قصة الأعرابيّ الذي بال في ناحية المسجد والدعاء لنفسه وللنبيّ صلى
الله عليه وسلم فقط!
قصة الأعرابي الذي بال في المسجد قصة صحيحة مشهورة، وجاء في بعض
طرق الحديث أن الأعرابي دعا لنفسه وللنبيّ صلى الله عليه وسلم فقط!
والحديث معروف عن الزهري، وقد رُوي عنه بكلا القصتين، ورُوي عنه كل
قصة وحدها!
ورواه الزهري عن ثلاثة من أصحاب أبي هريرة: سعيد بن المسيب،
وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة، وأبي سلمة بن عبدالرحمن.
أما رواية سعيد بن المسيب فأخرجها بكمالها أبو داود، والترمذي
وصححها وأخرجها النسائي مقتصراً على أول الحديث دون قصة البول.
وأما رواية عبيدالله بن عبدالله بن عتبة فأخرجها البخاري مفرقة في
موضعين فذكر قصة البول في الطهارة وفي الأدب أيضاً، وذكر أول الحديث في الأدب أيضاً.
وأما رواية أبي سلمة فأخرجها البخاري وأبو داود، والنسائي مقتصرين
على قِصَّةِ الدُّعَاءِ دون قصة البول، وأخرجها ابن ماجه وذكر قصة البول أيضاً.
وأخرج الشيخان، والنسائي وابن ماجه قصة البول من حديث أنس، ورواه
ابن ماجه بتمامه من حديث واثلة بن الأسقع.
والمشهور أنّ الأعرابي دعا أولاً، ثم بال في ناحية المسجد! وهذه
الرواية تدلّ على أن القصة واحدة لهذا الأعرابي! ومن فرقهما كأنه مال إلى أنهما
قصتين!
وابتداء الأعرابي الدعاء لنفسه وللنبي صلى الله عليه وسلم وأن لا
يرحم أحداً غيرهما لا مناسبة له!! والمنطق أن يكون ذلك بعد حادثة البول.. أي أنه
لما بال ونهره الصحابة وعنفوه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كان هذا
الدعاء مناسباً لذلك لا العكس، وقد جاء ذلك في رواية مرسلة.
فهل القصة واحدة؟ أم هما قصتان؟ وهل الدعاء قبل بوله في ناحية
المسجد أم بعدها؟!!
·
قصة الدعاء:
روى محمد بن شِهَابٍ الزُّهْرِيّ عن أَبي سَلَمَةَ بن عَبْدِالرَّحْمَنِ،
عن أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي صَلاَةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ فِي
الصَّلاَةِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا.
فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِلْأَعْرَابِيِّ: «لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا» يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ. وفي
بعضها «لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا».
أخرجه البخاري في «صحيحه»، بَابُ رَحْمَةِ النَّاسِ وَالبَهَائِمِ
(6010) عن أَبي اليَمَانِ، عن شُعَيْب بن أَبِي حَمْزَةَ.
وأخرجه الطبرني في «مسند الشاميين» (3035) عن مُوسَى بن عِيسَى بنِ
المُنْذِرِ، عن أَبي اليَمَانِ، عن شُعَيْب.
وأخرجه أبو داود في «سننه» (882) عن أحمد بن صالح.
وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (864) عن يونس، وأخرجه
ابن منده في «التوحيد»
(192) عن أَحْمَد بن عَمْرٍو أَبي الطَّاهِرِ، عن يُونُس بن عَبْدِالْأَعْلَى، وأخرجه
ابن حبان في «صحيحه» (987) عن مُحَمَّد بن الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، عن حَرْمَلَة
بن يَحْيَى، ثلاثتهم (أحمد بن صالح ويونس وحرملة) عن عبدالله بن وَهْبٍ، عن يُونُس
بن يزيد الأَيليّ.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (7802) عن إِبْرَاهِيم بن خَالِدٍ، عن رَبَاح،
عَنْ مَعْمَرٍ.
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» السنن الكبرى للنسائي (559) عن كَثِير
بن عُبَيْدِ الحِمْصِيّ، عن مُحَمَّد بن حَرْبٍ، عَنِ مُحَمَّدِ بنِ الوَلِيدِ
الزُّبَيْدِيِّ.
كلهم (شعيب ويونس ومعمر والزبيدي) عَنِ الزهريِّ، به.
هكذا هي الرواية عن الزهري عن أبي سلمة بذكر قصة الدعاء فقط.
وُروي عن الزهري عن أبي سلمة بذكر قصة الدعاء والبول معاً!
أخرجه أبو بكر الشافعي في «الغيلانيات» (713) من طريق خَالِد بن
نِزَار الأُبلي، عن إِبْرَاهِيم بن طهمان، قال: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَبِي
حَفْصَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ
عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ
الْأَعْرَابِ، قَالَ: "اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ
مَعَنَا أَحَدًا"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا» قَالَ: ثُمَّ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: فَبَالَ فِي
نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَهَمَّ بِهِ أُنَاسٌ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «صُبُّوا عَلَيْهِ مَاءً فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ
مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ».
قلت: جمع القصتين في رواية الزهري عن أبي سلمة لا يصح!! والصواب
عنه فقط ذكر قصة الدعاء.
وقد وهم في هذه الرواية إما خالد بن نزار، وإما محمد بن أبي حفصة!
أما خالد بن نزار فيروي عن إبراهيم بن طهمان نسخة، وذكره ابن حبان
في «الثقات» (8/223 – 224) وقال: "يُغرب ويُخطىء".
وقال ابن حجر في «التقريب» (ص191): "صدوق يخطىء".
وأما محمد بن أبي حفصة فقال عنه ابن معين مرة: "ثقة"،
ومرة: "صالح"، أي يُعتبر حديثه.
ووثقه أبو داود.
وقال النَّسَائي: "ضعيف".
وذكره ابنُ حِبَّان في كتاب «الثقات» وقال: "يُخطىء".
فالمحفوظ عن أبي سلمة في هذا الحديث من حديث الزهري قصة الدعاء
فقط.
فهل حدّث به أبو سلمة عن أبي هريرة؟!
ورُوي عن أبي سلمة بالقصتين معاً من غير طريق الزهري!
رواه ابن ماجه في «سننه» (529) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ
أَبِي شَيْبَةَ قالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ
عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ
الْمَسْجِدَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِمُحَمَّدٍ وَلَا تَغْفِرْ لِأَحَدٍ مَعَنَا، فَضَحِكَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «لَقَدْ احْتَظَرْتَ
وَاسِعًا» ثُمَّ وَلَّى، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَشَجَ
يَبُولُ، فَقَالَ: الْأَعْرَابِيُّ بَعْدَ أَنْ فَقِهَ، فَقَامَ إِلَيَّ بِأَبِي
وَأُمِّي، فَلَمْ يُؤَنِّبْ، وَلَمْ يَسُبَّ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا المَسْجِدَ
لَا يُبَالُ فِيهِ، وَإِنَّمَا بُنِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَلِلصَّلَاةِ، ثُمَّ
أَمَرَ بِسَجْلٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُفْرِغَ عَلَى بَوْلِهِ».
ورواه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (74) عن أَحْمَد بن يَحْيَى
السُّوسِيّ، عن يَزِيد بن هَارُونَ، عن مُحَمَّد بن عَمْرٍو، به.
ومحمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي كان في المدينة يسمع
الحديث، ولم يكن بالحافظ، وكان إذا قيل له: من حدثك؟ قال: "حدثنا الأشياخ
فلان وفلان..."، يعني أنه يحيل عليهم دائماً سواءاً أكان ذلك صحيحاً أم لا!!
ولهذا لما قال ابن معين: "لم يزل الناس يتقون حديث مُحَمَّد بن عَمْرو"،
قيل له: وما علة ذلك؟ قال: "كان مُحَمَّد بن عَمْرو يحدِّث مرة عن أبي سلمة
بالشيء من رأيه، ثم يحدِّث به مرة أخرى عن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ"، يعني لا يدري ما يحدِّث به، ولهذا فضّل الإمام أحمد العلاء بن
عبدالرحمن عليه؛ لأن العلاء كان إذا سئل عمن، قال: فلان، وهو يدري ما يقول بخلاف
محمد بن عمرو، فإنه كان إذا سئل: عمن، قال: أشياخنا فلان وفلان = يحيل عليهم وهو
لا يدري قالوه أم لا!
وقال عَلِيُّ بنُ المَدِينِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى – يعني:
القطّان-، عن مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، كَيْفَ هُو؟ قال: «تُرِيدُ
الْعَفْوَ أَوْ تُشَدِّدُ؟ قُلْتُ: بل أشدد، قال: فليْسَ هُوَ مِمَّنْ تُرِيدُ،
كان يَقُولُ: أشياخنا أَبُو سَلَمَةَ وَيَحْيَى بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ
حَاطِبٍ».
قالَ يحيى: وسألت مالك بن أنس عنه؟ فقال نحواً ممَّا قلت لك؛ يعني:
أنه سأل مالكاً عن مُحَمَّد بن عمرو.
فنظراً للاختلاف الذي ذكره الزهري في هذا الحديث، وروايته له عن
أبي سلمة، فلا أصحح رواية محمد بن عمرو بها! إذ محمد بن عمرو روى القصتين عن أبي
سلمة، ولا يحفظ هذا عن أبي سلمة – إن ثبت تحديثه بها!!
وتفرد محمد بن عمرو عن أبي سلمة لا يُقبل؛ لأنه كان يُخطىء في
حديثه عنه، والله أعلم.
·
قصة بول الأعرابي في ناحية المسجد:
روى الزُّهْرِيِّ، عن عُبَيْداللَّهِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ
عُتْبَة بنِ مَسْعُودٍ، عن أَبي هُرَيْرَةَ، قالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ
فَبَالَ فِي المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا
مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ،
وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ».
وفي رواية: «فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ»
أخرجه البخاري في «صحيحه» (220) و(6128) عن أَبي اليمان الحكم بن
نافع، عن شعيب بن أبي حمزة، به.
وأخرجه البزار في «مسنده» (14/355) (8053) عن عُمَر بن الخطاب.
والطبراني في «مسند الشاميين» (4/210) (3119) عن أَبي زُرْعَةَ. والبيهقي في «السنن
الكبرى» (2/601) (4239) من طريق إِبْرَاهِيم بن الحُسَيْنِ، ثلاثتهم عن أَبي اليَمَانِ
الحَكَم بن نَافِعٍ، عن شعيب.
وأخرجه البخاري في «صحيحه» (6128) عن اللَّيْث، تعليقاً. وابن
خزيمة في «صحيحه» (1/150) (297) عن عُتْبَة بن عَبْدِاللَّهِ اليَحْمَدِيّ، عن ابن
المُبَارَكِ. وابن حبان في «صحيحه» (4/245) (1400) من طريق حَرْمَلَة بن يَحْيَى، عن
ابن وَهْبٍ.
ثلاثتهم (الليث وابن المبارك وابن وهب) عن يُونُس.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (13/209) (7799) عن إِبْرَاهِيم بن
خَالِدٍ، عن رَبَاح، عَنْ مَعْمَرٍ.
وأخرجه النسائي في «سننه الكبرى» (1/92) (54). والطبراني في «مسند
الشاميين» (3/34) (1755) عن إِبْرَاهِيم بن دُحَيْمٍ الدِّمَشْقِيّ. وابن حبان في «صحيحه»
(4/244) (1399) عن عَبْداللَّهِ بن مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ، ثلاثتهم عن عَبْدالرَّحْمَنِ
بن إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٍ، عن عُمَر بن عَبْدِالوَاحِدِ الدمشقي، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ.
وأخرجه الدارقطني في «العلل» (7/293) من طريق أبي موسى محمد بن
المثنى، عن وهب بن جرير، عن أَبِيه، عن النُّعْمَان بن راشد.
خمستهم (شعيب ويونس ومَعمر والزبيدي والنعمان) عَنِ ابنِ شِهَابٍ
الزهريّ، به.
فلا اختلاف في أن قصة بول الأعرابي وحدها رُويت عن الزُّهْرِيِّ،
عن عُبَيْداللَّهِ بن عَبْدِاللَّهِ بنِ عُتْبَة بنِ مَسْعُودٍ، عن أَبي
هُرَيْرَةَ.
والأربعة (شعيب ويونس ومعمر والزبيدي) رووا عَنِ الزهريِّ قصة
الدعاء فقط، لكن عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة كما سبق.
ورواية النعمان بن راشد أخرجها البزار أيضاً في «مسنده» (14/354) (8051)
عن النعمان بن راشد وذكر فيها القصتين!!!
قال: حَدَّثنا مُحَمد بن مَعْمَر، قَال: حَدَّثنا وهب بن جرير، قال:
سَمِعْتُ أبي يحدث عن النعمان - يعني: ابن راشد-، عَن الزُّهْرِيّ عَنْ
عُبَيداللَّهِ بنِ عَبدالله، عَن أبي هُرَيرة: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم فقال: اللهم ارحمني ومحمدا، ولاَ ترحم
معنا أَحَدًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: لقد تحجرت
واسعا، ثُمَّ قام الأعرابي فبال فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: اهريقوا على بوله ذنوبا من ماء».
قال البزار: "رواه الزُّهْرِيّ، عَن سَعِيد، عَن أبي هُرَيرة،
ورواه ابن عُيَينة عنه، ورواه ابن أبي حفصة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَعِيد، وَأَبي
سَلَمة، عَن أبي هُرَيرة، ولاَ نعلمُ أحدًا قال عن عُبَيدالله، عَن أبي هُرَيرة
إلاَّ النعمان وشعيب".
قلت: المحفوظ في رواية الزهري عن عبيدالله قصة البول فقط! كما سبق
بيانه.
وأما قول البزار إنه لم يروه عن عبيدالله عن أبي هريرة إلا النعمان
وشعيب! فلا يصح!! فقد رواه ثلاثة غيرهم بهذا الإسناد، وهم: يونس ومَعمر والزبيدي،
وسبق تخريج رواياتهم.
·
قصة الدعاء وبول الأعرابي معاً:
روى الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قال: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ المَسْجِدَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ
ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا». قَالَ: فَمَا
لَبِثَ أَنْ بَالَ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فَكَأَنَّهُمْ عَجِلُوا عَلَيْهِ،
فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَمَرَ بِذَنُوبٍ
مِنْ مَاءٍ، أَوْ سَجْلٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُهَرِيقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِّمُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا».
وفي رواية: «إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا
مُعَسِّرِينَ».
أخرجه الشافعي في «مسنده» (ص20)، والحميدي في «مسنده» (2/178)
(967)، وأحمد في «مسنده» (12/197) (7255) كلهم عن سُفيان بن عُيَيْنَةَ، عَنِ
الزهري، به.
وأخرجه الترمذي في «جامعه» (1/215) (147) عن ابن أَبِي عُمَرَ،
وسَعِيد بن عَبْدِالرَّحْمَنِ المَخْزُومِيّ.
وأخرجه أبو داود في «سننه» (1/282) (380) عن أحمد بن عمرو بن السرح
وأحمد بن عَبدةَ الضبيّ.
وأخرجه ابن الجارود في «المنتقى» (141) عن مَحْمُود بن آدَمَ.
وأخرجه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (10/278) (5876) عن عَمْرو
النَّاقِد.
وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (1/150) (298) عن عَبْدالجَبَّارِ بن العَلَاءِ،
والمَخْزُومِيّ.
كلهم عن سُفْيَان بن عُيينة.
وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (1/150) (298) عن الفَضْل بن
يَعْقُوبَ بنِ الجَزَرِيِّ، عن إِبْرَاهِيمُ بن صَدَقَة، عن سُفْيَان بن حُسَيْنٍ.
كلاهما (ابن عيينة وسفيان بن حسين) عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ
سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قال الترمذي: "وَفِي البَابِ عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسْعُودٍ،
وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَوَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ".
ثم قال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالعَمَلُ عَلَى
هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ".
ولما روى النسائي (559) حديث الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ
أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ: اللهُمُ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا
تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: «لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا، يُرِيدُ
رَحْمَةَ اللهِ».
قال: "خَالَفَهُ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ".
ثم ساق روايته عن عَبْداللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ
الزُّهْرِيِّ البَصْرِيِّ، عن سُفْيَان، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَعِيد، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
قلت: حديث سفيان بإسناد يختلف عن إسناد الزبيدي، وقد توبع الزبيدي
عليه كما مر في تخريج فصة الدعاء، تابعه: شعيب ويونس ومعمر.
وقد سُئل الدارقطني في «العلل» (1363) عَنْ حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ
سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ
المسجد فصلى، ثُمَّ قَالَ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا الْحَدِيثُ فِيهِ قِصَّةُ البول؟
فقال: "يرويه ابن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَتَابَعَهُ صَالِحُ بنُ أَبِي الْأَخْضَرِ مِنْ رِوَايَةِ
النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ عَنْهُ.
وَخَالَفَهُ عبدالغفار بن عبيد الكَرِيزِيُّ فَرَوَاهُ عَنْ
صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
وَاخْتُلِفَ على يُونُسَ بنِ يَزِيدَ:
فَرَوَاهُ ابنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة.
وخالفه ابن المُبَارَكِ فَرَوَاهُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَكَذَلِكَ قَالَ النُّعْمَانُ بنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ
الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا.
وَقِيلَ: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ
بنِ عَبْدِاللَّهِ، أَوْ أَبِي سَلَمَةَ مُرْسَلًا" انتهى.
ثم رواه من طريق محمد بن منصور الطوسي، عن عبدالغفار بن عبيدالله،
عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي
الصَّلَاةِ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا
تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا
يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ».
ثم رواه من طريق محمد بن يحيى والحسن بن أبي الربيع، كلاهما عن عبدالرزاق،
عن مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابنِ المُسَيِّبِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ
فِي المَسْجِدِ الحَديِثَ، مرسلاً.
ثم رواه من طريق أحمد بن منصور، عن عَبْدالرَّزَّاقِ، عن مَعْمَر،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ عُبَيْدِاللَّهِ أَوْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي المَسْجِدِ الحديث.
قلت: وفي المطبوع من «مصنف عبدالرزاق» (1/423) (1658) عَنْ
مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ
عُتْبَةَ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَامَ إِلَيْهِ الْقَوْمُ
فَانْتَهَرُوهُ، وَأَغْلَظُوا لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سِجِلًّا مِنْ مَاءٍ - أَوْ
دَلْوًا مِنْ مَاءٍ -، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلمْ تُبْعَثُوا
مُعَسِّرِينَ»، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَالْأعْرَابِيُّ خَلْفَهُ فَبَيْنَا هُمْ يُصَلُّونَ إِذْ قَالَ الْأعْرَابِيُّ:
اللَّهُمُ ارْحَمْنِي، وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا
انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «لَقَدْ
تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا».
وهذا الحديث وإن كان مرسلاً إلا أنه قدّم قصة البول على الدعاء،
وهو المنطق أن الدعاء كان بعذ أن نهره الصحابة لما بال في المسجد، فدعا لنفسه
وللنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أمر أصحابه بتركه حتى أنهى بوله، ولم يُعنّفه.
وهذه هي الرواية التي أميل إليها، ويُحتمل أنه سقط من أصل نسخة
عبدالرزاق ذكر "أبي هريرة"، أو أن الزهري لما حدث به عن عبيدالله حدث به
هكذا مرسلاً، وهذا تنويع كان يفعله الزهري كثيراً.
والظاهر أنّ قصة بول الأعرابي والدعاء قصة واحدة، والحديث يدور على
الإمام الزهري، لكنه رواه عن ثلاثة من أصحاب أبي هريرة: سعيد بن المسيب، وعبيدالله
بن عبدالله بن عتبة، وأبي سلمة بن عبدالرحمن.
فرواه عن سعيد بن المسيب بكلا القصتين، ورواه عن عبيدالله بقصة
البول فقط، ورواه عن أبي سلمة بقصة الدعاء فقط.
وتفرد الزهري عن ثلاثة من أصحاب أبي هريرة بهذا ليس بمستنكرٍ! فهو
واسع الرواية.
ولما روى قصة الإفك قال: "أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بنُ
الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ،
وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ نَحْوَ حَدِيثِ عَائِشَةَ
زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ
الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ، وَكُلٌّ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنَ
الحَدِيثِ، وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتُ اقْتِصَاصًا
فَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ الحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي بِهِ
وَبَعْضُهُمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، ذَكَرُوا أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ...".
وقصة بول الأعرابي في المسجد مشهورة من حديث أنس بن مالك.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (1/54) (221) من طريق عَبْداللَّهِ بن
المبارك، وسُلَيْمَان بن بلال.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (1/236) (284) من طريق يَحْيَى بن سَعِيدٍ
القَطَّان والدَّرَاوَرْدِيِّ.
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (1/92) (52) من طريق عَبِيدَة بن
حُميد.
وأخرجه الشافعي في «مسنده» (ص: 20)، والحميدي (2/307) (1230) عن سُفْيَان
بن عُيَيْنَةَ.
ستتهم عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ الأنصاري، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ
بنَ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ المَسْجِدِ،
فَزَجَرَهُ النَّاسُ، «فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ».
وأخرجه مسلم أيضاً من طريق ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، به.
وأخرجه أيضاً من طريق عِكْرِمَة بن عَمَّارٍ، عن إِسْحَاق بن أَبِي
طَلْحَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - وَهُوَ عَمُّ إِسْحَاقَ -، قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ
أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ مَهْ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ»
فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ
لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَأَمَرَ رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ
فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ.
ورواه مالك في «الموطأ» (1/64) (111) عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ
أَنَّهُ قَالَ: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ، فَكَشَفَ عَنْ فَرْجِهِ
لِيَبُولَ، فَصَاحَ النَّاسُ بِهِ، حَتَّى عَلَا الصَّوْتُ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتْرُكُوهُ» فَتَرَكُوهُ، فَبَالَ.
ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِذَنُوبٍ مِنْ
مَاءٍ، فَصُبَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ.
وهذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ فِي المُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ
الرُّوَاةِ.
·
حديث جُنْدَبِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ
سُفْيَانَ البَجَلِيِّ:
وللحديث شاهد رواه أحمد في «مسنده» (31/99) (18799) عن عَبْدالصَّمَدِ
بن عبدالوارث بن سعيد العنبري، عن أَبِيه، عن سعيد بن إياس الجُرَيْرِيّ، عَنِ
أَبِي عَبْدِاللهِ الجُشَمِيِّ، عن جُنْدُب قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ
فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ عَقَلَهَا، ثُمَّ صَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتَى رَاحِلَتَهُ، فَأَطْلَقَ عِقَالَهَا ثُمَّ رَكِبَهَا،
ثُمَّ نَادَى: اللهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تُشْرِكْ فِي رَحْمَتِنَا
أَحَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
أَتَقُولُونَ هَذَا أَضَلُّ أَمْ بَعِيرُهُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ؟"
"قَالُوا: بَلَى، قَالَ: "لَقَدْ حَظَرْتَ رَحْمَةُ اللهِ وَاسِعَةٌ، إِنَّ
اللهَ خَلَقَ مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ رَحْمَةً وَاحِدَةً يَتَعَاطَفُ
بِهَا الخَلَائِقُ، جِنُّهَا وَإِنْسُهَا وَبَهَائِمُهَا، وَعِنْدَهُ تِسْعٌ
وَتِسْعُونَ، أَتَقُولُونَ هُوَ أَضَلُّ أَمْ بَعِيرُهُ؟".
ورواه أبو داود في «سننه» (4885) عن عليّ بن نصرِ.
والروياني في «مسنده» (2/140) (957) من طريق مَحْمُود بن غَيْلَانَ.
والحاكم في «المستدرك» (1/124) (187) من طريق العَبَّاس بن
مُحَمَّدٍ الدُّورِيّ.
كلهم عن عَبْدالصَّمَدِ بن عَبْدِالوَارِثِ، به.
ووقع عند الحاكم في روايته: "عن أبي عبدالله الجَسري"!
ورواه الحاكم أيضاً في «المستدرك» (4/276) (7630) من طريق يَزِيد
بن هَارُونَ، عن سَعِيد بن إِيَاسٍ الجُرَيْرِيُّ، به، نحوه. وفي مطبوعه: "عن
أبي عبدالله الحيري"!
قال الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ ولَمْ
يُخَرِّجَاهُ".
ورواه العقيلي في «الضعفاء» (2/216) في ترجمة «صُغْدِيّ بن سِنَانٍ
أَبي مُعَاوِيَةَ العُقَيْلِيّ» من طريق مُحَمَّد بن مَرْزُوقٍ، جَارُ هُدْبَةَ،
عن صُغْدِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ الجُشَمِيِّ،
عَنْ جُنْدُبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ
أَعْرَابِيٌّ فَنَزَلَ عَنْ بَعِيرِهِ فَعَقَلَهُ، وذكر نحوه.
قال العقيلي: "إِسْنَادُهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ! وَمَتْنُهُ
مَعْرُوفٌ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى شَيْءٍ
مِنْ حَدِيثِهِ، وَأَمَّا المَتْنُ فَقَدْ رُوِيَ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ
بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ".
قال يَحْيَى بن معين: "صُغْدِيُّ بْنُ سِنَانٍ لَيْسَ
بِشَيْءٍ".
وقال شعيب الأرنؤوط ورفاقه في تعليقهم على مسند أحمد: "إسناده
ضعيف لاضطرابه، فقد اختلف فيه على الجريري وهو سعيد بن إياس، فرواه عنه هنا عبدالوارث
بن سعيد العنبري والد عبد الصمد، فقال: عن أبي عبدالله الجشمي، عن جندب،
وأبو عبد الله مجهول الحال، ورواه عنه - كما عند الحاكم 1/56-57، فقال: عن أبي
عبدالله الجسري، عن جندب. وأبو عبدالله الجسري: هو حميري بن بشير، وثقه ابن
معين، ورواه كذلك يزيد بن هارون عن الجريري- كما عند الحاكم 4/248، فقال: عن
أبي عبدالله الجسري عن جندب، غير أن يزيد سمع من الجريري بعد الاختلاط... وأورده
الهيثمي في "المجمع" 10/213-214، وقال: رواه أبو داود باختصار، ورواه
أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي عبد الله الجشمي، ولم. يضعفه أحد".
قلت: لا يُقال في مثل هذا أن الجريري اضطرب فيه؛ لأنه جاء في بعض
الروايات: "عن أبي عبدالله الجشمي"، وفي بعضها: "عن أبي عبدالله
الجسري"!!
فالظاهر أن ما جاء في بعضها إما أنه قد تحرّف في النسخ!
"الجشمي" تحرفت إلى "الجَسري" أو العكس! فلا ننسب الاضطراب
إلى الراوي بهذا!
نعم، لو ثبت أنه حكى كلا الاسمين لكان هذا من باب الاضطراب! لكن
الظاهر أنه تحريف من النسخ فقط.
أو أن "الجشمي" هو نفسه "الجسري"!!
على أنا سنحقق المسألة هنا إن شاء الله: فقد وجدت أن بعض أهل العلم
جعلوهما واحداً، وهناك من فرق بينهما!!!
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/121): "حميري بن بشير.
قَالَ الحَسَن بن بشر: حدثنا الحكم بن عَبْدالملك، عَنْ قتادة، عَنْ حميري بن بشير،
عَنْ مَعْقِلِ بن يَسَارٍ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
نحوه، ويُقال: هو الَّذِي روى عنهُ المثنى بن عوف وسمع معقلاً".
وقال في «الكنى» (9/48): "أَبُو عَبْداللَّه الجسري الحميري،
ويُقال: الخشني: سَمِعَ معقل بن يسار وجندب، روى عَنْهُ الجريري ومثنى بن عوف".
قلت: كأن البخاري يميل إلى كونهما واحداً! وقد جعل الجسري هو
الجشمي. وما جاء في المطبوع: "ويقال: الخشني" أظنه محرفاً في النسخ،
والصواب: "الجشمي".
وقال مسلم في «الكنى والأسماء» (1/472) (1809): "أبو عبدالله
حميري بن بشير الجسري عن معقل بن يسار، روى عنه المثنى بن عوف".
وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/316): "حميري بن
بشير أبو عبدالله، بصري، الجسري، روى عن معقل بن يسار، روى عنه: قتادة، وسلمة بن
دينار والد حماد بن سلمة، والمثنى بن عوف. سمعت أبي يقول ذلك".
قال أبو محمد ابن أبي حاتم: "روى عنه سعيد الجريري".
وقال في «العلل» (3/350): وسمعتُ أَبِي وَقِيلَ لَهُ: حديثٌ
يَرْوِيهِ الجُرَيريُّ، عَنْ أبي عبدالله؛ قَالَ: قلتُ لابنِ عُمَرَ: هَلْ
تَعْلَمُ عَمَلاً فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا الجهادَ؟ فقال: "كُلُّ عَمَلٍ
صَالِحٍ فَهُوَ فِي سَبيلِ اللهِ".
فقِيلَ لأَبِي: مَن هذا أبو عبدالله؟ وهل يُسمَّى؟
فقَالَ: "لا أعلَمُه، إِلا أَنَّهُ يُروى عن أبي عبدالله
الجَسْري، وَهُوَ: حِميَريُّ بنُ بَشِير، فَلا أَدْرِي هُوَ ذَا أَمْ لا؟".
وقال أبو عبدالله ابن منده في «فتح الباب في الكنى والألقاب» (ص:
470): "أَبُو عبد الله: الْجُشَمِي. سمع: معقل بن يسَار. روى عَنهُ: المثنى
بن عَوْف. قالَ بَعضهم: الحسري".
كذا في المطبوع: "الحسري" بالحاء المهملة، والصواب
بالجيم المعجمة.
وذكره الدولابي في «الكنى والأسماء» (2/827) فقال: "أَبُو
عَبْدِاللَّهِ عَبَّاسٌ الجُشَمِيُّ"، ثم ساق له هذا الحديث مختصراً.
قال: أخبرني أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ – وهو النسائي-، قَالَ:
أَنْبَأَ عَبْدُالوَارِثِ بنُ عَبْدِالصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الجُرَيْرِيُّ، عَنْ [عَبَّاسٍ] أَبِي عَبْدِاللَّهِ
الجُشَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُنْدَبٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ مِائَةَ رَحْمَةٍ،
فَأَنْزَلَ رَحْمَةً يَتَعَاطَفُ بِهَا الخَلَائِقُ جِنُّهَا وَإِنْسُهَا
وَبَهَائِمُهَا، وَعِنْدَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ» مُخْتَصَرٌ.
قلت: وهذا من كتاب «الكنى» للإمام النسائي.
قال المنذري في «مختصر سنن أبي داود» (3/334): "أبو عبداللَّه
- هذا- هو عباس الجشمي، ذكره النسائي في كتاب الكُنَى".
وذكر الطبراني في «المعجم الكبير» (2/161): "أَبُو
عَبْدِاللهِ الجُشَمِيُّ عَنْ جُنْدُبٍ". وساق له هذا الحديث.
ثم ذكر (20/224): "أَبُو عَبْدِاللهِ الجَسْرِيُّ، عَنْ
مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ"، وساق له ثلاثة أحاديث عن معقل بن يسار.
ثم ذكر (20/226): "حِمْيَرِيُّ بنُ بَشِيرٍ، عَنْ مَعْقِلِ بنِ
يَسَارٍ"، وساق له حديثاً واحداً.
وكنّاه في الحديث نفسه في «مسند الشاميين» (4/59): "أبا
عبدالله"، وساقه عن سعيد بن بشير عن قتادة، عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ
حِمْيَرِيِّ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَرِهَ
لَكُمْ ثَلَاثًا: عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ»
- يَعْنِي وَأَدَ البَنَاتِ قَتْلَهُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وقال ابن حبان في «الثقات» (4/190): "حميري بْن بشير يروي عَن
معقل بْن يسَار، روى عَنهُ قَتَادَة".
وترجم ابن حبان في «الثقات» (5/259): "عَبَّاس بن عبدالله الجُشَمِي:
يروي عَن عُثْمَان بن عَفَّان وَأبي هُرَيْرَة، روى عَنهُ الجريرِي وَقَتَادَة".
ثم ترجم (5/271): "عَيَّاش بن عبدالله الجُشَمِي: يروي عَن
عُثْمَان بن عَفَّان وأَبِي هُرَيْرَة، روى عَنهُ قَتَادَة".
ثم ترجم (5/588): "أَبُو عبدالله الجسري من عنزة، يروي عَن
جمَاعَة من الصَّحَابَة، روى عَنهُ البصريون".
قلت: تقدم أن الدولابي سمى الجشمي "عباساً" وتبع فيه
النسائي لما وقع في الرواية التي ذكرها، وتبعهم ابن حبان فترجم له فيمن اسمه
"عباس"، وكأنه مرّ عليه مصحفاً فترجم له فيمن اسمه "عيّاش"
بالياء!!
ولم يأت في أي رواية تسميته بعباس إلا ما ورد عند النسائي!! فأخشى
أن يكون زيادة [عباس] زيادة لا أصل لها!! لأن هناك أئمة رووه عن عبدالصمد ولم
يذكروا ما ذكر النسائي!!! والله أعلم.
وقال ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (7/159): "أبو عبدالله
الجسري. حي من عنزة. وكان معروفًا قليل الحديث. روى عن معقل بن يسار".
وقال خليفة بن خياط في «الطبقات» (ص: 360): "أبو عبدالله
الجسري. من جسر بن عنزة بن أسد بن ربيعة، اسمه حميري بن بشير".
وجمع بينهما المزي في «تهذيب الكمال» (7/419)،
فقال: "حميري بن بشير الحميري البَصْرِيّ، أَبُو عَبداللَّهِ الجسري، جسر
عنزة.
رَوَى عَن: جندب البجلي، وعَبْداللَّهِ بن
الصامت، وعَبْداللَّهِ بن مغفل، ومعقل بن يسار، وأَبي الدَّرْدَاء، وأبي ذر - ولم
يسمع منه، وأبي عنبة الخولاني.
رَوَى عَنه: سَعِيد الجريري، وسلمة بن
دينار والد حماد بن سلمة، وسُلَيْمان التَّيْمِيّ، وقتادة بن دعامة، وأَبُو منصور
المثنى بن عوف الجسري".
وفرّق بينهما ابن حجر في «التقريب» (ص: 183):
"حميري، اسم بلفظ النسبة، ابن بشير أبو عبدالله الجسري، بالجيم المفتوحة
بعدها مهملة، معروف بكنيته أيضاً، وهو ثقة يرسل من الثالثة".
وقال: (ص: 654): "أبو عبدالله
الجشمي، بضم الجيم وفتح المعجمة، شيخ لسعيد الجريري، مجهول، من الثالثة".
وكذا صنيع الذهبي لأنه جهّل الجشمي هذا!
قال في «المغني في الضعفاء» (2/795):
"أَبُو عبدالله الجُشَمِي، شيخ للجريري، لا يدرى من هُوَ!".
وقال في «الميزان» (4/546): "أبو عبدالله الجشمي. ما أعلم
أحداً حدث عنه سوى الجريري".
والذي يتبيّن لنا أن حميري بن بشير هو أبو عبدالله الجسري وهو أبو
عبدالله العَنَزِيّ، وهو ثقة، ويروي عنه الجريري وغيره.
ويُحتمل أنه هو نفسه الجشمي قد تحرف من
"الجسري"، وهو الأقرب.
وهناك راو آخر يروي عنه الجريري كنيته
"أبو عبدالله" وهو بصري، واسمه: "مضارب بن حزن المجاشعي التميمي".
قال ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (7/141): "مضارب بن حزن. من
بني مازن. وكان قليل الحديث. روى عن أبي هريرة".
وترجم له ابن عساكر ترجمة وافية في «تاريخه» (58/277).
قلت: فيُحتمل أن هذا هو نفسه أبو عبدالله الجشمي تحرّف من
"التميمي" أو "المجاشعي"، وهو الأقرب عندي، والله أعلم.
وأما ما جاء عند النسائي في الكنى بتسميته عباساً ففيه نظر! ولو صح
فيكون مجهولاً لا يُعرف! وبه يضعّف الحديث.
وعلى كل حال، فإن حديث جندب تفرد به الجريري! عن أبي عبدالله!
ولا يُعرف أن في قصة دعاء الأعرابي ذكر: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ
مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ رَحْمَةً وَاحِدَةً يَتَعَاطَفُ بِهَا الخَلَائِقُ،
جِنُّهَا وَإِنْسُهَا وَبَهَائِمُهَا، وَعِنْدَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ».
ويروي الجُرَيْرِيّ هذا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ
سَلْمَانَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ مِائَةَ رَحْمَةٍ، كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقُ
مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَأَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً،
فَبِهَا يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ، جِنُّهَا وَإِنْسُهَا، وَطَيْرُهَا وَوَحْشُهَا،
وَعِنْدَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ».
وقد توبع الجريري عليه، تابعه: سليمان التيمي وداود بن أبي هند، عن
أبي عثمان النهدي، عن سلمان، موقوفاً.
فالظاهر أن الجريري دخل له حديث في حديث! والله أعلم.
فحديث جندب لا يصح عنه، ولا يُقبل تفرد الجريري به.
على أن فيه بعض النكرة: "أَتَقُولُونَ هُوَ أَضَلُّ أَمْ
بَعِيرُهُ؟"!!!
شاركنا تعليقك