ
مسألة أخرى.
وغالب حديثه الموجود من رواية حماد بن زيد! ولولا رواية
حماد عنه لربما اندثر حديثه!
·
كلام أهل الجرح والتعديل في بشر:
وقد اتفق أهل النقد والعلم على ضعف بشر بن حرب.
قال ابن سعد في «الطبقات» (7/174): "وكَانَ ضَعِيفًا
فِي الحَدِيثِ".
وقال عبدالله بن أحمد في «العلل ومعرفة الرجال» (1/250):
سألت أبي عن بشر بن حرب، فقلت: يُعتمد على حديثه، فقال: "ليس هو ممن يُترك
حديثه".
وقال عبدالله: قلتُ لأَبي: إِن يحيى بن سعيد يقول: بشر بن
حرب أحبّ إلي من أبي هارون العبدي! قال: "صدق يحيى".
وقال ابن هَانِئ في «سؤالاته» (664): سُئل – يعني أَحمد بن
حنبل-، عن بشر بن حرب، قال: "كنيته أَبو عَمرو الندبي"، ثم قال: "نحن
صيام" - كأَنه ضعفه.
وقال أبو بكر المروذي في «سؤالاته» (150): سألته - يعني
أحمد- عن بشر بن حرب، فقال: "نحن صيام" - وضعفه.
وقال أَبو طالب أَحمد بن حميد: سأَلتُ أَبا عبدالله أَحمد
بن حَنبل: من أَحب إِليك بشر بن حرب، أَو أَبو هارون العبدي؟ قال: بشر بن حرب.
وقال: "بشر بن حرب، هو أَبو عَمرو الندبي، ليْسَ هُوَ بِقَوِيِّ الحَدِيثِ".
وقال أبو عبدالله المقدمي: قال أبي: قال علي بن المديني:
"أحاديثه عن ابن عمر مناكير، لا تُشبه حديث ابن عمر".
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (2/71): "رأيت علي
بن المديني يضعفه، يروي عن ابن عمر، قال عليّ: وكان يحيى لا يروي عنه، وهو
بصري".
وقال في «التاريخ الأوسط» (1/312): "ورأيت علياً
وسليمان بن حرب يُضعفانه".
وقال في «الضعفاء الصغير» (ص22): "رأيت علي بن
المديني يضعفه، يروي عن ابن عمر، يتكلمون فيه".
وقال محمد بن عثمان ابن أبي شيبة في «سُؤالاته» (ص46):
سألت علي بن عبدالله عن بشر بن حرب، فقال: "كان ثقة عندنا".
قلت: قد تقدّم أن ابن المديني ضعفه كما نقل البخاري عنه،
فيُحتمل أن عثمان وهم في نقله، أو أن ابن المديني كان يرى أنه ثقة، ثم تغيّر
اجتهاده فيه، والله أعلم.
ونقل مُغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (2/392) عن البرقي
عن يحيى بن سعيد، قال: "لا بأس به".
قال مغلطاي: "وقال ابن فاخر فيما رأيته في «كتاب»
الصريفيني: ضعيف، تركه يحيى القطان، وكان ابن المديني لا يرضاه لانفراده عن الثقات
بما ليس من أحاديثهم".
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي عمرو النَّدبي، فقال:
"شيخ ضعيف الحديث، هو وأبو هارون العبدي متقاربان، وبشر بن حرب أحبّ إليّ
منه، وأنس بن سيرين أحبّ إليّ من بشر".
قال: سئل أبو
زرعة عن بشر بن حرب، فقال: "ضعيف الحديث" [الجرح والتعديل:2/353].
وقال النسائي:
"ضعيف".
وقال أبو
داود: "ليس بشيء".
وقال السعدي
الجوزجاني: "لا يُحمد حديثه".
وقال
صدقة بن الفضل: "لم أر أحدًا من أهل البصرة يحيى ولا عبدالرحمن يذكرانه،
ورأيتهم يجتمعون على أنه ضعيف" [قبول الأخبار ومعرفة الرجال (2/98)].
وقال
ابن حبان في «المجروحين» (1/186): "وكان ابن مهدي لا يرضاه لانفراده عن
الثقات بما ليس من أحاديثهم".
وقال
العجلي في «معرفة الثقات» (ص246): "بشر بن حرب الأزدي ضعيف الحديث، وهو
صدوق" - أي صدوق في دينه.
وقال
ابن خِراش: "متروك".
وذكره العقيلي في «الضعفاء» (1/138). ونقل عنه مغلطاي أنه قال:
"يتكلمون فيه".
وقال الدولابي في «الكنى والأسماء» (2/776): "وأَبُو
عَمْرٍو بِشْرُ بنُ حَرْبٍ النَّدَبِيُّ: ضَعِيفٌ".
وقال أبو سعد السمعاني: "كان ضعيفًا".
وقال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي في كتاب «صفة
التصوف»: "ضعيف".
وذكره ابن الجارود في «الضعفاء».
وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس بالقوي عندهم".
وذكره ابن شاهين في «جملة الثقات». [إكمال تهذيب الكمال
(2/392)].
وقال البيهقي في «السنن الكبرى» (2/302): "بِشْرُ بنُ
حَرْبٍ النَّدَبِيُّ ضَعِيفٌ".
وقال في «الخلافيات» (3/15): "بِشْرُ بنُ حَرْبٍ النَّدَبِيُّ
مَتْرُوكُ الحَدِيثِ".
وقال الذهبي في «الميزان» (2/25): "وكان حماد بن زيد
يمدحه".
قلت: قول الذهبي هذا إنما حكاه عن ابن خراش، وابن خراش
إنما أخذه من ابن معين، وإلا فالذهبي قال عنه في «ديوان الضعفاء»: "تابعي
لَيِّن".
فهذه أقوال أهل النقد في بشر، لم يوثقه أحد، وأجمعوا على
تضعيفه، ومنهم من حكم بأنه متروك ليس بشيء!
·
هل وثقه أيوب؟!
قال
الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/137): "وثقه أيوب وابن عدي"!
وقال
في موضع آخر (4/116): "وفيه توثيق لين"!
وقال
العيني في «عمدة القاري» (7/23): "وثقه أيوب ومشّاه ابن عدي"!
قلت:
لم يوثقه أيوب ولا ابن عدي! ولا أدري كيف يكون التوثيق ليناً! والفهم بأن ابن عدي
مشّاه فيه نظر.
قال ابن عدي في «الكامل» (2/158) بعد أن ذكر كلام أهل
النقد فيه، وأورد بعض حديثه في ترجمته: "وبِشْرُ بنُ حَرْبٍ لَهُ غَيْرُ مَا
ذَكَرْتُ مِنَ الرِّوَايَاتِ، ولاَ أَعْرِفُ فِي رِوَايَاتِهِ حَدِيثًا مُنْكَرًا،
وهو عِنْدِي لا بَأْسَ بِهِ".
قلت: يقصد ابن عدي هنا بالنكارة: المتنية، وقول ابن
المديني المتقدم بأن "أحاديثه عن ابن عمر مناكير، لا تُشبه حديث ابن
عمر" هو فسّرها أنها لا تشبه حديث ابن عمر = يعني لا تعرف عن ابن عمر.
وقول ابن عدي: "لا بأس به" فهو يُطْلِق تلك
العبارة ولا يريد بها أكثر من أن صاحبها صدوقًا في نفْسِه لا يتعمد الكذب، كما
نصَّ عليه المعلمي اليماني في بعض حواشيه على «الفوائد المجموعة».
والأحاديث التي أوردها في ترجمته لا يعني أنها مقبولة مع
قوله: "ولا أعرف في رواياته حديثاً منكراً"! فها هو الزيلعي نقل كلام
ابن عدي وقال عن حديث ذكره له في ترجمته: "أعله ببشر بن حرب".
قال الزيلعي في «نصب الراية» (2/130): "حَدِيثٌ آخَرُ:
أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي «الْكَامِلِ» عَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ
الْقُنُوتَ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ إنَّهُ لَبِدْعَةٌ، مَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ شَهْرٍ وَاحِدٍ، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ
بِبِشْرِ بْنِ حَرْبٍ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي لَا بَأْسَ بِهِ،
وَلَا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا، وَضَعَّفَهُ عَنْ النَّسَائِيّ. وَابْنِ
مَعِينٍ".
·
فهم فيه نظر للشيخ أحمد شاكر!
صحح
الشيخ أحمد شاكر حديث بشر بما نقل حماد عن أيوب! وأنه أراد تشبيهه بنافع!
قال
الشيخ أثناء تحقيقه لمسند أحمد وتعليقه عليه: "فرأينا أن حديثه صحيح، لما
نقلناه من أن حماد بن زيد سأل أيوب عنه، فقال: "كأنما تسمع حديث نافع، كأنه
مدحه". وأيوب من شيوخ حماد بن زيد، ومن طبقة مقاربة لطبقة بشر بن حرب، وحماد
إمام جليل ليس بدون شُعبة في الحديث، فتشبيه أيوب بشراً بنافع توثيق قوي، وإقرار
حماد إياه، وهو من الرواة عن بشر، يؤكد هذا التوثيق ويرفعه، وهما يتحدثان عن شيخ
رأياه وعرفاه وسمعا حديثه. وكفى بهذا حجة".
قلت:
قد اتفق النقّاد على ضعّف بشر بن حرب فكيف يكون مثل نافع في القوة، ويتفرد عن ابن
عمر بأحاديث لم يروها نافع؟!! وأيوب لم يُشبّه بشرا بنافع!
وحماد لم يسأل أيوب، وإنما ذكر حماد لأيوب أحاديث بشر بن
حرب، فقال: "كأنما تسمع حديث نافع"، وقوله "كأنه مدحه" هو
تفسير ابن معين بما فهمه من قول أيوب، وقد حققت فيما سبق أن قول أيوب هذا على
التحقيق ليس توثيقاً له.
وأما قوله "وحماد إمام جليل ليس بدون شعبة في
الحديث"، فنعم، هو إمام في الحديث، لكن حماد ليس من أهل الجرح والتعديل مثل
شعبة، فشعبة أمير المؤمنين في ذلك.
·
روايته عن الصحابة:
وقد أخبر أنه صحب ابن عمر وسمع منه، ومن أبي سعيد الخدري،
وحضر جنازة رافع بن خديج.
روى ابن أبي الدنيا في كتاب «النفقة على العيال» (285) عن
عَبْداللَّهِ بن مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيّ، عن حَمَّاد بن زَيْدٍ.
وروى أيضاً فيه (288) عن حَمْزَة بن العَبَّاسِ، عن
عَبْدَان بن عُثْمَانَ، عن ابن المُبَارَكِ، عن مَعْمَر.
كلاهما (حماد ومعمر) عن أَبي عَمْرٍو النَّدَبِيّ بِشْر بن
حَرْبٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابنِ عُمَرَ إِلَى السُّوقِ فَجَعَلَ
لَا يَمُرُّ بِصَغِيرٍ وَلَا كَبِيرٍ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ: «السَّلَامُ
عَلَيْكُمُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ».
وروى ابن سعد في «الطبقات» (7/174) قال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى
بنُ عَبَّادٍ وَعَارِمُ بنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد.
وروى ابن عدي في «الكامل» (2/160) من طريق مُعَلَّى بن
مَهْدِيٍّ، عن أَبي عَوَانة.
كلاهما (حماد وأبو عوانة) عن بشر بن حَرْبٍ، قَالَ: قُلْتُ
لابنِ عُمَرَ، أَنْقُشْ فِي خَاتَمِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قالَ:
"لا ها الله إِذًا مَا يَصْلُحُ لَكَ ذَلِكَ". قَالَ: فَنَقَشْتُ فِيهِ
بِشْرَ بنَ حَرْبٍ.
·
حديث بشر بن حرب عن ابن عمر:
1- روى عمرو بن عليّ الفلّاس في «تاريخه» (249) قال: حَدَّثني
خَالِدُ بنُ يَزِيدَ أَبُو حَمْزَةَ الهَدَاوِيُّ، قال: حَدَّثَنا بشر بن حرب
أَبُو عَمْرو النَّدَبِيُّ، قَال: كنتُ فِي جِنازَة رَافِعِ بْنِ خُدَيْجٍ
وَنِسْوَةٌ يَبْكِينَ وَيُوَلْوِلْنَ عَلَى رَافِعٍ فَقَالَ ابْنُ عُمَر: "إِنَّ
رَافِعًا شَيْخٌ كَبِيرٌ لا طَاقَةَ لَهُ بِعَذَابِ اللَّهِ، وَإِنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: «إِنَّ
الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عليه»".
ورواه ابن عدي في «الكامل» (2/158) في ترجمة «بشر» عن خالد
بن النضر، عن عَمْرو بن عَلِيٍّ، به.
ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (4/240) (4244) عن عَبْداللهِ
بن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عن أَبي كَامِلٍ الجَحْدَرِيّ، عن خَالِد بن يَزِيدَ
الْهَدَادِيّ، به.
وقد توبع بشر على هذا. تابعه أَبُو بَكْر بْن حفص المدني وهو: عَبداللَّهِ بْن حفص بْن عُمَر بْن سعد بن
أَبي وقاص القرشي الزُّهْرِيّ، مشهور بكنيته، وكان راوياً لعروة بن الزبير-، وأبو
نضرة المنذر بن مالك العبدي، ويوسف بن ماهك المكي.
أما حديث أبي بكر بن حفص فأخرجه البغوي في «معجم الصحابة» (2/357)
(722) عن علي بن الجعد، عن شعبة، عن أبي بكر بن حفص قال: سمعت ابن عمر في جنازة
رافع بن خديج يُحدِّث عن عمر قال: «إن الميت يعذب في قبره ببكاء الحي».
وحديث أبي نضرة أخرجه أيضاً البغوي (723) عن محمد بن
الباسيني، عن غسان بن مضر الأزدي البصري، عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد الأزدي
البصري، عن أبي نضرة المنذر بن مالك العبدي، قال: خرجت جنازة رافع بن خديج وفي القوم
ابن عمر فخرج نسوة يصرخن فقال ابن عمر: «ويلكن - أو ويحكن - أمسكن فإنه شيخ كبير
لا طاقة له بعذاب الله عز وجل».
وحديث يوسف بن ماهك أخرجه البغوي أيضاً (724) عن محمد بن
بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، عن يوسف بن ماهك
المكي، قال: كان ابن عمر في جنازة رافع بن خديج بين قائمتي السرير يحمل، فقال: «إن
الميت يعذب ببكاء الحي».
وفي سنة وفاة رافع بن خديج خلاف عن أهل العلم، فقيل توفي أول
سنة أربع وسبعين فمات، وهو ابن ستّ وثمانين سنة، وقيل مات أول سنة ثلاث وسبعين.
وقيل مات سنة تسع وخمسين.
وقال البخاريّ: "مات في زمن معاوية".
وقد علّق المعلمي أثناء تحقيقه للتاريخ الكبير للبخاري (3/301)
فقال: "وبالجملة فما جزم به المؤلف أن وفاة رافع كانت في زمن معاوية هو
الراجح ويؤكده أنه لم يُسمع لرافع بعد معاوية بخبر، ولم يرو عنه من يعلم أنه لم
يدرك زمن معاوية... قال في «الإصابة»: (وأما البخاري فقال: مات في زمن معاوية، وهو
المعتمد، وما عداه واه"، والله أعلم".
على أنّ هذا القول رواه ابن عمر في جنازة أخرى كما روى
البخاري في «صحيحه» (2/79) (1286) من حديث ابن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
عَبْدُاللَّهِ بنُ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَتْ
ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَكَّةَ، وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا
وَحَضَرَهَا ابنُ عُمَرَ، وابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَإِنِّي
لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا - أَوْ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا، ثُمَّ جَاءَ
الآخَرُ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي - فَقَالَ عَبْدُاللَّهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا لِعَمْرِو بنِ عُثْمَانَ: أَلاَ تَنْهَى عَنِ البُكَاءِ فَإِنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ المَيِّتَ
لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ».
وقد رُوي أيضاً عن نافع عن ابن عمر في غير هذا.
رواه مسلم في «صحيحه» (2/638) من حديث عُبَيْدِاللهِ بنِ
عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِاللهِ: أَنَّ حَفْصَةَ بَكَتْ
عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: مَهْلًا يَا بُنَيَّةُ أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ
بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ».
2- روى حَمَّاد بن زَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ
حَرْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ: كَيْفَ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ يَا أَبَا
عَبْدِالرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: إِمَّا أَنْتُمْ تَتَّبِعُونَ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُكُمْ، وَإِمَّا أَنْتُمْ لَا تَتَّبِعُونَ
سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَمْ أُخْبِرْكُمْ، قَالَ: قُلْنَا: فَخَيْرُ السُّنَنِ
سُنَّةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ،
فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ
هَذِهِ الْمَدِينَةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهَا».
أخرجه أحمد في «مسنده» (10/243) (6063) عن يُونُس بن محمد
المؤدب.
وابن ماجه في «سننه» (2/174) (1067) عن أَحْمَد بن
عَبْدَةَ.
والطبراني في «المعجم الكبير» [ جـ 13، 14 (ص: 290) (14063)
عن عليّ بن عبدالعزيز، عن عارِم أبي النُّعمان.
ثلاثتهم (يونس، وأحمد بن عبدة، وعارم) عن حماد بن زيد، به.
إلا أن ابن ماجه اقنصر على المرفوع منه دون السؤال.
وأخرجه الطيالسي في «مسنده» (3/389) (1975) عن أَبي
عُمَرٍو الْأَزْدِيّ أَوِ العَبْدِيّ، عن أَبي عَمْرٍو النَّدَبِيّ، به.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (10/37) (5750) عن يُونُس بن
مُحَمَّدٍ، عن الحَارِثِ بن عُبَيْدٍ الإيادي، عن بِشْر بن حَرْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ
عَبْدَاللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ مَا تَقُولُ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ؟
قَالَ: تَأْخُذُ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْمَدِينَةِ قَصَرَ
الصَّلَاةَ، وَلَمْ يَصُمْ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهَا».
فالسؤال هنا كان الصيام لا عن الصلاة، وذكر الصلاة في
الجواب! والحارث بن عُبيد ضعيف.
والمحفوظ عن ابن عمر في هذا ما رواه البخاري (1102)، ومسلم
(689) في «صحيحيهما» من حديث عِيسَى بنِ حَفْصِ بنِ عَاصِمٍ بن عمر بن الخطاب،
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «صَحِبْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لاَ يَزِيدُ فِي
السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ».
3- روى أحمد في «مسنده» (9/121) (5112) عن يُونُس بن
مُحَمَّدٍ المؤدب.
والطبراني في «المعجم الكبير» [جـ 13، 14 (ص: 289) (14060)]
عن معاذ بن المُثَنَّى، عن مُسَدَّد.
كلاهما (يونس ومسدد) عن مَرْثَد بن عَامِرٍ الْهُنَائِيّ، قال:
حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو النَّدَبِيُّ، قال: حَدَّثَنِي عَبْدُاللهِ بنُ عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ لَيَعْجَبُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْجَمِيعِ».
كذا رواه مرثد مرفوعاً، وهو مجهول الحال!
وخالفه حماد بن زيد وحماد بن سلمة فوقفاه، وفي حديث حماد
بن سلمة قصة ذكر ذلك.
رواه نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ في «زوائده على الزهد» عن حَمَّاد
بن سَلَمَةَ، عَنْ بِشْرِ بنِ حَرْبٍ قَالَ: تُوُفِّيَ ابْنٌ لِسَالِمِ بنِ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ عُمَرَ فَجَعَلَ يَستَثِيرُ الْحَصَى بِيَدِهِ، فَرَفَعَ ابنُ عُمَرَ
لَيَضْرِبَ صَدْرَهُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ: «لَعَلَّكَ حَزِنْتَ»! قَالَ: لا،
وَلَكِنِّي عبَثْتُ بِالْحَصَى. قَالَ: «يَا بُنَيَّ صَلِّ صَلَاةَ الْفَجْرِ،
ثُمَّ انْتَشِرْ، فَإِذَا حَضَرَتِ الظُّهْرُ، ثُمَّ انْتَشِرْ»، فَقَالَ ذَلِكَ
فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، وقَالَ: "فِي الْعِشَاءِ: صَلِّ ثُمَّ نَمْ،
فَوَاللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّ اللَّهَ يَعْجَبُ مِنْ صَلَاةِ الجَمِيعِ".
وقد سئل الدارقطني في «العلل» (13/150) (3028) عن هذا الحديث؟
فقال: "يرويه مرثد بن عامر الهنائي، عن بشر بن حرب،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
وخالفه حماد بن زيد، رواه عن بشر بن حرب، عن ابن عمر،
موقوفا".
وقد حسّن المرفوع الهيثمي في «المجمع»، وذكره الألباني في «صحيحته»
(1652).
4- روى حمَّاد بن زيد، عن بِشْر بن حرب، قال: سمعتُ ابنَ
عمر يقول: «أرأيتُم قيامَكُم عند فَراغ الإمام من السُّورة، هذا القُنُوتَ؟! والله
إنه لَبِدعَةٌ، ما فعلَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غيرَ شهرٍ ثم تركَهُ.
أرأيتُم رَفْعَ أيديكُم في الصلاة؟! - ورفعَ يدَه - واللهِ إنه لَبِدعَةٌ؛ ما زاد
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على هذا قطُّ؛ ورفعَ يدَيه حِيالَ مَنْكِبَيه».
أخرجه أحمد في «مسنده» (9/202) (5264) عن وَكِيع.
وأبو نُعيم في «الحلية» (8/49) من طريق إِبْرَاهِيم بن
أَدْهَمَ.
والطبراني في «المعجم الكبير» [جـ 13، 14 (ص: 291) (14065)]
من طريق عارِم.
وابن عدي في «الكامل» (2/158) من طريق جُبَارَة بن المغلّس
الحماني.
وابن حبان في «المجروحين» (1/186) من طريق قتيبة بن سعيد.
والبيهقي في «السنن الكبرى» (2/302) (3158) من طريق أَبي
الرَّبِيعِ الزهراني.
وفي «الخلافيات» (3/15) (2012) من طريق سُلَيْمَان بن
حَرْبٍ وعَارِم.
كلهم (وكيع، وإبراهيم، وعارم، وجبارة، وقتيبة، وأبو
الربيع، وسليمان) عن حماد بن زيد، به.
واللفظ للطبراني، وبقية الروايات مختصرة.
قال البيهقي في «الخلافيات»: "بِشْرُ بنُ حَرْبٍ
النَّدَبِيُّ مَتْرُوكُ الحَدِيثِ. والصَّحِيحُ عَنِ ابنِ عُمَرَ مَا رَوَاهُ
أَبُو الشَّعْثَاءِ، وَالْأَسْوَدُ، وَأَبُو مِجْلَزٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى
القُنُوتَ، وقَالَ: مَا أَحْفَظُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَهَذِهِ
سُنَّةٌ خَفِيَتْ عَلَى ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، كَمَا خَفِيَ بَعْضُ
السُّنَنِ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَحَفِظَهَا غَيْرُهُمْ. وَالْقَوْلُ فِي
ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ يُثْبِتُ وَيَحْفَظُ، لَا قَوْلُ مَنْ لَا يَحْفَظُ.
وإِنْ صَحَّ مَا رَوَى بِشْرُ بنُ حَرْبٍ فَلَا حُجَّةَ
فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَمَذْهَبُنَا
بِخِلَافِهِ".
ونقل في (2/376) عن عُثْمَان بن سعيد الدارمي، قال: "فهَذَا
دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أنَّهُ فِي الدُّعَاءِ، لَا فِي التَّكْبِيرِ عِنْدَ
الرُّكُوعِ وَمَا بَعْدَ يَرْفَعُ مِنْهُ؛ فَإِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَحْتَجَّ
بِهِ كَانَ عَلَيْكَ وَلَنَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَبَاحَ رَفْعَهُمَا إِلَى
الْمَنْكِبَيْنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَوْ صَحَّ هَذَا عَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا رَوَيْتَ عِنْدَ الرُّكُوعِ لَمْ يَكُنْ لَكَ فِيهِ
كَبِيرُ رَاحَةٍ؛ لِأَنَّ بِشْرَ بْنَ حَرْبٍ لَيْسَ لَهُ مِنَ التَّقَدُّمِ فِي
الرِّوَايَةِ مَا يَدْفَعُ بِرِوَايَتِهِ رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رِوَايَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ
رَجُلًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِعْلَ أُمَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، والتَّابِعِينَ".
وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/186) في ترجمة «بشر بن
حرب»: "وهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ ابن عُمَر قَالَ: «أَرَأَيْتُم رفعكم
أَيْدِيكُم فِي الصَّلَاة إِنَّهَا لبدعة مَا زَاد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هذا». وَقَدْ تعلق الْخَبَر جَمَاعَة مِمَّن لَيْسَ
الحَدِيث ضناعتهم فزعموا أَن رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة عِنْدَ الرُّكُوع
وَعند رفع الرَّأْس مِنْهُ بِدعَة! وَإِنَّمَا قَالَ ابن عُمَر: «أَرَأَيْتُم
رفعكم أيدكم فِي الدُّعَاء بِدعَة - يَعْنِي إِلَى أُذُنَيْهِ - مَا زَاد رَسُول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا» - يَعْنِي ثدييه هَكَذَا
فسره حَمَّاد بن زَيْد وَهُوَ ناقل الخَبَر".
ثم ساقه من طريق قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ عن حَمَّاد بن
زَيْدٍ، وفيه: "وَرَفَعَ حَمَّادٌ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَاهُمَا أُذُنَيْهِ...
وَأَوْمَأَ حَمَّادٌ إِلَى ثَدْيَيْهِ".
قال ابن حبان: "والعَرَبُ تُسَمِّي الصَّلاةَ دُعَاءً
فَخَبَرُ حَمَّادٍ هَذَا أَرَأَيْتُم رفعكم أَيْدِيكُم فِي الصَّلَاة أَرَادَ بِهِ
فِي الدُّعَاءِ، وَالدَّلِيل عَلَى صِحَة مَا قُلْت أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ سُفْيَانَ
قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشَّقِيقِيُّ، قال: حدثَنَا أَبِي: حدثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ واقد، عَنْ أَبِي عُمَرو النَّدَبِيِّ بِشْرِ بن حَرْب قَالَ:
حَدثنِي ابن عُمَرَ قَالَ: «وَاللَّهِ مَا رَفَعَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ فَوْقَ صَدْرِهِ فِي الدُّعَاءِ». جَوَّدَ الحُسَيْنُ
بْنُ وَاقِدٍ حِفْظَهُ وَأَتَى الْحَدِيثَ عَلَى جِهَتِهِ كَمَا ذكرنَا".
قلت: كذا رواه ابن حبان عن الحسين بن واقد!
لكن رواه ابن عدي في «الكامل» (2/158) من طريق الفَضْل بن
مُوسَى، عَنِ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ، عَن أَبِي عَمْرو النَّدَبِيِّ، عَنْ
نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر: «أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ لَمْ
يَكُنْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرِ فَوْقَ صَدْرِهِ».
فزاد في إسناده "عن نافع"! فإن
صحت هذه الرواية فهذا ربما يؤيد إشارة أيوب السابقة عن حديث بشر: كأنك تسمع حديث
نافع! يعني كأنه أخذه من نافع، والله أعلم.
وقال ابن الجوزي في «العلل المتناهية في الأحاديث الواهية»
(1/429): "هذا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ بِشْرٌ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ
ابْنُ المَدِينِيِّ وَيَحْيَى وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَكَانَ يَنْفَرِدُ
عَنِ الثِّقَاتِ بِمَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِمْ".
5- روى بِشْر بن حَرْبٍ، قال: سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ
يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ حُجْرَةِ
عَائِشَةَ يَقُولُ: «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا
غَدْرَةَ أَعْظَمُ مِنْ غَدْرَةِ إِمَامِ عَامَّةٍ».
رواه
أحمد في «مسنده» (9/277) (5378) عن حَسَن بن مُوسَى الأشيب.
والطبراني
في «المعجم الكبير» [(جـ 13، 14 (ص: 289) (14061)] من طريق عارم أبي النعمان.
كلاهما
(حسن، وعارم) عن حَمَّاد بن زَيْدٍ.
وأخرجه أحمد أيضاً في «مسنده» (10/261) (6093) عن يُونُس
المؤدب، عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ.
كلاهما (حماد بن زيد، وحماد بن سلمة) عَنْ بِشْرِ بنِ
حَرْبٍ، به.
وهذا الحديث يُروى عن ابن عمر مرفوعاً لكن دون قوله: «ولا غَدْرَةَ
أَعْظَمُ مِنْ غَدْرَةِ إِمَامِ عَامَّةٍ»! وإنما تُروى بمعناها من قول ابن عمر، ولا
أنه قال ذلك عند حجرة عائشة!!
رواه البخاري في «صحيحه»
(4/104) (3188) عن سُلَيْمَان بن حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ
أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لِكُلِّ غَادِرٍ
لِوَاءٌ يُنْصَبُ بِغَدْرَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ».
ورواه أيضاً (9/57) (7111) عن سُلَيْمَان بن حَرْبٍ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَمَّا
خَلَعَ أَهْلُ المَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ،
حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ»
وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ،
وَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ
اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ القِتَالُ، وَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ
أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ، وَلاَ بَايَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ، إِلَّا كَانَتِ
الفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ.
ورواه مسلم في «صحيحه» (3/1359) من حديث عُبَيْداللهِ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا جَمَعَ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ
فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ».
6- روى الطبراني في «المعجم الكبير» [جـ 13، 14 (ص: 290) (14062)]
قال: حدثنا عليُّ بن عبدالعزيز، قال: حدثنا عارِمٌ أبو النُّعمان، قال: حدثنا
حمَّاد بن زيد، عن بِشْر بن حرب: أنَّ ابنَ عمر سُئِلَ عن الضَّبِّ؟ فقال: «أَنَا
مُنْذُ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ،
فَإِنَّا قَدِ انْتَهَيْنَا عَنْ أَكْلِهِ».
قال الهيثمي في «المجمع» (4/37) (6065): "رَوَاهُ
الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ".
قلت: تفرد به بشر بهذا؛ والمعروف أن ابن عمر رواه عن النبي
صلى الله عليه وسلم مرفوعاً، مع أن هذا الحديث السؤال فيه لابن عمر، وقد أشار إلى
ما قاله صلى الله عليه وسلم، ورأيه أنه لا يأكله لكلام النبي صلى الله عليه وسلم
فيه! مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يحرمه، لكن إن صح فيكون ابن عمر إنما تبع فيه
النبي صلى الله عليه وسلم بعدم أكله.
روى مسلم في «صحيحه» (3/1542) من طريق عُبَيْداللهِ، واللَّيْث،
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الضَّبِّ، فقال: «لا آكُلُهُ، وَلَا أُحَرِّمُهُ».
7- روى الطبراني في «المعجم الكبير» [جـ 13، 14 (ص: 290) (14064)]
قال: حدثنا عليُّ بن عبدالعزيز، قال: حدثنا عارِمٌ، قال: حدثنا حمَّاد بن زيد، عن
بِشْر بن حَرب، قال: سمعتُ ابنَ عمر يقول: «نُهيتُم عن الحَنْتَم، نُهيتُم عن النَّقير،
نُهيتُم عن المُزَفَّت؛ كُلُّ هذا قد نُهيتُم عنه».
قلت: كذا رواه بشر، وقد روي عن ابن عمر من عدة وجوه أن
النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عَنْ نَبِيذِ الجَرِّ وَالدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ
والحَنْتَمِ والنَّقِيرِ».
وقد أخرج مسلم في «صحيحه» (3/1581) من حديث مَالِكٍ،
والليث بن سعد، وأيوب السختياني، وعبيدالله بن عمر، ويحيى بن سعيد، والضحاك بن
عثمان، وأسامة بن زيد الليثي، كلهم عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فِي بَعْضِ
مَغَازِيهِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ، فَانْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ
أَبْلُغَهُ، فَسَأَلْتُ مَاذَا، قَالَ: قَالُوا: «نَهَى أَنْ يُنْتَبَذَ فِي
الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ». ولَمْ يَذْكُرُوا فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ إِلَّا
مَالِكٌ، وَأُسَامَةُ.
8- - روى الطبراني في «المعجم الكبير» [جـ 13، 14 (ص: 291)
(14066)] قال: حدثنا عليُّ بن عبدالعزيز، قال: حدثنا عارِمٌ أبو النُّعمان، قال:
حدثنا حمَّاد بن زيد، عن بِشْر بن حرب، عن ابن عمر؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه
وسلم دعا في قُنوته على بَني عُصَيَّةَ، فقال: «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بَني
عُصَيَّةَ؛ فَإِنَّهُمْ عَصَوُا اللهَ ورَسُولَهُ»، قال: فصُبَّت الحُمَّى
عليهم.
ورواه حماد بن سلمة عن بشر بلفظ مختلف!
رواه أحمد في «مسنده» (10/259) (6092) قال: حَدَّثَنَا
يُونُسُ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ-، عَنْ بِشْرِ بْنِ
حَرْبٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارٌ غَفَرَ اللهُ لَهَا،
وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ، اللهُمَّ الْعَنْ رِعْلًا وَذَكْوَانَ
وَبَنِي لِحْيَانَ».
قلت: وهذا صحيح عن ابن عمر، إلا ما جاء في آخره: «اللهُمَّ
الْعَنْ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَبَنِي لِحْيَانَ».
رواه البخاري في «صحيحه» (4/181) (3513) من طريق صَالِح بن
كَيْسَان،
ومسلم في «صحيحه» (4/1953) (187) من طريق عُبَيْداللهِ بن
عمر العمري، وأُسَامَة بن زيد الليثيّ، وصَالِحٍ كُلُّهُمْ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ،
أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَلَى
المِنْبَرِ: «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ،
وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ».
وما جاء فيه: «اللهُمَّ الْعَنْ رِعْلًا وَذَكْوَانَ
وَبَنِي لِحْيَانَ» لا يحفظ من حديث ابن عمر!
والصحيح المحفوظ من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ
عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ،
وَعُصَيَّةَ، وَبَنِي لَحْيَانَ».
9- روى أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/388) (1972) قالَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ حَرْبٍ
النَّدَبِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الصَّرْفِ الدِّرْهَمِ
بِالدِّرْهَمَيْنِ فَقَالَ: عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، فَلَا تَقْرَبْهُ،
هَلْ سَمِعْتَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُو
الْمِثْلَ بِالمِثْلِ».
ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» [جـ 13، 14 (ص: 292) (14068)]
عن عليّ بن عبدالعزيز، عن عارِم، عن حمَّاد بن زيد، به.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/116): "رَوَاهُ
الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ. وبِشْرُ بنُ حَرْبٍ ضَعِيفٌ، وفِيهِ تَوْثِيقٌ
لَيِّنٌ".
قلت: المحفوظ عن ابن عمر ما رواه البخاري في «صحيحه» (3/74)
من طريق سَالِم بن عَبْدِاللَّهِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ حَدَّثَهُ مِثْلَ ذَلِكَ حَدِيثًا،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَقِيَهُ عَبْدُاللَّهِ
بنُ عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فِي الصَّرْفِ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الذَّهَبُ
بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالوَرِقُ بِالوَرِقِ مِثْلًا بِمِثْلٍ».
10- روى أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/388) (1973) قال:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ بِشْرِ بنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ
عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ لِي
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ،
ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، فَإِنْ شِئْتَ فَطَلِّقْ، وَإِنْ شِئْتَ
فَأَمْسِكَ» فَقَالَ: ابْنُ عُمَرَ، فَطَلَّقْتُهَا، وَلَوْ شِئْتُ
لَأَمْسَكْتُهَا.
وروي عن ابن عمر نحوه.
رواه البخاري في «صحيحه» (7/41) (5251) من حديث نَافِعٍ،
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ
تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ
قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ
لَهَا النِّسَاءُ».
11-
روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (ط - عوّامة) (13/207) (26298) قال: حَدَّثَنَا
وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ بِشرِ بن حَرب قَالَ: «رَأَيت ابن عُمَر مَرَّ عَلَى
امْرَأَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا».
وروى
أيضاً (26297) عن وَكِيع، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «أَنَّ ابنَ عُمَرَ
مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ فِي ظلة فَسَلَّمَ عَلَيْهَا».
وروى
(26299) عن وَكِيع، عَنِ ابنِ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ: «أَنَّ عُمَرَ مَرَّ عَلَى
نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ».
12-
روى الطبراني في «المعجم الكبير» [جـ 13، 14 (ص: 292) (14067) قال: حدثنا عليُّ بن
عبدالعزيز، قال: حدثنا عارِمٌ، قال: حدثنا حمَّاد بن زيد، عن بِشْر بن حرب، عن ابن
عمر، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عند حُجْرَة عائشة: «مِنْ هُنَا
الفِتْنَةُ» - وأشارَ بيده نحو المَشْرِق - و«مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ
الشَّيْطَانِ».
وهذا
الحديث بهذا اللفظ محفوظ عن نافع عن ابن عمر.
رواه
عُبيدالله بن عبدالله بن عمر، والليث بن سعد، وجويرية بن أسماء، كلهم عن نَافِعٍ،
عن ابن عُمَرَ أَنَّهُ سمع رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو مُسْتَقْبِلُ
الْمَشْرِقِ يقول: «ألا إِنَّ الْفِتْنَةَ ها هنا، ألا إِنَّ الْفِتْنَةَ ها هنا
من حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ».
13-
روى أحمد في «مسنده» (10/243) (6064) قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قل: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ
- يَعْنِي ابنَ زَيْدٍ-، قال: أَخْبَرَنَا بِشْرٌ، قال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ
يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللهُمَّ
بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا، وَبَارِكْ
لَنَا فِي يَمَنِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي
مُدِّنَا».
ورواه
(6091) عن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ بِشْرِ بنِ
حَرْبٍ، قال: سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، وَفِي
صَاعِنَا، وَمُدِّنَا، وَيَمَنِنَا، وَشَامِنَا، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ
مَطْلِعَ الشَّمْس، فَقَالَ: مِنْ هَاهُنَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ، مِنْ
هَاهُنَا الزَّلَازِلُ والفِتَنُ».
قال
ابن حجر في «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» (3/251) (2674): "رَوَاهُ
مُسَدَّدٌ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، لِضَعْفِ بِشْرِ بنِ حرب".
وهذا
لا يُعرف عن ابن عمر إلا من طريق بشر بن حرب.
ورواه
البخاري في «صحيحه» (6/2598) من حديث عبدالله بنِ عَوْنٍ البصري، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا
فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ قَالَ:
«اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي
يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي
الثَّالِثَةِ: «هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ
الشَّيْطَان».
وهذا
تفرد به ابن عون عن نافع! لم يروه عنه إلا هو!
وروى
البخاري في «صحيحه» (8/80) (6372) من حديث هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ
إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الجُحْفَةِ،
اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا وَصَاعِنَا».
وهذا
هو المشهور في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يبارك في المد والصاع والمدينة.
14- روى ابن حجر في «تغليق التعليق» (4/490) من طريق عُثْمَان بن
سَعِيدٍ الدَّارِمِيّ، قال: حدثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، قال: حدثَنَا سَلام بنُ
مِسْكِينٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو - وهُوَ بِشْرُ بنُ حَرْبٍ -، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ:
«جَاءَ قَوْمٌ مَجْلِسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ
أَكَلُوا الثوم والبصل فَكَأَنَّهُ تَأَذَّى بِذَلِكَ، فَقَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ
هَذَا فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدنَا».
قال ابن حجر: "إِسْنَاده حسن".
قلت: هذه القصة تفرد بها بشر، والمحفوظ عن ابن عمر ما رواه البخاري
في «صحيحه» (1/170) (853)، ومسلم في «صحيحه» (1/393) (561) من حديث عُبَيْدِاللَّهِ
بن عمر، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ:
«مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يَعْنِي الثُّومَ - فَلاَ يَقْرَبَنَّ
مَسْجِدَنَا».
فهذا ما وجدت لبشر بن حرب من أحاديث عن ابن عمر، ولولا عناية حماد
بن زيد برواية حديثه لاندثر!
وهذا يُفسر لنا إعراض أهل العلم عن حديثه، وأنه كان ضعيفًا عندهم،
فلم يرووا عنه، لكن حماد بن زيد روى عنه، وكذا حماد بن سلمة، وأما شعبة فروى عنه
أثراً، وكان إذا روى عنه كنّاه.
وحديثه في المجمل يُشبه حديث نافع عن ابن عمر مع اختلاف في بعض
الألفاظ وزيادة عليه في بعض القصص، فربما من أجل هذا قال أيوب - لما حدّثه حماد بن
زيد بحديثه -: "كأني - أو كأنك - تسمع حديث نافع"؛ لأنه يشبهه، ومن هنا
فهم بعضهم أن ذلك مدحاُ له لمشابهته لحديث نافع عن ابن عمر، وقد يُفهم أنه أخذ
حديث نافع عن ابن عمر فحدّث به عن ابن عمر؛ لأنه سمع هو من ابن عمر، ولهذا نجد
عنده بعض الزيادات على حديث نافع وهذا بسبب ضعفه وعدم ضبطه للرواية.
وكذلك ينفرد ببعض الأحاديث عن ابن عمر لا يُتابع عليها، ومن هنا
قال علي بن المديني: "أحاديثه عن ابن عمر مناكير، لا تُشبه حديث ابن
عمر"!
وهذا لا يقوله ابن المديني وهو إمام العلل إلا بعد أن يكون قد سبر
حديثه واطلع عليه.
·
حديث بشر بن حرب عن أبي سعيدٍ
الخُدريّ:
1- روى أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/625) (2287).
وأحمد في «مسنده» (18/120) (11570)، وابن أبي شيبة في «مصنفه»
(6/288) (9681) عن وَكيع.
وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» (2/371) (1133) عن عَبْدالْأَعْلَى
بن حماد النرسي.
كلهم (الطيالسي، ووكيع، وعبدالأعلى) عن حَمَّاد بن سلمة،
قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوِصَالِ». قال أبو سعيد: "وَأُخْتِي
هَذِهِ تُوَاصِلُ وَأَنَا أَنْهَاهَا".
وزاد عبدالأعلى: "وهِيَ تَأْبَى".
قلت: هذا تفرد به بشر هكذا عن أبي سعيد!
ورواه أحمد في «مسنده» (18/408) (11917) عن عَفَّان، عن
حَمَّاد بن سَلَمَةَ، عن بِشْر بن حَرْبٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الوِصَالِ فِي
الصَّوْمِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَصْحَابُهُ حَتَّى رَخَّصَ لَهُمْ مِنَ السَّحَرِ
إِلَى السَّحَرِ».
وروى البخاري في «صحيحه» (3/38) (1967) من حديث عَبْدِاللَّهِ
بنِ خَبَّابٍ الأنصاري المدني، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
يَقُولُ: «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ
حَتَّى السَّحَرِ»، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
قَالَ: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وَسَاقٍ
يَسْقِينِ».
ورواه حماد بن زيد عن بشر عن أبي سعيد، بنحوه.
رواه أحمد في «مسنده» (17/353) (11251) عن يُونُس بن محمد
المؤدب.
وأبو يعلى في «مسنده» (2/533) (1407) عن خَلَف بن هِشَامٍ.
كلاهما عن حَمَّاد بن زَيْدٍ.
ورواه أحمد في «مسنده» (18/104) (11546) عن عَبْدالرَّزَّاقِ،
عن مَعْمَر.
كلاهما (حماد، ومعمر) عن بِشْرِ بنِ حَرْبٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنِ الْوِصَالِ فِي الصِّيَامِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، مَا لَكَ أَنْتَ تَفْعَلُهُ؟ فَقَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ،
إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى».
2- روى أحمد في «مسنده» (18/167) (11623) عن يُونُس المؤدب،
عن حَمَّاد بن زَيْدٍ، عن بِشْر بن حَرْبٍ، قال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ
يُحَدِّثُ قَالَ: "غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَدَكَ وَخَيْبَرَ قَالَ: فَفَتَحَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ فَدَكَ
وَخَيْبَرَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي بَقْلَةٍ لَهُمْ هَذَا الثُّومُ وَالْبَصَلُ،
قَالَ: فَرَاحُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ
رِيحَهَا، فَتَأَذَّى بِهِ، ثُمَّ عَادَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: «أَلَا لَا
تَأْكُلُوهُ، فَمَنْ أَكَلَ مِنْهَا شَيْئًا، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَجْلِسَنَا».
قَالَ: وَوَقَعَ النَّاسُ يَوْمَ خَيْبَرَ فِي لُحُومِ
الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، وَنَصَبْتُ قِدْرِي فِيمَنْ
نَصَبَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَنْهَاكُمْ
عَنْهُ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ» مَرَّتَيْنِ فَأُكْفِئَتْ القُدُورُ، فَكَفَأْتُ قِدْرِي
فِيمَنْ كَفَأَ".
ورواه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» [كما في بغية الباحث
عن زوائد مسند الحارث (2/583) (541)] عن دَاوُد بن نُوحٍ الأشقر السمسار، عن حَمَّاد
بن زياد، فذكر قصة الحمر الأهلية.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/48): "روَاهُ
أَحْمَدُ، وَفِيهِ بِشْرُ بنُ حَرْبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ وُثِّقَ".
قلت: تفرد به بشر عن أبي سعيد! ولعله اشتبه عليه بحديث ابن
عمر، فهو محفوظ عن ابن عمر.
رواه البخاري في «صحيحه» (5/135) (4215) من حديث عُبَيْدِاللَّهِ
بن عمر، عَنْ نَافِعٍ، وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ
عَنْ أَكْلِ الثُّومِ، وَعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ» - «نَهَى عَنْ
أَكْلِ الثُّومِ» هُوَ عَنْ نَافِعٍ وَحْدَهُ، «ولُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ»
عَنْ سَالِمٍ.
وروى أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/624) (2285)، وعلي
بن الجعد في «مسنده» (3328)، وأحمد في «مسنده» (18/326) (11850) عن يونس المؤدب
وسُريج بن النعمان.
كلهم (الطيالسي، وابن الجعد، ويونس، وسريج) عن حَمَّاد بن
سلمة، عَنْ بِشْرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْكُرَّاثِ، وَالْبَصَلِ، وَالثُّومِ،
فَقُلْنَا: أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا. وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ».
قلت: وهذا تفرد به بشر عن أبي سعيد!
وقال محقق مسند أحمد ورفاقه أن حماد هنا هو ابن زيد! وهو
خطأ! وإنما هو "حماد بن سلمة".
3- روى الطيالسي في «مسنده» (3/625) (2286) عن حَمَّاد بن
سلمة، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ
وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ» قُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ:
«نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
تفرد به بشر عن أبي سعيد بهذا! وهو يشبه الحديث السابق في
قوله: "أحرام هو..."!! وكأنه اشتبه عليه في هذا، والله أعلم!
وقد روى مسلم في «صحيحه» (3/1580) (1996) من حديث قَتَادَةَ،
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ
وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ».
4- روى عليّ بن الجعد في «مسنده» (3327)، والطيالسي في «مسنده»
(3/625) (2288).
وأحمد في «مسنده» (17/158) (11093) عن رَوْح بن عُبادة. و(17/169)
(11103) عن حَسَن الأشيب. و(18/325) (11803) و(18/326) (11806) عن يُونُس المؤدب،
و(18/405) (11911) عن عَفَّان الصفار وحَسَن الأشيب.
وابن أبي شيبة في «مصنفه» (15/212) (30020) عن الحَسَن بن
مُوسَى الأشيب.
والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/177) (3824) عن مُحَمَّد
بن خُزَيْمَة، عن حَجَّاج بن منهال.
كلهم (علي بن الجعد، والطيالسي، وروح، وحسن الأشيب، ويونس،
وعفّان، وحجاج) عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، عَنْ بِشْرِ بنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ
أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَدْعُو بِعَرَفَةَ هكَذَا».
ورَفَعَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ
بَاطِنُهُمَا إِلَى الْأَرْضِ، وَظَاهِرُ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ.
وفي رواية روح: "وَرَفَعَ يَدَيْهِ حِيَالَ
ثَنْدُوَتَيْهِ، وَجَعَلَ بُطُونَ كَفَّيْهِ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ".
وفي رواية يونس: "فَجَعَلَ يَدْعُو هَكَذَا، وَجَعَلَ
ظَهْرَ كَفَّيْهِ مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ، وَرَفَعَهُمَا فَوْقَ ثَنْدُوَتِهِ،
وَأَسْفَلَ مِنْ مَنْكِبَيْهِ".
وفي رواية حسن عند أحمد: قَالَ حَسَنٌ: "وَيَرْفَعُ
يَدَيْهِ هَكَذَا يَجْعَلُ ظَاهِرَهُمَا فَوْقَ وَبَاطِنَهُمَا أَسْفَلَ"، وَوَصَفَ
حَمَّادٌ، وَرَفَعَ حَمَّادٌ يَدَيْهِ وَكَفَّيْهِ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ.
وفي رواية حجاج: "وكَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ نَحْوَ
ثُنْدُوَتِهِ".
وقد تفرد بشر بهذا الحديث عن أبي
سعيد!!
قال البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد
المسانيد العشرة» (3/213) (2582): "رَوَاهُ أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ وَمَدَارُ
الطَّرِيقَيْنِ عَلَى بِشْرِ بنِ حَرْبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ".
5- روى أحمد في «مسنده» (17/346) (11247) عن إِسْحَاق بن
عِيسَى الطباع عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، عَنْ بِشْرِ بنِ حَرْبٍ: «أَنَّ ابنَ
عُمَرَ، أَتَى أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَلَمْ
أُخْبَرْ أَنَّكَ بَايَعْتَ أَمِيرَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ
عَلَى أَمِيرٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، بَايَعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَجَاءَ
أَهْلُ الشَّامِ، فَسَاقُونِي إِلَى حُبَيْشِ بنِ دَلَجَةَ فَبَايَعْتُهُ، فَقَالَ
ابْنُ عُمَرَ: إِيَّاهَا كُنْتُ أَخَافُ، إِيَّاهَا كُنْتُ أَخَافُ - وَمَدَّ
بِهَا حَمَّادٌ صَوْتَهُ - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَنَامَ نَوْمًا، وَلَا يُصْبِحَ صَبَاحًا، وَلَا
يُمْسِيَ مَسَاءً إِلَّا وَعَلَيْهِ أَمِيرٌ"؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي
أَكْرَهُ أَنْ أُبَايِعَ أَمِيرَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى
أَمِيرٍ وَاحِدٍ».
ورواه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» [كما في بغية الباحث
عن زوائد مسند الحارث (2/633) (604)] عن دَاوُد بن نُوحٍ الأشقر السمسار، عن حماد،
عن بشر قال: «كُنَّا عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَوْمًا، فَبَيْنَا نَحْنُ
كَذَلِكَ مَا شَعَرْتُ إِذْ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَرَأَيْتُهُ
مُتَغَيِّرًا وَهُوَ كَئِيبٌ حَزِينٌ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْغُبَارِ، فَدَعَا لَهُ
أَبُو سَعِيدٍ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: يَا أَبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ
أَتَذْكُرُ يَوْمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ
اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَنَامَ يَوْمًا وَلَا يُصْبِحَ صَبِيحًا إِلَّا وَعَلَيْهِ
إِمَامٌ فَلْيَفْعَلْ...»، وذكره.
كذا فيه: "عن حماد" مهملاً، وقد ذكر أهل العلم
أن داود بن نوح يروي عن حماد بن زيد، فتكون روايته متابعة لرواية حماد بن سلمة،
والله اعلم.
وهذا الحديث أيضاً تفرد به بشر عن أبي سعيد!
قال البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد
المسانيد العشرة» (5/22): "مَدَارُ إِسْنَادِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا
على بشر بن حرب، وهو ضعيف، ضعفه يحيى القطان وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وابن
سعد والعجلي وأبو داود والنسائي وابن حبان والعقيلي وابن حراش وأبو أَحْمَدَ الحَاكِمُ
وَغَيْرُهُمْ".
وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/219): "رَوَاهُ
أَحْمَدُ. وَبِشْرُ بْنُ حَرْبٍ ضَعِيفٌ".
6- روى أحمد في «مسنده» (17/469) (11376) عن يُونُس المؤدب،
عن حَمَّاد بن زَيْدٍ. وفي (17/467) (11373) عن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّدٍ، عن
عَبَّاد بن عَبَّادٍ المهلبي.
وابن سعد في «الطبقات» (1/396) عن إِسْحَاق بن عِيسَى، عن
حَمَّاد بن سَلَمَةَ.
ثلاثتهم (الحمادان وعباد) عَنْ بِشْرِ بنِ حَرْبٍ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أُتِيَ
بِضَبٍّ فَقَالَ: «اقْلِبُوهُ لِظَهْرِهِ» فَقَلَبُوهُ، ثُمَّ قَالَ: «اقْلِبُوهُ
لِبَطْنِهِ» فَقَلَبُوهُ، فَقَالَ: «تَاهَ سِبْطٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِمَّنْ
غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم، فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا فَإِنْ يَكُ فَهُوَ هَذَا».
·
تحريف في مطبوع مصنف عبدالرزاق!
ومتابعة شعيب الأرنؤوط وغيره عليه!
ورواه عبدالرزاق في «مصنفه» (4/512) (8679) - كما في مطبوع
الكتاب - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، أَوْ غَيْرِهِ
- شَكَّ مَعْمَرٌ - مِنَ الشِّيُوخِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ
يَقُولُ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَبٍّ، فَقَالَ:
«تَاهَ سِبْطٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِمَّنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ
يَكُ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ هَذَا».
وعند تخريج رواية أحمد السالفة قال شعيب الأرنؤوط ورفاقه (17/467):
"وأخرجه عبدالرزاق في "المصنف" (8679) عن معمر، عن أبي عمران
الجؤيي أو غيره -شك معمر-، عن أبي سعيد، به".
وقال صاحب كتاب «نزهة الألباب في قول الترمذي: وفي الباب»
(5/2622): "*وأما رواية أبي عمران عنه: ففي مصنف عبدالرزاق 4/512. عن معمر عن
أبي عمران الجوني أو غيره شك معمر من الشيوخ قال: سمعت أبا سعيد الخدرى يقول: أتى
النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بضب فقال: «تاه سبط من بنى إسرائيل ممن غضب اللَّه
عليه، فإن يك في الأرض فهو هذا»، والسند ضعيف للشك" انتهى.
قلت: وقع تحريف في مطبوع المصنف! والصواب "عن معمر عن
أبي عمرو الندبي.."، وأبو عمرو هو بشر بن حرب. فتحرفت إلى "أبي
عمران الجوني"! ومعمر يروي عن أبي عمرو الندبي بشر بن حرب، ولا يروي عن أبي
عمران الجوني. وأبو عمران الجوني لا يروي عن أبي سعيد الخدري!
فيكون معمراً قد تابع حماد بن زيد وحماد بن سلمة وعباد المهلبي
عليه عن بشر بن حرب. وشكّه هنا لا يضر؛ لأن الحديث حديث أبي عمرو.
وللحديث عن أبي سعيد الخدري أصل، فقد أخرج مسلم في «صحيحه»
(3/1546) (1951) من حديث دَاوُدَ بن أبي هند، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ العبدي، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ
مَضَبَّةٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ - أَوْ فَمَا تُفْتِينَا؟ - قَالَ: «ذُكِرَ لِي
أَنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ»، فَلَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَنْهَ.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: "فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ،
قَالَ عُمَرُ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ،
وَإِنَّهُ لَطَعَامُ عَامَّةِ هَذِهِ الرِّعَاءِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي
لَطَعِمْتُهُ، إِنَّمَا عَافَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»".
ورواه أيضاً من حديث أَبي عَقِيلٍ الدَّوْرَقِيّ، عن أَبي
نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي فِي غَائِطٍ مَضَبَّةٍ، وَإِنَّهُ
عَامَّةُ طَعَامِ أَهْلِي؟ قَالَ: فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقُلْنَا: عَاوِدْهُ،
فَعَاوَدَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ نَادَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: «يَا أَعْرَابِيُّ، إِنَّ
اللهَ لَعَنَ - أَوْ غَضِبَ - عَلَى سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَمَسَخَهُمْ
دَوَابَّ، يَدِبُّونَ فِي الْأَرْضِ، فَلَا أَدْرِي، لَعَلَّ هَذَا مِنْهَا،
فَلَسْتُ آكُلُهَا، وَلَا أَنْهَى عَنْهَا».
وروى أيضاً من حديث ابنِ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو
الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَبٍّ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ،
وَقَالَ: «لَا أَدْرِي لَعَلَّهُ مِنَ القُرُونِ الَّتِي مُسِخَتْ».
7- روى أحمد في «مسنده» (18/325) (11804) عن يُونُس
المؤدب.
وأبو يعلى في «مسنده» (2/372) (1134) عن عبدالأعلى بن حماد
النرسي.
كلاهما عن حَمَّاد بنَ سَلَمَةَ، عَنْ بِشْرٍ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ، وَيَوْمِ الْأَضْحَى».
وقرن أبو يعلى هذه الرواية برواية أخرى لحماد بن سلمة
بالإسناد نفسه عن عَبْدالْأَعْلَى: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ العَبْدِيِّ،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ، وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ
صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ
الشَّمْسُ». وقَالَ أَبُو هَارُونَ: قَالَ: أَبُو سَعِيدٍ: «صُومُوا بَعْدُ مَا
شِئْتُمْ، وَصَلَّوْا بَعْدُ مَا شِئْتُمْ».
وأبو هارون العبدي هذا متروك، وقد كذّبه حماد بن زيد.
·
الفهم الخطأ من شعيب الأرنؤوط
ورفاقه لكلام الإمام النسائي!!
والحديث أخرجه النسائي في «سننه الكبرى» (3/219) (2807) قال:
أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالْأَعْلَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، وعَنْ بِشْرِ بْنِ
حَرْبٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ».
قَالَ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ النسائي: "بِشْرُ بنُ
حَرْبٍ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا أَخْرَجْنَاهُ لِعِلَّةِ الْحَدِيثِ وَالصَّوَابُ
حَدِيثُ سَعِيدٍ وَهِشَامٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ".
وقال شعيب الأرنؤوط ورفاقه أثناء الكلام على هذا الحديث في
تحقيقهم لمسند الإمام أحمد: "وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2794) ،
وأبو يعلى (1134) من طريق عبد الأعلى، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. قال
النسائي: بشر ضعيف، وإنما أخرجناه لعلة الحديث، والصواب حديث سعيد وهشام. والله
أعلم.
قلنا: يظهر أن العلة هي اضطراب حماد بن سلمة فيه، فقد رواه
هنا عن بشر بن حرب، ورواه -عند النسائي (2794) أيضاً- عن قتادة، عن أبي نضرة، عن
أبي سعيد، ورواه أيضاً عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد، عند أبي يعلى (1134)،
وقد قال الإمام الذهبي في حماد بن سلمة: كان ثقة، له أوهام..." انتهى.
وذكر محمود خليل ورفاقه نص النسائي عند تخريج الحديث في «المسند
الجامع» (6/303)!!
قلت: جعل شعيب ورفاقه علة الحديث اضطراب حماد بن سلمة فيه
وروايته له على أوجه: عن بشر بن حرب عن أبي سعيد، وعن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي
سعيد، وعن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد!
والصواب أن حمادا لم يضطرب فيه، بل أخطأ في حديث قتادة
فقط، وذكره لحديثه عن بشر هنا لبيان أنه رواه أيضاً عن بشر وهو ليس على شرطه،
ولهذا قال عنه: "بشر بن حرب ضعيف"، ولم يُرد بيان علة حديثه! وإنما أراد
بيان علة حديث حَمَّاد، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الخُدْرِيِّ؛ ولهذا قال بأن حديث سعيد وهشام أصح، أي حديثهما عن قتادة أصح من حديث
حماد عن قتادة.
فالتعليل لطريق حماد هذه عن قتادة، ولا علاقة لكلام
النسائي بحديث حماد عن بشر.
وهو رحمه الله خرّج أولاً حديث إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَهْمٍ،
عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَوْمَ يَوْمَ عِيدٍ».
ثم قال: "ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى
قَتَادَةَ فِي هَذَا الحَدِيثِ"، ثم ساق حديث سَعِيد بن أبي عروبة، عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ».
ثم ساق هِشَام الدستوائي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَزَعَةَ،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «نَهَى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ».
ثم ساق حديث حَمَّاد، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي
نَضْرَةَ، وَعَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ
الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ».
ثم قال: "بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا
أَخْرَجْنَاهُ لِعِلَّةِ الحَدِيثِ وَالصَّوَابُ حَدِيثُ سَعِيدٍ وَهِشَامٍ،
وَاللهُ أَعْلَمُ".
فهو أراد رحمه الله بيان الاختلاف
في هذا الحديث على قتادة، حيث رواه سعيد وهشام عن قتادة عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وخالفهما حماد بن سلمة فرواه عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي
سعيد، ثم صحح رواية سعيد وهشام، وأن حماداً وهم فيه، فكأنه سلك الجادة:
"قتادة عن أبي نضرة"، وإنما أخرج حديث بشر هنا لأن حماداً روى حديث
قتادة وحديث بشر، فأراد بيان علّة حديث حماد فساق الحديث كما هو وأن حمادا رواه
أيضاً عن بشر، ولا علاقة لحديث بشر بهذا التعليل، ولم يضطرب حماد بن سلمة كما زعم
شعيب ورفاقه، وإنما هو أخطأ في ضبط حديث قتادة.
والحديث محفوظ عن أبي سعيد الخدري.
·
حديث بشر بن حرب عن أبي هريرة:
روى البزار في «مسنده» (16/298) (9508) قال: حَدَّثَنا
إبراهيم بن نصر، قال: حَدَّثَنا موسى بن إسماعيل، قال: حَدَّثَنا حماد - يعني ابن
سلمة -، عن بشر بن حرب، عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «أن رجلين أتيا رسول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألانه فقال: اذهبا إلى هذه الشعوب فاحتطبا
فتبيعا، فذهبا فاحتطبا، ثم جاءا فباعا فأصابا طعاما، ثم ذهب فاحتطبا أيضا فجاءا
فلم يزلا حتى ابتاعا ثوبين، ثم ابتاعا حمارين، فقالا: قد بارك الله لنا في أَمْرِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/94): "رَوَاهُ
البَزَّارُ، وفِيهِ بِشْرُ بنُ حَرْبٍ، وفِيهِ كَلَامٌ، وَقَدْ وُثِّقَ".
قلت: تفرد به بشر عن أبي هريرة! ولم يروه عنه إلا بشر!
·
حديث بشر بن حرب عن رافع بن خَديج:
1- روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/471) (6801) قال:
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ بِشْرِ بنِ
حَرْبِ أَبِي عَمْرٍو، قال: سَمِعْتُ رَافِعَ بنَ خَدِيجٍ، قال: «أَمَّا أَنَا
فَأُوتِرُ، فَإِذَا قُمْتُ صَلَّيْتُ مَثْنَى مَثْنَى، وَتَرَكْتُ وَتْرِي».
قلت: تفرد به بشر عن رافع! لم يروه عن رافع غيره! وهو
موقوف.
2- روى الدولابي في «الكنى والأسماء» (2/784) (1361) عن
النسائي أَحْمَد بن شُعَيْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بنُ الحَكَمِ، قَالَ
حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو
النَّدَبِيُّ بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ سَأَلْتُ رَافِعَ بنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ
الْأَرْضِ؟ فقالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
كِرَاءِ الْأَرْضِ».
قلت: تفرد به بشر هكذا بإطلاق، ورُوي عن رافع من طريق آخر.
رواه مسلم في «صحيحه» (3/1183) من طريق مَالِكٍ - وهو في
الموطأ -، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ
قَيْسٍ الأنصاري، أَنَّهُ سَأَلَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ،
فَقَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كِرَاءِ
الْأَرْضِ»، قَالَ: فَقُلْتُ: أَبِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ؟ فَقَالَ: «أَمَّا
بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَلَا بَأْسَ بِهِ».
ووقفه الثوري عن ربيعة، وتوبع مالك على رفعه.
وروى مسلم أيضاً من حديث نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ
كَانَ يُكْرِي مَزَارِعَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَفِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَصَدْرًا مِنْ
خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، حَتَّى بَلَغَهُ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، أَنَّ
رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، يُحَدِّثُ فِيهَا بِنَهْيٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَأَنَا مَعَهُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:
«كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ كِرَاءِ
الْمَزَارِعِ»، فَتَرَكَهَا ابْنُ عُمَرَ بَعْدُ، وَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْهَا
بَعْدُ قَالَ: "زَعَمَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا".
·
حديث بشر بن حرب عن جرير بن
عبدالله البجلي:
روى الطبراني في «المعجم الكبير» (2/357) (2505) قال:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، قال: حدثنا الحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ
رُزَيْقٍ الْعَطَّارُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ أَبُو عَوْنٍ
الزِّيَادِيُّ، قال: حدثنا حَرْبُ بنُ سُرَيْجٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ
جَرِيرٍ، قَالَ: شَهِدْنَا الْمَوْسِمَ فِي حَجَّةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِي حَجَّةُ الْوَدَاعِ فَبَلَغْنَا مَكَانًا يُقَالُ
لَهُ غَدِيرُ خُمٍّ فَنَادَى: الصَّلَاةُ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا
الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَسْطَنَا، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسِ بِمَ تَشْهَدُونَ؟» قَالُوا:
نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: «ثُمَّ مَهْ؟» قَالُوا: وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: «فَمَنْ وَلِيُّكُمْ؟» قَالُوا: اللهُ
وَرَسُولُهُ مَوْلَانَا، قَالَ: «مَنْ وَلِيُّكُمْ؟» ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى
عَضُدِ عَلِيٍّ رَضِي اللهُ عَنْهُ، فَأَقَامَهُ فَنَزَعَ عَضُدَهُ، فَأَخَذَ
بِذِرَاعَيْهِ، فَقَالَ: «مَنْ يَكُنِ اللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَيَاهُ، فَإِنَّ
هَذَا مَوْلَاهُ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، اللهُمَّ
مَنْ أَحَبَّهُ مِنَ النَّاسِ فَكُنْ لَهُ حَبِيبًا، وَمَنْ أَبْغَضَهُ فَكُنْ
لَهُ مُبْغِضًا، اللهُمَّ إِنِّي لَا أَجِدُ أَحَدًا أَسْتَوْدِعُهُ فِي الْأَرْضِ
بَعْدَ الْعَبْدَيْنِ الصَّالِحَيْنِ غَيْرَكَ، فَاقْضِ فِيهِ بِالْحُسْنَى».
قَالَ بِشْرٌ: قُلْتُ: مَنْ هَذَيْنِ العَبْدَيْنِ
الصَّالِحَيْنِ؟ قال: "لا أَدْرِي".
قال الهيثمي في «المجمع» (9/106): "رَوَاهُ
الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَهُوَ لَيِّنٌ، وَمَنْ لَمْ
أَعْرِفْهُ أَيْضًا".
قلت: هذا حديث منكر! والحَسَنُ بنُ صَالِحِ بنِ رُزَيْقٍ
العَطَّارُ مجهول لا يُعرف! وحرب بن سُريج المنقري البصري ليس بذاك القوي.
·
حديث بشر بن حرب عن سَمُرَةَ بنِ
جُنْدُبٍ:
روى أحمد في «مسنده» (33/391) (20257) عن عَفَّان بن مسلم
الصفّار: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ
سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ، قالَ: -أَحْسَبُهُ مَرْفُوعًا- «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً
فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا، وَمِنَ الغَدِ لِلْوَقْتِ».
ثم رواه أحمد (20258) عن يُونُس، وسُرَيْج، عن حَمَّاد،
عَنْ بِشْرٍ، به.
ورواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/465) (2674) عن أَبي
أُمَيَّةَ، عن سُرَيْج بن النُّعْمَانِ الجَوْهَرِيّ، عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، به.
·
هل رواه همام عن بشر؟! أم أنه
تحرّف؟!
هكذا هو في «مسند أحمد»: "حدثنا همام"! وهو كذلك
في جميع المطبوعات التي رأيتها، وكذا نقله ابن رجب في «فتح الباري» (5/127) فقال:
"وخرجه - أيضا - من طريق همام، عن بشر، عن سمرة، قال: أحسبه مرفوعاً - فذكره.
قال أحمد في رواية أبي طالب: هو موقوف. يعني: أن رفعه وهم.
وبشر بن حرب، ضعفه غير واحد".
وكذا نقله ابن كثير في «جامع المسانيد والسنن» (3/640) (4675):
"حدّثنا عَفّان، حدّثنا همام: أنبأَنا بِشْر بن حَرْب، عن سَمُرَة بن
جُنْدَب. قال- أحسَبه مَرْفوعًا-: "مَنْ نَسِيَ صَلاتَه فَلْيُصَلِّها حينَ
يَذْكُرُها ومِنْ الغَدِ للوقت".
وكذا الهيثمي في «غاية المقصد في زوائد المسند» (520): "حَدَّثَنَا
عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ...".
قلت: لم أجد رواية لهمام بن يحيى العوذي عن بشر بن حرب إلا
هذه! والحديث مشهور من حديث حماد بن سلمة عن بشر! والذي أميل إليه أنه تحرف
"حماد" إلى "همام" ورسمهما قريب جداً.
ويؤيده أن ابن حجر جعل رواية عفان "عن حماد" لا
"عن همام"!!
فذكر في «أطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي» (2/511)
(2706): "حديث: من نسي صلاته فليصلها حين يذكرها ومن الغد للوقت (5: 22) عن
عفان ويونس وسريج عن حماد بن سلمة عن بشر بن حرب عنه به".
وكذا في «إتحاف المهرة» (6/19) (6060) قال: "رَوَاهُ
أَحْمَدُ: عَنْ عَفَّانَ، وَيُونَسَ، وَسُرَيْجٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ
سَلَمَةَ، بِهِ".
فكأنه كان في بعض نسخ المسند "عن حماد"، وبعضها
تحرفت فصارت "عن همام"! والراجح عندي أنه "عن حماد".
ولعل قائل يقول: لم لم يجمع أحمد روايات الثلاثة في سياق
واحد لو كانت كلها عن حماد، فإنه جمع بين روايتي يونس وسريج لأنها عن حماد؟
فأقول: أفرد رحمه الله رواية عفان عن رواية يونس وسريج؛
للشك في رفع الحديث، بخلاف روايتي يونس وسريج فجزما بالرفع، وكأنه أراد بيان
الاختلاف على حماد فيه، فرواه عفان عنه ولم يجزم برفعه، وقد تقدم نقل ابن رجب عن
أحمد في رواية أبي طالب: "هو موقوف" - يعني: أن رفعه وهم.
وللحديث طريق آخر عن سمرة.
رواه الروياني في «مسنده» (2/80) (860) عن ابن مَعْمَرٍ.
والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/465) (2673) عن أَحْمَد
بن دَاوُدَ.
والطبراني في «المعجم الكبير» (7/235) (6978) عن مُعَاذ بن
المُثَنَّى.
ثلاثتهم عن أَبي الوَلِيدِ الطَّيَالِسِيّ، عن حَمَّاد بن
سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ سَمُرَةَ بنِ
جُنْدَبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ نَسِيَ
صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا مِنَ الْغَدِ لِلْوَقْتِ».
قال الهيثمي في «المجمع» (1/322) (1801): "رَوَاهُ
الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ".
قلت: تفرد به حماد بن سلمة! فيحتمل أنه كان يهم فيه! فمرة
رواه عن بشر عن سمرة، ومرة رواه عن عاصم عن أبي مجلز عن سمرة!! وهو منقطع.
قَال علي بن المَدِينِيّ: "أبو مجلز لم يلق سَمُرَة".
فالحديث ضعيف من كلا الوجهين.
·
هل هناك بشر بن حرب آخر؟! وهم
لابن حبان وتعقّب الدارقطني له!
وذكر ابن حبان في «المجروحين» (1/191) (137): "بشر بن
حَرْب البَزَّار" وفرّق بينه وبين بشر بن حرب الندبي.
قال: "شيخ يَرْوِي عَن أَبِي رَجَاء العطاردي، ولَيْسَ
بالندبي. روى عَنْهُ عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَمْرو بن جبلة. مُنكر الحَدِيث جدًا لا
يحْتَج بِمَا روى من الْأَخْبَار، وَلَا يعْتَبر بِمَا حدّث من الآثار، رَوَى عَنْ
أَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بنَ العَوَّامِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الخَلِيفَةُ
بعدِي أَبُو بكر الصّديق وعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، ثُمَّ يَقَعُ الاخْتِلافُ».
قَالَ: فَقُمْنَا إِلَى عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
فَأَخْبَرَنَاهُ بِمَا قَالَ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ: صَدَقَ الزُّبَيْرُ، سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ".
وقد أنكر الدارقطني على أبي حاتم ابن حبان هذا، وقال إن
بشر بن حرب فرد، وهو الندبي فقط.
قال الدارقطني في «تعليقاته على كتاب المجروحين» (ص: 61):
"كَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي هَذَا الحَدِيثِ، وَقَدْ وَهِمَ فِي اسْمِ الرَّجُلِ
الرَّاوِي عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَّارِدِيِّ، فَلا أَدْرِي الوَهْمَ مِنْهُ،
أَوْ مِمَّنْ حَدَّثَهُ؟ والصُّوَابُ أَنَّ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ جَبَلَةَ رَوَى
هَذَا الحَدِيثَ عَنْ بَشِيرِ بنِ سُرَيْجٍ المُنَقِّرِيِّ، لا بِشْرِ بْنِ
حَرْبٍ، ولا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا يُعْرَفُ بِبِشْرِ بنِ حَرْبٍ مِنْ رُوَاةِ الحَدِيثِ
غَيْرَ أَبِي عَمْرٍو النَّدَبِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ".
قلت: بيّن الدارقطني أن الحديث يرويه عبدالرحمن بن جبلة عن
«بشير بن سريج المنقري».
وذكره الذهبي في «الميزان» (1/315) (11919) تبعاً لابن
حبان، وقال: "بشر بن حرب البزاز، ويقال بشير. قال ابن حبان: شيخ يروي عن أبي
رجاء العطاردي، وليس بالندبي..."، وأورد حديثه، ثم قال: "قلت: هذا باطل،
والآفة من عبدالرحمن، فإنه كذاب".
وقال ابن حجر في «اللسان» (2/21) (72): "قلت: والذي
وقفت عليه في نسخة قديمة جداً من الضعفاء لابن حبان هذا بشير بزيادة ياء، كذلك
ذكره صاحب «الحافل» في من اسمه بشير".
قلت: ذكر ابن حبان من اسمه "بشر" ثم من اسمه
"بشير"، وقول ابن حجر هو الصواب فإنه بعد أن انتهى من اسمه
"بشر" ذكر من اسمه "بشير"، لكن وقع في النسخ "بشر بن حرب
البزاز"، ولو كان "بشرا" لذكره مباشرة بعد "بشر بن حرب
الندبي"، لكن الإشكال أن ابن حبان فرق بينه وبين الندبي = يعني هو عنده اسمه
"بشر"، أو أنه كما ذكره الذهبي: "بشر بن حرب، ويقال: بشير"،
ولهذا فرق بينهما ابن حبان.
وعموماً فقد أخطأ ابن حبان في هذا، والصواب ما بيّنه
الدارقطني من حصول وهم فيه، وصوابه: "بشير بن سريج المنقري"، لا
"بشر بن حرب"، والحديث باطل كما قال الذهبي، وآفته عمرو بن جبلة وهو
متروك يضع الحديث.
وذكر الذهبي في «ديوان الضعفاء» (586): "بشر بن حرب: فرق ابن
حبان بينه وبين الندبي، وهو هو".
وقال في «الميزان» (1/328) (1234): "بشير بن حرب
البزاز. عن أبي رجاء العطاردي. وقيل بشر، ذكره ابن حبان. وقد مر".
قلت: يقصد الذهبي أنه هو نفسه الندبي! اعتماداً على تعقب
الدارقطني له! وفيه نظر! فالدارقطني تعقب ابن حبان بأنه لا يوجد "بشر بن
حرب" إلا الندبي، ومع ذلك فالذي في الحديث الذي اعتمد ابن حبان ليس اسمه
"بشر بن حرب"، وإنما هو "بشير بن حرب المنقري".
وفي نهاية هذا المطاف يتبيّن لنا أن "بشر بن حرب
الندبي" لقي ابن عمر وابا سعيد الخدري، وسمع منهما، لكن حديثه عنهما ضعيف!
وقد انفرد عنهما بمنكرات! وقد اتفق الأئمة على تضعيفه.
وانفرد عن أبي هريرة بحديث لم يروه غيره عنه فيه نكارة،
ولا نعلم أنه سمع منه! وانفرد كذلك عن رافع بن خديج وسمرة بن جُندب، ولم تثبت
روايته عن جرير بن عبدالله البجلي.
وهو ضعيف الحديث، لا يُحتج به.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتب: خالد الحايك.
10 صفر 1441هـ.
شاركنا تعليقك