هل صحّ أنّ «مِصر أَرض الكِنانة»؟!
ينتشر
بين النّاس تسمية «مصر» بأنها «أرض الكنانة»!
وهذه
التسمية مرجعها لحديثٍ رُوي في ذلك، ولكنه حديث باطل!
ولفظه:
«مصر كِنانة الله في أرضه، ما طلبها - وفي لفظ: ما ظلمها - عدو إلا أهلكه الله».
قال
السخاوي في «المقاصد الحسنة»: "لم أره بهذا اللفظ، ولكن عند أبي محمد الحسن ابن
زولاق في «فضائل مصر» له بلفظ: «مصر خزائن الأرض كلها، فمن أرادها بسوء قصمه الله تعالى»،
وعزاه في الخطط لبعض الكتب الإلهية، وكذا رُوي عن كعب الأحبار: «مصر بلد معافاة من
الفتن من أرادها بسوء كبّه الله على وجهه».
وقد
ورد لفظ «الكنانة» في شأن الشام أيضاً كما أخرجه ابن عساكر عن عون بن عبدالله بن عتبة
أنه قال: قرأت فيما أنزل الله تعالى على بعض الأنبياء إن الله تعالى يقول: «الشام كنانتي
فإذا غضبت على قوم رميتهم منها بسهم»".
قلت:
وذكر ياقوت في «معجم البلدان» (2/351) أنه رُوي عن شريك بن عبدالله أنه قال: «خُراسان
كنانة الله إذا غضب على قوم رماهم بهم».
فهذا
اللفظ: «كنانة الله» ورد في مصر والشام وخراسان، وليس فيه شيء مرفوع للنبيّ صلى
الله عليه وسلم، وإنما ورد في كتب الإسرائيليات، ومن قول بعض أتباع التابعين،
وإنما أخذوه من هذه الكتب.
وقد
سُئِل الحافظ ابن حجر عن حديث: «لتقاتلن الملائكة مع المسلمين وأمتي على مكان يسمى
دمياط من أعلى مصر، وتظفر بعدوهم وتقوم من المدينة إلى كل من مصر، وهي كنانة الله في
أرضه، فمن أراد بهم سوء أهلكه الله»؟
فقال:
"هو كذبٌ كلّه" [الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع: ص99].
وقد
عزا السخاوي لابن يوسف وغيره عن أبي موسى الأشعري: «أهل مصر الجند الضعيف، ما كادهم
أحد إلا كفاهم الله مؤنته». قال تبيع بن عامر الكلاعي، فأخبرت بذلك معاذ بن جبل فأخبرني
بذلك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم!
وهذا
لم نقف على إسناده! وتُبيع بن عامر الحميري ابن امرأة كعب الأحبار، قرأ الكتب
وأسلم في أيام أبي بكر أو عمر. وحديثه عزيزٌ جداً! ولا نعرف له رواية عن معاذ بن
جبل – توفي سنة 17 أو 18 هـ-.
فكلّ
ما جاء في أن «مِصر أرض الكنانة» كذبٌ وباطل.
وكتب:
خالد الحايك أبو صهيب.
شاركنا تعليقك