أسباب عدم إكثار بعض الرواة السماع من بعض الشيوخ.
هناك
بعض الأسباب أدّت إلى عدم إكثار سماع بعض الطلبة من بعض الشيوخ، وهي:
1-
أن يكون الشيخ محاطاً ببعض الضعفاء ممن يُستثقلون ويشوشون مجلس الشيخ بكثرة
سؤالاتهم ومشاغباتهم وكلامهم.
قال
سفيان بن عيينة: قلت لأيوب، يا أبا بكر ما منعك أن تسمع من طاووس، يعني تُكثر عن
طاووس؟ قال: «جئت إليه فرأيته بين ثقيلين: ليث بن أبي سليم وعبدالكريم أبي أمية، فرجعت
وتركته».
2-
إذا كان الشيخ ممن يخلط في الحديث ولا يأتي به على وجهه الصحيح.
قال
عبدالرَّزَّاق، قالَ: قُلتُ لمعمر: ما لك لم تكثر عنِ ابن شروس؟ قَال: «كان
يُثَبِّجُ الحديث».
فمعمر
لم يكثر عن ابن شروس لأنه «كان يُثَبِّجُ الحديث»، أي لا يأتي بالحديث على وجهه
فيخلط فيه ويضطرب.
3-
أن يكون الشيخ له هيبة بحيث يخشى الطالب سؤاله.
قال
معمر: قيل لأيوب، لِمَ لَمْ تُكثر عن الحسن؟ قال: "إني كنت أهابه".
4-
أن تكون هيئة الشيخ ليست هئية النسّاك.
قال
البرذعي: قال لي أبو زرعة، قلت لابن نُمير - أي عبدالله -: لِمَ لَمْ تُكثر عن زكريا
بن أبي زائدة، إنما أكثر عنه الغرباء؟ فقال: "لم تكن هيئته هيئة النساك".
5-
أن يكون الشيخ به نوع من المرض الذي يؤثر على عقله كالصرع - وهو ضرب من الجنون -
ونحوه.
قيل
لشَريك: لِمَ لَمْ تكثر عن حماد - وهو ابن أبي سليمان -؟ قال: "كنت أجاوزه
إلى غيره، كان به لَمم، وكنت أقول: لا أكتب عن المجانين".
وقد
صرّح شَريك القاضي بأن حماداً كان يُصرع.
قال
عباد بن يعقوب: سمعت شريكاً - وسأله إنسان يحمل العلم عن المجنون الذي يصرع؟ فقال:
"رأيت حماد بن أبى سليمان وإنه يصرع وما بيني وبينه إلا كذا، وأشار عباد بيده،
وقد حمل الناس عنه".
وقال
عبدالرزاق عن معمر قال: "كان حماد بن أبي سليمان يُصرع وإذا أفاق توضأ".
وروى
جرير بن عبدالحميد عن مغيرة قال: "كان حماد يصيبه المس؛ فإذا أصابه شيء من
ذلك ثم ذهب عنه عاد إلى الموضع الذي كان فيه".
6-
أن يجلس طالب الحديث في مكان بعيد عن الشيخ بحيث لا يسمع كلّ شيء، بسبب كثرة الناس
في مجلس الشيخ، أو أن يعتني الشيخ بتسميع السيّد ولا يتلفت إلى عبده ويجلسه في
مكان بعيد.
روى
أَحْمد بن حَرْب قال: حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن زِيَاد بن الحكم، عَن أَبِيه أَو عمّه،
قالَ: قلت للأعمش، ما أَرَاك كتبت على الشّعبِيّ إِلَّا يَسِيرا! قال: "ويحك
كيفَ كنت أسمع من رجل لم آته قطّ مَعَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ إِلا أقعدني خلف الأُسْكُفَّةُ
من الْبَاب، ثمَّ يقْعد إِبْرَاهِيم فِي مَجْلِسه، ويتمثل بِهذا البَيْت ويومي
إِليّ:
لا
ترفع العَبْد فَوق سَيّده ... مَا دَامَ مِنْهَا بظهره شرف".
قلت:
الأُسْكُفَّةُ هي عتبة الباب السفلى التي يوطأ عليها.
7-
إذا كان الشيخ يسكن في مكان بعيد!
قيل
للبرقاني: لِمَ لَمْ تكثر عن ابن مكرم؟ فقال: "كان ينزل في آخر البلد عند دار
مُعز الدولة فلم أتمكن من الإكثار عنه لبُعده".
وكتب: خالد الحايك.
2/1/2011.
شاركنا تعليقك