عَاصِمُ بنُ شُمَيْخٍ الغَيْلانِيُّ وحديثه في الخوارج.
«النيل والدرك لبيان ما رُوي عن
أبي سعيد بتفضيل قتال الخوارج على قتال الترك»!
عاصم
بن شُمَيخ - بشين وخاء معجمتين، مصغر- أبو الفَرَجَّل - بفتح الفاء والراء وتشديد
الجيم-.
تابعي
ليس بالمشهور، ذُكر في حديثه أنه دخل على أبي سعيد الخدري وهو كبير.
قال
البخاري في "التاريخ الكبير" (6/480): "عاصم بن شميخ الغيلاني أحد
بَنِي تميم، رأى أَبَا سَعِيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، روى عَنْهُ عكرمة بن
عمّار".
وقال
ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6/345): "عاصم بن شميخ الغيلاني،
روى عن أبي سعيد الخدري. روى عنه عكرمة بن عمار وجوّاس. سمعت أبي يقول ذلك، وسمعته
يقول: هو مجهول".
وذكره
ابن حبان في "الثقات" (5/239).
وقال
العجلي في "الثقات" (2/8): "عَاصِم بن شميخ الغيلاني - فَخذ من بني
تَمِيم – يماني، تَابِعِيّ ثِقَة".
كذا
فيه: "يماني"! ولعل الصواب: "يمامي"؛ لأن الراوي عنه يماميّ.
وقال
أبو بكر البزار في "مسنده": "ليس بالمعروف وحديثه الذي رواه عن أبي
سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الخوارج".
روى
ابن حبان في "الثقات" (5/239) من طريق يَعْقُوب بن إِسْحَاقَ
الحَضْرَمِيّ، قالَ: حدثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، قالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ
بنُ شُمَيْخٍ الغَيْلانِيُّ، قالَ: "أَتَيْتُ المَدِينَةَ فِي طَلَبِ عَبْدٍ
لِي أَبَقَ، فَانْطَلَقُوا بِي إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ فَأَدْخَلُونِي
عَلَيْهِ فَإِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ يُصَلِّي حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ مُعْتَمِدًا
عَلَى جَرِيدَةٍ إِذَا قَامَ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا وَإِذَا رَكَعَ أَسْنَدَهَا
إِلَى القِبْلَةِ وَإِذَا سَجَدَ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا".
وروى
ابن أبي عاصم في كتاب "السنة" (2/444) (915) عن وَهْب بن بَقِيَّةَ، قال:
حدثنا عُمَرُ بنُ يُونُسَ، قال: حدثنا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ عَاصِمِ بنِ
شُمَيْخٍ الغَيْلَانِيِّ، قالَ: "كُنْتُ أَحْبَبْتُ نَجْدَةَ الحَرُورِيِّ
وَأَحَبَّنِي، حَتَّى كَانَ يَقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: يَا بَنِي غَيْلَانَ،
أَعَجِزْتُمُونِي أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ عَاصِمِ بنِ شُمَيْخٍ.
قالَ:
ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى المَدِينَةِ، فَحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ فِي عَشَرَةٍ مِنْ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنِ
ارْتَضَى فِي بَيْتِي هَذَا أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: الْتَمِسُوا لِيَ
العَلَامَةَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَإِنِّي لَمْ أَكْذِبْ، وَلَنْ أُكْذَبَ، فَجِيءَ بِذِي الثُّدَيَّةِ، فَحُمِلَ
عَلَى فَرَسٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ حِينَ رَأَى عَلَامَةَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ".
وروى
أحمد في "المسند" (17/386) (11285) عن وَكِيع، قال: حَدَّثَنَا
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ عَاصِمِ بنِ شُمَيْخٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ، قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا
حَلَفَ وَاجْتَهَدَ فِي اليَمِينِ قالَ: "لا وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي
القَاسِمِ بِيَدِهِ، لَيَخْرُجَنَّ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي تُحَقِّرُونَ
أَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ
تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ
الرَّمِيَّةِ. قَالُوا: فَهَلْ مِنْ عَلَامَةٍ يُعْرَفُونَ بِهَا، قَالَ: فِيهِمْ
رَجُلٌ ذُو يُدَيَّةٍ - أَوْ ثُدَيَّةٍ - مُحَلِّقِي رُءُوسِهِمْ".
قَالَ
أَبُو سَعِيدٍ: "فَحَدَّثَنِي عِشْرُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ - مِنْ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ وَلِيَ قَتْلَهُمْ".
قالَ:
"فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ بَعْدَمَا كَبِرَ، وَيَديْهِ تَرْتَعِشُ يَقُولُ:
قِتَالُهُمْ أَحَلُّ عِنْدِي مِنْ قِتَالِ عِدَّتِهِمْ مِنَ التُّرْكِ".
وروى
ابن أبي شيبة في "مصنفه" (7/553) عن وَكِيع، عَنْ عِكْرِمَةَ بنِ
عَمَّارٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ شُمَيْخٍ، قالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ
يَقُولُ: - وَيَدَاهُ هَكَذَا يَعْنِي تَرْتَعِشَانِ مِنَ الكِبَرِ-: "لقِتَالُ
الخَوَارِجِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قِتَالِ عُدَّتِهِمْ مِنْ [أَهْلِ] الشِّرْكِ".
قلت:
كذا وقع في مطبوع كتاب ابن أبي شيبة: "الشرك"! وهو تحريف! والصواب كما
في مسند أحمد: " التُّرْك". ولفظ [أهل] زادها المحقق!! ولا يجوز له هذا!
وكذا
هو في "إتحاف المهرة" (5/260)، و"أطراف المسند المعتلي بأطراف
المسند الحنبلي" (6/260) "التُّرك".
قلت:
تفرد عكرمة بن عمّار اليمامي (ت 159هـ) بالرواية عن عاصم بن شُميخ هذا! وذكر ابن
أبي حاتم عن أبيه أنه روى عنه "جوّاس"! ففيه نظر! ولا يُعرف من هو جواس!
ولم نجد من يروي عنه إلا عكرمة بن عمار.
وعكرمة
بن عمار، قَال فيه أبو حاتم: "كان صدوقاً، وربما وهم في حديثه، وربما دلّس".
وقد ورد في بعض الروايات أنه سمع منه، فنحمل ذلك على السماع.
وحديث
الخوارج مشهور من حديث أبي سعيد الخدري وقد توبع عاصم عليه إلا ما جاء في آخره من
قوله: "لَقِتَالُ الخَوَارِجِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قِتَالِ عُدَّتِهِمْ مِن
الترك" كما في رواية ابن أبي شيبة!
ورواية
عاصم فيها نكارة من عدة وجوه:
الأول:
الثابت أن أبا سعيد الخدري قاتل الخوارج مع عليّ، ورواية عاصم فيها أن بضع وعشرين
صحابياً أخبروا أبا سعيد أن علياً ولي قتلهم!! فلم يُخبره وهو قد قاتلهم؟!!
رواه
البخاري في "صحيحه" (4/200) من حديث أَبي سَلَمَةَ بن عَبْدِالرَّحْمَنِ:
أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ
عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا،
أَتَاهُ ذُو الخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، فَقَالَ: «وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ
أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ». فَقَالَ عُمَرُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: «دَعْهُ،
فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ،
وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ
تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ
الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ
يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى
نَضِيِّهِ، - وَهُوَ قِدْحُهُ -، فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ
إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الفَرْثَ وَالدَّمَ،
آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ، أَوْ
مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ».
قَالَ
أَبُو سَعِيدٍ: "فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي
طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ
فَأُتِيَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ".
الثاني:
قاتل أبو سعيد الخوارج مع عليّ ووقع ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم.
وإن
صح هذا عنه فإنه يكون قصد أؤلئك الذين قاتلهم مع عليّ، ففي رواية أحمد عن وكيع ذكر
بعد أن روى الحديث المشهور في ظهور الخوارج الذين قاتلهم عليّ: "قِتَالُهُمْ
أَحَلُّ عِنْدِي مِنْ قِتَالِ عِدَّتِهِمْ مِنَ التُّرْكِ".
فقوله:
"قتالهم.." أي هؤلاء الذين يُخبر عنهم.
وما
جاء في رواية ابن أبي شيبة عن وكيع مختصر من الحديث الطويل، وعبّر عنهم بقوله:
"لقتال الخوارج.." وهذا يُحمل على أؤلئك الذي قاتلهم عليّ لا الخوارج
الذين ظهروا بعد ذلك ظهوراً سياسياً!!
ويؤيد
ذلك ما رواه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" (1/66) عن عَمْرُو بن
مَرْزُوقٍ، قال: أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا عَاصِمُ
بنُ شُمَيْخٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ الخَوَارِجَ قالَ: "يَنْظُرُ الرَّامِي فِي الْفُوُقِ، فَتَمَارَى:
هَلْ رَأَى شَيْئًا أَمْ لَا؟".
وهذا
في رواية البخاري: "وَيَنْظُرُ فِي القِدْحِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ
فِي الرِّيشِ فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَتَمَارَى فِي الفُوقِ".
و(يتمارى
في الفوق) أي: يشك الرامي في مدخل الوتر من السهم هل فيه شيء من أثر الصيد!
والمعنى أنهم لا تحصل لهم فائدة من قراءتهم القرآن مثل السهم الذي ينفذ من الصيد
دون أن يتعلق به أي أثر منه!
الثالث:
في رواية ابن أبي عاصم: "فحدثني أبو سعيد في عشرة من اصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم ممن أرتضي"! فكيف يقول: "ممن ارتضي" والأصل في
الصحابة الرضا والعدالة!!!
الرابع:
لم يكن في زمن أبي سعيد تُرك لقتالهم!! وإن صحت الرواية فإنه إنما أراد أن يُبيّن
أن قتالهم للخوارج زمن عليّ كان أحب إليهم من قتال الترك الذين أخبر النبي صلى
الله عليه وسلم أن الأمة ستقاتلهم.
ففي
الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لاَ تَقُومُ
السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَحَتَّى
تُقَاتِلُوا التُّرْكَ، صِغَارَ الأَعْيُنِ، حُمْرَ الوُجُوهِ، ذُلْفَ
الأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ...».
وقد
أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (7/563) (37938) عن يَزِيد بن هَارُونَ قالَ: أَخبرنَا
العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ فِي قِتَالِ الْخَوَارِجِ: "لَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ قتال الدَّيْلَمِ".
وهذا
إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي سعيد الخدري.
وعليه
فحديث عاصم بن شميخ فيه نكارة! ولم يضبط الحديث!! وهو ليس من أهل الرواية، وهو مجهول
لا يُعرف إلا برواية عكرمة بن عمار عنه، فإن لم يدلّس عكرمه هذه الرواية فإنا نقبل
من عاصم ما رآه من أبي سعيد فقط لا ما سمعه! فالرؤية أضبط من السماع وخاصة فيمن لا
يُعرف بالحديث لعدم عنايته به.
ولا
يوجد لعاصم سماعٌ من أبي سعيد إلا في هذا الحديث، ولم يضبطه إن صحت عنه.
ودخوله
على أبي سعيد لا يُستنكر ولهذا لما ترجم له البخاري قال: "رأى أبا
سعيد"، ولم يقل: "سمع منه".
ولا
يوجد له عن أبي سعيد إلا هذه الرواية وفيها بعض ما رآه من أبي سعيد، والرواة قطعوا
الرواية فذكروا بعضها منفصلة.
روى
ابن أبي شيبة في "مصنفه" (1/231) (2646) عن هَاشِم بن القَاسِمِ، عَنْ
عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بنُ شُمَيْخٍ الْغَيْلَانيُّ،
أَحَدُ بَنِي تَمِيمٍ، قالَ: «دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ، فَرَأَيْتُهُ وَهُوَ
سَاجِدٌ يُجَافِي بِمِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، حَتَّى أَرَى بَيَاضَ إِبِطَيْهِ».
وروى
أيضاً (1/297) (3405) عن وَكِيع، عَنْ عِكْرِمَةَ بن عمار، عَنْ عَاصِمِ بنِ
شُمَيْخٍ قالَ: «رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يُصَلِّي مُتَوَكِّئًا
عَلَى عَصًا».
وقد
تحرف الإسناد في المطبوع إلى: "عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُمَيْرٍ، عَنْ عَاصِمِ"!!!
ورواهما
عبدالله بن أحمد في حديث واحد في كتاب "السنة" (2/634) (1510) قال: حَدَّثَنِي
أَبِي، قال: حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ،
حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ شُمَيْخٍ الْغَيْلَانِيُّ، قَالَ: "رَأَيْتُ أَبَا
سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي عِنْدَ الزَّوَالِ وَهُوَ
مُعْتَمِدٌ عَلَى جَرِيدَةٍ إِذَا قَامَ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا وَإِذَا رَكَعَ
أَسْنَدَهَا إِلَى الْحَائِطِ وَإِذَا سَجَدَ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا".
والعجيب
أنه أورده في سياق الأحاديث التي تتحدث عن الخوارج، وذكر حديث عاصم في الخوارج
بعده بحديث.
والخلاصة
أن حديث عاصم عن أبي سعيد لا يصح، وهو لا يُعرف، وإن قبلنا نقبل منه ما رآه من فعل
أبي سعيد فقط. ولو صح الحديث فهو في هؤلاء الذين قاتلهم عليّ وقاتلهم معه أبو سعيد
رضي الله عنهم.
·
تنبيه:
ذكر
ابن أبي حاتم في "علل الحديث" (6/579) (2776) قال: وسمعتُ أَبِي
وَذَكَرَ الحديثَ الَّذِي حدَّثنا بِهِ؛ قَالَ: حدَّثنا سَلْمُ بنُ محمَّد
الورَّاق، عَنْ عِكرِمَة بنِ عمَّار، عَنْ عَاصِمِ بْنِ شُمَيْخ الغَيْلاني، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الخُدري، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّكُمْ
رَاعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...، الحديثَ.
فقالَ:
"هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْقُوفٌ".
قلت:
لا أدري كيف رجّح أبو حاتم الوقف هنا!! فالحديث لا يُعرف عن أبي سعيد أصلاً! وإنما
يُعرف من رواية ابن عمر كما في الصحيحين وغيرهما!
والعجيب
أن عبدالرحمن ابن أبي حاتم ترجم راويه في كتابه ونقل تضعيفه!
قال
في "الجرح والتعديل" (4/269): "سلم بن محمد الوراق. روى عن عكرمة بن
عمار وأبان العطار ومبارك بن فضالة. سمع منه أبي ببغداد في الرحلة الأولى".
قال
عبدالرحمن: سمعت أبي يقول: سألت يحيى بن معين عنه فلم يرضه وتكلّم فيه.
وقال
عبدالرحمن: سئل أبي عنه؟ فقال: "شيخ".
وهو
سلم بن إِبْرَاهِيمَ الوراق، أَبُو مُحَمَّد البَصْرِيّ.
قال
محمد بن إسحاق الصاغاني: قال يحيى بن معين: "سلم الوراق كذاب".
وغفل
ابن حبان فذكره في ثقاته!!
وعليه
فهذه الرواية لا تصح أصلاً!
والحمد
لله الذي به تتم الصالحات.
شاركنا تعليقك