«السرقات العلمية» كما يراها الشيخ الألباني، واتهامه بعض النّاس بسرقة كتبه وتخريجاته! ولماذا لم يتهم من يدّعون التلمذة عليه بالسرقة؟! بقلم: خالد الحايك حذّر الشيخ الألباني – رحمه الله – من السرقات العلمية عموماً، وممن يسرقون كتبه وتخريجاته خصوصاً، وكان يبيّن ذلك في طبعاته الجديدة لبعض كتبه. · رأي الشيخ الألباني في «السرقات العلمية»: قال الشيخ عصام هادي في كتابه «الألباني كما عرفته»: "لما كَثُر اللغط حول ما يفعله بعض إخواننا من نقل لكلام دون أن يعزو ذلك إليهم، سألت شيخنا: هل هذه سرقة أم لا؟ فقال شيخنا: نعم هو سرقة، ولا يجوز شرعاً؛ لأنه تشبّع بما لم يُعط، وفيه تدليس وإيهام أن هذا الكلام أو التحقيق من كيس علمه. فقلتُ: شيخنا بعضهم يحتج بما وقع فيه بعض العلماء السابقين؟ فقال: هل يفخرون بذلك! لا ينبغي لطالب العلم أن يفخر بذلك، واعلم يا أستاذ أن المنقول هو أحد أمرين: فمن نقل كلاماً لا يشك أحد رآه أنه ليس من كلامه كمثل ما أقوله أنا وغيري: إن فلاناً ضعيف أو ثقة، فكل من يقرأ هذا يعلم أن هذا ليس كلامي، فهذا يغتفر، أما ما فيه بحث وتحقيق فلا يجوز أياً كان فاعله" انتهى. وقد اتهم الشيخ الألباني بعض المعاصرين بسرقة كتبه فقاموا بطبعها وإعادة صفها والتكسب بها! · اتهام الشيخ الألباني لبعض المعاصرين بسرقة مؤلفاته وإعادة طبعها ونعتهم بالتدليس والكذب وغير ذلك! وثناؤه على الغربيين ممن أصدروا (قوانين عادلة) لحفظ حقوق المؤلفين والناشرين: قال الشيخ في مقدمة «تلخيص أحكام الجنائز» (ص5-6): "فإن الكثيرين من الناشرين والطابعين أخذوا يسرقون مؤلفاتي ويطبعونها ليتاجروا بها ويأكلوا ربحها سحتاً، وقد بلغت ببعضهم الوقاحة إلى حد أنه طبع عليها عبارة «طبع المكتب الإسلامي» وهو بذلك مُدلِّس كاذب، ولقد كنا نشكو ولا نزال من سرقة الكتب وطبعها كما هي على طريقة التصوير الأوفست. وإذا بهذا البعض تصل به الجرأة إلى طبعه على طريقة تنضيد الأحرف والطبع من جديد ويدلس على الناس بأنها من طبع المكتب الإسلامي، بطبع اسم المكتب عليه، ولقد بلغني أن بعضهم أفتى بجواز سرقة الكتب وطبعها والتجارة بها دون إذن من مؤلفها وناشرها، وهذا ظلم فاضح واستغلال غير شريف لجهود الآخرين من المؤلفين والناشرين الذين اتخذوا التأليف والنشر وسيلة من أشرف وسائل كسب الرزق الحلال! فكيف يليق بمسلم بل بكافر أن يقطع عن هؤلاء رزقهم ويأكل هو ربح جهودهم وأتعابهم بله الإفتاء بجوازه؟ تالله إنها لإحدى الكبر! ومن العجب أن يتنبه الرّجال الغربيون لمثل هذا الظلم فيسنون القوانين العادلة لحفظ حقوق المؤلفين والناشرين والحيلولة بين السارقين وظلمهم، ولا يتنبه له بعض المسلمين وهم يعلمون أن من دينهم تحريم الظلم مطلقاً كمثل قوله تعالى في الحديث القدسي: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا..)). رواه مسلم في صحيحه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)). أخرجه البخاري ومسلم. ولقد سمعت من بعض المغفلين الذين لا فقه عندهم أنه يستجيز مثل هذه السرقة بحجة نشر العلم، والله يعلم أن السارقين ما بهم نشر العلم وإنما همهم جمع المال بجهود غيرهم بدليل أنهم قد يطبعون ما لا يروق لهم من الناحية العلمية أو المذهبية من الكتب وما ذلك إلا لعلمهم برواجها وإقبال الناس عليها، ومع ذلك فهم يقدمون على طبعها وسرقتها عملاً بقاعدة من لا خلاق لهم: الغاية تبرر الوسيلة، فالله تعالى حسيبهم {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً}" انتهى. وقال في «السلسلة الصحيحة» (7/41): "كما وهم فيه المعتدي على حقوقي وكتبي ومشاريعي؛ ألا وهو صاحب المكتب الإسلامي، وقد نَبّهْتُ مضطراً على بعض اعتداءاته في بعض كتاباتي؛ لعله يؤوب إلى رشده ويتوب إلى ربه، ومن ذلك أنه اختصر "السنن الأربعة" اختصاراً مخلاً- بل فاضحاً-، ونقل إليها مراتب أحاديثها التي كنت وضعتها عليها من صحة وضعف، وقدمتها- أعني: هذه "السنن" المحققة- إلى مدير مكتب التربية العربي الخليجي بطلب رسمي منه، ثم لا أدري كيف وقع ما يأتي بيانه؟! أكان ذلك باتفاق بين المكتبين؟! أم هو أمر دبر بليل؟! المهم أني فوجئت بأن (الصاحب) المشار إليه استغل مشروعي المقدم إلى مكتب التربية، وأصدر ما أسماه بـ "صحيح سنن ابن ماجه باختصار السند"! وكذلك فعل ببقية "السنن" بقسميها "الصحيح" و"الضعيف"، قائلاً في ذلك كله: "ضعيف محمد ناصر الدين الألباني"! وهو كذب ومتاجرة غير شريفة باسم الألباني، وله سابقة أخرى من مثلها! فإن الاختصار منه وليس مني، وفيه أوهام وتخليطات وجهالات كثيرة جداً لا يمكن إحصاؤها، وإنما نذكر شيئاً منها- بالمناسبة تعرض- للتعريف والعبرة...". وقال في «السلسلة الضعيفة» (3/356): "وللشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي اليماني كتاب ضخم هام في الرد عليه – أي الكوثري- والكشف عن أهوائه وأضاليله، وتعصبه لمذهبه، على أئمة الحديث ورجاله، أسماه «التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل»، وهو في أربعة أقسام، وقد كنت قمت على طبعه والحمد لله لأول مرة بتحقيقي وتعليقي في مجلدين، ثم طبع سرقة من بعض الناشرين؛ منهم من صوره على أخطائه المطبعية دون أي جهد، ومنهم من طبعه بحرف جديد، وتصرف لا يليق، وقد أعدنا النظر فيه مجدداً، استعداداً لطبعة ثانية طبعة مصححة منقحة. والله ولي التوفيق". وقد اتهم الشيخ – رحمه الله- بعض المعاصرين بسرقة بعض كتبه أو بعض تخريجاته للأحاديث أو تخريجات غيره. ومن هؤلاء الذين اتهمهم الشيخ الألباني: 1- شرف حجازي المصري. 2- حسّان عبدالمنان. 3- الشيخ شعيب الأرنؤوط! 4- الشيخ الصابوني. · اتهام الشيخ الألباني لـ "شرف حجازي المصري" بسرقة أحد كتبه! قال الشيخ في «السلسلة الضعيفة» (4/1): "إن من أسوأ التعليقات التي وقفت عليها في هذه الآونة الأخيرة، والتي تدل على أن كاتبها لم يُؤت من الحكمة شيئاً مذكوراً، ما طبعه المدعو شرف حجازي المصري على كتابي "صحيح الكلم الطيب"؛ الذي سرقه وطبعه بتعليقات أضافها من عنده، كان منها قوله (ص: 85) ناقلاً عن النووي: "هذه الخطبة سنة، لو لم يأت بشيء منها؟ صح النكاح باتفاق العلماء". أقول: فإن مثل هذا التعليق إنما يحسُن ذكره في سُنة معروفة؛ يخشى من مواظبة الناس عليها أن يقعوا في الغلو فيها، وليس في سنة كهذه الخطبة التي لا يعرفها أكثر الخاصة، فضلًا عن العامة، حتى كادت أن تصبح نسياً منسيا، حتى عند بعض الناشرين الذين يدَّعون السلفية عقيدة أو تجارة (الله أعلم بما في نفوسهم)، وقد بينت شيئاً من هذا في مقدمتي للطبعة الثامنة من الكتاب المذكور: "صحيح الكلم الطيب"، وقد صدر حديثاً، والحمد لله في طبعة أنيقة مزيدة منقحة. والله ولي التوفيق". · اتهام الشيخ الألباني لـ "حسّان عبدالمنان" بسرقة بعض تخريجاته! قال الشيخ في «السلسلة الصحيحة» (1/928-932): "ثبتَ عندي يقيناً أنَّ بعضَ المخرِّجين يسرقون العزوَ من بعضِ كتبي، يجدونه لقمةً سائغةً، والأمثلةُ على ذلك كثيرةٌ، وأَظهرُ ما يتجلى ذلك حينما يكونُ في عزوي شيءٌ من الخطأِ الّذي لا يخلو منه بشرٌ، وقد يكونُ خطأً مطبعيًّا، فينقلُه السارقُ فينفضحُ، ويأتي قريبًا مثالٌ ممّا وقعَ فيه المدعو (حسان عبد المنان)، أقولُ: فيمكنُ أن يكونَ عزوُهم من هذا القبيلِ". ثم قال في بيان ذلك من خلال كلامه على بعض الأحاديث: "اعتمدوا على عزوي للحاكمِ بالجزء والصفحةِ دون أن يرجعوا إِلى كتابِه مباشرةً، ولو فعلوا لرأوا (القرشيّ)! فثبتَ يقينًا بطلان دعواهم أنَّ راوي الحديثِ هو عبدالرحمنِ الواسطيّ الضعيف، وبالتالي يثبت بطلان دعوى أنَّ الحديثَ ضعيفٌ. ولا يشكلُ على هذا ما ذكروا من روايةِ هذا الضعيفِ عن (سيار)، وعنه (أَبو معاوية) كما كنتُ ذكرتُ هناك، وذلك لسببين: أَحدهما: أنَّه من المقررِ عند العلماءِ "أنَّ ذكرَك الشيءَ لا ينفي ما عداه"؛ ولغفلتِهم عن هذه الحقيقةِ العلميّةِ جزموا بالنفي! والآخر: أنّه لا مانعَ أَن يشتركَ الراويانِ المسمَّيانِ باسمٍ واحدٍ عن شيخٍ واحدٍ أَو أَكثر، وعنهما كذلك شيخٌ واحدٌ أَو أَكثر. ومن الأَمثلةِ المعروفةِ في ذلك (عبدالكريم بن مالك الجزري الحرّاني)، وهو ثقة، و(عبدالكريم بن أَبي المخارق البصري)، وهو ضعيف، وقد اشتركا في الرواية عن بعضِ الشيوخِ، مثل: سعيد بن جبير، وطاوس، وعطاء بن أَبي رَباح، ونحوِهم من الأَكابرِ، واشتركَ في الروايةِ عن كلٍّ منهما إِسرائيلُ بن يونس والسفيانانِ وغيرُهم من الثقاتِ، ولهذا قالَ الحافظُ في "التقريب" ترجمة "عبدالكريم البصري": "وقد شاركَ الجزريّ في بعضِ المشايخِ، فربما التبسَ به على من لا فهمَ له"! فإِذا جاءَ (عبدالكريم) هكذا غير منسوبٍ في سندٍ من تلك الأَسانيدِ المشتركةِ، وجاءَ في رواية أُخرى (عبدالكريم الجزري) هكذا منسوبًا، لم يجزْ بداهةً ادّعاءُ أنّه البصريُّ! هذا حالُ أُولئك المكابرين تمامًا، ولذلك فقد أَصابَهم شيءٌ من رشاشِ كلامِ الحافظِ المتقدم. وقد يجادلُ بعضُهم فيقول: المثالُ مختلفٌ؟ فنقولُ سلفًا: لا اختلافَ إِلاّ بالنسبةِ لِنَفْيِكم، وهو باطلٌ لا قيمةَ له كما تقدّمَ تحقيقُه. وأوَضّحُ ذلك للقرّاءِ الكرامِ فأَقول: لقد اشترك (عبدالرحمن بن إِسحاقَ القرشيّ) مع (عبدالرحمن بن إِسحاق الواسطيّ) في الروايةِ عن (سيار أبي الحكم)، وروى عن كلٍّ منهما أَبو معاويةَ الضرير، فوقعَ (عبدالرحمن بن إِسحاق) - هكذا غير منسوبٍ- عند بعض المخرّجين للحديثِ، ووقعَ عند غيرِهم (عبدالرحمن بن إسحاقَ القرشيّ) هكذا منسوبًا، فكيفَ جازَ لهم ادّعاءُ أنّه (الواسطيّ) مع أنّه لم يُنسب في السند، وإِنكارُ أنّه القرشيُّ، وقد جاءَ منسوبًا فيه؟ فقد ظهرَ جليًّا أنَّ المثالَ مطابقٌ تمامًا للمُمَثّلِ له. وأَمّا مضعّفُ الأحاديثِ المصححةِ (حسان عبدالمنان) الّذي سبقت الإِشارةُ إِليه، فقد شارك المذكورين في الخطأ والمكابرةِ استقلالاً أو تقليدًا - لا أَدري، وأَحلاهما مُرٌّ- فإِنّه اقتبسَ تخريجَه للحديثِ من تخريجي إِيّاه في الطبعاتِ السابقةِ، فقال (ص552) من "ضعيفته": "أَخرجه الترمذيُّ (3558)، وأَحمدُ (1/153)، والحاكم (1/538) من طريق عبدالرحمن بن إِسحاق عن سيار. قلت: وعبدالرحمن بن إِسحاق هذا مجمعٌ على ضعفِه، وهو منكر الحديث. [وافقني على تضعيفِه الشيخ شعيب]". فليتأمل القرّاء في هذا التخريج، يجد فيه على اختصارِه آفاتٍ: الأُولى: سرقة التخريج كما أَشرتُ آنفًا، والدليلُ أنَّهِ قلدني في عزوي إِيّاه لأَحمد سابقًا في الجزء والصفحة، والصواب "عبدالله بن أْحمد" كما تقدّم. الثانية: التدليسُ باختصارِه من الإِسنادِ نسبة (القرشيّ) الثابتة في تخريجي؛ ليمهِّدَ بذلك تضعيفَه للحديث بالواسطيّ! الثالثة: تجاهلُه - مع الذين سبقتِ الإِشارةُ إِليهم- ثبوتَ نسبةِ (القرشيّ) في "المسند" و"المستدرك"، لكن يردُ هنا الاحتمالُ الّذي ذكرته هناك، وهو الاتكالُ في التخريجِ على عزوِ غيرِهم، وعدمُ الرُّجرعِ إِلى "المستدركِ" مباشرةَ، وهذا هو الأَقربُ بالنسبةِ لـ (حسان) للدليلِ المذكورِ في الآفةِ (الأُولى) ، وسواءٌ كانَ هذا أَم ذاك فأَحلاهما مُرّ. وهناك ناسٌ آخرونَ تتابعوا، منهم الدكتور محمد سعيد البخاري، ولقد كانَ جريئًا في التوهيم - مثل شعيب وأَعوانِه- فإِنّه علقَ على الحديثِ في "كتابِ الدعاءِ" للطبرانيِّ مضعِّفًا له بالواسطيّ! ذلك أنّه بعد أَن نقلَ تحسينَه عن الحافظِ ابن حجر، وتصحيحَه من الحاكمِ، والذهبيِّ، عقّبَ عليه بقولِه (2/1283): "قلت: ولعلّه اشتبه عليهما عبدالرحمنِ بن إِسحاقَ الواسطيّ بعبدالرحمنِ بن إِسحاقَ القرشيّ، وهو صدوق، ولا يروي عن سيار أبي الحكم". فيا للعجبِ من هذا الدكتورِ وتعقيبه عليهما، كيفَ ينسبُ الوهمَ إِليهما وفي إِسنادِهما أنّه (القرشيّ) ؟! والله، إِنَّ تتابعَ هؤلاءِ على هذا التضعيفِ، والتوهيمِ، والمكابرةِ لإِحدى الكُبَر! ولقد كانَ يكفي هؤلاءِ رادعًا عن مضيِّهم في تتابعِهم أن يتذكروا -مع علمِهم باتفاقِ العلماءِ على تضعيفِ الواسطيّ- حقيقة أُخرى، وهي اتفاقُ كلِّ من أَخرجَ الحديث أَو نقلَه مسلّمين بصحتِه وحسنِه، وفيهم من ضعفَ الواسطيّ، وهم: 1- الترمذي، 2-الحاكم، 3- المنذري، 4- النووي، 5- ابن تيميّة، 6- الذهبيّ، 7- العراقيّ، 8- العسقلانيّ. وأَصحابُ الأَرقام (1 و3 و6 و8) ممّن ضعّفَ الواسطيّ، فيبعد والحالةُ هذه - إِن لم أقل: يستحيلُ- أَن يتفقَ مثلُ هؤلاءِ الحفّاظِ على تقويةِ الحديثِ وفيه (الواسطيّ) المتفق على تضعيفِه، وفيهم من صرّحَ بتضعيفِه كما بينتُ، ثمَّ يأتي بعضُ الناشئين ممّن لا علمَ عندهم - كعلمِهم على الأَقلِّ - فيخالفونهم بمجرّدِ الدعوى والجهلِ والتوهيم للثقاتِ! وليس هذا فقط، بل ويخالفونَ ثمانيةً من الحفّاظِ تتابعوا على تقويةِ الحديثِ على مرِّ القرونِ دون أَن يُعْرفَ أيُّ مخالفٍ لهم، إلاّ من هؤلاءِ الخلفِ بدونِ حجّةٍ أَو برهانٍ، والله المسُتعانُ". وذكر الشيخ في «السلسلة الصحيحة» (6/907) برقم (2889) حديث : ((كان إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن، ثم قال: اللهم أسلمت نفسي إليك..)). قال: "وقد امتحن بحديث الترجمة بعض المتعلقين بهذا العلم الشريف، والمتاجرين به، من الناشرين المدعين للعلم، والكاتبين، ولا أقول المؤلفين فيه، يجمعهم في ذلك أنهم جميعا أنكروا رواية البخاري من فعله صلى الله عليه وسلم، بعضهم صراحة، وبعضهم ضمناً. الأول: محمد فؤاد عبد الباقي... والثاني: الشيخ الجيلاني في شرحه على "الأدب المفرد"... والثالث: جماعة من العلماء بإشراف زهير شاويش! كذا قال في الوجه الأول من طبعته الأولى بالترتيب الجديد! لكتاب "رياض الصالحين" الذي كنت حققته من قبل، وطبعه سنة (1979-1399) الطبعة الأولى، ثم أعادها ثانية سنة (1404)، والثالثة سنة (1406). ثم قام بطبعه هذه السنة (1412) بالترتيب الجديد، وقدم لها بمقدمة ملؤها الكذب والزور وقلب الحقائق بما لا مجال لبيان ذلك الآن، فحسب القراء دليلاً على ذلك زعمه أنه "تحقيق جماعة من العلماء"، فانظروا الآن في المثال الآتي: لقد علقت "جماعة العلماء" على هذا الحديث، وقد قال النووي في تخريجه إياه (رقم817 - الطبعة الأولى بتحقيقي) و (رقم 818- تحقيق جماعة من العلماء)، قال النووي: "رواه البخاري بهذا اللفظ في كتاب الأدب من صحيحه". علقت عليه الجماعة بقولها (ص337): "تقدم هذا الحديث برقم (81) وسيأتي برقم (1470) ورواه الإمام البخاري في الوضوء والدعوات والتوحيد. بزيادة عما هنا، ولم أجده في كتاب الأدب. وانظر "فتح الباري" (1/357 و11/109، 113، 115، 13/462). ولعل المؤلف وهم إذ إن الحديث في كتاب الأدب المفرد للبخاري". فتأمل أيها القارىء الكريم في هذا التخريج، هل هو أولاً من عمل "جماعة من العلماء" أم الجهلة، أم هو عمل فرد واحد لا يدري ما ينطق به لسانه، وما يجري به قلمه، ألا وهو الذي أعلن أن التحقيق المذكور هو بإشرافه، بدليل قوله: "ولم أجده.."؟! هذا أولاً. وثانياً: هل كان عزوه تحقيق الطبعة الجديدة لـ "جماعة من العلماء" من باب تغيير شكل من أجل الأكل الذي تمثل جلياً في حشره نفسه وغيره معي في تحقيق كتاب "التنكيل" كما شرحت ذلك في مقدمة طبعته الجديدة؟ أم هو الإعجاب والغرور بالتحقيق المزعوم هنا فعزاه لنفسه هنا دونهم؟ (أحلاهما مر). وسواء كان هذا أو ذاك، فهذا التخريج وحده أكبر دليل على أن كاتبه ليس طالب علم، فضلاً عن أنه ليس عالماً، فكيف "جماعة من العلماء"؟! وذلك للوجوه الآتية: أولاً: أن الحديث في "صحيح البخاري" كما علمت، فإنكار وجوده فيه مع توفر الفهارس الميسرة للاطلاع عليه يؤكد ما ذكرت. ثانياً: أن الأرقام التي عزاها لـ "فتح الباري" هي ليست من كده وبحثه وتنقيبه، وإنما هي من سرقاته الكثيرة التي فشت في كتاباته وتعليقاته، فهو استفادها من الطبعة السلفية التي استقصى أطراف أحاديثها محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله، فقد أشار في الموضع الأول لحديث البراء (1/357) إلى أرقام أطرافه، فجاء هذا المتشبع بما لم يعط! فحول أرقامها إلى أرقام الصفحات والمجلدات!! تبجحاً وتدليساً على القراء، وإيهاماً أن ذلك من تتبعه للحديث الذي لم يجده. ثالثاً: يا لله! ما أجمل ما قيل: ومهما تكن عند امرىء من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم. كما روي في الحديث الضعيف: "ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها، إن خيراً فخير، وإن شرا فشر"، فما أجمله من حديث لو صح. لقد كشف الله عن سرقة هذا المدعي وعن جهله وعجبه وغروره، بأن ألهمه أن يحول أرقام أطراف الأحاديث إلى أرقام صفحاتها تدليساً وتمويهاً - كما سبق – وفيها صفحة (115) من المجلد (11)، والحديث الذي نفى وجوده فيها! وبالرقم الذي رقمه محمد فؤاد (6315)! فحوله هو إلى رقم الصفحة كما رأيت، ليعمي عنه، وقد جمعت أنا بين ذكر المجلد والصفحة ورقم الحديث في أول هذا التخريج. وله من مثل هذا النوع من الخلط والعدوان على العلم الشيء الكثير في تعليقاته التي يعتدي بها علي وعلى كتبي، وقد سبق له مثال تحت الحديث (2840) فراجعه. والرابع والأخير إن شاء الله من الممتحنين في هذا الحديث، ألا وهو المدعو (حسان عبدالمنان)، فقد قام هذا الرجل في هذه السنة بطبع "رياض الصالحين" طبعة جديدة مسخها مسخاً وتصرف فيه تصرفاً سيئاً بحيث صار نسبة الكتاب إلى الإمام النووي كذباً وزوراً مكشوفاً لأسباب كثيرة قد ذكرت شيئاً منها في موضع آخر، منها أنه حذف منه نحو أربعمائة حديث كما حذف كلام النووي عليه شرحاً، أو تحسيناً وتصحيحا. وهذا الحديث من تلك الأحاديث التي حذفها تحت بابه رقم (127 – باب آداب النوم..)، وقد ذكر النووي فيه حديث الترجمة هذا، وحديثه من رواية منصور المتقدم، فاحتفظ بطرفه الأول من هذا مشيراً إلى أنه يأتي بتمامه، وحذف الأول دون أن يشير إلى ذلك، والسبب واضح لأنه فيما بدا لي من صنيعه في هذا الكتاب أنه لا معرفة عنده بما في الأصول من الأحاديث، وإنما هو يستفيد من الكتب الجامعة للأحاديث، ومن بعض الكتب التي تعني بتخريج الأحاديث والكلام عليها، فإذا وجد فائدة أو نقداً تبناه وذكره دون أن ينسبه إلى صاحبه، فيظهر لي أنه ما حذفه إلا وقد شك على الأقل في وجوده في "صحيح البخاري"، ولم يساعده الوقت للبحث عنه مستعيناً بالفهارس، وليس بالعلم الذي في صدره - إن كان فيه -، وإلا لم يكن لحذفه معنى معقول لو كان واجداً له، لأن فيه فائدة لا توجد في رواية منصور وهي مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على النوم على شقه الأيمن، والدعاء فيه، والنووي رحمه الله ما أوردها إلا لذلك". وقال الشيخ في «السلسلة الصحيحة» (2/719) أيضاً: "وأما أحاديث "ضعيفته" – أي حسّان- البالغ عددها (130) فهي على قسمين: أحدهما مما كنت نبهت على ضعفه في مقدمة طبعتنا لـ "الرياض"، وتبناه هو وتوسع في تخريجه والكشف عن علله، وهو في ذلك عالة على كتبي مثل: "الإِرواء" والسلسلتين وغيرها دون أن يصرح بذلك إلا نادرًا لتقوية موقفه فقط! وذلك مِن تشبعه بما لم يعط، وذلك ما يظهر لكل من يتنبه لبعض عباراته، ولمن قابل تخريجه بتخريجاتي، ولا أدل على ذلك من وقوعه في الخطأ الذي كنت وقعت فيه بسبب أو آخر، فقد نقل من "الصحيحة" (266) - دون عزو طبعًا- تخريج الحديث وفيه: ".. وأحمد (1/153)"، وهذا خطأ! والصواب: "وعبدالله بن أحمد.." كما هو مصحح عندي في نسختي، أضف إلى ذلك أنه كتم عن قرائه تحسين الترمذي إياه وتصحيح الحاكم والذهبي، وموافقتي للترمذي. وأغرب من ذلك وأسوأ أنه قلدني (ص 518/25) في تضعيف الحديث رقم (1681 - الضعيفة)، ووافقه على ذلك شيخه شعيب، وأنا قد رجعت عنه فنقلته الى "الصحيحة" (2827 و2828) ؛ لشواهد وقفت عليها، فما أشبههما بالجن الذين قال الله فيهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ..} الآية! فلو أن الرجل يريد الإصلاح والنصح لحاول إنقاذ ما يمكن من الأحاديث الضعيفة السند بتتبع الطرق والشواهد لتقويتها لو كان أهلًا لذلك، وإلا فإن تضعيف الأحاديث الصحيحة لا يعجز عنه الملاحدة فضلًا عن المنافقين وأهل الأهواء أمثال أبي ريا وأذنابه". ثم نقل الشيخ اعترافه بأنه استفاد من كتبه (2/724) فقال: "فقد قال بعد توطئة وتودد – أي حسان-: (وأنا ما تعلمت هذا العلم - إن كان عندي قليل من العلم- فما تعلمته إلا بك، فأنت الذي فتحت لنا هذا الباب في كتبك، ووالله لولا كتبك واستفادتنا منها ومطالعتنا لها ما توصلنا إلى ما توصلنا إليه الآن. حتى الشيخ شعيب كان عندي قبل فترة وشهد بهذا، وقال: إنه استفاد من كتبك كثيرًا). هكذا قال. وأرجو أن تكون هذه الكلمة خرجت من قلبه، لنرى آثارها الطيبة برجوعه قريبًا إلى الصواب إن شاء الله تعالى" انتهى. · اتهام الشيخ الألباني لـلشيخ "شعيب الأرنؤوط" بسرقة بعض تخريجاته! قال الشيخ في «السلسلة الضعيفة» (1/30-35): "ثم وقفتُ على رسالة جديدة للشيخ الأنصاري- وهذه المقدِّمة تحت الطَّبع- تؤكِّدُ لكل مَن يقرؤها أنَّه ماضٍ في بغضهِ وحسده وافتراءاتِه، وهي بعنوان: "نقد تعليقات الألباني على شرح الطَّحاويَّة"! وهو فيه- كعادته في ردوده عليَّ- لا يحسِنُ إلا التهجُّمَ، والتَّحامل عليَّ بشتَّى الأساليب، والغمز، واللمز؛ كقوله في أول حديث انتقدني فيه بغير حق: "فباعتبار الألباني نفسه محدِّثاً لا فقيهاً (!)...". ثم قال: "وإنَ مما يحسن التَّذكير به أن الشيخ الأنصاري – يعني: إسماعيل- كما حابى ابن عمِّه الشيخ الفاضل حمَّاد الأنصاري في سكوته عن تضعيفه لحديث عطيَّة المتقدم (ص18). كذلك حابى الأنصاريُّ مَن يوافقه في بعض أوصافه المتقدِّمة؛ كالحسد، والحقد، وتتبُّع العثرات، ودفنه للحسنات! ألا وهو الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على "شرح العقيدة الطحاوية" طبع مؤسسة الرسالة، بالرغم من أنه قد شارَكني في تَضعيف الحديث المشار إليه، وفي كثيرٍ ممَّا أنكره الأنصاري عليَّ؛ فإن كثيراً من تخريجاته قد استفادها من تخريجي، وفيه العزو إلى بعض المخطوطات التي لا تطولها يده! دون أن يشير إلى ذلك، فهو يستغل جهود غيره، ثم ينسبها إلى نفسه متشبِّعاً بما لم يعط! فانظر على سبيل المثال: (1/88 و94 و96 و156 و165 و224 و234، و2/378 و389 و418 و423 و 510 و 520 و542 و544 و549)، وقابل ذلك بتخريجي؛ لتتحقَق ممَّا ذكرت، على أنَّني قد عدت عن تخريج بعضها؛ كالحديثين المشار إليهما بالرقمين الموضوع عليهما الخط الأفقي، وبقىِ هو على تقليده إياي! والحديث الأول مخرَّجٌ عندي في "الصحيحة" (2829)، والآخر في "الضعيفة" (5427)، وهو ممَّا استدركته في بعض الطبعات الجديدة بتخريجي على "شرح الطحاوية"؛ كالطبعة الثامنة والتاسعة (ص290). ومن هنا يظهر للقرَّاء محاباة الأنصاري للشيخ شعيب أيضاً...". وقال في «تمام المنة في التعليق على فقه السنة» (ص: 196): "وحديث ابن عمر رواه البيهقي بسند جيد عنه موقوفاً ومرفوعاً كما بينته في "الضعيفة" تحت الحديث (967)، وفي "صفة الصلاة" ويأتي لفظه قريباً بإذن الله تعالى. ورواه أبو إسحاق الحربي بسند صالح مرفوعاً عنه يرويه الأزرق بن قيس: رأيت ابن عمر يعجن في الصلاة: يعتمد على يديه إذا قام. فقلت له؟ فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. وهو حديث عزيز - كما ذكرت هناك - لم يذكره أحد من المخرجين المتقدمين منهم والمتأخرين ثم سرقه المعلق على "الزاد" فنقله بالحرف الواحد من "الصفة" متشبعاً بما لم يعط، وكم له من مثل ذلك في تعليقه هذا وغيره! هدانا الله وإياه". قلت: والمعلق على الزاد – أي زاد المعاد- هو الشيخ شعيب الأرنؤوط. وذكر الشيخ في «السلسلة الضعيفة» (13/443-446) برقم (6205) حديث (إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَرَايَا مِنَ الْمَلائِكَةِ تَحِلُّ، وَتَقِفُ عَلَى مَجَالِسِ الذِّكْرِ فِي الأَرْضِ، فَارْتَعُوا فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ...). ثم قال: "(تنبيه): قد أورد شارح العقيدة الطحاوية الشطر الثاني من الحديث بلفظ: "إذا أحب أحدكم أن يعرف كيفية منزلته عند الله ..." الحديث نحوه. فلما خرجت أحاديث الشرح منذ ثلاثين سنة تخريجاً مختصراً لم أكن قد وقفت على حديث الترجمة؛ فقلت في "التخريج" المشار إليه: "لا أعرفه". وهذا كلام سليم جار على منهج علماء الحديث، وليس كذلك قول ذلك المتشبع بما لم يعط والذي يستفيد من تخريجاتي وتعليقاتي، ثم لا حمداً ولا شكوراً كما يقال في بعض البلاد!، بل ما شئت من النقد الجائر، والتتبع للعثرات التي لا ينجو منها أحد، فانظر إليه كيف قلدني وهو الذي يدعي البحث والتحقيق في التخريج؟! فقد قال في تعليقه على هذا الحديث في طبعة مؤسسة الرسالة لشرح العقيدة قال (1/389): "ليس بحديث". فهذا النفي، لا يصدر إلا من مغرور معجب بعلمه وحفظه للحديث، وهو – كما يُقال ؛ ليس في العير، ولا في النفير، وفي ظني أنه لا يخفى على مثله أنه لا يجوز له، ولا لمن هو أعلم منه وأحفظ أن يطلق هذا النفي، وإنما أوقعه فيه تظاهره بخلاف واقعه، وهو استفادته من كتبي كما يشهد بذلك كل من يعرفه عن كثب، فبدل أن يقول كما قلت: "لا أعرفه" أو نحوه مثل: لم أقف عليه؛ كما يقول العلماء حقاً، الذاكرين لقول الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} [قال كما ذكرت: "ليس بحديث"]. والله المستعان". قلت: لعل ذلك – والله أعلم- من قِبل بعض الذين يشتغلون مع الشيخ في كتبه، والشيخ الألباني نفسه قد عذره في مواطن عدّة بهذا. ومن ذلك: ما قاله الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/738): "ومثل هذا التخريج الواهي يجعلني أعتقد أن كثيرًا من التخريجات التي نراها منسوبة للشيخ شعيب ليست له، وإنما هي بقلم بعض من يتدرب تحت يده ممن لا علم عندهم كحسان هذا، ومثله المعلق على "الإِحسان"، ففي تعليقاته عليه أوهام كثيرة - تبينت لي أثناء تحقيقي لكتاب "موارد الظمآن"، وهو وشيك الانتهاء إن شاء الله- استبعدت أن تقع من الشيخ شعيب؛ لأنها أوهام مكشوفة!". وما قاله أيضاً في «السلسلة الصحيحة» (7/ 953): "وأنا لا أعتقد أن المعلق المشار إليه هو الشيخ شعيب، وإنما هو أحد الذين يعملون تحت يده، ويتّكِل عليهم دون أن يطلع على خبطاتهم العشوائية، ثم تنشر باسمه وتحقيقه، فهو من هذه الحيثية مؤاخذ، ولو أنه أحياناً يقرن مع اسمه غيره، وبذلك (تضيع الطاسة) كما يقولون في سوريا! فقد رأيت في التعليقات على "الإحسان" وغيره خبطات كثيرة من نحو ما تقدم...". وما قاله كذلك في «السلسلة الضعيفة» (5/341): "التعليقات التي على هذا الكتاب وغيره باسم الشيخ شعيب، ليست كلها بقلمه، وإنما بقلم بعض المتمرنين تحت يده، والله سبحانه وتعالى أعلم". · اتهام الشيخ الألباني لـ "الصابونيّ" بسرقة بعض التخريجات من أصل "تفسير ابن كثير"! ذكر الشيخ في «السلسلة الضعيفة» (13/369) برقم (6163) حديث: (إن الله عَزَّ وَجَلَّ إذا أراد بقوم بقاءً أو نَمَاءً؛ رزقهم السَّماحة والعَفَاف، وإذا أراد بقوم اقْتِطاعاً؛ فتح عليهم باب خِيانةٍ، ثم نَزَعَ: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}). ثم قال: "ولما ساقه ابن ابن كثير في "تفسيره" (2/133) بإسناد ابن أبي حاتم المذكور قال: "ورواه أحمد وغيره". وما أظن إلا أنه وهم في عزوه لأحمد، وغفل عن ذلك مختصره الشيخ الصابوني، وسرق تخريجه من أصله "تفسير ابن كثير"، وأوهم القراء أنه منه! فقال (579/1): "رواه ابن أبي حاتم وأحمد في (مسنده)"!! كذا قال فض فوه، فقد جمع في هذه الجملة القصيرة عديداً من الجهالات: 1- نسب التخريج لنفسه، فتشبع بما لم يعط فهو "كلابس ثوبي زور"؛ كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أمثاله. 2- نقل خطأ عزوه لأحمد دون أن يشعر به، شأن المقلد المحتطب الذي يحمل الحطب على ظهره وفيها الأفعى وهو لا يشعر - كما روي عن الإمام الشافعي رحمه الله -، وكان يمكنه أن يستر على نفسه؛ بأن يدع التخريج في "تفسير ابن كثير" دون أن يقتطعه منه. وينقله إلى تعليقه! ولكنه العجب والغرور، وصدق رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ يقول: "ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، واعجاب كل ذي رأي برأيه". 3- سكت عن إسناده، وقد ساقه الحافظ تبرئة لذمته، وليتعرف منه العالم على حاله صحة أو ضعفاً، ولكن أنى لهذا الجاهل أن يعرفه؟ فكان عليه إذ جهل حاله ولم يبينه، أن يسوق إسناده تبرئة لذمته أيضاً. 4- ومن تمام جهله وغروره وتشبعه بما لم يعط: أنه زاد في التخريج الذي سرقه قوله: "في مسنده"؛ لظنه أن عزوه لأحمد صحيح! وأنه يعني "مسنده"، ظلمات بعضها فوق بعض. هداه الله". · لِم أبقى الشيخ الألباني "عصابة السُّرّاق" حوله؟! وهذه الاتهامات من الشيخ والتحذير من سرقه كتبه لم ينتفع بها من ينتسبون للشيخ بالتلمذة المدّعاة! بل لم يتهم بها أحداً منهم مع علمه بأنهم يسرقون منه أيضاً!! والاتهامات التي اتهم بها الشيخ من ذكرنا بالسرقة ليست واضحة في بعضها كما هي واضحة فيمن يدّعي عليه التلمذة! فهؤلاء (التلاميذ النجباء!!) يسرقون كتباً كاملة بحروفها وبعلامات ترقيمها! وتخريجاته وأحكامه بطولها! وكلما ظهرت سرقات هؤلاء التلاميذ يزداد عجبي من الشيخ – رحمه الله – كيف رضي بهؤلاء أن يكونوا حوله!! وكان يعلم علم اليقين أنهم (سرّاقون)! ولم أجد تفسيراً لهذا إلا أنهم كانوا مفروضين عليه من جهات معينة!! وكأنهم كانوا يُهيئون لأمر ما، وما حصل بعد وفاة الشيخ يفسر ذلك تماماً. · التلمذة عن طريق الأشرطة والمجالس العامة! ونحن لا نُنكر أن القوم كانوا مقربين من الشيخ، ولكن لم يتتلمذوا عليه التلمذة الحقيقية، كقراءة الكتب عليه وغير ذلك، وهذا ما صرّح به الشيخ نفسه في سؤال وُجّه له: السائل: هل للشيخ تلاميذ؟ الشيخ الألباني: لي تلاميذ على هذه الطريقة – أي: الطريقة غير المباشرة كالأخذ من الأشرطة والكتب وحضور المجالس العامة. السائل: على الطريقة الأخرى، اللي هي مُباشرة؟ الشيخ الألباني: لا ما عـنـدي. السائل: بالمرة ما فيه؟! الشيخ الألباني: هنا ما فيه، بالشام (كان) في. (سلسلة الهدى والنور، شريط رقم 174، نهاية الشريط). قلت: فالشيخ – رحمه الله – ينفي أن يكون له تلاميذ على الطريقة العلمية المعروفة في الطلب، وقد ذكر بعضهم في بعض كتبه لإفادتهم إياه أحياناً بطريق معين لحديث أو لفظة معينة، وينعتهم بلفظ: "الأخ فلان" أو "الأخ فلان"، وكان بعضهم في بعض المجالس العامة يظهر فيها صوته. والشيخ كان ينعت حتى المخالف بلفظ "الأخ"، فقال في «الصحيحة» (2/707): "وقد تغافل عنه الأخ حسان عبدالمنان في تعليقه على ما طبع هو من كتاب "رياض الصالحين" للنووي". وكان أيضاً ينعته بـ "المدعو (حسان عبدالمنان)"، أو: "المسمى بـ (حسان عبدالمنان)". هذا وقد عرف الشيخ الألباني قديماً بسرقة بعض (هؤلاء التلاميذ) ولكنه أبقاه عنده مع أنه كان شديداً على من يسرق منه!! · سرقة شهد عليها الشيخ الألباني لأحد من يدعي التلمذة عليه!! ومن المتواتر أن أول سرقة كانت لـ (عليّ حلبي) رسالة صغيرة للشيخ عبدالرحمن عبدالخالق «كلمات إلى الأخت المسلمة»، وقد عايش الشيخ الألباني هذه السرقة!! قال محمد إبراهيم الشيباني في «كتاب حياة الألباني» (1/36): "وإنك لتجد أعجب من هذا (السرقة باسم العلم) فكم من سارق لمؤلفات غيره، وكم هم الذين سرقوا أسطراً كثيرة كانت لغيرهم دون أن يذكروا من أين أخذوها أو اقتبسوها... حدّثني شيخ فاضل أن فلاناً من الناس يشتغل بالعلم قد سرق منه موضوعاً يتعلق بالمرأة! وآخر ألف له كتاباً يتعلق بشعر الدعوة ووضع اسمه عليه... وما أجرأهم على التشهير بغيرهم حين وجود خطأ في العزو أو التصحيح أو النقل. ومما يؤسف له أن يحصل هذا بين أناس اعتقدوا عقيدة السلف واتباع البنيّ صلى الله عليه وسلم مما كان يفرض عليهم أن يترفعوا عن هذه الدنايا والتوافه من الأمور التي لا يفيد ولا يزيد المسلم إلا وهناً وخِزياً في الدنيا والآخرة". قال صاحب كتاب «الروض الندي» بعد أن نقل هذا الكلام: "أقول: الشيخُ الفاضلُ هو عبدالرحمن عبدالخالق. وفلان هو: علي حسن. والرسالة هي ((كلمات إلى الأخت المسلمة)) والقصة معروفة مشهورة. وقد أدان فيها الشيخ الألباني علي حسن! وخلاصتها أنّ علي حسن يجد ورقات تتعلق بالمرأة المسلمة لا يوجد عليها اسم مؤلف أصدرها شباب مسجد سعد بن أبي وقاص في الكويت فيقوم علي حسن بطبع الرسالة في الأردن في المكتبة الإسلامية لصاحبها نظام سكجها، واضعاً اسمه عليها، ثم قدّر أن تصل الرسالة إلى الكويت، وتقع في يد عبدالرحمن عبد الخالق فيقوم بإرسال طالب علم إلى الأردن وإلى الشيخ الألباني، وهو الشيخ محمد إبراهيم الشيباني، وتوضع الأدلة بين يدي الشيخ الألباني ومجموعة من طلاب العلم، وعمّ الخبر وانتشر وأدان الألبانيُّ علي حسن وطلب منه أن يصلح ما فعل ويعلن توبته وندمه، وأن هذا لا يليق بطالب علم. وفعلاً في الطبعة الثانية قام الحلبي بالاعتذار على استحياء فقال (ص14): "ولقد استفدت في إعداد هذه الرسالة من نشرة أصدرها شباب مسجد سعد بن أبي وقاص في الكويت بعد تصحيحها وضبط نصها والتعليق عليها والزيادة فيها وحذف تكرارها فجزاهم الله تعالى خيراً، ولقد فاتني ذكر هذا في الطبعة الأولى لأسباب فاقتضى التنبيه" انتهى. وأمثلة سرقة تخريجات الألباني وغيره من قِبل علي حلبي ومن هو على شاكلته كثيرة جداً. (راجع في ذلك كتاب: الروض الندي في جهالات وسرقات علي الحلبي). وكذلك مشهور حسن؛ فإنه بدأ مشواره (التحقيقي) متطفلاً على تخريجات الشيخ الألباني، وقد ألّف بعضهم في ذلك رسالة «الكشف المشهور عن سرقات مشهور» وتناول فيها التخريجات والأحكام التي وضعها في كتابه «القول المبين في أخطاء المصلين» وبيّن أن جلّها من كلام الشيخ الألباني!! وسنفصل فيها لاحقاً إن شاء الله تعالى. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين. وكتب: خالد الحايك 14 ربيع الآخر 1432هـ.
شاركنا تعليقك