وهم للمزي في نقله من كتاب ابن أبي حاتم! ومتابعة الذهبي والهيثمي
له! وعدم تنبه ابن حجر لذلك في «التهذيب»!
كنت قد تكلمت
على «عبدالحميد بن حبيب بن أبي العشرين» في موضع رددت فيه على صاحبي التحرير في
نقلهما أن أبا حاتم وثقه! ونقلت أثناء ذلك أن الذهبي نقل أيضاً أن أبا حاتم وثقه،
واكتفيت حينها بما بينته مما في كتاب ابن أبي حاتم.
ثمّ أرسل إليّ
بعض طلبة العلم النبهاء سؤالاً عن ذلك قائلاً: "قد ذكرت في مقدمة البحث
أن أبا حاتم لم يوثق ابن أبي العشرين مع ما نقلت عن الذهبي في الميزان: (4/247): "وثقه أحمد وأبو حاتم، وضعفه دُحيم،
وقال النسائي: ليس بالقوي" فكلام الذهبي يوضح أن أبا حاتم وثقه!! بين لنا شيخنا
الفاضل.."؟
فأجبته في ذلك
الموضع بجواب مختصر، ثم رأيت أن أفرد ذلك هنا.
فأقول
مستعيناً بالله:
قال المزي في
«تهذيب الكمال» (6/102) في ترجمة «عبدالحميد بن حبيب بن أبي العشرين الدمشقي»:
"وقال أبو حاتم: ثقة كان كاتب ديوان ولم يكن صاحب حديث. وقال في موضع آخر:
ليس بذاك القوي".
ونقله هكذا
ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (6/102).
وقال الذهبي
في «الميزان» (4/247): "عبدالحميد بن حبيب (ت ق) ابن أبي العشرين كاتب
الأوزاعي، وثقه أحمد وأبو حاتم، وضعفه دحيم. وقال النسائي: ليس بالقوي".
قلت: قول
الذهبي: "وثقه أبو حاتم" تبع فيه ما نقله عن شيخه المزي عن أبي حاتم!
وقد وهم المزي في نقله!
والذي في كتاب
ابن أبي حاتم «الجرح والتعديل» (6/11): سألت أبي عن ابن أبي العشرين: ثقة هو؟ قال:
"كان كاتب ديوان. لم يكن صاحب حديث".
فنقل المزي ما
ورد في سؤال عبدالرحمن لأبيه: هل هو ثقة؟ فجعل لفظ "ثقة" في كلام أبي
حاتم!! وكأنه سقط من نسخته من كتاب ابن أبي حاتم كلمة: "هو" فصارت كلمة
"ثقة" من كلام أبي حاتم فنقلها هكذا، فوهم - رحمه الله تعالى -.
وقول أبي
حاتم: "لم يكن صاحب حديث" لا يستقيم مع لفظ: "ثقة"! لأن هذا
القول منه تضعيف له، ولهذا لما ذكره ابن الجوزي في «الضعفاء» (2/85) قال:
"عبدالحميد بن حبيب بن أبي العشرين أبو سعيد البيروتي. قال أبو حاتم الرازي:
لم يكن صاحب حديث. وقال النسائي ليس بالقوي".
ففهم ابن
الجوزي من كلام أبي حاتم أنه ليس بقوي، ولهذا أورده هنا، وهذا موافق لسؤال أبي
عبدالله محمد بن إبراهيم الكناني الأصبهاني، قال: قلت لأبي حاتم الرازي: ما تقول
في عبدالحميد بن أبي العشرين كاتب الأوزاعي؟ فقال: "ليس بذاك القوي"
[تاريخ مدينة دمشق: 34/59].
وعندما نقل
ابن حجر قول أبي حاتم في «التقريب» قال: "عبدالحميد بن حبيب بن أبي العشرين
الدمشقي أبو سعيد كاتب الأوزاعي ولم يرو عن غيره. صدوق ربما أخطأ. قال أبو حاتم:
كان كاتب ديوان ولم يكن صاحب حديث".
فلم ينقل أن
أبا حاتم قال فيه: "ثقة". وإنما لم يتنبه لذلك في «تهذيب التهذيب»؛ لأنه
كان ينقل كلام المزي، فلم يراجع لفظه حينها، والله أعلم.
وهذا يؤكد ما
قلناه عن صاحبي التحرير أنهما ينقلان الأقوال دون تحرير، والله المستعان.
·
تعقب الهيثمي!
وقال الهيثمي
في «مجمع الزوائد» (2/120): "وثقه أحمد، وأبو حاتم، وابن حبان".
قلت: قد بينا
أن أبا حاتم لم يوثقه، وإطلاق الهيثمي في أن ابن حبان وثقه أيضاً فيه نظر!!
نعم، ابن حبان
ذكره في «الثقات» لكن أشار إلى أنه ليس ثقة مطلقاً، بل صدوق يخطىء.
قال (8/400):
"عبدالحميد بن حبيب بن أبي العشرين الشامي، كنيته أبو سعيد، كاتب الأوزاعي،
يروي عن الأوزاعي. روى عنه هشام بن عمار وأهل الشام. ربما أخطأ".
وكتب: خالد
الحايك.
11 جمادى
الآخرة 1433هـ.
شاركنا تعليقك