«إِرشادُ النُّظَّار» إلى تخريج البخاري لحديث «عبدالرحمن بن
عبدالله بن دينار».
ومعه: «قطفُ الأزهار» في كشف عِلل حديث «عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار»!
·
ترجمة عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار، وبيان حاله!
عبدالرَّحْمَن
بن عبدالله بن دِينَار مولى عبدالله بن عمر المدنِي.
ليس
بالمكثر من الحديث، وغالب روايته عن أبيه، وشيوخه كلهم مدنيون. وروى عنه
العراقيون.
رَوَى
عَن: أسيد بن أَبي أسيد البراد المدينيّ، وزيد بن أسلم المدني، وأبي حازم سلمة بن
دينار المدني، وأبيه عَبداللَّهِ بن دينار، وعَمْرو بن يحيى بن عمارة المازني
المدني، ومحمد بن زيد بن المهاجر بن قُنْفُذ المدني، ومُحَمَّد بن عجلان المدني،
وموسى بن عُبَيدة الربذي المدني.
رَوَى
عَنه: أشعث بن شعبة المصيصي، وبهلول بن حسان التنوخي، والحسن بن موسى الأشيب البغدادي،
وأَبُو قُتَيبة سَلْم بن قتيبة الخراساني نزيل البصرة، وسلمة بن رجاء الكوفي، وعبداللَّه
بن المبارك المروزي، وعبدالصمد بن عَبْدِالوارث البصري، وعثمان بن عُمَر بن فارس البصري،
وعلي بن الجعد البغدادي، وعَمْرو بن مرزوق الباهلي البصري، وقرة بن حبيب الغنوي
البصري، ومحمد بن زياد بن زبار الكلبي، ومسلم بن إبراهيم الأزدي البصري، ومعن بن
عيسى المدني، والنعمان بن عبدالسلام الأصبهاني، وأبو النضر هاشم بن القَاسِم البغدادي،
ويحيى بْن سَعِيد القطان البصري، وأبو علي الحنفي عبيدالله بن عبدالمجيد البصري،
وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبدالملك البصري.
فحديثه
يرويه عنه أهل العراق، ولهذا يقول ابن حبان: "روى عنه العراقيون".
ولم
يذكروا مدنيا روى عنه إلا معن بن عيسى! ولم أقف على رواية له عنه!!!
وأكثر
أهل العلم على تضعيفه، وحاصل كلامهم أنه يُكتب حديثه للاعتبار، ولا يحتج بما انفرد
به، وخالفهم البخاري فاحتج به في غير موضع!!!
وغالب
الرواة عنه من أهل العراق، بل لا نكاد نجد له رواية عن غير العراقيين!!!
وقال
ابن الجنيد في «سؤالاته» (ص: 329) (223) قلت ليحيى: عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار؟ قال: "قد روى عنه يحيى بن سعيد القطان".
وقال
يزيد بن طهمان في «روايته عن ابن معين» (ص: 107) (340) قال يحيى: "عبدالرحمن
بن عبدالله بن دِينَار: ليسَ بِذَاكَ القوي، وَقد روى عَنهُ يحيى".
وقال
عباس الدوري «كما في روايته لتاريخ ابن معين» (4/97): سَمِعت يحيى يَقُول: "قد
روى يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار".
وقال
في موضع آخر (4/203): سَمِعت يحيى يَقُول: "قد حدث يحيى القطَّان عَن
عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار". قَالَ يحيى: "وَفِي حَدِيثه ضعف،
وَحدث عَنهُ أَيْضاً حسن الأشيب، وَحدث عَنهُ عبدالصَّمد بن عبدالوَارِث".
وقال
في موضع ثالث (4/311): سَمِعت يحيى يَقُول: "قد حدث يحيى بن سعيد الْقطَّان
عَن عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار، وَحدث عَنهُ الأشيب، وَحدث عَنهُ أَبُو
النَّضر، فحسبه أَن يُحدِّث عَنهُ يحيى بن سعيد".
قلت:
لم أجد له رواية واحدة في الكتب عن يحيى بن سعيد القطان!! فلعله سمع من لما نزل
العراق وحدث عنه بأحاديث قليلة، ثم تركه! والله أعلم.
وقال
أبو داود في «سؤالاته لأحمد» (ص216): سمعت أحمد قال: "عبدالرَّحْمَن بن
عبدالله بن دِينَار: لا بَأْس بِهِ، مقارب الحَدِيث".
وقال
البرذعي في «سؤالاته لأبي زرعة» (2/443): قلت: عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار؟
قال: "ليس بذاك".
قال
ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/254): سألت أبي عن عبدالرحمن ابن عبدالله بن
دينار؟ فقال: "فيه لين، يُكتب حديثه، ولا يُحتج به".
وقال
الآجري في «سؤالاته لأبي داود» (ص: 108): سألت أبا دَاوُد عَن عَبْدالرَّحْمَنِ بن
عَبْداللَّهِ بن دِينار؟ فقال: "حدّث عنه يحيى القَطَّان".
وقال
ابن حبان في «المجروحين» (2/51): "روى عنه العراقيون، كانَ مِمَّن
ينْفَرد عَن أَبِيه بِمَا لَا يُتَابع عَلَيْهِ مَعَ فحش الْخَطَأ فِي رِوَايَته،
لا يجوز الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ إِذا انْفَرد. كَانَ يحيى القطَّان يحدث عَنهُ، وَكَانَ
مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الجعْفِيّ البُخَارِيّ مِمَّن يحْتَج بِهِ فِي كِتَابه
وَيتْرك حَمَّاد بن سَلمَة".
وقال
ابن عدي في «كامله» (5/488) بَعْدَ أَنْ سَاقَ لَهُ أَحَادِيثَ تُسْتَنْكَرُ:
"ولعبدالرحمن بن عَبداللَّهِ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ من الأحاديث، وبعض ما يرويه
منكر مما لا يُتَابَعُ عَليه، وَهو في جملة من يكتب حَدِيثُهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ".
وقال
البزار: "وعَبْدُالرَّحْمَنِ لَيِّنُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ
جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاحْتَمَلُوا حَدِيثَهُ".
وقال
ابن شاهين في «تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين» (ص: 127): "عبدالرحمن بن
عبدالله بن دينار: ضعيف".
وقال
في «ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه» (ص: 67): "قال يحيى بن معِين فِي
رِوَايَة إِسْحَاق الكوسج: إِنَّه صَالح. وَفِي رِوَايَة الْمفضل بن غَسَّان عَنهُ:
إِنَّه ضَعِيف.
وهَذَا
الكَلَام من يحيى بن معِين فِيهِ يُوجب السُّكُوت عَنهُ؛ لِأَنَّهُ لم يوثقه،
فَقَالَ: صَالح، والألفاظ فِي الشُّيُوخ منتبذة المعَانِي".
قلت:
يعني مختلفة المعاني.
وذكره
العقيلي في «الضعفاء» (2/339) وساق عن عَمْرو بن عَلِيّ الفلاس أنه قَالَ: "لمْ
أَسْمَعْ عَبْدَالرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ
بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ بِشَيْءٍ قَطُّ".
وقال
البرقاني في «سؤالاته للدارقطني» (ص: 42): سألته عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار؟
فقال: "أخرج عنه البخاري وهو عند غيره ضعيف، فيُعتبر به".
وقال
السلمي عن الدارقطني: "خالف فيه البخاري الناس وليس بمتروك".
وقال
الحاكم في «سؤالاته للدارقطني» (ص234): قلت: فعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار؟ قال:
"إنما حدث بأحاديث يسيرة، وقد احتج البخاري به، وغمزه يحيى بن معين".
·
تحريف في مطبوع سؤالات الحاكم للدارقطني!
وقع
في مطبوع سؤالات الحاكم للدارقطني: "وغمزه يحيى بن سعيد"!! وهو تحريف!
وإنما: "يحيى بن معين"، تحرفت "معين" إلى "سعيد"،
أو لم يستطع المحقق قراءة الاسم!
وقال
أبو القاسم البغوي: "هو صالح الحديث".
وقال
الحربي: "غيره أوثق منه".
وقال
ابن خلفون: سئل عنه علي بن المديني؟ فقال: "صدوق".
وقال
الذهبي في «ميزان الاعتدال» (2/572): "صالح الحديث. وقد وثق. وحدث عنه يحيى
بن سعيد مع تعنته في الرجال".
وقال
في «الكاشف» (1/632): "قال أبو حاتم: فيه لين".
وقال
في «المغني في الضعفاء» (2/382): "وُثق، وقال ابن معِين: فِي حَدِيثه ضعف".
وقال
في «تاريخ الإسلام» (4/436): "قال أَبُو حَاتِمٍ: فِيهِ لِينٌ.
وقالَ
ابنُ مَعِينٍ: حَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى بنُ سعيد، وفي حَدِيثِهِ عِنْدِي ضَعْفٌ.
وذَكَرَهُ
ابنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ بَعْدَ أَنْ سَاقَ لَهُ أَحَادِيثَ تُسْتَنْكَرُ، وقال:
بَعْضُ مَا يَرْوِيهِ مُنْكَرٌ، وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ مِنَ
الضُّعَفَاءِ".
وقال
في «ديوان الضعفاء» (ص: 243): "ثقة، قال ابن معين: في حديثه ضعف".
وقال
ابن حجر في «التقريب»: "صدوق يُخطئ".
قلت:
هو صالح الحديث يُعتبر به، أي يُكتب حديثه، ولا يحتج بما اتفرد به، وغالب حديثه
الذي حدث به في العراق تفردات ومناكير!
قال
ابن حجر في «الفتح» (12/430): "عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ
دِينَارٍ مُخْتَلف فِيهِ. قالَ ابن المَدِينِيِّ: صَدُوقٌ. وقال يَحْيَى بنُ
مَعِينٍ: فِي حَدِيثِهِ عِنْدِي ضَعْفٌ. وقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: خَالَفَ فِيهِ
البُخَارِيُّ النَّاسَ ولَيْسَ بِمَتْرُوكٍ. قُلْتُ: عُمْدَةُ البُخَارِيِّ فِيهِ
كَلَام شَيْخه عَليّ. وَأما قَول ابن مَعِينٍ فَلَمْ يُفَسِّرْهُ! ولَعَلَّهُ
عَنَى حَدِيثًا مُعَيَّنًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَمَا أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ
شَيْئًا إِلَّا وَلَهُ فِيهِ مُتَابِعٌ أَوْ شَاهِدٌ".
قلت:
هذا الكلام فيه نظر!! وسيتبين لنا ذلك من خلال الكلام على الأحاديث.
وأعرض
عنه الإمام مسلم، فلم يخرّج له شيئًا!
·
وهم فاحش للباجي!
ذكر
أبو الوليد الباجي في كتابه «التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع
الصحيح» (2/870) (903) "عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار مولى عبدالله بن
عمر المدنِي"، ثم نقل كلام الأئمة فيه، ثم قال: "قَالَ عَليّ بن المَدِينِيّ:
مَا حدث عبدالرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد بِالمَدِينَةِ فَهُوَ صَحِيح وَمَا
حدث بِبَغْدَاد فأفسده الْعِرَاقِيُّونَ لقنوه وَهُوَ ضَعِيف فِيهِ".
قلت:
هذا وهم فاحش من الباجي! فها هو ينقل قول ابن المديني في "عبدالرحمن بن أبي
الزناد"، فلم يضع هذا في ترجمة "عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار"؟!!!
وقد
ساق الخطيب البغدادي في ترجمة "عبدالرحمن بن أبي الزناد" من «تاريخ
بغداد «الفتح» (11/494) بإسناده إلى عبداللَّه بن علي ابن المديني، قَالَ: سمعت
أبي، يَقُول: "ما حدث عبدالرحمن بن أبي الزناد بالمدينة فهو صحيح، وما حدث به
ببغداد أفسده البغداديون. ورأيت عبدالرحمن خطط على أحاديث عبدالرحمن بن أبي
الزناد، وكان يَقُول في حديث عن مشيختهم ولقنه البغداديون عن فقهائهم، وعدهم: فلان
وفلان وفلان".
وساق
بسنده أيضاً إلى علي ابن المديني، قال: "حديثه بالمدينة حديث مقارب، وما حدث
به بالعراق فهو مضطرب".
قلت:
فاشتبه هذا على الباجي ونقله في ترجمة "عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار"!
«إِرشاد النُّظَّار»
إلى تخريج البخاري لحديث «عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار»!
أخرج
له البُخَارِيّ فِي الوضُوء، والزَّكَاة، والبيوع، والجهَاد، وغير مَوضِع عَن
عَليّ بن عبدالله المديني، وسَلْم بن قُتَيْبَة، وعبدالصَّمد بن عبدالوارث، وَأبي
النَّضر هَاشم بن القَاسِم، وقرة بن حبيب، والحسن بن مُوسَى الأشيب، وَأبي عَليّ
الجعْفِيّ عَنهُ عَن أَبِيه وزيد بن أسلم وأبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار.
وهذا
تفصيل هذه الأحاديث التي أخرجها له البخاري - رحمه الله-:
·
الحديث الأول: حديث موقوف رفعه
عبدالرحمن!
تعليل
الحديث بالوقف! وسقط في إسناده عند النسائي!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، (8/101) (6478) قال:
حَدَّثَنِي
عَبْدُاللَّهِ بنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ
بنُ عَبْدِاللَّهِ - يَعْني ابنَ دِينَارٍ-، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال:
«إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي
لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ
لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا،
يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ».
وأخرجه
أحمد في «مسنده» (14/135) (8411) عن أَبي النَّضْرِ هاشم بن القاسم البغدادي، به.
وأخرجه
البزار في «مسنده» (15/380) (8979) عن أحمد بن منصور، عن الحسن بن موسى الأشيب
البغدادي، عن عَبدالرَّحْمَنِ بن عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ، به.
وأخرجه
أبو القاسم الأصبهاني المعروف بقوام السنة في «الترغيب والترهيب» (2/337) (1717)
من طريق أحمد بن علي المقرئ، عن أبي الأزهر، عن هاشم بن القاسم أبي النضر، به.
وقال:
"هذا حديث غريب من هذا الوجه".
وأخرج
النسائي في «السنن الكبرى» (10/379) (11773) عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ بَكْرِ بنِ
مُضَرَ، عَنْ يَزِيدَ بنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى
بنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَزِلُّ بِهَا فِي
النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ».
وعَنْ
سُوَيْدِ بنِ نَصْرٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ المُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ
دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِهِ، مَوْقُوفًا.
وكذا
ذكره المزي في «تحفة الأشراف» (9/431) (12821): "(س) فيه (الرقائق، في
الكبرى) عن سويد بن نصر، عن عبدالله بن المبارك، عنه به – موقوفاً".
قلت:
هذا
الحديث يرويه عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، عن أبيه، عن أبي هريرة، مرفوعاً.
وفي
حديث النسائي عن عبدالله بن المبارك، عن عبدالله بن دينار، عن أبي هريرة، موقوفاً.
فصار
ابن المبارك مخالفاً لعبدالرحمن في هذا الحديث!!
وقد
روى الإمام مالك في «الموطأ» (2/985) (6) عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي
بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا
يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ».
وعليه
فيكون ابن المبارك قد تابع مالكا على وقفه!
ولهذا
قال أصحاب كتاب «المسند الجامع» (17/637): "أخرجه مالك «الموطأ» (2819).
والنسائي في «الكبرى» (11774) عن سويد بن نصر، عن عبدالله بن المبارك.
كلاهما
(مالك، وعبدالله بن المبارك) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
السَّمَّانِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قال...".
قلت:
وهذا
كله خطأ!!
فرواية
ابن المبارك التي ذكرها النسائي إنما يرويها ابن المبارك عن مالك، فرجع الحديث إلى
مالك.
وهو
كذلك في كتابه «الزهد والرقائق» (1392) قال: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بنُ أَنَسٍ، عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال:
«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يُلْقِي لَهَا بَالًا،
يَرْفَعُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
قال
ابنُ صَاعِدٍ: "وَرَفَعَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ".
وكذا
رواه ابن أبي الدنيا في كتاب «الصمت» (72) من طريق عَبْدَان بن عُثْمَانَ المروزي،
عن عَبْداللَّهِ بن المبارك، عن مَالِك بن أَنَسٍ، به، موقوفاً.
وعبدالله
بن المبارك لا تُعرف له رواية عن عبدالله بن دينار، فحديثه هذا عنه بواسطة مالك،
وعليه تكون رواية سويد بن نصر المروزي عن ابن المبارك خطأ!! أسقط من إسناده «مالك»،
وهو صدوق، ولم يرو له إلا الترمذي والنسائي، ورواية الحسين بن الحسن المروزي صاحب
ابن المبارك وراوي كتابه «الزهد»، وعبدان بن عثمان، أصح من رواية سويد.
أو
يكون سقط من نسخة النسائي ذكر «مالك»! والله أعلم.
وهنا
أمر آخر:
وهو
أنه قد ذُكر هناك رواية أخرى عن ابن المبارك عن مالك لهذا الحديث لكنها مرفوعة!!
قال
ابن عبدالبر في «التمهيد» (17/143): "هكذا هذا الحَدِيثُ مَوْقُوفًا فِي
المُوَطَّأِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٌ مَنْ لا
يُوثَقُ بِهِ.
حَدَّثَنَا
خَلَفُ بنُ القَاسِمِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى: حَدَّثَنَا
الحسينُ بنُ الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بن المبارك: حَدَّثَنَا
مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ
الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ
اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
هَكَذَا
حَدَّثَنَاهُ مَرْفُوعًا، وهُوَ عِنْدِي مِنْ غَلَطِهِ أَوْ غَلَطِ شَيْخِهِ،
واللَّهُ أَعْلَمُ. ولا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ رَفْعُهُ فِيمَا أَحْسَبُ، وَإِنْ
صَحَّ عَنِ ابنِ الْمُبَارَكِ مَا ذَكَرْنَا فَابنُ المُبَارَكِ بَحْرٌ ثِقَةٌ
حُجَّةٌ".
وقال
أبو العباس الداني الأندلسي في كتاب «الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ»
(3/461): "هكذا هو في الموطأ موقوفٌ، ورَفَعَه عبدالله بنُ المبارك، عن مالك".
قلت:
لم
يرفعه ابن المبارك! وهو ليس غلطا منه ولا من تلميذه! ولم يُحدد ابن عبدالبر من هذا
الذي لا يوثق به؟!!!
وهو
إنما رواه من كتاب ابن المبارك برواية الحسين المروزي، وعنه: مُحَمَّدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى!!
لكن
الرواية المشهورة لكتاب ابن المبارك برواية الحسين المروزي يرويها الإمام الحافظ
الثقة الثبت أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ.
فالاختلاف
على الحسين المروزي راوي كتاب ابن المبارك. وابن صاعد من أضبط الناس، وهو مسند
الدنيا في زمانه، وقد ضبطه بالوقف، ولهذا قال بعد روايته لهذا الحديث موقوفاً:
"وَرَفَعَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ".
فابن
المبارك لم يرفعه، وإنما وقفه كما سمعه من مالك في «الموطأ»، وقد وقفه عن ابن
المبارك عبدان بن عثمان كما سبق، وكذا سويد بن نصر - وإن سقط من إسناده ذكر مالك
-!
وعليه:
فهذا
الحديث اختلف فيه على عبدالله بن دينار:
فرفعه
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، ووقفه مالك بن أنس عن عبدالله بن دينار.
وقد
سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (8/214) (1525) عن هذا الحديث؟ فقال: "يَرْوِيهِ
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ حِبَّانَ، وعَبْدُاللَّهِ بنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَاخْتُلِفَ
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ:
فَرَوَاهُ
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دينار، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وخَالَفَهُ
مَالِكٌ بنُ أَنَسٍ، رَوَاهُ عَنْ عَبْدِالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أَبِي
هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا، وهُو المَحْفُوظُ".
قلت:
فالحديث حديث مالك عن عبدالله بن دينار، موقوف.
وقد
أخطأ عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار في رفعه عن أبيه !!! وكأنه أُتي فيه بسبب سوء
حفظه لما دخل العراق وحدّث بها! فرفع الموقوفات! ووهم في الأسانيد! وتفرد بأحاديث
عن أبيه لم يروها عنه سواه!!!
تنبيه:
سبق
ذكر أن النسائي خرج حديث يَزِيدَ بنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيمَ،
عَنْ عِيسَى بنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَزِلُّ
بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ».
ثم
قال: وعَنْ سُوَيْدِ بنِ نَصْرٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ المُبَارَكِ، عَنْ
عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِهِ،
مَوْقُوفًا.
قلت:
حديث
أبي صالح هذا ليس كمتن حديث عيسى بن طلحة! وقول النسائي: "به"، أي بمتنه
فيه نظر!!
·
تضعيف الألباني لحديث: «إن العبد
ليتكلم بالكلمة...».
وذكر
الألباني في «سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة» (3/463) (1299) حديث: «إن العبد
ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات..».
وقال:
"ضعيف.
أخرجه
البخاري (6478 فتح) وأحمد (2/334) والمروزي في "زوائد الزهد" (4393)
والبيهقي في "الشعب" (2/67/1) من طريق عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار،
عن أبيه عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا به.
قلت:
وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:
الأولى:
سوء حفظ عبدالرحمن هذا مع كونه قد احتج به البخاري، فقد خالفوه
وتكلموا
فيه من قبل حفظه، وليس في صدقه.
1
- قال يحيى بن معين: " حدث يحيى القطان عنه، وفي حديثه عندي ضعف".
رواه
العقيلي في "الضعفاء" (2/339/936)، وابن عدي في "الكامل" (4/1607).
2
- قال عمرو بن علي: لم أسمع عبدالرحمن (يعني ابن مهدي) يحدث عنه بشيء قط.
رواه
ابن عدي.
3
- وقال أبو حاتم: "فيه لين، يكتب حديثه ولا يحتج به".
رواه
ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/4/254).
4
- قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/51):
"كان
ممن ينفرد عن أبيه بما لا يتابع عليه مع فحش الخطأ في روايته، لا يجوز الاحتجاج بخبره
إذا انفرد، كان يحيى القطان يحدث عنه، وكان محمد بن إسماعيل البخاري ممن يحتج به
في كتابه ويترك حماد بن سلمة".
5
- وقال ابن عدي في آخر ترجمته بعد أن ساق له عدة أحاديث: "بعض ما يرويه منكر
لا يتابع عليه، وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء".
6
- وقال الدارقطني: "خالف فيه البخاري الناس، وليس بمتروك".
7
- وأورده الذهبي في "الضعفاء" وقال: "وثق، وقال ابن معين: في حديثه
ضعف".
وتبنى
في "الكاشف" قول أبي حاتم في تليينه.
8
- ولخص هذه الأقوال ابن حجر في "التقريب" فقال: "صدوق يخطىء".
ولا
يخالف هؤلاء قول ابن المديني: "صدوق". وقول البغوي: "صالح
الحديث"، لأن الصدق لا ينافي سوء الحفظ. وأما قول البغوي فشاذ مخالف لمن تقدم
ذكرهم فهم أكثر وأعلم، وكأنه لذلك لم يورده الحافظ في ترجمة عبدالرحمن هذا من
"مقدمة الفتح" (ص 417) بل ذكر قول الدارقطني وغيره من الجارحين، ولم
يستطع أن يرفع من شأنه إلا بقوله: "ويكفيه رواية يحيى القطان عنه".
وقد
ساق له حديثا (ص 462) مما انتقده الدارقطني على البخاري لزيادة تفرد بها، فقال
الدارقطني: "لم يقل هذا غير عبد الرحمن، وغيره أثبت منه وباقي الحديث
صحيح".
ولم
يتعقبه الحافظ بشيء بل أقره فراجعه إن شئت.
وبالجملة
فضعف هذا الراوي بعد اتفاق أولئك الأئمة عليه أمر لا ينبغي أن يتوقف فيه باحث،
أويرتاب فيه منصف.
وإن
مما يؤكد ذلك ما يلي:
والأخرى:
مخالفة الإمام مالك إياه في رفعه، فقال في "موطئه" (3/149):
عن
عبدالله بن دينار عن أبي صالح السمان أنه أخبره أن أبا هريرة قال: فذكره موقوفا
عليه وزاد: "في الجنة".
فرواية
مالك هذه موقوفا مع هذه الزيادة يؤكد أن عبدالرحمن لم يحفظ الحديث فزاد في إسناده
فجعله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونقص من متنه ما زاده فيه جبل الحفظ
الإمام مالك رحمه الله تعالى. وثمة دليل آخر على قلة ضبطه أن في الحديث زيادة شطر
آخر بلفظ: "وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهو ي بها
في جهنم".
فقد
أخرجه الشيخان من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا به إلا أنه قال: ".. ما
يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب".
وعند
الترمذي وحسنه بلفظ: ".. لا يرى بها بأسا يهو ي بها سبعين خريفا في
النار".
وقد
خرجت هذه الطريق الصحيحة مع شاهد لها في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" برقم (540).
ثم خرجت له شاهدا من غير حديث أبي هريرة برقم (888).
وبعد
فقط أطلت الكلام على هذا الحديث وراويه دفاعا عن السنة ولكي لا يتقول متقول، أو يقول
قائل من جاهل أوحاسد أومغرض:
إن
الألباني قد طعن في "صحيح البخاري" وضعف حديثه، فقد تبين لكل ذي بصيرة أنني
لم أحكم عقلي أو رأيي كما يفعل أهل الأهواء قديما وحديثا، وإنما تمسكت بما قاله
العلماء في هذا الراوي وما تقتضيه قواعدهم في هذا العلم الشريف ومصطلحه من رد حديث
الضعيف، وبخاصة إذا خالف الثقة. والله ولي التوفيق" انتهى كلامه.
قلت:
قال
الألباني إن هذا الحديث له علتان: الأولى: سوء حفظ عبدالرحمن.. والثانية: مخالفة
مالك له في رفعه!
والحقيقة
أن هذا الحديث له علة واحدة فقط، وهي الثانية، فعبدالرحمن خالف مالكا في رفعه،
وضبطه مالك.
وقول
الألباني في تخريجه: "والمروزي في "زوائد الزهد" (4393).. من طريق
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، عن أبيه عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا به"!
ليس بصواب!!
فالذي
رواه هو يحيى بن محمد بن صاعد راوي كتاب الزهد عن الحسين المروزي صاحب ابن
المبارك.
فإن
ابن المبارك لما روى الحديث عن مالك – كما سبق بيانه - قال ابنُ صَاعِدٍ: "وَرَفَعَهُ
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ".
ثم
رواه راوي كتاب الزهد أَبُو عُمَرَ بنُ حَيَوَيْهِ قالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى،
قالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، قال: حَدَّثَنَا هَاشِمُ
بنُ قَاسِمٍ.
وقال
أَبُو عُمَرَ بنُ حَيَوَيْهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى: وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ
مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ - اللَّفْظُ لِلطُّوسِيِّ-،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْداللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... الحديث.
فالمروزي
لم يروه في «زوائد الزهد» كما قال الألباني! وإنما هو من «زوائد ابن صاعد».
والعجيب
أن الألباني ضعّف هذا الحديث، وصحح الحديث الآخر لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار
بالإسناد نفسه: «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا...»!!
فقال
في «مشكاة المصابيح» (1774): "صَحِيح"!
وقال
في «تخريج مشكلة الفقر» (60): "صحيح".
وكان
يلزمه تضعيفه كما ضعّف الأول!!!
·
الحديث الثاني: حديث موقوف رفعه
عبدالرحمن!
حديث
آخر أخرجه البخاري لعبدالرحمن مرفوعاً، وخالفه مالك فوقفه! وترجيح النسائي لطريق
مرجوح!!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، (2/106) (1403) عن عَلِيّ
بن عَبْدِاللَّهِ ابن المديني.
و(6/39)
(4565)، كتاب التفسير، بَابُ {وَلَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا
آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ، بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ،
سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلِلَّهِ مِيرَاثُ
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، عن عَبْداللَّهِ
بن مُنِيرٍ.
كلاهما
عن أَبي النَّضْرِ هَاشِم بن القَاسِمِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ
مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ
يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي
بِشِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ
الآيَةَ: {ولا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ».
ورواه
الحافظ تَمْتَامٌ مُحَمَّدَ بنَ غَالِبٍ [كما عند البيهقي في «شعب الإيمان» (5/12)
(3029)] عن قُرَّة بن حَبِيبٍ القَنَوِيّ البصريّ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن
عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، به، لكن في آخره: "وتَلَا أَبُو صَالِحٍ هَذِهِ
الْآيَةُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} الْآيَةُ".
فجعل
التلاوة من أبي صالح! بخلاف ما أخرجه البخاري مما يوحي بأن التلاوة منه صلى الله
عليه وسلم؛ لأن الرواية عنده مرفوعة!!
وخالفه
الإمام مالك فرواه عن عبدالله بن دينار ووقفه على أبي هريرة.
رواه
في «الموطأ» (1/256) (22) عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ
مَالٌ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا
أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ. يَطْلُبُهُ حَتَّى يُمْكِنَهُ يَقُولُ: أَنَا
كَنْزُكَ».
ولم
يذكر مالك الآية! مما يدلّ على أن الذي كان ربما يتلوها أبو صالح كما جاء في رواية
قرة بن حبيب.
وقد
سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (10/154) (1946) عن هذا الحديث؟
فقال:
"يَرْوِيهِ عَبْدُاللَّهِ بنُ دِينَارٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فرَوَاهُ
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
ووَقَفَهُ
مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَقَوْلُ مَالِكٍ أَشْبَهُ
بِالصَّوَابِ".
وقال
ابن عبدالبر في «التمهيد» (17/145): "وهذا الحَدِيثُ أَيْضًا مَوْقُوفٌ فِي
المُوَطَّأِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْنَادِ
الْأَوَّلِ! وَرَوَاهُ عَبْدُالعزيز بن الماجشون عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ
عَنِ ابنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ
عِنْدِي خَطَأٌ مِنْهُ فِي الْإِسْنَادِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ".
وقال
في «الاستذكار» بعد أن ذكر رواية عبدالرحمن، ورواية ابن الماجشون: "والمَحْفُوظُ
فِيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَحَدِيثُ
عَبْدِالعَزِيزِ المَاجِشُونِ عِنْدِي فِيهِ خَطَأٌ فِي الْإِسْنَادِ؛ لِأَنَّهُ
لَوْ كَانَ عِنْدَ عبدالله بن دينار عن ابن عُمَرَ مَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَبَدًا، فَرِوَايَةُ مَالِكٍ وَعَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ
عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فِيهِ هِيَ الصَّحِيحَةُ، وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ
وَقَفَهُ فَلَا وَجْهَ لِوَقْفِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ رَأْيًا، وَهُوَ
مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ عَلَى مَا خَرَّجَهُ البُخَارِيُّ، واللَّهُ أَعْلَمُ".
قلت:
أخرج
النسائي في «السنن الكبرى» (3/28) (2272) قال: أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ
الْأَعْرَجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بنُ الْقَاسِمِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بنُ عَبْدِاللهِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِاللهِ
بنِ دِينَارٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الَّذِي لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ يُخَيَّلُ
إِلَيْهِ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ. قالَ:
فَيَلْزَمُهُ أَوْ يُطَوَّقُهُ، قَالَ: يَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ أَنَا كَنْزُكَ».
ثم
قال: أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسْنُ بنُ مُوسَى
الْأَشْيَبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللهِ بْنِ دِينَارٍ
الْمَدَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ آتَاهُ اللهُ مَالًا
فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا
أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {وَلَا
يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} [آل عمران: 180]».
قال
أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ النسائي: "عَبْدُالعَزِيزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ
أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِن عَبْدِالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ.
ورِوَايَةُ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَشْبَهُ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ - وَاللهُ أَعْلَمُ
- وَإِنْ كَانَ عَبْدُالرَّحْمَنِ لَيْسَ بِذَاكَ القَوِيِّ فِي الحَدِيثِ".
قلت:
رجّح
النسائي رواية عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار على رواية عبدالعزيز بن أبي سلمة
الماجشون!
وقد
سبق كلام ابن عبدالبر بتخطئة الماجشون فيها أيضاً.
وتعقّبه
ابن حجر في «الفتح» (3/269) فقال: "قالَ ابن عَبْدِالبَر: رِوَايَةُ
عَبْدِالعَزِيزِ خَطَأٌ بَيِّنٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ
دِينَار عَن ابن عُمَرَ مَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَصْلًا انْتَهَى. وَفِي
هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ! ومَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ شَيْخَانِ
نَعَمِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ الحَدِيثِ أَنَّ رِوَايَةَ
عبدالعَزِيز شَاذَّةٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَكَ الجَادَّةَ، وَمَنْ عَدَلَ عَنْهَا دَلَّ
عَلَى مَزِيدِ حِفْظِهِ".
قلت:
نعم،
رواية عبدالعزيز شاذة! وقد وهم فيها! والمحفوظ ما رواه مالك في «موطئه» (1/256) (21)
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ
عُمَرَ وَهُوَ يُسْأَلُ عَنِ الْكَنْزِ مَا هُوَ؟ فَقَالَ: «هُوَ الْمَالُ الَّذِي
لَا تُؤَدَّى مِنْهُ الزَّكَاةُ».
ومالك
أثبت من عبدالعزيز الماجشون، فعبدالله بن دينار يروي عن أبي صالح عن أبي هريرة
الحديث الأول من قوله، وعنده أيضاً عن ابن عمر أنه سئل عن الكنز.
ومالك
ضبط الحديثين، وأخطأ عبدالرحمن بن عبدالله في الأول فرفعه! وأخطأ عبدالعزيز في
الثاني فجعله "عن ابن عمر" وإنما هو: "عن عبدالله بن دينار عن أبي
صالح عن أبي هريرة"، والمحفوظ عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر غيره.
ولما
ذكر العقيلي في «الضعفاء» «عبدالله بن دينار» وبيّن من أتقن الرواية عنه من
الحفاظ، ثم قال (2/247): "فَأَمَّا رِوَايَةُ المَشَايخِ عَنْهُ فَفِيهَا
اضْطِرَابٌ.
فَمِنْ
ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الوَلِيدِ، قالَ: حَدَّثَنَا
مُوسَى بنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ
المَاجِشُونَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُمَرَ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ الَّذِي لَا
يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ يُمَثَّلُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ
لَهُ زَبِيبَتَانِ يَلْزَمُهُ أَوْ يُطَوَّقُهُ، فَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ، أَنَا
كَنْزُكَ».
حَدَّثَنَاهُ
عَلِيُّ بنُ عَبْدِالعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنَا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَمْ يُؤَدِّ
زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ،
يَطْلُبُهُ حَتَّى يُمْكِنَهُ، يَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ». حَدِيثُ مَالِكٍ أَوْلَى".
قلت:
فرجّح
العقيلي رواية مالك على رواية عبدالعزيز الماجشون.
وحديث
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه مرفوعاً صححه البخاري، وحاصل كلام النسائي
تصحيحه أيضاً، وقال ابن عبدالبر أن وقفه على أبي هريرة لا يؤثر؛ لأن مثله لا يُقال
بالرأي.
والصواب
أنه موقوف على أبي هريرة، ومسألة أن مثله لا يُقال بالرأي لأنه يتعلق بأمر غيبيّ
فهذا أصل عند أهل العلم إلا أنه ليس كل حديث موقوف فيه بعض الأمور الغيبية مما لا
يُقال بالرأي إذ قد يكون أصلها من الإسرائيليات ونحوها، أو يجتهد فيها الصحابي بما
عرف من الأصول عنده، والله أعلم.
·
جواب الحويني عن تخريج البخاري
لحديث عبدالرحمن بن عبداالله! والرد عليه!
جاء
في «نثل النبال بمعجم الرجال» (2/293): "والجواب عن البخاري في هذا: أننا
قدمنا في هذا الكتاب، أن البخاري إذا خرّج في صحيحه لراوٍ متكلم فيه، فإنه ينتقي
من حديثه ما هو محفوظ عنه، والحديث فمحفوظٌ عن أبي صالح عن أبي هريرة... ثم إن
عبدالرحمن بن دينار لم يسلك الجادة، مما يدلّ على أنه حفظ، ولهذا حكم النسائيُّ
لروايته مرجِّحًا لها على رواية عبدالعزيز الماجشون، برغم أنه رجّح الماجشون على
عبدالرحمن بصفة عامة، إلا أنه رجح رواية عبدالرحمن في هذا الموضع؛ ربما لهذا
الاعتبار أو لغيره، أو لكونه يرويه عن أبيه، وهذه قرينة مرجِّحةٌ عند الاختلاف،
وإن كان ابن حبان طعن في روايته عن أبيه. وكثيرًا ما تخفى القرائن في باب الترجيح،
ولم يتعرض ابنُ عبدالبر لرواية عبدالرحمن، مما يدل على ثبوتها عنده. والله أعلم".
قلت:
مسألة
الانتقاء لا شك فيها، لكن ليس كل حديث يخرجه البخاري لراو متكلم فيه يصلح أن نقول:
إنه انتقى له هذا لأنه محفوظ!!
كيف
يكون محفوظاً، والمحفوظ خلافه كما رواه الإمام مالك موقوفاً!
وقوله:
"لم يسلك الجادة مما يدل على أنه حفظه"! فأي جادة تقصد هنا؟!! بل على
العكس هو سلك الجادة؛ لأن الجادة هي روايته عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة.
لكنه أخطأ فقط في رفعه وهو موقوف!
بل
إن ترجيح النسائي لرواية عبدالرحمن على رواية عبدالعزيز الماجشون؛ لأنه رواها بهذا
الإسناد المعروف عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة، واستبعد أن تكون هذه الرواية
محفوظة من حديث ابن عمر؛ لأن الجادة هي ما رواه عبدالرحمن.
وكأن
عبدالعزيز الماجشون لم يضبط الحديث فسلك الجادة المعروفة عنده: عبدالله بن دينار
عن ابن عمر، فوهم!
وقال
أيضا في «نثل النبال بمعجم الرجال» (2/326) في ترجمة «عبدالعزيز بن أبي سلمة
الماجشون» بعد أن ذكر روايته، وكلام ابن عبدالبر المتقدم وتعقب ابن حجر له: "والذي
عندي في هذا: صحةُ الروايتين جميعًا، وإنما يخشى على من سلك جادة الأسانيد أن يكون
ضعيفَ الحفظ، صاحبَ أوهام، أمَّا عبدالعزيز ابنُ أبي سلمة الماجشون، فإنه ثقةٌ
مأمونٌ. والله أعلم".
قلت:
هذا كلام ليس بصحيح!! ومسألة سلوك الجادة كانت تعتبر هنا لو أن الحديث محفوظ عن
غير عبدالله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة! فعندئذ نقول بأن عبدالرحمن قد سلك
الجادة! لكنه هنا هو على أصل الجادة وأتقن الإسناد؛ لكنه أخطأ في رفع الحديث، وأما
عبدالعزيز الماجشون فقد أخطأ في الإسناد!!
ويبدو
أن كلا الراويين عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار وعبدالعزيز الماجشون كانا يَهمان
إذا حدثا في غير بلدهما (المدينة)! فهذه الأوهام عنهما قد رواها عنهم أهل العراق
وأهل مصر، وبعض الرواة كانوا إذا حدثوا في غير بلدهم وهموا في حديثهم، وإلى هذا
أشار ابن المديني عندما قال عن عبدالرحمن بأنه أخطأ في حديث في العراق، بل قال
بأنه كان يتلقّن هناك!!! وهذه الأحاديث يرويها عنه العراقيون.
وأما
مالك فضبط حديث شيوخه المدنيين بخلاف عبدالرحمن وعبدالعزيز في روايتهما عن المدنيين.
·
الحديث الثالث: تفرد عبدالرحمن
بروايته عن أبيه! والمحفوظ من غير طريقه!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب الطهارة، بَابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ
الإِنْسَانِ، (1/45) (173) قال:
حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ
بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، قال: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ
رَجُلًا رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ،
فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ،
فَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ».
وأخرجه
أحمد في «مسنده» (16/438) (10752) عن عَبْدالصَّمَدِ بن عبدالوارث، به.
وأخرجه
البزار في «مسنده» (15/382) (8986) عن عَبدة بن عبدالله الصفار البصري، عن عَبدالصمد،
به.
قال
الدارقطني في «الغرائب والأفراد» [كما في الأطراف (5/353) (5725)]: "تفرد
بِهِ عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار عَن أَبِيه عَنهُ، وَهُوَ صَحِيح أخرجه
البُخَارِيّ".
قلت:
هذا الحديث تفرد به عبدالرحمن عن أبيه! ولا يُعرف أن عبدالله بن دينار رواه عن أبي
صالح!
والمحفوظ
عند أهل المدينة عن أبي صالح عن أبي هريرة بإسناد آخر.
رواه
مالك في «الموطأ» (2/929) (23) عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، إِذِ اشْتَدَّ
عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، وَخَرَجَ،
فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ:
لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ مِنِّي،
فَنَزَلَ الْبِئْرَ، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، حَتَّى رَقِيَ،
فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». فَقَالُوا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقَالَ: «فِي كُلِّ ذَاتِ
كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ»
ورواه
البخاري في «صحيحه» (3/111) (2363) عن عَبْداللَّهِ بن يُوسُفَ التنيسيّ. و(3/132)
(2466) عن عبدالله بن مسلمة القعنبي. و(8/9) عن إسماعيل بن أبي أويس، ثلاثتهم عن
مالك، به.
ورواه
مسلم في «صحيحه» (4/1761) (2244) عن قتيبة بن سعيد، عن مالك، به.
قال
البخاري عقب رواية أبي صالح عن أبي هريرة: "تَابَعَهُ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ،
والرَّبِيعُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ" - يعني عن أبي هريرة.
قلت:
الحديث محفوظ عند أهل المدينة عن أبي صالح عن أبي هريرة من حديث سُمَيٍّ مَوْلَى
أَبِي بَكْرٍ كما رواه مالك عنه.
ولا
يُعرف أن عبدالله بن دينار رواه عن أبي صالح! إلا من حديث ابنه، والله أعلم.
·
الحديث الرابع: تفرد عبدالرحمن
بحديث عن زيد بن أسلم! ولم يُتابع عليه!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب الصلاة، بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ
مَنْ خَلْفَهُ، (1/140) (694) قال:
حَدَّثَنَا
الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ، قالَ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ
أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ
أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ».
ورواه
أحمد في «مسنده» (14/299) (8663)، و(16/542) (10930) عن الحَسَن بن مُوسَى الأشيب،
به.
ورواه
البزار في «مسنده» (15/252) (8714) عن الفضل بن سَهْل، وَأحمد بن منصور، وإبراهيم
بن زياد، كلهم عن الحسن بن موسى، به. بلفظ: «يكون عليكم أمراء يصلون لكم
فإن أصابوا فلكم ولهم، وَإن أخطؤُوا فلكم وعليهم».
فبيّن
في رواية البزار أن من يصلون هم الأمراء.
قال
البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عَن زَيد، عَن عَطاء بنِ يَسَارٍ، عَن أبي
هُرَيرة إلاَّ عَبدالرَّحْمَنِ بنُ عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ، ورواه عن عَبدالرحمن
غير الحسن بن موسى".
قال
ابن رجب الحنبلي في «فتح الباري» (6/181): "تفرد البخاري بتخريج هَذَا الحَدِيْث
عَن مُسْلِم، وبتخريج حَدِيْث عَبْدالرحمن بن عَبْدالله بن دينار، مَعَ أَنَّهُ
قَدْ ضعفه ابن معين وغيره. وقَالَ ابن عدي: فِي بعض مَا يرويه منكرات لا يتابع
عَلَيْهَا، ويكتب حديثه فِي جملة الضعفاء.
وقد
خرجه ابن حبان فِي «صحيحه» من وجه آخر عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، من رِوَايَة أَبِي
أيوب الأفريقي، عَن صفوان بن سليم، عَن ابن المُسَيِّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن
النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «سيأتي - أو يكون - أقوام
يصلون الصلاة، فإن أتموا فلكم ولهم، وإن نقصوا فعليهم ولكم».
وقد
روي - أَيْضاً - من رِوَايَة أَبِي صالح السمان والحسن، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ،
ولكن إسنادهما لا يصح".
قلت:
تفرد بهذا الحديث عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن زيد بن أسلم بهذا الإسناد!!
ولا يُعرف إلا من طريقه!!! وشواهده واهية!!
·
الحديث الخامس: تفرد عبدالرحمن
بالحديث عن أبيه من هذا الطريق!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كِتَابُ البُيُوعِ، بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ
لِبَادٍ بِأَجْرٍ، (3/72) (2159)، قال:
حَدَّثَنِي
عَبْدُاللَّهِ بنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ
بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ». وَبِهِ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ.
قلت:
هذا
الحديث ليس بمشهور عن ابن عمر!!! وإنما هو مشهور صحيح من حديث أبي هريرة، وابن
عباس، وأنس بن مالك.
حتى
إنّ الترمذي لما أخرج حديث أبي هريرة، ذكر في الباب: "عَنْ طَلْحَةَ،
وَجَابِرٍ، وَأَنَسٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَكِيمِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ
أَبِيهِ، وَعَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزْنِيِّ جَدِّ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،
وَرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". ولم
يذكر حديث ابن عمر!!!
وهذا
الحديث لا يُعرف عن عبدالله بن دينار إلا من طريق ابنه عبدالرحمن! تفرد به عنه!
لكن
رُوي عن ابن عمر من طريق آخر:
رواه
الإمام الشافعي كما في «مسنده» (3/155) (1359) قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «لا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ».
وهذا
الحديث تفرد به الشافعي عن مالك! ولم يورده مالك في الموطأ!
قال
الخليلي في «الإرشاد» (1/231): "لمْ يَرْوِهِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا
الشَّافِعِيُّ، وكَانَ يَسْأَلُهُ عَنْهُ الْأَئِمَّةُ".
وقال
البيهقي في «السنن الكبرى» (5/567): "هذا الحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ
مِمَّا يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ".
لكن
لم يتفرد به الشافعي عن مالك، بل قد تُوبع عليه، تابعه: القعنبي!
رواه
البيهقي في «السنن الكبرى» (5/567) (10907) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِاللهِ
الحَافِظُ: حدثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الفَقِيهُ مِنْ أَصْلِ
كِتَابِهِ، قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ تَمتام: حدثنا عَبْدُاللهِ بنُ
مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: «لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ».
قال:
وأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَرْدَسْتَانِيُّ: أَخْبَرَنِي القَاضِي أَبُو
نَصْرٍ شُعَيْبُ بنُ عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيُّ بِهَا: حدثنا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ
مُحَمَّدٍ: حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ الرَّازِيُّ: حدثنا عَبْدُاللهِ بنُ
مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ.
قال
البيهقي: "ولِمَالِكِ بنِ أَنَسٍ مَسَانِيدُ لَمْ يُودِعْهَا المُوطَّأَ
رَوَاهَا عَنْهُ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِهِ خَارِجَ الْمُوطَّأِ، وَاللهُ
أَعْلَمُ".
وقال
في «معرفة السنن والآثار» (8/164): "ولِمَالِكِ بنِ أَنَسٍ أَسَانِيدُ لَمْ
يُودِعْهَا المُوَطَّأَ، رَوَاهَا عَنْهُ كِبَارُ أَصْحَابِهِ، فَيُشْبِهُ أَنْ
يَكُونَ هَذَا مِنْهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ".
قلت:
هذان
إسنادان صحيحان عن القعنبي، وبذا يكون قد تابع الشافعي عليه عن مالك. لكن عدم
شهرته عن مالك عند أصحابه ممن رووا عنه الموطأ يورث الريبة، فربما حدّث به مالك،
ثم تركه، وأصحاب مالك رووه عنه عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، والله أعلم.
والمسانيد
التي رواها الأئمة الكبار عن مالك خارج الموطأ تحتاج لجمع ودراسة، وكنت بدأت بجمعها،
أسأل الله أن يتمم علينا ذلك.
·
عندما يضيق مخرج الحديث عن أصحاب
المستخرجات!
قال
ابن حجر في «الفتح» (4/372): "حَدِيث ابن عُمَرَ فَرْدٌ غَرِيبٌ لَمْ أَرَهُ
إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، وَقَدْ ضَاقَ مَخْرَجُهُ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ وعَلَى
أَبِي نُعَيْمٍ، فَلَمْ يُخَرِّجَاهُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ البُخَارِيِّ، وَلَهُ
أَصْلٌ من حَدِيث ابن عُمَرَ، أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ
عَن ابن عُمَرَ، وَلَيْسَ هُوَ فِي المُوَطَّأِ. قَالَ البَيْهَقِيُّ: عَدُّوهُ
فِي أَفْرَادِ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ تَابَعَهُ القَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ، ثُمَّ
سَاقَهُ بِإِسْنَادَيْنِ إِلَى القَعْنَبِيِّ".
قلت:
وله طريق آخر توبع عليه مالك، تابعه: صخر بن جويرية، وعبدالله بن نافع.
أخرج
ابن الجعد في «مسنده» (ص: 442) (3014) عن صَخْر بن جُويرية، عن نافع، عن ابن عمر
قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد».
وأخرجه
أحمد في «مسنده» (10/464) (6417) عن عَبْدالصَّمَدِ بن عبدالوارث العنبري، عن صَخْر،
به.
وهذا
إسناد صحيح.
وأخرج
الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (4/11) (5515) عن يَزِيد بن سِنَانٍ، قَالَ: حدثنا
أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ، قَالَ: حدثنا عَبْدُاللهِ بنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ.
وعبدالله
بن نافع متروك الحديث.
وقد
توبع نافع عليه، تابعه: مسلم الخيّاط.
أخرج
ابن الجعد في «مسنده» (ص: 407) (2775).
وأحمد
في «مسنده» (9/53) (5010) عن يَزِيد بن هارون.
وابن
أبي شيبة في «مصنفه» (4/346) (20894) عن شبابة بن سوار.
ثلاثتهم
(علي بن الجعد، ويزيد، وشبابة) عن محمد بن عبدالرحمن ابن أبي ذئب، عن مُسْلِمٍ الخَبَّاطِ
- وهو: الخيّاط، والحنّاط -، عن ابن عمر قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن تتلقى الأجلاب، ولا يبيع حاضر لباد».
وروى
ابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/346) (20896)، و(7/324) (36523) عن ابن عيينة، عن مسلم
الخياط، أنه سمع أبا هريرة، يقول: «نهى أن يبيع حاضر لباد». وسمع ابن عمر يقول:
«لا يبيع حاضر لباد».
وهذه
أسانيد صحيحة تدلّ على ثبوت هذا الحديث عن ابن عمر، لكن تبقى المسألة في تفرد
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه عن ابن عمر، بهذا الحديث، وهو محلّ البحث!
·
الحديث السادس: تفرد عبدالرحمن
بهذا الحديث عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة! وخالفه غيره!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب الزكاة، بَابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ
لِقَوْلِهِ: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ، وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ
أَثِيمٍ، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا
الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ، لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 277]، (2/108) (1410)، قال:
حَدَّثَنَا
عَبْدُاللَّهِ بنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ
- هُوَ: ابنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ -، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ
طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ
يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي
أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ».
قال
البخاري: "تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ، عَنْ ابنِ دِينَارٍ.
وقالَ
وَرْقَاءُ: عَنْ ابنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ورَوَاهُ
مُسْلِمُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، وسُهَيْلٌ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
وعلّقه
في كتاب التوحيد، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {تَعْرُجُ المَلاَئِكَةُ
وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4]، وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِلَيْهِ
يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، (9/126) (7430)، قال:
وقال
خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ
دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ
كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللَّهَ
يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي
أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ».
قال
البخاري: "وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ
سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ»".
قلت:
اعتمد
البخاري حديث عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة،
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ثم
بيّن أن سليمان بن بلال تابعه عن عبدالله بن دينار، ورواية سليمان علقها عن خالد
بن مخلد.
وأشار
إلى طرق الحديث الأخرى، ومنها مخالفة ورقاء لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار،
وسليمان بن بلال!
فرواه
وَرْقَاءُ: عَنْ ابنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فجعله
ورقاء عن ابن دينار عن سعيد بن يسار! لا عن أبي صالح.
ورجّح
البخاري طريق عبدالرحمن وسليمان وأنه محفوظ من حديث أبي صالح بقوله: "ورَوَاهُ
مُسْلِمُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، وسُهَيْلٌ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".
·
تخريج حديث عبدالرحمن بن عبدالله
بن دينار:
أخرجه
البزار في «مسنده» (15/380) (8980) عن أحمد بن منصور.
وأبو
القاسم الأصبهاني في «الحجة في بيان المحجة» (1/205) (73) من طريق حَجَّاج بن
يُوسُفَ.
كلاهما
(أحمد، وحجاج) عن الحَسَن بن مُوسَى الأَشْيَب، عن عَبدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ، عَن أَبِيه، عَن أبي صالح، عَن أَبِي هُرَيرة، عَن النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم، به.
·
متابعة سليمان بن بلال
لعبدالرحمن:
أخرجه
أبو عوانة في «مستخرجه على مسلم» (8/439) (3458) عن مُحَمَّد بن مُعَاذِ بنِ
يُوسُفَ بن معاوية السُّلَمِيّ المَرْوَزِيّ، عن خَالِد بن مَخْلَدٍ القطواني، عن
سُلَيْمَان بن بِلالٍ، عن عَبْداللَّهِ بن دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي
هُرَيْرَة، عن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بنحوه.
وأخرجه
أبو عثمان البحيري كما في «السابع من فوائده» (ص: 175) (175) عن أبُي بَكْر
الشَّيْباني الجَوْزَقي المُعَدِّل مُحَمَّد بن عَبْدِاللَّه بن مُحَمَّد بن زكريا
الحافظ - صاحب المسند الصحيح عَلَى كتاب مُسْلِم -، عن أَبي العَبَّاسِ مُحَمَّد
بن عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّغُولِيّ السَّرَخْسِيّ، عن مُحَمَّد
بن مُعَاذِ بنِ يُوسُفَ، به.
قلت: هكذا رواه محمد بن معاذ عن خالد بن مخلد!
وخالفه أَحْمَد بن عُثْمَانَ الْأَوْدِيّ:
فرواه
عن خَالِد بن مَخْلَدٍ، عن سُلَيْمَان بن بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْل بن أبي صالح، عن
أبيه، عن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
أخرجه
مسلم في «صحيحه» (2/702) (1014) عن أَحْمَد بن عُثْمَانَ الْأَوْدِيّ، به.
قلت:
محمد
بن معاذ السلمي من شيوخ مرو، روى عنه بعض الأئمة في كتبهم أحاديث قليلة، ولم أجد
فيه جرحاً ولا تعديلاً!
وأحمد
بن عثمان الأَودِيّ ثقة من رجال الشيخين، فروايته ترجح على رواية محمد بن معاذ.
وكأنه
بسبب ذلك علّق البخاري حديث خالد بن مخلد من هذا الطريق!!! لكن المحيّر أن البخاري
قال: "وتابعه سليمان"! واعتد بها! ولا أدري هل غفل عن طريق خالد بن مخلد
الأخرى أم لا!!!
ولو
صحت رواية محمد بن معاذ عن خالد بن مخلد، فيكون الاختلاف من خالد بن مخلد! وهو
صدوق له أوهام وأخطاء!
والأرجح
روايته عن سُلَيْمَان بن بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْل بن أبي صالح، عن أبيه.
وهذه
الرواية لها متابعات.
فساق
مسلم أيضاً حديث يَعْقُوب بن عَبْدِالرَّحْمَنِ القَارِيَّ، ورَوْح بن القَاسِمِ،
كلاهما عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
ثم
ساق رواية زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وعليه
فالمتابعة التي ذكرها البخاري لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار لا تصح! ويبقى تفرد
عبدالرحمن بهذا الإسناد عن أبيه!
·
وهم للمزي! وتعقّب ابن حجر!
ذكر
المزي في «تحفة الأشراف» (9/430) (12819) "[خ م] حديث من تصدق بعدل تمرة من
كسب طيب.... الحديث. خ في الزكاة (7) عن عبدالله بن منير، عن أبي النضر هاشم بن
القاسم، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، عن أبيه به، وتابعه سليمان. وفي
التوحيد (23: 1 تعليقاً): وقال خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن عبدالله بن
دينار به. م في الزكاة (20: 3) عن أحمد بن عثمان بن حكيم، عن خالد بن مخلد، به".
قلت:
جعل المزي رواية مسلم عن أحمد بن عثمان مثل الرواية التي ذكرها البخاري! مع أن
إسنادها مختلف!! فوهم في ذلك!
قال
ابن حجر في «تغليق التعليق» (5/347): "وَزعم المزي أَن مُسلما رَوَاهُ عَن
أَحْمد بن عُثْمَان عَن خَالِد بن مخلد بِهَذَا الْإِسْنَاد! وَوهم فِي ذَلِك،
وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد مُسلم عَن أَحْمد بن عُثْمَان، عَن خَالِد بن مخلد، عَن
سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة،
فَالظَّاهِر أَن لِسُلَيْمَان فِيهِ شيخين، والله أعلم".
وقال
في «فتح الباري» (3/280) عند الكلام عن تعليق البخاري لحديث خالد بن مخلد: "وقَدْ
وَصَلَهُ أَبُو عَوَانَةَ والجَوْزَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذِ بنِ
يُوسُفَ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَخْلَدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ،
عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ
كُلَّهُ، وهَذَا إِنْ كَانَ أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ حَفِظَهُ فَلِسُلَيْمَانَ
فِيهِ شَيْخَانِ: عَبْدُاللَّهِ بنُ دِينَارٍ وسُهَيْلٌ عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
وَقَدْ غَفَلَ صَاحِبُ الْأَطْرَافِ فَسَوَّى بَيْنَ رِوَايَتَيِ الصَّحِيحَيْنِ
فِي هَذَا، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ".
·
عندما يضيق المَخرج على صاحب
المستخرج! والعقلية الجمعية عند ابن حجر!
وقال
أيضاً (13/417): "وقَدْ وَصَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الجَوْزَقِيُّ فِي الجَمْعِ
بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُولِيُّ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذٍ السُّلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ
مَخْلَدٍ، فَذَكَرَهُ مِثْلَ رِوَايَةِ البُخَارِيِّ سَوَاءً، وَكَذَا أَخْرَجَهُ
أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَبَيَّضَ لَهُ أَبُو
نُعَيْمٍ فِي المُسْتَخْرَجِ، ثُمَّ قَالَ: رَوَاهُ فَقَالَ: وَقَالَ خَالِدُ بْنُ
مَخْلَدٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ عَنْ خَالِدُ بنُ
مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلَالٍ لَكِنْ خَالَفَ فِي شَيْخِ سُلَيْمَانَ،
فَقَالَ: عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ كَمَا أَوْضَحْتُ ذَلِكَ
فِي أَوَائِلِ الزَّكَاةِ، وَقَدْ ضَاقَ مَخْرَجُهُ عَنِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ
وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا فَأَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ
عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ لِلْبُخَارِيِّ فِي
كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَدَلَّتِ الرِّوَايَةُ المُعَلَّقَةُ وَمُوَافَقَةُ الجَوْزَقِيِّ
لَهَا عَلَى أَنَّ لِخَالِدٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ كَمَا أَنَّ لِعَبْدِاللَّهِ بنِ
دِينَارٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّعْلِيقُ الَّذِي بعده".
قلت:
صحح ابن حجر كلا الروايتين! وجعل لسليمان فيه "شيخان"!! ولخالد فيه "شيخان"!!
وهذه هي العقلية الجمعية عند ابن حجر! دائما يحاول الجمع بين الروايات!! وليس
كذلك! بل الصواب رواية أحمد بن عثمان، عن خالد، عن سليمان، عن سهيل بن أبي صالح،
والرواية الأخرى عن خالد معلولة لا تصح!
وسيأتي
فيما بعد أن شيخ عبدالله بن دينار هو شيخ واحد لا اثنين كما قال ابن حجر!!!
·
حديث وَرْقَاء بن عمر اليشكري،
ومخالفته لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار! وترجيح رواية ورقاء.
الحديث
رواه عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وخالفه
وَرْقَاءُ، فرواه: عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
فَجعل
وَرْقَاءَ شيخ عبدالله بن دِينَارٍ فِيهِ: سَعِيدَ بنَ يَسَارٍ بَدَلَ أَبِي
صَالِحٍ!!
وحَدِيث
وَرْقَاء:
أخرجه
أحمد في «مسنده» (14/115) (8381) عن أَبي النَّضْرِ هاشم بن القاسم، وحَسَن بن
مُوسَى الأشيب.
والبيهقي
في «الأسماء والصفات» (2/332) (897)، وفي «السنن الكبرى» (4/320) (7838) من طريق العَبَّاس
بن مُحَمَّدٍ الدُّورِيّ، عن أَبي النَّضْرِ هَاشِم بن القَاسِمِ.
وأبو
بكر الشافعي في «الغيلانيات» (ص:366) (383) عن مُحَمَّد بن غَالِبٍ، عن عَبْدالصَّمَدِ
بن النعمان أبي محمد البزاز النسائي.
ثلاثتهم
(أبو النضر، والأشيب، وعبدالصمد) عن وَرْقَاء، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ،
عَنْ سَعِيد بن يَسار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بنحوه.
وورقاء
ثقة وهو أثبت من عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، وروايته أرجح، وهذا يثبت أن
عبدالرحمن بن عبدالله وهم على أبيه في هذه الرواية!
·
متابعة أبي جعفر الرازي لورقاء،
وتحريف في الاسم!
أخرج
الخطيب البغدادي في «مجالسه» (ص: 19) (17) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ
مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِاللهِ الحِنَّائِيُّ: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ: حدثنا عَلِيُّ بنُ دَاوُدَ القَنْطَرِيُّ: حدثنا آدَمُ بن أبي إياس
العسقلاني: حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ: حدثنا عَبْدُاللَّهِ بنُ دِينَارٍ، عَنْ
بشير بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به، بنحوه.
قلت:
أبو جعفر الرازي، واسمه: عيسى ابن أبي عيسى: صدوق يُخطئ، وقد تابع ورقاء في روايته
عن عبدالله بن دينار، إلا أنه وقع في روايته كما في المطبوع: «بشير بن يسار»!
تحرفت من «سعيد بن يسار»! ورسم «سعيد» مقارب لرسم «بشير»!! وقد أخطأ أبو جعفر في
اسمه فحرّفه! وسيأتي كلام الدارقطني حول هذا الوهم لأبي جعفر الرازي.
لكن
المهم هنا أنه تابع ورقاء عليه، لكنه وهم في الاسم.
·
كلام ابن حجر حول رواية ورقاء!
قال
ابن حجر في «الفتح» (3/280): "وقَالَ وَرْقَاء: هُوَ ابن عمر، عَن ابنِ
دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَعْنِي أَنَّ
وَرْقَاءَ خَالَفَ عَبْدَالرَّحْمَنِ وسليمَان فَجعل شيخ ابن دِينَارٍ فِيهِ:
سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ بَدَلَ أَبِي صَالِحٍ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى رِوَايَةِ
وَرْقَاءَ هَذِهِ مَوْصُولَةً! وَقَدْ أَشَارَ الدَّاوُدِيُّ إِلَى أَنَّهَا
وَهَمٌ لِتَوَارُدِ الرُّوَاةِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ دُونَ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ،
وَلَيْسَ مَا قَالَ بِجَيِّدٍ؛ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا. نَعَمْ
رِوَايَةُ وَرْقَاءَ شَاذَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُخَالَفَةِ سُلَيْمَانَ
وَعَبْدِالرَّحْمَنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ:
وَقَفْتُ عَلَى رِوَايَةِ وَرْقَاءَ مَوْصُولَةً، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي
كِتَابِ التَّوْحِيدِ".
قلت:
رواية ورقاء ليست شاذة، بل هي الرواية الصحيحة، وما عداها أوهام كما بينته فيما
سبق.
وقال
ابن حجر أيضاً في موضع آخر (13/417): "قَوْله: وقَالَ وَرْقَاء: يَعْنِي ابْنِ
عُمَرَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَصْعَدُ
إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ، يُرِيدُ أَنَّ رِوَايَةَ وَرْقَاءَ مُوَافِقَةٌ
لِرِوَايَةِ سُلَيْمَانَ إِلَّا فِي شَيْخِ شَيْخِهِمَا فَعِنْدَ سُلَيْمَانَ
أَنَّهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَعِنْدَ وَرْقَاءَ أَنَّهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
يَسَارٍ هَذَا فِي السَّنَدِ، وَأَمَّا فِي الْمَتْنِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا
سَوَاءٌ إِلَّا فِي قَوْلِهِ (الطَّيِّبَ) فَإِنَّهُ فِي رِوَايَةِ وَرْقَاءَ (طَيِّبٍ)
بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ، وَقَدْ وَصَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي
النَّضْرِ هَاشِمِ بنِ الْقَاسِمِ، عَنْ وَرْقَاءَ فَوَقَعَ عِنْدَهُ الطَّيِّبَ...
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الزَّكَاةِ أَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى رِوَايَةِ وَرْقَاءَ
هَذِهِ المُعَلَّقَةِ ثُمَّ وَجَدْتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ كِتَابَتِي هُنَا".
قلت:
وصلها أحمد في «مسنده»، والبيهقي في «الأسماء والصفات»، وأبو بكر الشافعي في «الغيلانيات»
كما تقدم في التخريج.
وبيّنت
عدم صحة رواية سليمان عن عبدالله بن دينار، وإنما المحفوظ عن سليمان عن سهيل بن
أبي صالح.
·
وَهَم في رواية عند ابن حبان!!!
أخرج
ابن حبان في «صحيحه» (8/113) (3319) قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ
زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ شُعَيْبٍ، قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
يَسَارٍ أَبِي الحُبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعِدْلِ تَمْرَةٍ.. الحديث».
قلت:
كذا
رواه علي بن شعيب البغدادي، عن أبي النضر، عن ورقاء، عن ابن عجلان!! وهو وهم!!
والمحفوظ
عن أبي النضر، عن ورقاء، عن عبدالله بن دينار، لا عن ابن عجلان!
كذا
رواه أحمد والعباس الدوري عن أبي النضر كما سبق بيانه في التخريج.
والوهم
فيه من علي بن شعيب، وقد وثقه النسائي وروى له وحده، ولم يروي له الباقون!
وكأن
الوهم دخل عليه لأن الحديث يرويه ابن عجلان أيضاً عن سعيد بن يسار، لكن ليس من
رواية ورقاء، وإنما من طريق آخر.
·
عدم تنبه شعيب الأرنؤوط ومن معه
لخطأ رواية ابن حبان!!!
قال
شعيب الأرنؤوط ومن معه أثناء تعليقهم على رواية ابن عجلان عن سعيد بن يسار من «مسند
أحمد» (15/248) (9423): "وأخرجه الحميدي (1154)، والشافعي 1/220، ومن طريقه
البيهقي في "المعرفة" (2424)، والبغوي (1631) عن سفيان بن عيينة، وابن
حبان (3319) من طريق ورقاء بن عمر، كلاهما عن ابن عجلان، به".
وقال
شعيب أيضا أثناء تعليقه على «صحيح ابن حبان» (8/113) (3319): "إسناده حسن،
علي بن شعيب صدوق روى له النسائي، وابن عجلان روى له مسلم متابعة والبخاري تعليقاً
وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات على شرطهما. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وورقاء: هو
ابن عمر اليشكري. وأخرجه أحمد 2/431، عن يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، بهذا الإسناد".
قلت:
رواية ابن حبان خطأ!! وورقاء لم يروه عن ابن عجلان! كما بينته آنفاً. ولم يتنبه
شعيب ومن معه لهذا الوهم في الرواية!
·
رواية ابن عجلان عن سعيد بن يسار:
أخرج
الحميدي في «مسنده» (2/288) (1188)، والشافعي في «مسنده» [ترتيب السندي] (1/220)
(606).
وابن
حبان في «صحيحه» (1/504) (270) عن الفَضْل بن الحُبَابِ الجُمَحِيّ، عن إِبْرَاهِيم
بن بَشَّارٍ الرمادي.
ثلاثتهم
(الحميدي، والشافعي، وإبراهيم) عن سُفْيَان بن عُيينة.
وأخرجه
أحمد في «مسنده» (15/248) (9423) عن قُتَيْبَة بن سعيد، عن بَكْر بن مُضَرَ.
وأخرجه
كذلك (15/347) (9565) عن يَحْيَى بن سعيد القطان.
والنسائي
في «السنن الكبرى» (7/163) (7711) عن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيمَ، عن يَحْيَى.
ثلاثتهم:
(سفيان، وبكر، ويحيى) عَنِ ابنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، به، بنحوه.
·
رواية سعيد المَقْبُرِيِّ عن سعيد
بن يسار:
وله
طريق آخر عن سعيد بن يسار:
أخرجه
مسلم في «صحيحه» (2/702) (1014)، والترمذي في «جامعه» (2/42) (661)، والنسائي في «سننه
الكبرى» (3/46) (2316)، و(7/155) (7687)، كلهم عن قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ، عن لَيْث
بن سعد، عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ،
عن أَبي هُرَيْرَةَ، به، بنحوه.
قال
الترمذي: "حدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
·
رواية مالك المرسلة لهذا الحديث!
ورواه
الإمام مالك في «الموطأ» (2/995) (1) عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي
الحُبَابِ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ
اللَّهُ إِلَّا طَيِّبًا، كَانَ إِنَّمَا يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ،
يُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ
مِثْلَ الجَبَلِ».
قال
ابن عبدالبر في «التمهيد» (23/172): "هكذا رَوَى يَحْيَى هَذَا الحَدِيثَ
عَنْ مَالِكٍ فِي المُوَطَّأِ مُرْسَلًا، وَتَابَعَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ
مَالِكٍ عَلَى ذلِكَ، وممن تابعه: ابن القاسم، وابن وهب مطرف، وَأَبُو المُصْعَبِ،
وَجَمَاعَةٌ. وَرَوَاهُ مَعْنُ بنُ عِيسَى، ويَحْيَى بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ
بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي الحُبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
مُسْنَدًا".
فهَذَا
مُرْسَلٌ فِي المُوَطَّأِ، لَيْسَ فِيهِ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ" إِلا في
رواية مَعْنٍ، وَابْنِ بُكَيْرٍ، فَإِنَّهُمَا أَسْنَدَاهُ فَقَالا فِيهِ: "عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ".
أما
حديث معن بن عيسى:
فأخرجه
النسائي في «السنن الكبرى» (7/155) (7688) قال: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ شُعَيْبٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ،
عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به.
وأما
حديث ابن بكير:
فأخرجه
ابن عبدالبر في «التمهيد» (23/172) من طريق يَحْيَى بن عُمَرَ، وَيَحْيَى بن
أَيُّوبَ، ومُطَرِّف بن عَبْدِالرَّحْمَنِ، جميعاً عن ابن بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِك،
عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الحُبَابِ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، عن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به.
قال
ابن عبدالبر: "وهَذَا الحَدِيثُ رَوَاهُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وُجُوْهٍ،
وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ".
·
كلام الدارقطني على الاختلاف في
أسانيد هذا الحديث! والتعليق عليه!
وقد
سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (10/100) (1894) عَنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ
أَبِي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: «إِنَّ العَبْدَ
لَيَتَصَدَّقُ بِالتَّمْرِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، فَيَقْبِضُهَا اللَّهُ تَعَالَى
بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلْوُّهُ»؟
فقالَ:
"يَرْوِيهِ
عَبْدُاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَتَابَعَهُ
سُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ.
وخَالَفَهُمَا
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ بشير
بن يسار، عن أبي هريرة.
وَخَالَفَهُمْ
وَرْقَاءُ،
فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
ولَهُ
عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ أَصْلٌ، حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ،
وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
عَبْدُالوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ ومَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
وَاخُتْلِفَ
عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَسَعِيدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وعَبْدُاللَّهِ
بْنُ نَافِعٍ، وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَزَيْدُ بنُ يَحْيَى الدِّمَشْقِيُّ،
وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَسَعِيدُ بنُ دَاوُدَ الزَّنْبَرِيُّ، وَمَعْنُ بْنُ
عِيسَى، وَإِسْحَاقُ الحُنَيْنِيُّ، رَوَوْهُ عَنْ مالك، عن يحيى بن سعيد، عن أبي
الْحُبَابِ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وخَالَفَهَمُ
عَبْدُاللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَأَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ
رَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ
مُرْسَلًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرُوا
فِيهِ أَبَا هُرَيْرَةَ.
ورَوَاهُ
سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ يسار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ
عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ،
عَنِ الخِيَارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَوَهِمَ أَبُو ضَمْرَةَ فِي قَوْلِهِ: الخِيَارُ.
وَرَوَاهُ
ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ عَلَى الصَّوَابِ، وَقَالَ: عَنْ سَعِيدٍ
المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي الحُبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُو الْحُبَابِ
هُوَ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّيْثِ وَابْنِ أَبِي
ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ.
وَرَوَاهُ
جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بِإِسْنَادٍ آخَرَ انْفَرَدَ بِهِ،
رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أبي
هريرة. ولَمْ يُتَابِعْ عَلَى هَذَا القَوْلِ.
وَرَوَاهُ
أَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا أَحَدًا.
وَكَذَلِكَ
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عمرو، عن سعيد المقبري، واختلف عنه:
فرواه
عبدة بن سليمان، ويزيد بن هارون، وَجُنَادَةُ بْنُ سَلْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَخَالَفَهُمْ
عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ: فَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ،
عَنْ أبي سعيد مولى المهري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَالصَّوَابُ
مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي الحُبَابِ
سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وأما
حديث عبدالله بن دينار فالصحيح عنه ما قاله عبدالرحمن ابنه، وسليمان بن بلال عنه،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَا يَدْفَعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ:
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، لِأَنَّ لَهُ
أَصْلًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، وَقَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ بَشِيرِ بنِ يَسَارٍ، لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ" انتهى.
قلت:
صحح الدارقطني كل الروايات عن عبدالله بن دينار!! وليس كذلك كما فصّلناه فيما سبق،
وترجح عندنا أن الصواب رواية من قال: عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ
سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
والحديث
محفوظ من حديث أبي صالح عن أبي هريرة، لكن ليس من طريق عبدالله بن دينار كما رواه
ابنه عبدالرحمن!!!
وقول
الدارقطني بأن قول أبي جعفر الرازي، عن عبدالله بن دينار، عن بشير بن يسار، ليس
بمحفوظ!! ففيه نظر!!!
وقد
بينت أنه أصاب في روايته وتابع ورقاء عليه؛ لكنه أخطأ في اسم «سعيد»! فقال: «بشير»!!
وأكبر ظني أن هذا التحريف في النسخ، وليس من أبي جعفر الرازي، والله أعلم.
·
الحديث السابع: حديث توبع عليه
عبدالرحمن.
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب التوحيد، بَابُ كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ،
وَنِدَاءِ اللَّهِ المَلاَئِكَةَ، (9/142) (7485)، قال:
حَدَّثَنِي
إِسْحَاقُ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ -
هُوَ: ابنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ -، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ
عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ،
فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ
قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ
لَهُ القَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ».
أخرجه
البزار في «مسنده» (15/378) (8976) من طريق أَبي قُتَيبة.
و(15/381)
(8981) من طريق الحسن بن موسى الأشيب.
كلاهما
عن عَبدالرَّحْمَنِ بن عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ، به.
قلت:
كأن
البزار بتخريجه له في كتابه يميل إلى تضعيفه بتفرد
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه بهذا الحديث!!
لكنه
قد تُوبع عليه - كما سيأتي - تابعه: موسى بن عقبة، عن عبدالله بن دينار.
ولما
أخرج الترمذي حديث سهيل بن أبي صالح أشار إلى حديث عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار،
فقال: "هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رَوَى عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ
عَبْداللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا".
وللحديث
طريق آخر غريب! أخرجه البخاري في موضعين من «صحيحه»!
·
حديث مُوسَى بن عُقْبَةَ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ! وغرابته! وميل الدارقطني لضعفه!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب بدء الخلق، (4/111) (3209) عن مُحَمَّد بن سَلاَمٍ، عن مَخْلَد
بن يزيد الحرّاني، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال
البخاري: "وتَابَعَهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...".
ثم
وصله في كتاب الأدب (8/14) (6040) عن عَمْرو بن عَلِيٍّ، عن أَبي عَاصِمٍ النبيل
الضحاك بن مَخلد، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ
عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به، نحوه.
وأخرجه
إسحاق بن راهويه في «مسنده» (1/366) (375) عن عَبْداللَّهِ بن الحَارِثِ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، قال: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
وأخرجه
البزار في «مسنده» (15/103) (8392) عن عَمْرو بن عَلِيٍّ، عن أَبي عَاصِم، قَال:
حَدَّثنا ابْنِ جُرَيج، عَن مُوسَى بْنِ عُقبة، عَن نافعٍ، عَن أَبِي
هُرَيرة، عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم.
قال
البزار: "وهَذَا الحَدِيثُ لا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ نافع، عَن أبي هُرَيرة
إلاَّ موسى بن عقبة، ولا نَعلم حدّث به عن موسى إلاَّ ابن جُرَيج"!!!
قلت:
هذا
حديث غريب عن نافع مولى ابن عمر!! وأين أصحاب نافع عن هذا الحديث؟!!!
ورواية
نافع عن أبي هريرة نادرة، وقد لقيه وشهد معه العيد.
·
ترجيح رواية المُتكلّم فيه على
رواية الثقة!
وقد
خالف الدَّرَاوَرْدِيُّ ابن جريج فيه، فرواه عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وتوبع
عليه موسى كما سبق من حديث عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح.
وقد
وهم فيه ابن جُريج كما وهم في حديث كفارة المجلس المشهور، فإنه رواه عن موسى بن
عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة!
والصواب
ما رواه وُهَيْب، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَوْنِ بنِ
عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ - قَوْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُوسَى بْنَ عُقْبَةَ
سَمَاعًا مِنْ سُهَيْلٍ، وَحَدِيثُ وُهَيْبٍ أَوْلَى.
وكأن
ابن جُريج كان يهم في حديث موسى بن عقبة؛ لأنه من أقرانه تقريباً فلم يضبط بعض
حديثه! وعادة فإن الأقران لا يعتنون كثيراً بما يسمعونه من بعضهم على قلته، فإذا
حدث بعضهم بما سمعه من قرينه وهم في بعضه!!
ولو
كان هذا الحديث معروفاً عن نافع لرواه عنه ابن جريج مباشرة لا بواسطة!! فهو من
أثبت أصحاب نافع.
قَال
علي بن المديني: سألت يحيى بن سَعِيد: من أثبت أصحاب نافع؟ قال: "أَيُّوب،
وعُبَيدالله، ومالك بن أنس، وابن جُرَيْج أثبت من مالك في نافع".
وقد
مال الدارقطني إلى ترجيح رواية الدراوردي على رواية ابن جريج؛ لأن عبدالرحمن بن
عبدالله بن دينار رواه عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، كما رواه الدراوردي عن
موسى بن عقبة، عن عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
قال
في «العلل» (8/211) - وهو يأتي على طرق الحديث -: "وَرَوَى هَذَا الحَدِيثَ
مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَخَالَفَهُ
ابْنُ جُرَيْجٍ فَرَوَاهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ أَبِي
هُرَيْرَةَ، والقَلْبُ إِلَى رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ أَمْيَلُ، وَإِنْ كَانَ
ابْنُ جُرَيْجٍ أَحْفَظَ مِنْهُ، لِأَنَّ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي صالح، عن أبي
هريرة مثل قول الدَّرَاوَرْدِيِّ: عَنْ مُوسَى".
قلت:
مال
الدارقطني إلى ترجيح رواية الدراوردي على رواية ابن جريج لحديث عبدالرحمن بن
عبدالله بن دينار عن عبدالله بن دينار.
وقد
تُوبع عبدالله بن دينار عليه، تابعه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، وهو
مشهور من حديث سهيل.
·
حديث سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة:
أخرجه
مسلم في «صحيحه» (4/2030) (2637) من طريق جَرِير، وعَبْدالعَزِيزِ
الدَّرَاوَرْدِيّ، والعَلَاءِ بنِ المُسَيِّبِ، ومَالِك بن أَنَسٍ، كُلُّهُمْ عَنْ
سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به، بنحوه.
ثم
ساقه من طريق عَبْدالعَزِيزِ بن عَبْدِاللهِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ المَاجِشُونُ،
عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: كُنَّا بِعَرَفَةَ، فَمَرَّ عُمَرُ بنُ
عَبْدِالعَزِيزِ وَهُوَ عَلَى المَوْسِمِ، فَقَامَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ،
فَقُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ إِنِّي أَرَى اللهَ يُحِبُّ عُمَرَ بنَ عَبْدِالْعَزِيزِ،
قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: لِمَا لَهُ مِنَ الْحُبِّ فِي قُلُوبِ النَّاسِ،
فَقَالَ: بِأَبِيكَ أَنْتَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ،
عَنْ سُهَيْلٍ.
·
من طرق معرفة صحيح حديث من
تُكلِّم فيه، وضبطه لبعض حديثه:
قلت:
سهيل
بن أبي صالح صدوق وقد تكلموا في حفظه، والراجح أنه لا يحتج بما انفرد به إلا بقرينة؛
لأنه نسي بعض حديثه واضطرب فيه لما مات أخ له فحزن عليه حزناً شديداً.
وهذا
من صحيح حديثه؛ لأنه ذكر فيه قصة مما يدل على ضبطه له، وكذا حديثه الذي أخرجه له
مسلم عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَبْتَدِئُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى
أَضْيَقِهَا»، فإن بعض المعاصرين ضعفه به ولم يلتفت إلى ضبطه له؛ لأنه جاء في طريق
أنه حدّث به في الشام لما رأى بعض الناس يسلمون على النصارى هناك.
فالحديث
مشهور من حديث سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، ورواه عنه جماعة كبيرة من
أهل العلم، منهم: عَبْدُالعَزِيزِ بن عَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الماجشون، وعَبْدالعزيز
بن مُحَمَّد الدَّراوَرْدِيّ، ووُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ، ومَعْمَر بن راشد، وأَبُو
عَوَانَةَ الوضاح اليشكريّ، ومَالِك بن أنس، والعَلَاء بن المُسَيِّبِ، ويعقوب بن
عبدالرحمن الإسكندرانيّ.
·
وهم رَوح بن القاسم في هذا
الحديث!! وتصحيح ابن حبان لروايته!!
أخرج
ابن حبان في «صحيحه» (2/85) (364)، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بْنِ المُثَنَّى
قَالَ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ
زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ الْقَاسِمِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي
صَالِحٍ، عَنِ القَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أبي
هريرة، به.
ثم
ساقه من طريق مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
ثم
قال: "سَمِعَ هَذَا الخَبَرَ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ، وَسَمِعَ عَنِ القَعْقَاعِ
بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ".
ووافقه
على ذلك محقق الكتاب شعيب الأرنؤوط! فقال: "إسناده صحيح على شرط مسلم، سهيل
بن أبي صالح روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، واحتج به مسلم، والقعقاع بن حكيم
ثقة من رجال مسلم، وباقي السند على شرطهما"!!
قلت:
وهم
فيه رَوح بن القاسم فزاد في إسناده «القعقاع بن حكيم»! وكل الرواة عن سهيل لا
يذكرونه!!
قال
الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (9/404) بعد أن ساق الحديث من عدّة طرق عن سهيل بن
أبي صالح عن أبيه: "وكُلُّ هَذِهِ الْآثَارِ، فَمَرْوِيَّةٌ عَنْ سُهَيْلٍ،
عَنْ أَبِيهِ. وَقَدْ خَالَفَ رُوَاتَهَا رَوْحٌ فِيهَا، فَأَدْخَلَ بَيْنَ سُهَيْلٍ،
وَبَيْنَ أَبِيهِ فِيهَا: القَعْقَاعَ بْنَ حَكِيمٍ. كَمَا حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ
الْقَاسِمِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِثْلَهُ".
قال:
"قَالَ لَنَا ابنُ أَبِي دَاوُدَ: هَكَذَا يَقُولُ رَوْحٌ، عَنْ سُهَيْلٍ،
عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَلَيْسَ يَقُولُ هَذَا غَيْرُهُ".
قلت:
الحديث وهم فيه روح، وأخطأ ابن حبان في تصحيحه!! ودعواه بأن سهيلاً سمعه من
القعقاع لا دليل عليها!!
وحديث
روح خرّجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (3/160) (2800) عن إِبْرَاهِيم بن هاشمٍ،
عن أُمَيَّة بن بِسْطَامٍ، عن يَزِيد بن زُرَيْعٍ، عن رَوْح بْن القَاسِمِ، عَنْ
سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وهو
إنما يُخرّج في «الأوسط» الأحاديث التي فيها أوهام والمناكير!
·
كلام الدارقطني على الاختلاف في
طرق الحديث، وترجيحه!
وقد
سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (8/211) (1523) عَنْ حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ
إِذَا أَحَبَّ فُلَانًا، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي أَحْبَبْتُ فُلَانًا،
فَأَحِبَّهُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ
أَحَبَّ فُلَانًا، ثُمَّ يُنْزِلُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ»؟
فقال:
"يَرْوِيهِ
سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ.
وَاخْتُلِفَ
عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
عُبَيْدُاللَّهِ بنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ
سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا.
وَرَفَعَهُ
يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ،
وَرَفْعُهُ صَحِيحٌ.
وَكَذَلِكَ
رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَمَالِكٌ،
وَعَبْدُالعَزِيزِ بْنُ المَاجِشُونِ، وَالعَلَاءُ بنُ الْمُسَيَّبِ، وَيَعْقُوبُ
الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَخَالَفَهُمْ
رَوْحُ بنُ الْقَاسِمِ رَوَاهُ، عَنْ سُهَيْلٍ، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وَلَمْ
يُتَابِعْ رَوْحٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
وَرَوَى
هَذَا الحَدِيثَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَخَالَفَهُ
ابْنُ جُرَيْجٍ فَرَوَاهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ أَبِي
هُرَيْرَةَ، والقَلْبُ إِلَى رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ أَمْيَلُ، وَإِنْ كَانَ
ابْنُ جُرَيْجٍ أَحْفَظَ مِنْهُ، لِأَنَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي صالح، عن أبي
هريرة مثل قول الدَّرَاوَرْدِيِّ: عَنْ مُوسَى" انتهى.
قلت:
رجّح
الدارقطني رواية الدراوردي على ابن جريج - وإن كان ابن جريج أحفظ - بقرينة رواية
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وكذلك ثبوت
الحديث من رواية سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، ولا يُعرف هذا الحديث
عن نافع عن أبي هريرة!
وقد
تفرد به أبو صالح ذكوان السمان عن أبي هريرة، ورواه عنه: ابنه سهيل، وعبدالله بن
دينار. وأبو صالح من ثقات أصحاب أبي هريرة.
·
الحديث الثامن: حديث تفرد به
عبدالرحمن عن أبيه! ولم يُتابع عليه!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كِتَابُ أَحَادِيثِ الأَنْبِيَاءِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ
تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف:
7]، (4/151) (3390) عن عَبْدَة بن عبدالله الصفّار، وإِسْحَاق بن مَنْصُورٍ الكوسج
المروزِي.
وفي
كتاب التفسير، بَابُ قَوْلِهِ: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ
يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْحَاقَ}، (6/76) (4688) عن عَبْداللَّهِ بن مُحَمَّدٍ.
ثلاثتهم
عن عَبْدالصَّمَدِ بن عبدالوارث، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ
دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا -، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الكَرِيمُ
ابنُ الكَرِيمِ، ابنِ الكَرِيمِ، ابنِ الكَرِيمِ: يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ بنِ
إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ».
وعلّقه في كتاب المناقب، بَابُ مَنِ
انْتَسَبَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإِسْلاَمِ وَالجَاهِلِيَّةِ، (4/184):
وقَالَ
ابنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «إِنَّ الكَرِيمَ، ابْنَ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ».
وأخرجه
أحمد في «مسنده» (9/523) (5712) عن عَبْدالصَّمَدِ، به.
وأخرجه
البزار في «مسنده» (12/300) (6137) عن عَبدة بن عَبداللَّهِ، عن عَبدالصَّمَدِ.
وقال
البزار: "هذا الْحَدِيثُ لاَ نعلمُهُ يُرْوَى عَن ابْنِ عُمَر إلاَّ مِن
هَذَا الوَجْهِ، ولاَ نَعلم رَوَاهُ عَن عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ إلاَّ ابْنُهُ
عَبدالرَّحْمَنِ، وَعَبْدُالرَّحْمَنِ لَيِّنُ الحَدِيثِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ
جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاحْتَمَلُوا حَدِيثَهُ".
وقال
الدارقطني في «الغرائب والأفراد» [كما في الأطراف (3/393) (3029)]: "تفرد
بِهِ عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار عَن أَبِيه عَن ابْن عمر".
وقال
ابن عدي في «الكامل» (5/487): "وهذا حديث لا أعرف يرويه عَنْ عَبداللَّهِ بنِ
دِينَارٍ غير ابنه عَبدالرحمن، وعن عَبدالرحمن غير عَبدالصمد".
قلت:
هو كما قال هؤلاء الأئمة: لم يروه عن عبدالله بن دينار إلا ابنه عبدالرحمن، ولا
يُعرف من حديث ابن عمر!!!
ولا
يُحتج بما انفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار.
وله
طريق أخرى مشهورة: عن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بن علقمة، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ.
وقد
علّق هذه الرواية البخاري كما سبق.
·
تخريج رواية مُحَمَّدِ بنِ
عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أخرجه
أحمد في «مسنده» (14/121) (8391) عن مُحَمَّد بن بِشْرٍ العبدي.
و
(15/223) (9380) عن عَفَّان، عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ.
والبخاري
في «الأدب المفرد» (ص: 212) (605) عن مُحَمَّد بن سَلَّامٍ، عن عَبْدَة بن
سليمان.
والترمذي
في «جامعه» (5/144) (3116) عن الحُسَيْن بن حُرَيْثٍ الخُزَاعِيّ، عن الفَضْل
بن مُوسَى السيناني.
وعن
أَبي كُرَيْبٍ، عن عَبْدَة، وعَبْدالرَّحِيمِ بن سليمان.
والبزار
في «مسنده» (14/306) (7934) عن مُحَمد بن بَشَّار، عن عَبدالوهاب بن عطاء.
والنسائي
في «السنن الكبرى» (10/134) (11190) عن يُوسُف بن عِيسَى، عن الفَضْل.
وأبو
يعلى الموصلي في «مسنده» (10/338) (5932) عن هُدْبَة بن خَالِدٍ، عن حَمَّاد بن
سَلَمَةَ.
وابن
حبان في «صحيحه» (13/92) (5776) عن أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى، عن أَبي
نَصْرٍ التَّمَّار، عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ.
والطحاوي
في «شرح مشكل الآثار» (5/296) (2052) عن الرَّبِيع بن سُلَيْمَانَ المُرَادِيّ، عن
عَبْداللهِ بن وَهْبٍ، عن سُلَيْمَان بن بِلَالٍ.
وعن
أَحْمَد بن أَبِي عِمْرَانَ، عن أَبي نَصْرٍ التَّمَّار، وعَاصِم بن عَلِيٍّ، عن
حَمَّاد بن سَلَمَةَ.
والحاكم
في «المستدرك» (2/377) (3325) عن أَبي بَكْرٍ أَحْمَد بْن سَلْمَانَ الفَقِيه، عن الحَسَن
بْن مُكْرَمٍ، عن يَزِيد بن هَارُونَ.
و(2/623)
(4083) عن مُكْرَم بن إِسْحَاقَ القَاضِي، عن أَحْمَد بن مُلَاعِبِ بنِ حَيَّانَ،
عن سَعِيد بن عَامِرٍ الضبعي.
وتمام
في «فوائده» (1/227) (547) من طريق الحَوْطِيّ عَبْدالوَهَّابِ بن نَجْدَةَ، عن مُحَمَّد
بن خَالِدٍ الوَهْبِيَّ.
كلهم
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الكَرِيمَ ابنَ
الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ
ثُمَّ جَاءَنِي الرَّسُولُ أَجَبْتُ ثُمَّ قَرَأَ {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ
قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي
قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}. قَالَ: وَرَحْمَةُ اللهِ عَلَى لُوطٍ إِنْ كَانَ
لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، إِذْ قَالَ: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ
قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} فَمَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ
نَبِيًّا إِلاَّ فِي ذِرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ».
قال
الترمذي: "وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ".
وقال
الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ
بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ. إِنَّمَا اتَّفَقَا عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
سَعِيدٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ
مَا لَبِثَ يُوسُفُ» فَقَطْ".
قلت:
تفرد به محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني! وهو صدوق سيء الحفظ، ويضطرب
في حديثه، ولا يحتج بما انفرد به! وخاصة حديثه عن أبي سلمة!
قال
المروذي: وسَأَلته - أي: أحمد - عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ؟
فَقَالَ لِي: "رُبَّمَا رَفَعَ بَعْضَ الحَدِيثِ، وَرُبَّمَا قَصَّرَ بِهِ،
وَهُوَ يُحْتَمَلُ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيدٍ أَثْبَتُ حَدِيثًا مِنْهُ".
وقال
عبدالله بن أحمد: سمعت يحيى بن معين يقول: "سهيل، والعلاء بن عبدالرحمن، وابن
عقيل - ليس حديثهم بحجة".
وقَال
أَبُو بكر بن أَبي خيثمة: سئل يَحْيَى بن مَعِين عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرو؟،
فقال: "ما زال الناس يتقون حديثه. قيل له، وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة
عَن أبي سلمة بالشئ من رأيه ثم يحدث بِهِ مرة أخرى عَن أبي سلمة عَن أبي هُرَيْرة".
وَقَال
إبراهيم بن يعقوب السعدي الجوزجاني: "ليس بقوي الحديث ويشتهى حديثه".
وقَال
أَبُو حاتم: "صَالِح الحديث، يكتب حديثه، وهو شيخ".
وَقَال
النَّسَائي: "ليس به بأس".
وقال
في موضع آخر: "ثقة".
وقال
ابن عدي: "لهُ حديث صالح، وقد حدّث عنه جماعة من الثقات كل واحد منهم ينفرد
عَنْهُ بنسخة، ويُغرب بعضهم على بعض، ويروي عَنْهُ مالك غير حديث في الموطأ، وأرجو
أنه لا بأس به".
وذكره
ابنُ حِبَّان فِي كتاب الثقات، وقال: "كان يخطئ".
ويُلاحظ
أنّ محمد بن عمرو قد جمع في حديثه عدّة أحاديث تتعلق بنبيّ الله يوسف ولوط! منها
ما هو محفوظ من حديث أبي هريرة، ومنها غير محفوظ!
-
أما قوله عن يوسف عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ الكَرِيمَ ابنَ الكَرِيمِ ابنِ
الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ».
فهذا
القول لا يُعرف إلا من حديث عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر!
ولا
يُعرف عن ابن عمر إلا من هذا الطريق!!! فلا يُعرف عن سالم بن عبدالله بن عمر، ولا
نافع مولاه! ولا غيرهم من أصحاب ابن عمر! ولم يروه عن عبدالله بن دينار إلا ابنه
عبدالرحمن!! ولا يحتج بما انفرد به!!!
وهذا
القول أيضاً لا يُعرف من حديث أبي هريرة إلا من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة!!
ولا يُحتج به!
-
وأما قوله عن يوسف عليه الصلاة والسلام: «ولو لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ
يُوسُفُ ثُمَّ جَاءَنِي الرَّسُولُ أَجَبْتُ ثُمَّ قَرَأَ {فَلَمَّا جَاءَهُ
الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ
اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}».
وقوله
عن لوط عليه الصلاة والسلام: «وَرَحْمَةُ اللهِ عَلَى لُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِي
إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، إِذْ قَالَ: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ
آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} فَمَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ نَبِيًّا إِلاَّ
فِي ذِرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ».
فهذا
محفوظ من حديث أبي هريرة من رواية أبي سلمة وغيره لكن دون ذكر الآيات التي ذكرها
محمد بن عمرو في حديثه!!! وتفرد بقوله: «فَمَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ
بَعْدِهِ نَبِيًّا إِلاَّ فِي ذِرْوَةٍ - أو: ثَرْوَةٍ - مِنْ قَوْمِهِ» ولم
يخرجها الشيخان.
فقد
روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابنِ شِهَابٍ الزهريّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ
عَبْدِالرَّحْمَنِ، وسَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «وَيَرْحَمُ اللهُ لُوطًا لَقَدْ
كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ
يُوسُفَ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ».
فهذا
هو الحديث الصحيح عن أبي هريرة كما رواه عنه أصحابه.
وقد
أتبع البخاري بعد الباب الذي ذكر فيه حديث عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، عن
أبيه، عن ابن عمر، مرفوعاً: «الكَرِيمُ ابْنُ الكَرِيمِ ابْنِ الكَرِيمِ ابْنِ
الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ»، أتبعه بباب قَوْلِهِ:
{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7]، (6/76)
(4689) وقال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ،
عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ
أَكْرَمُ؟ قَالَ: «أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ» قَالُوا: لَيْسَ عَنْ
هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ: «فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ
ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ»،
قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: «فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ
تَسْأَلُونِي» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَخِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ
خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا».
ورواه
في عدة مواضع من صحيحه، في بَاب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ
المَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ} [البقرة: 133] الآيَةَ، (4/147) (3374) عن إِسْحَاق
بن إِبْرَاهِيمَ، عن المُعْتَمِرَ بن سليمان.
وفي
بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ
لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7]، (4/149) (3383) عن عُبَيْد بن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ
أَبِي أُسَامَةَ حماد بن أسامة. وعن مُحَمَّد بن سَلاَمٍ، عن عَبْدَة بن سليمان.
كلهم
(عبدة، والمعتمر، وأبو أسامة) عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بن عُمر المدني، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
قلت:
فلعل هذا الحديث هو أصل حديث محمد بن عمرو لما فيه من ذكر: «فَأَكْرَمُ
النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ،
ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ»! والله أعلم.
·
الحديث التاسع: حديث قد تُوبع
عليه!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب التعبير، بَابُ مَنْ كَذَبَ فِي حُلُمِهِ، (9/43) (7043)
قال:
حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنَا
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ مَوْلَى ابنِ عُمَرَ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ
تَرَ».
أخرجه
أبو الحسين المبارك الطيوري في «الطيوريات - بانتخاب السِّلفي-» (2/400) (349) الحُسين
بن محمد ابن سَعِيدٍ المطبَّقيّ، عن عَلِيّ بن مُسْلِمٍ الطُّوْسيّ، به. وعنده: «مَا
لَمْ تَرَيَا».
وأخرجه
أحمد في «مسنده» (9/522) (5711) عن عَبْدالصَّمَدِ بن عبدالوارث، به، بلفظ: «إِنَّ مِنْ أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ
عَيْنَيْهِ فِي المَنَامِ مَا لَمْ تَرَيَا».
قال
الدارقطني في «الغرائب والأفراد» [كما في الأطراف: (3/395) (3034)]: "تفرد
بِهِ عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار عَن أَبِيه، وَهُوَ صَحِيح عَنهُ، أخرجه
البُخَارِيّ من رِوَايَة عبدالصَّمد بن عبدالوَارِث عَنهُ".
قلت:
قد
تابعه عليه: أبو عثمان، ويزيد بن الهاد (!)، ومُوسَى بنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ.
أما
حديث أبي عثمان:
فأخرجه
أحمد في «مسنده» (10/202) (5998) قال: حَدَّثَنَا هَارُونُ بنُ مَعْرُوفٍ، قال: حَدَّثَنَا
عَبْدُاللهِ بنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ حَيْوَةُ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ:
أَنَّ عَبْدَاللهِ بنَ دِينَارٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُمَرَ، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفْرَى الفِرَى مَنِ
ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَأَفْرَى الفِرَى مَنْ أَرَى عَيْنَيْهِ فِي
النَّوْمِ مَا لَمْ تَرَى، وَمَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ».
قلت:
هذا
إسناد صحيح، وأبو عثمان، هو: الوَلِيدُ بنُ أَبِي الوَلِيدِ المدني، ثم المصري،
التابعي الثقة.
قال
ابن حجر في «الفتح» (12/430): "وقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ
طَرِيقِ عَبْدِالوَارِثِ بنِ عَبْدِالصَّمَدِ بنِ عَبْدِالوَارِثِ [عن عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار] عَنْ أَبِيهِ. وعَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ
دِينَارٍ مُخْتَلف فِيهِ! قَالَ ابن المَدِينِيِّ: صَدُوقٌ. وقَالَ يَحْيَى بنُ
مَعِينٍ: فِي حَدِيثِهِ عِنْدِي ضَعْفٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: خَالَفَ فِيهِ
البُخَارِيُّ النَّاسَ وَلَيْسَ بِمَتْرُوكٍ. قُلْتُ: عُمْدَةُ البُخَارِيِّ فِيهِ
كَلَام شَيْخه عَليّ، وَأما قَول ابن مَعِينٍ فَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَلَعَلَّهُ
عَنَى حَدِيثًا مُعَيَّنًا! وَمَعَ ذَلِكَ فَمَا أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ
شَيْئًا إِلَّا وَلَهُ فِيهِ مُتَابِعٌ أَوْ شَاهِدٌ، فَأَمَّا المُتَابِعُ:
فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الوَلِيدِ بنِ
أَبِي الوَلِيدِ المَدَنِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، بِهِ. وَأَتَمَّ
مِنْهُ، وَلَفْظُهُ: «أَفْرَى الفِرَى مَنِ ادُّعِيَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ،
وَأَفْرَى الْفِرَى مَنْ أَرَى عَيْنَهُ مَا لَمْ يَرَ وَذَكَرَ ثَالِثَةً»، وَسَنَدُهُ
صَحِيحٌ. وَأَمَّا شَاهِدُهُ فَمَضَى فِي مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ مِنْ حَدِيث
وائلة بنِ الْأَسْقَعِ بِلَفْظِ: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يُدْعَى
الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ يُرِي عَيْنَهُ مَا لَمْ يَرَ»".
قلت:
سبق التعليق على كلام ابن حجر في الاختلاف في عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار!
وكلام يحيى عام، ولا يقصد فيه حديثاً بعينه!!
والبخاري
خرّج له بعض الأحاديث التي لم يتابع عليها، بل ولا شاهد لها!! وإطلاقه هذا الكلام
فيه نظر!!! وسيأتي الكلام على هذا الشاهد - إن شاء الله.
·
وهم للهيثمي! وتعقّب ابن حجر له!
وقد
أورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/176) (6893)، وقال: "قُلْتُ: فِي
الصَّحِيحِ مِنْهُ: «مَنْ أَرَى عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ،
وَفِيهِ أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ تَرْجَمَهُ،
وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ".
ثم
أورده في موضع آخر (7/174) (11729)، وقال: "رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ أَبُو
عُثْمَانَ العَبَّاسُ بنُ الْفَضْلِ البَصْرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ".
وقد
وهم الهيثمي في قوله هذا! وتعقّبه ابن حجر في «تعجيل المنفعة» (2/505)، فقال:
"قلت: لم يذكرهُ الحُسَيْنِي فأجاد، وَهُوَ مَعْرُوف الِاسْم وَالحَال،
وَوَقع مُسَمّى فِي نفس المسند: قَالَ أَحْمد: حَدثنَا أَبُو عبدالرَّحْمَن - هُوَ
الْمُقْرِئ- قَالَ: حدثَنَا حَيْوَة - هُوَ: ابن شُرَيْح-: حدثَنَا أَبُو عُثْمَان
الوَلِيد، عَن عبدالله بن دِينَار فَذكر حَدِيث ابن عمر فِي «أبر البر»، فالوليد
هُوَ: ابن أبي الوَلِيد المدنِي، وَاسم أبي الوَلِيد عُثْمَان المدنِي، وَقد
اخْرُج مُسلم الحَدِيث المَذْكُور من طَرِيق سعيد بن أبي أَيُّوب، عَن الوَلِيد بن
أبي الوَلِيد بِهِ، وَفِيه قصَّة لِابْنِ عمر، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا من
طَرِيق ابن المُبَارك عَن حَيْوَة بن شُرَيْح كَذَلِك. وَقد وهم شَيخنَا الهيثمي
فِي أبي عُثْمَان هَذَا! فَقَالَ فِي «مجمع الزَّوَائِد» بعد أَن أخْرُج حَدِيث ابن
عمر رَفعه: «أفرى الفرى»: رَوَاهُ أَحْمد، وَفِيه أَبُو عُثْمَان العَبَّاس بن الفضل
الْأنْصَارِيّ وَهُوَ مَتْرُوك انْتهى. وَلم يَأْتِ على هَذِه الدَّعْوَى بِدَلِيل،
فَإِن حَيْوَة أكبر من العَبَّاس، وَالعَبَّاس وَإِن كَانَ يكنى أَبَا عُثْمَان
لكنه لم يسمع من عبدالله بن دِينَار وَلَا أدْركهُ! وَالعجب من إغفاله من نفس المسند
تَسْمِيَة أبي عُثْمَان بالوليد، وَمن جزمه بِأَنَّهُ الْعَبَّاس! وَلَكِن عذره
أَن تَسْمِيَته إِنَّمَا وَقعت فِي الحَدِيث الآخر الَّذِي أخرجه مُسلم لَا فِي
هَذَا الحَدِيث، فَكَأَنَّهُ جوّز أَنه غَيره".
·
بين الإمامين البخاري وأبي حاتم
في أبي عثمان!
أبو
عُثْمَان، هو: الوَلِيد بن أَبي الوَلِيد، واسمه عُثْمَان القرشي، المدني، مولى
عَبداللَّهِ بن عُمَر بن الخطاب.
وقيل:
مولى عثمان بن عفان.
وعلى
هذا جرى المزي في ترجمته، فجعلهما واحداً، وتبع فيه أبا حاتم الرازي! وفرق بينهما
الإمام البخاري.
قال
البخاري في «التاريخ الكبير» (8/156) (2545): "الوليد بن أَبِي الوليد مولى
آل عثمان بن عفان، الأموي الْقُرَشِيّ".
ثم
ذكر بعده (2546): "الوليد بن الوليد أَبُو عثمان الْمَدَنِيّ القُرَشِيّ مولى
عَبْداللَّه بن عُمَر القُرَشِيّ: سَمِعَ عَبْداللَّه بن عُمَر. قَالَ لَنَا
عَبْدُاللَّهِ بنُ يُوسُفَ: حدثنا الليث، قَالَ: حدثنا الوليد بن أَبِي الوليد
أَبُو عثمان، وكَانَ فاضلا من أهل المدينة".
قلت:
فجعل البخاري مولى عثمان غير مولى ابن عمر. وردّ ذلك أبو حاتم الرازي!
قال
ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/19): "الوليد بن أبي الوليد مولى
عبدالله بن عمر أبو عثمان المدني، ويُقال: مولى لآل عثمان بن عفان. روى عن ابن عمر،
وعثمان بن عبدالله بن سراقة، وعبد الله بن دينار، وعقبة بن مسلم. روى عنه: بكير بن
الأشج، وابن الهاد، والليث بن سعد، وحيوة بن شريح. سمعت أبي يقول ذلك".
قال:
"جعله البخاري اسمين، فسمعت أبي يقول: هو واحد".
قلت:
الأقرب للصواب ما ذكره البخاري من أنهما اثنان.
ويؤيده
ما ذكره ابن سعد في «الطبقات» (5/135) قال: "الوليد بن أبي الوليد مولى عثمان
بن عفان: سمع من عثمان بن عفان".
فالوليد
بن أبي الوليد الذي يروي عن عبدالله بن دينار لم يدرك عثمان بن عفان، وإنما رأى
ابن عمر رؤية، وقول البخاري أنه سمع منه فيه نظر!! فإنه يروي عن ابن عمر بواسطة
عبدالله بن دينار.
وهو
من طبقة ممن مات بين سنة (121 - 130هـ).
·
تعقّب ابن حبان!
وقد
ذكر ابن حبان في طبقة التابعين من «الثقات» (5/494) (5900): "الوَلِيد بن أبي
الوَلِيد أَبُو عُثْمَان المدنِي: يروي عَن عبدالله بن عَمْرو، وَقد رأى ابن عمر.
روى عَنهُ: اللَّيْث بن سعد. حَدثنَا ابن قُتَيْبَةَ قَالَ: حدثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
الْمُتَوَكِّلِ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حدثَنَا ابن وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بنِ
شُرَيْحٍ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ، قَالَ: رَأَيْت ابن عُمَرَ
فَلَمْ أَرَ لِقَمِيصِهِ زِرًّا وَلَا عُرْوَة وَلَا لبنة".
وذكر
بعده (5901): "الوَلِيد شيخ يَرْوِي عَن عُثْمَان بْن عَفَّان، روى عَنهُ
بكير بن عبدالله بن الْأَشَج: لا أدري من هُوَ".
ثم
ذكر في طبقة أتباع التابعين (7/552): "الوَلِيد بن أبي الْوَلِيد أَبُو عُثْمَان
المدنِي: يروي عَن عبدالله بن دِينَار. روى عَنْهُ حَيْوَة بن شُرَيْح: رُبمَا
خَالف على قلَّة رِوَايَته".
قلت:
فرق ابن حبان بينهما كما فعل البخاري، وهو أقرب للصواب، لكنه وهم في ذكره أيضاً في
أتباع التابعين!! وإنما هو هو! لكن يستغرب من قوله: "ربما خالف"!!
فحديثه قليل كما ذكر ابن حبان نفسه، ولا يوجد له مخالفات!! فكان ينبغي عليه أن
يبيّن تلك المخالفات المدّعاة!!
·
تعقّب مغلطاي للمزي! والرد عليه!
قال
المزي في ترجمته من «تهذيب الكمال» (31/108): "وذكره ابنُ حِبَّان في كتاب
الثقات، وَقَال: ربما خالف على قلة روايته".
فتعقّبه
مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (12/253) فقال: "وزعم المزي أن ابن حبان ذكره
في كتاب «الثقات»، وقال: ربما خالف على قلة روايته، وهو غير جيد؛ لأن ابن حبان ذكر
في طبقة التابعين: الوليد أبي الوليد، أبو عثمان المدني، مولى عبدالله بن عمر، يروي
عن ابن عمر، وقد رأى ابن عمرو، روى عنه: الليث بن سعد، وحيوة بن شريح.
وقال
في طبقة أتباع التابعين: الوليد بن أبي الوليد، أبو عثمان المدني، روى عن: عبد
الله بن دينار، ربما خالف على قلة روايته، انتهى، فهذا كما ترى، هما عنه شخصان
مختلفان في الطبقة والكلام، والله أعلم.
وفي
قول المزي: وقال بعضهم: الوليد بن الوليد، وهو وهم - نظر؛ لأن قائل ذلك يعقوب
الفارسي، وأبو الحسن الدارقطني، وابن شاهين لما ذكره في كتاب «الثقات»، وحكاه عن
ابن معين.
وزعم
أبو حاتم أن البخاري جعلهما اسمين، يعني: مولى ابن عمر، ومولى آل عثمان، قال: وهما
واحد.
وفي
قول المزي: مولى عثمان نظر، لما في كتاب البخاري وأبي حاتم وغيره: مولى آل عثمان
رضي الله عنه".
قلت:
تعقبه
على المزي فيما نقله عن ابن حبان فيه نظر!! فالذي ذكره ابن حبان في طبقة التابعين،
والذي ذكره في طبقة أتباع التابعين واحد لا اثنين! والذي وهم في ذلك ابن حبان بأن
جعلهما في طبقتين، وإنما هو من طبقة التابعين! ولو أنه رأى الذي ذكره ابن حبان
بعده في طبقة التابعين لعرف أن ابن حبان يفرق بينهما كما فعل البخاري، فذاك مولى
عثمان بن عفان.
فالاستدراك
متوجه لابن حبان لا للمزي. وتعقبه للمزي في قوله: "مولى عثمان نظر" فيه
نظر أيضاً، وفيه بعض الصواب!
فالمزي
كعادته قال بعد أن ذكر أنه مولى لعبدالله بن عمر، "وقيل: مولى عثمان"!
فهو لم يجزم بأنه مولى عثمان، وإن كان ذهب إلى مذهب أبي حاتم في الترجمة من أنهما
واحد.
وقوله:
"وزعم أبو حاتم أن البخاري جعلهما اسمين، يعني: مولى ابن عمر، ومولى آل
عثمان، قال: وهما واحد"! كأنه يرى أن البخاري لم يفعل ذلك!! فإن ظنّ ذلك فقد
أخطأ! لأن البخاري جعلهما اسمين كما سبق الكلام عليه.
وأما
تعقبه للمزي بقوله: "وفي قول المزي: وقال بعضهم: الوليد بن الوليد، وهو وهم -
نظر؛ لأن قائل ذلك يعقوب الفارسي، وأبو الحسن الدارقطني، وابن شاهين لما ذكره في
كتاب «الثقات»، وحكاه عن ابن معين"!! فهذا لا يلزم المزي بشيء لو ثبت أن من
ذكرهم سموه: «الوليد بن الوليد»!
فما
باله إذا وجدنا خلافه من أقوالهم!! وأنهم سموه على الصواب: «الوليد بن أبي الوليد».
قال
عباس الدوري كما في «تاريخ ابن معين - روايته» (4/434) (5158): سَمِعت يحيى يَقُول:
"الوَلِيد بن أبي الوَلِيد: ثِقَة، يرْوي عَنهُ أهل مصر".
وقال
يعقوب الفارسي في «المعرفة والتاريخ» (2/458): "حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
مَرْيَمَ عَنْ يحيى بنِ أَيُّوبَ عَنِ الوَلِيدِ بْنِ أُبَيٍّ الوَلِيدُ مِصْرِيٌّ
ثِقَةٌ".
وقال
ابن شاهين في «تاريخ أسماء الثقات» (ص: 245) (1498): "والوليد بن أبي الْوَلِيد
ثِقَة يرْوي عَنهُ أهل مصر".
تنبيه:
وقع
في مطبوع كتاب مغلطاي فيما نقله عن ابن حبان: ".. يروي عن ابن عمر، وقد
رأى ابن عمرو..".
وهو
خطأ! والمطبوع مليء بالتصحيفات والتحريفات! والصواب: "يروي عن ابن عمرو - وهو
عبدالله بن عمرو بن العاص-، وقد رأى ابن عمر – وهو: عبدالله بن عمر بن الخطاب
-".
والوليد
بن أبي الوليد مدني، نزل مصر، ويروي عنه أهل مصر، وهو ثقة.
قال
أبو زُرْعَة: "ثقة".
وقَال
أَبُو عُبَيد الآجري: سألت أَبَا داود عنه؟ فقال فيه خيراً.
وقال
العجلي: "الوليد بن أبي الوليد: مصري، تابعي، ثقة".
·
تضعيف ابن حجر له دون دليل!!
قال
ابن حجر في «التقريب»: "الوليد بن أبي الوليد: عثمان، وقيل: ابن الوليد، مولى
عثمان، أو ابن عمر، المدني، أبو عثمان: لَيِّنُ الحديثِ، من الرابعة".
قلت:
كأنه اعتمد في تليينه على قول ابن حبان فيه: "ربما خالف"!! وهذا لا يصح!
ولم يبين ابن حبان أياً من مخالفاته على قلة حديثه! وهو ثقة، ولم يضعفه أحد.
وثقه
ابن معين، وأبو زرعة، والعجلي، ويغقوب الفسوي، وابن شاهين، وذكره أبو داود بخير، وذكره
ابن حبان في الثقات.
أما
حديث يَزِيدَ بنِ الهَادِ:
فأخرجه
البزار في «مسنده» (12/295) (6128) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مِسْكِينٍ، قال:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، قال: حَدَّثَنَا نَافِعُ بنُ يَزِيدَ -
هو: الكلاعي المصري-، قال: حَدَّثَنِي الوَلِيدُ بنُ أَبِي الوَلِيدِ، عَنْ
يَزِيدَ بنِ الهَادِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ أَفْرَى
الْفِرَى مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ وَالِدِهِ، وَمِنْ أَفْرَى الْفِرَى مَنْ
أَرَى عَيْنَيْهِ فِي الْمَنَامِ مَا لَمْ تَرَ، وَمِنْ أَفْرَى الْفِرَى مَنْ
قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ».
ذكره
الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/144) (630)، وقال: "قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ
طَرَفٌ مِنْ أَوَّلِهِ. رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ".
قلت:
نافع
بن يزيد يروي عن حيوة بن شريح، ويزيد بن عبدالله بن الهاد! وأستبعد روايته عن
الوليد بن أبي الوليد!
وهذا
الحديث يرويه الوليد بن أبي الوليد عن عبدالله بن دينار! وكأنه حصل في الإسناد
قلب! فيكون: "عن يزيد بن الهاد عن الوليد بن أبي الوليد".
ويُحتمل
أن يزيد بن الهاد رواه عن عبدالله بن دينار، لكن أستبعد أن يكون الوليد رواه عن
يزيد بن الهاد.
وقد
روى الوَلِيدِ بنِ أَبِي الوَلِيدِ، ويَزِيد بن عَبْدِاللهِ بنِ الهَادِ، عَنْ
عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَبَرُّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ وُدَّ
أَبِيهِ».
وقد
أخرجه مسلم، وغيره، وهو حديث صحيح.
أما
حديث مُوسَى بن عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيّ:
فأخرجه
الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (ص: 52) (82) قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ
هَانِئٍ النَّيْسَابُورِيُّ، قال: حدثنا عُبَيْدُاللَّهِ بنُ مُوسَى، قال: حدثنا
مُوسَى بنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابنِ
عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ
مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يَعْتَزِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ وَالِدَيْهِ».
وأخرجه
الطبراني في «طرق حديث من كذب علي متعمدا» (ص: 68) (53) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ عَبْدِاللَّهِ الحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيدة، عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُقَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ
أَقُلْ».
قلت:
الحديث
الذي خرجه البخاري: «أَفْرَى الفِرَى مَنْ أَرَى عَيْنَيْهِ فِي النَّوْمِ مَا
لَمْ تَرَى».
وزاد
أحمد في روايته: «أَفْرَى الفِرَى مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ».
وهذا
مثل حديث موسى بن عبيدة الأول، وأما اللفظ الثاني فلم يتابعه عليه أحد!
وموسى
بن عُبيدة الربذي المدني ضعيف جداً، وخاصة في روايته عن عبدالله بن عمر، وكأنه كان
يضطرب في حديثه هذا!
قَال
البُخارِيُّ: قال أَحْمَد: "موسى الربذي: منكر الحديث".
وقَال
أَبُو بَكْرِ الأثرم: قلتُ لأبي عَبد اللَّهِ: تعرف عن عثمان، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم «الحلال بيّن والحرام بيّن»؟ فَقَالَ: لا، من رَوَاهُ؟
فقلت: مُوسَى بن عُبَيدة، فقبض يده، ثم قال: مُوسَى يحتمل، وحمل عَلَيْهِ، وَقَال:
"ليس حديثه عندي بشيءٍ، حديثه عن عَبدالله بْن دينار كأنه ليس عَبداللَّهِ بن
دينار ذاك".
وقَال
أَبُو طالب: قال أَحْمَد بن حنبل: لما مر حديث مُوسَى بْن عُبَيدة عَنْ مُحَمَّد
بْنِ كعب، عَنِ ابْنِ عباس، قال: "هَذَا متاع مُوسَى بن عُبَيدة وضم فمه
وعوجه ونفض يده، وَقَال: كَانَ لا يحفظ الحديث".
وَقَال
صالح بْن أحمد بْنِ حنبل: قال أبي: "مُوسَى بن عُبَيدة لا يشتغل بِهِ، وذلك
أنه يروي عَنْ عَبداللَّهِ بن دينار شيئا لا يرويه".
وقَال
أَحْمَد بن أَبي يحيى: سمعت يحيى بْن مَعِين يقول: "مُوسَى بن عُبَيدة ليس
بالكذوب، ولكنه روى عن عَبداللَّهِ بن دينار أحاديث مناكير".
قال:
وسمعت أَحْمَد بْن حنبل يقول: "لا يكتب حديث مُوسَى بن عُبَيدة، ولم أخرج
عَنْهُ شيئا، وحديثه منكر".
وَقَال
عَباس الدُّورِيُّ، عَن يحيى بن مَعِين: "لا يحتج بحديثه".
وقَال
معاوية بن صالح الأشعري، وعثمان بن سَعِيد الدارمي، وأبُو بُكر بْنُ أَبي خيثمة،
وأَحمد بن سعد بن أَبي مريم، وأَبو الوليد بن أَبي الجارود المكي، عن يحيى بن
مَعِين: "موسى بن عُبَيدة: ضعيف".
زاد
ابن أَبي خيثمة عن يَحْيَى: قال: "وإنما ضعف حديثه؛ لأنه روى عن عَبداللَّهِ
بن دينار أحاديث مناكير".
وزاد
ابن أَبي مريم، وابن أَبي الجارود عن يَحْيَى: "إلا أنه يكتب من حديثه الرقاق".
وَقَال
أبو يَعْلَى الموصلي: سئل يَحْيَى بن مَعِين وأنا حاضر عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيدة
الربذي؟ فَقَالَ: "ليس بشيءٍ".
وَقَال
علي بن المديني: "مُوسَى بن عُبَيدة الربذي ضعيف يحدث بأحاديث مناكير".
وَقَال
أَبُو زُرْعَة: "ليس بقوي الحديث".
وَقَال
أبو حاتم: "منكر الحديث".
وَقَال
أَبُو عُبَيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: "مُوسَى بن عُبَيدة، وعَبدالله بن
عُبَيدة، ومحمد بن عُبَيدة إخوة، مُوسَى حدث عن أخويه، وأحاديث مُوسَى مستوية إلا
أحاديثه عَنْ عَبْدِاللَّهِ بن دينار".
قال
أَبُو دَاوُدَ: وسمعت أَحْمَد غير مرة يقول: "مُوسَى بن عُبَيدة: ليس بشيءٍ".
وَقَال
التِّرْمِذِيّ: "يضعف".
وَقَال
النَّسَائي: "ضعيف". وَقَال في موضع آخر: "ليس بثقة".
وَقَال
مُحَمَّد بن سعد: "كان ثقة، كثير الحديث، وليس بحجة".
وَقَال
يَعْقُوب بْن شَيْبَة: "صدوق، ضعيف الحديث جدا، ومن الناس من لا يكتب حديثه
لوهائه، وضعفه، وكثرة اختلاطه، وكان من أهل الصدق".
وقَال
أَبُو أَحْمَد ابن عَدِيّ: "وهذه الأحاديث التي ذكرتها لموسى بن عُبَيدة
بأسانيد مختلفة مما ينفرد بها من يرويها عَنْهُ، وعامة متونها غير محفوظة، ولَهُ
غير ما ذكرت من الحديث، والضعف عَلَى رواياته بيِّن".
وقال
ابن حبان: "وكَانَ من خِيَار عباد الله نسكا وفضلا وَعبادَة وصلاحا إِلَّا
أَنه غفل عَن الإتقان فِي الحِفْظ حَتَّى يَأْتِي بالشَّيْء الَّذِي لَا أصل لَهُ
مُتَوَهمًا، ويروي عَن الثِّقَات مَا لَيْسَ من حَدِيث الْأَثْبَات من غير تعمد
لَهُ فَبَطل الِاحْتِجَاج بِهِ من جِهَة النَّقْل وَإِن كَانَ فَاضلا فِي نَفسه".
والحاصل
أنه روى جزءا صحيحا من هذا الحديث عن عبدالله بن عمر، وأخطأ في بعضه، ولا يحتج به
عموماً.
والعمدة
على متابعة الوليد بن أبي الوليد لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار في رواية الحديث
عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر.
·
شاهد وَاثِلَة بنِ الْأَسْقَعِ:
رواه
البخاري في «صحيحه» (4/180) (3509)، قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، قال: حَدَّثَنَا
حَرِيزٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُالوَاحِدِ بنُ عَبْدِاللَّهِ النَّصْرِيُّ،
قَالَ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ
الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ
يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ».
ورواه
أحمد في «مسنده» (28/187) (16980)، والطبراني أيضاً (178) من طريق حَرِيز بْن
عُثْمَانَ، به.
ورواه
الشافعي في «مسنده» (ص: 239)، وأحمد في «مسنده» (28/190) (16983)، والخرائطي في «مساوئ
الأخلاق» (ص: 54) (86) من طريق مُحَمَّدِ بنِ عَجْلَانَ.
والطبراني
في «المعجم الكبير» (22/70) (171) و(176) من طريق عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ
بْنِ أَدْرَكَ.
و(172)
من طريق هِشَامِ بنِ سَعْدٍ.
و(177)
من طريق أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ.
كلهم
عَنْ عَبْدِالوَهَّابِ بنِ بُخْتٍ المَكِّيِّ.
والطبراني
(180) من طريق سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيِّ.
ثلاثتهم
(عبدالوهاب، وحريز، وسليمان) عَنْ عَبْدِالوَاحِدِ بنِ عَبْدِاللهِ
النَّصْرِيّ، عن وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، به.
ورواه
أحمد في «مسنده» (25/390) (16008) عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن مَهْدِيٍّ.
ومن
طريق أحمد رواه الحاكم في «المستدرك» (4/440) (8204).
ورواه
أحمد أيضاً (25/397) (16015) عن زَيْد بن الحُبَابِ.
وابن
حبان في «صحيحه» (1/215) (32) من طريق ابن وَهْبٍ.
والطبراني
في «المعجم الكبير» (22/68) (164) من طريق أَسَد بن مُوسَى.
أربعتهم
عن مُعَاوِيَة بن صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بنِ يَزِيدَ الدمشقي، عَنْ
وَاثِلَةَ بنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفِرْيَةِ ثَلَاثًا: أَنْ
يَفْرِيَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ يَقُولُ رَأَيْتُ وَلَمْ يَرَ شَيْئًا فِي
الْمَنَامِ، أَوْ يَتَقَوَّلَ الرَّجُلُ عَلَى وَالِدَيْهِ فَيُدْعَى إِلَى غَيْرِ
أَبِيهِ، أَوْ يَقُولَ سَمِعَ مِنِّي وَلَمْ يَسْمَعْ مِنِّي».
قال
الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ
يُخْرِجَاهُ".
ورواه
الطبراني في «المعجم الكبير» (22/93) (224)، وفي «المعجم الكبير» (6/191) (6159) قال:
حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ مُحَمَّدُ بْنُ حَنِيفَةَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حدثنا
عَمِّي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَاهَانَ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ، قال: حدثنا
أَبِي، قال: حدثنا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِالْأَعْلَى بْنِ هِلَالٍ الْحِمْصِيِّ، عَنْ
وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، بنحوه.
قال
الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنِ الزُهْرِيِّ إِلَّا يُونُسَ،
وَلَا عَنْ يُونُسَ إِلَّا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ
مَاهَانَ".
·
الحديث العاشر: تفرد عبدالرحمن
بلفظة فيه، ولم يتابع عليها!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب الجهاد، بَابُ فَضْلِ رِبَاطِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ، (4/35) (2892)، قال:
حَدَّثَنَا
عَبْدُاللَّهِ بنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ، قال: حَدَّثَنَا
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ
سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ
الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا
العَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا».
أخرجه
أحمد في «مسنده» (37/513) (22872) عن هَاشِم بن القَاسِمِ أبي النضر، به.
والترمذي
في «جامعه» (3/240) (1664) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي النَّضْرِ، عن أَبي النَّضْرِ
البَغْدَادِيّ، به.
قال
الترمذي: "هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
قلت:
تفرد
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار بلفظة: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا»!!
ولم
يروها سواه عن أبي حازم، وغيره يروي الحديث عن أبي حازم بلفظ: «لَغَدْوَةٌ فِي
سَبِيلِ اللهِ - أَوْ رَوْحَةٌ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا،
وَلَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا
فِيهَا».
قَالَ
الدَّارَقُطْنِيّ في «الإلزامات والتتبع» (ص: 201) (71): "وَأخرج البُخَارِيّ
حَدِيثِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ
سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا
وَمَا فِيهَا»، وَلم يقل هَذَا غير عبدالرَّحْمَن! وَغَيره أثبت مِنْهُ، وَبَاقِي
الحَدِيث صَحِيح".
قال
ابن حجر في «هدي الساري» (ص362): "قلت: عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ.. قد تفرد بِهَذِهِ الزِّيَادَة".
والحديث
رواه الحميدي في «مسنده» (2/172) (959)، وأحمد في «مسنده» (24/336) (15564)،
والبخاري في «صحيحه» (4/119) (3250) عن عَلِيّ بن المديني.
ثلاثتهم
(الحميدي، وأحمد، وابن المديني) عن سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ.
ورواه
أحمد أيضًا (15569) عن يُونُس بن مُحَمَّدٍ، عن العَطَّاف بن خَالِدٍ.
و(15570)
عن حُسَيْن بن مُحَمَّدٍ، عن مُحَمَّد بن مُطَرِّفٍ أبي غَسَّانَ.
و(15571)
عن عِصَام بن خَالِدٍ، وَأَبي النَّضْرِ، عن العَطَّاف بن خَالِدٍ.
ورواه
البخاري في «صحيحه» (8/88) (6415) عن عَبْداللَّهِ بن مَسْلَمَةَ، عن
عَبْدالعَزِيزِ بن أَبِي حَازِمٍ.
ورواه
عبدالله في «زوائده على المسند» (24/335) (15563)، و(15565)، و(15566) من طريق عُمَر
بنِ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيّ.
و(15567)
من طريق عَبْدالعَزِيزِ بْن أَبِي حَازِمٍ.
و(15568)
من طريق فُضَيْل بن سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيّ.
و(15572)
من طريق سَعِيد بن عَبْدِالرَّحْمَنِ الجُمَحِيّ.
كلهم
عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ الساعدي، عن رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ - أَوْ رَوْحَةٌ - خَيْرٌ
مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ
خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».
وبهذا
يتبيّن لنا تفرد عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار بلفظ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا» عن أبي حازم! ولم
يُتابع عليها!!!
·
الحديث الحادي عشر: أثر تفرد به
عبدالرحمن عن أبيه عن ابن عمر!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب المغازي، بَابُ غَزْوَةِ الخَنْدَقِ وَهِيَ الأَحْزَابُ،
(5/110) (4107)، قال:
حَدَّثَنِي
عَبْدَةُ بنُ عَبْدِاللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ
- هُوَ: ابنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «أَوَّلُ يَوْمٍ شَهِدْتُهُ يَوْمُ الخَنْدَقِ».
قلت:
تفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه!!
·
الحديث الثاني عشر: أثر تفرد به
عبدالرحمن عن أبيه عن ابن عمر!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب الاستسقاء، بَابُ سُؤَالِ النَّاسِ الإِمَامَ
الِاسْتِسْقَاءَ إِذَا قَحَطُوا، (2/27) (1008)، قال:
حَدَّثَنَا
عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ
ابنَ عُمَرَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ أَبِي طَالِبٍ: «وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى
الغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ».
وقالَ
عُمَرُ بنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ: «رُبَّمَا ذَكَرْتُ
قَوْلَ الشَّاعِرِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي، فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ:
وَأَبْيَضَ
يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ.
وهُوَ
قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ».
قال
الدارقطني في «الغرائب والأفراد» [كما في الأطراف (3/387) (3002)]: "غَرِيب
صَحِيح من حَدِيث عبدالله بن دِينَار عَنهُ. تفرد بِهِ عَنهُ ابْنه! وَتفرد بِهِ
عَنهُ أَبُو قُتَيْبَة".
قلت:
تفرد به أبو قتيبة سلم بن قتيبة البصري عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار! ولم
يروه عن عبدالله بن دينار إلا ابنه عبدالرحمن!!
وأما
حديث عمر بن حمزة الذي علّقه البخاري:
فأخرجه
أحمد في «مسنده» (9/485) (5673) عن أَبي النَّضْرِ هاشم بن القاسم، عن أَبي
عَقِيلٍ عَبْداللهِ بن عَقِيلٍ الثقفيّ، عن عُمَر بن حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ عُمَرَ، عن عمّه سَالِم بن عبدالله، عَنْ أَبِيهِ، به.
وأخرجه
ابن ماجه في «سننه» (2/322) (1272) عن أَحْمَد بن الْأَزْهَرِ، عن أَبي النَّضْرِ،
به.
قلت:
وهذا إسناد ضعيف!
تفرد
به: عُمَر بن حمزة بن عَبداللَّهِ بن عُمَر بن الخطاب القرشي العدوي العُمَري
المدني، وهو ضعيف الحديث! ولا يُقبل تفرده!
·
حالُ عمر بن حمزة العُمري!
قال
عَبداللَّهِ بن أَحْمَد بن حنبل، عَن أبيه: "أحاديثه أحاديث مناكير".
وقال
عَباس الدُّورِيُّ، عن يحيى بن مَعِين: "عُمَر بن حمزة أضعف من عُمَر بن محمد
بن زيد".
وقال
الدارمي: قلت - أي: ليحيى -: مَا حَال عمر بن حَمْزَة الَّذِي يروي عَن سَالم؟
فَقَالَ "ضَعِيف".
وفي
«سؤالات ابن الجنيد» (ص: 439): سألت يحيى عن عمر بن حمزة الذي روى عنه أبو أسامة؟
فقال: "هو عمري"، قلت: هو مستقيم الحديث؟ قال: "صالح ليس بذاك،
يحدث عنه مروان الفزاري".
وقال
البرذعي لأبي زرعة الرازي (2/364): قلت: عمر بن حمزة؟ قال: "ليس بذا
خير".
وقال
النَّسَائي: "ليس بالقوي".
وذكره
ابنُ حِبَّان في كتاب «الثقات»، وقال: "كَانَ ممن يخطئ".
وقَال
أَبُو أَحْمَد بن عدي: "وهو ممن يُكتب حديثه".
واحتج
به مسلم، وخرّج له في «صحيحه» خمسة أحاديث، أربعة في المتابعات، وتفرد بحديث واحد!
وهو
حديثه عن عَبْد الرَّحْمَنِ بن سَعْدٍ، عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قال: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ
اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ،
وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا».
واستنكروا
هذا الحديث!
قال
الذهبي في «الميزان» (3/192): "فهذا مما استنكر لعمر".
وأخرج
الحاكم حديثه في «المستدرك»، وقال: "أحاديثه كلها مستقيمة".
وقال
ابن حجر في «التقريب»: "ضعيف".
وقال
في «الفتح» (2/497): "وعُمْرُ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ! وَكَذَلِكَ
عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ المَذْكُورُ فِي الطَّرِيقِ
الْمَوْصُولَةِ فَاعْتَضَدَتْ إِحْدَى الطَّرِيقَيْنِ بِالْأُخْرَى وَهُوَ مِنْ
أَمْثِلَةِ أَحَدِ قِسْمَيِ الصَّحِيحِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ".
قلت:
الضعيف لا يعتضد بمثله حتى يرتقي للصحيح أو أحد قسميه!!!
وللحديث
طريق آخر بصري ضعيف!
رواه
ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (3/147) عن عَفَّان الصفّار.
وابن
أبي شيبة في «المصنف» (5/279) (26067)، و(6/353) (31967) عن يزيد بن هارون.
وأحمد
في «مسنده» (1/205) (26) عن حسن بن موسى، وعفّان.
والبزار
في «مسنده» (1/128) (58) من طريق سليمان بن حرب.
كلهم
عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ بن جُدْعَان، عَنِ القَاسِمِ
بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ وَأَبُو
بَكْرٍ يَقْضِي:
وَأَبْيَضُ
يَسْتَسْقِي الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ
فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ: ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
قَالَ
البزار: "وهذا الْحَدِيثُ يَدْخُلُ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِسْنَادُهُ إِسْنَادٌ حَسَنٌ، وَلَا نَعْلَمُ رَوَى هَذَا
الْحَدِيثَ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ".
قلت:
هذا إسناد ضعيف!
·
حالُ عليّ بن زيد بن جُدعان!
وعلي
بن زيد بن جُدعان ضعيف لا يُحتج به!
قال
أيوب بن سليمان بن سافري: سَألتُ أَحْمَد بْن حنبل عَن علي بْن زيد؟ فقال: "ليس
بشَيْءٍ".
وقال
صالح بن أحمد: حدثني أبي، قال: "علي بن زيد بن جدعان بصري يكتب حديثه"،
وقال: "ليس بالقوي"، وقال في موضع آخر: "علي بن زيد بن جدعان كان
يتشيع لا بأس به".
وقال
يعقوب بن شيبة: "علي بن زيد ثقة، وصالح الحديث، وإلى اللين ما هو".
وقال
ابن سعد: "وكان كثير الحديث وفيه ضعف، ولا يُحتج به".
وقال
عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى عن عَليّ بن زيد بن جدعَان؟ فَقَالَ: "لَيْسَ
بِذَاكَ القوي".
وقال
ابن أبي خيثمة: سئل يحيى بن معين عن علي بن زيد بن جدعان؟ فقال: "ليس بذاك"،
وقال مرة أخرى: "ضعيف في كل شيء".
وقال
العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين قال: "علي بن زيد بن جدعان ليس بحجة".
وقال
عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سألت أبي عن علي بن زيد؟ فقال: "ليس بقوي، يكتب
حديثه ولا يحتج به، وهو أحب إليّ من يزيد بن أبى زياد، وكان ضريرا، وكان يتشيع".
وقال
عبدالرحمن: سألت ابا زرعة عن علي بن زيد بن جدعان؟ فقال: "ليس بقوي".
وقال
العجلي: "علي بن زيد بن جدعَان بصري، يكْتب حَدِيثه وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ،
وَكَانَ يتشيع"، وقَال مرّة: "لا بَأْس بِهِ".
وقال
السعدي: "علي بن زيد واهي الحديث ضعيف، وفيه ميل عن القصد، لا يحتج بحديثه".
وقال
النسائي: "علي بن زيد ضعيف".
وقال
سُلَيْمان بن حرب، عَنْ حماد بن زيد: "حَدَّثَنَا علي بن زيد، وكان يقلب
الأحاديث".
وفي
رواية: "كان علي بن زيد يحَدَّثَنَا اليوم بالحديث ثم يحَدَّثَنَا غدا، فكأنه
ليس ذاك".
وقال
ابن حبان: "كَانَ شَيخا جَلِيلًا، وَكَانَ يهم فِي الْأَخْبَار ويخطئ فِي
الْآثَار حَتَّى كثر ذَلِك فِي أخباره، وَتبين فِيهَا الْمَنَاكِير الَّتِي
يَرْوِيهَا عَن الْمَشَاهِير فَاسْتحقَّ ترك الِاحْتِجَاج بِهِ".
وقال
ابن عدي بعد أن ذكر له بعض المناكير: "ولِعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ غَيْرُ مَا
ذكرت من الحديث أحاديث صالحة، ولَمْ أَرَ أَحَدًا مِنَ الْبَصْرِيِّينَ
وَغَيْرِهِمُ امْتَنَعُوا مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ".
وقال
الترمذي: "صدوق".
وقال
ابن خزيمة: "لا أحتج به لسوء حفظه".
وقال
الدارقطني: "أنا أقف فيه لا يزال عندي فيه لين".
·
نكارة في الحديث! وجواب بعض أهل
العلم عن ذلك!
والحديث
الذي رواه عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه في هذا الأمر فيه نكارة!! إذ كيف
يمدح أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره يستسقي!!!
·
جواب السهيلي:
فأجاب
عن ذلك السُّهيلي في «الروض الأُنف» (3/39)، فقال: "فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ
قَالَ أَبُو طَالِبٍ:
وَأَبْيَضَ
يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ
وَلَمْ
يَرَهُ قَطّ اسْتَسْقَى، وَإِنّمَا كَانَتْ اسْتِسْقَاءَاتُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ
بِالمَدِينَةِ فِي سَفَرٍ وَحَضَرٍ وَفِيهَا شُوهِدَ مَا كَانَ مِنْ سُرْعَةِ
إجَابَةِ اللهِ لَهُ؟!".
قال:
"فالجَوَابُ: أَنّ أَبَا طَالِبٍ قَدْ شَاهَدَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا فِي
حَيَاةِ عَبْدِ المُطّلِبِ مَا دَلّهُ عَلَى مَا قَالَ رَوَى أَبُو سُليمانَ
حَمَدُ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الخَطّابِ الخَطّابِيّ الْبُسْتِيّ
النّيْسَابُورِيّ، أَنّ رَقِيقَةَ بِنْتَ أَبِي صَيْفِيّ بْنِ هَاشِمٍ قَالَتْ:
تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ سُنُو جَدْبٍ قَدْ أَقْحَلَتْ الظّلْفَ وَأَرّقَتْ
الْعَظْمَ، فَبَيْنَا أَنَا رَاقِدَةٌ اللهُمّ أَوْ مُهَدّمَةٌ وَمَعِي صِنْوَى
إذْ أَنَا بِهَاتِفِ صَيّتٍ يَصْرُخُ بِصَوْتِ صَحِلٍ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ، إنّ هَذَا النّبِيّ المَبْعُوثَ مَعَكُمْ هَذَا إبّانُ نُجُومِهِ فَحَيّ
هَلًا بِالْحَيَا وَالْخِصْبِ، أَلَا فَانْظُرُوا مِنْكُمْ رَجُلًا طُوّالًا
عُظّامًا أَبْيَضَ فَظّا، أَشَمّ الْعِرْنِينَ لَهُ فَخْرٌ يَكْظِمُ عَلَيْهِ.
أَلَا فَلْيَخْلُصْ هُوَ وَوَلَدُهُ وَلْيَدْلِفْ إلَيْهِ مِنْ كُلّ بَطْنٍ رَجُلٌ
أَلَا فَلْيَشُنّوا مِنْ الْمَاءِ وَلِيَمَسّوا مِنْ الطّيبِ وَلْيَطُوفُوا
بِالْبَيْتِ سَبْعًا، أَلَا وَفِيهِمْ الطّيبُ الطّاهِرُ لِذَاتِهِ أَلَا
فَلْيَدْعُ الرّجُلُ وَلْيُؤَمّنْ الْقَوْمُ أَلَا فَغِثْتُمْ أَبَدًا مَا
عِشْتُمْ.
قَالَتْ:
فَأَصْبَحْت مَذْعُورَةً قَدْ قَفّ جِلْدِي، وَوَلِهَ عَقْلِي، فَاقْتَصَصْت رُؤْيَايَ
فَوَالحُرْمَةِ والحَرَمِ إنْ بَقِيَ أَبْطَحِيّ إلّا قَالَ هَذَا شَيْبَةُ الحَمْدِ
وَتَتَامّتْ عِنْدَهُ قُرَيْشٌ، وَانْفَضّ إلَيْهِ النّاسُ مِنْ كُلّ بَطْنٍ
رَجُلٌ فَشَنّوا وَمَسّوا وَاسْتَلَمُوا وَاطّوَفّوا، ثُمّ ارْتَقَوْا أَبَا
قُبَيْسٍ وَطَفِقَ الْقَوْمُ يَدِفّونَ حَوْلَهُ مَا إنْ يُدْرِكْ سَعْيَهُمْ مُهَلّةً
حَتّى قَرّوا بِذَرْوَةِ الْجَبَلِ وَاسْتَكَفّوْا جَنَابَيْهِ فَقَامَ عَبْدُ
الْمُطّلِبِ، فَاعْتَضَدَ ابْنَ ابْنِهِ مُحَمّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فَرَفَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ قَدْ أَيْفَعَ
أَوْ قَدْ كَرَبَ ثُمّ قَالَ: اللهُمّ سَادّ الْخَلّةِ، وَكَاشِفَ الْكُرْبَةِ،
أَنْتَ عَالِمٌ غَيْرُ مُعَلّمٍ وَمَسْئُولٌ غَيْرُ مُبَخّلٍ، وَهَذِهِ
عِبِدّاؤُكَ وَإِمَاؤُك بِعَذِرَاتِ حَرَمِك يَشْكُونَ إلَيْك سَنَتَهُمْ
فَاسْمَعْنَ، اللهُمّ وَأَمْطِرْنَ عَلَيْنَا غَيْثًا مَرِيعًا مُغْدِقًا، فَمَا
رَامُوا وَالْبَيْتِ حَتّى انْفَجَرَتْ السّمَاءُ بِمَائِهَا، وَكَظّ الْوَادِي
بِثَجِيجِهِ.
فَسَمِعْتُ
شِيخَانَ قُرَيْشٍ، وَهُوَ يَقُولُ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: هَيِّنًا لَكَ أَبَا
الْبَطْحَاءِ هَيِّنًا أَيْ بِكَ عَاشَ أَهْلُ الْبَطْحَاءِ وَفِي ذَلِكَ تَقُولُ
رَقِيقَةُ:
بِشَيْبَةَ
الْحَمْدِ أَسْقَى اللَّهُ بَلْدَتَنَا ... وَقَدْ فَقَدْنَا الْحَيَا
وَأَجْلَوَّذَ الْمَطَرُ
فَجَاءَ
بِالْمَاءِ جَوْنِيًّا لَهُ سَبَلٌ ذَرَا ... فَعَاشَتْ بِهِ الْأَنْعَامُ
وَالشَّجَرُ
سَيْلٌ
مِنَ اللَّهِ بِالْمَيْمُونِ طَائِرُهُ ... وَخَيْرُ مَنْ بُشِّرَتْ يَوْمًا بِهِ
مُضَرُ
مُبَارَكُ
الْأَمْرِ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِهِ ... مَا فِي الْأَنَامِ لَهُ عَدْلٌ وَلَا
خَطَرُ
رَوَاهُ
أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ ابنِ الْأَعْرَابِيّ، قَالَ: حَدّثَنَا حُمَيْدُ بنُ
عَلِيِّ بنِ الْبَخْتَرِيِّ بْنِ مُسَافِرِ بْنِ أَبَانَ، وَكَانَتْ أُمُّ أَبَانَ
بْنِ عَلِيٍّ تِرَةَ ابْنَةَ رَافِعٍ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ، قال: أخبرنا
يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِالْمَلِكِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ
عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قال: أخبرنا عَبْدُالعَزِيزِ بنُ عِمْرَانَ، عَنِ إبراهيم
بنِ حُوَيْصَّةَ، قَالَ: حَدَّثَ مَخْرَمَةُ بنُ نَوْفَلٍ عَنْ أُمِّهِ رُقَيْقَةَ
بِنْتِ أَبِي صَيْفِيٍّ، وَكَانَتْ لِدَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ...
وذكر الحديث.
·
رُّؤْيَا رُقَيْقَة فِي
اسْتِسْقَاءِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ!
قلت:
هو
في «معجم ابن الأعرابي» (2/752) (1527).
وأخرجه
أبو نُعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» (6/3328) (7631) عن إِسْحَاق بن أَحْمَدَ،
عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ حَمَّادٍ، عن حُمَيْد بن عَلِيٍّ
البَخْتَرِيّ، به.
وهذه
رُّؤْيَا رُقَيْقَة فِي اسْتِسْقَاءِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
والقصة
واهية، وإسنادها منكر!
فحميد
بن علي البختري:
مجهول الحال!
ويعقوب
بن محمد الزهري:
ضعيف جداً، لا يُحتج به!
قال
أحمد: "يعقوب بن محمد الزهري ليس بشيء، ليس يسوى شيئا".
وقال
أحمد بن سنان الواسطي: سئل يحيى بن معين عن يعقوب بن محمد الزهري؟ فقال: "ما
حدثكم عن شيوخه الثقات فاكتبوه، وما لم يعرف من شيوخه فدعوه".
وقال
أَبو علي صالِح بن مُحَمَّد جزرة: سمعتُ يَحْيَى بن معين، وسئل عَن يعقوب بن
مُحَمَّد، فقال: "أحاديثه تشبه أحاديث الواقدي مُحَمَّد بن عُمر بن واقد -
يعني: تركوا حديثه".
قال
الحجاج بن الشاعر: "حدثنا يعقوب بن محمد الزهري الثقة".
وقال
عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سألت أبي عن يعقوب بن محمد الزهري؟ فقال: "هو على
يدي عدل، أدركته، ولم أكتب عنه".
وقال
عبدالرحمن: سئل أبو زرعة عن يعقوب بن محمد الزهري؟ فقال: "واهي الحديث".
وقال
سَعِيد بن عمرو البرذعي، قَالَ: سمعتُ أَبَا زُرعة هُوَ الرازي، يَقُولُ: "لَيْسَ
عَلَى يعقوب الزُّهْرِيّ قياس. يعقوب الزُّهْرِيّ، وابن زبالة، والواقدي، وعُمر بن
أبي بَكْر المؤملي يتقاربون فِي الضعف فِي الحديث، وهم واهون".
وقال
ابن سعد: "كان يعقوب كثير العلم والسماع للحديث، ولم يُجالس مالكًا، ولكنه قد
لَقِيَ من كَانَ بعد مالك من فقهاء أهل المدينة ورجالِهم أهل العلم منهم، وكان
حافظًا للحديث".
وقال
العقيلي: "في حديثه وهم كثير، ولا يتابعه عليه إلا من هو نحوه".
وقال
الساجي: "منكر الحديث، وكان ابن المديني يتكلم فيه، وكان إبراهيم بن المنذر
يطريه".
وقال
أبو القاسم البغوي: "في حديثه لين".
وقال
الحاكم: "ثقة مأمون سكن بغداد وبها مات"، قال: "وروى البخاري في
صحيحه عن يعقوب غير منسوب ويشبه أن يكون هو"!
قال
الذهبي: "قلت: علّق له البخاريّ مسألة في صحيحه في باب جوائز الوفد".
وعبدالعزيز
بن عمران: وهو ابن أبي ثابت الزهري المديني أبو ثابت، وعمران هو ابن عبدالعزيز بن
عمر بن عبدالرحمن بن عوف: متروك الحديث!
قال
عثمان الدارمي: قلت - أي ليحيى - فَابن أبي ثَابت عبدالعَزِيز بن عمرَان من ولد
عبدالرَّحْمَن بن عَوْف، مَا حَاله؟ فَقَالَ: "ليْسَ بِثِقَة، وَإِنَّمَا
كَانَ صَاحب شعر".
وقال
البخاري: "عَبْدالعزيز بن عِمْرَان أَبُو ثابت: لا يُكتب حديثه، منكر الحديث".
وقال
النسائي: "عبدالعَزِيز بن عمرَان: مَتْرُوك الحَدِيث".
وقال
عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عبدالعزيز بن عمران الذي يروي عنه يعقوب
الزهري وغيره؟ فقال: "متروك الحديث، ضعيف الحديث، منكر الحديث جداً". قلت:
يكتب حديثه؟ قال: "على الاعتبار".
قال
عبدالرحمن: كان في كتابنا عن أبي زرعة أحاديث لمحمد بن إسماعيل الجعفري عن عبدالعزيز
بن عمران، فامتنع أبو زرعة من قراءته وترك الرواية عنه.
وقال
ابن حبان: "يروي عَن المَدَنِيين، روى عَنهُ العِرَاقِيُّونَ وَأهل بَلَده،
مِمَّن يروي المَنَاكِير عَن المَشَاهِير، فَلَمَّا أَكثر مِمَّا لَا يشبه حَدِيث
الْأَثْبَات لم يسْتَحق الدُّخُول فِي جملَة الثِّقَات، فَكَانَ الغَالِب عَلَيْهِ
الشّعْر وَالْأَدب دون العلم".
وقال
ابن عدي: "وقد حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ أحاديث غير محفوظة".
·
إسناد ثانٍ للقصة:
أخرج
الطبراني في كتاب «الدعاء» (2210)، وفي «المعجم الكبير» (24/259) (661) عن مُحَمَّد
بن مُوسَى بنِ حَمَّادٍ البَرْبَرِيّ.
وابن
عساكر في «تاريخه» (57/149) عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد، عن أحمد بن محمد بن
النقور، عن عيسى بن علي بن عيسى، عن القاضي أبي عبيد علي بن الحسين بن حرب.
كلاهما
(البربري، والقاضي أبو عبيد) عن زَكَرِيَّا بن يَحْيَى بن عمر بن حصن بن حميد بن
منهب بن حارثة بن خريم بن أوس بن حارثة بن لام الكوفي أَبي السِّكِّينِ
الطَّائِيُّ، قال: حدثنا عَمُّ أَبِي: زَحْرِ بنُ حُصَيْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ
بنِ مِنْهَبٍ، قال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بنُ مُضَرِّسِ بنِ حَارِثَةَ بْنِ لَأْمٍ
الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، عَنْ أُمِّهِ، فذكره.
قال
أبو موسى المديني - بعد إيراده في كتابه الذيل على معرفة الصحابة لأبي نُعيم
الأصبهاني -: "هذا حديث حسن عال".
قلت:
بل
هو إسناد ضعيف! فقد تفرد به زكريا بن يحيى أبو السِّكين! وثقه الخطيب، وذكره ابن
حبان في «الثقات».
وضعفه
الدارقطني!
قال
الحاكم: قلت للدارقطني: فأبو السكين الكلابي؟ قال: "هو الطائي، كوفي ليس
بالقوي، يُحدِّث بأحاديث ليست بمضيئة".
وقال
الحاكم عنه أيضاً: "يُحدِّث بأحاديث خطأ".
وقال
البرقاني: سمعت الدارقطني يقول: "زكريا بن يحيى الطائي: متروك".
وقال
ابن حجر: "صدوق له أوهام ليّنه بسببها الدارقطني".
وقد
أخرج له البخاري حديثاً واحداً في «صحيحه».
قال
ابن حجر في «الفتح» (1/403): "زَكَرِيَّا بن يحيى بن عمر بن حُصَيْن بن حميد
بن مهب الطَّائِي أَبُو السكين من شُيُوخ البُخَارِيّ: تكلم فِيهِ
الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ مرّة: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَقَالَ مرّة: مَتْرُوك،
وَقَالَ الحَاكِم: يُخطئ فِي أَحَادِيث، وقَالَ الْخَطِيب: ثِقَة. قلت: روى عَنهُ
البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح حَدِيثا وَاحِدًا وَهُوَ فِي العِيدَيْنِ عَنهُ عَن المحَاربي
عَن مُحَمَّد بن سوقة، وعَن أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ
كِلَاهُمَا عَن سعيد بن جُبَير عَن ابن عمر فِي قصَّته مَعَ الحجَّاج حِين
أَصَابَهُ سِنَان الرمْح، قَالَ فِيهِ البُخَارِيّ: حَدثنَا زَكَرِيَّا بن يحيى
أَبُو السكين. وأخرج ثَلَاثَة أَحَادِيث أُخْرَى فِي الصَّحِيح عَن زَكَرِيَّا بن
يحيى غير مكنى وَلَا مَنْسُوب، اثْنَان مِنْهَا عَنهُ عَن عبدالله بن نمير، والْآخر
عَنهُ عَن أبي أُسَامَة، وزَكَرِيا بن يحيى فِي هَذِه المَوَاضِع الثَّلَاثَة هُوَ
البَلْخِي، وَلَيْسَ لأبي السكين عِنْده سوى الأول، وَقد أخرج شَاهده بجانبه، والله
أعلم".
قلت:
هو صدوق، لكن لا يُحتج بما انفرد به في الأحاديث المرفوعة، وقد يُحتمل ما يرويه من
قصص وأحداث غير مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم تكن منكرة.
وعمّ
أبيه: زَحْر بن حُصَيْنٍ، ذكره ابن حبان في «الثقات».
وقال
الذهبي: "لا يُعرف".
قلت:
هو مستور الحال.
وحُمَيْد
بن مِنْهَبٍ:
مستور الحال كذلك.
وعروة بن مُضرس بن أوس بن حارثة بن
لام الطائي، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع.
وقد
نصّ أهل العلم على أن الشعبي تفرد بالرواية عن عروة بن مضرس، وضعفوا رواية حميد
عنه!
قال
علي بن المديني، ومسلم، والدّارقطنيّ، وغير واحد: "لم يرو عنه غير الشعبي".
وقال
الأزديّ: "روى عنه أيضاً حميد بن منهب ولا يقوم".
وقد
ضعّف رواية حميد عن ابن مضرس أيضاً الدارقطني، فقال: "روى عن عروة بن مضرس:
حميد بن منهب، وعروة بن الزبير، وفي روايتهما نظر".
والمحصلة
أن هذا الحديث لا يصح بهذا الإسناد.
·
إسناد ثالث للقصة:
روى
أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (6/3328) (7631) عن أبي عبدالله مُحَمَّد بن
أَحْمَدَ بنِ عليّ بن مَخْلَدٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ بنِ
الطَّبَّاعِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو حَبِيبٍ العُمَيْري: عُثْمَانَ بنِ عَبَّادِ
بنِ مَعْبَدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ زَيْدِ
بنِ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بنُ بِشْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَمنْ
سَمِعَ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ، يَقُولُ: قَالَ مَخْرَمَةُ: حَدَّثَتْنِي
أُمِّي رُقَيْقَةُ، وذكر القصة.
قلت:
هذا
إسناد مجهول!!!
أبو
حبيب العميري، ومحمد بن زيد، وعثمان بن بشر، وأبوه بشر، وشيخه، كلهم مجاهيل!
·
إسناد رابع للقصة:
روى
ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (1/72) قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ السَّائِبِ الكَلْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الوَلِيدُ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ
جُمَيْعٍ الزُّهْرِيُّ عَنِ ابْنٍ لِعَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ مَوْهَبِ بْنِ رَبَاحٍ
الأَشْعَرِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَخْرَمَةُ
بْنُ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أُمِّي رُقَيْقَةَ بِنْتَ أَبِي
صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ تُحَدِّثُ، فذكر القصة.
قلت:
هذا
إسناد منكر!!!
هشام
بن محمد بن السائب الكلبي، أبو المنذر الأخباري النسابة: ليس بثقة.
قال
أحمد بن حنبل: "إنما كان صاحب سمر ونسب، ما ظننت أن أحدا يحدث عنه".
وقال
ابن حبان: "يروي عَن أَبِيه ومعروف مولى سُلَيْمَان والعراقيين العَجَائِب وَالْأَخْبَار
الَّتِي لَا أصُول لَهَا... وكَانَ غاليا فِي التَّشَيُّع، أخباره فِي الأغلوطات
أشهر من أَن يحْتَاج إِلَى الإغراق فِي وصفهَا".
وقال
الدارقطني وغيره: "متروك".
وقال
ابن عدي: "وهذا كما قَالَ أَحْمَد: هِشَام بْن الكلبي الغالب عَلَيْهِ
الأخبار والأسمار والنسبة، ولاَ أعرف لَهُ شيئا من المسند".
وقال
الذهبي: "وقلما يروي من المسند، كان إخباريا".
وقال
ابن عساكر: "رافضي، ليس بثقة".
فالقصة
منكرة بكبّ طرقها!
ورقيقة،
بقافين مصغرة، بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية، بنت عم
العباس وإخوته من بني عبد المطلب، وهي والدة مخرمة بن نوفل، والد المسور، ذكرها
الطّبرانيّ والمستغفريّ في الصحابة.
قال
أبو عمر ابن عبدالبر: وما أراها أدركت. وعمدة من ذكرها ما أخرجوه من طريق حميد بن
منهب، عن عروة بن مضرس، عن مخرمة بن نوفل، عن أمه رقيقة، قال: وكانت لدة عبد المطلب
بن هاشم، قالت: تتابعت على قريش.. الحديث.
وقال
أبو نُعيم الأصبهاني: "لا أراها أدركت البعثة والدعوة".
·
جواب ابن حجر:
قال
ابن حجر في «الفتح» (2/496): "ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو طَالِبٍ
مَدَحَهُ بِذَلِكَ لما رَأَى مِنْ مَخَايِلِ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ
وُقُوعَهُ".
قلت:
قد رأى فيه من المخايل الكثيرة صلى الله عليه وسلم في كل شيء، والأبيات المنسوبة
لأبي طالب فيها ذكر الاستسقاء! فلم اختار ذلك دون غيره!! فكلام ابن حجر بعيد،
والله أعلم.
وقد
تعقّب الزرقاني المالكي ابن حجر في «شرحه على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية»
(1/356)، فقال: "وتجويز أنه قال البيت عقب الاستسقاء "وأبيض يستسقى
الغمام بوجهه" أي: يطلب السقي من السحاب بذاته... ثمال اليتامى عصمة للأرامل،
فهذا صريح في أنه قاله عن مشاهدة، فكيف يقول الحافظ ذلك الاحتمال، ولذا تعجب منه
شارح الهمزية، وقال: إنه غفل عن رواية ابن عساكر هذه إذ لو استحضرها لم يبد هذا
الاحتمال".
·
إسناد خامس للقصة:
والرواية
المُشار إليها التي أخرجها ابن عساكر لم أجدها فيما طُبع من «تاريخه»، وهي في «مختصر
تاريخ دمشق» لابن منظور (2/161).
وقد
ذكرها الذهبي في «تاريخ الإسلام» (1/500): وقال إِبْرَاهِيمُ بنُ مُحَمَّدٍ
الشَّافِعِيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبَانِ بنِ الوَلِيدِ، عَنْ أَبَانِ بنِ
تَغْلِبَ، قال: حَدَّثَنِي جُلْهُمَةُ بنُ عرْفُطَةَ قال: «إِنِّي
لَبِالْقَاعِ مِنْ نَمِرَةَ، إِذْ أَقْبَلَتْ عِيرٌ مِنْ أَعْلَى نَجْدٍ، فَلَمَّا
حَاذَتِ الْكَعْبَةَ إِذَا غُلَامٌ قَدْ رَمَى بِنَفْسِهِ عَنْ عَجُزِ بَعِيرٍ،
فَجَاءَ حَتَّى تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ نَادَى يَا رَبَّ
البِنَيَّةِ أَجِرْنِي؛ وَإِذَا شَيْخٌ وَسِيمٌ قَسِيمٌ عَلَيْهِ بَهَاءُ
الْمُلْكِ وَوَقَارُ الْحُكَمَاءِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ يَا غُلَامُ، فَأَنَا
مِنْ آلِ اللَّهِ وَأُجِيرُ مَنِ اسْتَجَارَ بِهِ؟ قَالَ: إِنَّ أَبِي مَاتَ
وَأَنَا صَغِيرٌ، وَإِنَّ هَذَا اسْتَعْبَدَنِي، وَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّ
لِلَّهِ بَيْتًا يَمْنَعُ مِنَ الظُّلْمِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ اسْتَجَرْتُ بِهِ.
فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ: قَدْ أَجَرْتُكَ يَا غُلَامُ، قَالَ: وَحَبَسَ اللَّهُ
يد الْجُنْدَعِيِّ إِلَى عُنُقِهِ. قَالَ جُلْهُمَةُ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا
الْحَدِيثِ عَمْرَو بْنَ خَارِجَةَ وَكَانَ قُعْدُدَ الْحَيِّ، فَقَالَ: إِنَّ
لِهَذَا الشَّيْخِ ابْنًا يَعْنِي أَبَا طَالِبٍ.
قَالَ:
فَهَوَيْتُ رَحْلِي نَحْوَ تِهَامَةَ، أَكْسَعُ بها الجدود، وأعلو بها الكذان،
حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِذَا قُرَيْشٌ عِزِينٌ، قَدِ
ارْتَفَعَتْ لَهُمْ ضَوْضَاءُ يَسْتَسْقُونَ، فَقَائِلٌ منهم يقول: اعتمدوا اللات
والعزّى؛ وقائل يقول: اعتمدوا لمناة الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى.
وَقَالَ
شَيْخٌ وَسِيمٌ قَسِيمٌ حَسَنُ الْوَجْهِ جَيِّدُ الرَّأْيِ: أَنَّى تُؤْفَكُونَ
وَفِيكُمْ بَاقِيَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسُلَالَةُ إِسْمَاعِيلَ؟
قَالُوا لَهُ: كَأَنَّكَ عَنَيْتَ أَبَا طَالِبٍ. قَالَ: إِيهًا. فَقَامُوا
بِأَجْمَعِهِمْ، وَقُمْتُ مَعَهُمْ فَدَقَقْنَا عَلَيْهِ بَابَهُ، فَخَرَجَ إلينا
رجل حسن الوجه مصفّر، عَلَيْهِ إِزَارٌ قَدِ اتَّشَحَ بِهِ، فَثَارُوا إِلَيْهِ
فقالوا: يا أبا طالب أقحط الْوَادِي، وَأَجْدَبَ الْعِبَادُ فَهَلُمَّ
فَاسْتَسْقِ؛ فَقَالَ: رُوَيْدَكُمْ زَوَالَ الشَّمْسِ وَهُبُوبَ الرِّيحِ؛
فَلَمَّا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ، خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ مَعَهُ غُلَامٌ
كأنّه شمس دُجُنٌّ تَجَلَّتْ عَنْهُ سَحَابَةٌ قَتْمَاءُ، وَحَوْلَهُ
أُغَيْلِمَةٌ؛ فَأَخَذَهُ أَبُو طَالِبٍ فَأَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِالْكَعْبَةِ،
وَلَاذَ بأصبعه الْغُلَامُ، وَبَصْبَصَتِ الْأُغَيْلِمَةُ حَوْلَهُ وَمَا فِي
السَّمَاءِ قزعة، فأقبل السّحاب من ها هنا وها هنا وَأَغْدَقَ وَاغْدَوْدَقَ
وَانْفَجَرَ لَهُ الْوَادِي، وَأَخْصَبَ النَّادِي وَالْبَادِي؛ وَفِي ذَلِكَ
يَقُولُ أَبُو طَالِبٍ:
وَأَبْيَضُ
يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ
لِلْأَرَامِلِ
يطيف
بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمْ عِنْدَهُ في نعمة وفضائل
وَمِيزَانُ
عَدْلٍ لَا يَخِيسُ شُعَيْرَةً ... وَوَزَّانُ صِدْقٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ».
قلت:
أبان
بن تغلب المعروف هو القارئ من خيار أهل الكوفة مات سنة إحدى وأربعين ومائة، وجلهمة
الذي يُحدث بهذا مجهول وينبغي أن يكون في الجاهلية لأنه يُخبر أنه رأى النبي صلى
الله عليه وسلم وهو غلام، فيستحيل أن يكون أبان هذا سمع منه!!! وقوله: "حدثني
جلهمة" لا يصح!
والوليد
بن أبان قد يكون هو: ابن هشام المعيطي الذي يروي عن الزهري! وهو مجهول كما قال أبو
حاتم. وإن لم يكن هو فهو مجهول على كل الأحوال.
فهذه
القصة لا تصح أيضاً بهذا الإسناد، ولا تصلح للاحتجاج بها.
·
الحديث الثالث عشر: أثر تفرد به
عبدالرحمن عن أبيه عن ابن عمر!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب المغازي، بَابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، (5/140) (4243) قال:
حَدَّثَنَا
الحَسَنُ، قال: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بنُ حَبِيبٍ، قال: حَدَّثَنَا
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابنِ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: «مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتَحْنَا
خَيْبَرَ».
قلت:
هذا
الحديث لا يُروى عن ابن عمر إلا من هذا الطريق! تفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار عن أبيه!
وقد
ذكر البخاري قبله حديث عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،
قَالَتْ: «لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ».
فكأنه
أخرج حديث ابن عمر في الشواهد وجعله في آخر الباب، لكن حديث عائشة فسّر الشبع أنه
من التمر.
·
فائدة حول شيخ البخاري في الحديث:
قال
ابن حجر في «الفتح» (7/495): "الحسن: هُوَ بن مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَاحِ
الزَّعْفَرَانِيُّ، وَقَعَ مَنْسُوبًا فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بنِ السَّكَنِ.
وقَالَ: الكَلَابَاذِيُّ: يُقَالُ إِنَّهُ الزَّعْفَرَانِيُّ، وأَمَّا الحَاكِمُ
فَقَالَ: هُوَ الحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ - يَعْنِي البَلْخِيَّ، أَحَدُ الحُفَّاظِ
وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِ الْبُخَارِيِّ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ
سَنَةً وَهُوَ شَابٌّ".
·
الحديث الرابع عشر: حديث علّقه
لعبدالرحمن ولا يصح!
أخرج
البخاري في «صحيحه»، كتاب الجهاد، بَاب الحراسة فِي الغَزْو في سبيل الله، (4/34)
(2886)، قال:
حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ - يَعْنِي ابنَ عَيَّاشٍ -،
عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ: «تَعِسَ عَبْدُ
الدِّينَارِ، والدِّرْهَمِ، والقَطِيفَةِ، والخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ
لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ».
قال
البخاري: "لمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ، عَنْ
أَبِي حَصِينٍ".
قال:
وزَادَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ
بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تَعِسَ عَبْدُ
الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ،
وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ،
طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ
رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، كَانَ فِي
الحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ
لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ».
وقَالَ:
"فَتَعْسًا: كَأَنَّهُ يَقُولُ: فَأَتْعَسَهُمُ اللَّهُ"، "طُوبَى:
فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ طَيِّبٍ، وَهِيَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الوَاوِ وَهِيَ
مِنْ يَطِيبُ".
قلت:
أخرج
البخاري حديث أبي حَصين عن أبي صالح عن أبي هريرة، واختار الرواية المرفوعة التي
رواها أبو بكر بن عياش، ونبّه إلى مخالفة إسرائيل ومحمد بن جحادة له فوقفاه على
أبي هريرة، وهذا الحديث لا علاقة له بالكتاب ولا الباب الذي أورده فيه!!! وسيأتي
الكلام على ذلك لاحقاً إن شاء الله.
وعلّق
البخاري رواية عَمْرو بن مرزوق عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ
دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وفيها زيادة
في متنها!
وسبب
تعليقه لها ضعف عمرو بن مرزوق وتفرده بهذه الرواية عن عبدالرحمن بهذا الإسناد!!
والزيادة أيضاً في متنها!!!
وهذا
التعليق هو المقصود بما يتعلق بالكتاب والباب الذي ذكره تحته البخاري، وهو ما جاء
فيه في «الحراسة في سبيل الله»!!!
فأراد
البخاري أن يأتي بأصل الحديث، وما جاء في إسناد آخر من زيادة في الحديث لها تعلّق
بالباب الذي ذكره وإن كان ضعيفاً، وهذا منهجه في الاستئناس ببعض الألفاظ الضعيفة
بما يتعلق بتبويبه فقط، كما أنه أحياناً يبوّب بالأحاديث الضعيفة، فهذا يكون
خارجاً عن أصل الصحيح في كتابه.
·
تخريج حديث عمرو بن مرزوق الباهلي
البصري:
وحديث
عمرو:
أخرجه
البزار في «مسنده» (15/381) (8983) عن أبيه عمرو بن عبدالخالق.
والطبراني
في «المعجم الأوسط» (3/94) (2595) عن أبي مُسلمٍ الكَشيّ إبراهيم بن عبدالله.
والبيهقي
في «السنن الكبرى» (9/268) (18498) من طريق أَحْمَد بن جَعْفَرٍ القَطِيعِيّ، وأَحْمَد
بن عُبَيْدٍ الصَّفَّار، كلاهما عن أَبي مُسْلِمٍ.
وفيه
(10/414) (21149)، وفي «شعب الإيمان» (6/142) (3984) من طريق يُوسُف بن يَعْقُوبَ بن
إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن زيد القاضي.
والبيهقي
في «شعب الإيمان» شعب الإيمان (13/28) (9904) من طريق إِبْرَاهِيم بن عَبْدِاللهِ الكشي
البَصْرِيّ.
ثلاثتهم
(عمرو بن عبدالخالق، وأبو مسلم الكشي، ويوسف بن يعقوب) عن عَمْرو بن مَرْزُوقٍ، عن
عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به، مرفوعاً.
قال
البيهقي في الموضع الأول من «السنن الكبرى»، وفي كلا الموضعين من «شعب الإيمان»:
"رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرِو بنِ مَرْزُوقٍ".
وقال
في الموضع الثاني من «السنن الكبرى» (10/414): "أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ، فقالَ: وقال عَمْرٌو، فَذَكَرَهُ".
قلت:
كان ينبغي له أن لا يطلق الكلام في الموضع الأول، وكلا الموضعين من الشعب حتى لا
يُفهم أن البخاري أسنده، وقد بيّنه كما فعل في الموضع الثاني بأنه لم يسنده وإنما
علّقه.
وهذا
الحديث تفرد به عمرو بن مرزوق الباهلي عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، بهذا
الإسناد!!
·
حال عمرو بن مرزوق:
وعمرو
بن مرزوق مختلف فيه! وثقه بعضهم، وضعفه آخرون، وهو صدوق، إلا أنه لا يُحتج بما
انفرد به!
وقال
ابن الجنيد: سمعت يحيى بن معين - وسئل عن عمرو بن مرزوق الباهلي-؟، فقال: "ثقة".
وقال
عباس الدوري عن ابن معين: "لَيْسَ بِهِ بَأْس".
وقَال
مُحَمَّد بْن عِيسَى بن السكن الواسطي المعروف بابن أَبي قماش: سألت يحيى بْن
مَعِين عنه؟ فقال: "ثقة مأمون صاحب غزو وقرآن وفضل، وحمده جدا".
وقال
ابن سعد: "وكان ثقة كثير الحديث عن شعبة".
وقال
عبدالله بن أحمد: سَأَلت أَبِي عَن عَمْرو بن مَرْزُوق؟ فقال: "كَانَ صَاحب
خير، كَانَ غزاءً"، ثُمّ قَالَ: "قَالَ عَفَّان: كَانَ عَمْرو بن
مَرْزُوق صَاحب أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ يطْلب مَعَه الحَدِيث".
وقال
الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِاللَّهِ، - وسُئِلَ عَنْ عَمْرِو بنِ
مَرْزُوقٍ -؟، فقال: "مَا لِي بِهِ عِلْمٌ"، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ
يَقُولُونَ كَانَ مُخْتَلِفًا مَعَ أَبِي دَاوُدَ؟ فقال أَبُو عَبْدِاللَّهِ: "كَمْ
رَوَى عَن شُعْبَةُ؟" فَقِيلَ: نَحْوَ ثَلَاثَةِ آلَافٍ، فَقَالَ: "كَانَ
أَبُو دَاوُدَ يَرْوِي أَكْثَرَ"، ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ عَمْرَو
بْنَ مَرْزُوقٍ فَقَالَ: "كَانَ صَاحِبَ غَزْوٍ وَخَيرٍ".
وقال
أبو زرعة الرازي: سمعت أحمد بن حنبل - وقلت له: إن علي بن المديني تكلم في عمرو بن
مرزوق؟، فقال: "عمرو بن مرزوق رجل صالح، لا أدري ما يقول علي"!
قال
أبو زرعة: وبلغني عن أحمد بن حنبل أنه قال: "عفان كان يرضى عمرو بن مرزوق،
ومن كان يرضى عفان؟".
وقال
أبو بكر عبدالله بن محمد بن الفضل الأسدي: قال أحمد بن حنبل لابنه صالح حين قدم من
البصرة: لِمَ لَمْ تكتب عن عمرو بن مرزوق؟ فقال: "نهيت"، فقال: "عفان
كان يَرْضَى عمرو بن مرزوق ومن كان يُرْضِي عفان؟".
وَقَال
أَبُو عُبَيداللَّه الحداني عَنْ أَحْمَد بن حَنْبَل: "ثقة مأمون فتشنا عما
قيل فيه فلم نجد له أصلا".
وقال
أبو زرعة: سمعت سليمان بن حرب يقول: وذكر عمرو بن مرزوق، فقال: "جاء بما ليس
عندهم فحسدوه".
وقال
البرذعي: قال لي أبو زرعة في عمرو بن مرزوق: أنا أخبرك بأمره، سئل أبو الوليد -
يعني الطيالسي- عنه؟ فأثنى عليه خيرا، فذهبوا إليه فسمعوا من أحاديث لزائدة،
وعرضوها على أبي الوليد، فقال أبو الوليد: إنما سمع هو من زائدة بعبادان. قال أبو
زرعة عنه: روى ثلاثة آلاف عن شعبة.
وقال
عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عمرو بن مرزوق؟ فقال: "ثقة، وكان من العُبَّاد،
ولم نجد من أصحاب شعبة ممن كتبنا عنه أحسن حديثًا منه".
وقَال
مُحَمَّد بن مسلم بن وارة: سألت أبا الوليد – يعني: الطيالسي - عن عَمْرو ابن مرزوق؟
فقال: "لا أقول لك فيه شيئا"! فجهدت فأبى.
وقال
عبيدالله بن عمر القراريري: "كان يحيى بن سعيد لا يرضى عمرو بن مرزوق في
الحديث".
وقال
علي بن المديني: "اتركوا حديث الفهدين والعمرين - يعني: فهد بن حيان، وفهد بن
عوف، والعمرين: عمرو بن حكّام، وعمرو بن مرزوق".
وقال
العجلي: "بصري، ضعيف، يحدث عن شعبة، ليس بشيء".
وقال
أبو الفتح الأزدي الموصلي: "عمرو بن مرزوق تكلموا في حديثه".
وقال:
"وكان سماع أبي داود وعمرو بن مرزوق من شعبة شيء واحد، وكان علي بن المديني
صديقًا لأبي داود، وكان أبو داود لا يحدث حتى يأمره علي بن المديني. وكان يحيى بن
معين يُطري عمرو بن مرزوق ويرفع ذكره لطاعة أبي داود لعلي بن المديني".
وقال
الساجي: "صدوق من أهل القرآن والجهاد، كان أبو الوليد يتكلم فيه".
وقال
ابن المديني: "ذهب حديثه".
وقال
ابن عمار الموصلي: "ليس بشيء".
وقال
ابن شاهين: "عمرو بن مرزوق البصري: كذاب ليس بشيء"!
وذكر
أبو عبدالله الحاكم أنه سأل عنه الدارقطني؟ قال: قلت: فعمرو بن مرزوق؟ قال: "صدوق
كثير الوهم".
وذكره
ابن حبان في «الثقات»، وقال: "رُبمَا أَخطَأ. لم يكثر خَطؤُهُ حَتَّى يعدل
بِهِ عَن سنَن العُدُول، وَلكنه أَتَى مِنْهُ بِمَا لَا يَنْفَكّ مِنْهُ البشر،
وَلَيْسَ الشَّيْء الَّذِي عَلَيْهِ الْعَالم مجبولون حَتَّى لَا يَنْفَكّ مِنْهُ
أحد مِنْهُم بِمُوجب من وجد ذَلِك فِيهِ قد جَاءَ مَا لم يفحش ذَلِك مِنْهُ فَإِذا
فحش اسْتحق إلزاق الوهن بِهِ حينئد".
وقال
ابن حجر: "ثقةٌ فاضلٌ له أوهامٌ".
·
التعليق على اعتراض صاحبي
التحرير!!
فتعقبه
صاحبا التحرير بشار عواد وشعيب الأرنؤوط، فقالا: "قوله: (له أوهام)، لو لم
يذكره، لكان أحسن، فهذا الرجلُ ثقةٌ كبير، قال ابن حبان: "ربما أخطأ، لم يكثر
خطؤه حتى يُعدلَ به عن سنن العُدول، ولكنه أتى بما لا يَنْفَكُّ منه البشرُ"،
وهذا قولٌ منصف. وقد قال أحمد: "ثقة مأمون فتشنا عما قيل فيه، فلم نجد له
أصلًا"، وقال ابن معين: ثقة مأمون صاحب غزو وقرآن وفضل، وحمده جدًّا. وقال
أبو زرعة: سمعت سليمان بن حرب، وذكر عمرو بن مرزوق، فقال: جاء بما ليس عندهم
فحسدوه. وقال أبو حاتم: كان ثقة من العباد، ولم نجد أحدًا من أصحاب شعبة كتبنا عنه
كان أحسن حديثًا منه. فهؤلاء أئمة الجرح والتعديل، وهم من المتشددين، فكيف يقال
عمن قيل فيه كل هذا: له أوهام؟!".
قلت:
هذا ليس من الإنصاف!! فهما - أعني بشاراً وشعيباً - قد ساقا أقوال من وثقه! وأعرضا
عن أقوال من ضعّفه!! وما هكذا تورد الإبل!!
وقولهما:
"فهؤلاء أئمة الجرح والتعديل وهم من المتشددين"!! فيه تلبيس وتدليس!!
نعم
هم من أئمة الجرح والتعديل، وهناك من أئمة هذا الفن من خالفهم! وكلامهم يوحي بأن
أئمة الجرح والتعديل اتفقوا على حاله! وليس كذلك! فقد تقدمت أقوال غيرهم من أئمة
هذا الفن في تضعيفه!
وهذه
الدندنة حول مسألة تشدد فلان في الجرح فيها نظر!!! فكل إمام قد تجده يتشدد في بعض
الرواة في حين يخالفه غيره، ويتساهل في بعضهم ويخالفه غيره، فهي مسألة غير منضبطة.
وأين
هما عن قول الدارقطني – وهو من أئمة هذا الفن -: "صدوق كثير الوهم"!!!
والراجح
عندي في حال عمرو بن مرزوق أنه صدوق الحال، وله بعض الأوهام، ولا يحتج بما انفرد
به.
وقد
روى عنه البخاري مقروناً بغيره.
وذكر
الحافظ ابن حجر أن البخاري لم يخرج له إلا حديثين، أحدهما متابعة والآخر مقرونًا
ثم قال: "فوضح أنه لم يخرج له احتجاجًا، والله أعلم".
·
متابعة أبي داود الطيالسي لعمرو
بن مرزوق!
أخرج
البزار في «مسنده» (15/381) (8982) قبل رواية عمرو بن مرزوق لهذا الحديث متابعة
له، فقال:
حَدَّثَنا
عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ - فيما أحسب -، قَال: حَدَّثنا أَبُو داود الطيالسي، قَال:
حَدَّثنا عَبدالرَّحْمَنِ بنُ عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَن أَبِيه، عَن أبي
صالح، عَن أبي هُرَيرة، نحوه.
قلت:
إن
صحت هذه الرواية عن أبي داود الطيالسي فتكون متابعة جيدة لعمرو بن مرزوق، وعليه
يكون التفرد في هذا الحديث من قِبل عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه!!!
لكن
قول البزار فيه: "حَدَّثَنا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ - فيما أحسب -..." يوحي
بأنه ربما وقع له وهم في هذا لقوله: "فيما أحسب"!!! لأن هذا الحديث لا
يُعرف أن أبا داود الطيالسي حدّث به! ولا أعرف أن أبا داود الطيالسي روى عن
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار!
ويُحتمل
أنه إن حدّث به يكون هو حديث عمرو بن مرزوق؛ لأن كتب عمرو بن مرزوق كانت عند أبي
داود الطيالسي، وكانا يطلبان الحديث مع بعضهما.
قال
عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: قلت لأبي سلمة موسى بن إسماعيل: كتب عمرو
بن مرزوق الحديث مع أبي داود الطيالسي؟ فغضب! وقال: "أبو داود كان يطلب
الحديث مع عمرو بن مرزوق".
قلت:
في كلامه تقديم عمرو على أبي داود الطيالسي.
وقال
سَعِيد بن سعد البخاري نزيل الريّ: سمعت مسلم بن إبراهيم يقول: "كانت الكتب
التي عند أَبِي داود لعَمْرو بن مرزوق، وكان عَمْرو رجلا غزّاء يغزو في البحر،
وكانت الكتب عند أَبِي داود إلى أن مات أَبُو داود، فلما مات أبو داود حولها
عَمْرو بن مرزوق".
قال
سَعِيد بن سعد: فقال لي عَلِيّ بن المديني: اختلف إلى مسلم بن إبراهيم ودع عَمْرو
بن مرزوق، فأتيت مسلمًا في يوم مجلس عَمْرو بن مرزوق، فقال لي: اليوم يجلس عَمْرو بن
مرزوق. كيف جئتني؟ فقلت: إن عَلِيّ بن المديني أمرني أن آتيك.
قلت:
فلعله إن ثبت أن الطيالسي حدّث به عنه فيرجع إلى حديث عمرو بن مرزوق؛ لأنه كان
يصحبه في الطلب، وفي توجيه ابن المديني لسعيد بن سعد أن يحضر مجلس مسلم بن إبراهيم
الأزدي البصري الحافظ لا مجلس عمرو بن مرزوق توهين ابن المديني لعمرو، والله أعلم.
ولو
ثبت أن أبا داود الطيالسي تابع عمرو بن مرزوق عليه، فيكون الحديث تفرد به عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار عن أبيه!
لكن
رُوي أنّ صفوان بن سُليم المدنيّ الثقة تابعه عليه!!
·
هل تابع صفوان بن سُليم عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار!
أخرجه
ابن ماجه في «سننه» (5/249) (4136) قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بنُ حُمَيْد بن
كَاسِب، قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بن سليم، عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ
الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا
انْتَقَشَ».
وأخرجه
ابن عساكر في «تاريخه» (51/218) من طريق أبي عثمان سَعِيد بن يحيى بن كثير
الأَنْصارِيّ، عن إسحاق - يعني: ابن إبراهيم، عن صفوان - يعني: ابن سليم – قال:
قال عبدالله بن دينار: قال أبو صالح: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الحلة وعبد الخميصة، تعس ونكس، وإذا شيك
فلا انتقش. طوبى لعبد مغبر قدمه في سبيل الله شعث رأسه إذا كانت الساقة كان فيهم،
وإذا كان الحرس كان فيهم، إن شفع لم يشفع وإن استأذن لم يؤذن، له طوبى له ثم طوبى
له».
قلت:
تفرد
به عن صفوان: إسحاق بن سعيد، وهو: إسحاق بن إبراهيم بن سَعِيد المدني، وهو ليس
بشيء، منكر الحديث!
قال
ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: "هو لين الحديث".
قال:
وسألت أبا زرعة عنه؟ فقال: "ليس بقوي، منكر الحديث".
وذكره
ابن حبان في الطبقة الرابعة من الثقات، وقال: "كَانَ يخطىء".
وقال
الباغندي: "عنده مناكير".
فهذه
المتابعة لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار لا تصح!
والذي
أميل إليه أن الحديث تفرد به عمرو بن مرزوق عنه، ورواية الطيالسي عنه فيها نظر،
والله أعلم.
والخلاصة
أن هذه الرواية منكرة!
·
رواية أخرى لهذا الحديث عن
عبدالله بن دينار! وهي منكرة!
روى
ابن عدي في «الكامل» (3/125) عن السَّاجِيّ.
وفيه
(7/521) عن عَبدالرَّحْمَنِ بن عَبدالْمُؤْمِنِ.
كلاهما
(الساجي، وعبدالرحمن) عن مُحَمد بن ميمون الخياط، قال: حَدَّثَنا مُحَمد بنُ المَنَاذِرِ
الشَّاعِرُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عنِ ابنِ
عُمَر قَال: قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ: «تَعِسَ عَبد
الدِّينَارِ، وَعَبد الدِّرْهَمِ، وَعَبد الْخَمِيصَةِ، وَإذا شِيكَ فَلا
انْتُقِشَ».
قال
ابن عدي: "وهذا لا أعرفه عن عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ إِلا مِنْ رِوَايَةِ
الحَسَنِ بنِ دِينَارٍ عنه، وعنه ابن مُنَاذِرٍ، وَمُحمد بنُ مُنَاذِرٍ لَمْ
يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيثِ وكَانَ الغَالِبُ عَلَيْهِ المُجُونُ واللَّهْوُ".
وقال
في الموضع الآخر: "وهذا الحَدِيثُ لا نَعْرِفُهُ عَنْ عَبداللَّهِ بنِ
دِينَارٍ، عنِ ابنِ عُمَر إِلا مِنْ حَدِيثِ الحَسَنِ بنِ دينار، وعنه ابن
مُنَاذِرٍ، وإِنَّما روي هذا عَنْ عَبدالرَّحْمَنِ بنُ عَبداللَّهِ بْنِ دِينَارٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَن أَبِي صَالِحٍ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ".
قلت:
ابن
مُناذر الشاعر ليس بثقة!
قال
إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين: "لم يكن بثقة، ولا مأمون، رجل سوء نفي من البصرة.
وذكر عنه مجونا وغير ذلك"، فقلت: إنما نكتب عنه شعرا وحكايات عن الخليل بن
أحمد! فقال: "هذا نعم"، كأنه لم ير بهذا بأسا، ولم يره موضعا للحديث.
وقال
عباس الدوري: سَمِعت يحيى يَقُول: وَذكرت لَهُ شَيخنَا كَانَ يلْزم سُفْيَان بن
عُيَيْنَة يُقَال لَهُ ابن مناذر، فقالَ: "أعرفهُ كَانَ صَاحب شعر، وَلم يكن
من أَصْحَاب الحَدِيث، وَكَانَ يُرْسل العقارب فِي مَسْجِد الحَرَام حَتَّى تلسع
النَّاس، وَكَانَ يصب المداد فِي المَوَاضِع الَّتِي يتوضى مِنْهَا حَتَّى تسود
وُجُوه النَّاس! لَيْسَ يرْوي عَنهُ رجل فِيهِ خير".
وقال
العَبَّاس الدوري: سَمِعت بعض أَصْحَابنَا يَقُول: سَمِعت أَبَا عبدالله أَحْمد بن
حَنْبَل يَقُول: "كانَ ابن مناذر زنديقا".
وقال
السَّاجِي: "عنده مناكير".
وقال
ابن حبان: "كَانَ مَاجِنًا مظْهرا للمجون لا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ".
والحسن
بن دينار وهو الحسن بن واصل، بصري متروك الحديث، ليس بشيء!!
·
تخريج البخاري للحديث المرفوع في «صحيحه»!
أخرج
البخاري الحديث بدون الزيادة التي زادها عمرو بن مرزوق كما سبق، وأخرجه أيضاً في «صحيحه»،
كتاب الرقاق، بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ المَالِ، وَقَوْلِ اللَّهِ
تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]، (8/92)
(6435)، قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ
أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعِسَ عَبْدُ
الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ،
وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ».
وأخرجه
ابن ماجه في «سننه»، كتاب الزهد، (2/1385) (4135) عن الحَسَن بن حَمَّادٍ.
والبزار
في «مسنده» (15/391) (9009) من طريق عَاصِم بن يوسف اليربوعي.
وأبو
يعلى الموصلي في «معجمه» (ص: 128) (134) عن الحَسَن بن حَمَّادٍ سَجَّادَة.
وابن
حبان في «صحيحه» (8/12) (3218) عن أَبي يَعْلَى المَوْصِلِي.
والبيهقي
في «سننه» (10/414) (21148) من طريق يَحْيَى بن يُوسُفَ الزِّمِّيّ، ومُسْلِم بن
سَلَّامٍ.
كلهم
عن أبي بَكْرِ بن عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصَيْنٍ عثمان بن عاصم الكوفي.
وقد
أشار البخاري إلى الاختلاف فيه على أبي حصين:
فرواه
أبو بكر بن عياش، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وخالفه:
إِسْرَائِيلُ بن يونس ابن أبي إسحاق السبيعي، وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ، فروياه عَنْ
أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، موقوفاً.
ولم
يقف ابن حجر على رواية إسرائيل ومحمد بن جحادة.
وقال
في «الفتح» (11/254): "قال الْإِسْمَاعِيلِيُّ: وَافَقَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى
رَفْعِهِ: شَرِيكٌ القَاضِي وقَيْسُ بنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي حَصِينٍ، وخَالَفَهُمْ
إِسْرَائِيلُ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ مَوْقُوفًا. قُلْتُ: إِسْرَائِيلُ
أَثْبَتُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّ اجْتِمَاعَ الجَمَاعَةِ يُقَاوِمُ ذَلِكَ،
وَحِينَئِذٍ تَتِمُّ المُعَارَضَةُ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالوَقْفِ فَيَكُونُ الحُكْمُ
لِلرَّفْعِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ".
قلت:
اقتصر هنا على ذكر مخالفة إسرائيل فقط؛ لأنه وقع في بعض نسخ البخاري ذكره فقط، لكن
الأصح أنه ذكر إسرائيل ومحمد بن جحادة كما في كتب الشروح، وكذا تحفة المزي.
وعليه
فإن أبا بكر بن عياش، وشريك القاضي، وقيس بن الربيع، رفعوه! وخالفهم إسرائيل،
ومحمد بن جحادة فوقفوه، فهذه جماعة مقابل جماعة، لكن إسرائيل ومحمد بن جحادة أوثق
بمئات المرات من الجماعة الأولى! بل إن شريك القاضي وقيس بن الربيع متفق على
ضعفهم، فرفعهم للحديث وهم منهما!
واعتماد
البخاري على رواية أبي بكر بن عياش المرفوعة! لكن إسرائيل أوثق منه وأثبت، فكيف
إذا وافق إسرائيل على وقفه الثقة الثبت محمد بن جحادة!!!
وأبو
بكر بن عياش كان يخطئ في حديثه!
قَال
عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال: "أبو بكر بن عياش: ثقة، وربما غلط".
وقال
مهنأ: سألت أحمد: أبو بكر بن عياش أحبّ إليك أو إسرائيل؟ قال: "إسرائيل".
قلت: لم؟ قال: "لأن أبا بكر كثير الخطأ جدا"، قلت: كان في كتبه خطأ؟ قال:
"لا، كان إذا حدث من حفظه".
وقال
يعقوب بن شيبة: "شيخ قديم معروف بالصلاح البارع، وكان له فقه كثير وعلم
بأخبار الناس، ورواية للحديث، يعرف له سنة وفضل، وفي حديثه اضطراب".
وقال
علي بن المديني عن يحيى بن سعيد: "لو كان أبو بكر بن عياش حاضرا ما سألته عن
شيء"، ثم قال: "إسرائيل فوق أبي بكر"، وكان يحيى بن سعيد إذا ذكر
عنده كلح وجهه.
وقال
أبو نُعيم: "لم يكن في شيوخنا أحد أكثر غلطا منه".
وقال
البزار: "لم يكن بالحافظ، وقد حدث عنه أهل العلم واحتملوا حديثه".
وقال
الساجي: "صدوق يهم".
وقال
الحاكم أبو أحمد: "ليس بالحافظ عندهم".
وقال
الذهبي: "صدوق ثبت في القراءة، لكنه في الحديث يغلط ويهم. وقد أخرج له
البخاري، وهو صالح الحديث، لكن ضعّفه محمد بن عبدالله بن نمير".
وقال
ابن حجر: "ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح".
وعليه
فالصواب في الحديث أنه موقوف على أبي هريرة كما رواه إسرائيل بن يونس، ومحمد بن
جحادة، ووهم من رفعه!!
فالحديث
من قول أبي هريرة.
وقد
روى ابن المبارك في «الزهد» (1/197) (562) قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بنُ سَبْرَةَ،
قَالَ: سَمِعْتُ المَقْبُرِيَّ يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «تَعِسَ عَبْدُ
الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، بَادِرُوا النَّوْكَى المُكِبِّينَ عَلَى
الدُّنْيَا».
قلت:
عيسى بن سبرة: متروك الحديث!
وأخرجه
أبو الشيخ الأصبهاني في «أمثال الحديث» (ص: 154) (116) من طريق ابن نُمَيْرٍ، عن
إِسْمَاعِيل بن رَافِعٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعِسَ عَبْدُ
الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الدِّينَارِ، وَتَعِسَ عَبْدُ الْحُلَّةِ، تَعِسَ عَبْدُ
الْقَطِيفَةِ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا
انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ عَرَّسَ جِلْدَهُ، دَنَّسَ ثِيَابَهُ، يَكُونُ
بِالنَّهَارِ عَلَى السَّاقَةِ وَبِاللَّيْلِ فِي الْحَرَسِ، إِنَّ حَقًّا عَلَى
اللَّهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنَ الْحُورِ».
قلت:
إِسْمَاعِيل بن رافع بن عويمر الأَنْصارِيّ، أَبُو رافع القاص المدني، نزيل البصرة:
منكر الحديث، ليس بشيء!
·
تنبيه على خطأ في مطبوع «السنن
الكبرى» للبيهقي!
قال
البيهقي بعد تخريج الحديث في الموضع السابق: "رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بنِ يُوسُفَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ
مُسْلِمِ بنِ سَلَّامٍ".
كذا
في المطبوع!! "ورواه مسلم"!! وهو خطأ!! فمسلم لم يخرّجه! بل لم يخرج
لمسلم بن سلّام مطلقاً.
«قطف الأزهار» في
كشف علل حديث «عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار»!
بعد
أن تكلمنا على الأحاديث الأربعة عشر التي خرّجها البخاري لعبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار في «صحيحه»، وجدت من باب إتمام الفائدة الكلام على بقية أحاديثه خارج «الصحيح».
ومما
وقفت عليه من ذلك:
·
الحديث الأول: حديث تفرد به عن
أبيه عن أبي صالح! وهو مشهور عن أبي صالح من غير طريق أبيه.
أخرج
أحمد في «مسنده» (16/438) (10753) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنَا
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَوْكٍ، فَنَحَّاهُ عَنِ الطَّرِيقِ،
فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ».
وأخرجه
البزار في «مسنده» (15/382) (8985) في أفراد عبدالرحمن: عن عَبدة، عن عَبدالصمد،
به.
وهذا
الحديث لم يروه عن عبدالله بن دينار إلا ابنه عبدالرحمن!
وهو
محفوظ من طرق أخرى عند المدنيين من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة.
رواه
مالك في «موطئه» (1/131) (6) عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، إِذْ وَجَدَ
غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ
لَهُ».
وَقَالَ:
«الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ
الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
وَقَالَ:
«لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ
يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ
مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي
الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».
وأخرجه
البخاري في «صحيحه» (1/132) (652) عن قُتَيْبَة.
ومسلم
في «صحيحه» (3/1521) (1914) عن يَحْيَى بن يَحْيَى.
كلاهما
عن مَالِكٍ، به، بطوله.
ورواه
الحميدي في «مسنده» (2/280) (1174)، وأحمد في «مسنده» (13/235) (7841) عن سُفْيَان
بن عُيَيْنَةَ.
ورواه
أحمد أيضاً في «مسنده» (14/194) (8498) عن عَفَّان، عن وُهَيْب.
و
(15/139) (9246) عن خَلَف بن الوَلِيدِ، عن إسماعيل بن عَيَّاشٍ.
وابن
المقرئ في «معجمه» (ص: 215) (683) من طريق عَبَّاس الدُّورِيّ، عن خَالِد بن
مَخْلَدٍ، عن سُلَيْمَان بن بِلَالٍ.
كلهم
عن سُهَيْل بن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ رَجُلًا مَرَّ بِغُصْنٍ مِنْ
شَوْكٍ فَرَفَعَهُ عَنِ الطَّرِيقِ، فَغُفِرَ لَهُ». وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ:
«فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ».
وفي
رواية أحمد عن سفيان موقوف.
قَالَ
عَبْدُاللهِ بن أحمد: "وَهَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعٌ وَلَكِنْ سُفْيَانُ
قَصَّرَ فِي رَفْعِهِ".
ورواه
مسلم في «صحيحه» (4/2021) (1914) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، عن عُبَيْداللهِ
بن موسى، عن شَيْبَان بن عبدالرحمن، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا
مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ».
وروى
مسلم أيضاً بعده عن مُحَمَّد بن حَاتِمٍ، عن بَهْز، عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، عَنْ
ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ شَجَرَةً كَانَتْ تُؤْذِي
الْمُسْلِمِينَ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَطَعَهَا، فَدَخَلَ الْجَنَّةَ».
ورواه
أحمد في «مسنده» (16/198) (10289) عن عَبْدالرَّحْمَنِ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنِ العَلَاءِ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، بنحوه.
ورواه
أيضاً (15/418) (9669) عن ابن نُمَيْرٍ، عن هِشَام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «غُفِرَ
لِرَجُلٍ نَحَّى غُصْنَ شَوْكٍ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ».
فالحديث
معروف ومشهور عن أبي هريرة، ومشهور من حديث أبي صالح السمان، رواه عنه: سُمي،
وسهيل.
وأما
طريق عبدالله بن دينار عن أبي صالح، فقد تفرد بها عنه ابنه!
·
الحديث الثاني: حديث تفرد به
عبدالرحمن، وفيه نكارة!!
أخرج
أحمد في «مسنده» (16/543) (10931).
وابن
أبي عاصم في «السنّة» (1/271) (611) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ.
والبزار
في «مسنده» (15/252) (8713) عن الفَضْل بن سَهْل، وَإِبْرَاهِيم بن زِيَادٍ الصائغ.
أربعتهم
(أحمد، وابن أبي شيبة، والفضل، والصائغ) عن الحَسَن بن مُوسَى الأشيب.
وأخرجه
أحمد في «مسنده» (14/134) (8410).
والبيهقي
في «البعث والنشور» (ص: 314) (566)، والخطيب البغدادي في «الكفاية» (ص243) من طريق
أَحْمَد بن الخَلِيلِ.
كلاهما
(أحمد، وأحمد بن الخليل) عن أَبي النَّضْرِ هاشم بن القاسم.
وأخرجه
ابن عدي في «الكامل» (5/488) من طريق مُحَمد بن عَبدالحَكَمِ القِطْرِيّ، عن آدم
بن أبي إياس.
ثلاثتهم
(الحسن الأشيب، وأبو النضر، وآدم) عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللهِ بنِ
دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضِرْسُ
الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ البَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ
كَمَا بَيْنَ قُدَيْدٍ، وَمَكَّةَ، وَكَثَافَةُ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ
ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الجَبَّارِ».
واقتصر
آدم في روايته على لفظ: «مَقْعَدُ الرِّجَلِ مِنَ النَّارِ كَمَا بين قديد ومكة».
قال
البزار: "هذا الحَدِيثُ لا نَعْلَمُ رواه عَن زَيد بنِ أَسْلَمَ، عَن عَطاء
بْنِ يسار، عَن أبي هُرَيرة إلاَّ عَبدالرَّحْمَنِ بنُ عَبداللَّهِ بْنِ دِينَارٍ،
ورواه غير واحد عن عَبدالرحمن".
وقال
ابن حجر في «الفتح» (11/423): "وأَخْرَجَهُ البَزَّارُ مِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ بِلَفْظِ: غِلَظُ جِلْدِ
الْكَافِرِ وَكَثَافَةُ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الجَبَّارِ".
وحسّن
إسناده الألباني في تخريجه لكتاب «السنة» (1/271)، وذكره في «صحيحته» (1105)،
وصححه بمجموع طريقه!! ولم يتنبّه لما في متنه من نكارة!!
وذكره
ابن عدي في منكرات «عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار» في ترجمته في «الكامل».
ولم
يروه عن زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
بهذا الإسناد إلا هو! وله طرق أخرى عن أبي هريرة فيها نظر أيضاً!
·
طريق آخر عن أبي هريرة!
وقد
أخرج مسلم في «صحيحه» (4/2189) (2851) عن سُرَيْج بن يُونُسَ، قال: حَدَّثَنَا
حُمَيْدُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، عَنْ هَارُونَ بنِ
سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضِرْسُ الكَافِرِ - أَوْ نَابُ الكَافِرِ -
مِثْلُ أُحُدٍ، وغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ».
وأخرجه
الطبراني في «المعجم الأوسط» (8/94) (8073) عن مُوسَى بن هَارُونَ.
وابن
عدي في «الكامل» (8/439) في ترجمة «هارون بن سعد» عن إِبْرَاهِيم بن أَسْبَاطٍ.
كلاهما
عن سريج بن يُونُس، به.
وأخرجه
ابن عدي أيضاً عن عَلِيّ بن سَعِيد.
وابن
حبان في «صحيحه» (16/532) (7487) عن أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى أبي يعلى
الموصلي.
كلاهما
(علي بن سعيد، وأبو يعلى) عن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيمَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ
المَرْوَزِيّ، عن حُمَيْد بن عَبدالرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيّ، به.
قال
الطبراني: "لمْ يَرْوِ هذا الحَدِيثَ عَنْ هَارُونَ بنِ سَعْدٍ إِلَّا حَسَنُ
بنُ صَالِحٍ، وَلَا عَنْ حَسَنٍ إِلَّا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ".
قلت:
هذا الحديث تفرد به حميد بن عبدالرحمن الرؤاسي عن حسن بن صالح! ولا يُعرف عن هارون
بن سعد إلا من هذا الطريق!!
·
حال هارون بن سعد الكوفي.
وقد
أورد ابن عدي هذا الحديث في ترجمة «هارون بن سعد» من «الكامل»، وأورد له بعض
الأحاديث الأخرى، ثم قال: "وهارون بْن سعد له غير ما ذكرت أحاديث يسيرة، وليس
فِي حديثه حديث منكر فأذكره، وأرجُو أَنَّهُ لا بأس بِهِ".
قال
عباس الدوري: سمعت يَحْيى يَقُول: "وكان هَارُون بن سعد من المغلية فِي
التشيع، وكان من الخربية". [الخربية: من الشيعة الذين يرون جواز إيتاء النساء
من أدبارهن].
وقال
عثمان بن سَعِيد الدارمي: سألت يَحْيى عن هَارُون بن سعد، كيف هو؟ قال: "ليس
به بأس".
وقال
عَبداللَّهِ بن أَحْمَد: سألت أَبِي عن هَارُون بن سعد؟ فقَالَ: "روى عَنْهُ
الناس وأظنه كَانَ يتشيع، وهو صالح".
وقال
ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هارون بن سعد؟ فقال: "لا بأس به، روى عنه الثوري،
وكان خرج مع إبراهيم بن عبدالله بن الحسن، فلما هزم ابراهيم هرب إلى واسط فكتب عنه
الواسطيون".
وذكره
ابن حبان في «الثقات» (7/579) (11557) فقال: "هَارُون بن سعد العجلِيّ من أهل
الكُوفَة، يروي عَن أبي الضُّحَى".
ثم
ذكره في «المجروحين» (3/94) (1165) فقال: "هَارُون بن سعد العجلِيّ من أهل الكُوفَة،
يروي عَن الكُوفِيّين. روى عَنهُ المَسْعُودِيّ وَأهل بَلَده، كَانَ غاليا فِي
الرَّفْض، وَهُوَ رَأس الزيدية، كَانَ مِمَّن يعْتَكف عِنْد خَشَبَة زيد بن عَليّ،
وَكَانَ دَاعِيَة إِلَى مذْهبه، لا يحل الرِّوَايَة عَنهُ، ولا الِاحْتِجَاج بِهِ
بِحَال".
فتعقّبه
الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/998): "وقَدْ شَذَّ ابنُ حِبَّانَ -
كَعَوَائِدِهِ - فَقَالَ: لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، كَانَ غَالِيًا فِي
الرَّفْضِ، وَهُوَ رَأْسُ الزَّيْدِيَّةِ مِمَّنْ كَانَ يَعْتَكِفُ عِنْدَ
خَشَبَةِ زَيْدٍ الَّتِي هُوَ مَصْلُوبٌ عَلَيْهَا وَكَانَ دَاعِيَةً إِلَى
مَذْهَبِهِ.
قُلْتُ:
لَمْ يَكُنْ غَالِيًا فِي رَفْضِهِ، فَإِنَّ الرَّافِضَةَ رَفَضَتْ زَيْدَ بْنَ
عَلِيٍّ وَفَارَقَتْهُ، وَهَذَا قَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ".
لكنه
قال في «ميزان الاعتدال» (4/284): "صدوق في نفسه، لكنه رافضي بغيض".
وقال
الساجي: "كان ممن يغلو في الرفض".
وفي
كتاب أبي العرب: ذكر ابن قتيبة هارون بن سعد، وروى له شعراً يطعن فيه على الرافضة:
ألم
تر أن الرافضين تفرقوا ... وكلهمُ في جعفر قال منكرا
فطائفة
قالوا: إمام، ومنهمُ ... طوائف سمته النبي المطهرا
ومن
عجب لم أقضه جلد جفرهم ... تبرأت إلى الرحمن ممن تجفرا
برئت
إلى الرحمن من كل رافض ... يصير بباب الكفر في الدين أعورا
إذا
كف أهل الحق عن بدعة يمضي ... عليها، وإن يمضوا على الحق قصرا
وذكره
ابن شاهين في كتاب «الثقات»، وذكر أن أحمد بن حنبل قال: أظنه يتشيع.
وخرج
الحاكم حديثه في صحيحه، وكذا أبو عوانة. [إكمال تهذيب الكمال (12/108)].
قلت:
هذا الحديث غريب عنه، والتفرد به لا يُحتمل! على أن راويه «هارون» - إن ثبت عنه -
قد يكون ليس ابن سعد الكوفي بل آخر! هو: «هارون أبو محمد»!
·
هل راوي الحديث هو «هارون» آخر؟!
وهذا
يتفرد بالرواية عنه الحسن بن صالح بحديث، ويرويه عن الحسن حميد الرؤاسي، فله
الإسناد نفسه الذي يُروى به حديث «هارون بن سعد»!
قال
عبدالله بن أحمد في «العلل» (1/557) (1330) سَأَلت أبي عَن حَدِيث حسن بن صَالح،
عَن هَارُون أبي مُحَمَّد، عَن مقَاتل بن حَيَّان؟ فَقَالَ أبي: "لَيْسَ
هَذَا هَارُون بن سعد الَّذِي حدث عَنهُ شريك، هَذَا هَارُون أَبُو مُحَمَّد رجل
آخر".
وقال
في موضع آخر (3/383) (5682): - سَأَلت أَبِي عَن حَدِيث حميد الرُّؤَاسِي عَن حسن
بن صَالح، عَن هَارُون أبي مُحَمَّد قَالَ: حَدثنِي مقَاتل بن حَيَّان، عَن
قَتَادَة، عَن أنس؟ قَالَ أبي: "لَيْسَ هَذَا هَارُون بن سعد الَّذِي حدث
عَنهُ شريك، هَذَا رجل آخر يُقَال لَهُ: هَارُون أَبُو مُحَمَّد".
·
حديث هارون أبي محمد! وتحريف
فيه!!
أخرجه
الدارمي في «سننه» (4/2149) (3459) عن مُحَمَّد بن سَعِيدٍ الأصبهاني المعروف
بحمدان.
والترمذي
في «جامعه» (5/12) (2887) عن قُتَيْبَة، وسُفْيَان بن وَكِيعٍ.
وعن
أَبي مُوسَى مُحَمَّد بن المُثَنَّى، عن أَحْمَد بن سَعِيدٍ الدَّارِمِيّ، عن قُتَيْبَة.
والبزار
في «مسنده» (13/479) (7282) عن إسماعيل بن عَبدالله، عن قتيبة.
كلهم
عن حُمَيْد بن عَبْدِالرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ، عَنْ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، عَنْ
هَارُونَ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بنِ حَيَّانَ، عَنْ
قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَإِنَّ قَلْبَ الْقُرْآنِ يس، مَنْ
قَرَأَهَا، فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ عَشْرَ مَرَّاتٍ».
قال
الترمذي: "هذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدِ
بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، وَبِالبَصْرَةِ لاَ يَعْرِفُونَه مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ
إِلاَّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ. وَهَارُونُ أَبُو مُحَمَّدٍ شَيْخٌ مَجْهُولٌ... وَفِي
البَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَلاَ يَصِحُّ مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ
وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".
قلت:
لم يتفرد به حميد الرؤاسي، بل توبع عليه. تابعه: عبدالله بن داود الخريبي.
أخرجه
محمد بن نصر المروزي في «مختصر قيام الليل» (ص: 168) قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ
عَلِيٍّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ عَبْدِاللَّهِ بنِ دَاوُدَ، عَنْ حَسَنِ
بنِ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي
مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ
قَلْبًا، وَقَلَبُ الْقُرْآنِ يس».
قلت:
فهذا الإسناد هو نفسه الذي رُوي فيه حديث «ضِرْس الكَافِرِ»!
فيحتمل
أن «هارون بن سعد» هو «هارون أبو محمد» هذا المجهول! وحصل هناك تحريف!! والرسم
قريب! «عن هارون أبي محمد» تحرفت إلى «هارون بن سعد»! والله أعلم.
وهارون
بن سعد يكنى أبا محمد أيضاً كما صرّح ابن عدي في ترجمته! فلعل بعض الرواة ظنّ أنه
ابن سعد، فقال: «هارون بن سعد»!
ويُحتمل
أنه هو هو: «هارون بن سعد» هو «هارون أبو محمد»، وهذا الذي يميل إليه القلب.
·
تحريف في إسناد الحديث!
وجاء
في كل طرق الحديث، وفي كل الكتب المطبوعة التي خرجته كما سبق، وتاريخ بغداد، وغالب
كتب الرجال وغيرها: «عن مُقَاتِل بن حَيَّانَ»! وهو خطأ!! والصواب: «عن مُقَاتِل بن
سُليمان».
ومقاتل
بن حيان، ومقاتل بن سليمان من الطبقة نفسها، وكلاهما خراساني، ماتا في حدود سنة
(150 هـ)، لكن ابن حيان ثقة، وابن سليمان متروك متهم بالكذب!
وفي
«المنتخب من علل الخلال» (50): قرأتُ عَلَى زُهَيْرٍ: حَدَّثَكُمْ مُهَنَّأٌ،
قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ حَدِيثِ الرُّوَاسِيِّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ،
عَنْ هَارُونَ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بنِ حَيَّانَ، عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ شَيْءٍ
قَلْبٌ، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس»؟.
فقال
أَحْمَدُ: "هذا كَلامٌ موضوع".
وقال
ابن أبي حاتم في «العلل» (4/578) (1652): وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ
قُتَيْبَةُ بن سَعِيدٍ، وابْنُ أَبِي شَيْبة، عَنْ حُمَيد بن عبدالرحمن، عَنِ الحَسَنِ
بْنِ صَالِحٍ، عَنْ هَارُونَ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ مُقَاتِل، عَنْ قَتَادَةَ،
عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبً،
وقَلْبُ القُرْآن ِ {يس}، ومَنْ قَرَأَ...»؟
قَالَ
أَبِي: "مُقَاتِلٌ هَذَا هُوَ: مُقَاتِل بنُ سُلَيمان، رأيتُ هذا الحديثَ
في أوَّلِ كتابٍ وضعَهُ مُقاتِلُ بن سُلَيمان، وهو حديثٌ باطلٌ لا أصلَ له".
وعليه
فالعهدة في هذا الحديث ليست على «هارون أبي محمد»! وإنما على مقاتل بن سليمان الذي
وضعه!
قال
الذهبي في «الميزان» (4/288): "هارون، أبو محمد [ت]. عن مقاتل بن حيان حديث:
قلب القرآن يس. قال الترمذي: مجهول.
قلت:
أنا أتهمه
بما رواه القضاعى في شهابه، أخبرنا أبو محمد، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن جامع،
حدثنا علي بن عبدالعزيز، حدثنا محمد بن سعيد، حدثنا حميد بن عبدالرحمن، عن حسن بن
صالح، عن هارون أبي محمد، عن مقاتل، عن قتادة، عن أنس - مرفوعاً: لكل شئ قلب وقلب
القرآن يس. فمن قرأها كتب له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرار".
قلت:
فالذهبي اتهم به هارون هذا؛ لأن ظنّ أن مقاتلاً هو ابن حيان! وليس كذلك! وإنما هو
مقاتل بن سليمان، وهو الذي وضعه كما قال أبو حاتم؛ لأنه رآه في كتاب له.
·
وهم للحافظ أبي الفتح الأزدي!
والعجب
من الذهبي! فإنه صرّح بأن مقاتلا في هذا الحديث هو ابن سليمان في ترجمة «مقاتل بن
حيّان» من «الميزان» (4/172)، فإنه نقل أقوال أهل العلم في «مقاتل بن حيان»، وقال:
"وقال أبو الفتح الأزدي: سكتوا عنه.
ثم
ذكر أبو الفتح، عن وكيع - أنه قال: ينسب إلى الكذب.
كذا
قال أبو الفتح، وأحسبه التبس عليه مقاتل بن حيان بمقاتل بن سليمان، فابن حيان صدوق
قوي الحديث، والذي كذبه وكيع فابن سليمان.
ثم
قال: وقال ابن معين: ضعيف.
وكان
أحمد بن حنبل لا يعبأ بمقاتل بن حيان، ولا بابن سليمان.
ثم
قال أبو الفتح: حدثنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن حميد الرؤاسي،
عن الحسن بن صالح، عن هارون أبي محمد، عن مقاتل، عن قتادة، عن أنس - مرفوعاً -
قال: قلب القرآن يس، فمن قرأها كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات.
قلت:
الظاهر أنه مقاتل بن سليمان، وقد جاء توثيق يحيى بن معين لابن حيان من وجوه عنه".
·
ترجمة أهل العلم لهارون أبي محمد!
وخطأ للبخاري!
فرّق
الإمام أحمد بين «هارون بن سعد العجلي» وبين «هارون أبي محمد» الذي يروي حديث «يس»!
وكذا فعل البخاري، فإنه ترجم لابن سعد، وترجم للآخر في «تاريخه الكبير» (8/226) (2815):
"هارون بن مُحَمَّد: عَنْ مقاتل بن حيان عن قتادة".
قلت:
كذا وقع في المطبوع: «بن محمد»! وهو خطأ! والصواب: «أبي»! وقد اعتمد البخاري ما
جاء في إسناد الحديث «مقاتل بن حيان»! فأخطأ!!
وقال
المزي في «تهذيب الكمال» (30/121) (6533): "هارون، أَبُو محمد.
رَوَى
عَن: مقاتل بن حيان (ت)، عَنْ قتادة، عَنْ أنس حديث: «إن لكل شيء قلبا وقلب
القرآن يس». رَوَى عَنه: الحَسَن بن صالح بْن حي (ت). روى له التِّرْمِذِيّ، وقال:
مجهول".
وقال
الذهبي في «الكاشف» (2/332) (5925): "هارون أبو محمد عن مقاتل بن حيان، وعنه
الحسن بن حي. مجهول (ت)".
وقال
ابن حجر في «التقريب» (7249): "هارون أبو محمد شيخ للحسن ابن صالح ابن حي،
مجهول، من السابعة (ت)".
قلت:
الذي
يرجح عندي أن هارون أبا محمد هذا الذي يروي عنه الحسن بن حيّ هو نفسه هارون بن سعد
العجلي وهو أبو محمد، وقد أخطأ من فرق بينهما كالإمام أحمد، والإمام البخاري،
وغيرهما!
وكأن
السبب في هذا هو ما جاء في نسبة الحديث أنه «عن مقاتل بن حيّان» وهو ثقة، فانّصب
الكلام على من رواه عنه وهو «هارون أبو محمد» فاستبعدوا أن يكون هذا هو «هارون بن
سعد» فقالوا: هو آخر، وهو مجهول!!!
والصواب
أن الحديث لمقاتل بن سليمان البلخي الكذاب وهو الذي وضعه.
وأستبعد
أن يروي الحسن بن صالح عنهما: «هارون بن سعد»، «هارون أبو محمد»!! وأحدهما معروف،
والآخر مجهول!!!
فهما
واحد: «هارون بن سعد أبو محمد».
ويروي
حميد عن حسن عنه بعض الآثار الأخرى.
روى
ابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/241) (19668) قال: حدثنا حميد بن عبدالرحمن، عن حسن بن
صالح، عن هارون بن سعد، عن عكرمة: «كل من صيد المجوسي والنصراني واليهودي السمك».
·
غلّو هارون بن سعد في الرفض!
وروى
الحاكم في «المستدرك» (1/515) (1337) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ
إِسْحَاقَ، قال: أَنْبَأَنا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوبَ، قال: حدثنا إِبْرَاهِيمُ بنُ
مُوسَى، قال: حدثنا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ الرُّوَاسِيُّ، قال: حدثنا
الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ هَارُونَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ
عِنْدَ عَلِيٍّ مِسْكٌ، فَأَوْصَى أَنْ يُحَنَّطَ بِهِ قَالَ: وقَالَ عَلِيٌّ:
«وَهُوَ فَضْلُ حَنُوطِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
قلت:
هذا الأثر يدل على غلوه في الرفض!
وقد
ذكره العقيلي في «الضعفاء» (4/362)، وقال: "هَارُونُ بنُ سَعْدٍ: كُوفِيٌّ
كَانَ يَغْلُو فِي الرَّفْضِ"، ثم قال:
ومِنْ
حَدِيثِهِ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
الحَسَنِ بنِ فُرَاتٍ القَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَفْصٍ
العَطَّارُ، عَنْ هَارُونَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ، أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى، سَبَبٌ طَرَفُهُ بِيَدِ اللَّهِ، وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ،
وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا
عَلَيَّ الحَوْضَ».
قال
العقيلي: "وهارون لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ! هذَا يُرْوَى بِأَصْلَحَ مِنْ هَذَا
الْإِسْنَادِ".
·
متابعة لهارون بن سعد!
وأخرج
الترمذي في «جامعه» (4/285) (2579) قال: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، عَنْ فُضَيْلِ بنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي
حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ قال: «ضِرْسُ الكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ».
قال
الترمذي: "هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ".
قلت:
فهذه متابعة لما رواه هارون بن سعد، عن أبي حازم: «ضِرْسُ الكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ،
وغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ».
لكن
لم يذكر: «وغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ»!!!
·
مصعب بن المقدام وحاله! ووهمه في
هذا الحديث!
والحديث
إنما حسّنه الترمذي لبعض الكلام في راويه مصعب بن المقدام!
قال
المفضل بن غسان الغلابي عَن يحيى بْن مَعِين، وأبو الحسن الدارقطني: "ثقة".
وَقَال
إِبْرَاهِيم بن عَبداللَّهِ بن الجنيد عَنْ يحيى بن مَعِين: "ما أرى به بأسا".
وقَال
أَبُو دَاوُد: "لا بأس بِهِ".
وَقَال
أَبُو حاتم: "صالح الحديث".
وَقَال
عَبدالله بن علي بن المديني عَن أبيه: "ضعيف".
وقال
العجلي: "كوفي متعبد".
وقال
الساجي: "ضعيف الحديث، وكان من العباد أصحاب داود الطائي، وقال أحمد بن حنبل:
كان رجلا صالحا، فرأيت كتابا له فإذا هو كثير الخطأ، ثم نظرت بعد في حديثه، فإذا أحاديثه
متقاربة عن الثوري".
وذكره
ابن شاهين في كتاب الثقات، وكذا ابن حبان.
وخرج
أبو عوانة الإسفرائيني حديثه في «صحيحه»، وكذلك ابن حبان وأبو علي الطوسي والحاكم.
وقال
ابن قانع: "كوفي صالح".
وقال
الخطيب: "وصفه بالثقة يحيى بن معين وغيره من الأئمة".
وذكره
الذهبي في «ميزانه».
قلت:
هو صدوق لا بأس به، وعنده أوهام! فلا يُقبل تفرده، وخاصة إذا خالف غيره!
وأقرب
الأقوال إلى وصف حاله ما قاله ابن حجر: "صدوقٌ له أوهامٌ". وتعقّب صاحبي
التحرير عليه بقولهم: "بل صدوق حسن الحديث" لا ينافي قول الحافظ! بل
إنهما لا يفهمان مصطلحات العلماء!! فحسن الحديث يعني أنه لا يحتج به مطلقاً، وذلك
لأن عنده أوهاما!
ولهذا
خرّج له مسلم في المتابعات.
والحديث
وهم في متنه مصعب بن المقدام! فقد خالفه غيره فيه!
أخرجه
البخاري في «صحيحه» (8/114) (6551) عن مُعَاذ بن أَسَدٍ، عن الفَضْل بن مُوسَى
السينانيّ.
وأخرجه
مسلم بعد حديث هارون بن سعد السابق (4/2189) (2852) عن أَبي كُرَيْبٍ، وَأَحْمَد
بن عُمَرَ الوَكِيعِيّ.
والبيهقي
في «البعث والنشور» (ص: 313) (564) من طريق مُحَمَّد بن طَرِيفٍ البَجَلِيّ.
ثلاثتهم
(أبو كريب، والوكيعي، وابن طريف) عن محمد بن فُضَيْلٍ.
كلاهما
(الفضل، وابن فضيل) عن الفُضَيْل بن غزوان، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَيْنَ
مَنْكِبَيِ الكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ المُسْرِعِ».
فهذا
هو المتفق عليه من حديث الفضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة. وكأن مصعب بن
المقدام لم يضبط متنه، وعليه فلا تصح روايته متابعة جيدة لرواية هارون بن سعد
السابقة!
·
هل وقع الحديث مرفوعاً في صحيح
مسلم؟
في
المطبوع من صحيح مسلم: "ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ".
لكن
ذكر البيهقي في «البعث والنشور» (ص: 314) قال: "ورَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي
بَكْرٍ كُرَيْبٍ، وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، وَلَمْ يَقُلْ: رَفَعَهُ"!
وقال
ابن حجر في «الفتح» (11/423): "وقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ
رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلِ بنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِيهِ بِسَنَدِهِ،
وَلَكِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ، وَهُوَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ
وَقَالَ: رَفَعَهُ".
وقال
المزي في «تحفة الأشراف» (10/88): "رفعه الفضل، ووقفه ابن فضيل".
يعني
رفعه الفضل السيناني كما في عند البخاري، ووقفه ابن فضيل كما عند مسلم.
·
تعليق بشار معروف على هذا الحديث
وتخليطه!!
قال
د. بشار معروف أثناء تحقيق لجامع الترمذي في تخريجه لهذا الحديث: "أخرجه مسلم
8/153، وابن حبان (7487)، والبيهقي في البعث والنشور (565)، وانظر تحفة الأشراف
10/89 حديث (13426)، والمسند الجامع 18/512 حديث 15358".
قلت:
من يقرأ كلام بشار يظن أن مسلماً أخرجه بنفس متن رواية الترمذي! وليس كذلك كما
بينته أعلاه.
وابن
حبان والبيهقي بالرقم الذي أشار له (565) لم يخرجاه بمثل سند الترمذي!! وإنما
أخرجاه من حديث هَارُونَ بنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وإنما
خرجه البيهقي بسند مسلم برقم (564).
فهي
طرق مختلفة! جمع بينها بشار دون تفصيل وبيان للاختلاف في متن الحديث!
وإنما
هو أخذ هذا من كتاب «المسند الجامع» - الذي يُقال إنه جمعه ورتبه بعض طلبة العلم
ووضع اسمه معهم عليه -! كعادته!!! وإن أشار إليه في التخريج!!
والذي
في «المسند الجامع»: "15358- عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ضِرْسُ الْكَافِر، أَوْ نَابُ
الْكَافِرِ مِثْلُ أحُدٍ، وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلاَثٍ.
أخرجه
مسلم 8/153 قال: حدثني سُريج بن يونس، قال: حدَّثنا حُميد ابن عبدالرحمن، عن الحسن
بن صالح، عن هارون بن سعد. و"التِّرمِذي" 2579 قال: حدَّثنا أبو كريب،
قال: حدَّثنا مصعب بن المقدام، عن فُضَيل ابن غزوان.
كلاهما
(هارون بن سعد، وفضَيل بن غزوان) عَنْ أَبِي حازم، فذكره.
-
رواية فُضَيل بن غزوان مختصرة على: ضِرْسُ الْكَافِرِ مِثْلُ أحُدٍ" انتهى.
قلت:
أصحاب «المسند الجامع» لم يحققوا الروايات وخلطوا بينها!! وهنا بشار نقل هذا
التخليط لما أخذه من الكتاب!!! ولم يبينوا أن أصل رواية مسلم موقوفة أيضاً!
·
حديث آخر من طريق أبي صالح عن أبي
هريرة!
وأخرج
الترمذي في «جامعه» (4/284) (2577) عن عَبَّاس الدُّورِيّ.
والبزار
في «مسنده» (16/140) (9233) عن مُحَمَّد بن الليث الهدادي وأحمد بن عثمان بن حكيم.
وابن
حبان في «صحيحه» (16/531) (7486) عن أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى، عن أَبي
بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ.
والحاكم
في «المستدرك» (4/637) (8760) عن أَبي بَكْرِ بن إِسْحَاقَ، عن مُحَمَّد بن
سُلَيْمَانَ بنِ الحَارِثِ.
كلهم
عن عُبَيْداللهِ بن مُوسَى الكوفي، عن شَيْبَان بن عبدالرحمن، عَنِ الأَعْمَشِ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ غِلَظَ جِلْدِ الكَافِرِ اثْنَتَانِ
وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ، وَإِنَّ ضِرْسَهُ مِثْلُ أُحُدٍ،
وَإِنَّ مَجْلِسَهُ مِنْ جَهَنَّمَ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ».
قال
الترمذي: "هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ".
وقال
البزار: "وهذَا الحديثُ لاَ نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي
صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلا شيبان".
وقال
الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".
·
تفردات شيبان بن عبدالرحمن النحوي
البصري عن الأعمش! ومنهج البخاري ومسلم فيها.
قلت:
هذا من تفردات شيبان عن الأعمش!! وهو ثقة، لكن في تفرداته عن الأعمش نكارة!!
وقد
أخرج له البخاري ومسلم، وأكثرا في تخريج حديثه عن يحيى بن أبي كثير، ولم يخرّج له
البخاري عن الأعمش، وأخرج له مسلم عن الأعمش خمسة أحاديث كلها في المتابعات.
قال
الساجي: "صدوق عنده مناكير، وأحاديث عن الأعمش تفرد بها! وأثنى عليه أحمد بن
حنبل، وكان ابن مهدي يُحدِّث عنه، ويَفخر به".
قَال
صالح بن أحمد بن حنبل، عَن أَبِيهِ: "شيبان ثبت فِي كل المشايخ".
وَقَال
عثمان بن سَعِيد الدارمي: قلت ليحيى بن مَعِين: فشيبان ما حاله فِي الأعمش؟ فقال: "ثقة
فِي كل شيء".
قلت:
هو ثقة لا شك، لكنه ينفرد عن الأعمش بأحاديث لا يرويها سواه! وتقدم قول الساجي بأن
عنده مناكير!
وسؤال
الدارمي لابن معين عن حاله في الأعمش يدلّ على ذكائه ونقده، فلولا أنه عرف أن في
روايته عن الأعمش مشكلة لما سأل عن ذلك!! لكن رأى ابن معين أنه ثبت في كل المشايخ
وهذا مثل قول أحمد.
ورد
الحافظ ابن حجر قول الساجي فيه! فقال في «مقدمة الفتح»: "وأما قول الساجي فهو
معارض بقول أحمد بن حنبل أنه ثبت في كل المشايخ، ومع ذلك فلم أر في البخاري من
حديثه عن الأعمش شيئاً لا أصلاً ولا استشهاداً".
ومال
أبو حاتم إلى تليينه!
·
هل ثبت قول أبي حاتم في شيبان: «ولا
يُحتج به»؟
قال
ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (4/356): سمعت أبي يقول: "شيبان النحوي:
كوفي، حسن الحديث، صالح الحديث، يُكتب حديثه، ولا يحتج به".
كذا
في المطبوع: «ولا يحتج به»!
وأثبتها
عنه الذهبي، وقال في «سير أعلام النبلاء» (7/408): "قُلْتُ: قَوْلُ أَبِي
حَاتِمٍ فِيْهِ: لا يُحْتَجُّ بِهِ، لَيْسَ بِجَيِّدٍ".
وتعقّبه
ابن حجر بأن هذا لم يثبت من قول أبي حاتم، فقال في «تهذيب التهذيب» (4/374):
"وقرأت بخط الذهبي: قال أبو حاتم: لا يحتج به. انتهى. وهذه اللفظة ما رايتها
في كتاب ابن أبي حاتم فينظر، ليس فيه إلا: «يكتب حديثه» فقط، وكذا نقله عنه الباجي".
وقال
في ترجمة «شيبان» من الفصل التاسع من «مقدمة الفتح»: "قرأت بخط الذهبي في
الميزان: «قال أبو حاتم: صالح الحديث لا يحتج به». قلت: وهو وهم في النقل، فالذي
في كتاب ابن أبي حاتم عن أبيه: «كوفي حسن الحديث، صالح، يكتب حديثه»، وكذا نقل
الباجى عنه، وكذا هو في تهذيب الكمال، وهو الصواب".
فتعقبه
المعلمي اليماني أثناء تحقيقه لكتاب «الجرح والتعديل»، فقال بعد أن نقل قول ابن
حجر: "ولم يهم الذهبي، ولكن هذه الكلمة وقعت في بعض النسخ دون بعض، ويوشك أن
تكون من زيادة بعض النساخ؛ لأن أبا حاتم يكثر أن يقول: «يكتب حديثه ولا يحتج به»،
فلما قال في هذه الترجمة «يكتب حديثه» جرى قلم الناسخ على العادة بزيادة «ولا يحتج
به»، وهي كالمنافية لما قبلها ولما عليه جمهور الأئمة، والله أعلم".
قلت:
نعم، لم يهم الذهبي؛ لأنه قد ثبتت هذه اللفظة في بعض النسخ، لكن تفسير المعلمي فيه
بُعد!!! فلا دليل حقيقي على أنها مما جرى به قلم الناسخ! ودليله بأن إكثار أبي
حاتم من استخدام هذه العبارة «يكتب حديثه ولا يحتج به» فيه نظر!! وليس بدليل قويّ.
وهي ليست منافية لما قبلها، بل على العكس هي نتيجة ما قبلها، فقول أبي حاتم في
الراوي «صالح، يكتب حديثه»، أي: يكتب للاعتبار كما نصّ عليه هو في بعض التراجم،
ولا يحتج بما انفرد به، ولا يقصد أنه لا يحتج به مطلقاً. وأما أنها منافية لما
عليه جمهور الأئمة فنعم، لكن هناك من تكلّم فيه، ولكلّ وجهة في ذلك.
وهو
ثقة يُحتج بحديثه على الإجمال، لكن حديثه عن الأعمش خصوصاً لا يحتج به، والله
أعلم.
·
حديث آخر عن أبي هريرة! منكر
الإسناد!
أخرج
الترمذي في «سننه» (4/332) (2578) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي مُحَمَّدُ بنُ
عَمَّارٍ، وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضِرْسُ الكَافِرِ يَوْمَ
القِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ البَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ
النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلاَثٍ مِثْلُ الرَّبَذَةِ».
قال
الترمذي: "هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ".
قلت:
هذا إسناد مُنكر! وقد تفرد به مُحَمَّد بن عمار بن حَفْص بن عمر بن سعد ابن عَائِذ
المُؤَذّن!! ولا بأس به، لكن لا يُقبل منه مثل هذا التفرد! فكيف ينفرد عن اثنين في
إسناد واحد عن أبي هريرة!! ولا يُعرف هذا الحديث عنهما عن أبي هريرة!
ولم
يخرّج له إلا الترمذي!
قال
عَبداللَّهِ بن أَحْمَد بن حنبل عَن أبيه: "ما أرى به بأسًا".
وقال
عَباس الدُّورِيُّ عَنْ يَحْيَى بْن مَعِين: "لم يكن به بأس".
وقَال
علي بن المديني: "ثقة".
وقَال
أَبُو حاتم: "شيخ ليس بِهِ بأس، يكتب حديثه".
وذكره
ابنُ حِبَّان في كتاب «الثقات» (7/436) وقال: "وكَانَ مِمَّن يُخطئ ويتفرد".
·
الذهبي يقول مرة: «ما تكلّم فيه
البخاري»! ويقول مرة: «تكلّم فيه البخاري»!!
وقال
الذهبي في «تاريخ الإسلام» (4/739): "وَثَّقَهُ ابنُ المَدِينِيِّ،
وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَهُ البُخَارِيُّ في الضعفاء، فما تكلم فِيهِ،
بَلْ ذَكَرَ لَهُ حَدِيثًا لَمْ يُتْقِنْهُ".
وقال
في «الميزان» (3/661): "تكلّم فيه البخاري وغيره، ولم يترك".
ثم ذكر له بعض الأحاديث وهذا منها، ثم قال: "وهو حسن الحديث في علمي"،
ثم ذكر له حديثاً منكراً، ونقل أقوال أهل العلم في توثيقه، وأنه لا بأس به.
وحاصل
كلام أهل العلم أنه لا بأس به، يُكتب حديثه للاعتبار، ولا يُحتج بما انفرد به.
·
حديث آخر عن أبي هريرة! إسناده
مجهول!
وروى
ابن حبان في «صحيحه» (16/533) (7488) قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ، قالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بنُ يَحْيَى، قالَ: حَدَّثَنَا
ابنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بنُ الحَارِثِ: أَنَّ سُلَيْمَانَ بنَ
حُمَيْدٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ
يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «ضرس الكافر مثل
أحد - يعني في النار».
قلت:
هذا إسناد مجهول!! سليمان وأبوه لا يُعرف حالهما!!
وأشار
البخاري إلى هذا الحديث في ترجمة «سليمان»، وهو مجهول الحال!
قال
البخاري في «التاريخ الكبير» (4/8) (1778): "سُلَيْمَان بن حميد: عَنْ رجل،
عَنِ ابن المُسَيِّبِ، روى عَنْهُ: يَحْيَى بن أَبِي أسيد، وسَعِيد بن أَبِي أيوب،
سَمِعَ مُحَمَّد بن كعب، مرسل.
وقَالَ
عَمْرُو بنُ الحَارِثِ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حميد: [سمع أباه]: سَمِعَ
أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضرس الكافر».
قال
ابن المبارك عن إبراهيم بن نشيط: حدثني سُلَيْمَان بن حميد المزني، عَنْ أَبِي
عُبَيْدة بن عقبة بن نافع القُرَشِيّ".
وذكره
ابن حبان في «الثقات» (6/385): "سُلَيْمَان بن حميد: يروي عَن مُحَمَّد بن
كَعْب الْقرظِيّ، روى عَنهُ عَمْرو بن الْحَارِث، وَإِبْرَاهِيم بن نشيط الوعلاني".
وقال
أبو سعيد ابن يونس في «تاريخ الغرباء» من «تاريخ مصر»: "سليمان بن حميد
المزني: مدني قدم مصر. روى عنه من أهل مصر: حرملة بن عمران، وعمرو بن الحارث،
والليث بن سعد. توفي سنة خمس وعشرين ومائة".
وأما
أبوه حُميد فمجهول الحال أيضاً.
قال
البخاري في «التاريخ الكبير» (2/350) (2711): "حميد: عَنْ سَعِيد بن العاص.
روى حرملة بْن عمران، عَنْ سُلَيْمَان بن حميد، عَنْ أَبِيه. حديثه عند المَصْرِيّين".
·
خطأ في كتاب ابن أبي حاتم!
ومتابعة ابن الجوزي والذهبي وغيرهما عليه!
وقال
ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/223): "حميد بن سعيد بن
العاص: روى عنه ابنه سليمان بن حميد. سمعت أبي يقول ذلك. ويقول: هو مجهول".
قلت:
كذا وقع في الكتاب! وهو خطأ! والصواب: "حميد: عن
سعيد...".
وكأن
الخطأ في أصل كتاب ابن أبي حاتم؛ لأن العلماء ذكروه هكذا في كتبهم! ولم يتنبهوا
له!!
قال
ابن الجوزي في «الضعفاء والمتروكون» (1/238) (1028): "حميد بن سعيد بن العَاصِ. قَالَ الرَّازِيّ: مَجْهُول".
وقال
الذهبي في «الميزان» (1/613) (2330)، وفي «المغني في الضعفاء» (1/194) (1773): "حميد
بن سعيد بن العاص: يروي عنه ولده سليمان. مجهول".
وقال
في «ديوان الضعفاء» (ص: 105) (1168): "حميد بن سعيد بن العاص: مجهول".
وقال
ابن حجر في «لسان الميزان» (2/364) (1489): "حميد بن سعيد بن العاص: يروي عنه
ولده سليمان: مجهول".
لكن
في نسخة عبدالفتاح أبو غدة هذه الترجمة في آخر من اسمه حميد ممن لم يذكر اسم أبيه
على الصواب (3/303) (2822): "حميد: عن سعيد بن العاص. يروي عنه ولده سليمان. مجهول".
ويشبه
أن يكون أبا غدة هو من نقلها إلى آخر من اسمه حميد؛ لأنها في النسخة الأخرى المطبوعة
ذكرت فيمن اسم أبيه بحرف السين!!
وفي
كتاب «مصباح الأريب في تقريب الرواة الذين ليسوا في تقريب التهذيب» لبعض المعاصرين
(1/403) (8483): "حميد بن سعيد بن العاص العاصي (مجهول قاله أبو حاتم) (حاتم
3/223) (لسان 3/197)".
·
اتباع ابن قطلوبغا لابن حبان!
ووهمهما في ذلك!
وقال
ابن قطلوبغا في «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» (4/56) (3316): "حميد، والد
سليمان بن حميد. يروي عن سعيد بن العاص، عِدَادُه في أهل مصر، -ولم أره في «تاريخ
ابن يونس» -، روى عنه سماك بن حرب، وهو الذي روى عمرو بن الحارث عن سليمان بن حميد
عن أبيه عن أبي هريرة.
وقال
أبو حاتم: حميد بن سعيد بن العاص، روى عنه ابنه سليمان بن حميد، وهو مجهول. ذكره
في باب السين".
قلت:
كأن ابن قطلوبغا ينبّه على الخطأ الذي وقع في كتاب ابن أبي حاتم؛ لأنه قال:
"ذكره في باب السين"، أي "بن سعيد"!
وقول
ابن قطلوبغا: "عداده في أهل مصر، ولم أره في تاريخ ابن يونس"! إنما بناه
على أن ابن يونس ذكر سليمان ابنه في تاريخ مصر، وقد تقدم أنه ذكر أنه مدني نزل
مصر، فأبوه مدني ولم ينزل مصر، فكيف سيذكره ابن يونس في تاريخ مصر؟!! وعداده ليس
في أهل مصر، وإنما عداده في أهل المدينة، والصواب ما قاله البخاري: "حديثه
عند المصريين"؛ لأن ابنه يروي عنه، وحديث ابنه رواه عنه أهل مصر.
وكأن
ابن قطلوبغا تابع ابن حبان في قوله!!
فقد
ذكره ابن حبان في «الثقات» (4/151) (2230) قال: "حميد وَالِد سُلَيْمَان بن
حميد: يروي عَن سَعِيد بن العَاصِ. عداده فِي أهل مصر. روى عَنهُ: سماك بْن حَرْب،
وَهُوَ الَّذِي روى عَنهُ عَمْرو بن الْحَارِث عَن سُلَيْمَان بْن حميد عَنْ
أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".
قلت:
عداده في أهل المدينة لا في أهل مصر.
وكأنه
بسبب ذكر ابن حبان له ولابنه في ثقاته أخرج هذا الحديث في «صحيحه»!! وقد أخطأ في
ذلك؛ لأنهما مجهولي الحال!
·
حديث آخر عن أبي هريرة!
وأخرج
أحمد في «مسنده» (14/87) (8345) عن رِبْعِيّ بن إِبْرَاهِيمَ.
والحاكم
في «المستدرك» (4/637) (8759) من طريق بِشْر بن المُفَضَّلِ.
كلاهما
عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن إِسْحَاقَ العامري المدنيّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي
سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضِرْسُ الْكَافِرِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَعَرْضُ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا،
وَعَضُدُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ وَرِقَانَ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ
النَّارِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّبَذَةِ».
قال
الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ بِهَذِهِ
السِّيَاقَةِ، إِنَّمَا اتَّفَقَا عَلَى ذِكْرِ ضِرْسِ الكَافِرِ
فَقَطْ".
·
وهم للحاكم! وتصحيحه للحديث
المرفوع والموقوف!! ومخالفة عبدالرحمن بن إسحاق لغيره من الثقات!
قلت:
وهم الحاكم في قوله هذا! "اتفقا"!! فالبخاري لم يخرجه مطلقا! وإنما الذي
خرجه بذكر ضرس الكافر هو مسلم كما سبق في الأحاديث السابقة.
والحديث
لا يصح مرفوعاً! والصواب وقفه على أبي هريرة.
وقد
خولف عبدالرحمن بن إسحاق في رفعه، فوقفه الثقات عن سعيد المقبري.
رواه
نُعيم بن حماد في «زوائده على كتاب الزهد لابن المبارك» (2/87) من طريق خَالِدِ
بْنِ يَزِيدَ المصري.
والحاكم
في «المستدرك» (4/638) (8761) من طريق عَمْرو بن الْحَارِثِ.
كلاهما
عن سَعِيدِ بنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ،
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: «إِنَّ ضِرْسَ
الكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَرَأْسُهُ مِثْلُ البَيْضَاءِ،
وَفَخِذُهُ مِثْلُ وَرِقَانَ، وَغِلَظُ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَإِنَّ
مَجْلِسَهُ فِي النَّارِ كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالرَّبَذَةِ» قَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ: «وَكَانَ يُقَالُ بَطْنُهُ مِثْلُ بَطْنِ إِضَمٍ».
قال
الحاكم: "هذا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ
يُخْرِجَاهُ لِتَوْقِيفِهِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ".
قلت:
العجب من الحاكم كيف صحح المرفوع من حديث سعيد المقبري، ثم صحح الموقوف من حديثه
أيضًا!!!
وقد
وهم عبدالرحمن بن إسحاق في رفعه عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة!
وعبدالرحمن
هذا مُتكلّم فيه!
قال
يحيى بن سَعِيد القطان: سألت عنه بالمدينة، فلم أرهم يحمدونه.
وكذلك
قال عَلِيّ بْن المديني.
وَقَال
علي أَيْضًا: سمعت سفيان، وسئل عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْن إِسْحَاق، قال: "كَانَ
قدريا فنفاه أهل المدينة، فجاءنا هاهنا، مقتل الوليد، فلم نجالسه، وَقَالوا إنه قد
سمع الحَدِيث".
وَقَال
يزيد بْن زريع: "ما جاء من المدينة أحفظ منه، وكَانَ كوسجا".
وَقَال
أَبُو بَكْرِ بْنُ زنجويه: سمعت أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ، يَقُول: "عَبْدالرَّحْمَنِ
بن إِسْحَاق المدني رجل صالح، أَوْ مقبول".
وَقَال
عَبداللَّهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل، عَن أبيه: "صالح الحديث".
وَقَال
فِي موضع آخر: سَأَلتُ أبي عنه، فقَالَ: "ليس بِهِ بأس"، فقلت لَهُ: إن
يَحْيَى بْن سَعِيد، يَقُول: سألت عنه بالمدينة، فلم يحمدوه، فسكت.
وَقَال
أَبُو طالب: سألت أَحْمَد بْن حنبل عنه، فَقَالَ: "روى عَن أبي الزناد أحاديث
منكرة، وكَانَ يَحْيَى لا يعجبة، قلت: كيف هُوَ؟ قال: صالح الحَدِيث".
وَقَال
أَبُو بكر بْن أَبي خيثمة، عَن يَحْيَى بْن مَعِين: "كَانَ إِسْمَاعِيل بن عُلية
يرضاه".
وَقَال
إِبْرَاهِيم بْن عَبداللَّهِ بْن الجنيد، عَنْ يَحْيَى بْن مَعِين: "ثقة،
وعَبْدالرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيّ أحب إلي من صالح بن أَبي
الأخضر".
وَقَال
عُثْمَان بْن سَعِيد الدارمي عَن يحيى بن مَعِين: "ثقة".
وَقَال
فِي موضع آخر: "صويلح".
وَقَال
عَباس الدُّورِيُّ، عَن يحيى بْن مَعِين: "ثقة".
وَقَال
في موضع آخر: "صالح الحديث".
وَقَال
عَبدالله بْن شعيب الصابوني، عَنْ يحيى بْن مَعِين: "ثقة، ليس به بأس".
وَقَال
يعقوب بن شَيْبَة: "صالح".
وَقَال
العجلي: "يكتب حديثه، وليس بالقوي".
وَقَال
أَبُو حَاتِم: "يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهُوَ قريب من مُحَمَّد بْن
إِسْحَاق، صاحب المغازي، وهُوَ حسن الْحَدِيث، وليس بثبت ولا قوي، وهُوَ أصلح من
عَبْدالرَّحْمَنِ بن إسحاق أبي شَيْبَة".
وقَال
البُخارِيُّ: "لَيْسَ ممن يعتمد عَلَى حفظه، إِذَا خالف من لَيْسَ بدونه. وإن
كَانَ ممن يحتمل فِي بعض". قال: "وَقَال إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمَ:
سألت أهل المدينة عنه، فلم يحمد، مَعَ أنه لا يعرف لَهُ بالمدينة تلميذ إلا مُوسَى
الزمعي، روى عنه أشياء، فِي عدة منها اضطراب".
وَقَال
أَبُو عُبَيد الآجري: سمعت أبا داود يَقُول: "مُحَمَّد بن إِسْحَاق قدري
معتزلي، وعَبْدالرَّحْمَنِ بْن إِسْحَاق، قدري، إلا أنه ثقة".
وَقَال
النَّسَائي: "لَيْسَ بِهِ بأس، ولم يكن ليحيى القطان فِيهِ رأي".
وَقَال
أَبُو بَكْرِ ابنُ خزيمة: "لَيْسَ بِهِ بأس".
وذكره
ابنُ حِبَّان في كتاب «الثقات».
وقَال
الدَّارَقُطْنِيُّ: "ضعيف يرمى بالقدر".
وَقَال
ابن عدي: "فِي حديثة بعض ما ينكر، ولا يتابع عليه، والأكثر منه صحاح، وهُوَ
صالح الحَدِيث، كما قاله أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ".
قلت:
هو ليس بالقوي، فلا يحتج به، فكيف إذا خالف غيره من الثقات!
·
أصل الحديث من قول أبي هريرة.
تبيّن
لنا فيما سبق أن الحديث ثبت من قول أبي هريرة.
وقد
روى نُعيم بن حماد في «زوائده على كتاب الزهد لابن المبارك» (2/87) عن يُونُس بن
يزيد الأيلي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قالَ: «ضِرْسُ الكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ،
يُعَظَّمُونَ لِتَمْتَلِئَ مِنْهُمْ، وَلْيَذُوقُوا العَذَابَ».
وقد
سئل الدارقطني في «العلل» (9/177) (1700) عن حديث ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن
النبي صلى الله عليه وسلم، قالَ: «ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْظَمُ مِنْ
أُحُدٍ»؟
فقالَ:
"يَرْوِيهِ الزُّهْرِيُّ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَفَعَهُ
المُوَقَّرِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَرَوَاهُ
يُونُسُ، وعُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ".
قلت:
يعني رواه الوليد بن محمد الموقري، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم!
وخالفه
يونس وعقيل، فروياه عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، قوله. وهو الصواب.
وروي
من طريق آخر عن أبي هريرة:
رواه
نُعيم بن حماد في «زوائده على كتاب الزهد لابن المبارك» (2/84) عن حَاجِب بن
عُمَرَ الثقفي البصري، عَنِ الحَكَمِ بنِ الْأَعْرَجِ قَالَ: قَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ: «يُعَظَّمُ الكَافِرُ فِي النَّارِ مَسِيرَةَ سَبْعِ لَيَالٍ،
وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ، وَشِفَاهُهُمْ عِنْدَ سُرُرِهِمْ سُودٌ حُبْنٌ زُرْقٌ
مَقْبُوحُونَ».
·
حديث زيد بن أرقم:
ويُروى
أيضاً من قول زيد بن أرقم – رضي الله عنه -.
رواه
ابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/53) (34154) عن علي بن مسهر، عن أبي حيان التيميّ، عن عمّه
يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: «إن ضرس الكافر في النار مثل أحد».
وهذا
إسناد لا بأس به.
·
مرسل عُبيد بن عُمير:
ويعرف
أيضاً من مراسيل التابعي عُبيد بن عُمير.
رواه
نعيم بن حماد في «زوائده على الزهد لابن المبارك» (2/87) عن سُفْيَان بنُ
عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُصْرُ جِلْدِ الْكَافِرِ،
يَعْنِي غِلَظَ جِلْدِهِ، سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفِي
سَائِرِ خَلْقِهِ»
·
اختلاف في فهم النّص!!!
روى
الخطيب البغدادي في «الكفاية في علم الرواية» (ص: 243) قال:
أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ البَرْقَانِيُّ، وأَبُو الحَسَنِ
بُشْرَى بنُ عَبْدِاللَّهِ الرُّومِيُّ، قالا: أخبرنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ
الهَيْثَمِ الْأَنْبَارِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الخَلِيلِ، قال: حدثنا
أَبُو النَّضْرِ، قال: حدثنا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضِرْسُ الكَافِرِ
مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ البَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ كَمَا
بَيْنَ قُدَيْدٍ وَمَكَّةَ، وَكَثَافَةُ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا
بِذِرَاعِ الجَبَّارِ».
قال
الخطيب: "كان فِي أَصْلِ سَمَاعِ البَرْقَانِيِّ: «بِذِرَاعِ الجَبَّارِ
عَزَّ وَجَلَّ» وعَلَيْهِ تَصْحِيحٌ، وهذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي
الْأَصْلِ الَّذِي نَقَلَ مِنْهُ هَكَذَا، وَنَرَى أَنَّ الكَاتِبَ سَبَقَ إِلَى
وَهْمِهِ أَنَّ الْجَبَّارَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى،
فَكَتَبَ «عَزَّ وَجَلَّ»! ولمْ يَعْلَمْ أَنَّ المُرَادَ: أَحَدُ الجَبَّارِينَ
الَّذِينَ عَظُمَ خَلْقُهُمْ وَأُوتُوا بَسْطًا فِي الجِسْمِ، كَمَا قَالَ
تَعَالَى {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} [المائدة: 22].
قلت:
كذا قال الخطيب!
لكن
هذا رواه البيهقي في كتاب «البعث والنشور» (566) قال أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِاللَّهِ الحُسَيْنُ بنُ شُجَاعِ بنِ الحَسَنِ الصُّوفِيُّ، بِبَغْدَادَ:
أَنْبَأَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ
الْأَنْبَارِيُّ، به.
قال
البيهقي: "أَرَادَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ التَّعْظِيمَ وَالتَّهْوِيلَ
بِإِضَافَتِهِ إِلَى الجَبَّارِ، أَوْ أَرَادَ جَبَّارًا مِنَ الجَبَابِرَةِ
المَخْلُوقَةِ".
قلت:
كلام
البيهقي يدلّ على أن «الجبار» هنا هو «الله عزّ وجلّ» وعليه أوّل اللفظّ! أو أنه
جبّار من الجبابرة المخلوقين.
وقال
أيضاً في «الأسماء والصفات» (2/177): "قالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ فِي
قَوْلِهِ: «بِذِرَاعِ الجَبَّارِ»: إِنَّ الْجَبَّارَ هَهُنَا لَمْ يَعْنِ بِهِ القَدِيمَ،
وَإِنَّمَا عَنَى بِهِ رَجُلًا جَبَّارًا كَانَ يُوصَفُ بِطُولِ الذِّرَاعِ
وَعِظَمِ الْجِسْمِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: {كُلَّ جُبَارٍ عَنِيدٍ} [هود:
59]، وَقَوْلِهِ: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: 45] فَقَوْلُهُ:
«بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ» أَيْ بِذِرَاعِ الجَبَّارِ المَوْصُوفِ بِطُولِ
الذِّرَاعِ وَعِظَمِ الجَسَدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ذِرَاعًا
طَوِيلًا يُذْرَعُ بِهِ يُعْرَفُ بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ، عَلَى مَعْنَى
التَّعْظِيمِ وَالتَّهْوِيلِ، لَا أَنَّ لَهُ ذِرَاعًا كَذِرَاعِ الْأَيْدِي
الْمَخْلُوقَةِ".
وقال
ابن حبان عقب روايته للحديث: "الجبار ملك باليمن يقال له: الجبار".
وقال
الحاكم بعد روايته للحديث عن أبي بكر بن إسحاق – أحد رواة الحديث -: "مَعْنَى
قَوْلِهِ بِذِرَاعِ الجَبَّارِ: أَيْ جَبَّارٌ مِنْ جَبَابِرَةِ الآدَمَيِّينَ
مِمَّنْ كَانَ فِي القُرُونِ الْأُولَى مِمَّنْ كَانَ أَعْظَمَ خَلْقًا وَأَطْوَلَ
أَعْضَاءً وَذِرَاعًا مِنَ النَّاسِ".
وقال
ابن قتيبة في «تأويل مختلف الحديث» (ص: 312): "قالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ضِرْسُ الكَافِرِ فِي
النَّارِ، مِثْلُ أُحُدٍ، وَكَثَافَةُ جلده أَرْبَعُونَ ذِرَاعا بباع الجَبَّارِ».
ونَحْنُ
نَقُولُ: إِنَّ لِهَذَا الحَدِيثِ مَخْرَجًا حَسَنًا، إِنْ كَانَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَهُ وَهُوَ أَن يكون الْجَبَّار
-هَهُنَا- الْمَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَمَا أَنْتَ
عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ}، أَيْ: بِمَلِكٍ مُسَلَّطٍ، والجَبَابِرَةُ: المُلُوكُ.
وهَذَا
كَمَا يَقُولُ النَّاسُ: هُوَ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْمَلِكِ. يُرِيدُونَ:
بِالذِّرَاعِ الْأَكْبَرِ. وَأَحْسَبُهُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ الْعَجَمِ، كَانَ
تَامَّ الذِّرَاعِ، فنسب إِلَيْهِ".
وعموماً:
الحديث فيه نكارة!
والحديث
من جزء أبي بكر الأنباري، وهو مروي عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، بهذا الإسناد
من طرق عنه.
وحديث
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار لا يُحتمل!
فهذه
هي الألفاظ التي جاءت في الأحاديث السابقة:
-
«ضِرْسُ الكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ البَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ
مِنَ النَّارِ كَمَا بَيْنَ قُدَيْدٍ وَمَكَّةَ، وَكَثَافَةُ جِلْدِهِ اثْنَانِ
وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الجَبَّارِ».
-
«ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَعَرْضُ جِلْدِهِ
سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَعَضُدُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ
وَرِقَانَ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّبَذَةِ».
-
«ضِرْسُ الكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ
البَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلاَثٍ مِثْلُ الرَّبَذَةِ».
-
«إِنَّ ضِرْسَ الكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَرَأْسُهُ مِثْلُ البَيْضَاءِ،
وَفَخِذُهُ مِثْلُ وَرِقَانَ، وَغِلَظُ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَإِنَّ
مَجْلِسَهُ فِي النَّارِ كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالرَّبَذَةِ. وَكَانَ
يُقَالُ بَطْنُهُ مِثْلُ بَطْنِ إِضَمٍ».
-
«ضِرْسُ الكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ، يُعَظَّمُونَ
لِتَمْتَلِئَ مِنْهُمْ، وَلْيَذُوقُوا العَذَابَ».
وهي
متقاربة، وفي بعضها زيادات! ولفظة «الجبّار» منكرة! ولا أستبعد أن أبا هريرة أخذها
من الإسرائيليات!
والذي
صحّ في ذلك في الصحيحين عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ
أَيَّامٍ للرَّاكِبِ المُسْرِعِ».
وهذا
الحديث يدلّ على عِظَم جسد الكافر ليذوق العذاب، ويؤيد بعض ما جاء في ما نُقل عن
أبي هريرة، والله أعلم.
·
الحديث الثالث: حديث تفرد به عن
زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة!
أخرج
البزار في «مسنده» (15/253) (8715) قال: حَدَّثنا أَبُو غسان روح بن حاتم - وكان
من الفهماء الثقات-، قَال: حَدَّثنا قرة بن حبيب، قَال: حَدَّثنا عَبدالرَّحْمَنِ
بنُ عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَن زَيد بنِ أَسْلَمَ، عَن عَطاء بنِ يسار، عَن
أبي هُرَيرة، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: «إن في
الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله خيرا إلاَّ أعطاه إياه».
قال
البزار: "هذا الحديث قد رُوِيَ كلامه ونحوه عَن أبي هُرَيرة من وجوه، ولا
نَعلم يُروَى عَن عَطاء بن يسار، عَن أبي هُرَيرة إلاَّ من هذا الوجه، ولا رَواه
عنه زيد بن أسلم إلاَّ عَبدالرَّحْمَنِ بنُ عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ".
قلت:
هو كما قال البزار، لم يروه بهذا الإسناد إلا عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار!
والحديث
صحيح عن أبي هريرة، رواه عنه جماعة، منهم: محمد بن سيرين، كما في «الصحيحين»،
وهمّام بن مُنبّه، ومحمد بن زياد الجُمحي المدني، كما في «صحيح مسلم».
·
الحديث الرابع: حديث تفرد به عن
زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة!
أخرج
البزار في «مسنده» (15/253) (8716) قال: حَدَّثنا علي بن قرة بن حبيب، قَال:
حَدَّثنا أبي، قَال: حَدَّثنا عَبدالرَّحْمَنِ بنُ عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَن
زَيد بنِ أَسْلَمَ، عَن عَطاء بنِ يسار، عَن أبي هُرَيرة، قَالَ: قَالَ رَسُول
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، أوتوا
الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، والتمسوا يوم الجمعة فهدانا الله لها، فالناس
لنا تبع اليهود غدا، والنصارى بعد غد».
قال
البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عَن زَيد بنِ أَسْلَمَ، عَن عَطاء بنِ
يسار، عَن أبي هُرَيرة إلاَّ عَبدالرَّحْمَنِ بنُ عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ،
ولا عَن عَبدالرحمن إلاَّ قرة بن حبيب، ولم نسمعه إلاَّ من ابنه علي، عَن أَبِيه!
وعبدالرحمن بن عَبدالله بن دينار حسن الحديث، قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ
أَهْلِ العِلْمِ منهم: الحسن بن موسى، وهاشم بن القاسم، وجماعة، وروى أحاديث، عَن
زَيد بن أسلم، وعَن غيره لم يروها غيره، واحتمل حديثه".
قلت:
لم يروه بهذا الإسناد إلا عبدالرحمن بن عبدالله! تفرد به عنه: قرة بن حبيب!
والحديث
مشهور صحيح عن أبي هريرة من طرق أخرى، رواه عنه جماعة، منهم: عَبْدالرَّحْمَنِ بن
هُرْمُزَ الأَعْرَج، وطَاوُسٍ، وهَمَّام بن مُنَبِّهٍ، وأحاديثهم في «الصحيحين».
·
الحديث الخامس: حديث خالف فيه
الناس فرفعه، وهم وقفوه!
أخرج
أبو داود في «سننه» (1/477) (640) قال: حدَّثنا مجاهد بن موسى، قال: حدَّثنا عثمان
بن عمر، قال: حدَّثنا عبدالرحمن بن عبدالله - يعني ابنَ دينار-، عن محمّد بن زيد، عن
أمّه، عن أم سلمة أنها سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم: أتُصلّي المرأةُ في دِرْعٍ
وخِمارٍ ليس عليها إزارٌ؟ قال: «إذا كان الدرع سابغاً يُغَطي ظُهورَ قَدَمَيها».
وأخرجه
الحاكم في «المستدرك» (1/380) (915) عن أَبي الوَلِيدِ الفَقِيه، عن مُحَمَّد بن
نُعَيْمٍ، عن مُجَاهِد بن مُوسَى، به.
وأخرجه
البيهقي في «السنن الكبرى» (2/329) (3251) من طريق العَبَّاس بن مُحَمَّدٍ
الدُّورِيّ، عن عُثْمَان بن عُمَرَ، به.
قال
أبو داود: "روى هذا الحديثَ: مالكُ بن أنس، وبكرُ بن مُضَر، وحفصُ بن غِياث،
وإسماعيلُ بن جعفر، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق، عن محمَّد بن زيد، عن أمّه، عن أم سلمة،
لم يذكر أحدٌ منهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَصَروا به على أمِّ سلمة".
وقال
الحاكم: "هذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ وَلَمْ
يُخَرِّجَاهُ".
ووقع
في مطبوع «المستدرك»: "عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدِ بنِ قُنْفُذٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.."! وهو خطأ، والصواب: «عن أمّه».
وهذا
الحديث أخطأ فيه عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار كما بيّن أبو داود في كلامه بأن
جمعاً ممن رووه عن محمد بن زيد لم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما
قصروه على أم سلمة، فالسؤال وُجّه لها لا أنها هي من سألت النبي صلى الله عليه
وسلم، ووهم فيه عبدالرحمن فرفعه!
·
خطأ في «علل الدارقطني»!
وقد
سئل الدارقطني في «العلل» (14/438) (3787) عن حديث محمد بن زيد بن المهاجر، عن
أمه، عن عائشة؛ سألتها: «أتصلي المرأة في درع وخمار، ليس عليها
غيره؟ قالت: نعم»؟
فقال:
"اختلف فيه على محمد بن زيد:
فرواه
ابن لهيعة، ومعاوية بن شعبة، ومالك، والدراوردي، وإسماعيل بن جعفر، وغيرهم، عن
محمد بن زيد، عن أمه، عن عائشة، موقوفاً.
ورفعه
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عن محمد بن زيد، وأسنده إلى
النبي صلى الله عليه وسلم.
والمحفوظ
الموقوف".
قلت:
كذا ورد هذا السؤال في المطبوع في «مسند عائشة»!!! وهو خطأ لا شك فيه!! وإنما هو
من «مسند أم سلمة».
وقد
أورده الدارقطني في «مسند أم سلمة» في «العلل» (15/251) (4000) وسئل عن حديث محمد
بن زيد بن المهاجر بن قنفذ، عن أمه، عن أم سلمة، أَنَّهَا سَأَلَتِ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أتصلي المرأة في درع وخمار ليس
عليها إزار؟ قال: نعم إذا خمر الدرع القدمين»؟
فقال:
"اختلف عنه في رفعه:
فَرَوَاهُ
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دينار، عنه، مَرْفُوعًا، إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وتابعه
هشام بن سعد، من رواية مالك بن سعير، عنه.
وخالفه
ابن وهب: فرواه عن هشام بن سعد، موقوفاً.
وكذلك
قال الحسن، وابن أبي ذئب، وابن لهيعة، وأبو غسان محمد بن مُطرِّف، وإسماعيل بن
جعفر، والدراوردي، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة، موقوفا، وهو الصواب".
·
الحديث السادس: حديث توبع عليه من
بعض الضعفاء!
روى
الروياني في «مسنده» (2/466) (1487).
والدارقطني
في «سننه» (4/20) (3027).
والحاكم
في «المستدرك» (2/62) (2330) عن عَلِيّ بن عِيسَى الحِيرِيّ.
والبيهقي
في «سننه الكبرى» (6/83) (11275) عن أَبي عَبْدِاللهِ الحَافِظ الحاكم، عن أَبي
الوَلِيدِ الفَقِيه.
ثلاثتهم
(الدارقطني، والحيري، وأبو الوليد الفقيه) عن مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ بنِ
خُزَيْمَةَ.
كلاهما
(الروياني، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة) عن مُحَمَّد بن بَشَّارٍ بُندار.
والطحاوي
في «شرح مشكل الآثار» (5/132) (1875).
وابن
عدي في «الكامل» (5/487) عن عَبدالحَكَمِ بن نَافِعِ بنِ أصبغ التنيسي.
كلاهما
(الطحاوي، وعبدالحكم) عن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوقٍ.
كلاهما (بُندار، وإبراهيم) عن عَبْدالصَّمَدِ بن
عَبْدِالوَارِثِ التَّنُّورِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ
عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، قال: أخبرنا زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، قالَ: رَأَيْتُ
شَيْخًا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ: سَرَّقٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا
الِاسْمُ؟ قَالَ: اسْمٌ سَمَّانِيهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَلَنْ أَدَعَهُ، قَالَ: قُلْتُ: لَمَ سَمَّاكَ؟، قَالَ: قَدِمْتُ
الْمَدِينَةَ فَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ مَالًا يَقْدَمُ فَبَايَعُونِي
فَاسْتَهْلَكْتُ أَمْوَالَهُمْ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: «أَنْتَ سَرَّقٌ»، وَبَاعَنِي بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ، فَقَالَ
الْغُرَمَاءُ لِلَّذِي اشْتَرَى: مَا تَصْنَعُ؟. قَالَ: أُعْتِقُهُ، قَالَ:
فَلَسْنَا بِأَزْهَدَ فِي الْأَجْرِ مِنْكَ، وَأَعْتَقُونِي بَيْنَهُمْ، وَبَقِيَ
اسْمِي.
قال
الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
كذا
رواه بُندار، وإبراهيم بن مرزوق عن عَبْدالصَّمَدِ، عن
عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عن زَيْد بن أَسْلَمَ، عن سَرَّق.
وخالفهما
أبو قلابة عَبْدُالمَلِكِ بن مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيّ البصري، فزاد بين زيد بن أسلم
وبين سرق رجلا.
·
تصحيح الحاكم للإسنادين مع
الاختلاف بينهما!
رواه
الحاكم في «المستدرك» (4/114) (7062) عن أَبي بَكْرٍ مُحَمَّد بن عَبْدِاللَّهِ
بنِ أَحْمَدَ بنِ عَتَّابٍ العَبْدِيّ، عن عَبْدالمَلِكِ بن مُحَمَّدٍ الرَقَاشِيّ،
عن عَبْدالصَّمَدِ بن عَبْدِالوَارِثِ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ
دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ
الْبَيْلَمَانِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ شَيْخًا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يُقَالُ
لَهُ سَرَقٌ، فَأَتَيْتُهُ وَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لِي: سَمَّانِي رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ أَكُنْ لِأَدَعَ ذَلِكَ أَبَدًا،
فذكره بطوله.
قال
الحاكم:"هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
قلت:
العجب من الحاكم كيف صحح كلا الإسنادين مع الاختلاف بينهما!!
·
حال أبي قلابة عبدالملك الرّقاشي:
وعبدالملك
الرقاشي أبو قلابة صدوق تكلّموا في حفظه!
قَال
أَبُو عُبَيد الآجري: سمعت أبا داود ذكر أبا قلابة، فقال: "رجل صدوق أمين
مأمون كتبت عنه بالبصرة".
وذكره
ابن حبان في «الثقات»، وقال: "وكانَ يحفظ أَكثر حَدِيثه".
وقال
الدَّارَقُطنِيّ: "قيل لنا كان مستجاب الدعوة، صدوق كثير الخطأ في الأسانيد
والمتون، لا يحتج بما انفرد به. بلغني عن شيخنا أبي القاسم ابن بنت منيع: عندي عن
أبي قلابة عشرة أجزاء ما منها حديث يسلم، إما في الإسناد أو في المتن، كان يُحدِّث
من حفظه فكثرت الأوهام منه".
وَقَال
أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير الطبري: "ما رأيت أحفظ من أبي قلابة".
وقال
مَسلمة بن القاسم في كتاب «الصلة»: "كان راوية للحديث متقنا ثقة، يحفظ حديث
شعبة كما يحفظ السورة من القرآن، وسمعت ابن الأعرابي يقول: كان أبو قلابة يملي
حديث شعبة على الأبواب من حفظه، ويأتي قوم آخرون فيملي عليهم حديث شعبة على
الشيوخ، وما رأيت أحفظ منه وكان من الثقات، وكان قد حدث بسامراء وبغداد فما بدل من
حديثه شيئًا".
وقال
ابن حجر: "صدوق يخطىء، تغير حفظه لما سكن بغداد".
قلت:
إن كان عبدالملك حفظ عن عبدالصمد فيكون الوهم فيه من عبدالصمد نفسه، وهو وإن كان
ثقة إلا أنه له بعض الأخطاء.
وإن
لم يكن قد حفظه فيكون عبدالرحم بن عبدالله بن دينار خالف فيه مُسْلِم بن خَالِدٍ
الزنجي، فإنه رواه وأَدْخَلَ فِي إِسْنَادِهِ بَيْنَ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ وَبَيْنَ
سُرَّقٍ: عَبْدَالرَّحْمَنِ بنَ الْبَيْلَمَانِيِّ.
وهذا
يدّعم حفظ عبدالملك للحديث عن عبدالصمد عن عبدالرحمن؛ لأنه زاد في إسناده «ابن
البيلماني».
لكن
رُوي أيضاً عن زيد بن أسلم دون ذكر «ابن البيلماني»!
·
متابعة لعبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار عن زيد بن أسلم:
روى
الدارقطني في «سننه» (4/19) (3026) عن عَلِيّ بن إِبْرَاهِيمَ المُسْتَمْلِي، عن
مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، عن أَبي الخَطَّابِ زِيَاد بن يَحْيَى
الحَسَّانِيّ، عن مَرْحُوم بن عَبْدِالعَزِيزِ، قال: حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ
بنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وعَبْدُاللَّهِ بنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِمَا: أَنَّهُ
كَانَ فِي غَزَاةٍ فَسَمِعَ رَجُلًا يُنَادِي آخَرَ، يَقُولُ: يَا سُرَّقُ يَا
سُرَّقُ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ: مَا سُرَّقٌ؟ فَقَالَ: سَمَّانِيهِ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْ أَعْرَابِيٍّ نَاقَةً،
ثُمَّ تَوَارَيْتُ عَنْهُ فَاسْتَهْلَكْتُ ثَمَنَهَا، فَجَاءَ الْأَعْرَابِيُّ
يَطْلُبُنِي، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَاسْتَعْدِي عَلَيْهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنِّي نَاقَةً
ثُمَّ تَوَارَى عَنِّي فَمَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، قَالَ: «اطْلُبْهُ»، قَالَ:
فَوَجَدَنِي فَأَتَى بِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا اشْتَرَى مِنِّي نَاقَةً ثُمَّ تَوَارَى عَنِّي،
فقال: «أَعْطِهِ ثَمَنَهَا»، قالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَهْلَكْتُهُ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَنْتَ سُرَّقٌ»،
ثُمَّ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: «اذْهَبْ فَبِعْهُ فِي السُّوقِ وَخُذْ ثَمَنَ
نَاقَتِكَ»، فَأَقَامَنِي فِي السُّوقِ فَأَعْطَى فِيَّ ثَمَنًا، فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي:
مَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أُعْتِقُهُ، فَأَعْتَقَنِي الْأَعْرَابِيُّ.
قلت:
فهذه
متابعة لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن زيد بن أسلم، تابعه عَبْدُالرَّحْمَنِ
وعبدالله عن أبيهما زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.
وعبدالرحمن
بن زيد متفق على ضعفه، وعبدالله أفضل حالاً منه.
قال
يَحْيَى بن مَعِيْن: "عبدالرَّحْمَن بن زَيْد بن أَسْلَم، وعبدالله بن زَيْد
بن أَسْلَم، وأسامة بن زَيْد بن أَسْلَم، وولد زَيْد بن أَسْلَم ثلاثتهم ضعفاء في
الحَدِيْث ليس حديثهم بشيء".
وقال
أَبُو داود: "أولاد زيد بن أسلم كلهم ضعيف، وأمثلهم عَبداللَّه".
وعبدالله
بن زيد ضعفه أيضاً أبو زرعة.
ووثقه
أحمد، وغيره.
وقال
النسائي: "ليس بالقوي".
وقال
الجوزجاني: "الثلاثة ضعفاء في الحديث من غير بدعة ولا زيغ".
وخالفهم
مُسْلِمُ بنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ، فرواه عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ
عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ البَيْلَمَانِيِّ.
·
رواية مُسْلِم بن خَالِدٍ
الزِّنْجِيّ:
رواه
ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (7/349) عن أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ الوَلِيدِ الأَزْرَقِيّ
المَكِّيّ.
وابن
أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (1/291) (1056) عن مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ
الوَرْكَانِيّ.
والبغوي
في «معجم الصحابة» (3/267) (1207) عن عَبْدالأَعْلَى بن حَمَّادٍ النَّرْسِيّ.
والطحاوي
في «شرح مشكل الآثار» (5/133) (1876) عن
إِبْرَاهِيم بن أَبِي دَاوُدَ، عن يَحْيَى بن صَالِحٍ الوُحَاظِيّ.
والطبراني
في «المعجم الكبير» (7/165) (6716) عن عَلِيّ بن عَبْدِالعَزِيزِ، عن مُعَلَّى
بن مَهْدِيٍّ المَوْصِلِيّ.
وعن
عَبْداللهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عن العَبَّاس بن الوَلِيدِ النَّرْسِيّ.
والدارقطني
في «سننه» (4/19) عن عَلِيّ بن إِبْرَاهِيمَ المُسْتَمْلِي، عن مُحَمَّد بن
إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، عن مُحَمَّد بن زِيَادِ بنِ عُبَيْدِاللَّهِ.
والخطيب
البغدادي في «المتفق والمفترق» (3/1884) (1480) عن عبدالله بن أبي بكر بن شاذان،
عن أبي بكر بن جعفر بن أحمد بن جعفر الحريري المعدل، عن عبدالله بن أحمد بن سعيد
الجصاص، عن محمد بن زياد الزيادي.
كلهم
(الأزرقي، والوركاني، وعبدالأعلى النرسي، والوحاظي، ومعلّى، والعباس النرسيّ،
ومحمد بن زياد) عن مُسْلِم بن خَالِدٍ الزِّنْجِيّ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ،
عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ البَيْلَمَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ بِمِصْرَ
فَقَالَ لِي رَجُلٌ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى. فَأَشَارَ إِلَى رَجُلٍ
فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللهُ؟ فَقَالَ: أَنَا سُرَّقٌ،
فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ، مَا يَنْبَغِي أَنْ تُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ، وأَنْتَ
رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالَ:
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّانِي سُرَّقًا فَلَنْ
أَدَعَ ذَلِكَ أَبَدًا، قُلْتُ: وَلِمَ سَمَّاكَ سُرَّقًا؟ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا
مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ بِبَعِيرَيْنِ لَهُ يَبِيعُهُمَا، فَابْتَعْتُهُمَا
مِنْهُ وَقُلْتُ: انْطَلِقْ مَعِي حَتَّى أُعْطِيَكَ، فَدَخَلْتُ بَيْتِي ثُمَّ
خَرَجْتُ مِنْ خَلْفٍ لِي، وَقَضَيْتُ بِثَمَنِ البَعِيرَيْنِ حَاجَتِي
وَتَغَيَّبْتُ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ قَدْ خَرَجَ فَخَرَجْتُ
وَالْأَعْرَابِيُّ مُقِيمٌ، فَأَخَذَنِي وَقَدَّمَنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ الخَبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟» فَقُلْتُ:
قَضَيْتُ بِثَمَنِهِمَا حَاجَتِي يَا رَسُولَ اللهِ! قالَ: «فَاقْضِهِ»، قُلْتُ:
لَيْسَ عَنْدِي. قَالَ: «أَنْتَ سُرَّقٌ، اذْهَبْ يَا أَعْرَابِيُّ فَبِعْهُ
حَتَّى تَسْتَوْفِيَ حَقَّكَ»، فَجَعَلَ النَّاسُ يَسُومُونَهُ بِي، وَيَلْتَفِتُ
إِلَيْهِمْ فَيَقُولُ: مَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نُرِيدُ أَنْ نَبْتَاعَهُ
مِنْكَ، قالَ: فَوَاللهِ إِنْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنِّي، اذْهَبْ
فَقَدْ أَعْتَقْتُكَ.
·
تضعيف الأزدي والبيهقي للحديث!
قال
أبو الفتح الأزدي في ترجمة «سُرق»: "له صحبة، تفرد عنه بالرواية عبدالله بن
يزيد. وقال ابن البيلماني عن سرق، ولا يصح".
وقال
البيهقي في «السنن الكبرى» (6/84) بعد أن روى الحديث: "ومَدَارُ حَدِيثِ
سُرَّقٍ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَكُلُّهُمْ لَيْسُوا بِأَقْوِيَاءَ، عَبْدُالرَّحْمَنِ
بنُ عَبْدِاللهِ وابْنَا زَيْدٍ، وإِنْ كَانَ الحَدِيثُ عَنْ زَيْدٍ عَنِ ابنِ البَيْلَمَانِيِّ،
فَابنُ الْبَيْلَمَانِيِّ ضَعِيفٌ فِي الحَدِيثِ، وَفِي إِجمَاعِ العُلَمَاءِ
عَلَى خِلَافِهِ - وهُمْ لَا يُجْمِعُونَ عَلَى تَرْكِ رِوَايَةٍ ثَابِتَةٍ -
دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِهِ أَوْ نَسْخِهِ إِنْ كَانَ ثَابِتًا، وبِاللهِ التَّوْفِيقُ".
·
حال عبدالرحمن ابن البيلماني:
قلت:
عبدالرَّحْمَن بن البَيْلَمَانِي تابعي مشهور، وهو ضعيف.
قال
أبو حاتم: "لين".
وقال
صالح جزرة: "حديثه منكر، ولا يعرف أنه سمع من أحد من الصحابة إلا من سرق".
وذكره
ابنُ حِبَّان في كتاب «الثقات»، وقال: "لا يجب أَن يعْتَبر بِشَيْء من حَدِيثه
إِذا كَانَ من رِوَايَة ابنه؛ لِأَن ابنه مُحَمَّد بن عَبْدالرَّحْمَن يضع على
أَبِيه العَجَائِب".
وقال
الدارقطني: "ضعيف، لا تقوم به حجة".
وقال
الأزدي: "منكر الحديث، يروي عن ابن عمر بواطيل".
وقال
البزار: "له مناكير، وهو ضعيفُ عند أهل العلم".
والذي
أميل إليه أن الحديث محفوظ عن زيد بن أسلم عن ابن البيلماني، وتكون رواية عبدالملك
الرقاشي عن عبدالصمد عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار موافقة للمحفوظ، فيكون
عبدالرحمن قد توبع على حديثه، وكذا يكون قد توبع عليه حتى لو كانت رواية الرقاشي
غير صحيحة؛ لأنه توبع على الوجه الآخر، والله أعلم.
·
شهرة قصة سُرَّق عند المصريين!
وهذه
القصة لسرّق مشهورة عند المصريين.
وفي
كتاب أبي أحمد العسكري: "سُرَق: مخفف مثل غدر وفسق، وأصحاب الحديث يشدون
الراء، والصواب تخفيفها، أعتقه أبو عبدالرحمن القَيْني".
وقال
ابن يونس: "هو رجل من الصحابة معروف من أهل مصر، كان بالإسكندرية، روى عنه
زيد بن أسلم".
قلت:
جعل ابن يونس الراوي عنه زيد بن أسلم! وكأنه لم يعتبر رواية ابن البيلماني أو أنها
لم تقع له، ووقعت له رواية من رواه عن زيد بن أسلم عن سرق!
وجعل
أبو حاتم الراوي عنه: ابن البيلماني.
قال
ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (4/320): "سرق: مصري، روى عن النبي صلى
الله عليه وسلم. روى عنه: عبدالرحمن بن البيلماني. سمعت أبي يقول ذلك".
وقال
في موضع آخر (5/216): "عبدالرحمن بن البيلماني مولى عمر: سمع من ابن عمر. روى
عنه: سماك بن الفضل، وزيد بن أسلم، سمعت أبي يقول ذلك. وسألته عنه فقال: هو لين".
قال
ابن أبي حاتم: "وسمع من سرق رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".
والقصة
لها طريق آخر عند المصريين:
رواه
ابن عبدالحكم في «فتوح مصر والمغرب» (ص: 327) عن ابن لهيعة، عن أبي الخير، عن أبي
عبدالرحمن الجهني: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم باع رجلًا فى دين يقال له
سرّق.
قال
عبدالرحمن ابن أبي الحكم: هكذا وجدته في كتابي فذاكرت به بعض أصحابنا فقال: إنما
هو: ابن لَهِيعَةَ، عن بَكْر بن سَوَادَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ
الحُبُلِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ القَيْنِيِّ - وكان من أصحاب رسول الله
صلّى الله عليه وسلم- قال: قدم رَجُلٍ قَدْ قَرَأَ سُورَةَ البَقَرَةِ ببزّ فباعه
من سرّق فَتَجَارَاهُ فَتَغَيَّبَ عَنْهُ، ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ، فَأَتَى بِهِ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِعْ سَرِقَ» ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ بِهِ فَسَاوَمَنِي بِهِ
أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ
بَدَا لِي فَأَعْتَقْتُهُ.
ورواه
الطبراني في «المعجم الكبير» (22/291) (745) عن بَكْر بن سَهْلٍ، عن عَبْداللهِ بن
يُوسُفَ، عن ابن لَهِيعَةَ، عن بَكْر بن سَوَادَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ،
عَنْ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ القَيْنِيِّ، به.
ورواه
أبو نُعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» (5/2954) (6895) عن الطبراني.
وأبو
عبدالرحمن القيني قيل هو: أبو عبدالله القيني.
قال
ابن حجر في «الإصابة» (7/214): "أبو عبداللَّه القيني - بفتح القاف وسكون
التحتانية المثناة بعدها نون -. ذكر ابن منده، عن أبي سعيد بن يونس: أنّ له صحبة.
وروى عنه أبو عبدالرحمن الحبلي. وقيل: إن شيخ الحبلي يكنى أبا عبدالرحمن".
وقال
ابن عبدالبر في «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (4/1706): "أَبُو عَبْداللَّهِ القيني،
له صحبة، مصري. روى عنه أَبُو عَبْدالرَّحْمَنِ الحبلي قصة سرق وبيعه فِي الدَّين
الَّذِي استهلكه، ليس حديثه بالقوي".
فالقصة
مشهورة، لكن في أسانيدها كلام، والله أعلم.
·
الحديث السابع: حديث خالف فيه:
وصله هو، وأرسله غيره!
روى
عَلِيّ بن الجَعْدِ في «مسنده» (ص: 434) (2952).
وأحمد
في «مسنده» (36/233) (21903) عن عَبْدالصَّمَدِ، وحَمَّاد بن خَالِدٍ.
و(36/235)
(21904) عن أَبي النَّضْرِ هاشم بن القاسم.
والدارمي
في «مسنده» (2/1284) (2061) عن عُبَيْداللَّهِ بن عَبْدِالمَجِيدِ.
والترمذي
في «جامعه» (3/126) (1480) عن مُحَمَّد بن عَبْدِالأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، عن
سَلَمَة بن رَجَاءٍ.
وأبو
داود في «سننه» (4/479) (2858) عن عثمان بن أبي شيبةَ، عن هاشم بن القاسمِ.
وابن
الجارود في «المنتقى» (ص: 221) (876) عن مُحَمَّد بن خَلَفٍ الحَدَّاد، عن يَعْقُوب
بن إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيّ.
والحاكم
في «المستدرك» (4/266) (7597) من طريق بَكَّار بن قُتَيْبَةَ، عن أَبي دَاوُد
الطيالسي.
كلهم
(علي بن الجعد، وعبدالصمد، وحماد، وأبو النضر، وعبيدالله، وسلمة، ويعقوب،
والطيالسي) عن عَبدالرَّحْمَنِ بن عَبداللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ
أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاء بن يَسار، عَن أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: قَدِمَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، وَالنَّاسُ يجبون
أسنام الإِبِلِ وَيَقْطَعُونَ أَلْيَاتِ الغَنَمِ! فقالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا قُطِعَ مِنَ البَهِمَةِ وهي حية فهو ميتة».
ورواه
البغوي في «معجم الصحابة» (2/43) (438)، وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» (3/36) (1450)
عن عَلِيّ بن
الجَعْدِ، به.
وسقط
من رواية أبي يعلى: «عطاء بن يسار»!
ورواه ابن عدي في «الكامل» (5/487)، وابن شاهين في «الخامس
من الأفراد» (ص: 191)
(2)، كلاهما عن
البغوي، به.
ورواه الطحاوي في «شرح مشكل
الآثار» (4/237)
(1572) عن إبْرَاهِيم بن أَبِي دَاوُدَ.
والطبراني في «المعجم الكبير» (3/248)
(3304) عن مُحَمَّد بن عَبْدُوسِ بنِ كَامِلٍ.
والدارقطني في «سننه» (5/527)
(4792) عن أَبي القَاسِمِ بن مَنِيعٍ.
ثلاثتهم عن عَلِيّ بن الجَعْدِ، به.
·
تنبيه
على خطأ في مطبوع «المستدرك»!!
جاء في مطبوع «المستدرك» (4/266) (7597) [نسخة
مصطفى عبدالقادر عطا]:
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا
سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ. وَحَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثَنَا
أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ
اللَّيْثِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، الحديث.
قلت: الإسناد الأول: "حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ
خَيْثَمَةَ" إنما هو للحديث السابق! فكأنه خطأ من الناسخ!! سبق نظره فأعاده
في هذا الحديث!!!
·
حكم
العلماء على الحديث:
قال
الترمذي: "وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ
حَدِيثِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ والعَمَلُ عَلَى هذا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ".
قَالَ
ابن القطَّان الفاسي: "وإنَّما لم يصحِّحه التِّرْمِذِيّ، لِأَنَّهُ من
رِوَايَة عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار، وَهُوَ يُضَعَّف، وإنَّ كَانَ
البُخَارِيّ قد أخرج لَهُ".
فتعقبه
ابن الملقن في «البدر المنير» (1/462) فقال: "قلت: لَكِن الحَاكِم رَحِمَهُ
اللَّهُ لم يَعْبَأْ بِهَذَا التَّضْعِيف، فَأخْرجهُ فِي «المُسْتَدْرك» كَمَا
تقدَّم، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الإِسناد. قلت: أَي عَلَى شَرط
البُخَارِيّ. وَخَالف أَبُو زرْعَة، فَقَالَ - عَلَى مَا نَقله ابْن أبي حَاتِم
فِي «علله» -: إنَّ هَذَا الحَدِيث وهمٌ، وَأَن الصَّحِيح: حَدِيث زيد بن أسلم عَن
ابْن عمر. يَعْنِي الْآتِي إِثْر هَذَا، وَفِي ذَلِك نظر".
قلت:
ما نُقل عن أبي زرعة خطأ كما سأبينه إن شاء الله.
وقال البغوي: "ولم يرو هذا الحديث عن غير عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار، ورواه عنه المتقدمون، وهو صالح الحديث، روى عنه يحيى بن سعيد
القطان".
وقال ابن شاهين: "وهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ".
وقال
ابن عدي: "وهذا لا أعلم يَرْوِيهِ عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ غير عَبدالرحمن
بن عَبدالله هذا".
وقال الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ
البُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
·
رأي
البخاري في الحديث!
وقال الترمذي في «العلل» (ص:
241): سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَرَى هَذَا
الحَدِيثَ مَحْفُوظًا؟ قال: نَعَمْ. قُلْتُ لَهُ: عَطَاءُ بنُ يَسَارٍ أَدْرَكَ
أَبَا وَاقِدٍ؟ فقَالَ: "يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَهُ، عَطَاءُ بنُ
يَسَارٍ قَدِيمٌ".
قلت: ظاهر كلام البخاري تصحيح هذا الإسناد! وهو قد خرّج
في «صحيحه»
لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار!
ورأى
أن عطاء بن يسار قد أدرك أبا واقد؛ لأنه قديم!!
لكن
هذا فيه نظر!! فالحديث معلول! ولا يحفظ فيه ذكر أبي واقد!! وقد وهم فيه عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار! والمحفوظ أنه مرسل دون ذكر أبي واقد فيه!
رواه
عبدالرزاق في «المصنف» (4/494)
(8611) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ قالَ: كَانَ أَهْلُ
الْجَاهِلَيَّةِ يَجُبُّونَ الْأَسْنِمَةَ، وَيَقْطَعُونَ الْأَلِيَّاتِ،
فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ:
«مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ، وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ».
وقال الحاكم في «المستدرك» (4/138):
"رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلَالٍ،
عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ مُرْسَلًا".
فمعمر وسليمان بن بلال أوثق من عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار، وروايتهما المرسلة أصح من رواية عبدالرحمن الموصولة!
·
تعليل
أبي زرعة للحديث، وتصحيح ما وقع في «العلل»!
قال
ابن أبي حاتم في «العلل» (4/353) (1479): وسألتُ أَبَا
زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رواه عبدالرحمن بن عبدالله بنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
أسلَم، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِب (!)، عَنْ أَبِي واقدٍ اللَّيْثي؛
قَالَ: قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ والناسُ يَجُبُّونَ أَسْنامَ
الإِبِلِ، وَيَقْطَعُونَ أَلَيَاتِ الْغَنَمِ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
«مَا قُطِعَ مِنَ البَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ، فَهُوَ مَيْتَةٌ».
ورَوَى
مَعْن القَزَّاز، عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أسلَم، عَنِ ابنِ
عُمَرَ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟
قال
أَبُو زُرْعَةَ: "جَمِيعًا وَهْمَين! والصَّحيحُ: حديثُ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلَم، عَنْ ابن عمر، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مُرسَلً".
قال
محققوا الكتاب [بإشراف سعد الحميد وخالد الجريسي]: "كذا في جميع النسخ، وهو مُشكِل
كما ترى! إذ كيف يذكر أن الحديث مُرسَل وهو متَّصل؟! فلعله انتقال بصر من
النسَّاخ، ولعله يعني: «والصَّحيح: حَدِيثُ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، عَنْ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مرسل»".
وقال
محمد الدباسي محقق نسخة أخرى من الكتاب (2/217) وهي أسبق من النسخة السابقة:
"هكذا في جميع النسخ، ولعله بسبب انتقال النظر، ولعل الصواب: والصحيح حديث
سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم،
مرسلا".
قلت:
نعم، هو لا شك سبق نظر من الناسخ، وأخطأ من قال بأن الصواب: "والصَّحيح:
حَدِيثُ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ النبيِّ صلى الله
عليه وسلم، مرسل"! إذا كيف يصححه وهو يقول عنه مع الذي قبله: "جميعا
وهمين" - أو "وهمان".
والصواب
ما ذكره محقق النسخة الأخرى بأن الصواب حديث سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن
عطاء بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا.
وما
جاء في أصل الكتاب: «عن عطاء بن السائب» خطأ! والصواب: «عطاء بن يسار»؛ لأن الحديث
حديثه، ولا شأن لابن السائب به.
·
ترجيح الدارقطني للإرسال في هذا
الحديث.
وقد
سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (6/297)
(1152) عن
هذا الحديث؟ فقال:
"يَرْوِيهِ
زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، وعَبْدُاللَّهِ بنُ جَعْفَرٍ
المَدِينِيُّ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
وَاقِدٍ.
وَخَالَفَهُمَا
المِسْوَرُ بنُ الصَّلْتِ، فَرَوَاهُ عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءٍ،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ.
وقَالَ
سُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ: عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا.
وَقَالَ
هِشَامُ بنُ سَعْدٍ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابنِ عُمَرَ.
والمرسل
أشبه".
فرجّح
الدارقطني إرساله كما رواه سليمان بن بلال، وهو أوثق من كل من رواه عن زيد بن
أسلم، فكلهم ضعفاء ووهموا فيه، ولم يضبطه إلا سليمان.
·
رواية المِسْوَر
بن الصَّلْتِ، وخَارِجَة بن مُصْعَبٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ!
وروى البَزَّارُ فِي «مُسْنَدِهِ» [كشف
الأستار عن زوائد البزار (2/67) (1220)] قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مِسْكِينٍ،
قال: حدثنا يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ، قال: حدثنا المِسْوَرُ بنُ الصَّلْتِ، عَنْ
زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ،
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ قَطْعِ أَلْيَاتِ
الْغَنَمِ وَجُبَابِ أَسْنِمَةِ الإِبِلِ، فَقَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ مِنْ
بَهِيمَةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ».
قال البَزَّارُ: "هَكَذَا رَوَاهُ المِسْوَرُ، وَخَالَفَهُ
سُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ، فَلَمْ يُوصِلْهُ.
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ مِسْكِينٍ، قال: حدثنا يَحْيَى
بنُ حَسَّانٍ، قال: حدثنا سُلَيمان بنُ بِلالٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ
عَطَاءٍ، قَالَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ مُرْسَلا. ولا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ
إِلا المِسْوَرُ، وَلَيْسَ هُوَ بِالحَافِظِ، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ
بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ، مُتَّصِلا".
وقال البزار أيضاً: "وهَذَا حَدِيثٌ قَدْ اُخْتُلِفَ
فِيهِ عَلَى زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ! فَقَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي
وَاقِدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ المِسْوَرُ
بْنُ الصَّلْتِ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقَالَ: سُلَيْمَانُ
بنُ بِلَالٍ: عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا. والمِسْوَرُ لَيِّنُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَى
عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ، فَلَيْسَ بِالقَوِيِّ فِي الحَدِيثِ" [نصب الراية (4/318)].
ورجّح
المرسل أيضاً الدارقطني عندما سئل في «العلل» (11/259)
(2273) عَنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «أَنَّ
أُنَاسًا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ
عَمَّا قُطِعَ مِنْ أَسْنِمَةِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: كُلُّ مَا قُطِعَ مِنَ الحَيِّ
فَهُوَ مَيِّتٌ»؟. فقالَ:
"يَرْوِيهِ المِسْوَرُ بنُ الصَّلْتِ، وخَارِجَةُ
بْنُ مُصْعَبٍ، مِنْ رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا.
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامُ بْنُ
سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
والمُرْسَلُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ".
·
حالُ الِمسور
بن الصلت!
والمسور بن الصلت ضعيف سيء الحفظ، تركه بعضهم.
قال البخاري: "مسور بن الصلت، ضعيف، ضعفه أَحْمَد".
وقال ابن حَمَّاد: قَالَ البُخارِيّ: "مسور بن
الصَّلْت ضعيف متروك الحديث".
وقال أبو حاتم، وأبو زرعة: "ضعيف الحديث".
وقال النسائي: "مسور بن الصَّلْت متروك الحديث".
وقال
ابن حبان: "كَانَ غاليا فِي التَّشَيُّع يشْتم السّلف! وكَانَ يروي عَن
الثِّقَات الموضوعات لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ، كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يكذبهُ،
وأما يحيى فَحسّن القَوْل فِيهِ. سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَحْمُودٍ يَقُولُ:
سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ - جزرة - يَقُولُ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ معِين عن
مِسْوَرِ بنِ الصَّلْتِ؟ فَقَالَ: شَيْخٌ صَدُوق".
لكن
نقل العقيلي في «الضعفاء» (4/244) عن عَبَّاس الدوري قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى،
يَقُولُ: "مِسْوَرُ بْنُ الصَّلْتِ كُوفِيٌّ، سَمِعَ مِنْهُ سَعْدَوَيْهِ،
كَانَ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ الشِّيعَةِ، ضَعِيفٌ".
لكن
لفظ «ضعيف» لا يوجد في المطبوع من رواية عباس الدوري لتاريخ ابن معين (4/33) (2999).
قال
عباس: سَمِعت يحيى يَقُول: "مسور بن الصَّلْت كَانَ كوفيا قد سمع مِنْهُ
سَعْدَوَيْه، وَكَانَ يحدث بِأَحَادِيث الشِّيعَة".
وقال
البزار: "ليس هو بالحافظ".
وقال الدارقطني: "المسور بن الصلت ضعيف".
·
علّة
الجمع بين الشيوخ في رواية الحاكم!!
بعد أن أخرج الحاكم في «المستدرك» (4/137)
رواية عَبْدِاللَّهِ بنِ جَعْفَرٍ، عن زَيْد بن أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، الآتية، وصححها، قال: "وقَدْ
قِيلَ: عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ".
ثم ساق الرواية فقال: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوبَ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالحَكَمِ، قال: حدثَنَا
يَحْيَى بنُ حَسَّانَ، قال: حدثَنَا مِسْوَرُ بنُ الصَّلْتِ، وسُلَيْمَانُ
بنُ بِلَالٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سُئِلَ عَنْ جَبَّاتِ أَسْنِمَةِ الْإِبِلِ وَأَلْيَاتِ الْغَنَمِ فَقَالَ: «مَا
قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ».
قال: "رَوَاهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ،
عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، مُرْسَلًا، وَقِيلَ:
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ"، ثم ساق الرواية من حديث هشام
بن سعد الآتي.
قلت: ظاهر الأمر أن الحاكم لم يعتد برواية محمد بن
عبدالحكم التي فيها الجمع بين المسور وسليمان بن بلال، وذلك لأمرين:
الأول: أنه صحح رواية عبدالله بن جعفر، ثم اتبعها بقوله:
"وقد قيل...".
الثاني: أنه أراد فقط عرض الاختلاف في الأسانيد الأخرى،
فبعد أن ذكرها مجملاً بصيغة التمريض، ساق الرواية كاملة متصلة، ثم بين أن
عبدالرحمن بن مهدي خالف فيها فرواها مرسلة، ولم يتعرض لها بتصحيح كعادته في تصحيح
ما يراه صحيحاً!
ثم بيّن الاختلاف الآخر في رواية أخرى بقوله: "وقيل
عن زيد بن أسلم عن ابن عمر"، وساق الرواية دون الكلام عليها.
والجمع بين المسور بن الصلت وسليمان بن بلال بهذا
الإسناد متصلاً خطأ!! لأن مُحَمَّد بن مسكين بن اليمامي الثقة حدّث بكلا الروايتين
- كما تقدم عند البزار - عن يحيى بن حسان التنيسي، وفصل بينهما، فبين أن رواية
المسور مرفوعة، ورواية سليمان بن بلال مرسلة.
فالذي جمع بين الشيخين حمل الرواية المرسلة على الرواية
المتصلة فأخطأ!!
وأكبر ظنّي أن الذي جمع بين الروايتين هو مُحَمَّدُ بنُ
عَبْدِاللَّهِ بنِ عَبْدِالحَكَمِ المِصْرِيّ الفقيه صاحب الإمام الشافعي. وهو ثقة
صدوق، خرّج له النسائي فقط، وكأن تفرغه للفقه والقضاء جعله لا يعتني كثيراً بضبط
الروايات، والله أعلم.
وأستبعد أن يكون الذي جمع بينها شيخ الحاكم، وهو الإِمَامُ،
المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ العَصْرِ، رِحلَة الوَقْتِ، أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ
مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بن يُوْسُفَ النَّيْسَابُوْرِيّ.
·
تعقّب الزيلعي
للبزار! والرد عليه، وبيان أغلاطه في ذلك!
لما
عرض الزيلعي لتخريج هذا الحديث في «نصب الراية» (4/317) قال: "وأَمَّا
حَدِيثُ الخُدْرِيِّ: فَأَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ عَنْ سُلَيْمَانَ
بنِ بِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ
عَنْ قَطْعِ أَلْيَاتِ الغَنَمِ، وَجَبِّ أَسْنِمَةِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: «مَا قُطِعَ
مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيْتٌ»، انْتَهَى. وقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ،
وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ
أَيْضًا عَنْ المِسْوَرِ بنِ الصَّلْتِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِهِ، وَسَكَتَ
عَنْهُ، وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ رَوَاهُ البَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ وَقَالَ:
هَكَذَا رَوَاهُ المِسْوَرُ بنُ الصَّلْتِ مُسْنَدًا، وَخَالَفَهُ سُلَيْمَانُ
بْنُ بِلَالٍ، فَأَرْسَلَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَعِيدٍ، وَلَا نَعْلَمْ أَحَدًا
قَالَ فِيهِ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إلَّا الْمِسْوَرَ بْنَ الصَّلْتِ، وَلَيْسَ
بِالْحَافِظِ، انْتَهَى.
وَفِيهِ
نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ بِلَالٍ أَسْنَدَهُ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ الحَاكِمِ، وَلَمْ أَجِدْهُ مُرْسَلًا،
إلَّا فِي مُصَنَّفِ عَبْدِالرَّزَّاقِ أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ الحَجِّ:
حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: «كَانَ أَهْلُ
الْجَاهِلِيَّةِ يَجُبُّونَ الْأَسْنِمَةَ، فَقَالَ عليه السلام، الحَدِيثَ»،
حَدَّثَنَا ابنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «كَانَ أَهْلُ
الْجَاهِلِيَّةِ يَقْطَعُونَ أَلْيَاتِ الغنم، وأسمنة الْإِبِلِ، فَذَكَرَهُ».
الثَّانِي:
قَوْلُهُ: لا نعلم أَحَدًا قَالَ فِيهِ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إلَّا المِسْوَرَ،
فَقَدْ تَابَعَ المِسْوَرَ عَلَيْهِ سليمان بن بلال، كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَابَعَهُ
أَيْضًا خَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ الحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي
الحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ، [عن سفيان]، عَنْ خَارِجَةَ بنِ
مُصْعَبٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ مِنْ الحَيِّ فَهُوَ مَيْتٌ»، انْتَهَى. وقَالَ: تَفَرَّدَ
بِهِ خَارِجَةُ فِيمَا أَعْلَمُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ كَذَلِكَ ابنُ عَدِيٍّ فِي
الكَامِلِ وَضَعَّفَ خَارِجَةَ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدَ،
وَابْنِ مَعِينٍ، وَمَشَّاهُ، فَقَالَ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، فَإِنَّهُ يغلط، ولا
يتعمد. انْتَهَى".
قلت:
أولاً:
وهم الزيلعي في تفريقه لحديث الحاكم! فالحاكم جمع بين روايتي سليمان بن بلال
والمسور! وعليه أخطأ في نسبة حكم الحاكم على الحديث!!
فالحاكم
لم يقل في الحديث الذي روي عن سليمان بن بلال: "حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ
الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ"! وإنما حكم على الرواية التي قبلها، وهي
رواية عبدالله بن جعفر، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ
يُخَرِّجَاهُ".
فوهم
الزيلعي في نسبة هذا القول للحاكم في رواية سليمان بن بلال! وكذا في نقله لقول
الحاكم أيضاً!
ثانياً:
سكت الحاكم عن رواية المسور وسليمان التي جمع بينهما محمد بن عبدالحكم؛ لأنه كما
بينت آنفاً أراد بيان الاختلاف في الأسانيد، ولم يرد الكلام عليها، وكأنه لا يرى
صحتها.
ثالثاً:
اعتراضه على قول البزار لا يُسلّم له!
وقوله:
"أَنَّ سُلَيْمَانَ بنَ بِلَالٍ أَسْنَدَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، كَمَا
تَقَدَّمَ عِنْدَ الحَاكِمِ، وَلَمْ أَجِدْهُ مُرْسَلًا، إلَّا فِي مُصَنَّفِ
عَبْدِالرَّزَّاقِ"! ليس بصحيح.
فسليمان
لم يسنده عن أبي سعيد! نعم، جاء في رواية الحاكم التي جمع فيها ابن عبدالحكم بين
شيخي شيخه أن سليمان أسنده! لكن أشار الحاكم إلى أن عبدالرحمن بن مهدي رواه عن
سليمان بن بلال فأرسله، ولو أردنا الترجيح بين رواية عبدالرحمن ورواية غيره لرجحنا
رواية ابن مهدي، فكيف إذا تبيّن لنا أن الرواية التي رواها الحاكم من طريق يحيى بن
حسان قد رواها أيضاً البزار وبين أن رواية يحيى بن حسان عن سليمان بن بلال مرسلة،
وروايته عن المسور متصلة!!
فالصواب
عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم مرسلاً. ويعضد ذلك ما رواه عبدالرزاق عن معمر عن
زيد بن أسلم مرسلاً.
والعجب
من الزيلعي كيف يقول: "رواه البَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ"، ويغفل عن تفصيل
البزار لكلا الروايتين عن يحيى بن حسان عن سليمان بن بلال مرسلة، وعن المسور متصلة!!
ويزداد
العجب منه أنه أعاد نقلاً آخر عن البزار في رواية سليمان المرسلة! فقال: "قال
البزار: وقَال سُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ: عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا..".
وكأني
به لم يرجع لأصل مسند البزار؛ لأن ما نقله عنه في الموضع الأول فيه تصرف!! فيحتمل
أنه نقله من غيره! لأنه تقدم نقلنا عن البزار ما قال في هذه الرواية، ثم سياقه
حديث المسور منفصلاً، والله أعلم.
رابعاً:
وأما قوله في تعقب البزار على قوله "لانعلم أَحَدًا قَالَ فِيهِ: عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ إلَّا المِسْوَرَ": "فَقَدْ تَابَعَ المِسْوَرَ عَلَيْهِ سليمان
بن بلال، كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَابَعَهُ أَيْضًا خَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ.."!
فهذا تعقب مردود!! فسليمان لم يتابع المسور عليه كما بيناه آنفاً، والجمع بينهما
كان خطأ، والرواية الصحيحة عن سليمان بن بلال الإرسال.
وأما
متابعة خارجة فلا يُعتد بها، وسيأتي الكلام عليها لاحقاً إن شاء الله.
خامساً:
قوله عن ابن عدي: "وَضَعَّفَ خَارِجَةَ عَنْ البُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ،
وَأَحْمَدَ، وَابْنِ مَعِينٍ"!! فيه إيهام بأن ضعفه قد يكون ليس بشديد بحيث
يُعتبر به!! وعبارات هؤلاء الأئمة التي نقلها ابن عدي شديدة تدل على أنه متروك
الحديث! بل وقد اتهمه ابن معين بالكذب!! فلا يصلح حينها أن نقول فقط: "ضعفه
فلان وفلان..."!!!
وقد
نقل ابن عدي عن معاوية، عَن يَحْيى، قال: "خارجة بن مصعب: ليس بثقة"،
وقال مرة: "ليس بشَيْءٍ".
ونقل
عن عباس الدوري، عَن يَحْيى، قال: "خارجة بن مصعب كذاب، وليس بشَيْءٍ".
ونقل
عن عَبدالله بن أحمد قال: "نهاني أبي أن أكتب عن خارجة بن مصعب شيئا من
الحديث".
ونقل
عن البخاري قال: "تركه وكيع، وكَانَ يدلس عَنْ غياث بْن إِبْرَاهِيم ولا يعرف
صحيح حديثه من غيره".
ونقل
عن النسائي قوله فيه: "متروك الحديث".
سادساً:
قوله عن ابن عدي: "ومَشَّاهُ، فَقَالَ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، فَإِنَّهُ يغلط،
ولا يتعمد"! فيه نظر!!
فابن
عدي قد صرح بأنه يغلط، لكنه لا يتعمد الكذب، وقوله بأن حديثه يكتب لا يدل على
تمشينه بحيث إنه يحتج به، بل يكتب حديث ويُعتبر به!
ولو
صحّ أن ابن عدي مشّاه فقوله فيه لا يُعتبر لاتفاق الأئمة النقاد على تركه، فلا
حاجة لكتابة حديثه والاعتبار به، وسيأتي الكلام عليه بتفصيل لاحقاً بإذن الله.
·
حديث آخر
أخطأ فيه المسور على زيد بن أسلم!
وكان المسور يُخطئ على زيد بن أسلم فيجعل رواياته
المرسلة أو الموقوفة من حديث أبي سعيد الخدري!
فقد سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (11/266) (2277) عَنْ
حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ»؟ فقالَ:
"يَرْوِيهِ المِسْوَرُ بنُ الصَّلْتِ، عَنْ زَيْدِ
بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
وَخَالَفَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّوَابُ".
·
متابعة
الضعفاء لبعضهم على الأوهام!!
وأولاد
زيد بن أسلم وغيرهم من ضعفاء أهل المدينة يجعلونها من حديث ابن عمر!!
فقد
سُئِلَ الدارقطني أيضاً في «العلل» (13/157) (3038) عَنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، عَنْ ابنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ»؟ فقال:
"اختلف
فيه على زيد بن أسلم:
فرواه
عبدالله، وعبدالرحمن، وأسامة، بنو زيد بن أسلم، عن أبيهم، عَنِ ابنِ عُمَرَ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
وقال
إسحاق بن الطباع: سمعت عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، يرويه عن أخيه أسامة بن زيد، عن
أبيه، عن ابن عمر، ثم سمعته يرويه عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وتابعهم
عبدالله بن سليمان بن كنانة، وأبو هاشم الأبلي، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، موقوفا.
وقال
ابن عيينة: حدثوني عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، مُرْسَلًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم.
ورواه
المسور بن الصلت، وهو مشهور، وكان ضعيفاً، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه
وسلم.
ولا
يصح هذا القول، والموقوف عن ابن عمر أصح".
·
متابعة خَارِجَة
بن مُصْعَبٍ للمسور عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ! وحال خارجة!
رواه
ابن عدي في «الكامل» في ترجمة «خارجة بن مصعب» (3/502) عن إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاقَ
بنِ عُمَر السمرقندي.
وأبو
نُعيم الأصبهاني في «حلية الأولياء» (8/251) في ترجمة «يوسف بن أسباط» عن إِبْرَاهِيم
بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، عن مُحَمَّد بن المُسَيِّبِ الأرغياني.
كلاهما
عن عَبداللَّهِ بن خُبَيْقٍ الأَنْطَاكِي - بِضَم الخَاء المُعْجَمَة وفتح البَاء
المُعْجَمَة ثم ياء وقاف -، عن يُوسُف بن أَسْبَاطٍ، عَنْ سُفيان الثوري، عَن خَارِجَةَ
بنِ مُصْعَبٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَن أَبِي
سَعِيد الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: «كُلُّ
مَا قُطع مِنَ الحَيِّ فَهُوَ مَيِّتٌ».
قال
ابن عدي: "وهذا الحَدِيث من رِوَايَة الثَّوْريّ عَن خَارِجَة، لم أكتبه إلاّ
عَن إِبْرَاهِيم".
وقال
أبو نُعيم: "تَفَرَّدَ بِهِ خَارِجَةُ فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ،
ورَوَاهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ
أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، وهُوَ المَشْهُوَرُ الصَّحِيحُ".
قلت:
سقط من مطبوع «الحلية»: "عن سفيان الثوري"!
ومتابعة
خارجة هذه لا يُعتد بها؛ لأنه مجمعٌ على تركه!
قَال
عَباس الدُّورِيُّ، ومعاوية بن صالح، عَنْ يحيى بْن مَعِين، قال: "خارجة بن
مصعب: ليس بشيءٍ".
وَقَالا
عنه فِي موضع آخر: "ليس بثقة".
وَقَال
عباس عنه فِي موضع آخر: "كذاب".
وَقَال
معاوية عنه فِي موضع آخر: "ضعيف".
وقَال
المفضل بْن غسان الغلابي، عَنْ يحيى: "ليس بثقة"، وفي موضع آخر: "ضعيف".
وقَال
عثمان بن سَعِيد الدارمي، وأبو بَكْرِ بْن أَبي خيثمة، وإبراهيم بْن عَبداللَّهِ
بْن الجنيد، عَن يحيى: "ليس بشيءٍ".
وقَال
أبو بكر الأثرم، عَن أحمد بن حنبل: "لا يكتب حديثه".
وقَال
عَبداللَّهِ بن أَحْمَد بن حنبل: "نهاني أبي أن أكتب عَنْ خارجة بْن مصعب شيئًا
من الحديث".
وقال
المروذي: وَسُئِلَ - أي أحمد - عَن خَارِجَة بن مُصعب، فضعفه، وَقَالَ: "مَا
روى عَنهُ ابن المُبَارك شَيْئا فِي كتبه"، فَقَالَ لَهُ ابْن أبي رزمة: بلَى،
حَدِيث وَاحِد، وقَالَ: قد قَالُوا لِابنِ المُبَارك فِيهِ، فَقَالَ: "كَيفَ
أحدث عَن رجل حدث نكد الحَدِيث مُنكر!".
وقال
ابن المديني: "هو عندنا ضعيف".
وقَال
البُخارِيُّ: "تركه ابن المبارك، ووكيع".
وَقَال
فِي موضع آخر: قال يحيى بن يحيى: "كان يدلس عَنْ غياث بْن إِبْرَاهِيمَ،
وغياث ذهب حديثه، ولا يعرف صحيح حديثه من غيره".
وَقَال
النَّسَائي: "ضعيف"، وَقَال في موضع آخر: "ليس بثقة"، وفي
موضع آخر: "متروك الحديث".
وَقَال
محمد بن سعد: "اتقى الناس حديثه فتركوه".
وقال
يعقوب بن شيبة: ترك ابن المبارك حديثه، وقال: "رأيت منه سهولة في أشياء فلم آمن
أن يكون أخذه للحديث على ذلك".
وقال
يعقوب: "وهو ضعيف الحديث عند جميع أصحابنا".
وقَال
أَبُو حاتم: "مضطرب الحديث، ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج بِهِ، مثل مسلم
بْن خالد الزنجي، لم يكن محله محل الكذب".
وقال
البرذعي لأبي زرعة: قلت: خارجة بن مصعب؟ قال: "منكر الحديث، يحدث بكذا، ويحدث
بكذا" - فجعل يُعدد. يعني: يُعدد المنكرات التي رواها.
وقال
عَبْدالرَّحْمَنِ بْن يُوسُف بْن خراش، والحاكم أَبُو أحمد: "متروك الحديث".
وقَال
الدارقطني: "ضعيف".
وَقَال
أَبُو أَحْمَد ابن عَدِيّ: "لهُ حديث كثير، وأصناف فيها مسند ومقاطيع، وحدث
عنه أهل العراق، وأهل خراسان وهو ممن يكتب حديثه، وعندي أَنَّهُ إذا خالف فِي
الإسناد أو المتن فإنه يغلط ولا يتعمد، وإذا روى حديثا منكرا، فيكون البلاء ممن
روى عنه، فيكون ضعيفا، وليس هو ممن يتعمد الكذب".
وذكره
ابن حبان في كتاب «الثقات» (8/233): "خَارِجَة بن مُصعب بن خَارِجَة بن مُصعب
من أهل سرخس، يروي عَن أبي نعيم وَكَانَ رَاوِيا لعَلي بن الحُسَيْن بن وَاقد،
والمعتب بن بديل".
ثم
ذكره في «المجروحين» (1/288): "خَارِجَة بن مُصْعَب الضبعِي كنيته أَبُو الحَجَّاج،
من أهل سرخس، يَرْوِي عَن زَيْد بْن أسلم والبصريين. روى عَنْهُ النَّاس، كَانَ
يُدَلس عَن غياث بن إِبْرَاهِيم وَغَيره ويروي مَا سمع مِنْهُم مِمَّا وضعوه عَلَى
الثِّقَات عَن الثِّقَات الَّذِينَ رَآهُمْ فَمن هُنَا وَقع فِي حَدِيثه الموضوعات
عَن الْأَثْبَات، لَا يحل الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ".
·
تفرد يوسف بن أسباط بهذا الحديث عن
سفيان الثوري عن خارجة!
قلت:
ويُحتمل
أن خارجة بن مصعب لم يحدّث بهذا الحديث قط! فقد تفرد به يوسف بن أسباط الشيباني عن
سفيان الثوري! ولا يعرف عن سفيان إلا من رواية يوسف!!
وكان
يوسف رجلاً صالحاً عابداً، إلا أنه كان يغلط في الحديث كثيراً.
وكأني
بالدارقطني يريد أن يعصب جناية هذا الإسناد به! فإنه لما تكلم عليه فيما نقلت
سابقاً قال: "يَرْوِيهِ المِسْوَرُ بنُ الصَّلْتِ، وخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، مِنْ
رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ".
فقوله:
"من رواية يوسف بن أسباط" لها مدلولها عنده؛ لأنه يعلم أن تفرد يوسف عن
الثوري فيه لإشكال!!
قال
البخاري: "قال صَدَقَة: دفن يُوسُف بن أَسْبَاط كتبه، فَكَانَ بعد يقلب
عَلَيْهِ ولا يجىء كَمَا يَنْبَغِي يضطرب فِي حَدِيثه".
وقال
أبو حاتم: "كان رجلاً عابداً، دفن كتبه، وهو يغلط كثيراً، وهو رجل صالح، لا
يحتج بحديثه".
وقال
العقيلي: "كَانَ مِنَ العَابِدِينَ، دَفَنَ كُتُبَهُ فَحَدَّثَ بَعْدُ مِنْ
حِفْظِهِ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا مَا لَا أَصْلَ لَهُ، وَمِنْهَا مَا يُخْطِئُ فِيهِ".
ولما
ذكره ابن حبان في «الثقات» قال: "مُسْتَقِيم الحَدِيث رُبمَا أَخطَأ".
ولما
ساق له ابن عدي بعض الغرائب والمنكرات في ترجمته من «الكامل» قال: "ويوسف هذا
هو عندي من أهل الصدق، إلا أَنَّهُ لما عدم كتبه كَانَ يحمل على حفظه فيغلط ويشتبه
عَلَيْهِ، ولاَ يتعمد الكذب".
·
متابعة عَبْدالرَّحْمَنِ
بن زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن زيد بن أسلم!
وسُئِلَ الدارقطني في «العلل» (13/157) (3037) عَنْ
حَدِيثِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ ابنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم، قال: «ما قطع
من بهيمة وهي حيه، فهو ميتة»؟ فقال:
"يرويه هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ
أَسْلَمَ، عن ابن عمر.
وخَالَفَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،
فرواه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
قلت: فهنا تابع عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عبدالرحمن بن
عبدالله بن دينار في روايته هذا الحديث عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي
واقد!
لكن هذه المتابعة لا يُعتد بها؛ لأن عبدالرحمن بن زيد بن
أسلم متفق على ضعفه، ولا يُحتج به، وقد تقدّم الكلام عليه في الحديث السابق.
·
رواية هِشَام
بن سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عن ابن عمر! وحال هشام!
وأما رواية هشام بن سعد المَدَنِيّ مولى آل أَبِي لَهُب
القُرَشِيّ فهي معلولة أيضاً!
وهشام ضعيف ليس بالقويّ في الحديث.
قال ابن محرز: سمعت يحيى - وقيل له هشام بن سعد -؟: فقال:
"ليس هو بذاك القوي".
وقال عَبَّاس الدوري: سَمِعْتُ يَحْيى بنَ مَعِين يَقُول:
"هِشَام بن سعد: ليس بشَيْءٍ، كَانَ يَحْيى بن سَعِيد القطان لا يُحدِّث عنه".
وقال ابن أبي خيثمة: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن
يَقُولُ: "هشام بن سَعْد ضَعِيْف".
وقال مرة: "هو صالح ليس بمَتْروك الحَدِيْث".
وقال أبو حاتم: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "لم يكن
هشام ابن سعد بالحافظ".
وقال عبدالله بن أحمد: وسألته - يعني أباه - عن هِشَام
بن سعد؟ قَالَ: "كَذَا وَكَذَا! وَكَانَ يحيى لا يرْوي عَنهُ".
وقال أبو داود: سَمِعت أَحْمد قَالَ: "كَانَ يحيى لا
يحدث عَن هِشَام بن سعد".
وقال حرب بن إسماعيل الكرماني: سمعت أحمد بن حنبل - وذكر
له هشام بن سعد - فلم يرضه، وقال: "ليس بمحكم الحديث".
وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه، ولا يُحتج به".
وقال ابن أبي حاتم: وسألت ابا زرعة عن هشام بن سعد؟
فقال: "شيخ محله الصدق، وكذلك محمد بن اسحاق، هو هكذا عندي، وهشام أحبّ إليّ
من محمد بن سحاق".
وقال البرذعي: سمعت أبا زرعة يقول: "هشام بن سعد:
واهي الحديث"، "أتقنت ذلك، عن أبي زرعة، وهشام عند غير أبي زرعة أجل من
هذا الوزن، فتفكرت فيما قال أبو زرعة فوجدت في حديثه وهْمَا كبيرا".
وقال العجلي: "هشام بن سعد: جائز الحديث، وهو حسن
الحديث".
وقال ابن سعد: "كَانَ كَثِيرَ الحَدِيثِ يُستضعف".
وقال النسائي: "هِشَام بن سعد: ضَعِيف"، وَقَال
في موضع آخر: "ليس بالقوي".
وقَال أَبُو عُبَيد الآجُرِّيّ عَن أبي دَاوُد: "هشام
بن سعد أثبت الناس فِي زيد بن أسلم".
وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سألت علياً - يعني ابن
المديني -، فقال: "صالح، ولم يكن بالقوي".
وقال الساجي: "هشام بن سعد صاحب المحامل صدوق، كان
يحيى بن سعيد لا يحدّث عنه، وأما ابن مهدي فحدّث".
وقال الخليلي في «الإرشاد»: "قالوا: إنه واهي
الحديث، يروي قصة المواقع في رمضان، وهذا أنكره الحفاظ قاطبة من حديث الزهري
مقطوعا عن أبي هريرة، قال أبو زرعة الرازي: أراد وكيع الستر على هشام بن سعد بإسقاط
أبي سلمة".
وقال ابن حبان في «المجروحين»: "كانَ مِمَّن يقلب
الْأَسَانِيد وهُوَ لَا يفهم ويسند المَوْقُوفَات من حَيْثُ لَا يعلم فَلَمَّا كثر
مُخَالفَته الْأَثْبَات فِيمَا يروي عَن الثِّقَات بَطل الِاحْتِجَاج بِهِ، وإِن
اعْتبر بِمَا وَافق الثِّقَات من حَدِيثه فَلَا ضير".
وقال ابن عدي بعد أن ذكر له بعض المناكير والغرائب:
"ومع ضعفه يكتب حديثه".
وذكره البرقي في باب: «من نسب إلى الضعف في الرواة ممن
يكتب حديثه»، وقال: قال لي يحيى بن معين: "ضعيف، حديثه مختلط".
وذكره العقيلي، وأبو العرب، وابن الجارود، والمنتجالي،
وابن السكن، والفسوي، وأبو بشر الدولابي، والبلخي في جملة الضعفاء.
ولما خرج الحاكم حديثه مصححا له قال: "قد احتج به
مسلم".
قلت: خرّج له مسلم في الشواهد.
والحاصل أنه صدوق في نفسه، لكنه يهم كثيراً ويخطئ، فلا يحتج
بما انفرد به، وقول أبي داود فيه: "هشام بن سعد أثبت الناس فِي زيد بن أسلم"!!
فيه نظر!! بل هو يخطئ كثيراً في حديث زيد بن أسلم، ويخالفه من هو أوثق منه أو من
هو مثله في الضعف! وكأن أبا داود قال ذلك لكثرة حديث عن زيد بن أسلم وملازمته له،
وكان يُقال له: "يتيم زيد بن أسلم".
والذي يظهر لي أن هؤلاء الضعفاء كهشام بن سعد،
وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار وغيرهم، كانوا يأخذون
حديث زيد بن أسلم من بعضهم فيروونه على الخطأ! وخاصة إذا اتفقوا على رواية حديث من
طريق نادر! كرواية عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي! فلا يحتج بما يتابعون بعضهم
فيه! ويُحتمل أن الوهم عندهم في حديث زيد بن أسلم هو بسبب ضعفهم جميعاً، فلا
يضبطون الحديث، فيصلون المرسل، ويرفعون الموقوف، ويقلبون الأسانيد!
وأمثال هؤلاء يُعبّر عنهم العقيلي في كتابه في الضعفاء
في تراجمهم عندما يسوق لهم بعض الأحاديث المنكرة: "ولا يُتَابِعَهُ عَلَيْهِ
إِلَّا مَنْ هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ"، أو: "ولا يُتَابِعَهُ عَلَيْهِ
إِلَّا مَنْ هُوَ دُونَهُ أَوْ مِثْلَهُ"، أو: "ولا يُتَابِعَهُ إِلَّا
مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ"، أو: "ولا يُتَابِعُهُ عَلَيْهِ
إِلَّا مَنْ هُوَ نَحْوُهُ".
وقد ذكر ابن عدي مثلاً بعض الأحاديث لعبدالرحمن بن زيد
بن أسلم في ترجمته من كتابه، ثم قال: "وهذه الأحاديث التي ذكرتها يرويها
عَبدالرَّحْمَنِ بن زَيْدِ بنِ أسلم غير محفوظة، وبعضها يرويه غير عَبدالرحمن عن
زيد مرسلا".
·
متابعة عَبْداللَّهِ بن جَعْفَرٍ
لعبدالرحمن بن عبدالله عن زيد بن أسلم! وحال عبدالله بن جعفر والد عليّ بن
المديني!
سبق
قول الدارقطني عن هذا الحديث: "رواه عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ
دِينَارٍ، وعَبْدُاللَّهِ بنُ جَعْفَرٍ المَدِينِيُّ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ،
عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ".
ومتابعة
عبدالله بن جعفر هذه رواها الحاكم في «المستدرك» (4/137) (7150) قال:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، قال: حدثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بنُ إِسْحَاقَ القَاضِي، قال: حدثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ
جَعْفَرٍ، [عن أبيه]، قال: حدثَنَا زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي الجَاهِلِيَّةِ
قَبْلَ الْإِسْلَامِ يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ وَيَقْطَعُونَ أَلْيَاتَ
الْغَنَمِ فَيَأْكُلُونَهَا وَيَحْمِلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ فَلَمَّا قَدِمَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «مَا
قُطِعَ مِنَ البَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ».
قال الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ
وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. وَقَدْ قِيلَ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ".
وتعقبه الذهبي في «تلخيص المستدرك» فقال: "لا تَشُدُّ
يدك به".
وفي كتاب الصريفيني: "خرّج الحاكم حديثه - يعني:
عبدالله بن جعفر - في كتابه المستدرك عن محمد بن محمد البغدادي عن إسماعيل بن
إسحاق القاضي عن علي بن المديني عن أبيه" إكمال تهذيب الكمال (7/287)].
وعبدالله بن جعفر والد عليّ بن المديني فيه كلام شديد
يصل إلى حد الترك! وهو منكر الحديث، لا يُحتج به.
قال أبو حاتم الرازي: سئل يزيد بن هارون عن عبدالله بن
جعفر المديني، فتلا {لا تَسْأَلُوا عَنْ أشياء إن تبد لكم تسؤكم}.
وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: قال أبي: "كان وكيع
إذا أتى على حديث عبدالله بن جعفر أبي عليّ بن المديني قال: أجز عليه".
وقال العباس بن محمد الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: "عبدالله
بن جعفر المديني ليس بشيء".
وقال أبو حاتم الرازي: "منكر الحديث جداً، ضعيف
الحديث، يُحدث عن الثقات بالمناكير، يكتب حديثه ولا يحتج به، كان علي لا يحدثنا عن
أبيه، وكان قوم يقولون: عليّ يعقّ أباه لا يحدث عنه! فلما كان بأخرة حدّث عنه".
وقال عمرو بن علي الصيرفي: "عبدالله بن جعفر بن
نجيح أبو علي ابن المديني: ضعيف الحديث".
وقال الجوزجاني: "عبدالله بن جعفر بن نجيح واهي
الحديث، كان فيما يقولون مائلاً عن الطريق".
وقال النسائي: "عبدالله بن جَعْفَر بن نجيح وَالِد
عَليّ بن المَدِينِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث"، وقال في موضع آخر: "ليسَ
بثقة".
وفي «تاريخ بخارى» لغُنجار: "قال صالح بن محمد:
سمعت علي بن المديني يقول: أبي صدوق، وهو أحبّ إليّ من الدراوردي".
وفي كتاب الساجي، عن يحيى بن معين: "كان من أهل
الحديث، ولكنه بُلي في آخر عمره".
وقال أبو جعفر العقيلي: "ضعيف".
وقال أبو أحمد الحاكم: "في حديثه بعض المناكير".
وقال ابن حبان في «المجروحين»: "وكَانَ مِمَّن يهم
فِي الْأَخْبَار حَتَّى يَأْتِي بهَا مَقْلُوبَة، ويخطيء فِي الْآثَار حَتَّى
كَأَنَّهَا معمولة! وَقد سُئِلَ عَليّ بن المَدِينِيّ عَن أَبِيه؟ فَقَالَ: اسألوا
غَيْرِي. فَقَالَ: سألناك، فَأَطْرَقَ ثمَّ رفع رَأسه وقال: هذَا هُوَ الدَّين أبي
ضَعِيف".
ولما ذكره ابن عدي في «الكامل» وساق له بعض المنكرات،
قال: "وعامة حديثه عَمَّن يروي عنهم لا يتابعه أحد عليه، وَهو مع ضعفه ممن
يكتب حديثه".
والخلاصة أن هذا الحديث رواه عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي واقد الليثي، عن النبي صلى الله
عليه وسلم، وتابعه عليه عبدالله بن جعفر والد علي بن المديني، وكلاهما ضعيف، فلا
يُعتد بروايتهما!
ورُوي من طرق أخرى وقع فيها بعض الأوهام، والثابت عن
زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً.
·
الحديث الثامن: حديث أخطأ في
إسناده!
أخرج
أحمد في «مسنده» (32/491) (19718) عن عَبْدالصَّمَدِ بن عبدالوارث، عن عَبْدالرَّحْمَنِ
بن عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَسِيدُ بنُ أَبِي أَسِيدٍ، عَنْ
ابنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، - أَوْ: عَنْ ابنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ
سَرَّهُ أَنْ يُحَلِّقَ حَبِيبَتَهُ حَلْقَةً مِنْ نَارٍ فَلْيُحَلِّقْهَا
حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُسَوِّرَ حَبِيبَتَهُ سِوَارًا مِنْ
نَارٍ فَلْيُسَوِّرْهَا سِوَارًا مِنْ ذَهَبٍ، وَلَكِنِ الْفِضَّةُ فَالْعَبُوا
بِهَا لَعِبًا».
وأخرجه
ابن عدي في ترجمة «عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار» من «الكامل» (5/488) عن إسماعيل
بن يعقوب الصفّار، عن عبدة الصفار، عن عَبدالصَّمَد، به.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (6/120)
(5980) عن مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ الْأَحْمَرِ النَّاقِد.
وأبو نُعيم في «تاريخ أصبهان» (1/139)
عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ سِيَاهٍ، عن أَحْمَد بن عَمْرِو بنِ
عَبْدِالخَالِقِ البَزَّار.
كلاهما (الناقد، والبزار) عن مُحَمَّد بن فِرَاسٍ أَبي
هُرَيْرَةَ الصَّيْرَفِيّ، عن سَلْم بن قُتَيْبَةَ أَبي قُتَيْبَةَ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ
بن عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أُسَيْدِ بنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ، قَالَ:
«وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ، فَالْعَبُوا بِهَا لَعِبًا».
قال
الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/147): "رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَدْ رَوَى أَسِيدٌ
هَذَا عَنْ مُوسَى بنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وعَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي
قَتَادَةَ، فَإِنْ كَانَا هُمَا اللَّذَيْنِ أُبْهِمَا فَالحَدِيثُ حَسَنٌ، وَإِنْ
كَانَا غَيْرَهُمَا فَلَمْ أَعْرِفْهُمَا".
قلت:
هذا
الحديث بهذا الإسناد تفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار! وكأنه كان يشك فيه!
فقال مرة: "عَنْ ابنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، - أَوْ: عَنْ ابنِ أَبِي
قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ"، وقال مرة: "عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي
قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ".
وقد
خولف فيه! خالفه جماعة.
رواه
زهير بن محمد الخراساني، وعبدالعزيز بن محمد الدَّراوَرْدِيّ، ومحمد بن عبدالرحمن
ابن أبي ذئب، ثلاثتهم عَنْ أَسِيدِ بنِ أَبِي أَسِيدٍ المدنيّ، عَنْ نَافِعِ بنِ
عَيَّاشٍ مَوْلَى عَقِيلَةَ بِنْتِ طَلْقٍ الغِفَارِيّة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بنحوه.
وفي
رواية ابن أبي ذئب: "عن أسيد، عن أبي محمد"، وأبو محمد هو: نافع مولى
عقيلة بِنْت طلق الغفارية.
أما
رواية زهير:
فأخرجها
أحمد في «مسنده» (14/140) (8416) عن أَبي عَامِرٍ العقدي، عن زُهَيْر. وأما
رواية الدراوردي:
فأخرجها
أحمد في «مسنده» (14/485) (8910) عن قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ.
وأبو
داود في «سننه» (6/289) (4236) عبدالله بن مَسلمةَ القعنبي.
كلاهما
عن عبدالعزيزِ بن محمد الدراوردي.
وأما
رواية ابن أبي ذئب:
فأخرجها
أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ العَبَّاسِ الإِخْمِيمِيُّ في «حديثه» -
بِانْتِقَاءِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِالغَنِيِّ بنِ سَعِيدِ بنِ عَلِيٍّ
الأَزْدِيِّ الحَافِظِ -، (87) عن مُحَمَّد بن عَبْدِاللَّهِ بنِ سَعِيدٍ أبي
الحسن المهرانيّ، عن الحَسَن بن مُحَمَّدٍ الزعفرانيّ، عن حَمَّاد بن خَالِدٍ
الخَيَّاط، عَنِ ابنِ أَبِي ذِئْبٍ.
فرواية
الجماعة أصح من رواية عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار! وقد وهم عبدالرحمن في
إسناده.
والحديث
تفرد به أسيد بن أبي أسيد، عن نافع مولى عقيلة! وأسيد هذا ليس فيه أي توثيق أو
تجريح من أئمة النقد المتقدمين! وحديثه قليل جداً! وكلّه غرائب!
قال
البخاري في «التاريخ الكبير» (2/13): "أسيد بن أَبِي اسيد البراد، مدني: عن
عبدالله ابن أَبِي قتادة. روى عَنْهُ: ابن أَبِي ذئب، وسليمان بن بلال، وعبدالعزيز
بن مُحَمَّد، وزهير بْن مُحَمَّد.
قَالَ
يحيى بن سَعِيد القُرَشِيّ: حَدَّثَنَا ابن جريج، عَنْ شريك بن أَبِي نمر وأسيد بن
سُلَيْمَان الساعدي: قَالَ سعد بْن عبادة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي صدقة الماء. وَلا أدري هذا هو الأول أم لا".
وقال
ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/317): "أسيد بن أبي أسيد البراد، واسم
أبي أسيد: يزيد. روى عن عبدالله بن أبي قتادة. روى عنه: ابن أبي ذئب، وسليمان بن
بلال، والدراوردي، وحجاج بن صفوان، وزهير بن محمد. سمعت أبي يقول ذلك".
وذكره
في طبقة أتباع التابعين من «الثقات» (6/71): "أَسِيدُ بنُ أَبِي أَسِيدٍ البَرَّادُ،
مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ. يَرْوِي عَن عَبْدالله بن أبي قَتَادَة. روى عَنهُ: ابن
أَبِي ذِئْب، وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلالٍ".
وقال
الدارقطني في كتاب «الجرح والتعديل»: "يُعتبر به".
وقال
الذهبي في «الكاشف» (1/251)، وفي «تاريخ الإسلام» (3/617): "صَدُوقٌ".
وخرّج
الحاكم، وأبو علي الطوسي، حديثه في «صحيحهم».
وذكره
ابن خلفون في «جملة الثقات».
وقال
ابن حجر في «تقريب التهذيب»: "أسيدُ بن أبي أسيد البَراد، أبو سَعيد
المَدينيُّ: صدوقٌ، واسم أبيه يزيد، وهو غير أسِيد بن علي، من الخامسة، مات في أول
خلافة المنصور".
قلت:
الذي مات في أول خلافة المنصور هو تابعي غير هذا!
قال
ابن سعد في التابعين من «الطبقات»: "أُسِيدُ بن أَبِي أَسِيدٍ مَوْلَى أَبِي
قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ. ويُكَنَّى أَبَا إِبْرَاهِيمَ، وَتُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ
خِلَافَةِ أَبِي جعفر المنصور. وكان قليل الحديث".
وقال
ابن حبان في طبقة التابعين من «الثقات» (4/41): "أسيد بن أَبِي أسيد
السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ المدنِي يروي عَن أَبِيه، وَيُقَال لَهُ أسيد. روى
عَنهُ ابن الغسيل، كُنْيَتُهُ أَبُو إِبْرَاهِيم، مَاتَ فِي أول ولَايَة أَبِي
جَعْفَر".
وقد
جمع بينهما بعض أهل العلم! وفرّق بينهما البخاري، وأبو حاتم، وابن حبان، وغيرهم،
وهو الصواب إن شاء الله.
والخلاصة
أن أسيد بن أبي أسيد مستور الحال، ويُكتب حديثه ويُعتبر به كما قال الدارقطني، أي
يحتاج لمتابِع! وأحاديثه إفرادات كلها، وهي قليلة، ولا يتابعه عليها أحد!! فلا
يحتج بما انفرد به!
ولا
يصح أيّ حديث في تحريم الذهب المحلّق على النساء! وكل الأحاديث في هذا الباب
ضعيفة!
·
الحديث التاسع: حديث ذكره العقيلي
في ترجمة عبدالرحمن!
أخرج
العقيلي في «الضعفاء» (2/ 339) عن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيلَ ابن عُليّة.
وابن
أبي عاصم في «السنّة» (1/236) (536) عن الحَسَن بن عَلِيٍّ.
كلاهما
عن أَبي النَّضْرِ هَاشِم بن القَاسِمِ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ
دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرَّحِمُ شُجْنَةٌ
تَعَلَّقَتْ بِمَنْكِبَيِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ لَهَا: مَنْ
وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكَ قَطَعْتُهُ».
قال
العقيلي: "وقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِنْ غَيْرِ
طَرِيقٍ، أَسَانِيدُهَا أَصْلَحُ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ".
قلت:
كأن العقيلي يُضعّف هذا الإسناد خاصة وأنه من عادته أنه يذكر أنكر حديث لمن يترجم
له، وذكر هذا الحديث في ترجمة «عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار»!
لكن
هناك متابعة لعبدالرحمن أخرجها البخاري! فهل غفل عنها العقيلي أم ماذا؟!
·
متابعة لعبدالرحمن أخرجها البخاري
في «صحيحه»!
أخرج
البخاري في «صحيحه» (8/6) (5988) عن خَالِد بن مَخْلَدٍ، عن سُلَيْمَان بن بلال، عن
عَبْداللَّهِ بن دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ
الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ،
وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ».
وأخرجه
البزار في «مسنده» (15/381) (8984) عن أَحْمَد بن عُثْمَانَ بنِ حَكِيمٍ، عن خالد
بن مخلد، به.
فهنا
قد تابع سليمان بن بلال عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار في روايته عن عبدالله بن
دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
·
حديث وَرْقَاء بن عمر اليشكري،
ومخالفته لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار وسليمان بن بلال! وترجيح رواية ورقاء.
وخالفهما
وَرْقَاءُ، فرواه: عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
فَجعل
وَرْقَاءَ شيخ عبدالله بن دِينَارٍ فِيهِ: سَعِيدَ بنَ يَسَارٍ بَدَلَ أَبِي
صَالِحٍ!!
رواه
أبو بكر الشافعي في «الغيلانيات» (ص:367) (384) عن مُحَمَّد بن غَالِبٍ، عن عَبْدالصَّمَدِ
بن النعمان أبي محمد البزاز النسائي، عن وَرْقَاء، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ،
عَنْ سَعِيد بن يَسار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بنحوه.
وورقاء
أثبت من عبدالرحمن وسليمان، وروايته أرجح كما سيأتي من كلام الدارقطني.
ولا
يُقال هنا: كيف نحكم لراوٍ واحد على رواية اثنين وإن كان واحد منهما متكلّم! إلا
أن الآخر ثقة من رواة الصحيحين؟!
فيُقال:
المسألة هنا لا تتعلق بالأكثرية، وإنما بالضبط، وهناك اختلاف على سليمان بن بلال
في إسناده! ولو لم يكن هذا الاختلاف لحكمنا لروايته مع م يعضده من رواية عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار! لكنه لم يضبط الرواية كما سيأتي بيانه.
ثم
إن هناك متابعة لورقاء وإن وهم راويها في اسم الشيخ!
·
متابعة أبي جعفر الرازي لورقاء،
وتحريف في الاسم!
أخرج
الطبراني في «المعجم الأوسط» (3/334) (3321) عن أَبي مَعْنٍ ثَابِت بن نُعَيْمٍ
الهُوجِيّ العسقلانيّ.
وفيه
(9/126) (9317) عن هَاشِم بن مَرْثَدٍ الطبراني.
وابن
بطة في «الإبانة الكبرى» (7/339) (270) عن أَبي قَاسِمٍ حَفْص بن عُمَرَ، عن أَبي
حَاتِمٍ الرازيّ.
ثلاثتهم
عن آدَم بن أَبِي إِيَاسٍ العَسْقَلَانِيّ، عن أَبي جَعْفَرٍ الرَّازِيّ، عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ بُشَيْرِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«الرَّحِمُ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ مُعَلَّقَةٌ بِحِقْوَيِ الرَّحْمَنِ،
تَقُولُ: اللَّهُمَّ صِلْ مَنْ وَصَلَنِي، وَاقْطَعْ مَنْ قَطَعَنِي».
قال
الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ
إِلَّا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَلَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ إِلَّا
آدَمُ وأَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بنُ القَاسِمِ".
وقال
في الموضع الثاني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ
دِينَارٍ، عَنْ بَشِيرِ بنِ يَسَارٍ إِلَّا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَرَوَاهُ
وَرْقَاءُ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ".
قلت:
يقصد الطبراني بأنه لم يروه إلا أبو جعفر الرازي بذكره فيه: «بشير بن يسار»!
وقال
ابن أبي حاتم في «العلل» (5/473) (2122) سألتُ أَبِي وسُئِلَ أَبُو زرعةَ عَنْ
حديثٍ رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الرازي، عن عبدالله ابن دِينَارٍ، عَنْ بُشَيرِ بنِ
يَسَار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الرَّحِمُ
شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ صِلْ مَنْ وَصَلَنِي، وَاقْطَعْ
مَنْ قَطَعَنِي»؟
فقال:
"هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: عن عبدالله بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الحُبَاب
سَعِيدِ بنِ يَسار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".
قالَ
أَبِي: "أخطأ فيه أَبُو جَعْفَر الرازيُّ".
قلت:
أبو جعفر الرازي، واسمه: عيسى ابن أبي عيسى: صدوق يُخطئ، وقد تابع ورقاء في روايته
عن عبدالله بن دينار، إلا أنه وقع في روايته: «بشير بن يسار»! تحرفت من «سعيد بن
يسار»! ورسم «سعيد» مقارب لرسم «بشير»!! وقد أخطأ أبو جعفر في اسمه فحرّفه! وقد
وقع له هذا في عدّة أحاديث يرويها عن عبدالله بن دينار، وقد مرّ معنا في الحديث
السادس ضمن الكلام على الأحاديث التي خرّجها البخاري لعبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار.
والمهم
هنا أن أبا جعفر الرازي تابع ورقاء عليه في أنه ليس من
حديث أبي صالح عن أبي هريرة، وإنما من حديث سعيد بن يسار، وإن وهم في اسمه!!
·
الاختلاف على سليمان بن بلال!
وتفرد خالد بن مخلد عنه بإسناد يخالفه فيه غيره!
سبق
أن خَالِد بن مَخْلَدٍ رواه عن سُلَيْمَان بن بلال، عن عَبْداللَّهِ بن دِينَارٍ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وخالفه
غيره، فرووه عن سليمان بغير هذا الإسناد!
رواه
ابن وهب في «جامعه» (149).
والبخاري
في «صحيحه» (8/6) (5989) عن سَعِيد بن أَبِي مَرْيَمَ.
وفي
«الأدب المفرد» (55) عن إِسْمَاعِيل بن أَبِي أُوَيْسٍ.
والحاكم
في «المستدرك» (4/175) (7273) من طريق أَبي عِصْمَةَ سَهْل بن المُتَوَكِّلِ، عن إِسْمَاعِيل
بن أَبِي أُوَيْسٍ.
كلهم
(ابن وهب، وابن أبي مريم، وإسماعيل) عن سُلَيْمَان بن بِلاَلٍ، عن مُعَاوِيَة بن أَبِي
مُزَرِّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عن
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به.
وتابعه
وكيع بن الجراح، وحاتم بن إسماعيل، عن مُعَاوِيَة بن أَبِي مُزَرِّدٍ المَدِينِيّ.
وهو
في كتاب «الزهد» لوكيع (ص: 707) (404).
رواه
أحمد في «مسنده» (40/392) (24336)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/217) (25388) عن
وَكِيع.
ورواه
مسلم في «صحيحه» (4/1981) (2555) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، وزُهَيْر بن
حَرْبٍ، كلاهما عن وَكِيع.
وأبو
يعلى الموصلي في «مسنده» (8/73) (4599) عن مُحَمَّد بن عَبَّادٍ، عن حَاتِم بن
إسماعيل.
كلاهما
(وكيع، وحاتم) عن معاوية، به.
وعليه
فيكون خالد بن مخلد القطواني تفرد برواية الحديث عن سليمان بن بلال، عن عَبْداللَّهِ
بن دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ!!
وخالد
بن مخلد فيه كلام، وله أوهام! وهذا من أوهامه.
والمحفوظ
عن سليمان بن بلال: عن مُعَاوِيَة بن أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بنِ رُومَانَ،
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
·
رواية مُعَاوِيَة بن أَبِي
مُزَرِّدٍ الحديث بإسنادين!!
وهذا
الحديث تفرد به معاوية بن أَبِي مُزَرِّدٍ بهذا الإسناد!! ولا يعرف عن عروة عن
عائشة إلا بهذا الإسناد!
وهو
ثابت من رواية معاوية رواه عنه جماعة كما سبق بيانه، وروي عن معاوية بإسناد آخر
بنحوه!
رواه
البخاري في «صحيحه» (6/134) (4830) عن خَالِد بن مَخْلَدٍ.
وفيه:
(9/145) (7502) عن إِسْمَاعِيل بن عَبْدِاللَّهِ.
كلاهما
عن سُلَيْمَان بن بلال.
وفيه:
(6/134) (4831) عن إِبْرَاهِيم بن حَمْزَةَ، عن حَاتِم بن إسماعيل.
وفيه
(8/5) (5987) عن بِشْر بن مُحَمَّدٍ، عن عَبْداللَّهِ بن المبارك.
ورواه
مسلم في «صحيحه» (4/1980) (2554) عن قُتَيْبَة بن سَعِيدِ بنِ جَمِيلِ بنِ طَرِيفِ
بنِ عَبْدِاللهِ الثَّقَفِيّ، ومُحَمَّد بن عَبَّادٍ، عن حَاتِم بن
إِسْمَاعِيلَ.
وأحمد
في «مسنده» (14/103) (8367) عن أَبي بَكْرٍ الحَنَفِيّ عبدالكبير بن عبدالمجيد
بن عبيدالله البصري.
كلهم
(سليمان، وحاتم، وابن المبارك، وأبو بكر الحنفي) عن مُعَاوِيَة بن أَبِي
مُزَرِّدٍ، عَن عمّه سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ
الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ
الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ
القَطِيعَةِ، قَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ
قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَاكِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «اقْرَءُوا
إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي
الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]».
·
وهم للحاكم! واستدراكه على
الشيخين حديثاً أخرجاه!
أخرج
الحاكم في «المستدرك» (2/279) (3005) من طريق أَبي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيّ، وهِشَام
بن عَمَّارٍ السُّلَمِيّ، عن حَاتِم بن إِسْمَاعِيلَ، عن مُعَاوِيَة بن أَبِي
مُزَرِّدٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، به.
قال
الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
وأخرج
أيضاً (4/178) (7286) من طريق العَبَّاس بن مُحَمَّدٍ الدُّورِيّ، عن أَبي بَكْرِ
بن عُبَيْدِاللَّهِ بنِ عَبْدِالمَجِيدِ الحَنَفِيُّ، عن مُعَاوِيَة بن أَبِي
مُزَرِّدٍ، به.
قال
الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ
وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
فتعقّبه
الذهبي فقال: "ذا في البخاري".
قلت:
أما حديث حاتم بن إسماعيل فأخرجه البخاري ومسلم كما سبق بيانه في التخريج، فوهم
الحاكم في استدراكه وتصريحه بأنهما لم يخرجاه!
وأما
حديث أبي بكر الحنفي فأخرجاه من طرق أخرى كما سبق بيانه، فإن قصد أنهما لم يخرجاه
من طريق أبي بكر فنعم، لكن هذا لا يُعدّ استدراكاً؛ لأنهما خرجاه من طرق أخرى عن
معاوية.
وقد
تبيّن من هذا أنّ معاوية بن أَبي مزرد - وهو ابن أخي سَعِيد بن يسار - قد روى
الحديث من طريقين، تفرد به عن يزيد بن رومان! ولم يتابعه عليه أحد! ولا يُعرف
الحديث من حديث عروة عن عائشة إلا من حديثه!
وأما
حديثه عن عمّه سعيد بن يسار فقد توبع عليه، إلا أنه رواه بزيادات في ألفاظه!
وقد
أشار الدارقطني - كما سيأتي - إلى روايته هذه عن عمّه ومتابعة عبدالله بن دينار له
من رواية ورقاء.
فيحتمل
أن لفظ الحديث الأول هو لفظ سعيد بن يسار، وهو اللفظ المشهور عنه! وأما اللفظ
الآخر فتفرد به معاوية عن عمّه بهذا الطول! وفيه ألفاظ لا تُعرف إلا من حديثه!
كقوله: «فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ
الرَّحْمَنِ»!! وقوله: «هذا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ»!!
ومعاوية
هذا قليل الحديث، ليس بذاك! وله إفرادات، وفيها بعض النكرة!
قال
يحيى بن معين: "صالح".
وقال
أبو حاتم: "ليس به بأس".
وقال
أبو زرعة: "لا بأس به".
·
وهم لابن حبان!
وذكر
ابن حبان في طبقة التابعين في «ثقاته» (5/416) (5478): "مُعَاوِيَة بن أبي
مزرد المَدِينِيّ يروي عَن ابن عمر، روى عَنهُ وَكِيع".
ثم
ذكر في أتباع التابعين (7/468) (10981): "مُعَاوِيَة بن أبي مزرد مولى بني
هَاشم: يروي عَنْ عَمه سعيد بن يسَار أبي الحباب، روى عَنْهُ: سُلَيْمَان بن
بِلَال، وحاتم بن إِسْمَاعِيل، وابن المُبَارك".
قلت:
هما واحد، والذي يروي عنه وكيع هو الذي من أتباع التابعين! وهو ليس من التابعين!
وكأن ابن حبان وقف على رواية له عن ابن عمر، فبنى عليها التفرقة بينهما! والصواب
أنهما واحد، ولا تُعرف له رواية عن ابن عمر!
·
كلام الدارقطني على الحديث،
وترجيحه لرواية ورقاء عن عبدالله بن دينار عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة.
وقد
سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (11/10) (2088) عَنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«الرَّحِمُ شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، يَقُولُ اللَّهُ:
مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ»؟. فقال:
"يَرْوِيهِ
عَبْدُالله بن دينار، واختلف عنه:
فَرَوَاهُ
وَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
ورَوَاهُ
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ عبدالله بن دينار، عن بشير بن يَسَارٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَقِيلَ:
عَنْ أَبِي جعفر الرازي، عن عبدالله بن دينار، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ،
وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَحْفُوظٍ.
ورَوَاهُ
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ
مُوسَى بنُ عُقْبَةَ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بنُ طَارِقٍ، عَنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا.
وَأَشْبَهُهَا
بِالصَّوَابِ قَوْلُ وَرْقَاءَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لِأَنَّ الحَدِيثَ مَحْفُوظٌ عَنْهُ.
وَرَوَاهُ
مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي المُزَرِّدِ، عَنْ سَعِيدِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ".
قلت:
يقصد الدارقطني بقوله: "مرسلاً"، أي منقطعاً بين عبدالله بن دينار وأبي
هريرة، لم يذكر فيه:
"عن أبي صالح"!
·
رواية موسى بن عقبة عن عبدالله بن
دينار عن أبي هريرة!
روى
عبدالله بن وهب في «الجامع» (ص: 158) (96) قال: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بنُ
مَيْسَرَةَ، عَنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «إِنَّ
الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهَا: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ،
وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ».
ورواه
الدارقطني في «العلل» (11/10) (2088) عن عَبْداللَّهِ بن مُحَمَّدٍ البَغَوِيّ، عن
سويد بن سعيد، عن حَفْص، به.
·
الخلاصة:
والحاصل
أن البخاري اعتمد حديث سليمان بن بلال، عن عبدالله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة!
والعجب
كيف لم يخرّج متابعة عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه، وهي على شرطه!!
وقد
تقدّم في الكلام على الحديث السادس من الأحاديث التي خرّجها البخاري لعبدالرحمن بن
عبدالله بن دينار كيف اعتمد على روايته، وعلّق متابعة سليمان بن بلال له، وأشار
إلى تعليل رواية ورقاء!!
وهنا
حصل الشيء نفسه تقريباً! فاعتمد رواية سليمان بن بلال، وأعرض عن رواية ورقاء مع
أنها هي الصحيحة والثابتة!
·
الحديث العاشر: حديث خالف في
إسناده الثقات!
روى
السراج في «مسنده» (ص: 455) (1491)، وفي «حديثه» (3/87) (1972) عن عُبيداللَّهِ بن
عَبْدِالوَاحِدِ البَزَّار، عن يَعْقُوب بن كَعْبٍ، عن أَشْعَث بن شُعْبَةَ، عَنِ
عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ يَحْيَى، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ: «أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صَلَّى عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ نَحْوَ خَيْبَرَ».
قلت:
هذا الحديث أشار إليه الدارقطني وبيّن أن عبدالرحمن وهم في قوله «عن نافع»!! وكأنه
سلك الجادة: «نافع عن ابن عمر» فوهم، ولم يحفظه! والصواب أنه «عن سعيد بن يسار»
كما يرويه جماعة كبيرة من الثقات.
قال
الدارقطني لما سُئِلَ في «العلل» (13/178) عَنْ حَدِيثِ أَبِي الحُبَابِ سَعِيدِ بنِ
يسار، عن ابن عمر: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يصلي على حمار متوجها إلى خيبر»؟:
"يرويه
عمرو بن يحيى المازني، واختلف عنه:
فرواه
مالك بن أنس، وزائدة، ووُهيب، وحماد بن سلمة، وعبدالعزيز بن المختار، وعبدالواحد
بن زياد، وخالد الواسطي، ومحمد بن دينار، وإبراهيم بن طهمان، والحارث بن عمير،
والدراوردي، وَمُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، ويَحْيَى بنُ عبدالله بن
سالم، وابن جريج، وسليمان بن بلال، وخارجة بن مصعب، وسفيان الثوري، واختلف عنه -
أي عن سفيان-:
فرواه
وكيع، وابن أبي عدي، ويزيد بن هارون، ويزيد بن أبي حكيم، عن الثوري، عن عمرو بن
يحيى كذلك.
ورواه
يحيى بن عيسى الرملي، عن الثوري، فقال: عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ
يسار، عن ابن عمر، ووهم في ذلك، إنما هو: عمرو بن يحيى.
وَرَوَاهُ
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عن عمرو بنُ يَحْيَى، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ ووهم في قوله نافع، وإنما هو أبو الحباب سعيد بن يسار.
ورواه
مسلم بن خالد الزنجي، عَنْ عَمْرِو بنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شقران؛ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على حمار.
والصحيح
قول من قال: عن عمرو بن يحيى، عن سعيد بن يسار، أبي الحباب، عن ابن عمر".
·
الحديث الحادي عشر: حديث أخطأ
عبدالرحمن في سنده ومتنه!
روى
أحمد في «مسنده» (10/233) (6050) عن هَاشِم بن القاسم، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن
عبدالله بن دينار، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ بِلَالًا لا
يَدْرِي مَا اللَّيْلُ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ
أُمِّ مَكْتُومٍ».
قلت:
هذا الحديث لم يروه عن زيد بن أسلم إلا عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار!! والمعروف
المحفوظ من حديث أبيه عبدالله بن دينار.
فأخطأ
في إسناده! فقال: «عن زيد بن أسلم» بدل «عن عبدالله بن دينار»!
وأخطأ
في متنه أيضاً، فقال: «إن بلالا لا يدري ما الليل»! والصواب: «إن بلالا ينادي بليل».
وقد
رواه عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر جماعة، منهم: مالك، وعبدالعزيز بن مسلم،
والثوري، وشعبة.
وحديث
مالك في «موطئه» (1/74) (14)، ورواه البخاري في «صحيحه» (1/127) (620) عن عبدالله
بن يوسف التنيسي، عن مالك.
وحديث
عبدالعزيز بن مسلم رواه البخاري في «صحيحه» (9/87) (7248) عن موسى بن إسماعيل، عن
عبدالعزيز بن مسلم.
وحديث
الثوري رواه أحمد في «مسنده» (9/213) (5285) عن عبدالرحمن بن مهدي.
وحديث
شعبة رواه أحمد في «مسنده» (9/357) (5498) عن محمد بن جعفر غُندر.
كلهم
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ،
فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ».
·
التعليق على قوله: «إن بلالاً لا
يدري ما الليل»!
هذه
لفظة منكرة جداً!! وقد وهم فيها عبدالرحمن وخالف المشهور المعروف في هذا الحديث!
وقد
حاول بعض من تكلّم على هذا الحديث تمشيتها ببعض الشواهد الواهية!!!
قال
شعيب الأرنؤوط ورفاقه أثناء تحقيقهم لمسند أحمد: "وقوله: «إن بلالًا لا يدري
ما الليل»، مما انفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار في هذه الرواية. ويشهد
له حديث أنس الاَتي، ولفظه:"لا يمنعكم أذان بلال من السحور فإن في بصره شيئاً".
قلت:
وهذا إنما أخذوه من قول أحمد شاكر في كلامه على «المسند» (5/358)
(6050)،
قال: "إسناده صحيح، وهذا اللفظ إن "بلالا لا يدري ما الليل" لم
أجده في غير هذا الموضع، وحديث ابن عمر في هذا المعنى مشهور معروف: "إن بلالا
ينادي بليل" إلخ، مضى مراراً... ولكن هذه الرواية يؤيد معناها حديث أنس،
الآتي في المسند 12455 مرفوعاً: "لا يمنعكم أذان بلال من السحور، فإن
في بصره شيئاً"، وإسناده صحيح، وحديث سمرة بن جندب، الآتي في المسند
أيضاً (5: 9 ح) مرفوعاً: "لا يغرنكم نداء بلال، فإن في بصره سوءاً"
انتهى.
قلت:
هذه زيادة شاذة في كلا الحديثين!
أما
حديث أنس:
فأخرجه
ابن أبي شيبة في «مسنده» (2/275) (8926)، وأحمد في «مسنده» (19/417) (12428)، وعن
ابن أبي شيبة أخرجه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (5/297) (2917).
وأخرجه
الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/140) (866) من طريق أَحْمَد بن إِشْكَابٍ، وشِهَاب
بن عَبَّادٍ العَبْدِيّ.
والضياء
المقدسي في «المختارة» (7/40) (2431) من طريق مُحَمَّد بن عَلِيّ بن مُحْرِزٍ.
كلهم
(ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن إشكاب، وشهاب، وابن محرز) عن مُحَمَّد بن بِشْرٍ العَبْدِيّ،
عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا
يَمْنَعَنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ فَإِنَّ فِي بَصَرِهِ شَيْئًا».
قالَ
البَزَّارُ: "لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ إِلا مِنْ هَذَا الوَجْهِ، ولا
نَعْلَمُ حَدَّثَ بِهِ عَنْ سَعِيدٍ إِلا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، رَوَاهُ عَنْهُ:
عَبْدَةَ وغَيْرِهِ".
كذا
نقل ابن حجر في «إتحاف المهرة» (2/167) (1480) عن البزار.
قلت:
وعبدة هذا: هو ابن عبدالله الصفّار البصري (ت258هـ)، وليس عبدة بن سليمان الكلابي
الكوفي (ت188هـ)، فهذا الأخير من أقران محمد بن بشر، واشتركا في الرواية عن سعيد
بن أبي عروبة في أحاديث.
·
وهم في نقل الهيثمي من كتاب
البزار!
لكن
ذكر الهيثمي الحديث في «كشف الأستار عن زوائد البزار» (1/467) (982) قال البزار:
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ عَبْدِاللَّهِ، وَسَعِيدُ بنُ بَحْرٍ، قَالا: حدثنا
مُحَمَّدُ بنُ بشر، حدثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ
فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ».
قَالَ
الْبَزَّارُ: "لا نَعْلَمُهُ عَنْ أَنَسٍ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ
بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بشرٍ، عَنْ سَعِيدٍ".
قلت:
الظاهر أن الهيثمي وهم في النقل من «مسند البزار»!! فقد نقل ابن حجر هذا الحديث في
«إتحاف المهرة» (2/167) (1480) وعزاه للبزار: "حَدِيثٌ (طح حم الْبَزَّارُ): «لا
يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلالٍ فَإِنَّ فِي بَصَرِه شَيْئًا»"، ثم نقل عنه ما
نقلناه آنفاً.
وكل
الرواة يروونه باللفظ الذي نقله ابن حجر عن محمد بن بشر كما في التخريج.
·
تنبيهان لأخطاء في المطبوع من بعض
الكتب!
وقع
في مطبوع «إتحاف المهرة»: "...ولا نَعْلَمُ حَدَّثَ بِهِ عَنْ سَعِيدٍ إِلا
مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، رَوَاهُ عَنْ عَبْدَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْهُ"!
وهذه
عبارة قلقلة فيها زيادة إما "عن" أو "عنه"!
والصواب:
" رَوَاهُ عَبْدَةَ وَغَيْرِهِ عَنْهُ"، أو: "رَوَاهُ عَنْهُ
عَبْدَةَ وَغَيْرِهِ".
ووقع
في مطبوع «كشف الأستار»: "محمد بن بَشير"! وهو خطأ! والصواب: "محمد
بن بِشر".
وأورده
الطحاوي أثناء الحديث عن مسألة «بَاب التَّأْذِينِ لِلْفَجْرِ: أَيُّ وَقْتٍ هُوَ؟
بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ؟»، وأورد الأحاديث في ذلك وناقش من
استدل بها، ثم قال: "وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِلَالٌ كَانَ يُؤَذِّنُ
فِي وَقْتٍ كَانَ يَرَى أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ فِيهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ
ذَلِكَ، لِضَعْفِ بَصَرِهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ..."، ثم ساق هذا
الحديث، ثم قال: "فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُرِيدُ الفَجْرَ
فَيُخْطِئُهُ لِضَعْفِ بَصَرِهِ. فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَعْمَلُوا عَلَى أَذَانِهِ، إِذْ كَانَ مِنْ
عَادَاتِهِ الخَطَأُ، لِضَعْفِ بَصَرِهِ".
وقال
ابن الملقن في «البدر المنير» (3/199): "رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بِسَنَد جيد".
وقال
الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/153): "رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ
الصَّحِيحِ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى أَيْضًا".
وقال
الألباني في «صحيح أبي داود» (3/37) بعد أن ذكره وعزاه لأحمد والطحاوي: "وهذا
إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن التركماني (1/385): سنده جيد".
·
هل وهم محمد بن بشر العبدي في
الحديث؟!
قلت:
تفرد
به محمد بن بشر عن سعيد بهذا الإسناد! ولا يُعرف من حديث أنس! ولا من حديث قتادة!
وأين أصحاب قتادة عن هذا الحديث كشعبة وغيره!
ومحمد
بن بشر من الثقات إلا أن له بعض الأوهام كما بينها ابن أبي حاتم في مواضع من «العلل»،
فيحتمل أنه حدّث به من حفظه فوهم فيه!
قال
عثمان بن أبي شيبة: "محمد بن بشر ثقة ثبت إذا حدّث من كتابه".
ويُحتمل
أن الوهم فيه من سعيد بسبب اختلاطه! وكأني بالآجري عندما سأل أبا داود عن سماع
محمد بن بشر كان عنده بعض الإشكال في ذلك!
قَال
أَبُو عُبَيد الآجُرِّيّ: سألت أَبَا دَاوُد عَنْ سماع مُحَمَّد بن بشر من سَعِيد
بْن أَبي عَرُوبَة؟ فقالَ: "هُوَ أحفظ من كَانَ بالكوفة".
وقد
نصّ الإمام أحمد على أن محمد بن بشر سمع من سعيد قبل اختلاطه.
قَال
عبدالله بن أحمد: قال أبي: "ومن سمع من سعيد بن أبي عرُوبَة قبل الهَزِيمَة
فسماعه جيد، وَمن سمع بعد الهَزِيمَة كَانَ أبي ضعفهم. فَقلت لَهُ: كَانَ سعيد
اخْتَلَط؟ قَالَ: نعم، ثمَّ قَالَ: من سمع مِنْهُ بِالكُوفَةِ مثل مُحَمَّد بن بشر
وَعَبدَة فَهُوَ جيد، ثمَّ قَالَ: قدم سعيد الكُوفَة مرَّتَيْنِ قبل الهَزِيمَة"
- "وكَانَت الهَزِيمَة فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة".
قلت:
سواء كان الوهم فيه من محمد بن بشر أو من سعيد فهذا متن منكر!! فكيف يتخذ النبي
صلى الله عليه وسلم مؤذنين في بصرهما شيئا!! فابن أم مكتوم أعمى، وكان يؤذن إذا
قيل له: «أصبحت أصبحت»، وأما بلال فلا ينقل أنه كان في بصره أيّ شيء! ولو كان فيه
ما نقل في هذه الرواية لما اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا يؤذن للأذان
الأول.
وأكبر
ظني أن الوهم في هذا الحديث من محمد بن بشر، حدّث به من حفظه لا من كتابه، والله
أعلم.
·
زيادة منكرة في حديث عفان بن مسلم
عن همام العوذي!
وأما
حديث سَمُرَة بن جُنْدُبٍ:
فأخرجه
أحمد في «مسنده» (33/291) (20097) عن عَفَّان بن مُسلم، عن هَمَّام بن يحيى العوذي،
عن سَوَادَة، قَالَ: سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا يَغُرَّنَّكُمْ نِدَاءُ
بِلَالٍ، فَإِنَّ فِي بَصَرِهِ سُوءًا، وَلَا بَيَاضٌ يَتَراءَى
بِأَعْلَى السَّحَرِ».
قال
شعيب الأرنؤوط ورفاقه في تعليقهم على هذا الحديث: "صحيح لغيره، وهذا إسناد
حسن من أجل سوادة: وهو ابن حنظلة القشيري. وأخرجه الطبراني (6980) من طريق حجاج بن
المنهال، عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد".
قلت:
هذا فيه إيهام بأن الطبراني ذكر هذه الزيادة المتنازع عليها! «فَإِنَّ فِي
بَصَرِهِ سُوءًا»! وليس كذلك!
قال
الطبراني في «المعجم الكبير» (7/236) (6980): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ
عَبْدِالعَزِيزِ، وأَبُو مُسْلِمٍ الكَشِّيُّ، قَالَا: حدثنا حَجَّاجُ بنُ المِنْهَالِ،
قال: حدثنا هَمَّامٌ، حدثنا سَوَادَةُ بنُ حَنْظَلَةَ، إِمَامُ مَسْجِدِ بَنِي
قُشَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَمُرَةَ بنَ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَغُرَّنَّكُمْ نِدَاءُ بِلَالٍ وَلَا
بَيَاضٌ يُرَى بِأَعْلَى السَّحَرِ».
فهذا
ما عند الطبراني من طريق همام، لكن ليس فيه الزيادة التي ذكرها أحمد من طريق
همام!!
والحديث
يُروى من غير طريق همام، وليس فيه هذه الزيادة!
قال
ابن الجوزي في «التحقيق في مسائل الخلاف» (1/308) عن هذا الحديث: "فقد روَاهُ
جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَقُولُوا: فِي بَصَرِهِ سوء".
·
زيادة الثقة، والرد على الزيلعي!
وتعقّبه
الزيلعي في «نصب الراية» (1/284) فقال: "قلنَا: سَوَادَةُ بنُ حَنْظَلَةَ
ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَزِيَادَةٌ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ،
وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، سَوَاءٌ".
قلت:
هذه الزيادة لا تثبت أصلا عن سوادة حتى نقول إن زيادة الثقة مقبولة! وإن كانت
زيادة الثقة لا تقبل مطلقاً أيضاً، بل تحتاج لقرائن لقبولها.
فقد
رواه جماعة عن سوادة دون هذه الزيادة، فكيف نقول بأنها زيادة منه!!
فبحسب
ما بين أيدينا من رواية أحمد والطبراني، فالاختلاف على همام بن يحيى في هذا!
فعفان
بن مسلم البصري يقولها في حديثه، وحجاج بن منهال لا يقولها، وكلاهما من الثقات
الأثبات! فيُحتمل أن يكون الخطأ من همام نفسه، وهمام ثقة إلا أن له بعض الأوهام!
وكان يقول لعفان عندما صار يرجع لكتابه: "يا عفان كنا نخطىء كثيرا، فاستغفر
الله"! وإلا فتكون العهدة فيها على عفان، والله أعلم.
والحديث
رواه جماعة من غير طريق همام دون هذه الزيادة المنكرة!
رواه
أبو داود الطيالسي في «مسنده» (2/219) (940).
وابن
أبي شيبة في «مصنفه» (2/276) (8927)، و(2/288) (9070) عن أبي أسامة.
وأحمد
في «مسنده» (33/329) (20158) عن وكيع.
والترمذي
في «جامعه» (2/78) (706) عن هَنَّاد، وَيُوسُف بن عِيسَى، عن وَكِيع.
ثلاثتهم
(أبو داود الطيالسي، وأبو أسامة، ووكيع) عَنْ محمد بن سُليمٍ أَبِي هِلاَلٍ
الراسبيّ.
وأبو
داود الطيالسي في «مسنده» (2/219) (939).
وأحمد
في «مسنده» (33/365) (20203) عن يزيد بن هارون.
وفيه:
(33/267) (20079) عن مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ، ورَوْح بن عبادة.
ومسلم
في «صحيحه» (2/770) (1094) عن عبيدالله بن معاذ العنبري، عن أبيه.
وعن
ابن المثنى عن أبي داود الطيالسي.
والطحاوي
في «شرح معاني الآثار» (1/138) (858) عن عَلِيّ بن مَعْبَدٍ، عن رَوْح بن
عُبَادَةَ.
وعن
إبراهيم بن مَرْزُوقٍ، عن وَهْب بن جرير.
والنسائي
في «سننه الكبرى» (3/117) (2492) عن محمود بن غيلان، عن أبي داود الطيالسي.
ستتهم
(الطيالسي، ويزيد، ومحمد بن جعفر، وروح، ووهب، ومعاذ) عن شعبة.
وأحمد
في «مسنده» (33/324) (20149) عن إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليّة.
وابن
خزيمة في «صحيحه» (3/210) (1929) عن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيّ، عن ابن
عُلَيَّةَ.
ومسلم
في «صحيحه» (2/769) (1094) عن زُهَيْر بن حَرْبٍ، عن إِسْمَاعِيل ابن عُلَيَّةَ.
وعن
شَيْبَان بن فَرُّوخَ، عن عَبْدالوَارِثِ.
وعن
أَبي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيّ، عن حَمَّاد بن زَيْدٍ.
وأبو
داود في «سننه» (4/31) (2346) عن مُسَدَد، عن حماد بن زيدٍ.
ثلاثتهم
(ابن علية، وعبدالوارث، وحماد) عن عَبْداللهِ بن سَوَادَةَ القُشَيْرِيّ.
كلهم
(محمد بن سليم، وأبو هلال، وشعبة، وعبدالله بن سوادة) عن سَوَادَة بن حَنْظَلَةَ
القُشَيْرِيُّ، عَنْ سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَمْنَعَنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنَ السَّحُورِ
وَلَا الصُّبْحُ الْمُسْتَطِيلُ وَلَكِنِ الصُّبْحُ الْمُسْتَطِيرُ فِي الْأُفُقِ».
وفي لفظ: «لَا يَغُرَّنَّ أَحَدَكُمْ نِدَاءُ بِلَالٍ مِنَ السَّحُورِ، ولا هَذَا
البَيَاضُ حَتَّى يَسْتَطِيرَ».
قال
الترمذي: "هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ".
·
الحديث الثاني عشر: حديث تفرد به
عن زيد بن أسلم! وفيه نكارة!
روى
إسماعيل بن جعفر في «حديثه» (ص: 510) (449) عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللَّهِ
بنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدَ بنِ أَسْلَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُرِيتُ غَنَمًا سَوْدَاءَ كَثِيرَةً دَخَلَتْ
فِيهَا غَنْمٌ كَثِيرَةٌ بِيضٌ» قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
فَقَالَ: «العَجَمُ يُشْرِكُونَكُمْ فِي دِينِكُمْ وَأَنْسَابِكُمْ» قَالُوا:
الْعَجَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ مُعَلَّقًا
بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنَ العَجَمِ أَسْعَدَهُمْ بِهِ فَارِسُ».
ورواه
الحاكم في «مستدركه» (4/437) (8194) عن أَبي الحُسَيْنِ أَحْمَد بن عُثْمَانَ بنِ
يَحْيَى البَزَّار، عن العَبَّاس بن مُحَمَّدٍ الدُّورِيّ، عن هَاشِم بن
القَاسِمِ، عن عَبْدُالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ
بنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكره.
قلت:
كأنه سقط من كتاب إسماعيل بن جعفر: «عن ابن عمر»، وهو ثابت في رواية الحاكم، وهو
أقرب للصواب.
قال
الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
وأورده
الألباني في «صحيحته» (1018).
قلت:
هذا الحديث تفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن زيد بن أسلم! ولا يعرف من
حديث ابن عمر! وفيه نكارة!
وفي
«الصحيحين» من حديث أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الجُمُعَةِ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا
يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3]، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاَثًا، وَفِينَا سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ،
وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ،
ثُمَّ قَالَ: «لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالَهُ رِجَالٌ - أَوْ
رَجُلٌ - مِنْ هَؤُلاَءِ».
·
الحديث الثالث عشر: حديث تفرد به
عبدالرحمن ولم يُتابع عليه!
روى
أحمد في «مسنده» (5/108) (2950).
والبخاري
في «التاريخ الكبير» (2/187) عن عبدة بن عبدالله الصفّار.
كلاهما
(أحمد، وعبدة) عن عَبْدالصَّمَدِ بن عبدالوارث، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن
عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عن أَبي حَازِمٍ، عَنِ جَعْفَرِ بنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابنِ
عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ
جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَأَمَرَنِي أَنْ أُعْلِنَ التَّلْبِيَةَ».
قال
الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/224): "رَوَاهُ أَحْمَدُ، وفِيهِ جَعْفَرُ بنُ
عَيَّاشٍ (!)، وَهُوَ مِنْ تَابِعِي أَهْلِ المَدِينَةِ، رَوَى عَنْهُ أَبُو
حَازِمٍ سَلَمَةُ بنُ دِينَارٍ، وَلَمْ يجْرحْهُ أَحَدٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ
رِجَالُ الصَّحِيحِ".
كذا
في المطبوع «جعفر بن عياش»! وهو خطأ!
وقال
أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (3/297) (2953): "إسناده صحيح".
وقال
شعيب الأرنؤوط ورفاقه في تحقيقهم للمسند (5/108): "حديث صحيح، وهذا إسناد
حسن، عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار مختلف فيه، وأقل أحواله أن يكون حسن الحديث،
وباقي رجاله ثقات".
قلت:
تفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار ولا يُحتج بما ينفرد به!! ولا يُعرف هذا
الحديث عن ابن عباس إلا من طريقه! ولا يُحتمل!
وجعفر
بن عباس نُسب إلى جدّه، وهو: جَعْفَر بن تَمام بن العَبَّاس بن عبد المطلب الهَاشِمِي.
وجاء
منسوباً لأبيه في رواية البخاري «جعفر بن تمام».
·
تجهيل الحسيني لجعفر بن عباس وأبي
حازم! واضطراب ابن حجر، وتعقّب أحمد شاكر له.
لم
يعرف الحسيني جعفر بن عباس ولا أبا حازم فجهّلهما!
فذكر
في «الإكمال» (ص: 65) (104): "جَعْفَر بن عَبَّاس عَن ابن عَبَّاس، وعنهُ
أَبُو حَازِم: مَجْهُول".
وتبعه
ابن حجر في «تعجيل المنفعة» (1/387) (135) وذكره على الشك، فقال: "جَعْفَر
بن عَبَّاس أَو ابن عَيَّاش عَن ابن عَبَّاس، وعنهُ أَبُو حَازِم: لا يعرف".
وذكر
الحسيني أيضاً (ص: 499): "أَبُو حَازِم عَن جَعْفَر بن عَبَّاس، وَعنهُ
عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار: لا يعرف".
وعرفه
ابن حجر فقال في «تعجيل المنفعة» (2/431): "أَبُو حَاتِم عَن جَعْفَر بن
عَبَّاس، وعنهُ عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار. قلت: هُوَ سَلمَة بن دِينَار
المخْرج حَدِيثه فِي الكتب السِّتَّة، وقد ذكر المزي فِي شُيُوخه عبدالرَّحْمَن بن
عبدالله بن دِينَار، والله اعْلَم".
والعجب
من الحسيني فإنه ذكر قبل جعفر هذا الذي جهَّله (103): "جَعْفَر بن تَمام بن
العَبَّاس بن عبدالمطلب الْهَاشِمِي عَن أَبِيه، وَعنهُ أَبُو عَليّ الرداد،
وَابْن أبي ذِئْب، وَأَبُو حَازِم المَدِينِيّ وَغَيرهم. قَالَ أَبُو زرْعَة:
مديني ثِقَة، وَذكره ابن سعد فِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة من تَابِعِيّ أهل المَدِينَة،
وَقَالَ: وَقد انقرض ولد جَعْفَر بن تَمام وَلم يبْق مِنْهُم أحد".
فذكر
هنا أن من الرواة عنه أبو حازم، والذي قبله روى عنه أبو حازم! ومع ذلك فرّق
بينهما! وهو هو.
وتبعه
على ذلك ابن حجر! ولم يتنبّه لذلك!
وزاد
ابن حجر في ترجمته الشك! فقال: «جعفر بن عباس أو ابن عيّاش»!
وكأنه
فعل ذلك لأنه تبع الحسيني في تجهيله! وطالما أنه مجهول فاحتاط ابن حجر إلى أنه
يمكن أن يكون «ابن عباس» أو «ابن عياش» فذكره على الشك!
وتعقبه
أحمد شاكر، فقال: "وجعفر هذا اضطرب فيه الحافظ في التعجيل فقال: جعفر بن عباس
أو ابن عياش، ثم قال: ومن المحتمل أن يكون جعفر بن عياض، وهذا شك لا داعي
له وإنما هو جعفر بن تمام بن العباس بن عبد المطلب، فقد ذكره البخاري في الكبير
1/2/187 وترجم له وذكر هذا الحديث في ترجمته، وجعفر بن تمام تابعي ثقة كما قلنا في
1835 والحمد لله، وأبو حازم مدني ومما يقوي أنه هو أن البخاري لم يذكر جعفر بن
عباس أو ابن عياش، وهو أجدر أن لا يفوته، فلو أنه هو كان الإسناد صحيحاً".
قلت:
أصاب أحمد شاكر في قوله، لكن ما نقله عن ابن حجر: "ومن المحتمل أن يكون جعفر
بن عياض"! لم أجده في المطبوع من كتاب «التعجيل»! فالله أعلم.
·
وهم للضياء المقدسي!
ذكر
الضياء في «المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما»
(9/526) ترجمة: «جَعْفَر بن عَيَّاشٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ»، ثم ساق الحديث (509)
من كتاب «مسند أحمد» وفيه: «عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَيَّاشٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ إِنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي
فَأَمَرَنِي أَنْ أُعْلِنَ التَّلْبِيَةَ».
وقال:
"جَعْفَرُ بنُ عَيَّاشٍ لَمْ يَذْكُرْهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِهِ".
قلت:
تحرّف على الضياء! والصواب: «جعفر بن عبّاس» بالباء والسين المهملة، لا بالياء
والشين المعجمة!
·
شاهد السائب بن خلاّد الأنصاري! «أَتَانِي
جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ
وَالْإِهْلَالِ».
ومن
صحح الحديث إنما صححه بشاهد يُروى عن السائب بن خلاّد الأنصاري!
رواه
عنه ابنه خلاد بن السائب، لم يرو عنه غيره.
رواه
مالك، وسفيان بن عُيينة، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
عَمْرِو بنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ الحَارِثِ بنِ
هِشَامٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ
فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي - أَوْ مَنْ مَعِي - أَنْ يَرْفَعُوا
أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ بِالْإِهْلَالِ» يُرِيدُ أَحَدَهُمَا.
وهذا
هو اللفظ المتفق عليه بالشك: «بِالتَّلْبِيَةِ أو الإِهْلاَلِ».
وفي
بعض الروايات: «بِالإِهْلاَلِ وَالتَّلْبِيَةِ».
وفي
بعضها: «بِالإِهْلاَلِ» فقط.
وفي
بعضها: «بِالتلبية» فقط.
·
طريق مالك:
وهو
في «موطأ مالك» (1/334) (34).
وأخرجه
الشافعي في «مسنده» (1/306) (794)، وأحمد في «مسنده» (27/101) (16567) عن عَبْدِالرَّحْمَنِ
بنِ مَهْدِيّ، ورَوْح، والدارمي في «مسنده» (2/1142) (1850) عن خَالِد بن
مَخْلَدٍ، وأبو داود في «سننه» (3/221) (1814) عن القعنبيّ، والطحاوي في «شرح مشكل
الآثار» (14/492) (5782) من طريق ابن وَهْبٍ، كلهم عن مَالِك، به.
·
طريق سفيان:
وأخرجه
الحميدي في «مسنده» (2/103) (876)، وأحمد في «مسنده» (27/89) (16557/1)، وابن أبي
شيبة في «مسنده» (2/349) (853).
والحاكم
في «المستدرك» (1/619) (1652) من طريق بِشْر بن مُوسَى، عن الحَمِيدي.
والترمذي
في «جامعه» (2/183) (829) عن أحمد بن مَنيع.
وابن
ماجه في «سننه» (4/159) (2922) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ.
والطبراني
في «المعجم الكبير» (5/229) (5173) عن عُبَيْد بن غَنَّامٍ، عن أَبي بَكْرِ بن
أَبِي شَيْبَةَ.
والدارمي
في «سننه» (2/1142) (1851) عن عُثْمَان بن مُحَمَّدٍ.
وابن
أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (4/172) (2153) عن يَعْقُوب بن حُميد.
وابن
الجارود في «المنتقى» (ص: 114) (434) عن ابن المُقْرِئ.
والروياني
في «مسنده» (2/467) (1488) عن الحَسَن بن مُحَمَّدٍ.
وابن
خزيمة في «صحيحه» (4/173) (2625) عن عَبْدالجَبَّارِ بن العَلَاءِ، وأَحْمَد بن
مَنِيعٍ.
وابن
حبان في «صحيحه» (9/112) (3802) من طريق عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ.
والطحاوي
في «شرح مشكل الآثار» (14/493) (5783) من طريق حَامِد بن يَحْيَى البَلْخِيّ.
والدارقطني
في «سننه» (3/257) (2506) من طريق إِسْحَاق بنِ بُهْلُولٍ، والحَسَن بن مُحَمَّدِ
بنِ الصَّبَّاحِ.
والطبراني
في «المعجم الكبير» (7/142) (6628) من طريق أَسَد بن مُوسَى.
والبيهقي
في «السنن الصغير» (2/151) (1523) من طريق أَحْمَد بن شَيْبَانَ الرَّمْلِيّ.
كلهم
عن سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ.
·
طريق ابنُ جُريجٍ:
زاد
الحميدي في روايته: قال سُفْيَانُ: "وكَانَ ابنُ جُرَيْجٍ كَتَمَنِي
حَدِيثًا، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُاللَّهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ لَمْ
أَخْبَرْهُ بِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى المَدِينَةِ حَدَّثْتُهُ بِهِ، فَقَالَ
لِي: يَا أَعْوَرُ، تُخَبِّؤُ عَنَّا الْأَحَادِيثَ، فَإِذَا ذَهَبَ أَهْلُهَا
أَخْبَرْتَنَا بِهَا، وَلَا أَرْوِيهِ عَنْكَ، أَتُرِيدُ أَرْوِيهِ عَنْكَ
وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِهِ
عَبْدُاللَّهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ يُحَدِّثُ بِهِ: كَتَبَ
إِليّ عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ".
وزاد
حَامِدُ بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ، قالَ سُفْيَانُ: "أَتَيْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ
لَمَّا خَرَجَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ
لِي: مَا أَنْتَ بِمُسْلِمٍ، تَسْمَعُ الْحَدِيثَ، ثُمَّ تَكْتُمْنِي حَتَّى إِذَا
خَرَجَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ تَجِيئُنِي بِحَدِيثِهِ لِأُحَدِّثَ بِهِ عَنْكَ؟ لَا،
إِلَّا أَنْ يَكْتُبَ بِهِ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. فَكَانَ ابْنُ
جُرَيْجٍ يُحَدِّثُ بِهِ: كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ عَبْدُاللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ".
أخرجه
أحمد في «مسنده» (27/101) (16568) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابنُ جُرَيْجٍ. ورَوْحٌ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ:
كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُاللهِ بنُ أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ
يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُالمَلِكِ بنُ أَبِي بَكْرِ بنِ الحَارِثِ، أَنَّهُ
حَدَّثَهُ خَلَّادُ بنُ السَّائِبِ بنِ خَلَّادِ بنِ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ،
عَنْ أَبِيهِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «َتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ:
إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْمُرَ أَصْحَابَكَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ
بِالتَّلْبِيَةِ، وَالْإِهْلَالِ»، وَقَالَ رَوْحٌ: «ِبالتَّلْبِيَةِ أَوْ
بِالْإِهْلَالِ»، قَالَ: "ولا أَدْرِي أَيُّنَا وَهِلَ أَنَا أَوْ عَبْدُاللهِ،
أَوْ خَلَّادٌ فِي الْإِهْلَالِ، أَوِ التَّلْبِيَةِ".
وأخرجه
الطبراني في «المعجم الكبير» (7/142) (6629) عن المِقْدَام بن دَاوُدَ: حدثنا أَسَدُ
بنُ مُوسَى: حدثنا سَعِيدُ بنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: كَتَبَ
إِلَيَّ عَبْدُاللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ.. فذكره.
وفي
آخره: "لا أَدْرِي أَيُّنَا، وَهَلَّ أَنَا، أَوْ عَبْدُالمَلِكِ فِي الْإِهْلَالِ
وَالتَّلْبِيَةِ".
·
وهم للبيهقي!
قال
البيهقي في «السنن الكبرى» (5/65) بعد أن ذكر رواية سفيان: "وَرَوَاهُ ابْنُ
جُرَيْجٍ قَالَ: كَتَبَ إِلِيَّ عَبْدُاللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَهُ، وَلَمْ
يَذْكُرْ أَبَا خَلَّادٍ فِي إِسْنَادِهِ، وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ مَالِكٍ،
وَابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ،
عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَذَلِكَ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ".
قلت:
وهم البيهقي في قوله: "ولم يذكر أبا خلاد في إسناده"!! بل قد ذكره ابن
جريج كما بينت في التخريج.
وعليه
فيكون ابن جريج قد تابع مالكا وسفيان.
فالحديث
رواه مَالِك، وابْن عُيَيْنَةَ، وابنُ جُريج، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ،
عَنْ عَبْدِالمَلِكِ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
·
وهَم في الرواية عن عبدالله بن
الفضل المدني!
وأخرج
الطبراني في «المعجم الكبير» (7/143) (6630) عن أَحْمَد بن عَمْرٍو الخَلَّال
المَكِّيّ، عن يَعْقُوب بن حُمَيْد بن كاسب، عن حَاتِم بن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ
رَبِيعَةَ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ الفَضْلِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ
أَبِي بَكْرٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ.
وقال
أبو نُعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» (3/1373): "وَرَوَاهُ حَاتِمُ بنُ
إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي
بَكْرٍ، عَنْ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، مِنْ دُونِ عَبْدِالمَلِكِ".
قلت:
كأن بعض الرواة وهم فيه فأسقط منه «عبدالملك بن أبي بكر»! فالحديث حديثه.
وهذا
إسناد ضعيف!
فيعقوب
بن حميد فيه كلام.
وحاتم
بن إسماعيل المدني، مشهور صدوق، وثقه جماعة، وقال النسائي: "ليس بالقوي".
وقال
أحمد: "زعموا أنه كان فيه غفلة".
ولما
ذكره ابن خلفون في «الثقات» قال: "قال أبو جعفر البغدادي: سألت أبا عبدالله
عن حاتم بن إسماعيل فقال: ضعيف".
وقال
ابن حجر: "صحيح الكتاب، صدوق يهم".
وربيعة
بن عثمان المدني لا بأس به، لكن لا يحتج بما انفرد به! وقد وثقه بعض أهل العلم
وضعفه آخرون.
قال
يحيى بن مَعِين: "ثقة".
وقَال
أبو زُرْعَة: "إلى الصدق ما هو، وليس بذاك القوي".
وقَال
أَبُو حاتم: "منكر الحديث، يكتب حديثه".
وقَال
النَّسَائي: "ليس بِهِ بأس".
·
الاختلاف فيه على خلاّد بن السائب:
رواه
مالك، وابن عيينة، وابن جريج، ومعمر، عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن
حزم، عن عبدالملك بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن خلاد بن السائب،
عَنْ أَبِيهِ السائب بن خلاد.
ورُوي
عن المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ
الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ!
·
حديث خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ،
عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ:
وقد
خَالَفَ مُوسَى بنُ عُقْبَةَ وسفيان الثوري: عَبْدَاللهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فِي
إِسْنَادِ هَذَا الحَدِيثِ، وَفِي رِوَايَتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَا أَنَّهُ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الجُهَنِيُّ، لا
السَّائِبُ بنُ خَلَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ.
أخرجه
الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (14/494) (5784) عن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوقٍ، عن عَفَّان
بن مُسْلِمٍ.
والطبراني
في «المعجم الكبير» (5/229) (5172) عن مُحَمَّد بن الحَسَنِ بن كَيْسَانَ
المِصِّيصِيُّ، عن حَبَّان بن هِلَالٍ، ويَعْلَى بن أَسَدٍ العَمِّيّ.
ثلاثتهم
(عفان، وحبان، ويعلى) عن وُهَيْب بن خَالِدٍ.
وابن
أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (1/233) عن مَالِك بن إِسْمَاعِيْلَ.
وأخرجه
الطبراني في «المعجم الكبير» (5/229) (5171) عن عَلِيّ بن عَبْدِالعَزِيزِ، عن
أَحْمَد بن يُونُسَ.
كلاهما
(مالك بن إسماعيل، وأحمد بن يونس) عن زُهَيْر بن معاوية.
كلاهما
(وهيب، وزهير) عن مُوسَى بن عُقْبَةَ.
ورواه
ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (2/135) عن مُحَمَّد بن عَبْدِاللَّهِ الأَسَدِيّ
أبي أحمد الزبيري.
ورواه
أحمد في «مسنده» (36/11) (21678)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (3/ 373) (15055).
والطبراني
في «المعجم الكبير» (5/229) (5170) عن عُبَيْد بن غَنَّامٍ، عن أَبي بَكْرِ بن
أَبِي شَيْبَةَ.
والحاكم
في «المستدرك» (1/619) (1653) عن عَبْداللَّهِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُوسَى، عن إِسْمَاعِيل
بن قُتَيْبَةَ، عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ.
ورواه
ابن خزيمة في «صحيحه» (4/174) (2628) عن سَلْم بن جُنَادَةَ.
وابن
حبان في «صحيحه» (9/113) (3803) عن عَبْداللَّهِ بن مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيّ، عن إِسْحَاق
بن إِبْرَاهِيمَ.
والطبراني
في «المعجم الكبير» (5/229) (5170) عن الحَسَن بن عَلِيٍّ المَعْمَرِي، عن زُهَيْر
بن حَرْبٍ، وخَلَف بن سَالِمٍ، وعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَة.
سبعتهم
(أحمد، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وسلم، وإسحاق، وزهير، وخلف، وعثمان ابن أبي شيبة)
عن وَكِيع.
ورواه
عبد بن حُميد في «مسنده» [كما في المنتخب: (1/230) (274)] عن عبدالرزاق.
ثلاثتهم
(أبو أحمد الزبيري، ووكيع، وعبدالرزاق) عَنْ سُفْيَانَ.
كلاهما
(موسى بن عقبة، وسفيان) عن عَبْداللهِ بن أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ
عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ
الجُهَنِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ
قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لِي: ارْفَعْ صَوْتَكَ
بِالْإِهْلَالِ، فَإِنَّهُ مِنْ شِعَارِ الحَجِّ».
وفي
رواية سفيان: «يَا مُحَمَّدُ، مُرْ أَصْحَابَكَ فَلْيَرْفَعُوا صِيَاحَهُمْ
بِالتَّلْبِيَةِ، فَإِنَّهَا شِعَارُ الحَجِّ».
·
الاختلاف على سفيان!
رواه
أبو أحمد الزبيري، ووكيع، وعبدالرزاق، عَنْ سُفْيَانَ، عن عَبْداللهِ بن
أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ
السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ.
وخالفهم
قَبيصة بن عقبة، ومعاوية بن هشام القصّار، فروياه عن سُفْيَان، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ
أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ
بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ.
فزادا
فيه: «عن أبيه»!
رواه
البخاري في «التاريخ الكبير» (4/150) عن قَبِيصَةُ.
ورواه
الطبراني في «المعجم الكبير» (5/228) (5168) عن حَفْص بن عُمَرَ الرَّقِّيّ، عن قَبِيصَة.
ورواه
أيضاً (5169) عن الحَسَن بن عَلِيٍّ المَعْمَرِيّ، عن شُعَيْب بن أَيُّوبَ، عن مُعَاوِيَة
بن هِشَامٍ.
كلاهما
عن سُفْيَان، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ
عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
بِمِثْلِهِ.
قلت:
وكيع وعبدالرزاق أوثق من قبيصة ومعاوية وضبطا الحديث عن سفيان، وقبيصة تكلموا في
سماعه من سفيان! ومعاوية ربما أخطأ.
·
الاختلاف على موسى بن عقبة!
ورواه
- كما سبق بيانه - وهيب بن خالد، وزهير بن معاوية، عن موسى بن عقبة، عن عَبْداللهِ
بن أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ
بنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ.
وخالفهما
مُحَمَّدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ أَبُو هَمَّامٍ الْأَهْوَازِيُّ، فرواه عن مُوسَى بن
عُقْبَةَ، عَنِ المُطَّلِبِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ حَنْطَبٍ المَخْزُومِيِّ، عَنْ
خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، مرفوعاً. لم يذكر
فيه: "عن عبدالله بن أبي لبيد"!
أخرجه
ابن خزيمة في «صحيحه» (4/174) (2629) عن مُحَمَّد بن بَشَّارٍ.
والطحاوي
في «شرح مشكل الآثار» (14/496) (5785) عن يَحْيَى بن عُثْمَانَ، عن مُوسَى بن
هَارُونَ البُرْدِيّ.
كلاهما
عن مُحَمَّد بن الزِّبْرِقَانِ، به.
·
مخالفة محمد بن إسحاق لموسى
والثوري!
وخالفهما
محمد بن إسحاق! واختلف عليه!
فرواه
حماد بن سلمة، عنه، عن عبدالله بن أبي لبيد، عن المطلب، عن السائب بن خلاد: أَنَّ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
ولم يذكر زيد بن خالد!
أخرجه
أحمد في «مسنده» (27/99) (16566) عن عفّان.
والطحاوي
في «شرح مشكل الآثار» (14/494) (5784) عن مُحَمَّد بن خُزَيْمَةَ، عن حَجَّاج بن
مِنْهَالٍ.
كلاهما
عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، به.
·
هل لـ «إِبْرَاهِيم بن خَلادِ بنِ
سُوَيْدٍ الخَزْرَجِيّ» صحبة؟!
وخالفه
إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عوف، ويُونُسُ بنُ
بُكَيْرٍ، ومُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ الحَرَّانِيُّ، فرووه عن ابن إسحاق، عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ
حَنْطَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ خَلادِ بنِ سُوَيْدٍ الخَزْرَجِيِّ أَخِي
بِلْحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ قالَ: «أَتَى جِبْرِيل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ: كُنْ عَجَّاجًا ثَجَّاجًا».
أخرجه
الضياء المقدسي في «المختارة» في ترجمة «إِبْرَاهِيم بن خَلادِ بنِ سُوَيْدٍ الخَزْرَجِيّ»
(4/67) (1289) من طريق الطَّبَرَانِيّ، عن أَحْمَد بن عَمْرٍو البَزَّار، عن
عُبَيْداللَّهِ بن سَعْدٍ، عن عَمّه يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أَبِيه، عن
إبراهيم.
وأخرجه
أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» في ترجمة «إِبْرَاهِيم بن خَلادِ بنِ سُوَيْدٍ الخَزْرَجِيّ»
(1/208) (724) عن أَبي جَعْفَرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ المُقْرِئ البَغْدَادِيّ، عن
مُحَمَّد بن عَبْدِاللهِ الحَضْرَمِيُّ، عن عَبْداللهِ بن الحَكَمِ، عن يُونُس بن
بُكَيْرٍ.
قال
أبو نُعيم: "رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ
سَلَمَةَ الحَرَّانِيُّ فِي آخَرِينَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، بِمِثْلِهِ".
وخالفهم
أَبُو تُمَيْلَةَ، يَحْيَى بن وَاضِحٍ، فرواه عن مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ، عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ
حَنْطَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ خَلَّادِ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، إِنْ شَاءَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قالَ: «جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ كُنْ
عَجَّاجًا ثَجَّاجًا بِالتَّلْبِيَةِ».
أخرجه
ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» في ترجمة الصحابي «خَلَّاد بن سُوَيْدِ بنِ امْرِئِ
الْقَيْسِ مِنْ بَنِي الحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ
ثَعْلَبِ بْنِ كَعْبِ بْنِ الخَزْرَجِ» (4/18) (1963) عن يَعْقُوب بن حُمَيْدٍ، عن
أَبي تُمَيْلَةَ، به.
وأخرجه
الطبراني في «المعجم الكبير» (7/144) (6638) عن أَحْمَد بن عَمْرٍو الخَلَّال
المَكِّيّ، عن يَعْقُوب بن حُمَيْدٍ، به.
قلت:
اضطرب فيه محمد بن إسحاق، ومن خالفه أوثق منه.
قال
الضياء المقدسي في «المختارة» (4/67): "ولا يُقَاوَمُ مُحَمَّدُ بنُ
إِسْحَاقَ لِحِفْظِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، ولا أَعْلَمُ هَلْ يَصِحُّ
لإِبْرَاهِيمَ بنِ خَلادٍ صُحْبَةٌ أم لا، والله أعلم".
قلت:
لا صحبة له! وذكره في هذا الحديث خطأ!
وقد
ذكروه في الصحابة اعتماداً على هذا الحديث!
قال
ابن الأثير في «أسد الغابة» (1/155): "إِبْرَاهِيم بْن خلاد بْن سويد الخزرجي،
أتي به النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صغير.
روى
مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عن عَبْداللَّهِ بْن أَبِي لبيد، عن المطلب بْن عَبْد
اللَّهِ بْن حنطب، عن إِبْرَاهِيم بْن خلاد بْن سويد الأشهلي، قال: جاء جبريل عليه
السلام إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا مُحَمَّد، كن
عجاجًا ثجاجًا.
قلت:
ذكر أَبُو نعيم أَنَّهُ خزرجي، وروى عن ابن منده في إسناد هذا الحديث، فجعله
أشهليا، وهما متناقضان، فإن الأشهل متى أطلق، فهو ينسب إِلَى عبد الأشهل، قبيلة
مشهورة من الأوس، إلا إن أراد نسبه إِلَى عبد الأشهل بْن دينار بْن النجار، فصح له
ذلك، لأن النجار من الخزرج، ولكن متى قيل أشهلي، لا يعرف إلا الأول، والله أعلم.
والصحيح
أَنَّهُ خزرجي، وقد ذكر نسبه في خلاد بْن السائب بْن خلاد بْن سويد هذا".
وذكره
ابن حجر في «الإصابة» في القسم الثاني من حرف الألف – وهو في من ذكر في الصحابة من
الأطفال الذين ولدوا في عهد النبي صلّى اللَّه عليه وسلم لبعض الصحابة من النساء
والرجال، ممن مات صلّى اللَّه عليه وسلم وهو في دون سن التمييز - (1/322)، وقال:
"إبراهيم بن خلّاد بن سويد الأنصاري. قال ابن منده: أتى النبيّ صلّى اللَّه
عليه وسلم وهو صغير، وجاء عنه حديث مرسل، روى الباوردي من طريق إبراهيم بن سعد، عن
ابن إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبي لبيد، عن المطلب بن عبد اللَّه، عن إبراهيم بن
خلّاد بن سويد، قال: جاء جبريل إلى النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، فقال: «يا محمّد،
كن عجّاجا ثجّاجا»، ورواه أبو تميلة عن ابن إسحاق، فقال: عن إبراهيم بن خلّاد، عن
أبيه.
قلت:
ولا يصحّ أيضا سماعه من أبيه.
وقد
رواه الثّوريّ وموسى بن عقبة، عن عبداللَّه بن أبي لبيد، عن المطلب، عن خلّاد بن
السّائب، عن خلّاد بن سويد، عن زيد بن خالد الجهنيّ، وهو المحفوظ.
وتعقّب
الدّمياطيّ قول ابن منده بأن قال: الصّواب في نسب إبراهيم هذا أنه إبراهيم ابن
خلّاد بن السائب بن خلاد بن سويد الأنصاريّ، قال: وأبوه خلّاد بن السّائب ذكره ابن
سعد في الطبقة الثانية من التابعين، فكيف يمكن أن يكون ولده ولد في عهد النبي صلّى
اللَّه عليه وسلم؟.
قلت:
وفي هذا التعقيب نظر، فيحتمل أن يكون صاحب الترجمة أخا السّائب بن خلّاد الصّحابيّ
الآتي ذكره. وهو جدّ إبراهيم الّذي ذكره الدمياطيّ، فيكون صاحب الترجمة عمّ أبيه.
واللَّه أعلم" انتهى.
قلت:
المحفوظ من حديث الثوري وموسى بن عقبة في هذا الحديث: "عن خلاد بن السائب، عن
زيد بن خالد الجهني"! وقوله: "عن خلاد بن سويد"! خطأ!!
·
رواية محمد بن عمرو، ورواية عِيسَى
بن يونس بن أَبي إسحاق السبيعي عنه، والاختلاف عليه!
ورواه
عيسى بن يونس عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، واختلف على يونس فيه على أوجه!
رواه
ابن مَنْدَه في «معرفة الصحابة» (ص: 500) من طريق محمد بن عمرو بن خالد، عن أبيه، عن
عيسى بن يونس، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن المطلب بن عبدالله، عن خلاد بن السائب،
عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
قال
ابن منده: ورواه عيسى بن يونس، عن عمر بن صهبان، عن عبدالله بن أبي بكر، عن السائب
بن خلاد، عن أبيه، نحوه.
وقال
في موضع آخر (ص: 740): ورواه محمد بن عمرو، عن ابن أبي لبيد، عن المطلب، عن خلاد
بن السائب.
وأشار
البخاري في «تاريخه الكبير» إلى أن عِيسَى بن يُونُسَ رواه عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو،
عَنْ عبداللَّهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ المُطَّلِبِ، عَنْ خَلادِ بْنِ سُوَيْدٍ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت:
عمر بن صهبان متروك الحديث! وهو يروي عن محمد بن عمرو بن علقمة! فلعله أخذ الحديث
منه، وأخطأ فيه!
وهذا
الاختلاف لعله من محمد بن عمرو، وفي حديثه شيء!
·
حديث المُطَّلِبِ بنِ
عَبْدِاللَّهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ! ووهم لأسامة بن زيد الليثيّ!
وخالفهم
أسامة بن زيد الليثي، فجعله من مسند أبي هريرة!
أخرجه
أحمد في «مسنده» (14/65) (8314) عن رَوْح بن عبادة، عن أُسَامَة بن زَيْدٍ، عن عَبْداللهِ
بن أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عن أَبي
هُرَيْرَةَ.
وأخرجه
ابن خزيمة في «صحيحه» (4/174) (2630) عن الرَّبِيع بن سُلَيْمَانَ.
والحاكم
في «مستدركه» (1/620) (1654) عن أَبي العَبَّاسِ مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ، عن
مُحَمَّد بن عَبْدِاللَّهِ بنِ عَبْدِالحَكَمِ.
كلاهما
(الربيع، وابن عبدالحكم) عن ابن وَهْبٍ، عن أُسَامَة بن زَيْدٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ
بنَ عَبْدِاللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ عُثْمَانَ، وعَبْدَاللَّهِ بنَ أَبِي لَبِيدٍ،
أَخْبَرَاهُ عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ حَنْطَبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ
أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «أَمَرَنِي جِبْرِيلُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالْإِهْلَالِ، فَإِنَّهُ
مِنْ شَعَائِرِ الحَجِّ».
قلت:
أسامة بن زيد الليثي، أبو زيد المدني: ضعيف جداً، ولا يُحتج به! وقد وهم في هذا
الإسناد! فجعله من مسند أبي هريرة! وغيره جعله من مسند زيد بن خالد.
·
ترجيح ابن حجر لرواية سفيان، وسوء
فهم للمعلقين على المسند!
ذكر
الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (15/602) (19973) حديث أسامة بن زيد هذا، ثم
قال: "رواه سفيان الثوري: عن عبدالله بن أبي لَبيد، عن المطلب، عن خلاد بن السائب،
عن زيد بن خالد، وهو الصواب".
ونقل
هذا شعيب الأرنؤوط ورفاقه أثناء كلامهم على الحديث في «المسند» (27/90) فقالوا:
"وقد رجح الحافظ في "إتحاف المهرة" 5/ورقة 255 رواية سفيان هذه،
وقال: وهو الصواب. وتصحيح الحافظ رواية سفيان يعكر عليه إعلال الترمذي لها".
قلت:
هذا سوء فهم لكلام الحافظ ابن حجر! فابن حجر إنما رجّح رواية سفيان عن عبدالله بن
أبي لبيد... هذه في مقابل رواية أسامة بن زيد، عن عَبْداللهِ بن أَبِي لَبِيدٍ،
عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عن أَبي هُرَيْرَةَ.
وليس
مقصده ترجيح رواية سفيان مطلقاً على الطرق الأخرى! فالترمذي أعلّ رواية سفيان هذه
في مقابل رواية عَبْدِالملك بنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فالمقام
يختلف.
والعجب
من المعلقين على المسند أنهم في موضع سابق (14/65) ذكروا بأن تصويب ابن حجر لرواية
سفيان هنا في مقابل رواية أسامة بن زيد!
قالوا:
"متن الحديث صحيح، لكن من حديث زيد بن خالد الجهني، فقد أخطأ أسامة بن زيد في
هذا الحديث فجعله من حديث أبي هريرة، وخالفه الثقة الحجة سفيان الثوري، فجعله من
حديث زيد بن خالد الجهني، كما سيأتي في "المسند" 5/192، قال الحافظ ابن
حجر في "إتحاف المهرة" 5/ورقة 255: وهو الصواب، قلنا: وتابع سفيانَ عليه
شعبةُ، وسيأتي تخريج حديثه في الموضع المحال إليه من المسند".
قلت:
كأن هذا بسبب اختلاف الأشخاص الذين كانوا يشتغلون في المسند!! فاللاحق لا يطلع على
ما علق به السابق، فيقع التناقض في ذلك!
وقولهم:
"وتابع سفيان عليه شعبة"!! ليس بصحيح! فشعبة لم يروه قط! وهم لم يذكروا
رواية شعبة في الموضع الذي بعده!
وكذلك
الإحالات فيها نظر: "كما سيأتي في المسند 5/192"!!
·
خلاصة الاختلاف في الحديث!
رواه
مَالِك، وابن عُيَيْنَةَ، وابنُ جُريج، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عَبْدِالملك بنِ
أَبِي بَكْرٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ورواه
سفيان الثوري وموسى بن عقبة، واختلف عليهما!
فرواه
أبو أحمد الزبيري، ووكيع، وعبدالرزاق، عَنْ سُفْيَانَ، عن عَبْداللهِ بن أَبِي
لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ
السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ.
وخالفهم
قَبيصة بن عقبة، ومعاوية بن هشام القصّار، فروياه عن سُفْيَان، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ
أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ
بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ.
فزادا
فيه: «عن أبيه»!
ورواه
وهيب بن خالد، وزهير بن معاوية، عن موسى بن عقبة، عن عَبْداللهِ بن أَبِي لَبِيدٍ،
عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ،
عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ.
وخالفهما
مُحَمَّدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ أَبُو هَمَّامٍ الْأَهْوَازِيُّ، فرواه عن مُوسَى بن
عُقْبَةَ، عَنِ المُطَّلِبِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ حَنْطَبٍ المَخْزُومِيِّ، عَنْ
خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، مرفوعاً. لم يذكر
فيه: "عن عبدالله بن أبي لبيد"!
وخالفهم
محمد بن إسحاق! واضطرب فيه!
فرواه
حماد بن سلمة، عنه، عن عبدالله بن أبي لبيد، عن المطلب، عن السائب بن خلاد: أَنَّ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
ولم يذكر زيد بن خالد!
وخالفه
إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عوف، ويونس بن بُكير، ومُحَمَّدُ
بنُ سَلَمَةَ الحَرَّانِيُّ، فرووه عن ابن إسحاق، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي
لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ
خَلادِ بنِ سُوَيْدٍ الخَزْرَجِيِّ أَخِي بِلْحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ قالَ: أَتَى
جِبْرِيل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...
وخالفهم
أَبُو تُمَيْلَةَ، يَحْيَى بن وَاضِحٍ، فرواه عن مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ، عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ
حَنْطَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ خَلَّادِ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قالَ: جَاءَ
جِبْرِيلُ...
ورواه
عيسى بن يونس عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، واختلف على يونس فيه!
فرواه
عمرو بن خالد، عن عيسى بن يونس، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن المطلب بن عبدالله،
عن خلاد بن السائب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي
عن عيسى بن يونس، عن عمر بن صهبان، عن عبدالله بن أبي بكر، عن السائب بن خلاد، عن
أبيه.
وروي
عن محمد بن عمرو، عن ابن أبي لبيد، عن المطلب، عن خلاد بن السائب.
وروي
عن عِيسَى بن يُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ عبداللَّهِ بنِ أَبِي
بَكْرٍ، عَنِ المُطَّلِبِ، عَنْ خَلادِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وخالفهم
أُسَامَة بن زَيْدٍ الليثي، فرواه عن مُحَمَّد بن عَبْدِاللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ
عُثْمَانَ، وعَبْداللَّهِ بنَ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللَّهِ
بنِ حَنْطَبٍ، عن أَبي هُرَيْرَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحديث
عبدالملك بن أبي بكر لا اختلاف عليه، وأما حديث المطلب عبدالله بن بن حنطب ففيه
اختلاف عليه!
·
ترجيح أهل العلم لبعض الأسانيد،
وحكمهم على الحديث!
وعليه
فالاختلاف فيه على خلاد بن السائب!
فرواه عَبْدِالملك
بنِ أَبِي بَكْرٍ المخزومي المدنيّ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ورواه
المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ،
عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
وهذان
الطريقان هما الأقرب للصواب، ففي طرق هذا الحديث الأخرى أوهاما كثيرة!
·
ترجيح البخاري لطريق عبدالملك!
ورجّح
البخاري طريق عبدالملك فيما نقله عنه الترمذي.
قال
الترمذي في «العلل الكبير» (ص: 130) (222) سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ حَدِيثِ
مُوسَى بنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي المُطَّلِبُ بنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ
حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيُّ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «َتَانِي جِبْرِيلُ
فَقَالَ لِيَ: اجْهَرْ بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا شِعَارُ الحَجِّ»؟.
فقال:
"الصَّحِيحُ مَا رَوَى عَبْدُاللَّهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ
بنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
قلت:
البخاري يرجح إحدى الطريقين على الأخرى، وهذا لا يعني تصحيحه لمتن الحديث!
وقد
ذكر البخاري الاختلاف في أسانيد هذا الحديث في ترجمة «السائب بن خلاد» من «التاريخ
الكبير» (4/150) فقال: "السائب بن خلاد أبو سهلة ابن سويد من بلحارث ابن
الخزرج - قَالَه: مالك، وابن جريج، وابن عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي
بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِالملك بن أَبِي بَكْر بن عَبْدالرَّحْمَن، عَنْ خلاد بن السائب
بن سويد، عَنْ أَبِيه: سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقالَ
لَنَا مُعَلَّى: عَنْ وُهَيْبٍ، عَنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ
أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ خَلادِ بنِ السَّائِبِ،
عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم: «أتاني جبريل فقال: أن الله عزوجل يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْمُرَ أَصْحَابَكَ
أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بالتلبية فانها شِعَارِ الحَجِّ».
وقالَ
مُحَمَّد بن يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي بَكْر، عَنْ
خَلادِ بن السَّائِبِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقَالَ
يَحْيَى وَوَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ أَيْضًا.
ورَوَى
عِيسَى بنُ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بنِ أَبِي
بَكْرٍ، عَنِ المُطَّلِبِ، عَنْ خَلادِ بنِ سُوَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقَالَ
إِسْحَاق:
نا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ
المُطَّلِبِ بن عَبْداللَّه بن حَنْطَبٍ، عَنْ خَلادِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِد، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ".
قلت:
هكذا ذكر البخاري الاختلاف في أسانيد هذا الحديث، وكأنه يضعفه بسبب هذا الاختلاف!
فمن عادته أنه يذكر في ترجمة الراوي بعض ما يستنكر من حديثه، أو ما يراه ضعيفا مما
رُوي عنه، ولا يثبت.
وقوله
بعد ذكر رواية محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان: "وقال يحيى ووكيع عن سفيان
أيضاً" يعني أن يحيى ووكيع تابعا الفريابي بمثل ما رواه عن سفيان!
لكن
المحفوظ عن وكيع كما بينته في التخريج أنه رواه عن سفيان عن عَبْداللهِ بن أَبِي
لَبِيدٍ، عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ
السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ.
وتابع
وكيعاً عليه هكذا: أبو أحمد الزبيري، وعبدالرزاق.
والمتبادر
إلى الذهن هنا أن "سفيان" الذي أشار البخاري إلى رواية محمد بن يوسف عنه
هو "الثوري"، لكن يبدو أنه "سفيان بن عيينة"، والذي روى عنه
وكيع هذا الحديث هو ابن عيينة، لكن وكيعا لم يروه عن ابن عيينة كما رواه الفريابي!!
وعلى
كلا الحالين، فيكون الفريابي وهم في إسناده؛ لأن المحفوظ عن سفيان بن عيينة،
وسفيان الثوري غير هذا الذي ذكره، وابن عيينة لا اختلاف عليه في هذا الحديث، وأما
الثوري فقد اختلف عليه، لكن العلة فيمن رواه عنه كما بينته سابقاً.
ولم
أقف على رواية يحيى التي أشار إليها البخاري! فالله أعلم.
·
تنبيه على زيادة في «التاريخ
الكبير»!
ما
وقع في مطبوع كتاب البخاري: "وقال إِسْحَاق (نا) قَبِيصَةُ"! فيه نظر!
وأظن أن: "وقال إسحاق نا" زائدة! فالبخاري يروي مباشرة عن قبيصة لا
بواسطة إسحاق بن راهويه! وكأن الصواب: "قال لنا قبيصة..." كعادته في
الرواية عن قبيصة في كتابه.
·
متابعة الترمذي للبخاري، وتصحيحه للحديث!
وتبع
الترمذي البخاري في ترجيحة لطريق عبدالملك، فعلل الطريق الذي فيه ذكر «زيد بن خالد»،
وصحح الحديث.
قال
الترمذي: "حَدِيثُ خَلاَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، ورَوَى
بَعْضُهُمْ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ خَلاَّدِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بنِ
خَالِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ يَصِحُّ، وَالصَّحِيحُ
هُوَ عَنْ خَلاَّدِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ خَلاَّدُ بْنُ
السَّائِبِ بْنِ خَلاَّدِ بْنِ سُوَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ".
وقال:
"وفِي البَابِ عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وابنِ عَبَّاسٍ".
قلت:
العجب كيف يذكر حديث زيد بن خالد في الباب وهو معلول! وهو أحد طرق هذا الحديث، وهو
نفسه قال بأنه لا يصح!! فكيف يجعله في الباب!!
·
هل روى خلاد بن السائب عن زيد بن
خالد؟!
وعليه
فالأصل عدم ذكر الجزم بأن خلاد بن السائب قد روى عن زيد بن خالد كما فعل بعض من
صنّف في رجال الكتب الستة.
قال
المزي في «تهذيب الكمال» (8/353): "خلاد بن السائب بن خلاد بن سويد الأَنْصارِيّ
الخزرجي المدني. روى عَن: زيد بن خَالِدٍ الجهني (ق)، وأبيه السائب بن خلاد".
وقد
يُعتذر للمزي ذكره ذلك لأنه روى عنه بحسب الطريق الذي أخرجه له ابن ماجه.
·
تصحيح ابن حبان والحاكم لكلا
الإسنادين! وعدم التفاتهما إلى الاختلاف بين الأسانيد!
ومن
أهل العلم من يرى صحة الطريقين!!
قال
ابن حبان في «صحيحه» (9/113) بعد أن ساق رواية خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ
أَبِيهِ، ورواية خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ:
"سَمِعَ هَذَا الخَبَرَ خَلَّادُ بْنُ السَّائِبِ مِنْ أَبِيهِ، وَمِنْ
زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، وَلَفْظَاهُمَا مُخْتَلِفَانِ، وَهُمَا
طَرِيقَانِ مَحْفُوظَانِ".
بل
إن الحاكم صحح طريقاً آخر غيرهما!
فساق
في «المستدرك» (1/619) حديث خلاد بن السائب، ثم قال: "وَقَدْ قِيلَ: عَنْ
خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيٍّ"، ثم ساقه، ثم
قال: "وقِيلَ: عَنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ"،
ثم ساق، ثم قال: "هذِهِ الْأَسَانِيدُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ، وَلَيْسَ
يُعَلِّلُ وَاحِدٌ مِنْهَا الْآخَرَ، فَإِنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
كَانَ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمُ الْأَسَانِيدُ لِمَتْنٍ وَاحِدٍ كَمَا يَجْتَمِعُ
عِنْدَنَا الْآنَ، وَلَمْ يُخَرِّجِ الشَّيْخَانِ هَذَا الحَدِيثَ".
قلت:
بل يعلل واحد منهما الآخر؛ وهذا ليس من الأحاديث التي تجتمع عند الأئمة بأسانيد
لمتن واحد!
فالحديث
مخرجه خلاد بن السائب، ولم يحدث به عن أبيه، وعن زيد بن خالد معاً!! وقد رجّح
البخاري وتبعه الترمذي على ترجيح رواية على أخرى، والعجب كيف عدّ الحاكم رواية
المطلب عن أبي هريرة صحيحة!! وهي معلولة كما بينت سابقاً!!
ولم
يخرجه الشيخان بسبب الاختلاف الكثير في أسانيده.
·
ترجيح ابن عبدالبر، وابن الأثير:
قال
ابن عبدالبر في «التمهيد» (17/239): "اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافًا
كَثِيرًا، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ مَالِكٍ فِيهِ أَصَحَّ ذَلِكَ إِنْ
شَاءَ اللَّهُ".
وكذا
رجّح ابن الأثير في «أسد الغابة» (2/162) فقال: "وهَذَا الحَدِيثُ أَخْرَجَهُ
أَبُو عُمَرَ فِي السَّائِبِ بْنِ خَلادٍ الْجُهَنِيُّ الْمَذْكُورُ قَبْلَ هَذِهِ
التَّرْجَمَةِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ عَنِ السَّائِبِ،
وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ
مَالِكٌ وَابنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمْعَمَرٌ، رَوَوْهُ عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد بن عمرو بن حزم، عَنْ عَبْدِالْمَلِكِ بْنِ أَبِي
بَكْرِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، عَنْ خَلادِ بْنِ
السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ السَّائِبِ بْنِ خلاد".
والخلاصة
في الاختلاف على خلاد بن السائب:
فرواه عَبْدِالملك
بنِ أَبِي بَكْرٍ المخزومي المدنيّ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ورواه
المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بنِ السَّائِبِ،
عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
والحديث
حديث خلاد بن السَّائِب بْن خَلاد بْن سُوَيْد بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن
حَارِثَة بْن امْرِئ الْقَيْس بْن مَالك بْن ثَعْلَبَة بْن كَعْب بْن الْخَزْرَج
بْن الْحَارِث بْن الْخَزْرَج.
والسائب
بن خلاد له صحبة، وأبوه: خَلاد بْن سُوَيْد، بَدْرِي، قتل يوم بني قُريظة شهيداً.
ومن
قال بأن الحديث: "عن خلاد بن سويد" فقد أخطأ!! لم يضبط الاسم.
وعبدالملك،
والمطلب كلاهما ثقة!
والذي
أميل إليه أن الحديث حديث خلاد بن السائب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم!
وخلاد
بن السائب تابعي ثقة.
والحديث
صحيح، والله أعلم.
وقد
أشار البخاري لهذا الحديث في تراجم «صحيحه» فقال: «بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ
بِالْإِهْلَالِ».
ولما
شرح الحافظ ابن حجر هذه الترجمة في «فتح الباري» (3/408) ذكر حديث خلاد بن السائب،
ثم قال: "ورِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَى التَّابِعِيِّ
فِي صَحَابِيِّهِ، وروى ابن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ بَكْرِ بنِ
عَبْدِاللَّهِ المُزنِيّ قَالَ: «كنت مَعَ ابن عُمَرَ فَلَبَّى حَتَّى أَسْمَعَ مَا
بَيْنَ الجَبَلَيْنِ»، وَأَخْرَجَ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ
المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ حَتَّى
تُبَحَّ أَصْوَاتُهُمْ»".
ورُوي
هذا الحديث مرسلاً، رواه ابن سعد في «الطبقات» (2/135) عن الهَيْثَم بن خَارِجَة،
عن يَحْيَى بن حَمْزَةَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيرٍ: «أَنَّ
جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ارْفَعْ
صَوْتَكَ بِالإِهْلالِ فَإِنَّهُ شِعَارُ الحَجِّ».
·
تصحيح الألباني للرواية المعلولة
في «صحيحته»، وتعليلها في «صحيح أبي داود»!
وقد
أورد الألباني رواية المطلب بن عبدالله بن حنطب، عن خلاد بن السائب، عن زيد بن
خالد الجهني في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (2/482) (830)، وصححها!
ثم
عللها في «صحيح أبي داود» (6/80)، فذكر الروايتين، ثم قال: "والصحيح رواية
مالك، وابن عيينة، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عبدالملك، عن خلاد بن السائب، عن
أبيه، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
ثم
قال: "وخالفه المطلب بن عبدالله بن حَنْطَبِ فقال: عن خلاد بن السائب عن زيد ابن
خالد الجُهنِيَ... مرفوعاً نحوه: أخرجهَ أحمد (5/192)، وابن ماجه والحاكم والبيهقي
وابن حبان أيضاً (974) وصححه الحاكم أيضاً، وقال:"لا يعلل واحد منها الآخر"!
وخالفه الترمذي فقال: "ولا يصح، والصحيح عن خلاد عن أبيه".
قلت:
وهذا هو الأرجح؛ لأن المطلب هذا مدلس، وقد عنعنه" انتهى كلامه.
قلت:
المطلب ليس مُدلساً، لكنه يرسل كثيراً عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والذي
وصفه بالتدليس الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/100)، وكذا ابن حجر في «التقريب»
فقال: "كثير التدليس والإرسال".
· الحديث
الرابع عشر: حديث تفرد به عبدالرحمن عن أبيه عن ابن عمر!
روى
ابن شبّة في «تاريخ المدينة» (3/878) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ بنُ
عَبْدِالوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ وَفَاتِي فِي سَبِيلِكَ فِي بَلَدِ
رَسُولِكَ».
قال
ابن حجر في «الفتح» (4/101): "إِسْنَاده صَحِيحٌ".
قلت:
تفرد به عبدالرحمن عن أبيه! ولا يُعرف عن ابن عمر إلا من هذا الطريق!!
ورُوي
عن أسلم، وحفصة، عن عمر من حديث زيد بن أسلم.
وكأنه
كان عند عبدالرحمن بن عبدالله عن زيد بن أسلم، فلما حدّث به وَهِمَ فيه! والله
أعلم.
·
تخريج البخاري للحديث، وإشارته
للاختلاف في أسانيده!
وقد
أخرج البخاري في «صحيحه» (3/23) (1890) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، قال:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ،
عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ - رضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ،
وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
قال:
"وقَالَ ابنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بنِ القَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، عَنْ أمّه، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا، قَالَتْ: سَمِعْتُ عُمَرَ نَحْوَهُ".
قال:
"وقَالَ هِشَامٌ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةَ،
سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ".
قلت:
صحح البخاري حديث زيد بن أسلم عن أبيه، وأشار إلى علّة حديث روح وهشام بن سعد!
وحديث
زيد بن أسلم هذا تفرد به عنه: سعيد بن أبي هلال! ولا أعرف أحداً رواه إلا الإمام
البخاري، فهو من أفراده على كل الكتب.
وأورده
البخاري أيضاً معلقاً في كتاب الجهاد والسيّر، بَابُ الدُّعَاءِ بِالجِهَادِ
وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وقَال عُمَرُ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي
شَهَادَةً فِي بَلَدِ رَسُولِكَ»، (4/16).
·
حديث رَوح بن القاسم العنبري:
رواه
الطبراني في «المعجم الأوسط» (3/159) (2795) قال: حدثنا إِبْرَاهِيمُ بن هاشمٍ،
قال: حدثنا أُمَيَّةُ بنُ بِسْطَامٍ، قَالَ: حدثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قالَ: حدثنا
رَوْحُ بن القَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ
حَفْصَةَ ابْنَةِ عُمَرَ قَالَتْ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ قَتْلًا
فِي سَبِيلِكَ، وَوَفَاةً فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ» قُلْتُ: وَأَنَّى يَكُونُ هَذَا؟
قَالَ: «يَأْتِي بِهِ اللَّهُ إِذَا شَاءَ».
ورواه
أبو نُعيم الأصبهاني في «حلية الأولياء» (1/53) عن الطبراني.
وتحرّف
في المطبوع إلى: "عن أبيه"!!
·
حديث هشام بن سعد:
وروى
ابن سعد في «الطبقات» (3/252) قالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ
أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عن أَبِيهِ،
عَنْ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا
سَمِعَتْ أَبَاهَا يَقُولُ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي قَتْلا فِي سَبِيلِكَ،
وَوَفَاةً فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ». قَالَتْ: قُلْتُ وَأَنَّى ذَلِكَ؟ قَالَ: «إِنَّ
اللَّهَ يَأْتِي بِأَمْرِهِ أَنَّى شَاءَ».
·
الاختلاف في هذا الحديث!
قلت:
فهذا
الحديث اختلف فيه على زيد بن أسلم:
فرواه
سَعِيد بنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ.
ورواه
رَوْحُ بن القَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ حَفْصَةَ، عن عُمَرَ.
ورواه
هِشَام بن سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عن أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةُ، عن عمرَ.
وخالفهم
الإمام مَالِك، فرواه عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: أَنَّ عُمَرَ كَانَ يقول..
مرسلاً.
·
إيراد الدارقطني لهذا الحديث في «الإلزامات»!
وقد
أورده الدارقطني في «الإلزامات والتتبع» (123) فقال: "وأخرج البخاري عن ابن
بكير، عن الليث، عن خالد عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن أبيه عن عمر: «اللهم
ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك». قال: وقال يزيد بن زريع، عن روح،
عن زيد، عن أمه، عن حفصة، عن عمر. وقال هشام بن سعد: عن زيد، عن أبيه، عن حفصة، عن
عمر".
·
ترجيح الدارقطني لرواية روح بن
القاسم!
وسئل
الدارقطني في «العلل» (2/140) (163) عَنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ، وَوَفَاةً فِي بَلَدِ
نَبِيِّكَ»، قَالَتْ: فَقُلْتُ أَنَّى يَكُونُ هَذَا؟! فَقَالَ: «يَأْتِي اللَّهُ
بِهِ إِذَا شَاءَ»؟.
فقالَ:
"يَرْوِيهِ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
رَوْحُ بنُ القَاسِمِ، وحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ
أُمِّهِ، عَنْ حَفْصَةَ.
ورَوَاهُ
هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةَ.
والصَّحِيحُ:
قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنْ أُمِّهِ".
قلت:
روح بن القاسم أوثق بكثير من سعيد بن أبي هلال، فحديثه يرجح عليه، فكيف إذا توبع
عليه روح كما أشار الدارقطني، فتابعه حفص بن ميسرة الصنعاني.
أخرجه
ابن شبّة في «تاريخ المدينة» (3/872) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أمّه، عَنْ
حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ، وَوَفَاةً
بِبَلَدِ نَبِيِّكَ» ، قَالَتْ حَفْصَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّى لَكَ
ذَلِكَ يَا أَبَهْ؟ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِأَمْرِهِ أَنَّى شَاءَ».
وقد
تحرّف في المطبوع: "عن أبيه"! والصواب: "عن أمّه".
وحفص
بن ميسرة ثقة، وله بعض الأوهام، لكنه قد توبع عليه هنا.
·
هل روى مالك هذا الحديث عن زيد بن
أسلم متصلاً!
روى
مالك في «موطئه» (2/462) (34) عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: أَنَّ عُمَرَ بنَ
الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ شَهَادَةً فِي
سَبِيلِكَ، وَوَفَاةً بِبَلَدِ رَسُولِكَ».
ورُوي
متصلاً عنه عن زيد بن أسلم!
أخرجه
الخطيب البغدادي في «المتفق والمفترق» (3/1532) (960) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن
عمر بن جعفر الخرقي، قال: أخبرنا محمد بن حميد بن سهل المخرمي، قال: حدثنا
الباغندي - وهو محمد بن محمد بن سليمان-، قال: حدثنا الجراح بن مخلد، قال: حدثنا
إسماعيل بن عبدالحميد بن عبدالرحمن العجلي، قال: حدثنا أبي، عن مالك بن أنس،
عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن حفصة، قالت: سمعت عمر بن الخطاب يقول: «اللهم
اجعل وفاتي قتلا في سبيلك، وفي بلد رسولك»، فقلت: يا أبتي، وكيف هذا؟ قال: «يأتي
بها الله إذا شاء».
قلت:
هذا الحديث بهذا الإسناد عن مالك تفرد به إسماعيل بن عبدالحميد عن أبيه!!
ولا
يُعرف عبدالحميد العجلي هذا في أصحاب مالك! بل هو من أقرانه، وهو يروي عن زيد بن
أسلم مباشرة!
·
ترجمة عبدالحميد بن عبدالرحمن
العجلي:
قال
البخاري في «التاريخ الكبير» (6/45): "عَبْدالحَمِيدِ بن عَبْدالرحمن بن فروة
العجلي، سمع زيد أبن أسلم، وعبدالملك بن حبيب. سَمِعَ منه: الصلت بن مُحَمَّد
البصريّ".
قلت:
تحرّف في المطبوع: «البصري» إلى «المصري»!
وهو
الصلت بن محمد بن عبدالرحمن بن أَبي المغيرة البَصْرِيّ، أبو همام الخاركي، وخارك
بالخاء المعجمة والراء المهملة من سواحل البصرة.
وقد
ذكر البخاري أيضاً في كتابه (5/21) قال: "قَالَ الصَّلت: حدَّثنا
عَبدالحَمِيد بن عَبدالرَّحمَن: حدَّثني زَيد بْن أَسلَم، عَنْ مُعاذ بن عَبداللهِ
بْن خُبَيب، عَنْ أَبيه؛ كُنّا مَعَ النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم".
فتبيّن
من هذا أن عبدالحميد هذا من تلاميذ زيد بن أسلم، والظاهر أنه روى هذا الحديث عنه،
فأقحم ذكر «مالك بن أنس» فيه!! والله أعلم.
وإن
صح ذلك فيكون متابعاً لمن روى الحديث عن زيد بن أسلم عن أمه عن حفصة عن عمر.
ويكون
ما في مطبوع كتاب الخطيب "عن أبيه" خطأ! والصواب: "عن أمّه"،
وإن صح فيكون خطأ تابع فيه هشام بن سعد، فسلك فيه الجادة: "عن زيد بن أسلم،
عن أبيه"! والصواب: "عن أمه" ومن قال بهذا فقد ضبط الإسناد.
وأكبر
ظنّي أنه تحرف فقط في النسخ، وعبدالحميد هذا مستور الحال، وطبقة شيوخه ممن
مات بين سنة (126 - 136هـ)، فهو يروي عن زيد بن أسلم (ت 136هـ)، وعبدالملك بن حبيب
الأزدي أبي عمران الجوني (ت 128هـ، وقيل بعدها).
وهو
من أقران مالك لا من تلاميذه.
ويُحتمل
أنه سمعه من مالك - ولا تُنكر رواية الأقران عن بعضهم - وأخطأ في إسناده لما رواه!
وعادة الأقران أنهم لا يضبطون رواية بعضهم عن بعض في الغالب! على أني أرجّح أنه
سمعه من زيد بن أسلم فهو شيخه، والله أعلم.
وتبع
أبو حاتم وابن حبان البخاري في ترجمته لعبدالحميد هذا.
قال
ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/16): "عبدالحميد بن عبدالرحمن بن فروة
العجلي: سمع زيد بن أسلم، وأبا عمران الجوني، روى عنه أبو همام الصلت بن دينار بن
محمد الخاركي. سمعت أبي يقول ذلك".
وقال
ابن حبان في «الثقات» (7/118): "عبدالحميد بن عَبْدالرَّحْمَنِ بن فَرْوَة العجلِيّ:
يروي عَن زيد بن أسلم، وَأبي عمرَان الجونِي. روى عَنهُ: أَبُو همام الصَّلْت بن
مُحَمَّد الخاركي، والخارك البُسْر كَانَ يَبِيع البُسْر".
·
تصحيح ابن حجر للإسنادين: الذي
أخرجه البخاري، وأحد الأسانيد الذي أشار إليهما! والتعقيب على كلامه!
وقد
نقل ابن حجر قول الدارقطني المتقدم من كتابه «الإلزامات» في «مقدمة الفتح» (1/358)
في «الفَصْل الثَّامِن فِي سِيَاق الْأَحَادِيث الَّتِي انتقدها عَلَيْهِ حَافظ عصره
أَبُو الحسن الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره من النقاد»: «الحَدِيث السَّادِس والعشْرُونَ»،
ثم قال: "قلت: الظَّاهِر أَنه كَانَ عِنْد زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عُمَرَ، وَعَن أمّه عَن حَفْصَة عَن عمر؛ لِأَن اللَّيْث وروح بن القَاسِم
حَافِظَانِ، وَأسلم مولى عمر من الملازمين لَهُ العارفين بحَديثه، وَفِي سِيَاق
حَدِيث زيد بن أسلم عَن أمه عَن حَفْصَة زِيَادَة على حَدِيثه عَن أَبِيه عَن عمر
كَمَا بَينته فِي كتاب تغليق التَّعْلِيق، فَدلَّ على أَنَّهُمَا طَرِيقَانِ
محفوظان، وَأما رِوَايَة هِشَام بن سعد فَإِنَّهَا غير مَحْفُوظَة؛ لِأَنَّهُ غير
ضَابِط، وَالله أعلم، وَقد رَوَاهُ مَالك عَن زيد بن أسلم عَن عمر لم يذكر
بَينهمَا أحدا، وَمَالك كَانَ يصنع ذَلِك كثيرا".
قلت:
نعم، الليث حافظ، والإشكال ليس فيه! وإنما في تفرد سعيد بن أبي هلال به عن زيد بن
أسلم بهذا الإسناد! ومخالفة غيره له.
والقول
بأن كلا الطريقين محفوظ للزيادة في الحديث عن حفصة فيه نظر! فالحديث واحد، ومخرجه
واحد، وهو زيد بن أسلم.
وقد
خرّج هذه الطرق في «تغليق التعليق» (3/136)، فخرّج حَدِيث ابن زُرَيْع من كتاب أبي
نعيم عن الطبراني، وكان الأولى تخريجه من كتاب الطبراني «المعجم الأوسط» ومنه
أخرجه أبو نُعيم في «الحلية» كما تقدم بيانه.
وَأما
حَدِيث هِشَام بن سعد فخرجه من كتاب ابن سعد «الطَّبَقَات الكُبْرَى»، وقد تقدم
الكلام على ذلك آنفاً أيضاً.
وقال
ابن حجر في «الفتح» (4/101) بعد أن أشار إلى من وصل روايتي روح بن القاسم وهشام بن
سعد: "وَأَرَادَ البُخَارِيُّ بِهَذَيْنِ التَّعْلِيقَيْنِ بَيَانَ الِاخْتِلَافِ
فِيهِ عَلَى زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، فَاتَّفَقَ هِشَامُ بنُ سَعْدٍ وَسَعِيدُ بنُ
أَبِي هِلَالٍ عَلَى أَنَّهُ عَنْ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ،
وَقَدْ تَابَعَهُمَا حَفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدٍ عِنْدَ عُمَرَ بنِ شَبَّةَ،
وَانْفَرَدَ رَوْحُ بنُ الْقَاسِمِ عَنْ زيد بقوله «عَن أمه»! وَقد رَوَاهُ ابن
سَعْدٍ عَنْ مَعْنِ بنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ
عُمَرَ، فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا، ولِلْحَدِيثِ طَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا
الْبُخَارِيُّ فِي «تَارِيخِهِ» مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ
عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الْقَارِئِ عَنْ جَدِّهِ
عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِاللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُولُ
ذَلِكَ، وَطَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا عُمَرُ بنُ شَبَّةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِاللَّهِ
بنِ دِينَارٍ عَنِ ابن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ إِسْنَادُهَا صَحِيحٌ" انتهى.
قلت:
على كلام الحافظ ملحوظات:
أولاً:
هشام بن سعد لم يتفق في روايته مع سعيد بن هلال وإن كان كل منهما ذكر في روايته
"عن أبيه"!
فرواه
سَعِيد بنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ.
ورواه
هِشَام بن سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عن أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةُ، عن عمرَ.
فهشام
بن سعد زاد في إسناده «عَن حفصة»!
وكلام
ابن حجر أنهما اتفقا في روايته "عن زيد بن أسلم عن أبيه أسلم عن عمر"!
وليس كذلك!
ثانياً:
قوله: "وَقَدْ تَابَعَهُمَا حَفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدٍ عِنْدَ عُمَرَ
بنِ شَبَّةَ"! لا يصح! إذ اعتمد رحمه الله على ما في النسخة "عن
أبيه"! وهي محرّفة! والصواب "عن أمّه"، وقد أشار الدارقطني كما
نقلته عنه أن رواية حفص بن ميسرة: "عن أمه"
ثالثاً:
قوله: "وانْفَرَدَ رَوْحُ بنُ القَاسِمِ عَنْ زيد بقوله «عَن أمه»" إنما
بناه على أن رواية حفص بن ميسرة مثل رواية هشام بن سعد! وليس كذلك كما بيّن
الدارقطني، فجعل رواية حفص متابعة لروح القاسم، فلم ينفرد به القاسم.
رابعاً:
خرّج رواية مالك عن زيد بن أسلم المرسلة من كتاب «الطبقات» لابن سعد، وكان الأولى
تخريجها من كتاب مالك نفسه «الموطأ».
خامساً:
ذكر الطريق التي خرّجها البخاري في «تاريخه» من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ
بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ القَارِئ، عَنْ جَدِّهِ،
عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِاللَّهِ، عن عمر"! ولم يتكلم
عليها!
وهذا
إسناد فيه جهالة!
سادساً:
تصحيحه لطَرِيقِ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ عَنِ ابن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ! فيه نظر! فهو لم يُبيّن أنه من رواية عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار! وقد تفرد بها عبدالرحمن، ولا تعرف إلا من طريقه كما بينته
آنفاً.
·
استعارة العيني لكلام ابن حجر
ومتابعته عليه!!
وقد
أخذ العيني - كعادته في شرحه - كلام ابن حجر وتابعه عليه!
قال
في «عمدة القاري شرح صحيح البخاري» (10/252): "(عَن أمه) قَالَ الْكرْمَانِي:
قَالَ البُخَارِيّ: كَذَا قَالَ روح عَن أمه، وغرضه أَن المَشْهُور أَن زيدا يروي
عَن أَبِيه لَا عَن أمه، لَكِن روح أسْند رِوَايَته إِلَى أمه. قلت: ذكر
البُخَارِيّ هَذَا التعليق وَالتَّعْلِيق الَّذِي بعده لبَيَان الِاخْتِلَاف فِيهِ
على زيد بن أسلم، فاتفق هِشَام بن سعد، وَسَعِيد بن أبي هِلَال على أَنه: عَن زيد
عَن أَبِيه أسلم عَن عمر، وَقد تابعهما حَفْص بن ميسرَة عَن زيد عَنهُ عمر بن شبة،
وَانْفَرَدَ روح بن الْقَاسِم عَن زيد بقوله: عَن أمه، وَتَعْلِيق ابْن زُرَيْع
وَصله... وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابن سعد عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي
فديك عَنهُ، وَلَفظه: عَن حَفْصَة أَنَّهَا سَمِعت أَبَاهَا يَقُول ... فَذكر
مثله، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب".
قلت:
أخذ العيني كلام ابن حجر في «الفتح» وفي «التغليق»! وتابعه عليه، وقد عقبت على
كلام الحافظ فينا سبق!
·
متابعة زكريا الأنصاري لابن حجر
كذلك!
وتابع
ابن حجر في كلامه أيضاً زكريا الأنصاري الشافعي في «منحة الباري بشرح صحيح البخاري»
(4/332)، فقال: "(عن أمه) في نسخة: "عن أبيه". (هشام) أي: ابن سعد
القرشي. (عن زيد) هو ابن أسلم، وأراد البخاريُّ بالتعليقين الذين ذكرهما؛ بيان
الاختلاف في الحديث علي زيد بن أسلم، فاتفق هشام وسعيد علي أنه عن زيد عن أبيه،
وانفرد روح عن زيد بقوله عن أمه".
قلت:
إشارته أنه في نسخة: "عن أبيه"، يدلّ على أن التحريف كان موجوداً في
كثير من النسخ!
·
وهم للحافظ المزي في «التحفة»!
قال
المزي في «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف» (8/125) (10675): "[خت] حديث: قال
عمر: اللهم! ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك الله (صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). خ في الحج (222: 3 تعليقاً) عقيب حديث سعيد بن أبي هلال، عن
زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر (ح 10394): وقال يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن
زيد بن أسلم، عن أبيه، عن حفصة، عن عمر - بهذا. قال: وكذلك قال
هشام - يعني ابن سعد، عن زيد بن أسلم".
قلت:
كأنه تحرّف على المزي رحمه الله، فجعل رواية روح بن القاسم مثل رواية هشام بن سعد!
وليس كذلك!!
فرواية
روح: «عن أمه»، ورواية هشام: «عن أبيه».
والخلاصة
أن الراجح في هذا الحديث رواية من رواه عن زيد بن أسلم، عن أمّه، عن حفصة، عن عمر.
وأم
زيد بن أسلم لا تُعرف إلا في هذه الرواية، لكن جهالة حالها تُغتفر لأنها من
التابعيات، وهي من الملازمات لآل عمر، فإذا حدثت ابنها أنها سمعت هذا من حفصة، فهي
صادقة في ذلك، وكان أسلم مولى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
·
مرسل عروة عن عمر!
وروي
الحديث عن عروة عن عمر أيضاً.
أخرجه
مَعمر بن راشد في «جامعه» [المطبوع مع مصنف عبدالرزاق بروايته] (10/440) (19637) عَنْ
هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، كَانَ يَقُولُ:
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ فِي مَدِينَةِ رَسُولِكَ».
وهذا
مرسل! فعروة بن الزبير لم يدرك عمر.
قال
خليفة بن خياط: ولد في آخر خلافة عُمَر، يقال: في سنة ثلاث وعشرين، ولد عروة بن
الزبير.
وَقَال
المفضل بن غسان الغلابي، عن مصعب بن عبدالله الزبيري، قال: ولد عروة لست سنين خلت
من خلافة عثمان، وكان بينه وبين أخيه عبدالله بن الزبير عشرون سنة.
وَقَال
عثمان بن خرزاذ الأنطاكي، عَن مصعب بْن عَبْدالله الزبيري: ولد عروة بن الزبير سنة
تسع وعشرين.
وقول
مصعب هو الأقرب للصواب، والله أعلم.
الحديث
الخامس عشر: حديث غريب تفرد به عبدالرحمن!
أخرج
الحاكم في «مستدركه» (2/198) (2743) قال: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بنُ
إِسْمَاعِيلَ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الإِمَامُ - وهو
ابن خزيمة-، قال: حدثنا عَبْدُالوَارِثِ بن عَبْدِالصَّمَدِ بنِ عَبْدِالوَارِثِ
العَنْبَرِيُّ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِاللَّهِ
بنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيرِينَ، عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ
أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَلَمَّا قَضَى
حَاجَتَهُ مِنْهَا طَلَّقَهَا، وَذَهَبَ بِمَهْرِهَا، وَرَجُلٌ اسْتَعْمَلَ
رَجُلًا، فَذَهَبَ بِأُجْرَتِهِ، وَآخَرُ يَقْتُلُ دَابَّةً عَبَثًا».
قال
الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ، وَلَمْ
يُخَرِّجَاهُ".
ونقل
ابن حجر في «إتحاف المهرة» (8/665) (10192) أن الحاكم قال فيه: "صَحِيحٌ
عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ"!!
وهذا
وهم من ابن حجر رحمه الله في النقل! لأن عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار لم يخرج له مسلم.
وأخرجه
البيهقي في «السنن الكبرى» (7/394) (14395) عن شيخه الحاكم.
وأورده
الألباني في «صحيحته» (2/700) (999)، وقال" وقال الحاكم: صحيح على شرط
البخاري، ووافقه الذهبي. قلت: وليس كما قالا، فإن عبدالوارث بن عبدالصمد ليس من
رجال البخاري، وإنما هو من رواة مسلم. ثم إن عبدالرحمن بن عبدالله وإن روى له
البخاري فهو متكلم فيه، وقال الذهبي في الميزان: إنه صالح الحديث وقد وثق، وفي التقريب:
صدوق يخطىء. فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى" انتهى.
قلت:
هذا الحديث غريب!! تفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن محمد بن سيرين! ولا
يُعرف عن محمد بن سيرين، ولا عن ابن عمر إلا من رواية عبدالرحمن!!
وهو
يحتاج لمتابع حتى يقبل حديثه! وهو ليس بحسن الحديث كما زعم الألباني!! فتفرداته
فيها مناكير!
على
أنه لو صح كان معلولاً، فإن ابن سيرين لم يسمع من ابن عمر إلا حديثاً واحداً، وقيل
حديثين!
قال
عباس الدوري: سَمِعت يحيى يَقُول: "قد سمع ابن سِيرِين من ابن عمر حَدِيثا
وَاحِدًا قَالَ: سَأَلت ابن عمر". [«تاريخ ابن معين - رواية الدوري» (4/187)].
وقال
الآجري: سمعت أَبَا داود يَقُول: "كان ابن سيرين يرسل وجلساؤه يعلمون أنه لم
يسمع، سمع من ابن عُمَر حديثين وأرسل عنه نحوا من ثلاثين حديثًا".
وذكر
البيهقي حديثاً آخر كشاهد مع هذا الحديث في «بَاب مَا جَاءَ فِي حَبْسِ الصَّدَاقِ
عَنِ المَرْأَةِ» (14396) من طريق السَّكَن بن إِسْمَاعِيلَ، عن الحَسَن بن
ذَكْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «حُبُّ
الْأَنْصَارِ إِيمَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ
امْرَأَةً عَلَى صَدَاقٍ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهَا فَهُوَ زَانٍ».
وكَذَلِكَ
رَوَاهُ يَحْيَى بنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ عَنِ السَّكَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ،
وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ العَبَّادَانِيُّ عَنِ الحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنِ الحَسَنِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وهذا
الحديث من غرائب ومناكير الحسن بن ذكوان! وهو ليس بالقوي! فلعل أصل حديث عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار هو هذا الحديث! والله أعلم!!
الحديث
السادس عشر: حديث غريب من طريق عبدالله بن دينار عن ابن عمر!
روى
أبو نُعيم الأصبهاني في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (4/150) (3463) عن أَبي
عَمْرِو محمد بن أحمد بن حَمْدَانَ، عن أَبِيه أبي جعفر الحيري الحافظ، عن أَبي
الأَزْهَرِ أحمد بن الأزهر، عن هَاشِم بن القَاسِمِ أبي النضر، عن عبدالرحمن بن
عبدالله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: «طلقت امرأتي وهِيَ حَائِضٌ،
فَسَأَلَ عن ذلك عُمَرُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مُرْهُ
فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حيضة ثُمَّ تَطْهُرَ، ثم يُطلقها
قبل أن يمسها إِنْ شَاءَ أو يمْسكهَا، فإنّ تِلْكَ العِدَّةُ التِي أَمَرَ اللهُ أَنْ
يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ».
ورواه
الحافظ الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (2/232) من طريق أبي سعيد الكنجرودي، عن محمد بن
أحمد بن حمدان، به.
وقال
الذهبي: "هذا غريب من هذا الوجه"!
قلت:
غريب من حديث عبدالله بن دينار عن ابن عمر؛ لأن المشهور من رواية نافع وأنس بن
سيرين، عن ابن عمر.
ورواية
نافع مشهورة عن مالك كما في «موطئه» (2/576) (53)، ورواه من طريق مالك كبار
الأئمة، كالبخاري في «صحيحه» (7/41) (5251)، ومسلم في «صحيحه» (2/1093) (1471).
·
متابعة لعبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار عن عبدالله بن دينار!
لكن
وجدت أن عبدالرحمن قد توبع عليه عن أبيه.
أخرجه
مسلم في «صحيحه» (2/1095) (1471) عن أَحْمَد بن عُثْمَانَ بنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيّ.
والبيهقي
في «السنن الكبرى» (7/531) (14914) من طريق مُحَمَّد بن عُثْمَانَ بنِ كَرَامَةَ.
كلاهما
عن خَالِد بن مَخْلَدٍ، عن سُلَيْمَان بن بِلَالٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللهِ بنُ
دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ،
فَسَأَلَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالَ «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً
أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقُ بَعْدُ، أَوْ يُمْسِكُ».
وهذه
متابعة جيدة إن كان خالد بن مخلد ضبط الحديث عن سليمان بن بلال!! وخالد له تفردات
عن سليمان، وفيه كلام، فالله أعلم.
الحديث
السابع عشر: حديث خالف عبدالرحمن في إسناده فوصله، والمحفوظ أنه مرسل!
أخرج
الطبراني في «المعجم الكبير» (23/286) (627) عن إِدْرِيس بن جَعْفَرٍ العَطَّار.
والحاكم
في «مستدركه» (2/451) (3558) عن أَبي العَبَّاسِ مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ الأصم، عن
العَبَّاس بن مُحَمَّدٍ الدُّورِيّ.
وفي
(3/158) (4705) عن أَبي بَكْرٍ أَحْمَد بن سَلْمَانَ الفَقِيه، وأَبي العَبَّاسِ
مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ الأصم، عن الحَسَن بن مُكْرَمٍ البَزَّاز.
وأبو
نُعيم الأصبهاني في «تاريخ أصبهان» (2/223) عن أَبي إِسْحَاقَ بن حَمْزَةَ، عن
مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ بنِ الوَلِيدِ أَبي عَبْدِاللَّهِ، عن مُحَمَّد بن هَارُونَ
الرَّازِيّ.
أربعتهم
(العطار، والدوري، وابن مكرم، والرازي) عن عُثْمَان بن عُمَرَ بن فارس العبدي
البصري، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عن شَرِيك بن أَبِي
نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،
أَنَّهَا قَالَتْ: فِي بَيْتِي نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب: 33] قَالَتْ:
فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ
وَفَاطِمَةَ والحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَجْمَعِينَ
فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي» قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: «إِنَّكِ أَهْلِي
خَيْرٌ وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي اللَّهُمَّ أَهْلِي أَحَقُّ».
قال
الحاكم في كلا الموضعين: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ
وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".
وأخرجه
البيهقي في كتاب «الاعتقاد» (ص: 327) عن أَبي عَبْدِاللَّهِ الحَافِظ الحاكم،
وأَبي عَبْدِالرَّحْمَنِ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ السُّلَمِيّ، كلاهما عن أَبي
العَبَّاسِ مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ، عن الحَسَن بن مُكْرَمٍ، به.
·
نقل البيهقي لأحكام شيخه الحاكم
على الأحاديث!
قال
البيهقي: "قَال أَبُو عَبْدِاللَّهِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ سَنَدُهُ،
ثِقَاتٌ رُوَاتُهُ".
قلت:
البيهقي لا ينقل أحكام شيخه الحاكم في الأحاديث التي يرويها عنه من كتابه
«المستدرك»، وكأنه لا يعتد بها! ونادراً ما ينقل عنه بعض الأحكام لكن عبارته تكون
مختلفة عن عبارة الحاكم في كتابه! وهذا يعني أنه لا ينقلها من «المستدرك»، والظاهر
أنه سمعها منه لفظاً من غير كتابه، والله أعلم.
·
متابعات لعبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار:
وقد
روى هذا الحديث أيضاً عن شَريك بن عبدالله بن أبي نَمِر: أَنَس بن عياض بن ضمرة
الليثي، أَبُو ضمرة المدني، وإِسْمَاعِيل بن جعفر بن أَبي كثير الأَنْصارِيّ
الزرقي، أَبُو إِسْحَاق المدني، قارئ أهل المدينة، وكلاهما من الثقات.
أما
رواية أنس بن عياض:
فأخرجها
ابن المَغَازِليّ في «مناقب عليّ» (ص: 370) (351) قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن
أحمد بن سهل النحوي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن منصور الأخباري الحلبي، قال:
حدثنا علي بن محمد الشمشاطي، قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا العباس بن
الفضل، قال: حدثنا يعقوب بن حُميد، قال: حدثنا أنس بن عياض الليثي، عن شريك بن
عبدالله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، قال: نزلت في بيت أم سلمة {إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم
ثوباً ودعا فاطمة، وعلياً والحسن، والحسين عليهم السلام فجعله عليهم وقال: {إنما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس}، الآية. فقالت أم سلمة من جانب البيت: ألست من أهل
البيت يا رسول الله؟ قال: «بلى إن شاء الله».
قال
يعقوب بن حميد: وفي ذلك يقول الشاعر:
بأبي
خمسة هم جنبوا الرجس // كراماً وطهروا تطهيرا
أحمد
المصطفى وفاطم // أعني وعلياً وشبرا وشبيرا
من
تولاهم تولاه ذو العرش // ولقاه نضرة وسرورا
وعلى
مبغضيهم لعنة الله // وأصلاهم المليك سعيرا
قلت:
هذا إسناد مسلسل بالأدباء والشعراء في أوله، ومن بقي منهم في بعضهم كلام!!
·
كلام ابن تيمية في كتاب ابن
المَغَازِليّ!
وقد
تكلّم ابن تيمية في كتاب ابن المغازلي هذا!
فقال
عنه في «منهاج السنة» (7/15): "وأَمَّا نَقْلُ ابنِ المَغَازِلِيِّ
الوَاسِطِيِّ فَأَضْعَفُ وأَضْعَفُ، فَإِنَّ هَذَا قَدْ جَمَعَ فِي كِتَابِهِ مِنَ
الْأَحَادِيثِ المَوْضُوعَاتِ مَا لا يَخْفَى أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى مَنْ لَهُ
أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِالْحَدِيثِ".
وقال
أيضاً في الكتاب نفسه (7/62): "وهَذَا الْمَغَازِلِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ
الْحَدِيثِ، كَأَبِي نُعَيْمٍ وَأَمْثَالِهِ، وَلَا هُوَ أَيْضًا مِنْ جَامِعِي
الْعِلْمِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ مَا غَالِبُهُ حَقٌّ وَبَعْضُهُ بَاطِلٌ؛ كَالثَّعْلَبِيِّ
وَأَمْثَالِهِ، بَلْ هَذَا لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ مِنْ صَنْعَتِهِ، فَعَمَدَ
إِلَى مَا وَجَدَهُ مِنْ كُتُبِ النَّاسِ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ فَجَمَعَهَا،
كَمَا فَعَلَ أَخْطَبُ خُوَارِزْمَ، وَكِلَاهُمَا لَا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ،
وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَرْوِي فِيمَا جَمَعَهُ مِنَ الْأَكَاذِيبِ الْمَوْضُوعَةِ،
مَا لَا يَخْفَى أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى أَقَلِّ عُلَمَاءِ النَّقْلِ وَالْحَدِيثِ.
ولَسْنَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدُهُمَا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ فِيمَا يَنْقُلُهُ،
لَكِنَّ الَّذِي تَيَقَّنَاهُ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي يَرْوُونَهَا فِيهَا
مَا هُوَ كَذِبٌ كَثِيرٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَا قَدْ كَذَّبَهُ
النَّاسُ قَبْلَهُمْ، وَهُمَا - وَأَمْثَالُهُمَا - قَدْ يَرْوُونَ ذَلِكَ وَلَا
يَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَقَدْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَذِبٌ. فَلَا أَدْرِي
هَلْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَنَّ هَذَا كَذِبٌ؟ أَوْ كَانَا مِمَّا لَا
يَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟".
وقال
فيه أيضاً (7/130): "فقد عُرِفَ أَنَّ مُجَرَّدَ رِوَايَةِ ابْنِ
الْمَغَازِلِيِّ لَا يَسُوغُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ
الْعِلْمِ".
وقال
(7/ 355): "لَا سِيَّمَا خَطِيبُ خُوَارَزْمَ، فَإِنَّهُ مِنْ أَرَوَى
النَّاسِ لِلْمَكْذُوبَاتِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ،
وَلَا الْمَغَازِلِيُّ".
·
كلام السمعاني في ابن المغازلي.
قلت:
ظاهر كلام ابن تيمية أنه طعن فيما جمع ابن المغازلي في كتابه هذا من روايات موضوعة
ومنكرة! مع تصريحه بأنه ليس من أهل الحديث العارفين به كأبي نُعيم وأمثاله.
لكن
هذا لا يؤثر على ما يرويه إذ هو راوية فقط، وله مشاركة في الحديث والرجال.
وهو
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن الطيّب الْجُلَّابيّ، الواسطي، المعروف بابن
المغازلي، المؤرخ، (ت 483هـ).
قال
فيه السمعاني في «الأنساب» (3/446): "من أهل واسط العراق، كان فاضلا عارفا
برجالات واسط وحديثهم، وكان حريصاً على سماع الحديث وطلبه، رأيت له ذيل التاريخ
لواسط وطالعته وانتخبت منه، سمع أبا الحسن علي بن عبدالصمد الهاشمي، وأبا بكر أحمد
بن محمد الخطيب، وأبا الحسن أحمد بن مظفر العطار، وغيرهم، روى لنا عنه ابنه بواسط،
وأبو القاسم علي بن طراد الوزير ببغداد، وغرق ببغداد في الدجلة في صفر سنة ثلاث
وثمانين وأربعمائة، وحُمل ميتا إلى واسط فدفن بها".
وقال
الذهبي في «تاريخ الإسلام» (10/524): "سمع الكثير، وسمّع ابنه أبا عبدالله،
وذيّل تاريخ واسط في كراريس. سمع عليّ بن عبدالصّمد الهاشميّ، وأبا غالب بن
بِشْران. روى عنه ابنه. ونزل ليتوضّأ فغرِق في دجلة في صفر ببغداد، ثم أُحْدِر إلى
واسط".
وقال
صلاح الدين الصفدي في «الوافي بالوفيات» (22/85): "سمع كثيرا، وَكتب بخطِّه،
وحصَّل الأُصول، وخرَّج التخاريج، وَجمع مجموعات مِنْهَا الذيل على تَارِيخ وَاسِط
لبَحْشَل، ومشيخةٌ لنَفسِهِ، وَكَانَ كثير الْغَلَط، قَلِيل الْحِفْظ والمعرفة،
نزل إِلَى دجلة يتوضَّأ فَوَقع فِي المَاء وأُخرج من وقته مَيتا سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ
وَأَرْبع مائَة".
قلت:
لا يُرد حديثه هذا؛ فهو يرويه عن أئمة من الأدباء والشعراء والكتّاب، وإن كان فيه
علّة فالعهدة ليست عليه، والله أعلم.
·
رجال الإسناد:
فشيخه:
أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي، يعرف بابن بشران، وبشران جده لأمه، ويعرف بابن
الخالة أيضاً، ويكنى أبا غالب: من أهل واسط أحد الأئمة المعروفين والعلماء
المشهورين.
وشيخ
أبي غالب: أبو الحسن علي بن منصور بن طالب الأخباري الحلبي، الملقب دوخلة: أديب فاضل شاعر،
راوية للأخبار والآداب، يعلم أولاد الأكابر، قدم بغداد، وصحب أبا علي الفارسي
النحوي، وأقام مدة وروى بها شيئا، روى عنه من أهلها: أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْقُ
اللَّهِ بنُ عَبْدِالوَهَّابِ التميمي.
وشيخ
أبي الحسن: علي بن محمد العدوي، أبو الحسن الشِمْشَاطيّ: مصنف «كتاب الأنوار» و«كتاب
الديارات»، كان شاعرا يمدح الملوك، أصله من الموصل، سكن بغداد ودخل واسط في سنة
أربع وتسعين وثلاثمائة، روى أبو غالب بن أحمد بن بشران الواسطي، عن أبي الحسن محمد
بن محمد بن جمهور الشعباني عنه هذين الكتابين.
وفي
كتاب «الفهرست» لمحمد بن إسحاق النديم بخطه قال: أبو الحسن علي ابن محمد العدوي
أصله من شِمْشَاط من بلاد أرمينية، كان يعلم أبا تغلب بن ناصر الدولة وأخاه ثم
نادمهما، وهو شاعر مصنف مؤلف، مليح الحفظ كثير الرواية.
وشيخ
الشمشاطي: محمد بن يحيى بن عبدالله بن العباس بن محمد بن صول أبو بكر المعروف
بالصولي،
كان أحد العلماء بفنون الآداب، حسن المعرفة بأخبار الملوك وأيام الخلفاء، ومآثر الأشراف،
وطبقات الشعراء.
والعباس
بن الفضل، هو: ابن يونس الْأَسْفَاطِي البَصْرِيّ أبو الفضل، حدث عَن أبي الوَلِيد
سُلَيْمَان بن عبدالملك الطَّيَالِسِيّ، وعلي بن المَدِينِيّ، وَإِسْمَاعِيل بن
أبي أويس، وخَالِد بن يزِيد العمريّ. حدث عَنهُ: سُلَيْمَان بن أَحْمد
الطَّبَرَانِيّ، ودعلج، وفاروق الخطابي، وغيرهم.
وكان
صدوقا حسن الحديث مجاورا بمكة.
توفي
سنة ثلاث وثمانين ومائتين وهو راجع إلى البصرة.
ويعقوب
بن حُميد، هو: ابن كاسب أبو يوسف المدني، نزيل مكة، من أهل الصدق، إلا أنه يهم
ويخطئ، وينفرد بأحاديث! وقد ضعفه بعض أهل النقد جداً!
قال
ابن معين: "ليس بشيء"..
وقال
أبو بكر ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول - وذكر ابن كاسب – فقال: "ليس
بثقة"، قلت: من أين قلت ذاك؟ قال: "لأنه محدود". قلت: أليس هو في
سماعه ثقة؟ قال: "بلى".
وقَال
البُخارِيُّ: "لم نر إِلاَّ خَيْرًا، هو فِي الأصل صدوق".
وقال
أبو حاتم: "هو ضعيف الحديث".
وقال
ابن أبي حاتم: سألت ابا زرعة عن يعقوب بن كاسب، فحرك رأسه! قلت: كان صدوقاً في
الحديث؟ قال: "لهذا شروط"، وقال في حديث رواه يعقوب: "قلبي لا يسكن
على ابن كاسب".
وَقَال
النَّسَائي: "ليس بشيءٍ"، وَقَال فِي موضع آخر: "ليس بثقة".
وذكره
ابن حبان في «الثقات» (9/285) وقال: "وَكَانَ مِمَّن يحفظ وَمِمَّنْ جمع،
وصنف وَاعْتمد على حفظه فَرُبمَا أَخطَأ فِي الشَّيْء بعد الشَّيْء، وَلَيْسَ خطأ
الْإِنْسَان فِي شَيْء يهم فِيهِ مَا لم يفحش ذَلِك مِنْهُ بمخرجه عَن الثِّقَات إِذا
تقدّمت عَدَالَته".
وذكره
ابن عدي في «الكامل» (8/477) وقال: "ويعقوب بن حميد بن كاسب لا بأس بِهِ
وبرواياته، وَهو كثير الحديث الغرائب وكتبت مسنده، عَنِ الْقَاسِم بْن مهدي لأنه
لزمه بوصية أبي مصعب إياه أن يكتب عَنْهُ بمكة فكتب عَنْهُ المسند، وفيه من الغرائب
والنسخ والأحاديث العزيزة وشيوخ من أهل المدينة يروي عنهم ابن كاسب، ولاَ يروي
غيره عنهم، ومسند ابن كاسب صنفه على الأبواب، وَإذا نظرت إِلَى مسنده علمت أَنَّهُ
جماع للحديث صاحب حديث".
قلت:
فإسناد هذا الحديث ضعيف! تفرد به ابن كاسب عن أنس بن عياض!
وأما
حديث إِسْمَاعِيل بن جعفر المدني:
فهو في «أحاديث إسماعيل بن جعفر» (ص: 462) (403) قال: حدثنا شَرِيكٌ،
عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ، نَزَلَتْ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ
{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ جَانِبِ
الْبَيْتِ: أَلَسْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: «بَلَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبًا
فَطَرَحَهُ عَلَى فَاطِمَةَ، وَحَسَنٍ، وَحُسَيْنٍ ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33].
قلت:
فرواية إسماعيل هذه موافقة للرواية عن أنس بن عياض - إن صحت -.
·
الاختلاف على شَريك، ووهم
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار!
فرواية
أنس بن عياض الليثي: عن شريك بن عبدالله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، قال: نزلت
في بيت أم سلمة.
ورواية
إسماعيل: عن شَرِيك، عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ، نَزَلَتْ فِي بَيْتِ
أُمِّ سَلَمَةَ.
فالمحفوظ
عن شريك، عن عطاء، مرسلاً. ولم يذكر عطاء أنه سمع هذا الحديث من أم سلمة.
وقد
وهم عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار فرواه عن شريك، عن عطاء، عن أم سلمة! فوصله!!
·
تفرد شريك به عن عطاء بن يسار!
وقد
تفرد بهذا الحديث شريك بن أبي نمر عن عطاء بن يسار!
وشريك
من أهل الصدق، ولا بأس به، إلا أنه يهم في الحديث!
قال
عباس الدوري: سمعت يَحْيى يقول: "شَرِيك بن عَبدالله بن أبي نمر ليس
بالقوي".
وفي
موضعٍ آخر: "لا بأس به".
وقال
عَبداللَّهِ الدورقي: قُلتُ ليحيى بن مَعِين، شَرِيك بن عَبدالله، كيف حديثه؟ قال:
"ليس به بأس".
وقال
عُثْمَانُ بنُ سَعِيد الدارمي: قُلتُ ليحيى بن مَعِين، شَرِيك بنِ عَبداللَّهِ بنِ
أَبِي نمر، كيف حديثه؟ قال: "ليس به بأس".
وقال
صالح بن أحمد بن حنبل: حدثنا علي بن المديني قال: سمعت يحيي بن سعيد القطان يقول:
قدم شريك مكة. فقيل لي آته! فقلت: "لو كان بين يدي ما سألته عن شيء"،
وضعفه حديثه جداً.
وفي
كتاب ابن الجارود: "ليس به بأس، وليس بالقوي، وكان يحيى بن سعيد لا يُحدِّث
عنه".
وقال
الميموني: قال أحمد: "شريك بن أبي نمر: صالح الحديث".
وقال
الآجري: سألت أبا داود عنه؟ فقال: "ثقة".
ولما
ذكره ابن حبان في «الثقات» قال: "ربما أخطأ".
وقال
في «المشاهير»: "وكان ربما يهم في الشيء بعد الشيء".
وقالَ
ابنُ عَدِي: "وشَرِيك بنُ عَبداللَّهِ رَجُلٌ مَشْهُورٌ مِنْ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ، حَدَّثَ عَنْهُ مَالِكٌ وَغَيْرُ مَالِكٍ مِنَ الثِّقَاتِ، وحَدِيثُهُ
إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ فَإِنَّهُ لا بَأْسَ بِرِوَايَتِهِ إِلا أَنْ يروي عنه
ضعيف".
وقال
ابن حجر: "صدوقٌ يخطئُ".
قلت:
فحديثه يحتاج لدعامة، ولا يحتج بما انفرد به، والله أعلم.
وحديث
الكساء هذا حديث مشهور له طرق عن أم سلمة، وغيرها، ولا يصح منها شيء! وكلها واهية!
وأشهرها
ما رواه مسلم في «صحيحه» (4/1883) (2424) من طريق زَكَرِيَّا ابن أبي زائدة، عَنْ
مُصْعَبِ بنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ
عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةً وَعَلَيْهِ
مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ
فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ
فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ
اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33].
وهذا
من منكرات مصعب بن شيبة!! وقد فصّلت فيه في غير هذا الموضع!
الحديث
الثامن عشر: حديث تفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار!
روى
البزار في «مسنده» (3/286) (1078) قال: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ يَعْقُوبَ، قالَ:
حدثنا عَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ البَرِيدِ الكوفيّ، قَالَ: حدثنا عَبْدُالرَّحْمَنِ
بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ
بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والحَسَنُ والحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ عَلَى بَطْنِهِ، فَقُلْتُ،
يَا رَسُولِ اللَّهِ: أَتُحِبُّهُمَا؟ فَقَالَ: «وَمَالِي لَا أُحِبُّهُمَا
رَيْحَانَتَايَ».
ورواه
أبو نُعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» (2/663) (1767) عن أَبي مُحَمَّدِ بن حَيَّانَ،
عن أَحْمَد بن عَمْرٍو الْبَزَّار، به.
قال
البزار: "وهَذَا الحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ سَعْدٍ، إِلَّا مِنْ
هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا نَعْلَمُ حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيثِ إِلَّا عَبَّادُ بنُ
يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ هَاشِمٍ، وَلَا نَعْلَمُ رَوَى أَبُو سُهَيْلِ بْنُ
مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ إِلَّا هَذَيْنِ
الحَدِيثَيْنِ".
قلت:
تفرد به عباد بن يَعْقُوب الروَاجِنِي الكوفي! وهو من غلاة الرافضة!
قَال
الحاكم أَبُو عَبْداللَّهِ: "كَانَ أَبُو بَكْر بن خزيمة يَقُول: حَدَّثَنَا الثقة
فِي روايته، المتهم فِي دينه عباد بن يعقوب".
وقال
ابن حبان في «المجروحين» (2/172): "وَكَانَ رَافِضِيًّا دَاعِيَة إِلَى
الرَّفْض، وَمَعَ ذَلِك يروي الْمَنَاكِير عَن أَقوام مشاهير فَاسْتحقَّ
التّرْك".
وقال
ابن عدي في «الكامل» (5/559): "وعباد بن يعقوب معروف في أهل الكوفة، وفيه غلو
فيما فيه من التشيع، وروى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت، وفي مثالب
غيرهم".
وقد
رَوَى عَنه البخاري في «صحيحه» حديثًا واحدًا مقرونًا بغيره.
فإن
كان عباد ضبط هذا الحديث فيكون المتفرد به هو عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار!
ويُروى
عن علي بن هاشم من طريق آخر، لكنه ضعيف.
رواه
الطبراني في «المعجم الكبير» (4/155) (3990) من طريق الجَرَّاح بن مَخْلَدٍ، عن
الحَسَن بن عَنْبَسَةَ، عن عَلِيّ بن هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِاللهِ
بنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ الحَزْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُمَا يَلْعَبَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَفِي حِجْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللهِ أَتُحِبُّهُمَا؟، قَالَ: «وَكَيْفَ لَا أُحِبُّهُمَا وَهُمَا رَيْحَانَتَايَ
مِنَ الدُّنْيَا أَشُمُّهُمَا».
قلت:
الحسن بن عنبسة البصري: ضعيف!
قال
الذهبي في «الميزان» (1/516): "الحسن بن عنبسة: لا أعرفه. ضعفه ابن
قانع".
وقال
الهيثميُّ في «المجمع» (9/181): "الحسن بن عنبسة: وهو ضعيفٌ".
فإن
ثبت أن الحسن هذا سمعه من علي بن هاشم، فيكون الحديث محفوظ عن علي بن هاشم، وأخطأ
الحسن في إسناده!
الحديث
التاسع عشر: أثر تفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه!
روى
اللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (4/758) (1261) قال:
أَخْبَرَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ إِجَازَةً قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بنُ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بنُ شَيْبَةَ، قَالَ:
حدثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بنُ القَاسِمِ قَالَ: حدثنا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ
قَالَ: «إِنَّ أَصْحَابَ القَدَرِ حَمَلُوا مَقْدِرَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
عَلَى ضَعْفِ رَأْيِهِمْ فَقَالُوا لِلَّهِ: لِمَ؟ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ
لِلَّهِ: لِمَ؟».
قلت:
تفرد بهذا عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه عن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب!
·
أحاديث يرويها عبدالرحمن بن
عبدالله بن دينار توبع عليها:
·
الحديث الأول:
روى
أحمد في «مسنده» (9/284) (5386) عن حَسَن الأشيب.
وفيه:
(10/233) (6048) عن هَاشِم بن القاسم.
كلاهما
عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ
عَبْدِاللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
«مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، فَلَا حُجَّةَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ
مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ، فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».
ورواه
أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/425) (2025) عن خَارِجَة بن مُصْعَبٍ، عَنْ
زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، به، بنحوه.
·
متابعة لعبدالرحمن:
ورواه
أحمد في «مسنده» (9/489) (5676) عن عَفَّان، عن خَالِد بن الحَارِثِ.
وفيه:
(10/10) (5718) عن يُونُس بن مُحَمَّدٍ، عن اللَيْث.
وابن
حبان في «صحيحه» (10/439) (4578) من طريق عيسى بن حماد، عن الليث.
كلاهما
(خالد، والليث) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، أَنَّهُ
حَدَّثَهُ: أَنَّ عَبْدَاللهِ بنَ عُمَرَ أَتَى ابنَ مُطِيعٍ لَيَالِي الحَرَّةِ،
فَقَالَ: ضَعُوا لِأَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِ
لِأَجْلِسَ، إِنَّمَا جِئْتُ لِأُخْبِرَكَ كَلِمَتَيْنِ سَمِعْتُهُمَا مِنْ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ.. الحديث».
ورواه
أحمد في «مسنده» (10/307) (6166) عن عَلِيّ بن عَيَّاشٍ، عن مُحَمَّد بن
مُطَرِّفٍ، عن زَيْد بن أَسْلَمَ، بمثل حديث ابن عجلان.
قال
أبو نُعيم في «الحلية» (3/224): "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ. أَخْرَجَهُ
مُسْلِمُ بنُ الْحَجَّاجِ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَمْرِو بنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابنِ
مَهْدِيٍّ عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدٍ. وَرَوَاهُ عَنْ زَيْدٍ مِنَ
التَّابِعِينَ والْأَعْلَامِ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بنُ أَبِي هِلَالٍ، وابنُ
عَجْلَانَ، وعَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، ودَاوُدُ بنُ قَيْسٍ
الفَرَّاءُ، وحَفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ، ويحْيَى بنُ العَلَاءِ فِي آخَرِينَ".
قلت:
نعم، الحديث صحيح، وأخرجه مسلم في «صحيحه» (3/1478) (1851) من طريق زَيْدِ بنِ
مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: جَاءَ عَبْدُاللهِ بنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِاللهِ
بنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ، زَمَنَ يَزِيدَ بنِ
مُعَاوِيَةَ، فقال: اطْرَحُوا لِأَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ:
إِنِّي لَمْ آتِكَ لِأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ،
لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي
عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».
ثم
ساق إسناده من طريق بُكَيْرِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ الْأَشَجِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ابنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَتَى ابْنَ مُطِيعٍ، فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ.
·
متابعة أخرى:
ثم
ساقه من طريق ابن مَهْدِيٍّ، وبِشْر بن عُمَرَ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا
هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ.
فخرّج
مسلم حديث هشام بن سعد في المتابعات، ولم يسق لفظه، لكن هشاماً رواه عن زيد بن
أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر. ولم يبيّن أبو نعيم ذلك! والرواة الآخرون الذين ذكرهم
ممن رواه عن زيد لم يذكروا فيه: «عن أبيه»!
وقد
رواه أحمد في «مسنده» (9/386) (5551)، و(10/467) (6423) عن عَبْدالمَلِكِ بن عمرو
أبي عامرٍ العقدي، عن هِشَام بن سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ ابنِ عُمَرَ عَلَى عَبْدِاللهِ بنِ مُطِيعٍ فقالَ: مَرْحَبًا
بِأَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ ضَعُوا لَهُ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُكَ
لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ
نَزَعَ يَدًا مَنْ طَاعَةِ اللهِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا
حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ مَفَارِقٌ لِلْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ
مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».
وقد
تُوبع عليه هشام بن سعد، تابعه: إِسْحَاق بن عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ.
رواه
أبو عوانة في «مستخرجه» (4/416) (7157) من طريق عِكْرِمَة بن عَمَّارٍ، عَنْ
إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ مُطِيعٍ، فذكر مثله.
وقد
سئل الدارقطني في «العلل» (12/446) (2884) عن حديث رواه أَسْلَمَ، عَنِ ابنِ
عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «من نزع يدا من طاعة فإنه يأتي
يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وهو مفارق للجماعة فميتته ميتة جاهلية؟».
فقَالَ:
"يَرْوِيهِ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فرواه
بشر بن عمر، عَنْ هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عن أبيه، عن ابن
عمر.
ورواه
ابن عجلان، عن زيد بن أسلم؛ أن عبدالله بن عمر، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم... مرسلا.
وقال
غيره: عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابنِ عُمَرَ".
·
الاختلاف على زيد بن أسلم!
قلت:
لم يُرجّح الدارقطني بين هذه الروايات! والذي يظهر لي أن زيد بن أسلم رواه على
الوجهين: مرة كان يُجوّده فيذكر قصة ابن عمر ودخول والده معه على ابن مطيع وسماعه
لهذا الحديث، ومرة كان يذكر الحديث فقط ويرويه عن ابن عمر.
فالاختلاف
ليس من الرواة عليه لأن من رواه عنه دون ذكر "أبيه" جماعة كبيرة ومنهم
الثقات، ومن رواه عنه "عن أبيه" أكثر من واحد، وهشام بن سعد - وهو وإن
كان متكلماً فيه إلا أنه تابعه إِسْحَاق بن عَبْداللَّه بن أبي طَلْحَة
الْأنْصَارِيّ المدنِي وهو ثقة حافظ، وسمع منه عكرمة بن عمار في اليمامة؛ لأن
إسحاق سكن اليمامة.
فهذا
الحديث لم يتفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، وإنما تابعه عليه جماعة كبيرة
من الثقات والضعفاء.
·
الحديث الثاني:
روى
أحمد في «مسنده» (9/286) (5387) عن حَسَن الأشيب.
وفي
(10/233) (6049) عن هَاشِم بن القاسم.
كلاهما
عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عبدالله بن دينار، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابنِ
عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا
النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ، لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً».
·
متابعات لعبدالرحمن:
وقد
توبع عبدالرحمن عليه:
فرواه
أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/426) (2026).
وأحمد
في «مسنده» (10/358) (6237) عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن مَهْدِيٍّ.
كلاهما
(الطيالسي، وابن مهدي) عن زُهَيْر بن مُحَمَّدٍ العنبريّ.
وأبو
الشيخ الأصبهاني في «أمثال الحديث» (ص: 171) (133) عن القَاسِم بن عَبَّادٍ
البَصْرِيّ، عن سُوَيْد بن سَعِيدٍ، عن حَفْص بن مَيْسَرَةَ.
وفيه
أيضاً (134) عن ابن مَاهَانَ، عن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيمَ المَرْوَزِيّ.
والطبراني
في «المعجم الأوسط» (8/60) (7963) عن مُوسَى بن هَارُونَ، عن قُتَيْبَة بن
سَعِيدٍ.
كلاهما
(إسحاق، وقتيبة) عَنْ عَبْدِالعَزِيزِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيّ.
وأبو
طاهر المخلّص في «المخلصيات» (707) عن أحمد بن عبدِاللهِ بنِ سيفٍ، عن يونس بن
عبدِالأَعلى، عن عبدالله بن نافعٍ الصائغ، عن عاصم بن عمر العمري.
كلهم
(زهير بن محمد، وحفص بن ميسرة، والدراوردي، وعاصم بن عمر) عن زيدِ بنِ أسلمَ، به،
مثله.
فهذا
الحديث لم يتفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، وإنما تابعه عليه جماعة من
الثقات والضعفاء.
·
وهم للطبراني!
قال
الطبراني بعد أن روى هذا الحديث: "لمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ زَيْدِ
بنِ أَسْلَمَ إِلَّا الدَّرَاوَرْدِيُّ".
قلت:
وهذا خطأ! لم ينفرد به الدراوردي! بل تابعه عليه جماعة كما سبق في تخريجه:
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، وزهير بن محمد، وحفص بن ميسرة، وعاصم
العمري".
·
الحديث الثالث:
روى
أبو بكر الشافعي في «الغيلانيات» (299) قال: حَدَّثَنَا البُهْلُولُ بنُ إِسْحَاقَ
بنِ الْبُهْلُولِ، قال: حدثنا أَبِي، قال: حدثنا أَبِي قَالَ: حدثنا
عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِالعَزِيزِ
مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحَارِثِ
التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَظْهَرُ هَذَا
الدِّينُ حَتَّى يُجَاوَزَ بِهِ الْبِحَارُ، وَتُرْكَبَ بِهِ الْخَيْلُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمٌ فَيَقُولُونَ: قَدْ قَرَأْنَا مَنْ
أَقْرَأُ مِنَّا؟ قَدْ عَلِمْنَا، وَمَنْ أَعْلَمُ مِنَّا؟ قَدْ فَقِهْنَا مَنْ
أَفْقَهُ مِنَّا؟ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أُولَئِكَ مِنْكُمْ مِنْ
هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ».
وقد
توبع عبدالرحمن عليه:
فرواه
عبدالله بن المبارك في كتاب «الزهد» (450) عن مُوسَى بن عُبَيْدَةَ، به، مثله.
وهذا
الحديث تفرد به مُوسَى بن عُبَيدة الربذي، أَبُو عَبْد العَزِيزِ المدني! وهو ليس
بشيء، منكر الحديث.
·
الحديث الرابع:
روى
أبو بكر الخلال في كتاب «السنة» (4/76) (1198)، وابن منده في كتاب «الإيمان»
(1/296) (146) من طريق أَبي مَعِينٍ الحُسَيْن بن الحَسَنِ، كلاهما عن أَحْمَد بن
حَنْبَلٍ.
ومحمد
بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (1/429) (429) عن عَبْداللَّهِ بن مُحَمَّدٍ
المُسْنَدِيّ.
كلاهما
(أحمد، والمسندي) عن أَبي النَّضْرِ هَاشِم بن القَاسِمِ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ
بِضْعٌ وَتِسْعُونَ أَوْ سَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعْظَمُ ذَلِكَ قَوْلُ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَى ذَلِكَ كَفُّ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والحَيَاءُ
شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ».
وقد
توبع عبدالرحمن عليه:
فرواه
البخاري في «صحيحه» (1/11) (9) عن عَبْداللَّهِ بن مُحَمَّدٍ الجُعْفِيّ.
ومسلم
في «صحيحه» (1/63) (35) عن عُبَيْداللهِ بن سَعِيدٍ، وعَبْد بن حُمَيْدٍ.
ثلاثتهم
عن أَبي عَامِرٍ العَقَدِيّ، عن سُلَيْمَان بن بِلَالٍ.
ورواه
مسلم أيضاً عن زُهَيْر بن حَرْبٍ، عن جَرِير بن عبدالحميد.
وابن
أبي شيبة في «مصنفه» (5/212) (25339) عن الفضل بن دكين، عن سفيان.
وأحمد
في «مسنده» (15/212) (9361) عن عَفَّان، عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ.
وفيه
(15/465) (9748) عن وَكِيع، عن سُفْيَان.
كلهم
(جرير، وسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وحماد بن سلمة) عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي
صَالِحٍ.
ورواه
ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/305) (26343) عن أبي خالد الأحمر.
وابن
منده في «الإيمان» (1/334) (171) من طريق عَبْداللَّهِ بن المُبَارَكِ.
وفيه
(172) من طريق عَبْداللَّهِ بن الزُّبَيْرِ الحُمَيْدِيّ، عن يَحْيَى بن سُلَيْمٍ،
وَأَبي ضَمْرَةَ أَنَس بن عِيَاضٍ.
أربعتهم
(أبو خالد الأحمر، وابن المبارك، ويحيى بن سليم، وأبو ضمرة) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
عَجْلَانَ.
وابن
منده في «الإيمان» (173) من طريق يَحْيَى بن أَيُّوبَ، عن يَزِيد بن الْهَادِ.
أربعتهم
(سليمان بن بلال، وسهيل بن أبي صالح، ومحمد بن عجلان، وابن الهاد) عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
قال
ابن منده: "وَرَوَى هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ:
ابْنُهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ الْهَادِ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عَجْلَانَ، وسُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ".
·
سماع عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار هذا الحديث من سهيل بن أبي صالح! وتصحيح خطأ في أمالي ابن بشران!
وروى
ابن بشران في «أماليه - الجزء الثاني» (ص: 21) (999) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو
الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ بِنْجَابٍ الطِّيبِيُّ، عن مُحَمَّد بن نَصْرِ
بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ أبي جعفر القطان الهمذاني مموس، عن مُحَمَّد بن عُبَيْدِ
بنِ عَبْدِالْمَلِكِ الأسدي الهمذاني، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِاللَّهِ،
قال: حدثنا سُهَيْل، حَدَّثَنِي أَبُوكَ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، فذكره.
قلت:
كذا في مطبوع الكتاب! والظاهر أن فيه "سقط وتحريف"! والأصل أن يكون:
"حدثني أبوك [عن أبي] صالح، عن أبي هريرة..."؛ لأن سهيلاً سمع الحديث من
عبدالله بن دينار والد عبدالرحمن بن عبدالله.
·
الحديث الخامس:
روى
أحمد في «مسنده» (37/471) (22814) عن عَبْدالصَّمَدِ بن عبدالوارث.
والترمذي
في «جامعه» (4/159) (2364) عن عَبْداللهِ بن عَبْدِالرَّحْمَنِ، عن عُبَيْداللهِ
بن عَبْدِالمَجِيدِ الحَنَفِيّ.
كلاهما
عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عن أَبي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ
بْنِ سَعْدٍ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: «أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ النَّقِيَّ؟ يَعْنِي الحُوَّارَى، فَقَالَ سَهْلٌ: مَا رَأَى رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّقِيَّ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ، فَقِيلَ
لَهُ: هَلْ كَانَتْ لَكُمْ مَنَاخِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَا كَانَتْ لَنَا مَنَاخِلُ، قِيلَ: فَكَيْفَ
كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِالشَّعِيرِ؟ قَالَ: كُنَّا نَنْفُخُهُ فَيَطِيرُ مِنْهُ
مَا طَارَ، ثُمَّ نُثَرِّيهِ فَنَعْجِنُهُ».
قال
الترمذي: "هذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ،
عَنْ أَبِي حَازِمٍ".
قلت:
يعني تابع مالك عبدالرحمن عليه. وتابعه أيضاً: يَعْقُوب بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ الإسكندرانيّ،
وأبو غسان مُحَمَّد بن مُطرِّف، وعبدالعزيز بن أبي حازم.
أما
حديث يعقوب:
فرواه
البخاري في «صحيحه» (7/74) (5413)، وابن أبي شيبة في «مسنده» (1/98) (117)،
والنسائي في «السنن الكبرى» (10/383) (11788).
وابن
حبان في «صحيحه» (14/257) (6347) عن مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ
مَوْلَى ثَقِيفٍ.
والبيهقي
في «شعب الإيمان» (7/451) (5268) عن أَبي عَبْدِاللهِ الحَافِظ، عن جَعْفَر بن
مُحَمَّدٍ المَرَاغِيّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيّ.
جميعهم
(البخاري، وابن أبي شيبة، والنسائي، ومحمد بن إسحاق، والفريابي) عن قُتَيْبَةَ بنِ
سَعِيدٍ.
ورواه
ابن حبان في «صحيحه» (14/274) (6360) عن عُمَر بن مُحَمَّدٍ الهَمْدَانِيّ، عن أَبي
الطَّاهِرِ بن السَّرْحِ، عن ابن وَهْبٍ.
كلاهما
(قتيبة، وابن وهب) عن يَعْقُوب بن عَبْدِالرَّحْمَنِ.
وأما
حديث أبي غسّان:
فرواه
البخاري في «صحيحه» (7/74) (5410).
والطبراني
في «المعجم الكبير» (6/146) (5796) عن يَحْيَى بن عُثْمَانَ بن صالح السهمي.
والبيهقي
في «شعب الإيمان» (7/450) (5267) عن أَبي عَبْدِاللهِ الحَافِظ، عن أَبي بَكْرٍ
مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الصَّغَانِيّ.
جميعهم
(البخاري، ويحيى بن عثمان، والصاغاني) عن سَعِيد بن أَبِي مَرْيَمَ، عن أَبي
غَسَّانَ.
وأما
حديث عبدالعزيز:
فرواه
ابن ماجه في «سننه» (4/441) (3335) عن مُحَمَّد
بن الصَّبَّاحِ، وسُوَيْد بن سَعِيدٍ.
وعبد
بن حُميد في «مسنده» [كما في المنتخب (1/370) (460)] عن عَبْداللَّهِ بن
مَسْلَمَةَ.
والطبراني
في «المعجم الكبير» (6/170) (5888) عن مُحَمَّد بن عَلِيٍّ الصَّائِغ، عن
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ.
جميعهم
(محمد بن الصباح، وسويد، وعبدالله بن مسلمة، وإبراهيم) عن عَبْدالعَزِيزِ بن
أَبِي حَازِمٍ.
كلهم
(يعقوب، وأبو غسان، وعبدالعزيز) عن سلمة بن دينار أَبي حازم الأعرج المدني، عن سهل
بن سعد الساعدي، به، بنحو حديث عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار.
·
الحديث السادس:
روى
الطبراني في «المعجم الكبير» (6/163) (5863) عن عَبْدَان بن أَحْمَدَ، عن يُوسُف
بن حَمَّادٍ المَعْنِيّ.
وفي
«المعجم الأوسط» (2/45) (1194) عن أَحْمَد بن عُبَيْدِاللَّهِ بنِ جَرِيرِ بنِ
جَبَلَةَ، عن أَبي هُرَيْرَةَ مُحَمَّد بن فِرَاسٍ الصَّيْرَفِيّ.
كلاهما
عن أَبي قُتَيْبَةَ سَلْم بن قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ: «أَنَّ
أَبَا أُسَيْدٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَدَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
عُرْسِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ تَقُومُ عَلَيْنَا، وَهِيَ العَرُوسُ،
فَتَسْقِينَا نَبِيذَ التَّمْرِ، قَدِ انْتَبَذَتْهُ مِنَ اللَّيْلِ وَصَفَّتْهُ».
قال
الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ إِلَّا أَبُو
قُتَيْبَةَ".
قلت: تابعه: يَعْقُوب بنِ
عَبْدِالرَّحْمَنِ الإسكندرانيّ، وعبدالعزيز بن أبي حازم، وأبو غسان مُحَمَّد بن مُطرِّف،
عن أبي حازم.
أما
حديث يعقوب:
فرواه البخاري في «صحيحه» (7/26) (5183)، و(7/107) (5597)
عن يَحْيَى بن بُكَيْرٍ.
ورواه
أيضاً (7/106) (5591)، ومسلم في «صحيحه» (3/1590) (2006)، وابن أبي شيبة في «مسنده»
(1/97) (115)، وأحمد في «مسنده» (25/462) (16062)، والنسائي في «السنن الكبرى» (6/216)
(6589) كلهم عن قُتيبة بن سعيد.
ورواه
الروياني في «مسنده» (2/197) (1031) عن ابن أَخِي ابنِ وَهْبٍ، عن ابن وهب.
وأبو
عوانة في «مستخرجه» (5/136) (8126) عن أَبي الْأَحْوَصِ، عن سَعِيد بن مَنْصُورٍ.
كلهم
(يحيى بن بكير، وقتيبة، وابن وهب، وسعيد بن منصور) عن يَعْقُوب بن
عَبْدِالرَّحْمَنِ القَارِيّ الْإِسْكَنْدَرَانِيّ.
وأما
حديث عبدالعزيز:
فرواه
البخاري في «صحيحه» (7/25) (5176)، ومسلم في «صحيحه» (3/1590) (2006) عن قُتَيْبَة بن
سَعِيدٍ، عن عَبْدالعَزِيزِ بن أَبِي حَازِمٍ.
وأما
حديث أبي غسان:
فرواه
مسلم في «صحيحه» (3/1591) (2006) عن مُحَمَّد بن سَهْلٍ التَّمِيمِيّ، عن ابن أَبِي
مَرْيَمَ، عن مُحَمَّد أَبي غَسَّانَ.
كلهم
(يعقوب، وعبدالعزيز، وأبو غسان) عن أَبي حازم الأعرج المدني، عن سهل بن سعد
الساعدي، به، بنحو حديث عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار.
·
الحديث السابع:
روى
ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2/53) (733)، والنسائي في «السنن الكبرى»
(8/329) (9306) كلاهما عن يَحْيَى بن حَكِيمٍ البَصْرِيّ، عن أَبي قُتَيْبَةَ سلْم
بن قتيبة، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ
أَسْلَمَ، عَنْ عُبَيْد بن جُرَيْجٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ
لِحْيَتَهُ، فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَفِّرُ بِهَا».
ورواه
أبو طاهر المخلّص في «المخلصيات» (2/228) (1426) من طريق عقبة بن مكرمٍ أبي عبدِالملكِ
البصريّ، عن سلم بن قتيبةَ، عن عبدالرحمنِ بن عبدِاللهِ بنِ دينارٍ، عن زيدِ
بنِ أسلمَ قالَ: قالَ رجلٌ لابنِ عمرَ يقالُ له: عبيدٌ، ويقالُ له: ابنُ جُريجٍ:
إنِّي أَراكَ تُصفِّرُ لِحيتَكَ، وأَراكَ تلبسُ النِّعالَ السِّبتيَّةَ، ولا
أَراكَ تُهِلُّ حتى تَنبعثَ بكَ راحلتُكَ، ولا أَراكَ تَستلمُ مِن الأَركانِ إلا
الرُّكنَ اليَمانيَّ والحَجَرَ؟ فقالَ: «أمَّا قولُكَ: تُصفِّرُ لِحيتَكَ، فقد
رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُصفِّرُ لِحيتَهُ، ورأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله
عليه وسلم يتوضَّأُ في النِّعالِ السِّبتيَّةِ ويُصلِّي فيها، ورأيتُ رسولَ اللهِ
صلى الله عليه وسلم لا يُهِلُّ حتى تَنبعثَ به راحلتُهُ، وما رأيتُ النبيَّ صلى
الله عليه وسلم يَستلمُ إلا الرُّكنينِ: الرُّكنَ اليَمانيَّ والحَجَرَ».
·
متابعة لعبدالرحمن:
وقد
تابعه عليه: هشام بن سعد.
رواه
أبو بكر الشافعي في «الغيلانيات» (1/419) (465) عن أَبي مُحَمَّدٍ جَعْفَر بن
مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ الصَّائِغ، عن أَبي نُعَيْمٍ، عن هِشَام بن سَعْدٍ، عَنْ
زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ:
يَا أَبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تُحِبُّ هَذِهِ النِّعَالَ
السِّبْتِيَّةَ، وَتَسْتَحِبُّ هَذَا الْخَلُوقَ، وَلَا تَسْتَلِمُ مِنَ الْبَيْتِ
إِلَّا هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ! فَقَالَ: «أَمَّا هَذِهِ النِّعَالُ
السِّبْتِيَّةِ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، وَأَمَّا الْخَلُوقُ فَإِنَّهُ كَانَ
أَحَبَّ الطِّيبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ إِلَّا
هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ».
·
الاختلاف على زيد بن أسلم!
فالحديث
رواه عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، وهشام بن سعد، كلاهما عن
زيد بن أسلم، عن عُبيد بن جُريج، عن ابن عمر.
وخالفهما
سليمان بن بلال، والدراوردي، وداود بن الزبرقان، فرووه عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ،
عَنِ ابنِ عُمَرَ، ولم يذكروا فيه عُبيدا!
وقد
أخرج النسائي قبل الحديث السابق (9305) عن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيمَ، عن
الدَّرَاوَرْدِيّ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ قَالَ: رَأَيْتُ ابنَ عُمَرَ
يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالخَلُوقِ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ،
إِنَّكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ بِالخَلُوقِ قَالَ: «إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَفِّرُ بِهَا لِحْيَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ
شَيْءٌ مِنَ الصَّبْغِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا، وَلَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا
ثِيَابَهُ كُلَّهَا حَتَّى عِمَامَتِهِ».
ثم
رجّح حديث عبدالرحمن بن عبدالرحمن بن دينار، فقال: "وهَذَا أَوْلَى
بِالصَّوَابِ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ".
·
ذكر الدارقطني للاختلاف في أسانيد
هذا الحديث:
وسُئِلَ
الدارقطني في «العلل» (13/44) (2936) عَنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
قيل له: مالك لا تلبي حتى تنبعث راحلتك، ولا تلبس النعال السبتية، ولا تستلم إلا
اليمانيين...؟
فقال:
"يرويه نافع، وعبيد بن جريج، عن ابن عمر.
فأما
حديث نافع، فرواه أسامة بن زيد الليثي، عن نافع، عن ابن عمر.
ورواه
عُبَيْدُاللَّهِ بنُ عُمَرَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرُوِيَ
عن عَبْدالعَزِيزِ بن أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُون، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ
عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر.
ورواه
أبو حنيفة، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فرواه
محمد بن الحسن، عن أبي حنيفة، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عمر.
بمتابعة
الماجشون، عن عبيدالله.
ورواه
زُفر بن الهذيل، والنعمان بن عبدالسلام، عن أبي حنيفة، عن عبيدالله بن عمر، عَنْ
سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عمر.
ورَوَاهُ
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ عبيد بن جريج، عن ابن عمر، لم
يذكر المقبري.
ورواه
عبدالله بن نمير، وأسامة، ويحيى الْقَطَّانُ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ
الْمَقْبُرِيِّ، عن عبيد بن جريج، عن ابن عمر، إلا أن يحيى قال في حديثه: عن جريج،
أو ابن جريج، بالشك.
ورواه
مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ ابن جريج، وهو عبيد،
عن ابن عمر.
وَرَوَاهُ
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
خالد بن عثمان بن خالد العثماني، كذا قال من روى عنه، وهو القاسم بن بشر، وإنما
هو: عثمان بن خالد، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَوَهِمَ
فِيهِ على مالك.
وخالفه
أصحاب «الموطأ»، رووه عن مالك، عن سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج، عن ابن عمر.
وكذلك
رواه موسى بن أعين، عن مالك.
وكذلك
رواه عبدالله بن عمر العمري، عن سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج، عن ابن عمر.
وكذلك
رواه عاصم بن محمد العمري، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ،
عَنْ عبيد بن جريج، عن ابن عمر.
وَرَوَاهُ
زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:
فَرَوَاهُ
عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عن زيد بن أسلم، عن عبيد بن
جريج، عن ابن عمر.
وخالفه
سليمان بن بلال، والدراوردي، وداود بن الزبرقان، فرووه عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ولم يذكروا فيه عبيدا.
وروي
عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وليس بالمحفوظ. حدّث به أبو الربيع
السمان، وصالح بن زياد عنه.
والصحيح
ما قاله مالك بن أنس، ومن تابعه: عن سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج" انتهى.
قلت:
يعني ذكر عبدالرحمن لعبيد بن جريج هو الصواب، وقد تابعه عليه هشام بن سعد، وهو ما
ذكره مالك في حديثه عن المقبري.
وحديث
مالك في «الموطأ» (1/333) (31) عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ،
عَنْ عُبَيْدِ بنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِاللَّهِ بنِ عُمَرَ: يَا أَبَا
عَبْدِالرَّحْمَنِ. رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ
أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا. قَالَ: «وَمَا هُنَّ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ؟» قَالَ:
رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ
تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ،
وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ،
وَلَمْ تُهْلِلْ أَنْتَ حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. فَقَالَ
عَبْدُاللَّهِ بنُ عُمَرَ: «أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ،
وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ،
وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا. وَأَمَّا الصُّفْرَةُ
فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ
بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا. وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ
أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ
بِهِ رَاحِلَتُهُ».
وأخرجه
البخاري في «صحيحه» (7/153) (5851) عن عَبْداللَّهِ بن مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ.
ومسلم
في «صحيحه» (2/844) (1187) عن يَحْيَى بن يَحْيَى، عن مَالِكٍ.
·
الحديث الثامن:
روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (6/306) (31668)، وأحمد في «مسنده» (37/514) (22873) كلاهما عن هَاشِم
بن القَاسِمِ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي
حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ مَنْ وَرَدَ عَلَيَّ
شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، أَبْصَرْتُ أَنْ لَا يَرِدَ عَلَيَّ
أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونَنِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ».
وزاد
أحمد في روايته:
قَالَ
- أبو حازم -: فَسَمِعَنِي النُّعْمَانُ بنُ أَبِي عَيَّاشٍ أُحَدِّثُ بِهِ
فَقَالَ: وَأَشْهَدُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَزِيدُ فِيهِ فَيَقُولُ:
وَأَقُولُ: «إِنَّهُمْ أُمَّتِي، أَوْ مِنِّي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا
أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، أَوْ مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا، سُحْقًا
لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي».
وروى
أحمد أيضاً في «مسنده» (17/318) (11220) عن سُلَيْمَان بن دَاوُدَ، عن
عَبْدالرَّحْمَنِ بن عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ
النُّعْمَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَأَقُولُ أَصْحَابِي
أَصْحَابِي! فَقِيلَ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟ قَالَ:
فَأَقُولُ: بُعْدًا بُعْدًا، أَوْ قَالَ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي».
قلت: لم ينفرد به عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، بل
تابعه عليه: أبو غسّان مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، ويَعْقُوبُ
بن عَبْدِالرَّحْمَنِ القَارِيّ، وعبدالعزيز بنُ أَبِي حَازِمٍ، وأسامة بن زيد
الليثي.
أما حديث أبي غسان:
فرواه البخاري في «صحيحه» (8/120) (6583).
والبيهقي في «البعث والنشور» (143) من طريق أَبي النَّضْرِ مُحَمَّد
بن مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الفَقِيهُ، عن عُثْمَان بن سَعِيدٍ الدَّارِمِيّ.
كلاهما (البخاري، والدارمي) عن سَعِيد بن أَبِي مَرْيَمَ، عن مُحَمَّد بن مُطَرِّفٍ.
وأما حديث يعقوب:
فرواه البخاري في «صحيحه» (9/46) (7050) عن يَحْيَى بن بُكَيْرٍ.
وأحمد في «مسنده» (37/478) (22822)، ومسلم في «صحيحه» (4/1793) (2290) عن قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ.
كلاهما (يحيى، وقتيبة) عن يَعْقُوب بن عَبْدِالرَّحْمَنِ القَارِيّ.
وأما حديث عبدالعزيز:
فرواه ابن أبي عاصم في «السنة» (2/359) (774) عن يَعْقُوب بن حُمَيْدٍ، عن ابن أَبِي حَازِمٍ.
وأما حديث أسامة:
فرواه مسلم في «صحيحه» (4/1793) (2290) عن هَارُون بن سَعِيدٍ الْأَيْلِيّ.
والروياني في «مسنده» (2/212) (1053) عن أحمد بن عبدالرحمن.
كلاهما
(هارون، وأحمد) عن ابن وَهْبٍ، عن أُسَامَة.
أربعتهم (أبو غسان، ويعقوب، وعبدالعزيز، وأسامة) عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ
سَهْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعَنِ النُّعْمَانِ بنِ
أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار.
·
الحديث التاسع:
روى
الضياء المقدسي في «كما في منتقى مسموعاته» (567) من طريق عبدالرحمن بن أبي حاتم، عن
جعفر بن أحمد بن عَوْسَجة، عن الحسن بن موسى الأشيب، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار، عن أبيه، عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما: «أن نفراً من أهل
جيشان بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلقوا من عنده فبعثوا أحدهم فقالوا:
ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنا بأرض باردة وإن المزر شراب لنا ولا
يصلح لنا غيره ونحن أصحاب عمل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسكر هو؟ قال: نعم، قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: كل مسكر حرام، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم بالذي قال فكرّ بمثل ذلك إلى
النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاءه قال النبي صلى الله عليه وسلم: أمسكر هو؟
قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرام، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم بالذي
قال، قال: فلا أدري أفي الثالثة أم في الرابعة انطلقوا إلى النبي صلى الله عليه
وسلم، فقالوا: يا رسول الله، إنا بأرض باردة ونحن أصحاب عمل، والمِزْر شراب لنا
ولا يصلح لنا غيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسكر هو، قالوا: نعم،
قال: إن حقاً على الله حقاً أن من شرب مسكر أن يسقيه من طينة الخبال يوم القيامة،
قالوا: وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار وعرق أهل النار».
قلت:
تابعه عليه: عَبْدُالمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ، لكن جعله من مسند ابن عمر!
رواه
قاضي المارستان في «مشيخته» (2/926) (359) من طريق الحسين بن إسماعيل المحاملي أبي
عبدالله القاضي، عن خلاد بن أسلم، عن النضر بن شُميل، عن عَبْدالْمَلِكِ بن
قُدَامَةَ، قال: سمعت عبدالله بن دينار يقول: سمعت عبدالله بن عمر يقول: «إن نفرا
قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا، فسألوا رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن أشياء من أمورهم. فخرجوا حتى إذا كانوا بعقبة منى ذكروا شرابا لهم فقالوا:
نسينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراب لنا ببلادنا لا يصلح لنا
غيره. قالوا: فرجع رجل منهم فانتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن
أصحابي نسوا يسألونك عن شراب لهم ببلادهم لا يصلح لهم غيره، وإن أرضنا أرض باردة
وإن أرضنا أرض محمة، وإنا قوم نحرث فلا نقوى على أعملانا إلا به. فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: أيسكر؟، قال: نعم، قال: كل مسكر حرام. قال: فاكتفى الرجل بما
قال، قال: فرجع فأخبرهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا لا نراك
أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يدخل علينا من الرفق. قال: فرجعوا بأجمعهم
حتى انتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا نسينا أن
نسألك عن شراب لنا ببلادنا لا يصلح لنا غيره وإن أرضنا أرض باردة وإن أرضنا محمة. قال:
ما هو؟، قالوا: المزر، قال: أيسكر؟، قالوا: نعم، قال: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ،
إِنَّ عَلَى اللَّهِ حَتْمًا أَنْ لَا يَشْرَبها أحدٌ فِي الدُّنْيَا إِلا سَقَاهُ
اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ، وهَلْ تَدْري مَا طِينَةُ
الْخَبَالِ؟ قَالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ».
ورواه
البغوي في «شرح السنة» (11/356) (3014) من طريق إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيمَ
الْحَنْظَلِيّ، عن صَالِح بن قُدَامَةَ، قال: حَدَّثَنِي أَخِي عَبْدُالْمَلِكِ
بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ،
إِنَّ حَتْمًا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَشْرَبَهُ عَبْدٌ فِي الدُّنْيَا إِلا
سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ، هَلْ تَدْرُونَ مَا
طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ».
·
وهم عبدالملك بن قدامة! وترجيح
ابن معين رواية عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار:
ورواه
ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (2/370) (3443) عن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن
إِسْمَاعِيل بْن عَبْداللَّهِ بن أَبِي فَرْوَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي
عَبْدالْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ، عن عَبْدالله بن دينار، عن عَبْدالله بن عمر،
قَالَ: قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ خشَيْن عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَهُوَ بمَكَّة فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوا وسألوا عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ
أَمْرِهِمْ ثُمَّ... وصلوا مَكَّة، قَالُوا: لَقَدْ نَسِينَا أَنْ نَسْأَلَ
رَسُولَ اللَّهِ عَنْ شرابٍ لَنَا لا يَصْلُحُ بِبَلَدِنَا غَيْرُهُ فَذَكَرَ
حَدِيثًا طَوِيلا، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كلُّ مسكرٍ حَرَامٌ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُهَا: إنَّ عَلَى
اللَّهِ حَقًّا لا يَشْرَبُهَا عَبْدٌ فِي الدُّنْيَا إِلا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ
طِيْنَةِ الْخَبَال يَوْمَ الْقِيَامَةِ" قَالُوا: وَمَا طِيْنَةِ الْخَبَال؟
قَالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ».
قال
ابن أبي خيثمة: وكَانَ الفَرْوِي حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيْث - حَدِيثُ وَفْدِ
خُشْيَنٍ - عَنْ عَبْدالرَّحْمَن بن عَبْدالله بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ
ابنِ عُمَر، فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا كتابَه فنظرتُ فِيهِ فَإِذَا فِي أَصْلِ
كِتَابِهِ: عَبْداللَّهِ بنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر، فَكَتَبْنَاهُ عَلَى مَا
كَانَ فِي حَدِيثِهِ وَحَدَّثَنَا به.
قال
ابن أبي خيثمة: حدثنا يَحْيَى بنُ مَعِيْن: "إِنَّمَا هُوَ: عن
عَبْدالرَّحْمَن بن عَبْداللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن جابر بن
عَبْدالله: أَنَّ نَفَرًا مِن جَيْشَان قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
قلت:
الظاهر أن الفروي كان يحدّث به عن عبدالملك، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر،
ويُحدّث به عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر!
والفروي
فيه ضعف، وكان يضطرب في حديثه!
وعبدالملك
بن قدامة ليس بالقوي!
قال
يحيى ابن مَعِين: "صالح".
وقَال
البُخارِيُّ: "تعرف وتنكر".
وَقَال
أبو عُبَيد: سألت أبا داود عنه؟ فقال: "كان عبدالرحمن يثني عليه، وفي حديثه
نكارة".
وقَال
أبو حاتم: "ضعيف الحديث، ليس بالقوي، يحدث بالمناكير عن الثقات".
وقَال
الدَّارَقُطنِيّ: "يترك".
قلت:
وهم عبدالملك في جعل الحديث من مسند ابن عمر، والصواب أنه عن جابر بن عبدالله.
وقد
تابع عبدالملك عبدالرحمن بن عبدالله في روايته إلا أنه وهم في ذكر الصحابي.
·
طريق أخرى عن جابر:
ويُروى
من طريق آخر عن جابر:
رواه
أحمد في «مسنده» (23/162) (14880)، ومسلم في «صحيحه» (3/1587) (2002)، والنسائي في
«السنن الكبرى» (5/116) (5199) كلهم عن قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ.
وأبو
عوانة في «مستخرجه» (5/103) (7954) عن يُونُس بن عَبْدِالْأَعْلَى،
وَالصَّغَانِيّ، عن نُعَيْم بن حَمَّادٍ.
والطبراني في «المعجم الأوسط» (8/217) (8446) عن مُوسَى بن خَازِمٍ، عن مُحَمَّد بن بُكَيْرٍ
الحَضْرَمِيّ.
وابن
حبان في «صحيحه» (12/183) (5360) عن مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، عن
أَحْمَد بن الحَسَنِ التِّرْمِذِيّ، عن يَعْقُوب بن مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيّ.
أربعتهم
(قتيبة، ونُعيم، ومحمد بن بكير، ويعقوب) عن عَبْدالعَزِيزِ بن محمد
الدَّرَاوَرْدِيَّ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ
جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ، وَجَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ،
فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ
بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ، يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ مُسْكِرٌ هُوَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ
طِينَةِ الْخَبَالِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟
قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ» أَوْ «عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ».
ورواية
أبي عوانة، واالطبراني، وابن حبان مختصرة.
ورواه
أبو عوانة في «مستخرجه» (5/102) (7953) مطولاً عن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيلَ بْنِ
سَالِمٍ الصَّائِغ، قَالَ: حدثَنَا مُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ، أَوِ ابْنُ سَلَمَةَ،
قَالَ: حدثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ،
عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَدِمَ
نَفَرٌ مِنْ جَيْشَانَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
سَمِعْنَا بِذِكْرِكَ، فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَأْتِيَكَ، فَنَسْمَعَ مِنْكَ،
فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا»،
قَالَ: فَأَسْلَمُوا، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنَا وَانْهَنَا،
فَإِنَّا نَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ نَهَانَا عَنْ أَشْيَاءَ كُنَّا
نَأْتِيَهَا، وَأَمَرَنَا بِأَشْيَاءَ لَمْ نَكُنْ نَقْرَبُهَا، قَالَ:
فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَهَاهُمْ، ثُمَّ
خَرَجُوا، حَتَّى جَاءُوا رِحَالِهِمْ، وَقَدْ خَلَّفُوا فِيهَا رَجُلًا،
فَقَالَوا: اذْهَبْ، فَضَعْ مِنْ إِسْلَامِكَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَ الَّذِي وَضَعْنَا، وَسَلْهُ عَنْ شَرَابِنَا،
فَإِنَّا نَسِينَا أَنْ نَسْأَلَهُ، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَهُمُ الْأَمْرِ عِنْدَنَا،
فَجَاءَ ذَلِكَ الْفَتَى، فَأَسْلَمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ
النَّفْرَ الَّذِينَ جَاءُوكَ، وَأَسْلَمُوا عَلَى يَدَيْكَ قَدْ أَمَرُونِي أَنْ
أَسْأَلَكَ عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ، بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ، يُقَالُ
لَهُ: الْمِزْرُ، وَأَرْضُهُمْ أَرْضٌ بَارِدَةٌ، وَهُمْ يَعْمَلُونَ
لِأَنْفُسِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَنْ يَمْتَهِنُ الْأَعْمَالَ دُونَهُمْ، وَإِذَا
شَرِبُوهُ قَوَوا بِهِ عَلَى الْعَمَلِ، قَالَ: «أَوَمُسْكِرٌ هُوَ؟»، قَالَ:
اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ
مُسْكِرٍ حَرَامٌ»، قَالَ: فَأَفْزَعَهُمْ ذَلِكَ، فَخَرَجُوا بِأَجْمَعِهِمْ،
حَتَّى جَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَوا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ بَارِدَةٌ، وَإِنَّا نَعْمَلُ
لِأَنْفُسِنَا، وَلَيْسَ لَنَا مِنْ يُمْتَهَنُ دُونَ أَنْفُسِنَا، وَإِنَّمَا
شَرَابٌ نَشْرَبُهُ بِأَرْضِنَا مِنَ الذُّرَةِ، يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ، وَإِذَا
شَرِبْنَاهُ، فَأُعِنَّا عَلَى الْبَرْدِ، وَقَوِينَا عَلَى الْعَمَلِ، فَقَالَ:
«أَمُسْكِرٌ هُوَ؟»، قَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ
مُسْكِرًا، أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟، قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ»، أَوْ
«عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ».
قال الطبراني: "لمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عُمَارَةَ
إِلَّا الدَّرَاوَرْدِيُّ"
قلت: الدراوردي من علماء المدينة، وهو من أهل الصدق، إلا أنه كان يضطرب
في حديثه ويُخطئ.
قال أحمد بن حنبل: "إذا حدث من حفظه يهم، ليس هو بشىء، وإذا
حدث من كتابه فنعم".
وقال أحمد أيضاً: "إذا حدث من حفظه جاء ببواطيل".
وقال ابن المديني: "ثقة ثبت".
وقال أبو حاتم: "لا يحتج به".
وقال أبو زرعة: "سيء الحفظ".
قلت: تفرده لا يقبل! وأخشى أن يكون أخطأ في إسناد هذا الحديث، والله أعلم!
·
الحديث العاشر:
روى مُحَمَّدِ
بنِ بِشْر، عن
عبدالرحمن بن عبدالله بنِ دِينار، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن عمر، عن النبيِّ صلى
الله عليه وسلم: «فِي لَيْلَةِ القَدر: تَحَرَّوْها فِي السَّبْع الأَواخر».
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (2/115)
(252): سمعتُ أَبِي وَرَأَى فِي كِتابي: "عَنْ هَارُونَ بنِ إِسْحَاقَ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ بِشْر، عن عبدالرحمن بنِ أَبِي الزِّناد، عَنْ أَبِيهِ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أربعَ أحاديثَ:
أحدُها:
فِي لَيْلَةِ القَدر: تَحَرَّوْها فِي السَّبْع الأَواخر.
وأنَّ
الناسَ كانوا في صَلاة الصُّبْحِ ووجوهُهُم إِلَى الشَّام، فأتاهُم آتٍ: أنَّ
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نُزِّلَ عليه قرآنًا، وأُمِرَ أن يَسْتقبِلَ
الكعبةَ؛ فاسْتَدارُوا فِي صَلاتِهم، وتوجَّهوا قِبَلَ الكعبة.
وأنَّ
النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بالقُرآن إِلَى أرضِ العدوِّ.
وأنَّ
النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ أَكْلِ الضَّبِّ؟ فَقَالَ: مَا أَنَا
بِآكِلِهِ، وَلاَ مُحَرِّمِهِ.
فسمعتُ
أَبِي يَقُولُ: هَذِهِ الأحاديثُ وَهَمٌ؛ إنما هو: عن عبدالرحمن بن عبدالله بْنِ
دِينار، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن عمر، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم" انتهى.
·
كيف وقع الوهم! وكيف عرفه أبو
حاتم.
قلت:
هذه الأحاديث الأربعة كتبها عبدالرحمن بن أبي حاتم عن هارون بن إسحاق الهمداني أبي
القاسم، وكان صدوقاً، وقد وهم فيها، وهي "عن عبدالرحمن عن أبيه"، فأخطأ
وظن أنها: "عن عبدالرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه"! وإنما هي: "عن
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، عن أبيه".
وكأن
أبا حاتم - رحمه الله - نظر إلى شهرة الراوي عن ابن عمر وهو "عبدالله بن
دينار" لا "عبدالله بن ذكوان"، ومعرفته بأن أبا الزناد لم يسمع من
ابن عمر.
فقد
قال ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: "أَبُو الزِّنَادِ لَمْ يَرَ
ابْنَ عُمَرَ، بَيْنَهُمَا عُبَيْدُ بن حنين"، وقَالَ مَرَّةً: "لَمْ
يَدْرِكْ ابنَ عُمَرَ".
وكذا
نظر إلى شهرة هذه الأحاديث عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر.
والخطأ
يقع في هؤلاء؛ لأن الآباء والأبناء من الطبقة نفسها، ومن البلد نفسه، فكلهم من أهل
المدينة، وأبو الزناد عبدالله بن ذكوان توفي (130هـ)، وعبدالله بن دينار توفي
(127هـ)، وعبدالرحمن بن أبي الزناد توفي (174هـ)، وعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار
توفي ما بين سنة (160 - 170هـ).
لكن
معرفة من سمع من ابن عمر منهما يُبيّن الخطأ الواقع في ذلك.
وقد
تُوبع عبدالرحمن عليها.
فحديث
تحري ليلة القدر تابعه عليه: مالك بن أنس.
رواه
مالك في «موطئه» (1/320) (11) عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَحَرَّوْا
لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ».
ورواه
مسلم في «صحيحه» (2/823) (1165) عن يَحْيَى بن يَحْيَى، عن مَالِكٍ، به.
·
الحديث الحادي عشر:
وأما حديث استقبال الكعبة فتابعه عليه: مالك بن أنس، وعَبْدُالعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ،
وحفص بن مَيسرة.
أما
حديث مالك:
فهو
في «موطئه» (1/195) (6) عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ
إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ
يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبَلُوهَا»، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ
فَاسْتَدَارُوا إِلَى الكَعْبَةِ.
ورواه
البخاري في «صحيحه» (1/89) (403) عن عَبْداللَّهِ بن يُوسُفَ، و(6/22) (4491) عن يَحْيَى
بن قَزَعَةَ، و(6/23) (4494) قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ، و(9/87) (7251) عن إِسْمَاعِيل،
كلهم عن مَالِك، به.
ورواه
مسلم في «صحيحه» (1/375) (526) عن قتيبة بن سعيد، عن مالك، به.
وأما
حديث عبدالعزيز القسملي:
فرواه
مسلم في «صحيحه» (1/375) (526) عن شَيْبَان بن فَرُّوخَ، عن عَبْدالعَزِيزِ بن
مُسْلِمٍ، عن عَبْداللهِ بن دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به.
وأما
حديث حفص:
رواه
مسلم في «صحيحه» (1/375) (526) عن سُوَيْد بن سَعِيدٍ، عن حَفْص بن مَيْسَرَةَ،
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ
فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ إِذْ جَاءَهُمْ رَجُلٌ، بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.
·
الحديث الثاني عشر:
وأما حديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو فتابعه عليه: سليمان بن بلال المدني، وعبدالعزيز
بن مسلم القسملي البصري، وعبدالله بن جعفر السعدي والد عليّ بن المديني.
أما حديث سليمان بن بلال:
فرواه أحمد في «مسنده» (10/274) (6124) عن عُبَيْد بن أَبِي قُرَّةَ، عن
سُلَيْمَان بن بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به.
وأما
حديث عبدالعزيز بن مسلم:
فرواه
ابن أبي داود في كتاب «المصاحف» (ص: 417) عن عَمّه محمد بن الأشعث، عن حَجَّاج بن
منهال، والقَعْنَبِيّ، كلاهما عن عَبْدالعَزِيزِ بن مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر، به.
وأما
حديث عبدالله بن جعفر:
فذكره
الدارقطني في «العلل» كما سيأتي إن شاء الله.
·
الاختلاف على سليمان بن بلال!
وقد
اختلف على سليمان بن بلال فيه!
فرواه
عُبَيْد بن أَبِي قُرَّةَ، عن سُلَيْمَان بن بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ
دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
ورواه
أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي أُويْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
أخرجه
ابن حبان في «صحيحه» (11/16) (4716) عن عُمَر بن مُحَمَّدٍ الهَمْدَانِيّ، عن مُحَمَّد
بن إسماعيل البخاري، عن إِسْمَاعِيل بن أَبِي أُوَيْسٍ.
وابن
أبي داود في كتاب «المصاحف» (ص: 417) عن عَبْداللَّهِ بن شَبِيبٍ، عن أَيُّوب بن
سُلَيْمَانَ.
كلاهما
(إسماعيل، وأيوب) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي أُويْسٍ، به.
فزاد
فيه أبو بكر بن أبي أويس: "عن نافع"! والمحفوظ من حديث سليمان بن بلال
بدونها!
وقد
رُوي من طريق آخر عن عبدالله بن دينار، عن نافع، عن ابن عمر!
رواه
ابن أبي داود في كتاب «المصاحف» (ص: 417) عن مُحَمَّد بن يَحْيَى، عن مَعْمَر بن
حَمَّادٍ، عن صَالِح بن قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِيْنَارٍ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به.
·
بيان الدارقطني للاختلاف في
أسانيد الحديث:
وسُئِلَ
الدارقطني في «العلل» (12/381) (2809) عَنْ حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن
يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، مخافة أن يناله العدو»؟
فَقَالَ:
"يَرْوِيهِ عَبْدُاللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَاخْتُلِفَ عنه:
فرواه
صالح بن قدامة، وسليمان بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قاله
أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال.
وخالفه
عبيد بن أبي قرة، فرواه عن سُلَيْمَان بن بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ
دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر.
وكذلك
رواه عبدالعزيز بن مسلم القسملي، وعبدالله بن جعفر السعدي، عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر".
قلت:
الظاهر أن الدارقطني يرجّح رواية عبيد بن أبي قرة ومن تابعه، ويُضعف رواية أبي بكر
بن أبي أويس.
وكأن
من زاد: "عن نافع" في إسناد الحديث تبع الجادة؛ لأن الحديث مشهور عن
نافع، عن ابن عمر، والله أعلم.
·
أبو بكر ابن أبي أُويس، وصالح بن
قدامة!
وأبو
بكر ابن أبي أويس، وصالح بن قدامة لا تُقبل زيادتهما في هذا الحديث! وكلاهما فيه
كلام.
أما
أبو بكر ابن أبي أويس:
فصدوق،
وثقه بعض أهل العلم، وليّنه آخرون.
قال
النسائي: "ضعيف".
وقال
الحاكم عن الدارقطني: "حجة".
ولما
ذكره ابن حبان في «الثقات» قال: "يتفرد".
وأما
صالح بن قدامة:
فصدوق،
صالح الحديث، وليس هو في مرتبة الثقات الذين يُقبل تفردهم بشيء، ولهذا ليّنه
بعضهم.
قال
ابن المديني: "صَالح بن قدامة: لا بَأْس به".
وقال
النسائي: "ليس به بأس".
وقال
ابن حبان: "من جِلة أهل المدينة ومتقنيهم".
وقال
الأزدي: "فيه لين".
فتعقبه
ابن حجر، وقال: "وقول الأزدي لا عبرة به إذا انفرد".
قلت:
بل له اعتبار سيما وصالح هذا حديثه قليل، وله بعض التفردات عن غيره، وليس هو في
مرتبة الثقات الذين يُقبل ما ينفردون به.
·
الحديث الثالث عشر:
وأما حديث السؤال عَنْ أَكْلِ الضَّبِّ؟ فتابعه
عليه: مالك، وإسماعيل بن جعفر، وسفيان الثوري، وشعبة، وعَبْدُالعَزِيزِ بن
مُسْلِمٍ، وعَبْدالعَزِيزِ بن عبدالله بن أَبِي سَلَمَةَ الماجشون، ووَرْقاء بن
عمر اليشكري.
أما حديث مالك:
فهو
في «موطئه» (2/968) (11) عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا نَادَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَرَى فِي الضَّبِّ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَسْتُ بِآكِلِهِ، وَلَا
بِمُحَرِّمِهِ».
ورواه
الترمذي في «جامعه» (3/304) (1790)، والنسائي في «السنن الكبرى» (4/477) (4808) عن
قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ.
وأبو
عوانة في «مستخرجه» (5/35) (7688) عن يُونُس بن عَبْدِالْأَعْلَى، عن ابن وَهْبٍ.
كلاهما
عن مَالِك بن أَنَسٍ، به.
وأما
حديث إسماعيل بن جعفر:
فهو
في «جزء حديثه برواية علي بن حُجر» (7).
ورواه
مسلم في «صحيحه» (3/1541) (1943) عن يَحْيَى بن يَحْيَى، وَيَحْيَى بن أَيُّوبَ،
وَقُتَيْبَة، وابن حُجْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيل بن جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ
دِينَارٍ، به.
ورواه
ابن حبان في «صحيحه» (12/72) (5265) عن مُحَمَّد بن عَبْدِالرَّحْمَنِ السَّامِيّ،
عن يَحْيَى بن أَيُّوبَ المَقَابِرِيّ، عن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَرٍ، به.
وأما
حديث الثوري:
فرواه
الشافعي في «مسنده» (3/235) (1511).
وأحمد
في «مسنده» (9/211) (5280) عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن مَهدي.
والدارمي
في «مسنده» (2/656) (2036) عن مُحَمَّد بن يُوسُفَ الفريابي.
وأبو
عوانة في «مستخرجه» (5/36) (7689) عن أَبي أُمَيَّةَ، عن يَعْلَى الطنافسي،
وقَبِيصَة بن عقبة.
والطحاوي
في «شرح معاني الآثار» (4/200) (6354) عن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوقٍ، عن أَبي
حُذَيْفَةَ النهدي موسى بن مسعود.
ستتهم
(الشافعي، وابن مهدي، والفريابي، والطنافسي، وقبيصة، وأبو حذيفة) عَنْ سُفْيَانَ،
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، به.
وأما
حديث شعبة:
فرواه
أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/400) (1989).
والطحاوي
في «شرح معاني الآثار» (4/200) (6355) عن عَلِيّ بن شَيْبَةَ، عن يَزِيد بن
هَارُونَ.
كلاهما
(الطيالسي، ويزيد) عن شُعْبَة، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ دِينَارٍ، به.
وأما
حديث عبدالعزيز القسملي:
فرواه
أحمد في «مسنده» (9/321) (5440) عن عَفَّان.
والبخاري
في «صحيحه» (7/97) (5536) عن مُوسَى بن إِسْمَاعِيلَ.
عن
عَبْدالعَزِيزِ بن مُسْلِمٍ، عن عَبْداللَّهِ بن دِينَارٍ، به.
وأما
حديث عَبْدالعَزِيزِ بن أَبِي سَلَمَةَ الماجشون:
فرواه
ابن الجعد في «مسنده» (ص: 424) (2900) عن صالح بن مالك الخوارزمي.
وأبو
عوانة في «مستخرجه» (5/36) (7690) عن مُحَمَّد بن عَوْفِ الحِمْصِيّ، عن مُوسَى بن
دَاوُدَ الضبيّ.
كلاهما
(صالح، وموسى) عن عَبْدالعَزِيزِ بن عبدالله بن أَبِي سَلَمَةَ الماجشون، عَنْ
عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
وأما
حديث ورقاء:
فرواه
الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (4/200) (6353) عن نَصْر بن مَرْزُوقٍ، عن أَسَد بن
موسى، عن وَرْقَاء، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، عَنْ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ.
·
الحديث الرابع عشر:
روى
ابن عدي في «الكامل» (5/486) في ترجمة «عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار»، قال: حَدَّثَنَا
مُوسَى بنُ عَبداللَّهِ المُقْرِيُّ، قال: حَدَّثَنا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، قال:
أَخْبَرَنِي عَبدالرَّحْمَنِ بنُ عَبداللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عنِ
ابْنِ عُمَر: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
بَيْعِ الولاء، وعن هبته».
قال:
حَدَّثَنَا أبو عَرُوبة، قال: حَدَّثَنا عَبدالرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرو، قال: حَدَّثَنا
زُهَيْر بن معاوية، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْريّ، عَنْ عَبداللَّهِ بْنِ دِينَارٍ،
عنِ ابْنِ عُمَر، مثله.
قال
زهير: وحدثني ابْنُ عَبداللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عن أبيه مثل ذلك.
قال
ابن عدي: "وهذا حديث مشهور عن عَبدالله بن دينار، رواه عنه الأئمة، وقد حدث
به عَبدالرحمن بن عَبدالله، وَهو كما ذكرناه".
قلت:
نعم، هذا حديث مشهور عن عَبدالله بن دينار رواه عنه الأئمة: مالك بن أنس، وعبيدالله
بن عمر العمري، والضحاك بن عثمان القرشي، وَشعْبَة، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وابن
عُيَيْنَة، وسليمان بن بلال، وإسماعيل بن جعفر، وغيرهم.
أما
حديث مالك:
ففي
«موطئه» (2/782) (20) عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ
عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ بَيْعِ
الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ».
ورواه
الشافعي في «مسنده» (3/17) (1086).
والنسائي
في «السنن الكبرى» (6/78) (6209) عن قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ.
وأبو
عوانة في «مستخرجه» (3/237) (4799) عن يُونُس بن عَبْدِالْأَعْلَىِ، عن ابن وَهْبٍ.
ثلاثتهم
(الشافعي، وقتيبة، وابن وهب) عن مَالِك، به.
وأما
حديث عُبيدالله بن عمر:
فرواه
مسلم في «صحيحه» (2/1145) (1506) عن محمد بن المُثَنَّى الزمن، عن عَبْدالْوَهَّابِ
الثقفي.
والنسائي
في «السنن الكبرى» (6/78) (6208) عن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُودٍ، عن خَالِد بن
الحارث الطحان.
وفيه:
(6/134) (6383) عن عَلِيّ بن سَعِيدِ بنِ مَسْرُوقٍ الكُوفِيّ، عَنْ
عَبْدِالرَّحْيمِ بنِ سُلَيْمَانَ.
وأبو
عوانة في «مستخرجه» (3/238) (4806) عن أَبي جَعْفَرِ بن الجُنَيْدِ الدَّقَّاق، عن
أَبي بَدْرٍ شجاع بن الوليد.
كلهم
(عبدالوهاب، والطحان، وعبدالرحيم، وأبو بدر) عَنْ عُبَيْدِاللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ
عَبْدِاللهِ بْنِ دِينَار، به.
وأما
حديث الضحاك بن عثمان:
فرواه
مسلم في «صحيحه» (2/1145) (1506) عن ابن رَافِعٍ، عن محمد بن إسماعيل ابن أَبِي
فُدَيْكٍ، عن الضَّحَّاك بن عُثْمَانَ، عن عبدالله بن دينار، به.
وأما
حديث شعبة:
فرواه
أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/404) (1997).
وأحمد
في «مسنده» (9/357) (5496) عن مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ.
وفيه:
(10/98) (5850) عن عَفَّان الصفّار.
والبخاري
في «صحيحه» (3/147) (2535) عن أَبي الوَلِيدِ الطيالسي.
ومسلم
في «صحيحه» (2/1145) (1506) عن محمد بن المُثَنَّى، عن مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ.
والترمذي
في «جامعه» (2/528) (1236) عن مُحَمَّد بن بَشَّارٍ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن
مَهْدِيٍّ.
وأبو
داود في «سننه» (4/544) (2919) عن حفص بن عمرَ الحوضي.
والنسائي
في «السنن الكبرى» (6/78) (6210) عن عَلِيّ بن حُجْرٍ، عن إِسْمَاعِيل بن
إِبْرَاهِيمَ ابن عُليّة.
وفيه:
(6/134) (6381) عن مُحَمَّد بن عَبْدِالمَلَكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ القُرَشِيّ
البَصْرِيّ، عن يَزِيد بن زُرَيْعٍ.
وابن
ماجه في «سننه» (4/46) (2747) عن عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ، عن وَكِيع.
وأبو
عوانة في «مستخرجه» (3/237) (4805) عن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوقٍ، عن وَهْب بن
جَرِيرٍ. وعن أَبي قِلَابَةَ، عن بِشْر بن عُمَرَ الزهراني.
كلهم
(أبو داود الطيالسي، ومحمد بن جعفر، وعفّان، وأبو الوليد الطيالسي، وابن مهدي،
والحوضي، وابن عُلية، ويزيد بن زُريع، ووكيع، ووهب بن جرير، وبشر بن عمر) عن شُعْبَة
بن الحجاج، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ دِينَارٍ، به.
وأما
حديث سفيان الثوري:
فرواه
عبدالرزاق الصنعاني في «مصنفه» (9/3) (16138).
ومسلم
في «صحيحه» (2/1145) (1506) عن محمد بن عبدالله بن نُمَيْرٍ، عن أَبِيه.
والترمذي
في «جامعه» (2/528) (1236) عن مُحَمَّد بن بَشَّارٍ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن
مَهْدِيٍّ.
والنسائي
في «السنن الكبرى» (6/134) (6383) عن عَلِيّ بن سَعِيدِ بنِ مَسْرُوقٍ الكُوفِيّ،
عَنْ عَبْدِالرَّحْيمِ بنِ سُلَيْمَانَ.
وابن
ماجه في «سننه» (4/46) (2747) عن عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ، عن وَكِيع.
كلهم
(عَبْدُالرَّزَّاقِ، وعبدالله بن نُمير، وابن مهدي، وعبدالرحيم، ووكيع) عَن سُفْيَان
الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، به.
وأما
حديث سفيان بن عُيَيْنَةَ:
فرواه
الحُميدي في «مسنده» (1/525) (653).
وابن
أبي شيبة في «مصنفه» (4/308) (20464)، و(6/299) (31608).
وأحمد
في «مسنده» (8/165) (4560).
والشافعي
في «مسنده» (3/17) (1086).
وسعيد
بن منصور في «سننه» (1/116).
والبخاري
في «صحيحه» (8/155) (6756) عن أَبي نُعَيْم الفضل بن دُكين.
ومسلم
في «صحيحه» (2/1145) (1506) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، وزُهَيْر بن حَرْبٍ.
كلهم
(الحميدي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والشافعي، وسعيد بن منصور، وأبو نُعيم، وزهير بن
حرب) عن سُفْيَان بن عُيينة، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، به.
وأما
حديث سُلَيْمَان بن بِلَالٍ:
فرواه
مسلم في «صحيحه» (2/1145) (1506) عن يَحْيَى بن يَحْيَى التَّمِيمِيّ، عن
سُلَيْمَان بن بِلَالٍ، عن عبدالله بن دينار، به.
وأما
حديث إسماعيل بن جعفر:
فهو
في «جزء حديثه برواية علي بن حُجر» (2).
ورواه
مسلم في «صحيحه» (2/1145) (1506) عن يَحْيَى
بن أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَة، وابن حُجْرٍ.
والنسائي
في «السنن الكبرى» (6/134) (6382) عن عَلِيّ بن حُجْرِ بنِ إِيَاسٍ الْمَرْوَزِيّ.
والخليلي
في «الإرشاد في معرفة علماء الحديث» (2/703) عن عَلِيّ بن أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ
المُقْرِئ، عن مُحَمَّد بن يُونُسَ بنِ هَارُونَ، عن إِسْمَاعِيل بن تَوْبَةِ
الثَّقَفِيّ.
كلهم
(يحيى بن أيوب، وقتيبة، وعلي بن حجر، وإسماعيل بن توبة) عن إِسْمَاعِيل بن
جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، به.
·
أحاديث
مكذوبة أو غير محفوظة عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار!!
وهناك
أحاديث رُويت عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، وهي مكذوبة عليه، أو ليست بمحفوظة
عنه، ومما وقفت عليه منها:
·
الحديث الأول:
روى
ابن عدي في «الكامل» (1/436) في ترجمة «إبراهيم بن أحمد بن عَبدالكريم الحراني
الضرير» - وهو ابن أبي حميد -، قال: حَدَّثَنَا يَحْيى بنُ عَبدالرَّحْمَنِ بْنِ
نَاجِيَةَ، قال: حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنا
أَبُو بَكْرَةَ عَبدالعَظِيمِ بْنُ حَبِيبٍ، قال: حَدَّثَنا عَبدالرَّحْمَنِ
بنُ عَبداللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عنِ ابنِ عُمَر قَالَ: «لَمْ
يَكُنْ يُسْمَع مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهو
يَمْشِي خَلْفَ الْجِنَازَةِ إلاَّ قَوْلَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، مُبْدِيًا
وَرَاجِعًا».
ورواه
أيضاً في ترجمة «عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار» (5/487)!!.
وقال:
"وهذا لا أعرفه إلاَّ من هذا الوجه".
قلت:
كان الأولى بابن عدي ذكره فقط في ترجمة «ابن أبي حميد»؛ لأنه مكذوب على عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار، وكان نقل في ترجمته عن أبي عَرُوبة قال: "إبراهيم بن
أبي حميد كان يضع الحديث".
ثم
قال: "وحدث إبراهيم هذا بنسخ لسالم الأفطس وغيره عن شيوخ لا بأس بهم من أهل
حران بأحاديث مناكير الأسانيد والمتون، لاَ يتابع عليها".
وقال:
"وعامة ما يروي إبراهيم بن أبي حميد هذا من
النسخ وغيره، لاَ يُتَابَعُ عَليه أحد".
·
الحديث
الثاني:
روى
ابن عدي في «الكامل» (3/178) في ترجمة «الحسن بن شبيب المكتب»، قال: حَدَّثَنَا
عَبداللَّهِ بنُ مُحَمد بنِ يَاسِينَ، قال: حَدَّثَنا الحسن بن شبيب، قال: حَدَّثَنا
مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ الفَزَارِيُّ، قَال: حَدَّثَنا عَبدالرَّحْمَنِ بنُ
عَبداللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عنِ ابْنِ عُمَر قَال: «كُنا عِنْدَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَيَلِيَنَّ بَعْضَ
مَدَائِنِ الشَّامِ رَجُلٌ عَزِيزٌ مَنِيعٌ هو مني وَأَنَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ
رَجُلٌ: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: فَقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَضِيبٍ كَانَ بِيَدِهِ فِي قَفَا مُعَاوِيَةَ هُوَ هَذَا».
قال
ابن عدي: "وهَذَا الحَدِيثُ منكر بِهَذَا الإِسْنَادِ".
وقال
في الحسن بن شبيب: "حدّث عن الثقات بالبواطيل، وأوصل أحاديث هي مرسلة".
·
طريق آخر:
وروى
ابن عدي أيضاً بعده، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الصُّوفيّ، قال: حَدَّثَنا
مُحَمد بْنُ قدامة الجَوْهَرِيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبداللَّهِ بْنُ بَحر المؤدب،
عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبدالرَّحْمَنِ بْنُ عَبداللَّهِ بْنِ
دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عنِ ابْنِ عُمَر، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الآنَ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
الْجَنَّةِ، فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ».
قال
ابن عدي: "وهَذَا أَيضًا مُنْكَرٌ! وَلَكِنَّ الأَوَّلَ أَنْكَرُ مِنْ هَذَا،
وَذَاكَ أَنَّ الأَوَّلَ رَوَاهُ عَنْ مَرْوَانَ الفَزَارِيِّ عَنْ
عَبدالرَّحْمَنِ بْنِ عَبداللَّهِ، وَمَرْوَانُ ثقة، وهذا رَوَاهُ عنِ ابْنِ
عَيَّاشٍ عَنْ عَبدالرَّحْمَنِ بْنُ عَبداللَّهِ، وَابْنُ عَيَّاشٍ في غير حديث
الشاميين يخلط، ولاَ سيما إذا رَوَاهُ، عنِ ابْنِ عَيَّاشٍ مَجْهُولٌ،
وَعَبداللَّهِ بن بحرٍ المؤدب: مجهولٌ".
·
خطأ! وتحريف!!
وهذا
الحديث رواه ابن عساكر في «تاريخه» (59/99) من طريق ابن عدي، وقال: "رواه
محمد بن قدامة الجوهري عن ابن بحر فسماه عبدالله".
وكان
ابن عساكر ساق هذا الحديث من طريق «عبدالعزيز بن بحر» وسيأتي حديثه!
وقد
تحرّف «بن بحر» إلى «بن يحيى»! فترجم له الأئمة بحسب هذا التحريف!!!
قال
الذهبي في «المغني» (1/362): "عبدالله بن يحيى المُؤَدب عَن إسماعيل بن
عَيَّاش بِخَبَر كذب فِي فضل مُعَاوِيَة! لا يُعرف".
وقال
في «الميزان» (2/524): "عبدالله بن يحيى المؤدب عن إسماعيل بن عياش بخبر باطل
في فضل معاوية! لا يُدرى من ذا".
وقال
ابن حجر في «لسان الميزان» (3/56): "فالمؤدب مجهول، فكأنه سرقه؛ فإنه ليس
بصحيح".
قلت:
هو «عبدالعزيز بن بحر»، أخطأ من سماه: «عبدالله» وتحرف «بحر» إلى «يحيى»!
·
طَرِيقٌ ثَالِثٌ:
روى
الآجري في كتاب «الشريعة» (5/2443) (1924) قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُاللَّهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاجِيَةَ، قال: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ
إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، والحَسَنُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَزِيدَ، قالا:
حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بنُ بَحْرٍ القُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ
دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ
رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ، ثُمَّ قَالَ مِنَ الْغَدِ
مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ مِنَ الْغَدِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ.
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ هَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ هُوَ ذَا».
ورواه
أبو نُعيم في «الحلية» (10/393) من طريق أَحْمَد الدَّيْنَوَرِيّ، عن عَبْدالعَزِيزِ
بن بحر، به.
ورواه
ابن الجوزي في «العلل المتناهية في الأحاديث الواهية» (1/277) (449) من طريق
العَبَّاس بن مُحَمَّدٍ الدُّورِيّ، وعَبْداللَّهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ،
كلاهما عن عَبْدالعَزِيزِ بن بَحْرٍ المَرْوَزِيّ، به، بنحوه.
ورواه
ابن عساكر في «تاريخه» (59/98) من طريق محمد بن عبيد الهاشمي، عن عبدالعزيز بن بحر،
به، نحوه.
قال
ابن عساكر: "قال الخطيب: عبدالعزيز بن بحر ضعيف، ومن دونه مجهولون".
قلت:
ترجم له الخطيب في «تاريخه» (12/211): "عبدالعزيز بن بحر أبو محمد المروروذي،
سكن بغداد"، ولم يذكر فيه شيئاً.
وتبعه
الذهبي في «تاريخه» (5/872) فترجم له: "عَبْدالعزيز بْن بحر الْمَرْوَزِيّ
المؤدِّب [231 - 240 هـ]، نزيل بغداد... لم يُضعف".
لكنه
قال في «المغني في الضعفاء» (2/396): "عبدالعَزِيز بن بَحر الْمروزِي عَن
إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش بِخَبَر كذب! ينظر من ذَا".
وقال
في «الميزان» (2/623): "عبدالعزيز بن بحر المروزي عن إسماعيل بن عياش بخبر
باطل، وقد طعن فيه عباس الدوري".
وقال
ابن عَدِي في ترجمة «عطاف بن خالد»: "عبدالعزيز بن بحر ليس بمعروف".
قلت:
فالحديث حديث عبدالعزيز بن بحر المروزي المؤدب وهو مجهول!! وحديثه موضوع!!
·
طريقُ رابع:
قال
ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (59/100): "وقد رواه غير ابن بحر عن ابن عياش".
ثم
ساقه من طريق أبي القاسم عمران بن موسى بن فضالة الشعيري الموصلي، عن عيسى بن عبدالله
بن سليمان العسقلانيّ، عن أبيه، عن إسماعيل بن عياش، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار،
عن أبيه، عن عبدالله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
قلت:
هذا حديث منكر!
قال ابن عدي في «الكامل» (6/454):
"عِيسَى بنُ عَبداللَّهِ بنِ سليمان القرشي العسقلاني: ضعيف يسرق الحديث".
·
طريق
خامس:
وقال
ابن عساكر: "وقد روي عن غير إسماعيل عن ابن دينار".
ثم
ساقه من طريق أبي جعفر أحمد بن أبي طالب علي بن محمد بن أحمد بن الجهم الكاتب، [عن
أبيه]، عن أبي عمرو محمد بن مروان بن عمر السعيدي، عن الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ
يَزِيدَ العَطَّارِ، عن نُوح بن يَزِيدَ المُعَلِّم، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار، عن أبيه، عن ابن عمر، بنحوه.
قلت:
أَحْمَد بْن أَبِي طالب الكاتب ذكره الخطيب في «تاريخه» وقال: "وَكَانَ
ثِقَةً"، وقال: "ويقال: كَانَ فِي بعض كتبه بعض سماعاته محككا. وروى بعض
ما نقل عَنْهُ من نسخ طرية".
والسعيدي
هذا من ولد سعيد بن العاص، وهو مجهول!!
ويروي
أحمد بن طالب عن أبيه عن أبي عمرو السعيدي أحاديث غالبها في أحوال معاوية بن أبي
سفيان! وذكرها ابن عساكر في «تاريخه»، ومنها (59/96) ما رواه بهذا الإسناد من طريق
أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن الجهم، عن أبيه، عن محمد بن مروان بن عمر، عن محمد
بن سليمان القطان السلمي، عن عبدالرحمن بن يونس السراج الرقي، عن درست بن زياد، عن
عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر قال: «ناول النبي صلى الله
عليه وسلم معاوية سهما، وقال: خذ هذا تلقني به في الجنة».
وغالب
هذه الأحاديث التي يرويها محمد بن مروان بن عمر السعيدي منكرة!!
·
الحديث الثالث:
روى
محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (1/262) (256) عن مُحَمَّد بن يَحْيَى.
وأبو
الشيخ الأصبهاني في كتاب «العظمة» (3/1014) (534) عن الوَلِيد بن أَبَانَ، عن عَلِيّ
بن الحَسَنِ الهِسِنْجَانِيّ.
والحاكم
في «المستدرك» (3/93) (4502) عن أَبي الحُسَيْنِ عَبْدالصَّمَدِ بن عَلِيِّ بنِ
مُكْرَمٍ البَزَّار، عن جَعْفَر بن أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيّ.
ثلاثتهم
عن إِسْحَاق بن مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ الفَرَوِيّ، عن عَبْدالمَلِكِ بن
قُدَامَةَ الجُمَحِيّ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ
عُمَرَ بنَ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ جَاءَ وَالصَّلَاةُ قَائِمَةٌ،
وَنَفَرٌ ثَلَاثَةٌ جَالِسُونَ، أَحَدُهُمْ أَبُو جَحْشٍ اللَّيْثِيُّ، فَقَالَ:
قُومُوا فَصَلُّوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ
اثْنَانِ، وَأَبَى أَبُو جَحْشٍ أَنْ يَقُومَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ: صَلِّ يَا أَبَا جَحْشٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالَ: لَا أَقُومُ حَتَّى يَأْتِيَ رَجُلٌ هُوَ أَقْوَى مِنِّي ذِرَاعَيْنِ،
أَوْ أَشَدُّ مِنِّي بَطْشًا فَيَصْرَعَنِي، ثُمَّ يَدُسُّ وَجْهِي فِي
التُّرَابِ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَكُنْتُ
أَشَدَّ مِنْهُ ذِرَاعَيْنِ وَأَقْوَى مِنْهُ بَطْشًا، فَصَرَعْتُهُ ثُمَّ
دَسَسْتُ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ، فَأَتَى عَلَيَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَحَجَزَنِي عَنْهُ، فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُغْضَبًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«مَاذَا بِكَ يَا أَبَا حَفْصٍ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَيْتُ عَلَى
نَفَرٍ جُلُوسٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ.، فَقَصَّ الْقِصَّةَ إِلَى قَوْلِهِ:
فَأَتَى عَلَيَّ عُثْمَانُ فَحَجَزَنِي عَنْهُ، مَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّهُ ضَافَهُ
لَيْلَةً فَأَحَبَّ أَنْ يَشْكُرَهَا لَهُ، فَسَمِعَ ذَلِكَ عُثْمَانُ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ لَنَا عُمَرُ عِنْدَكَ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رِضَى عُمَرَ رَحْمَةٌ،
وَاللَّهِ عَلَى ذَاكَ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ كُنْتَ جِئْتَنِي بِرَأْسِ الْخَبِيثِ»
فَقَامَ عُمَرُ فَوَجَّهَ، فَلَمَّا أَبْعَدَ شَيْئًا نَادَاهُ فَقَالَ: اجْلِسْ
حَتَّى أُخْبِرَكَ بِغِنَى الرَّبِّ عَنْ صَلَاةِ أَبِي جَحْشٍ، إِنَّ لِلَّهِ فِي
السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَلَائِكَةً خُشُوعًا لَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ حَتَّى
تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ رَفَعُوا رُءُوسِهُمْ ثُمَّ
قَالُوا: رَبَّنَا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَإِنَّ لِلَّهِ فِي
السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ مَلَائِكَةً سُجُودًا لَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ حَتَّى
تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ ثُمَّ
قَالُوا: رَبَّنَا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَإِنَّ لِلَّهِ فِي
السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ مَلَائِكَةً رُكُوعًا لَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ حَتَّى
تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَقَالُوا:
سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ " فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَمَا
يَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَمَّا أَهْلُ سَمَاءِ الدُّنْيَا
فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، وَأَمَّا أَهْلُ
السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ وَالْجَبَرُوتِ،
وَأَمَّا أَهْلِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ الْحَيِّ
الَّذِي لَا يَمُوتُ، فَقُلْهَا يَا عُمَرُ فِي صَلَاتِكَ " فَقَالَ عُمَرُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ الَّذِي عَلَّمْتَنِي وَأَمَرْتَنِي أَنْ أَقُولَهُ
فِي صَلَاتِي، قَالَ: «قُلْ هَذِهِ مَرَّةً، وَهَذِهِ مَرَّةً» وَكَانَ الَّذِي
أَمَرَهُ بِهِ أَنْ قَالَ: قُلْ أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقَابِكَ، وَأَعُوذُ
بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ جَلَّ وَجْهُكَ».
ووقع
في رواية المروزي: «عَبْداللَّهِ بن قُدَامَةَ».
قال
الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
فتعقّبه
الذهبي في «التلخيص»، وقال: "منكرٌ غريبٌ".
قلت:
نعم، هو منكر باطل! تفرد به إسحاق الفروي. وكان صدوقا، لكنه ذهب بصره فربما لُقّن
الحديث، وكانت كتبه صحيحة.
وتقدّم
الكلام في عبدالملك بن قدامه وأنه ليس بالقوي، ويروي المناكير!!
وبعد:
فقد
يَطرح بعضهم سؤاله قائلا: "كيف يُخرّج البخاري في «صحيحه» لعبدالرحمن وهذه
حاله؟! أيعقل أن البخاري لا يعرف ذلك؟"
فأقول
مستعيناً بالله: من أراد الوصول للحقّ من طلبة العلم ويريد أن يتعلم فهذا من يمكنك
أن تناقشه وتتحاور معه، وأما الجاهل أو الحاسد فلن يستمع لك ولو سمع ما فهم حجتك
ولو فهمها لأعرض عنها وحطّ منها دفعا بالصدر وبطرا للحق، وسيملأ الواحد منهم فاه:
من أنت أمام الإمام البخاري؟ هل أنت أعلم من البخاري؟ وغير ذلك من الإسفاف الذي لا
علاقة له بالعلم!! فهؤلاء لا يُؤبه بهم ولا يُناقشون!
وأما
من يريد الوصول للحق، فنقول له: لا شك أن الإمام البخاري لا يجهل حال عبدالرحمن
هذا، وهو ثقة عنده، وضعيف عند غيره، وقد قال الدارقطني بأن البخاري خالف فيه
الناس، واحتج به.
وكأن
البخاري فعل ذلك لقرينة أنه يروي عن أبيه، والأب ربما يخص ابنه بأشياء لا يخصّ بها
غيره كما يقول البعض، وملازمته لأبيه في بيته تجعله يُتقن حديثه، فلا يُعتد بمن
خالفه!!
هذا
هو التفسير المنطقي لاحتجاج البخاري به!
فإن
كان كذلك فهذا لا يُسلَّم للإمام - رحمه الله -، فليس كل من لازم أباه أتقن حديثه،
فلا مقارنة بين عبدالرحمن وبين الإمام مالك الذي خالفه في بعض حديثه! فهذه مظنّة
عدم ضبطه لحديث والده، لأنه لا يمكن أن يكون الخلل في والده فهو إمام جليل القدر
وقد تابع في بعض ذلك مالكا جماعة عنه خلافا لرواية عبدالرحمن عن أبيه!
وأما
مسألة اختصاص الراوي ابنه ببعض الأحاديث فأخشى أن يكون هذا من الرأي الذي لا دليل
عليه! وهؤلاء الرواة الكبار كعبدالله بن دينار ينثرون ما سمعوه من علم للجميع ولا
يؤثرون به أحدا دون أحد! وهذه الأحاديث التي يتفرد بها عبدالرحمن عن أبيه لا تُعرف
أصلا عمن يرويها عبدالله بن دينار عنهم! وهذا مردود كذلك لثبوت ضعف حال عبدالرحمن،
فلو كان ثقة مطلقاً ربما قلنا بأن هذه الأحاديث التي تفرد بها عن والده قد سمعها
منه سواء أخصّه بها والده أم لا.
وكذلك
مما يعضد عدم قبول هذه التفردات أن عبدالرحمن حدّث بها في العراق لا في المدينة!
وهناك وقع له الوهم في حديثه، وهذه مظنة عدم ضبطه لحديثه، وأهل العراق عُرف عنهم
إفساد حديث عدد من الشيوخ وتلقينهم، فيُخشى من ذلك أيضاً، مما يجعلنا لا نقبل هذه
التفردات، والله أعلم.
·
الخلاصة
والنتائج:
بعد هذه الجولة في حديث عبدالرحمن بن
عبدالله بن دينار خلصت إلى نتائج كثيرة، من أهمها:
1- اختلف
أهل العلم في حال «عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار المدني»،
وأكثرهم
على تضعيفه، وحاصل كلامهم أنه يُكتب حديثه للاعتبار، ولا يحتج بما انفرد به،
وخالفهم البخاري فاحتج به في غير موضع!!
وهو
كما قال ابن عدي في ترجمته بعد أن ذكر له جملة من غرائبه ومنكراته: "وبعض ما
يرويه منكر مما لا يُتَابَعُ عَليه، وهو في جملة من يكتب حَدِيثُهُ مِنَ
الضُّعَفَاءِ".
2- لم يكن عبدالرحمن بن عبدالله مكثراً من الحديث، وغالب روايته عن
أبيه، وشيوخه كلهم مدنيون. وروى عنه العراقيون.
3- أعرض الإمام مسلم عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار، ولم يخرّج له
شيئًا!
4- أخرج له البخاري أربعة عشر حديثاً. وكان تفصيلها على النحو الآتي:
-
ثلاثة أحاديث خالف في أسانيدها: حديثان رفعهما عبدالرحمن وخالفه فيهما الإمام مالك
فوقفهما! وحديث رواه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وخالفه فيه وَرْقَاء اليشكري، فرواه عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيد
بن يَسار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وهو المحفوظ.
-
سبعة أحاديث تفرد بها: حديثان لم يتابع عليهما، وحديث تفرد به عن أبيه عن أبي
صالح، والمحفوظ من حديث أبي صالح عن سُميٍ مولى أبي بكر عن أبي صالح، وحديث تفرد
به عن أبيه عن ابن عمر، ويُروى من حديث ابن عمر من طريق آخر، وثلاثة آثار تفرد بها
عن أبيه عن ابن عمر، لم يتابع عليها!
-
ثلاثة أحاديث توبع عليها عن أبيه.
-
حديث توبع على قسم منه في المتن، لكنه تفرد بزيادة فيه لم يتابع عليها: «رِبَاطُ
يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا»!
-
حديث واحد علّقه له، وهو ضعيف.
5-
خرّج البخاري حديثاً عن ابن جُرَيْجٍ، عن مُوسَى بن عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عن أَبي
هُرَيْرَةَ! وهو طريق معلول! ولم يروه نافع عن أبي هريرة، وإنما هو من رواية أبي
صالح عن أبي هريرة.
6-
القول المنسوب لأبي طالب:
وَأَبْيَضَ
يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ.
لا
يصح عنه.
7-
القصة التي فيها رُّؤْيَا رُقَيْقَةَ بِنْتِ أَبِي صَيْفِيٍّ فِي اسْتِسْقَاءِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! لها عدة
طرق، وكلها واهية منكرة!
8-
أحياناً نرجّح حديث المتكلَّم فيه إذا ذكر في حديثه قصة تدلّ على ضبطه للحديث.
9-
حديث محمد بن عمرو بن علقمة مضطرب! وخاصة روايته عن أبي سلمة.
10-
حديث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعِسَ عَبْدُ
الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ،
وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ»، خرّجه البخاري مرفوعاً، والصواب أنه من قول أبي
هريرة.
11-
وجدت تسعة عشر حديثاً معلولة لعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار غير التي أخرجها
البخاري في «صحيحه»! تفرد بها وفي بعضها نكارة! أو وهم في أسانيدها!
12-
أصل حديث «ضِرْسُ الكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ» من قول أبي
هريرة، ولا يصح مرفوعاً.
13-
قصة سُرَّق وبيعه فِي الدَّين الَّذِي استهلكه قصة مشهورة عند المصريين، لكن
أسانيدها ضعيفة، ولا تصح!
14-
حديث «مَا قُطِعَ مِنَ البَهِيمَةِ، وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ
مَيْتَةٌ» مرسل، ولا يصح مرفوعاً.
15- لا يصح أيّ حديث في تحريم الذهب المحلّق على النساء! وكل الأحاديث
في هذا الباب ضعيفة!
16-
لفظة: «إِنَّ بِلَالًا لا يَدْرِي مَا اللَّيْلُ...»! منكرة!
17-
لفظة: «لا يَغُرَّنَّكُمْ نِدَاءُ بِلَالٍ، فَإِنَّ فِي بَصَرِهِ سُوءًا...»!
منكرة!
18-
حديث السائب بن خلاّد الأنصاري «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ
أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ وَالْإِهْلَالِ»، حديث
صحيح.
19-
حديث الكساء هذا حديث مشهور له طرق عن أم سلمة، وغيرها، ولا يصح منها شيء! وكل
طرقه واهية!
20-
روى عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار أحاديث توبع عليها، ووجدت له من ذلك أربعة عشر
حديثاً، منها سبعة أحاديث رواها البخاري لكن من غير طريق عبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار، وكان يلزمه تخريجها أو الإشارة إليها!
21-
وجدت ثلاثة أحاديث مكذوبة وليست محفوظة عن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار.
22-
ذكر أبو الوليد الباجي في كتابه «التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع
الصحيح» في ترجمة «عبدالرَّحْمَن بن عبدالله بن دِينَار مولى عبدالله بن عمر المدنِي»
عن عَليّ بن المَدِينِيّ: "مَا حدث عبدالرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد
بِالمَدِينَةِ فَهُوَ صَحِيح وَمَا حدث بِبَغْدَاد فأفسده الْعِرَاقِيُّونَ لقنوه
وَهُوَ ضَعِيف فِيهِ"، وهذا وهم فاحش من الباجي! فاشتبه عليه فنقله في ترجمة
"عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار"! وهذا قاله ابن المديني في عبدالرحمن
بن أبي الزناد! وهو واضح فيما نقله الباجي! ولا أدري كيف وضعه في ترجمة عبدالرحمن
بن عبدالله بن دينار!!
23-
لما دخل عبدالرحمن بن عبدالله العراق وحدّث بها أتي من سوء حفظه، فرفع الموقوفات!
ووهم في الأسانيد! وتفرد بأحاديث عن أبيه لم يروها عنه سواه!
24-
حديث أبي هريرة: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ
اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ
العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا
بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ»، لا يصح مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه
وسلم، والصواب أنه موقوف على أبي هريرة من قوله.
25-
حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ
زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ
زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ -
يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلاَ
هَذِهِ الآيَةَ: {ولا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ
مِنْ فَضْلِهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ»، لا يصح مرفوعاً، والصواب أنه موقوف على أبي
هريرة! والذي كان يتلو الآية هو الراوي عنه: أبو صالح السمّان.
26-
كان ابن جُريج يهم في حديث موسى بن عقبة؛ لأنه من أقرانه تقريباً فلم يضبط بعض
حديثه! وعادة: الأقران لا يعتنون كثيراً بما يسمعونه من بعضهم على قلته، فإذا حدث
بعضهم بما سمعه من قرينه وهم في بعضه!!
27-
"هارون أبو محمد" الذي يروي عنه الحسن بن حيّ هو نفسه "هارون بن
سعد العجلي" وهو أبو محمد، وقد أخطأ من فرق بينهما كالإمام أحمد، والإمام
البخاري، وغيرهما! وكأن السبب في هذا هو ما جاء في نسبة الحديث أنه «عن مقاتل بن
حيّان» وهو ثقة، فانّصب الكلام على من رواه عنه وهو «هارون أبو محمد» فاستبعدوا أن
يكون هذا هو «هارون بن سعد» فقالوا: هو آخر، وهو مجهول! والصواب أن الحديث لمقاتل
بن سليمان البلخي الكذاب وهو الذي وضعه، وليس لمقاتل بن حيّان.
28-
بشار معروف لا شأن له بالحديث!! ولم أرَ له بحثاً مُحكما في الحديث أو دراسة
تأصيلية! ومن تتبع كلامه في التعليق على ما يحققه من كتب الحديث يجد العجب
والتخليط! وأكثر اعتماده في تخريجاته على كتاب «المسند الجامع» الذي جمعه بعض طلبة
العلم ووضع نفسه بينهم! فإذا كان في هذا الكتب خلط أخذه كما هو!!
29-
شيبان بن عبدالرحمن النحوي المؤدب ثقة، لكن في تفرداته عن الأعمش نكارة! وقد أخرج
له البخاري ومسلم، وأكثرا في تخريج حديثه عن يحيى بن أبي كثير، ولم يخرّج له
البخاري عن الأعمش، وأخرج له مسلم عن الأعمش خمسة أحاديث كلها في المتابعات.
30-
جاء في بعض روايات حديث «ضرس الكافر»: «بِذِرَاعِ الجَبَّارِ»، وفي بعض النسخ: «بِذِرَاعِ
الجَبَّارِ عَزَّ وَجَلَّ»! ظن أن الجبار هو الله فكتب: "عز وجل"! وعليه
اختلف العلماء في فهم النص! فمنهم من أثبت أن الجبار هنا هو الله! وقال بعضهم: هو
جبار من الجبابرة المخلوقين! وقيل هو ملك باليمن يُقال له: "الجبار"!
وهي لفظة منكرة! والحديث أصله من قول أبي هريرة، ولا أستبعد أن يكون أخذه من
الإسرائيليات!
والذي
صحّ في ذلك في الصحيحين عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ
أَيَّامٍ للرَّاكِبِ المُسْرِعِ»، وهذا الحديث يدلّ على عِظَم جسد الكافر ليذوق
العذاب، ويؤيد بعض ما جاء فيما نُقل عن أبي هريرة.
31-
بعض الضعفاء كهشام بن سعد، وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم،
وعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار وغيرهم، كانوا يأخذون حديث زيد بن أسلم من بعضهم
فيروونه على الخطأ! وخاصة إذا اتفقوا على رواية حديث من طريق نادر! كرواية عطاء بن
يسار عن أبي واقد الليثي! فلا يحتج بما يتابعون بعضهم فيه! ويُحتمل أن الوهم عندهم
في حديث زيد بن أسلم هو بسبب ضعفهم جميعاً، فلا يضبطون الحديث، فيصلون المرسل، ويرفعون
الموقوف، ويقلبون الأسانيد! وأمثال هؤلاء يُعبّر عنهم العقيلي في كتابه في الضعفاء
في تراجمهم عندما يسوق لهم بعض الأحاديث المنكرة: "ولا يُتَابِعَهُ عَلَيْهِ
إِلَّا مَنْ هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ"، أو: "ولا يُتَابِعَهُ عَلَيْهِ
إِلَّا مَنْ هُوَ دُونَهُ أَوْ مِثْلَهُ"، أو: "ولا يُتَابِعَهُ إِلَّا
مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ"، أو: "ولا يُتَابِعُهُ
عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ هُوَ نَحْوُهُ".
31- أَسِيدُ بنُ أَبِي أَسِيدٍ البَرَّادُ: مستور الحال، ويُكتب حديثه
ويُعتبر به كما قال الدارقطني، أي يحتاج لمتابِع! وأحاديثه إفرادات كلها، وهي
قليلة، ولا يتابعه عليها أحد!! فلا يحتج بما انفرد به!
32-
لا صحبة لإِبْرَاهِيم بن خَلادِ بنِ سُوَيْدٍ الخَزْرَجِيّ، وذكر في إسناد خطأ!
فاعتمد عليه من ذكروه في الصحابة! فوهموا!
33-
المُطّلِب بن عبدالله بن حَنْطَبِ ليس مُدلساً، لكنه يرسل كثيراً عن أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
34-
طعن ابن تيمية فيما جمع ابن المغازلي في كتابه «مناقب عليّ» من روايات موضوعة
ومنكرة! مع تصريحه بأنه ليس من أهل الحديث العارفين به كأبي نُعيم وأمثاله! لكن
هذا لا يؤثر على ما يرويه إذ هو راوية فقط، وله مشاركة في الحديث والرجال، وهو أبو
الحسن علي بن محمد بن محمد بن الطيّب الْجُلَّابيّ، الواسطي، المعروف بابن
المغازلي، المؤرخ، (ت 483هـ)، وهو يروي عن أئمة من الأدباء والشعراء والكتّاب، وإن
كان ثمة علّة فيما يرويه فالعهدة ليست عليه، ويُبحث عنها في الإسناد الذي يسوقه.
35-
عباد بن يَعْقُوب الروَاجِنِي الكوفي من غلاة الرافضة، وكَانَ دَاعِيَة إِلَى
الرَّفْض، ويروي المَنَاكِير عَن أَقوام مشاهير في فضائل أهل البيت، وفي مثالب
غيرهم. وقد رَوَى عَنه البخاري في «صحيحه» حديثًا واحدًا مقرونًا بغيره.
36-
إِسْحَاق بن عَبْداللَّه بن أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ المدنِي ثقة حافظ، سكن
اليمامة، فسمع منه عكرمة بن عمار اليمامي هناك.
37-
يقع الخطأ أحياناً بالخلط بين بعض الرواة؛ لأن الآباء والأبناء من الطبقة نفسها،
ومن البلد نفسه. فأبو الزناد عبدالله بن ذكوان توفي (130هـ)، وعبدالله بن دينار
توفي (127هـ)، وعبدالرحمن بن أبي الزناد توفي (174هـ)، وعبدالرحمن بن عبدالله بن
دينار توفي ما بين سنة (160 - 170هـ)، وكلهم من أهل المدينة، لكن معرفة من سمع من
الشيخ منهما يُبيّن الخطأ الواقع في بعض الروايات.
فقد
روى هَارُون بنِ إِسْحَاق، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ بِشْر، عن عبدالرحمن بنِ أَبِي
الزِّناد، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
أربعَ أحاديثَ..
فقال
أبو حاتم: "هَذِهِ الأحاديثُ وَهَمٌ؛ إنما هو: عن عبدالرحمن بن عبدالله
بْنِ دِينار، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن عمر، عن النبيِّ صلى الله عليه
وسلم".
فأبو
حاتم نظر إلى شهرة الراوي عن ابن عمر وهو "عبدالله بن دينار" لا
"عبدالله بن ذكوان"، ومعرفته بأن أبا الزناد لم يسمع من ابن عمر. وكان
يقول: "أَبُو الزِّنَادِ لَمْ يَرَ ابنَ عُمَرَ، بَيْنَهُمَا عُبَيْدُ بن
حنين"، وقال أيضاً: "لَمْ يَدْرِكْ ابنَ عُمَرَ". وكذا نظر إلى
شهرة هذه الأحاديث عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر، فعرف الوهم فيها.
38-
البيهقي لا ينقل أحكام شيخه الحاكم في الأحاديث التي يرويها عنه من كتابه
«المستدرك»، وكأنه لا يعتد بها! ونادراً ما ينقل عنه بعض الأحكام لكن عبارته تكون
مختلفة عن عبارة الحاكم في كتابه! وهذا يعني أنه لا ينقلها من «المستدرك»، والظاهر
أنه سمعها منه لفظاً من غير كتابه، والله أعلم.
عدا
عن عشرات الفوائد والتحريرات وبيان الأوهام والأغلاط والعلل التي يصعب تلخيصها
هنا!
وآخر
دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
وكتب
أبو صهيب خالد الحايك
15
/ جمادى الأولى / 1440هـ.
أبو الوليد العراقي :
لله أنت شيخنا فتح الله عليك أقرأ وأنا أنظر لكلام ناقد بصير كأنه في قرن عصر الرواية والنقد سلمك الله
شاركنا تعليقك