سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (2).
سفيان الثوري وشَريك والقضاء!
قال
يحيى بن يمان: لما ولي شَريك القضاء أكره على ذلك، وأقعد معه جماعة من الشرط
يحفظونه، ثم طاب للشيخ فقعد في نفسه، فبلغ الثوري أنه قعد من نفسه، فجاء فتراءى
له، فلما رأى الثوري قام إليه فعظمه وأكرمه، ثم قال: يا أبا عبدالله هل من حاجة؟
قال: نعم مسألة، قال: أو ليس عندك من العلم ما يجزيك، قال: أحببت أن أذكرك بها،
قال: قل!
قال:
ما تقول في امرأة جاءت فجلست على باب رجل، ففتح الرجل الباب، فاحتملها ففجر
بها، لمن تحدّ منهما؟ فقال له أحده دونها، لأنها مغصوبة.
قال:
فإنه لما كان من الغد جاءت فتزينت وتبخرت وجلست على ذلك الباب، ففتح الباب الرجل
فرآها فاحتملها ففجر بها، لمن تحد منهما؟ قال: أحدهما جميعا، لأنها جاءت من نفسها
وقد عرفت الخبر بالأمس.
قال:
أنت كان عذرك حيث كان الشرط يحفظونك، اليوم أي عذر لك؟
قال:
يا أبا عبدالله أكلمك؟
قال:
ما كان الله ليراني أكلمك أو تتوب!!
قال:
ووثب فلم يكلمه حتى مات، وكان إذا ذكره قال: أي رجل كان لو لم يفسدوه!
قال أبو كريب: أظن الثوري شم منه رائحة البخور- يعني قال: وتبخرت، يعني المرأة.
قلت:
مفهوم هذا السؤال أن سفيان الثوري - رحمه الله- أراد أن يُبين لشريك حاله عندما
تولى القضاء، والعمل مع الولاة.
فهو
عندما كان مكرهاً على القضاء لا شيء عليه كتلك المرأة التي جلست على باب الرجل ففجر
بها؛ فلا تُحدّ لأنها مغصوبة.
وأما
إذ صار غير مكره وقد قبل الجلوس للقضاء من نفسه، فهو في هذه الحالة أشبه بحال
المرأة التي جاءت في اليوم التالي وقد تزينت وتبخرت، ففجر بها الرجل، فيحدوا
جميعاً؛ لأنها هي التي جاءت بنفسها وقد تبخرت وتزينت!
فلله
درّ سفيان ما أفقهه.
شاركنا تعليقك