سرقة (مشهور حسن آل سلمان) لرسالَتَي دكتوراة!
ألّف مشهور
حسن - بحسب ما يزعم - كتاب (الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير)، ونشرته دار القلم
في دمشق ضمن سلسلة (أعلام المسلمين) رقم (41) سنة (1413هـ1993م) في (261) صفحة من
القطع الصغير.
وقد رَاجَ هذا
الكتاب بين أهل العلم؛ لأن (مصنّفه) معروفٌ (ومشهورٌ) كاسمه!
ولمّا اطّلعت
على الكتاب؛ أيقنت أن أسلوبه، واستنباطاته، وبعض قوّته، لا يمكن بحالٍ من الأحوال
أن تكون صدرت عن (مشهور)، لأني أعرف مستواه العلمي، فتتبعت مصادره؛ فوجدته قد
(سرقه)، ولفّقه من كتابين أصيلَين تناول فيهما مصنفيهما الإمام القرطبي - رحمه الله
- في دراستين منهجيتين، وهما:
1- كتاب
(القرطبي ومنهجه في التفسير) للدكتور القَصَبي زلط، المدرس بالأزهر، وكانت رسالته
في الدكتوراه، وطبعت للمرة الأولى سنة (1399هـ-1979م) دار الأنصار - مصر.
2- كتاب (القرطبي
المفسّر) ليوسف عبدالرحمن الفِرت، وطبع سنة (1402هـ-1982م) دار القلم - الكويت.
وقد عَمدَ
مشهور إلى هذين الكتابين؛ فاقتطع ما فيهما من نصوص، ولفّق بينهما، وقدّم وأخّر،
وأحياناً اختصر، فنتج من ذلك هذا الكتاب، وقد تتبّعته، فوجدته قد كذب، ودلّس،
ولبّس، وزعمَ، وافترى، وتصرّف، وأخطأ... وغير ذلك مما سيجده القارئ مفصلاً إن شاء
الله.
وللأمانة
أقول: أشهد أن (مشهوراً) ذكيٌّ في أساليب السرقة والتلفيق، وأن أقرانه ممن يسرقون -
أعني: سليم الهلالي وعليا الحلبي - لم يصلوا إلى مستواه في إخفاء السرقة، ولذلك
يظن الناس فيه الخير.. فحريٌّ بأصحابه السُّرّاق أن يثنوا بين يديه ركبهم ليتعملوا
منه أفانين السلب والنهب!!
وأنا أدعو
القارئ الكريم (أن يدع التعصب جانباً) ويقرأ بِرَوية وتفكّر؛ ليعرف من هو مشهور،
وكيف يقتات على موائد العلماء، فيسرق كلامهم ويجني ثمرة تعبهم بجمع الأموال، ولا
حول ولا قوة إلا بالله الكبير المتعال.
وطريقتي في
بيان هذه السرقة: أن أنقل نص (مشهور) كاملاً، ثُمّ أورِدُ كلامي عليه، ثُمّ أنقل
الموضع الذي (سرقه) (مشهور)، وأحياناً يأتي تعقيبي بعد نقل الكلام الأصلي الذي
سرقه مشهور، وذلك بحسب المقام.
مع التنبيه
على أن هناك مواضع قليلة جداً كان يعزو فيها مشهور إلى المصدر الذي نقل منه دون أن
يضع علامات تنصيص ليلبّس على القارئ فيظن أن هذا من كلامه، وأنه استفاد الفكرة من
المصدر المحال إليه.. ولأن الأمانة العلمية تقتضي بيان ذلك؛ فقد أشرت إلى المواضع
التي كان يعزو فيها (مشهور) بل أشرت إلى جميع الحواشي التي كان يذكرها في كلامه،
وقارنتها بالهوامش من الكتب التي سرق منها.
وهذا الكتاب
أقدّمه لهؤلاء الذين ما يزالون في "صدمة نفسية" ممن لا يصدّقون أن شيخهم
"سرّاق" كباقي أصحابه! وما زالوا يطالبون بالأدلة التي تثبت سرقة مشهور
مع وضوحها كالشمس في رابعة النهار! فتراهم يدافعون عنه عبر شبكة
"الانترنت" وغيرها، ويسفّهون ويحقدون على من يتكلم فيه وفي زمرته!!
ولكن: إنه الهوى والعمى! قيل: "إِنَّ الهوى شَريكُ العَمى". "وحُبّك
الشيءَ يُعْمِي ويُصِمُّ".
فحبك للشيء
يعميك عن مساويه، ويصمك عن استماع العذل فيه، وقد أخذ هذا الشاعر فقال:
وعين الرضا عن
كل عيب كليلة // ولكن عين السخط تبدي المساويا
وقال آخر:
خرجت غداة النحر
أعترض الدمى // فلم أر أحلى منك في العين والقلب
فوالله ما
أدري أحسن رزقته // أم الحب يعمي مثلما قيل في الحب!
وقال عمر بن
أبي ربيعة:
زعموها سألتْ
جاراتِها // وتَعرَّتْ يوم حَرّ تبتــــــرد
أكما ينعتني
تبصرنني // عمركنّ الله أم لا يقتصـــــد
فتضاحكنَ وقد
قلنَ لها // حسنٌ في كلِّ عين من تــودّ
حسداً حملنهُ
من أجلها // وقديماً كان في الناس الحسد
قال أبو حيّان
التوحيدي في المثل السابق: "دلّ على أن محبّتك يمتزج بها الهوى، وتجاذبها
الشهوة، وتذل معها النفس، ويكلّ عندها العقل، فذاك هو الإعماء والإصماء، وإنما
أراد التّمثيل باللفظ والزّجر بالمعنى، وهذه المحبة بهذه الصفة مقصورة على ما اتصل
بالدنيا وأسبابها، فأما أمور الآخرة وطرائق الدّين فإنّ حبّك لها لا يعمي ولا
يصمّ، بل يزيدك في سمعك وضياء بصرك ونور قلبك وطهارة خاطرك". {فَإِنَّهَا لا
تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [سورة
الحج: 46].
وهؤلاء الذين
يلتفّون حول "مشهور وزمرته" صنفان لا ثالث لهما:
الصنف الأول:
أتباع الهوى والعمى ممن يحاول الوصول إلى الدّنيا كما وصلوا، وليس العلم همّهم!
لأنه لو كان همّهم العلم لطلبوه من أهله لا من ساقطي العدالة. ولهذا قال الله
تعالى قبل الآية السابقة: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ
قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى
الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. وهؤلاء يصدق
فيهم قول الله تعالى عن قوم فرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} [الزخرف:
54]. قال لهم: {أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى} [النازعات: 24] فصدّقوه! وقال لهم:
{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ
وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ. أَمْ أَنَا خَيْرٌ
مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ. فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ
أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ} [الزخرف:
51-53]. قال ابن كثير: "وإنما قال هذا تستراً وتدليساً على رعاع دولته
وجَهَلتهم". وقال أيضاً: "يخبر تعالى عن كفر فرعون وطغيانه وافترائه في
دعوى الإلهية لنفسه القبيحة - لعنه الله - كما قال تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ
فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}، وذلك لأنه دعاهم إلى
الاعتراف له بالإلهية، فأجابوه إلى ذلك بقلّة عقولهم وسخافة أذهانهم؛ ولهذا قال:
{يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}".
وهذا
"مشهور" استخفّ مَن حوله، ولبَّس عليهم، وقال لهم: "أنا لم أسرق.
ومن ادّعى ذلك فعليه بالدليل! ألا ترون مؤلفاتي الكثيرة، وتحقيقاتي النفيسة التي
ملأت الدنيا. أما هؤلاء الذين يتهموننا [كما قال فرعون عن موسى وأتباعه] من هم؟
إنهم نكرات! كم هي مؤلفاتهم؟ ومن مشايخهم؟ وهل تتلمذوا على الشيخ الألباني مثلنا؟
إنهم يحسدوننا، إذ لم يصلوا إلى مرتبتنا!"!!! فقال الأتباع: "نعم، نعم،
يا شيخنا. لقد أصبت. من هؤلاء النكرات؟ وأين أدلتهم على أنك سرقت؟ أنت المصدَّق
عندنا، ولو جاؤوا بملء الأرض كتباً تثبت أنك سرقت، فلن نسمع لهم، ولن نصدّقهم!
لأنك أنت الصادق، فلو أننا نظرنا في ما يكتبه هؤلاء فإننا حينئذ نشكّ فيك، وحاشا
أن نصل إلى هذا".
فما أشبه هذا
بقول فرعون وأتباعه: {وهذه الأنهار تجري من تحتي} وهي حقيقة لا تجري، وكذلك مؤلفات
مشهور هي مسروقة ليست له، سواء التي سرقها من مصنفات غيره، أم صنفها بعض الطلبة
وانتحلها هو!!
قال ابن كثير:
"وإنما أراد - أي فرعون - الترويج على رعيته، فإنهم كانوا جهلة أغبياء، وهكذا
كقوله: {فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسورةٌ مِنْ ذَهَبٍ}". فماذا كانت عاقبة
هؤلاء الذين أطاعوا فرعون في غيّه لما استخف بعقولهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا
فَاسِقِينَ. فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ
أَجْمَعِينَ}. قال ابن كثير: "قال تعالى إخباراً عنه: {فَحَشَرَ فَنَادَى *
فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ
وَالأولَى * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [النازعات: 23 -26]
يعني: أنه جمع قومه ونادى فيهم بصوته العالي مُصَرِّحا لهم بذلك، فأجابوه سامعين
مطيعين. ولهذا انتقم الله تعالى منه، فجعله عبرة لغيره في الدنيا والآخرة".
الصنف الثاني:
قومٌ جُهّال. وهؤلاء نسأل الله أن يهديهم ويفتح بصائرهم لئلا يقعوا فيما وقع فيه
الصنف الأول.
وأخيراً أقول
لهؤلاء: لا تكن عاقبتكم من الله كعاقبة أتباع فرعون! فأدركوا أنفسكم، وعودوا إلى
رشدكم. والله وليّ المتقين.
وهذا الكتاب
في بيان هذه السرقة من تقديم شيخنا العلامة محمد إبراهيم شقرة - حفظه الله تعالى -.
وقد قدّم
الشيخ بمقدمة رائعة عن حال هؤلاء السرّاقين وكشف عوارهم، فجزاه الله خير الجزاء.
وفي ثنايا
الكتاب يوجد الكثير من الأدلة على جهل مشهور في علم الحديث.
من هنا: "علوّ الصوت في بيان سرقة
(مشهور) كتابي: (د. القصبي زلط) و(د. الفرت)".
http://addyaiya.com/content.php?page-id=282&v=01f7743c
شاركنا تعليقك