سلسلة (السَّيف الذهبي الحادّ القاطع لسرقات الحلبي) (1)
«النجم الطارق» في كشف سرقة عليّ حلبيّ لكتاب الشيخ طارق!
بِسم
الله الرّحمن الرحيم
الحمدُ لله ربّ العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين
السارقين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه الغر الميامين، ومن
سار على نهجهم إلى يوم الدِّين، وبعد:
فهذه سلسلة مباركة -إن شاء الله- لكشف سرقات زعيم
النهّابين المدعو (عليّ حلبيّ) نبين فيها سرقاته وجهله في العلم الشرعي، والله
المستعان، وعليه التكلان.
وقد سميتها: (سلسلة السيف الذهبي الحاد القاطع لسرقات
الحلبيّ).
ويمكن تسميتها أيضاً: (السَّيفُ الذهبي لإقامة حدِّ السرقة
(العلمية!) على عليّ حلبيّ)، أو: (سياطُ اللهبِ على ظهر السارق عليّ حلبيّ).
بداية نبدأ بهذا (الدليل القويّ) على سرقة فاضحة
مشينة لحلبي وهي سرقة قديمة يعرفها كثير من طلبة العلم.
وقد اكتشف الشيخ طارق عوض الله (صاحب الكتاب الذي سُرِق)
هذه السرقة فكان من أدبه أنه بعث بشكوى إلى الشيخ بكر أبو زيد موضحاً ما فعله
حلبي!!
· تشكيك حلبي بهذه السرقة ليخادع
الناس!
إلا أن حلبي (هداه الله) - وبعد سنوات طويلة- أشار في بعض
كتبه (من طرف خفي) إلى هذه الرسالة (مشككاً فيها) وأنها لا يمكن أن تصدر عن الشيخ
طارق عوض الله.
والسؤال الذي يفرض نفسه: لِم لم يصرح حلبي بمضمون الرسالة؟
وأنه لم يسرق كتاب الشيخ طارق؟!
ففي لقاء معه على (شبكة سحاب السلفية) وجّه له (هيثم حمدان)
بعض الأسئلة من ضمنها سؤالاً يتعلق بهذا الموضوع، فأجاب حلبيّ قائلاً: "وردتني أسئلة متعددة حول كلام الأخ طارق
عوض الله بشأن كتابي "كشف المعلم بأباطيل كتاب تنبيه المسلم"، فأقول:
أولاً:
الأخ طارق من طلبة العلم الأفاضل، ومن إخواننا الجيّدين، ولا نزكّيه على الله،
ومعرفتي به – شخصياً منذ نحو خمسة عشر عاماً، والعلم رحمٌ بين أهله، ولا يزال
طلبته - من قبل ومن بعد- يستفيد بعضهم من بعض.
ثانياً:
لمّا ظهر موضوع (ورقة الأخ طارق) قبل نحو ست - أو سبع- سنوات؛ فوجئت بما يُقال - مع
أني لم أطّلع على ورقته إلى هذه الساعة- وراجعت كتابي "الكشف المعلم"؛
هل فعلاً لم أُشر إلى عملهِ، أو كتابهِ! ولم يُطبع كتابي سوى طبعته تلك؛ فإنّ عملَ
الأخ طارق - حفظه الله- جديرٌ بأن يُذكر، بل أن يُشادَ به، (فهو بسبقٍ حائزٌ
تفضيلاً)، وخلافُ ذلك أمرٌ لم أُرده، بل لم يخطر على بالي - أصلاً-، والله على ما
أقول شهيد.
ثالثاً:
ورقة الأخ طارق - كما أخبرني هو في ضحى هذا اليوم - هاتفياً- من القاهرة- أرسلها
(خاصّة) للشيخ بكر أبو زيد - عافاه الله-، ثم لم يَرَ إلاّ أنّها (بدأت)
بالانتشار!! دون موافقتهِ، ومِن غير إذنهِ، ولمّا علم - حفظه الله- بصنيع (عناكب
آخر الزمن) استاء جداً جداً!!
رابعاً:
بيني وبين الأخ أخوّة ومحبة، وتناصح، وتواصٍ، لن يُفسد أياً من ذلك (نبش)
النابشين، ولا تربُّص المتربِّصين.
خامساً:
الناظر في كتابي "الكشف المعلم" مقارنة مع كتاب الأخ طارق يرى بكل وضوح
جهلَ ووهن دعوى العناكب!!" ا.هـ.
· كشف السارق وفضحه!
قلت: سبحان الله! كلامٌ ينقض آخره أوله لمن لا غشاوة على عينيه. وأما
من طمس الله على عيونهم فلن يروا هذا التناقض. فأولاً يقول بأن العلم رحم بين أهله
وأهل العلم يستفيد بعضهم من بعض، ثم ينفي أنه اطلع على كتاب الشيخ طارق، ثم يؤكد
صحة الرسالة التي على الشبكة العنكبوتية وهي من الشيخ طارق، ثم يقول بأن من قارن
بين الكتابين يرى أنه لا أساس لحقيقة هذه السرقة المزعومة التي نبشها العناكب! كما
قال!!
· تشكيك وكذب!!
ثُم في كلام له آخر ينفي صحة هذه الرسالة! التي أكدّ صحتها
قبل وقد أرسلها الشيخ طارق (خاصة) إلى الشيخ بكر أبو زيد:
قال حلبي
في كتاب ((التنبيهات المتوائمة)) [صدر سنة 1424هـ-2003م] (ص384) هامش (1):
"وقد
وقفت –قريباً- على رسالة جديدة، بعنوان: ((النقد البنّاء لحديث أسماء)) - طُبِعَتْ
قبل نحو سنةٍ، أو يزيد- لأخينا الفاضل الحديثي، طالب العلم النبوي: طارق عوض الله -
وفقه الله-؛ تعقّب فيها رسالتي هذه –أي تنوير العينين-: بأسلوب علمي، وعبارة مهذبة
- وإن لم أُوافقه!- وَصَفني فيها –جزاه الله خيراً- (ص187) قائلاً: ((... من
إخواننا المشتغلين بهذا العلم الشريف، وهو من إخواننا الذين لهم يدٌ مشكورة في
الذّبِّ عن السُّنة، والردّ على أهل البدع)).
أقول:
فشكر الله له عَدْلَه، وإنصافه..
وأما
المتشبِّثون (!) ببعض ما نُقلَ عنه - متسرباً!! - في (الإنترنت) مما (قد) يُخالف
ظاهره (!) هذا الكلام: فليتقوا الله، وليفهموا القصدَ والمرام...
ولا
يكونوا - كيفما كانوا!- أعواناً للشيطان...". انتهى كلام حلبي.
قلت: انظر أخي القارئ كيف (دلّس) الحلبي (ولبّس) على قرائه!! فنقل مدح
الشيخ طارق له واستدل بذلك على أن من كتب هذا المدح لا يتصور أن تخرج منه هذه
الرسالة الموجودة على (الإنترنت)!!
وانظر كيف لم يصرح بمضمون الرسالة وما تحويه... فأراد حلبي
الاستدلال على بطلان الرسالة المذكورة بأن الشيخ طارق مدحه في هذا الكتاب، فلو كان
ثمة أمر بينهما لذكره في هذا الكتاب!!!
أقول: هذا الكلام هو من أدب الشيخ طارق، فهو يعلم أن حلبي
(سرق) كتابه، ومع ذلك فلم يصفه إلا بما رآه في بعض كتبه من ذبه عن السنة ومحاربة
أهل البدع - في ظنه حفظه الله، وإلا لو عرف حلبي حق المعرفة لما قال ذلك، والله
أعلم- حتى إن الشيخ طارق لم يشر إلى هذه السرقة في طبعة الكتاب الثانية التي كانت
سنة (2005م).
· كلام الشيخ طارق عوض الله في حلبي:
ومع هذا؛ فإن حلبي (كعادته) دلّس على قرائه فأخفى كلام
الشيخ طارق في بيان حال الحلبي في علم الحديث، وأنه ليس من أهله (بعبارة لطيفة)، وهذا
كلام الشيخ طارق الذي (أخفاه) حلبي:
"هذا، وفي أثناء كتابة هذا البحث وقفت على رسالة لبعض
إخواننا المشتغلين بهذا العلم الشريف، وهو من إخواننا الذين لهم يد مشكورة في الذب
عن السنة والرد على أهل البدع، سعى فيها سعياً حثيثاً لتقوية هذا الحديث. إلا أنني
وجدته لم يُراع كثيراً من الأصول والقواعد التي سلف بيانها، ولم يتنبه إلى العلل
القادحة في بعض الروايات، مثل نكارة رواية سعيد بن بشير، وكذا رواية ابن لهيعة.
وكذا؛ لم يتنبه إلى صلاحية مرسل قتادة للاعتضاد؛ لكونه على
التحقيق معضلاً، وليس مرسلاً، ولأن مرسِلَه ((قتادة)) كان يأخذ عن كل أحد من
الثقات وغير الثقات، وكذا لم يتنبه إلى عدم صلاحية العواضد التي جاءت له لأنْ
تعضده أو تقويه.
وقد بيّنت - بحمد الله تعالى- كلّ ذلك في الفصلين
السابقين، غير أني رأيت في أثناء رسالته بعض المواضع التي تجاوز فيها أخونا ما
يقتضيه البحث العلمي من الاعتدال في البحث وعدم التكلف". انتهى كلامه.
قلت: فهل يعدّ هذا النقد الشديد مدحاً!! سيما وأن الشيخ
طارق عوض الله لم يصرح باسم (علي حلبي) في بحثه! (فنكّرَه)!!
وهذا الكلام الشديد في عدم معرفة الحلبي (التي عبر عنها
الشيخ بعدم التنبه!!) بعلم الحديث أكدّه الشيخ طارق في رسالته للشيخ بكر أبو زيد،
حيث قال: "ولست أنكر إمكانية التتابع والتوارد على مثل هذا، ولكن من يعرف
الأخ علي حسن، ويقرأ له، يعلم أن مثل هذا النقد والإعلال للأسانيد لا يُعرف في
بحوثه الحديثية، وأقواله النقدية. فهو لا يكاد في بحوثه يعل إسناداً بإسناد إلا
إذا كانا قد اتحدا في المخرج، بمعنى أن يقع الخلاف في هذين الإسنادين على رجل
واحدٍ، إما إعلال الإسناد لكون التابعي أو من دونه قد تغير في إسناد آخر فهذا من
أنواع الإعلال الدقيقة والتي لا نعرفها في بحوث الأخ علي حسن!
بل لا أخفي سراً، إذا قلت: أن هذا النوع من الإعلال لا
نكاد نعرفه في بحوث من المتأخرين، وأكثر المعاصرين...
ومن أمثلة ذلك في بحوثه: حديث أسماء في كشف الوجه والكفين،
حيث كتب في تقوية هذا الحديث رسالة أسماها: ((تنوير العينين...)) وهي مطبوعة وذهب
فيها إلى تقوية الحديث باجتماع ثلاثة أسانيد.".
قلت: فها هو قد أكد ما ذكره في ((النقد البناء)) الذي عوّل
عليه حلبي!! وكَونُ رسالة النقد البناء طبعت سنة (2002م) فإن هذا لا ينفي أن الشيخ
طارق هو صاحب الرسالة؛ لأنه ليس من الضرورة أن يطبع الشيخ كتابه مباشرة بعد
انتهائه منه، فربما أنهى بعض المشايخ كتباً منذ سنوات وتبقى مخطوطة فترة طويلة،
وربما تطبع وربما لا تطبع، فهذا ليس دليلاً على بطلان الرسالة كما حاول أن يومئ
حلبي!
وكما ذكرت فإن الشيخ طارق عوض الله مؤدب في كلامه؛ حتى في
الرسالة التي بعثها للشيخ بكر أبو زيد، فإنه قال: "فلما نظرت فيه، وجدت
مؤلفه: الأخ علي حسن قد استفاد من كتابي في مواطنَ كثيرة من كتابه، بما يدلّ على
أنه اعتمد على كتابي اعتماداً كلياً، أو شبه كلي.
فقد أخذ كثيراً من البحوث التي أودعتها كتابي، فنقلها في
كتابه، بعد أن لخصها، وقدّم فيها وأخّر، وزينها بالألفاظ الحلوة والعبارات الرشيقة!
ثم لم يشر إليّ، ولا إلى كتابي أدنى إشارة، لا في المقدمة، ولا في صُلب الكتاب،
ولا في الهوامش".
قلت: فانظر - رحمك الله- كيف يسرق حلبي كتابه ولا يصرح
بذلك أبداً... ويتعالم الحلبي عليه وهو يسرق كتابه ثم يصفه بـ (طالب العلم
الحديثي)!! يعني أنه ما زال طالب علم! أما هو فقد (حاز العلم كله)!!
حُزتَ الجهالة
والضَّلالة كُلَّها // وبَرعتَ في التدليس حدَّ الْمُنتــهـى
وأتيت مَدحاً
باجتزائة أبلــــه // في عقله الوسواسُ صار الْمُشتهى
· إشارة الشيخ طارق إلى سرقة حلبي
لكتابه في كتاب الإرشادات:
ثم وجدت الشيخ طارق قد أشار إلى سرقة حلبي لكتابه. فقد ذكر
في كتابه ((الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات)) [الذي طبع سنة
(1998م)] (ص286) هامش (2) ذكر خطأً له وقع له في كتاب ((ردع الجاني)) وهو الخطأ
نفسه الذي نبه عليه في رسالته للشيخ بكر أبو زيد، فقال في ((الإرشادات)):
"وهذه فرصة أنتهزها لتصحيح ما أخطأت فيه؛ لا سيما وأن ثمة أخاً لي تعرض في
كتابٍ له في نفس موضوع كتابي لهذا الحديث، وقلدني في خطئي، من غير تحقيق".
وقد ألمح الشيخ طارق أيضاً إلى هذه السرقة في
((الإرشادات)) أيضاً في موضع آخر، فإنه لما ذكر عنوان: ((المتابعة... والسرقة))
قال (ص434): "فمتابعة السارق؛ لا تدفع عنه تهمة السرقة، بل توكد التهمة عليه،
وأنه إنما أخذ حديث غيره، فرواه؛ مدّعياً سماعه".
فقال في الهامش: "ونقل أخونا علي الحلبي في ((نكته
على النـزهة)) (ص53-54)، عن الشيخ الألباني أنه قال: ((إن عمل بعض الكذابين: أن
يسرق من غيره...".
قلت: واللبيب بالإشارة يفهم...
· مكالمتي مع الشيخ طارق حول سرقة
حلبي لكتابه:
وحتى أقطع الشك باليقين قمت بالاتصال بالشيخ طارق –حفظه
الله- هاتفياً صباح يوم الثلاثاء (10/6/2008م) وسألته عن حقيقة هذه الرسالة؟ فقال
لي –والله على ما أقول شهيد-:
"بعد ظهور كتاب الأخ علي بشهر تقريباً أرسله لي بعض
الإخوة لأنظر فيه، فإذا الأخ علي قد اعتمد على كتابي اعتماداً كلياً، فقمت بكتابة
رسالة إلى الشيخ بكر أبو زيد بهذا الشأن، وهي هذه الرسالة المنشورة على
(الإنترنت)، وقد نشرت على (الإنترنت) بعد خمس سنوات، وكأن الذي نشرها تلاميذ الشيخ
بكر أبو زيد. وكنت قد التقيت بالأخ علي بعد عام تقريباً من هذه المشكلة في مكة
المكرمة - أي في سنة 1994م تقريباً- فأقرّ لي بأنه اعتمد على كتابي".
قلت: فانظر أخي كيف يصفه الشيخ طارق بـ "الأخ"
وقد اعترف له بما فعل، فكيف يشكك (حلبي) في ذلك بعد سنوات ويوهم الناس بأنه لم
يفعل شيئاً!!
لم الكذب يا عليّ؟!
وعلى كلّ حال، فلو فرضنا جدلاً أن الرسالة ليست للشيخ
طارق، فإن ذلك لا ينفي السرقة عنه، فالأدلة التي جاءت في الرسالة تؤكد (مائة
بالمائة) حصول هذه السرقة.
وقد تتبعت ذلك فوجدته والله... سارق!! ناعق!!... (...اق!!)
... (...اق!!) ... (... اق!!)... سرق من الأخ الشيخ (طارق)!!!
وستأتي في النقطة الأخيرة - إن شاء الله تعالى- مقارنة بين
الكتابين ليعلم الإخوة أننا لم نفتر على أحد، والله حسبنا ونعم الوكيل.
وليتذكر الحلبي (إذا بلغت التراقي وقيل من راق، وظن أنه
الفراق، والتفت الساق بالساق، إلى ربك يومئذ المساق)...
وليتذكر (يوم التلاق)... لعلّه يرعوي عن صَنْعَةِ
السُّرّاق!!
وانظر أخي القارئ:
- كيف يتكلم الحلبي عن الأمانة العلمية في كتابه ص124!!!
- وكيف يتكلم عن إيهام القرّاء والتلبيس عليهم في كتابه
ص150!!!
- وكيف يدعو الله العصمة من الزلل ص151!!!
- وكيف يدعو الله التوفيق والسداد والتأييد ص163!!!
- وكيف يقول: ((فإلى الله المشتكى)) ص166!!!
- وكيف يتكلم عن التعمية على القرّاء ص169!!!
- وكيف يتكلم على من لا يحسن إلا التجميع والتقميش ص192!!!
- وكيف يتكلم عن إخفاء الأمور ص211!!!
- وكيف يتكلم عن الطرق المودية إلى الهوى والهلاك ص213!!!
- وكيف يتكلم عن التلاعب بالألفاظ ص218!!!
- وكيف أن الإنسان لا يهمه إلا ما يهواه وما يريد هو أن
يراه ص232!!!
- وكيف يتكلم عن التسرع والجهل بكتب أهل العلم ص233!!!
- وكيف يتكلم عن أن فاقد الشيء لا يعطيه ص262!!!
- وكيف يتكلم عن المكر والدسِّ ص263!!!
- وكيف يتكلم على التشبع بغير علم ص268!!!
- وكيف يتكلم عمن لا يدري ما الذي يخرج من رأسه ص275!!!
- وعمَّن يلعب على الحبلين ويكيل بمكيالين ص275!!!
- وكيف يتكلم على الورّاق الفهرسي الذي لا يعرف دقائق
العلماء وعباراتهم وألفاظهم في مصنفاتهم وتواليفهم ص300!!!
- وكيف يتكلم في نهاية كثير من فقراته عن الهداية؟!!!
ثُم ينهي كلامه في (كتابه المسروق) بقوله: "وبه أختم
هذا الكتاب سائلاً الله العليّ الأعلى أن يجعله هادياً لأهل الأهواء الذين مرضت
نفوسهم، فجعلوا أقلامهم عنواناً عليها، ودليلاً إليها. ومِن مِنة الله عليّ أن
وفقني لزَبْر هذا الكتاب على هذا النهج السديد..."!!!
أقول: أنت وصفت نفسك بنفسك بما تكلمت عليه!! فلا تتقول على
الله بأنه وفّقك على هذه السرقة!! فإن سارق (الأموال) لا يقول بأن الله وفقه على
سرقته! فكيف بسارق (الأقوال)!!!
وتذكر قول الله سبحانه: {ولا تزكّوا أنفسكم}، وهو غير
قوله: {قد أفلحَ من زكّاها}، فافهم كي لا تندم.
· الرسالة التي بعثها الشيخ طارق إلى
الشيخ بكر أبو زيد - رحمه الله- يخبره فيها بسرقة حلبي لكتابه:
وهذا هو نصّ رسالة الشيخ طارق عوض الله إلى الشيخ بكر أبو
زيد يشكو فيها تعدي حلبي بسرقة كتابه:
"بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على رسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
من أبي معاذ طارق بن عوض الله بن محمد
إلى: فضيلة الشيخ العلاّمة بكر أبو زيد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أكتب إليكم يا شيخنا الفاضل، مشتكياً إليكم ومحتكماً بخصوص
أمر قد ظلمني فيه بعض إخواني ممن تعرفونه - فيما أعلم - معرفة جيدة، ألا وهو الأخ
علي حسن علي عبدالحميد الحلبي، ذلك: أني كنت كتبت منذ أربع سنوات تقريباً كتاباً
في بيان أباطيل كتاب: ((تنبيه المسلم إلى تعدي الألباني على صحيح مسلم)) لذلك
المدعو: محمود سعيد ممدوح. وأسميته: ((ردع الجاني المتعدي على الألباني)) ونشره - بفضل
الله تعالى- أخونا عماد صابر المرسي في مكتبته: مكتبة التربية الإسلامية بالقاهرة
في سنة إحدى عشرة وأربع مئة وألف للهجرة (1411هـ). واشتهر كتابي - ولله الحمد- في
بلدنا (مصر) وفي كثير من البلدان الإسلامية، وقد كنت ذكرتُ عنوان منـزلي في آخر
المقدمة (ص8)، فراسلني كثير من الإخوان من السعودية والجزائر والسودان وغيرها،
وهذه الرسائل كلها محفوظة عندي.
ومنذ فترة أرسل إلي من السعودية بعض إخواني الكويتيين بالبريد
نسخة من كتاب خرج حديثاً للأخ علي حسن عبدالحميد اسمه: ((كشف المعلم بأباطيل كتاب
تنبيه المسلم)) - طبع دار الهجرة بالرياض- الطبعة الأولى (1412هـ).
فلما نظرت فيه، وجدت مؤلفه: الأخ علي حسن قد استفاد من
كتابي في مواطن كثيرة من كتابه، بما يدل على أنه اعتمد على كتابي اعتماداً كلياً،
أو شبه كلي.
فقد أخذ كثيراً من البحوث التي أودعتها كتابي، فنقلها في
كتابه، بعد أن لخصها، وقدم فيها وأخر، وزينها بالألفاظ الحلوة والعبارات الرشيقة!
ثم لم يشر إلي، ولا إلى كتابي أدنى إشارة، لا في المقدمة، ولا في صلب الكتاب، ولا
في الهوامش.
هذا في الوقت الذي صرح فيه بأسماء لمؤلفين معاصرين،
وبأسماء مؤلفات، تارة في "المقدمة "، وتارة في "صلب الكتاب"،
وتارة في "الهوامش"، مع أنه لم يأخذ عنهم في كتابه هذا مثل الذي أخذه من
كتابي!! وليس بيني وبين الأخ علي حسن -بحمد الله تعالى- ما يدعوه إلى هذا الفعل،
بل بفضل الله تعالى تجمعنا عقيدة سلفية صافية، ومنهج سوي واضح، تكتنفه الأخوة في
الإسلام والاحترام المتبادل، وما يقتضيانه من بذل النصح في الله تصحيحاً للمسار،
وسلوكاً للجادة.
ولست أعيب على أحد أن يستفيد من كتابي، أو يقتبس منه، لكن
الاقتباس مشروط بأداء أمانته، وهو نقله بأمانة منسوباً إلى قائله، دونما غموض أو
تدليس أو إخلال كما تفضلتم ببيانه في كتابكم القيم ((فقه النوازل)) (2/25).
وبفضل الله تعالى قد وقفت في كتابه هذا على أدلة تدل دلالة
واضحة، لا خفاء فيها، على أنه قد استفاد من كتابي، واعتمد عليه اعتماداً أساسياً.
وهذه الأدلة على قسمين:
القسم الأول: أدلة يقينية (مادية)، تدل على المراد دلالة
قطعية، لا يتطرق إليها الشك البتة!
والقسم الثاني: أدلة ظنية، تعتمد على شيء من الملاحظة
والمقارنة، وهي كثيرة، وبعضها أقوى من بعض، وهي وإن كانت مفرداتها لا تكفي للجزم
بالمراد، إلا أنها مجتمعة- تكفي للقطع به، لا سيما إذا اقترنت بها تلك الأدلة
اليقينية المشار إليها.
وقد رأيت أن أبدأ بذكر تلك الأدلة القطعية للدلالة على
كثرة المواضع التي أخذها من كتابي، ثم أودعها كتابه، ثم أتبعها بعد -إن شاء الله
تعالى- بالأدلة اليقينية. والله الموفق.
الأدلة الظنية: وهي إجمالا ثلاثة أدلة وشواهده كثيرة:
ومنها: اتهم المعترض محمود سعيد في كتابه ((تنبيه المسلم))
-إتهم الشيخ الألباني بالتفرد بتضعيف رواية ((الست ركعات في صلاة الكسوف)) التي
رواها عبدالملك بن أبي سليمان، ونقل كلاماً للإمام ابن حبان يعارض به صنيع الشيخ
الألباني. فتعقبته، ببيان أن كلام ابن حبان لا يعارضه صنيع الشيخ الألباني، وأثبت
له أن هناك جماعة من الأئمة قد سبقوا الشيخ إلى تضعيف هذا الحديث. فقلت (ص308):
"قد سبق الشيخ الألباني -حفظه الله تعالى- إلى ما حققه في هذا الحديث أئمة
كبار فمنهم: الإمام الشافعي والإمام أحمد والإمام البخاري، والإمام البيهقي (انظر
سننه 3/326، 328، 329) وكذا ابن عبدالبر (انظر "التمهيد" 3/306-307.
والإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم (انظر "زاد المعاد" 1/452-456) فهل
يكون متعديا من وافق هؤلاء الكبار، أم الأمر كما قيل: "رمتني بدائها
وانسلت". انتهى كلامي.
فجاء الأخ علي حسن، فتعقب المعترض بمثل ما تعقبته به،
وتكلم على كلام ابن حبان، بمثل كلامي، ثم قال (ص126): "إنّ عدداً من أهل
العلم قد أعل هذا الحديث، واستشكل ذكر ((الست)) فيه، مثل الإمام الشافعي، والإمام
البخاري، والإمام أحمد، والإمام البيهقي، والإمام ابن عبدالبر، وشيخ الإسلام ابن
تيمية، وتلميذه ابن القيم وغيرهم، فانظر ((السنن الكبرى)) (3/326، 328، 329) و
((التمهيد)) (3/306-307) و ((زاد المعاد)) (1/452-456)! فهل مثل هذه الموافقة
لهؤلاء الأعلام تسمى تعديا؟! أم أنها اللجاجة؟! أم أن في النفس حاجة!" انتهى
كلام علي حسن.
فأتساءل: هل الأذهان يمكن لها أن تتوارد على مثل هذا
الاستقصاء والتتابع والتسلسل؟! وهل التشابه يمكن أن يصل إلى هذا الحد الذي يكاد
يكون تطابقاً من غير قصد ونقل!
ومنها: روى مسلم في ((صحيحه)) عن أبي الدرداء أنه قال:
((خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر شديد، حتى إن كان
أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه
وسلم وعبدالله ابن رواحة)).
ضعف الشيخ الألباني زيادة ((في شهر رمضان)) في هذا الحديث،
واعتبرها شاذة من أربعة أوجه ذكرها. وزدت عليه (ص105-106): أن هذه الغزوة لا يمكن
أن تكون في رمضان من الناحية التاريخية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يغز في
رمضان إلا غزوة بدر وغزوة الفتح، فأما الفتح فلا يمكن أن تكون هي المقصودة لأن
عبدالله بن رواحة استشهد بمؤتة وهي قبلها بلا خلاف، وقد استثناه أبو الدرداء في
هذه السفرة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن سياق أحاديث غزوة الفتح أن الذين
استمروا من الصحابة صياماً كانوا جماعة، وفي هذه أن عبدالله بن رواحة وحده. وأما
غزوة بدر؛ فأيضاً ليست هي المقصودة، لأن أبا الدرداء لم يكن حينئذ أسلم، وهو الذي
يحكي القصة هنا، ويقول فيها "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وذكرت قول الحافظ ابن حجر المتعلق بذلك من فتح الباري (4/182). ثم ذكرت بعض شبهات
المعترض، وبينت ما فيها فذكرت (ص106) عنه أنه قال: "يمكن حملها على بدر،
ويكون معنى كلام أبي الدرداء: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم...
الحديث، خرجنا، أي: ((المسلمين)). فتعقبته بما هو مذكور في كتابي (ص106)، ثم أكدت
ذلك بقولي (ص106-107): "بل إن قوله: ((حتى إن كان أحدُنا ليضع يده على رأسه
من شدة الحر وما فينا صائم...)) وفي رواية البخاري (4/182 فتح): ((خرجنا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارنا...)) لَصريحٌ أو كالصّريح في أنه كان
معهم". انتهى كلامي.
فجاء الأخ علي حسن (ص270-271) فتعقب المعترض بنحو ما
تعقبته به ثم قال:"... وبخاصة أن رواية البخاري (4/182) فيها قوله: ((خرجنا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارنا...)) وقوله: ((حتى إن كان أحدنا
ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا...)) وهي أقوال تكاد تكون صريحة
في نفي التأويل البارد!" انتهى كلام الأخ علي حسن.
فهل هذا التشابه الذي يكاد يكون تطابقا مما تتوارد عليه
الأذهان؟؟
ومما يؤكد أن الأخ علي حسن لم يرجع إلى ((صحيح البخاري)) لينقل لفظ الحديث منه،
أنه عزا هذين اللفظين كليهما إلى البخاري حيث قال: "بخاصة أن رواية البخاري
(4/182) فيها قولُه:... وقوله...! فلو رجع لصحيح البخاري في الموضع لما وجد لهذا
اللفظ الثاني - في ترتيبه - ذكرا فيه، ولا في أي موضع آخر من صحيح البخاري! وإنما
هذا لفظ رواية مسلم التي يدور حولها البحث، ولهذا فإني قدمتها في كلامي على رواية
البخاري، ولم أعزها إليه؛ لأن البحث إنما يدور حولها، بخلاف رواية البخاري. وأما
علي حسن، فظن أنّ الروايتين للبخاري، فأراد أن يغير بعض الشيء بتقديم ما أخرته
وتأخير ما قدمته، ليوهم القارئ أنه لم يأخذ مني، وإنما أخذَ من الأصول فإذا به يقع
في أشد مما هرب منه. ثم إنّ الأخ علي حسن، قد تعرض قبل ذلك في كتابه للرد على
المعترض في كلامه حول هذا الحديث، فقال بعد أن ساق شبهات المعترض (ص132): "ولإجمال
الرد على كلامه أقول: ... ثم ذكر بعض الأوجه التي ذكرتها في ردي على المعترض،
وأخّر هذا الوجه السابق ذكره، فجعله في آخر الكتاب، مع أنه من جملة الرد على كلام
المعترض، فلا أدري لماذا فرق بحثي في كتابه هكذا؟!
والناظر فيما كتبه هو في كتابه (ص132-133)، مع مقارنته بما
كتبته أنا في كتابي (ص107-108) لا يتردد في أنّه مأخوذ منه، فأدعو شيخنا الفاضل
إلى تلك المقارنة، وليحكم بما يراه.
ومنها: روى أبو خيثمة زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن
جابر حديثاً مرفوعاً، فذكر المعترض (ص103) متابعة لأبي الزبير، من رواية علي بن
زيد بن جدعان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، به. فتعقبت المعترض بأن علي بن جدعان
ضعيف، وقد خالف في الرواية، وفسرت المخالفة بقولي (165): لأن ابن جدعان ضعيف عندك،
وقد تفرد بهذا الإسناد فقال: "عن محمد بن المنكدر، عن جابر"، ولم يتابعه
أحد على ذلك، بل قد خالفه زهير بن معاوية هنا وهو الثقة الثبت فقال: "عن أبي
الزبير، عن جابر". وبهذا يتعين الحكم على رواية ابن جدعان بالنكارة من وجهين.
الأول: التفرد لأنه ضعيف. والثاني: المخالفة للثقة. أما قولك: "لكنه يصلح
للشواهد والمتابعات"، فليس محله هنا لأنه لم يتابع بل خالف، ولا يصلح للشواهد،
ما ثبت شذوذه فضلا عن نكارته كما لا يخفى عليك!!" انتهى كلامي.
فجاء علي حسن فتعقب المعترض بمثل ماتعقبته به، فقال
(ص256-257): "قلت: كذا! سمى هذه الرواية (متابعة)!! مع أنها (مخالفة) كما هو
ظاهر لكل ذي بصر! فهل يقارن ابن جدعان بمثل أبي خيثمة؟ إذ قد خالفه بذكر تابعي
الحديث، فجعله ابن جدعان محمد بن المنكدر،
بينما هو أبو الزبير - كما في رواية أبي خيثمة عنه -. وعليه؛ فقول محمود سعيد في ابن جدعان: ((... لكنه يصلح للشواهد
والمتابعات)) لا يسوى سماعه في هذا المقام، لأنه خالف وما تابع !!". انتهى
كلام الأخ علي حسن.
ولست أنكر إمكانية التتابع والتوارد على مثل هذا، ولكن من
يعرف الأخ علي حسن، ويقرأ له، يعلم أن مثل هذا النقد والإعلال للأسانيد لا يُعرف
في بحوثه الحديثية وأقواله النقدية. فهو لا يكاد في بحوثه يعل إسناداً بإسناد إلا
إذا كانا قد اتحدا في المخرج، بمعنى أن يقع الخلاف في هذين الإسنادين على رجل
واحد، إما إعلال الإسناد لكون التابعي أو من دونه قد تغير في إسناد آخر فهذا من
أنواع الإعلال الدقيقة والتي لا نعرفها في بحوث الأخ علي حسن.
بل لا أخفي سراً، إذا قلت: أن هذا النوع من الإعلال لا
نكاد نعرفه في بحوث المتأخرين، وأكثر المعاصرين.
ولما وقف بعض أساتذتي على هذا الإعلال في هذا الموضع من
كتابي خالفني فيه، فلما أتيت له بالأمثلة على ذلك من كلام المتقدمين من الأئمة سلم
وسكت.
وقد كتبتُ في ذلك بحثاً، وزدت فيه من الأمثلة ما يسر الله
تعالى، وأودعته كتابي بعضها ببعض ولا يعل بعضها ببعض كما فعل هنا.
ومن أمثلة ذلك في بحوثه: حديث أسماء في كشف الوجه والكفين،
حيث كتب في تقوية هذا الحديث رسالة أسماها: ((تنوير العينين...)) وهي مطبوعة وذهب
فيها إلى تقوية الحديث باجتماع ثلاثة أسانيد:
الأول: مارواه الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير، عن قتادة،
عن خالد ابن دريك، عن عائشة مرفوعاً.
الثاني: مارواه هشام الدستوائي، عن قتادة مرفوعاً مرسلاً.
الثالث: مارواه ابن لهيعة، عن عياض الفهري، عن إبراهيم بن
عبيد ابن رفاعة، عن أبيه، عن أسماء بنت عميس مرفوعاً.
ولم يعل الأول بالثاني مع أن مخرجهما واحد، وقد ذكر هو للإسناد
الأول أربع علل، ومع ذلك قال (ص38): "هذه الطريق فيها أربع علل، لكنها لا
تمنع من الاعتضاد!" ولم يعل الثالث بالثاني، بل قوى الحديث بالمجموع مع أن
الثالث فيه ضعف ابن لهيعة وشيخه، وذلك واضح؛ لأنه رأى الطريقين مختلفي المخرج،
فقوى الحديث - على طريقته - ولم يعل إسنادا بإسناد، مع أن ابن لهيعة غير الإسناد،
وليس في إسناد حديثه راو واحد قد ذكر في الإسنادين الآخرين، فلم يوافق على شيء من
إسناده، فواعجبا! يخطئ الرواي إذا غير التابعي فقط، ولا يخطئه إذا غير الإسناد
كله!! والأمثلة على ذلك في كتبه كثيرة، وقد كنت كتبت بحثاً في بيان ضعف هذا
الحديث، سلكت فيه طريقة النقد الصحيحة، وأثبت فيه نكارة الوجهين: الأول والثالث،
وأنه لا يصح إلا من مرسل قتادة، وهو قيد الطبع، يسر الله ذلك.
وحتى لا أطيل عليكم، أكتفي بما ذكرت من أمثلة، وأجمل
الأمثلة المتبقية، فإن كان في وقتكم سعة فتفضلوا مشكورين بالقيام بتلك المقارنات،
ليظهر مدى اعتماد الأخ علي حسن على كتابي في هذه المواطن الكثيرة من كتابه.
فتفضلوا مشكورين بمقارنة:
ما في كتابه (ص21-22)، بما في كتابي (ص111-112).
وما في كتابه (ص 158-159)، بما في كتابي (ص335-336).
وما في كتابه (ص164-165)، بما في كتابي (ص 319-322).
وما في كتابه (ص 169-170) الوجه الرابع، بما في كتابي
(ص303-304).
وما في كتابه (ص 229) مقطع (58)، بما في كتابي (ص 154).
وما في كتابه (ص 229) مقطع (59)، بما في كتابي (ص283).
وما في كتابه (ص230) مقطع (60)، بما في كتابي (ص234) وما
بعدها.
وما في كتابه (ص230) مقطع (61)، بما في كتابي (ص230).
وما في كتابه (ص233-235)، بما في كتابي (ص 170-172).
وما في كتابه (ص 238) مقطع (69)، بما في كتابي (ص135-137).
وما في كتابه (ص242) من قوله "قلت وأمر آخر..."
بما في كتابي (ص184).
وما في كتابه (ص245) المقطع (78)، بما في كتابي (ص127-127)
وكذا (ص159-160).
وما في كتابه (ص274)، بما في كتابي (ص213).
وما في كتابه (ص250-252)، بما في كتابي (ص144-148).
وما في كتابه (ص253): " ثم أورد محمود سعيد..."،
بما في كتابي (ص 134).
وما في كتابه (ص259-260) المقطع (94)، بما في كتابي (ص
214).
وما في كتابه (ص260) المقطع (95)، بما في كتابي (ص268).
وما في كتابه (ص265) المقطع (104)، بما في كتابي (ص266).
وما في كتابه (ص266) المقطع (106)، بما في كتابي (ص277)
وما بعدها.
وما في كتابه (ص267) المقطع (108)، بما في كتابي
(ص296-297).
وما في كتابه (ص274) مقطع (114)، بما في كتابي (ص202) وما
بعدها.
وما في كتابه (ص282-283)، بما في كتابي (ص160-164).
وما في كتابه (ص289-291)، بما في كتابي (ص322-326).
وما في كتابه (ص291)، بما في كتابي (ص176-182) مع ملاحظة
هامشه (1)، بما في كتابي.
وما في كتابه (ص131-132)، بما في كتابي (ص223-224).
وما في كتابه (ص302-303)، بما في كتابي (ص329-331).
وما في كتابه (ص304) مقطع (140)، بما في كتابي (ص270).
وما في كتابه (ص304) مقطع (141)، بما في كتابي (ص241-242).
وما في كتابه (ص304) مقطع (142)، بما في كتابي (ص242).
الدليل الثاني:
وهو دليل أقوى بعض الشيء من الدليل السابق، حيث تابعني
الأخ علي حسن على أخطاء يبعد جداً الاشتراك في مثلها.
ولهذا الدليل شاهدان:
الشاهد الأول: روى محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن
دينار، عن جابر بن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمس أواق
من الورق صدقة...)) الحديث.
ذكر الإمام البخاري في ((تاريخ الكبير)) هذه الرواية، ثم
بين علتها، فقال (1/1/224): "قال لنا آدم: ثنا أبو جعفر الرازي، عن عمرو، عن
جابر - قوله، وقال لي يحيى بن موسى: حدثنا عبدالرزاق، عن ابن جريج: أخبرني عمرو،
قال: سمعت جابر بن عبدالله، وعن واحد – مثله. وهذا أصح، مرسل". انتهى كلام
الإمام البخاري.
نقلت كلام الإمام البخاري هذا في كتابي (ص152-153)،
مستدلاً به على خطأ محمد بن مسلم الطائفي في روايته تلك، ثم فسرت قول البخاري:
"مرسل" بقولي في الحاشية: "أي: موقوف"، واستخدام
"المرسل" بمعنى "الموقوف" مستخدم على لسان بعض المتقدمين،
وهذا مثال جيد لهذا، لأن هذه الرواية موقوفة وليست مرسلة كما هو ظاهر، وهذا
الاستخدام لم ينصوا عليه -فيما أعلم- في مبحث المرسل من كتب المصطلح".انتهى
كلامي.
ثم تبين بعد طباعة الكتاب، أن قول البخاري هذا:
"مرسل" على حقيقته، أي: منقطع. وكان مما دلني على ذلك أن رواية
عبدالرزاق تلك وجدتها في ((مصنفه)) (4/139) لكن وقع فيه: "عن ابن جريج، قال:
أخبرني عمرو بن دينار، قال: سمعت عن غير واحد، عن جابر بن عبدالله" -
موقوفاً.
فدل ذلك على أن عمرو بن دينار لم يسمع هذا الحديث من جابر،
وإنما أخذه عن غير واحد، عن جابر، وأن ما في ((التاريخ)) وقع فيه تقديم وتأخير أدى
إلى خلل في الرواية، جعلها تعارض كلام البخاري عليها. ووجه الحكم على تلك الرواية
بالإرسال، هو أن كثيراً من المتقدمين يرى أن قول الراوي: "عن رجل عن
فلان" من قبيل المرسل أو المنقطع كما هو مشروح في مبحث "المرسل" و
"المنقطع" من كتب علوم الحديث، ودليلهم في ذلك واضح، وهو أن الحكم بسماع
راوٍ معين من شيخ معين فرع من معرفتنا بهذا الراوي وذاك الشيخ وعدم معرفتنا بالشيخ
يمنع الحكم بسماع هذا الراوي منه.
هناك أدلة أخرى لا تخفى على شيخنا الفاضل، وإنما أردت بيان وجه حكم البخاري
على تلك الرواية بالإرسال، وأنه على حقيقته على أصولهم وقواعدهم، لا سيما والبخاري
معروف بشدة التحرز في هذا الباب.
وكنت قد وقفت على رواية "المصنف" سالفة الذكر
حال تأليفي لـ ((ردع الجاني)) غير أنني ذكرتها في نفس الصحيفة (ص153) على وجه التنبيه،
ولم أتنبه إلى هذا الذي تنبهت إليه أخيراً.
ولما تبين لي أني كنت مخطئا في تفسير قول الإمام البخاري،
كتبت على هامش نسختي الخاصة: "أخشى أن تكون رواية ابن جريج مرسلة فعلاً،
وتدبر إسنادها، فعلى هذا يكون ابن جريج تابع أبا جعفر الرازي على الوقف، وخالفه في الوصل".
لكن ماذا فعل علي حسن؟! لقد أشار إلى كلام البخاري في
كتابه (ص228)، ثم قلدني على الخطأ تقليداً أعمى، ففسر كلامَ البخاري بمثل
تفسيري، فقال: "وقد رجّح البخاري في (التاريخ الكبير) (1/11/224) رواية ابن
جريج وأبي جعفر الرازي الموقوفة على غيرها، قائلاً بعد إيرادها: "هذا أصح،
مرسل"، أي: موقوف". أ.هـ كلام علي حسن.
فتابعني على الخطأ في موضعين:
الأول: تفسيري لقول البخاري. ولا شك أن هذا التفسير مما لا
تتواردُ عليه الأذهان، لأنه خلاف الجادة وخلاف المشهور، والأذهان إنما تتوارد على
المشهور والغالب.
الثاني: تابعني على اعتباري رواية ابن جريج موافقة لرواية
أبي جعفر الرازي، وقد سبق أن ابن جريج وإن وافق أبا جعفر على الوقف، إلا أنه خالفه
في الوصل.
والشاهد الثاني: سيأتي بيانه - إن شاء الله تعالى - في
غضون الكلام على الدليل الأول من الأدلة اليقينية.
الدليل الثالث:
وهو: أنه قد تابعني على العزو إلى طبعات معينة لبعض الكتب
التي لها أكثر من طبعة، مع أن عادته في كتابه هذا وغيره عندما يعزو إلى هذه الكتب
أن يعزو إلى طبعة أخرى غير التي اعتمدت أنا عليها.
فمن تلك الكتب:
الطبقات الكبرى لابن سعد: فأخونا علي حسن عندما يعزو إلى
هذا الكتاب، إنما يعزو إلى الطبعة البيروتية ذات الأجزاء التسعة، وهذا معلوم لمن
تتبع كتبه.
مثل: تعليقه على ((سؤالات ابن بكير)) للدار قطني (ص41 و43
و44 و45 و46 و47 و48 و50 و51 و52 و54 و55). وكذا " تعليقه على العلل "
لابن عمار الشهيد (ص 78 و83 و87)، وكتابه: ((القول المبين)) (ص 18). و ((الكاشف))
(ص52). بل وكتابه هذا أيضاً (ص133 و284). ولم يخرج عن هذه القاعدة في كتبه، إلا في
موضع واحد في كتابه هذا (ص283) حيث عزا حديثا لابن سعد في ((الطبقات)) فذكر هذا
الرقم (4/1/45-46).
وهذا العزو إنما هو للطبعة الألمانية، التي أصدرها المستشرقون
الألمان، أو لطبعة "دار التحرير"
المأخوذة عنها، وهما الطبعتان المقسمتان إلى أجزاء وأقسام.
وسببُ ذلك واضح، وهو أن هذا الموضع لم يرجع فيه للطبقات،
وإنما أخذه من كتابي
(ص162)، ولم يشر إلى ذلك.
واللافت للنظر: أن علي حسن زاد شاهدين لهذا الحديث نفسه في
(ص284) من كتابه، أي: في الصحيفة التي تلي هذه الصحيفة، وعزاهما لابن سعد في
((الطبقات))، فجاء عزوه على الجادة!! قال: "شواهد... منها مارواه ابن سعد
(4/66)... وشاهد آخر رواه... وابن سعد (4/67). انتهى.
والعادة: أن من تصدى لكتابة بحث معين، واعتمد فيه على كتاب
معين، فإنه يعتمد على نسخة واحدة لذلك الكتاب، ولا يعدد النسخ في بحث لا يتعدى
ثلاث صحائف.
ومن تلك الكتب: سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي:
وعادة علي حسن إذا ما عزا لكتاب ((الضعفاء)) لأبي زرعة
الرازي وأجوبته على أسئلة البرذعي: أنه يعتمد على الطبعة التي حققها الدكتور سعدي
الهاشمي، ذات الأجزاء الثلاثة.
وعادته في العزو إليها - ما هي عادة غيره- لرقم الجزء
والصحيفة؛ لأن الكتاب يمثل الجزء الثاني من تلك الأجزاء الثلاثة، والجزآن الآخران
يشتملان على دراسة المحقق وفهارس الكتاب.
وعلي حسن اعتمد على تلك الطبعة على ((العلل)) لابن عمار
(ص108)(1) بل وفي كتابه هذا أيضاً (ص 198).
وقد كنت نقلت من هذا الكتاب تضعيفاً لأبي زرعة لعمر بن
حمزة في (ص332) من كتابي، وعزوت ذلك إلى رقم الجزء والصحيفة، فقلت: (2/364).
فجاء علي حسن، فنقل نفس الذي نقلته، لكنه غير رقم الصفحة
ورقم الصحيفة، وذكر عوضاً عنهما رقماً لفقرة، فقال (ص137) من كتابه: "سؤالات
البرذعي له (رقم: 79)".
كذا قال!! فلست أدري من أين أتى الأخ علي حسن بهذا الرقم،
فإن طبعة هذا الكتاب غير مرقمة الفقرات، اللهم إلا القسم المختص بكتاب الضعفاء،
وليس هذا النقل منه، فكتاب الضعفاء يبدأ في (ص597) وينتهي في ص674)، وكلام أبي
زرعة في عمر بن حمزة إنما هو في (ص 364)، فهو قبل ذلك.
فمن أين أتى أخونا علي حسن بهذا الرقم؟! فإن كان اعتمد هذه
المرة على طبعة أخرى مرقمة الفقرات، فأين هي؟ فإن الكتاب -حسب علمي- لم يطبع سوى
هذه الطبعة، وقد سألت بعض إخواني المهتمين بطبعات الكتب، فنفى أن يكون لهذا الكتاب
غير هذه الطبعة.
وإن أتى بتلك الطبعة، فلنا أن نسأله: لماذا هذه الطبعة هذه
المرة بالذات؟!
وإن كان هذا الرقم مختلقاً ملفقاً، لا وجود في الواقع،
وإنما ذكره علي حسن من عنده لحاجة في نفس يعقوب؛ "فقد سقط معه الخطاب، وسد في
وجهه الباب".
الأدلة القطعية:
وهي التي لا فكاك للأخ علي حسن من قبضتها، مهما حاول أن
يجادل في الأدلة السابقة.
ومحصلة هذه الأدلة:
الدليل الأول:
رد المعترض محمود سعيد في كتابه "تنبيه المسلم"
(ص144) ما حكاه العلماء من تضعيف الإمام النسائي لعمر بن حمزة بحجة أن الثابت في
كتاب "الضعفاء" للنسائي (ص84) أنه قال في عمر بن حمزة: "ليس
بالقوي"، ولم يقل: "ضعيف".
فتعقبته (ص212) من كتابي بأن الوقوف على هذه القولة
للنسائي لا ينفي الأخرى... إلخ كلامي. ثم ألزمته بأنه أعتمد مثل هذا النقل عن
النسائي في راو آخر في كتابه، ولم يرده بمثل مارد هذا. فقلت له (ص212): "وقد
مر في كتابك مثل هذا تماماً، فقد قلت في كلامك في هشام بن حسان (ص135): "قال
النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي". فلماذا لم ترد إحداهما بالأخرى كما
فعلت هنا؟" ا.هـ كلامي. وهذا الذي نقلته من كتاب المعترض وألزمته به نقل صحيح، غير أنني أخطأت حيث
قلت: إن الإمام النسائي قال هذا القول في "هشام بن حسان"، والصواب أن
النسائي قاله في "هشام بن سعد"، لا ابن حسان، وكان هذا سبق قلم مني.
وبالرجوع إلى هذه الصحيفة المشار إليها، أعني: (ص135) من
كتاب المعترض يتبين ذلك.
فماذا صنع علي حسن؟؟
جاء فنقل كلام المعترض السابق ذكره، ثم تعقبه بقريب من
تعقبي عليه، ثم أراد أن يلزم المعترض بنفس إلزامي فقال (ص275): "وهو ما جرى
به قلم محمود سعيد نفسه (ص212) من كتابه حيث نقل عن النسائي قوله في هشام بن حسّان
"ضعيف"، وقال مرة: "ليس بالقوي"! فلماذا اللعب على الحبلين؟!
ولماذا الكيل بمكيالين؟!" ا.هـ كلام علي حسن.
والمتدبر لكلام علي حسن هذا، ولما زعم أنه نقله من كتاب
المعترض، يتبين له من أول نظرة أنه لم ينقله من كتاب المعترض مباشرة، وإنما أخذه
من كتابي، وأوهم أنه رجع إلى كتاب المعترض.
ودليل ذلك أمران:
الأول: متابعة لي على الخطأ في اسم الراوي، حيث
تابعني في تسميتي له "هشام بن حسان"، وقد بينا أن الصواب في اسم هذا
الراوي المطابق للواقع والمطابق لما في كتاب المعترض أنه "هشام بن سعد"!
الثاني: أنه لما عزا هذا القول لكتاب المعترض أخطأ في
كتابة رقم الصحيفة خطأ فادحا، حيث ذكر أنّ المعترض جرى بذلك قلمه في (ص212) من
كتابه وهذا الكلام لا وجود له في هذه الصحيفة من كتاب المعترض.
فمن أين إذا نقل علي حسن هذا الرقم (ص212)؟!
الواضح جدا: أنه نقل هذا من كتابي أنا، حيث إن هذا الرقم (ص212) هو رقم
الصحيفة التي وقع فيها كل ذلك في كتابي ولكنه -لأمر يعلمه الله تعالى- بدلا من أن
ينقل رقم صحيفة كتاب المعترض والتي فيها مانقلته عنه -وقد ذكرته في كلامي- وهو
(ص135) نقل رقم صحيفة كتابي أنا، ليشهد على نفسه بما هو أهله.
ولم يكلف نفسه أن يرجع إلى الصحيفة التي ذكرتها من كتاب
المعترض، لينقل منها مباشرة بعد أن عرف رقمها مني، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل
على أنه اعتمد على كتابي اعتماداً كلياً.
الدليل الثاني:
عقدت في كتابي فصلا (ص36-54) بينت فيه "أيادي
الألباني البيضاء في الدفاع عن الصحيحين والذب عن حياضهما" ذكرت فيه أدلة
كثيرة على تعظيم الشيخ الألباني للصحيحين وحفاوته بهما. فمن تلك الأدلة التي
ذكرتها: "أنه ينكر على من يعزو حديثا لغير الصحيحين، وهو فيهما أو في أحدهما؛
لأن العزو إليهما مشعر بصحة الحديث".
ذكرت هذا الدليل في (ص43) من كتابي. واستدللت على صحة هذا
بثلاثة نصوص جمعتها من كتب الألباني.
النص الأول: في مقدمة "الجامع الصغير" (ص10).
والنص الثاني في "السلسلة الصحيحة" (4/216). والنص الثالث: في كتابه
"نقد نصوص حديثية" (ص8).
ونقلت ألفاظ الشيخ من هذه المواطن من كتبه في (ص43) من
كتابي. فماذا صنع علي حسن؟؟
عقد فصلا في آخر كتابه شبيهاً بهذا الفصل الذي عقدته أنا
في كتابي، ثم أخذ يسوق أدلة مثل الأدلة التي استدللت بها، فذكر (ص309-310) أربعة
نصوص من كتب الشيخ الألباني يستدل بها على ذلك.
وهذه الأربعة تشتمل على النصوص الثلاثة التي ذكرتها أنا،
ونص آخر زاده هو. فإذا به ينقل النص الوحيد الذي زاده في صلب الكتاب، وأما الثلاثة
الباقية، فقد أشار إليها في هامش الصحيفة قائلاً: "انظر "نقد نصوص
حديثية (ص43)" و "السلسلة الصحيحة (4/216)"، مقدمة "صحيح
الجامع (1/10) انتهى.
فهل يا ترى هذه المواضع من كتب الشيخ رجع إليها فعلا، أم
أنه أخذها من كتابي من غير أن يرجع إليها، ليستثبت - على الأقل- من صحة ما نقلته.
الجواب: يعرف بالنظر في هذين الأمرين:
الأول: أنه لما أحال القارئ إلى كتاب "نقد نصوص
حديثية" أحاله إلى (ص43) منه. وهذا الرقم خطأ، فمن يرجع إلى تلك الصحيفة من
هذا الكتاب لا يجد شيئاً من هذا الذي يتحدث عنه، وإنما هذا موجود في هذا الكتاب في
(ص8) كما ذكرت أنا في كتابي.
ولكن - يا ترى - من أين جاء هذا الرقم؟!
إن المتأمل يظهر له أن هذا الرقم هو نفس رقم الصحيفة التي
جاء فيها كلام الشيخ الألباني هذا في كتابي، فإنه وقع في (ص43) من كتابي.
وبهذا يعلم: أن علي حسن نقل ذلك من كتابي، وبدلاً من أن
ينقل رقم الصحيفة على الصواب انتقل نظره إلى رقم صحيفة كتابي، فنقله وهو لا يدري.
الثاني: أنه لما أحال القارئ إلى مقدمة "صحيح
الجامع"، أحاله إلى رقم (1/10) منه، أي: الجزء الأول، الصحيفة العاشرة.
وهذا أيضاً يكشف لنا أنه نقل هذا الرقم من كتابي، ولم يرجع
إلى "صحيح الجامع" ليستثبت.
ذلك: أن "صحيح الجامع" له طبعتان: الطبعة
الأولى، هي ذات المجلدات الثلاث، وهي القديمة، وهي التي اعتمدت عليها في كتابي،
وليس عندي غيرها حتى الآن. والطبعة الثانية، وهي ذات المجلدتين، وهي التي اعتمد
عليها علي حسن في كتابه هذا باطراد، ولتراجع تلك الصحائف من كتابه مع مقارنة هذه
الأرقام التي ذكرها عند عزوه لهذا الكتاب، بهذه النسخة الثانية. وهي: (ص84 و145
و146 و147 و148 و149 و159). وإذا رجعنا إلى الصحيفة العاشرة (1/10) من "مقدمة
صحيح الجامع" من تلك الطبعة الثانية، لما وجدنا شيئا من هذا الذي يتحدث عنه،
وإنما يوجد في تلك الصحيفة من تلك الطبعة آخر كلمة الأستاذ زهير الشاويش التي قدم
بها على الطبعة، وإنما كلام الشيخ الألباني المشار إليه في هذه الطبعة في الصحيفة
رقم (19)". انتهى نص الرسالة.
قلت:
قال الشاعر:
ويُريكَ من طرف اللسان حلاوة // ويروغ منك كما يروغ
الثعلبُ
وأنشدني بعض الأصدقاء:
وأبو صهيب قد أتاك بسيفِـهِ // أبصر مليّـاً ليس منه
الْمَهَـــــــربُ
فإلى الله المشتكى مِن أمثال هؤلاء (اللصوص)!!!
إلى الله أشكو كُلَّ لصٍّ وخـــــــــائنٍ // ورِعْديدٍ لا
يسمو لأرقى المساكِنِ
ويبني من السّرْقات قصراً وعاشراً // ويلبس أثوابَ الحـيا
والمـحاســنِ
وليتك تدري أَنَّ سُمَّ نابَيهِ قاتــــــــلٌ // وفي
قلبــه مفتاحُ باب الضغائِـنِ
إنّ من يقرأ رسالة الشيخ طارق - آجره الله- يعتصره الألم
من سوء أفعال هذه (العصابة!!) ووالله لقد أتى الشيخ طارق بأدلة تدمغ (الدماغ)، ومن
أعرض عنها فهو عن الحق (زاغ)، وعلى الحقّ عادٍ (وباغ)، إنّ في هذا (لبلاغ!!)
· أدلة أخرى تؤكد سرقة حلبي:
وهناك أدلة كثيرة - لم يذكرها الشيخ طارق- تدل على سرقة
حلبي للكتاب، ومنها:
1- طبع حلبي كتابه سنة (1412هـ-1992م)، وكعادته في التدليس
والتلبيس، فإنه ذكر في ((المقدمة)) (ص15) تاريخ بدئه في (تلفيق) هذا الكتاب في سنة
(1409هـ) ثم قال في الهامش: إنه انصرف عنه إلى غيره قريب عامين، إلى أن يسر الله
سبحانه إتمامه!
وهذا هو أسلوب الحلبي في السرقة، فإنه يذكر تواريخ قديمة
قبل ظهور (الكتاب المسروق) حتى يظن الناس أنه سابق لذلك الكتاب!! وكتاب الشيخ طارق
ظهر سنة (1410هـ) فحلبي بدأ كتابه قبله، وهذا يبعد السرقة عنه –في ظنه-!! ولكن:
هيهات!! فإن أمرك مكشوف ومفضوح! وسرقاتك باتت في غاية الوضوح، فتُب إلى الله
التوبة النصوح!
2- وثّق الشيخ طارق في نقله من صحيح البخاري من فتح الباري
كما في حديث الصيام الذي ذكره (4/182 فتح).
فنقله عنه حلبي وعزاه للبخاري (4/182) ولم يشر إلى أنه من
الفتح!!!
3- تقديمه وتأخيره لسرقاته من الشيخ طارق كشفه وفضحه!!
4- من يقرأ كلام حلبي في الرد على محمود سعيد وفيه هذا
الاختصار الشديد يدرك أن الحلبي يكتب وفي ذهنه كلّ شيء، وهو كذلك لأنه ينقل من
كتاب الشيخ طارق!! فكلامه مقتضب وبحاجة إلى بيان في كثير من الأحيان، وهذا منه
لئلا ينكشف!!
ولكن... هذه (فضيحة بجلاجل) كما يقولون...
وقد كشف نفسه بنفسه بقوله في خلاصة الفصل الثاني (ص160):
"ولو أردت تطويل القول في الرد والتفنيد لزادت الصفحات، وتضاعفت الكلمات،
ولكن فيما ذكرت غنية لمريد الحق ومبتغيه، والله ولي كل صادق وماحق كل سفيه".
قلت: لا حاجة للإطالة، فلو أطلت لأتيت بما هو موجود، وأقول
كما قلت: "والله ولي كل صادق، وماحق كل سفيه".
وأمر (حلبي) أصبح مفضوحاً لكل (نبيه) فهل يفضح الله الصادق
أم السفيه؟!!
وإليك مثالاً واضحاً على ما قلته بأن ما يكتبه الحلبي إنما
هو من كتاب موجود أمامه، وإلا لو كان القارئ علّامة زمانه لما فهم كلام الحلبي إلا
بعد الرجوع إلى كلام المعترض والتعب في مراد الحلبي!! بخلاف كلام الشيخ طارق فإنه
ينقل كلام المعترض كاملاً ثم ينقل كلام أهل العلم ويبينه فيدرك القارئ ما يريد دون
الرجوع إلى كتاب آخر.
قال حلبي (ص269) مقطع (111): "تكلّم (ص137) على
متابعةٍ ساقها شيخنا من ((صحيح مسلم))، فتعقبه محمود سعيد بقوله: ((وهذه المتابعة
لا تسمن ولا تغني من جوع، بالنسبة لدعوى الألباني، فالمتابع لإسماعيل المذكور هو
عثمان بن حيّان منسوب إلى الجَوْر، ولم يرو له مسلم في ((صحيحه)) إلا هذه المتابعة
فقط..))!
قلت: إذاً هو مُتابَعٌ مُتابِعٌ! فلماذا ترد روايته؟ ثم
قولك: ((منسوب إلى الجور)) ما هي قيمته؟
فهل مثل هذا يطعن في روايته؟
إن قلت: ((نعم)) طعنت في العشرات من رواة ((الصحيحين))!
وإن قلت: ((لا)) فكلامك لغوٌ لا أساس له وإنما هو تهويشٌ
وتشويش!". انتهى كلامه.
قلت: انظر إلى ما قاله الشيخ طارق (ص350-355) لترى أن
الحلبي يلخص ويختصر شيئاً أمامه!!!
قال الشيخ طارق: "روى إسماعيل بن عبيدالله حديثاً، عن
أم الدرداء، تابعه عليه عثمان هذا. أخرج حديثه مسلم (3/145).
قال المعترض (ص137): ((هذه المتابعة لا تسمن ولا تغني من
جوع بالنسبة لدعوى الألباني، فالمتابع لإسماعيل المذكور هو عثمان بن حيان، منسوب
إلى الجور، ولم يرو له مسلم في ((صحيحه)) إلا هذه المتابعة فقط)).
أقولُ:
فانظر - أخي القارئ النبيه-؛ كيف لم يتردد في رد هذه
الرواية، وهي في ((صحيح مسلم))، مع أن راويها لم يتفرد بها، بل توبع بشهادته هو!!
ويا ليته اكتفى بهذا؛ بل إنه تطاول فأخذ يطعن في أحد رجال
((صحيح مسلم))، بما لا يقدح في صدقٍ، ولا حفظٍ، فقال: ((منسوب إلى الجور))!!
وقبل أن نبيّن ما في هذا القول من تعدٍّ، أحب أن يكون ذكر
القارئ اللبيب، أن هذا الراوي له رواية في ((صحيح مسلم))، وهذه الرواية بعينها هي
التي يسعى المعترض إلى ردها هنا، بالطعن في راويها عثمان ابن حيان.
فعلى هذا؛ يكون المعترض قد وقع في تضعيف راوٍ من رجال
مسلم، وتضعيف رواية في ((صحيح مسلم))، وهذا هو عين ما ينكره على الشيخ الألباني.
والشيخ الألباني حينما يتكلم في راوٍ من رجال مسلم أو
رواية في ((صحيحه))، إنما يتكلم بما سبقه إليه الأئمة.
أما المعترض؛ فإنه مع ادعائه الإجماع على صحة أسانيد
((الصحيحين))، والذي من مقتضاه ثقة رواتها، مع هذا كله، تراه يطعن هنا في راوٍ من
رجال مسلم، ورواية من رواياته، بما لا يقدح عند أهل العلم، لا لشيء إلا لمخالفة
الرواية ما يرومه ويهواه.
ويا ليته سلك في ذلك سبيل أهل العلم، حتى ولو كان ذلك فيما
يوافق الهوى؛ فإنه لا مانع من الانتصار للمذهب إذا كان هو على الحق، بل هذا هو
المتعين، كما قيل: ((إذا وافق الهوى الحق، أرضيت الخالق والخلق)).
لكنه؛ أخذ يطعن في راوٍ من رجال مسلم، بما لو صحّ لكان
موجباً للطعن في عدالته، وليس في حفظه فقط...
وهاك البيان...
إن المعترض قال في عثمان بن حيان هذا كلمة واحدة وهي:
((منسوب إلى الجور))!!
فإما أنه يقصد بها الطعن فيه أو لا...
فإن لم يكن يقصد بها طعناً، فهو لغو من القول، لا قيمة له،
على ما فيه من إيهام، وعليه..." الخ كلامه الطويل الواضح.
5- لم يُحسن حلبي التقسيم الذي قسمه من أجل أن لا ينكشف،
فأخذ يفرق كلام الشيخ طارق في تقسيماته، فجاءت ردوده هزيلة في بعض الأحايين. مع أن
الشيخ طارقاً أعطاها حقها من خلال تقسيمه الدقيق.
6- مسكين هذا الحلبي فإنه ما من كتاب (يسرقه) ويزيد فيه
إلا يأتي (في زوائده) بطامات تدل على جهله وغفلته في علم الحديث! وقد بيّنت بعض
ذلك أثناء التعليق على سرقته لتحقيق كتاب الأزدي الذي حققه د. باسم الجوابرة.
ومن البلايا التي ذكرها في كتابه هذا:
1- ما ذكره (ص248) في (حفص بن سليمان المقرئ المشهور)،
وكان محمود سعيد قال فيه: ((ضعّفه غير واحد)) فاعترضه الحلبي فنقل كلام ابن حجر في
((التقريب)): ((متروك في الحديث مع إمامته في القراءة)).
ثم قال حلبي: "بل قد كذبه بعضهم، واتهمه بوضع
الحديث!".
قلت: هو متروك في الحديث كما قال ابن حجر، ولكن هذا الترك
ليس بسبب اتهامه وأنه يضع الحديث!! فحاشا إماماً كبيراً في القراءة أن يضع
الحديث!! ولكن هذا الذي اتهمه بذلك هو الرافضي الخبيث ابن خراش، وهو أولى بهذا
الوصف من حفص.
وعيبٌ على حلبي أن يطلق هذا الكلام في حفص ويختاره من بين
كل أقوال الأئمة ليضعه في كتابه!!!
وقول الشيخ طارق أسلم من قوله حيث قال: "بل هو ضعيف
جداً في أحسن أحواله".
2- ذكر حلبي (ص256) حديثاً من طريق ابن لهيعة عن يونس بن
يزيد عن أبي إسحاق عن سعيد بن الحارث عن جده نوفل...، ثم قال: "وسنده ضعيف...
ويونس بن يزيد ثقة في روايته عن غير الزهري خطأ. وأبو إسحاق السبيعي مدلِّسٌ
مختلط. وسعيد بن الحارث لم يترجح لي من هو!".
قلت: هكذا أطلق الكلام على عواهنه دون وعي!!
فيونس كثير الخطأ في روايته عن الزهري! وقد تكلم الأئمة في
حفظه مطلقاً، وكان كتابه أحسن من حفظه. ولا أدري من أين جاء (حلبي) بهذه القاعدة
التي وضعها في حال يونس؟!! فلعله وجدها في حاشية أحد الكتب! فالله أعلم.
ثُمّ نبهني أحد الإخوة إلى أن ما وقع لحلبي قد يكون سببه
أنه اعتمد على موسوعة المكتبة الألفية الحاسوبية (الإصدار الأول: 1419هـ-1999م)
حيث وقع فيها في كتاب "التقريب" (ص614): "ثقة إلا أن في روايته عن
الزهري وهماً قليلاً الزهري خطأ". فحاول حبي أن يصوغ العبارة فخلط الحابل بالنابل،
وصواب العبارة هو: "ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً وفي غير
الزهري خطأ".
فوقع حلبي على أمّ رأسه بسبب اعتماده على الموسوعات
الحاسوبية دون أن يرجع إلى الأصول!!
وأما أبو إسحاق فهو من أئمة الإسلام. قال الذهبي في
((الميزان)): "من أئمة التابعين وأثباتهم، إلا أنه شاخ ونسي ولم يختلط".
ثم ما الحاجة إلى الكلام على يونس وأبي إسحاق إذا كانت علة
الحديث هي ممن فوقهما في الإسناد وهو ((ابن لهيعة))؟!
وأما سعيد بن الحارث فذكره الحافظ في ((الإصابة)) (3/241)
وقال: "سعيد بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب الهاشمي. مات أبوه سنة خمس عشرة...
وكان سعيد فقيهاً، قاله الزبير بن بكار. وهو جد يزيد بن عبدالملك النوفلي لأمه أم
عبدالله".
3- قال علي حلبي (ص271): فقد رواه ابن عدي في الكامل... من
طريق بشر بن محمد (حدثنا بشر بن محمد بن أبان بن مسلم السكري أبو أحمد الواسطي:
ثنا عمر بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن البراء ابن عازب قال: لم يكن فينا يوم بدر
فارس إلا المقداد بن الأسود... (الكامل في ضعفاء الرجال (2/18). وفي إسناده علل:
1- قال الذهبي في الميزان في ترجمة بشر هذا (أحد الواهين)
ونحوه في اللسان (2/32).
2- أبو إسحاق هو السبيعي مدلس مختلط وهو أصلاً متكلم في
سماعه من البراء (بن عازب) كما في جامع التحصيل)). انتهى كلامه.
وقد علّق الأخ أبو حاتم الشريف –جزاه الله خير الجزاء- على
هذا في ((ملتقى أهل الحديث))، فقال: "قلت: وهذا الكلام عليه تعليقات عدة:
1- ما قاله الذهبي عن بشر بن محمد السكري في ترجمته (هو
بخلاف ما قاله الحلبي)! قال الذهبي: "بشر بن محمد بن أبان الواسطي السكري أبو
أحمد عن شعبة وورقاء وعنه أبو حاتم وإبراهيم الحربي وجماعة. صدوق إن شاء الله. ساق
له ابن عدي أربعة أحاديث ثم قال: أرجو أنه لا بأس به ومقدار ما ذكرته هو من أنكر
ما رأيت له وكأنها من قبل الرواة وسئل عنه أبو حاتم فقال: شيخ. وقال أبو الفتح
الأزدي: منكر الحديث. قلت: هو من طبقة عفان لا في الإتقان". (ميزان الاعتدال
في نقد الرجال (2/37).
وأما (قوله عن بشر أحد الواهين) فإنما قاله في ترجمة خالد
بن مقدوح، وليس في ترجمة بشر بن محمد السكري كما قال الحلبي! قال ابن حجر (بعد أن
ذكر كلام الذهبي السابق: (وأطلق المصنف في ترجمة خالد بن مقدوح بأن بشر بن محمد
هذا من الواهين وتبع في ذلك ابن عدي فإنه لما ساق الحديث المذكور هناك قال: لا
أدري البلاء فيه من خالد أو بشر بن محمد السكري. (لسان الميزان: 2/32).
ثم إن هذا الحديث روي من غير طريق بشر السكري ولم يذكر هذا
الحلبي. (راجع: تاريخ مدينة دمشق: 60/162) بغض النظر عن صحة هذا الحديث!
2- قال علي الحلبي: أبو إسحاق هو السبيعي مدلس مختلط وهو
أصلاً متكلم في سماعه من البراء (بن عازب) كما في جامع التحصيل.
قلت: أما رمي أبي إسحاق السبيعي بالتدليس والاختلاط فهذا
فيه كلام كثير ليس هذا مجاله.
وقوله: (وهو أصلاً متكلم في سماعه من البراء (بن عازب) كما
في جامع التحصيل).
قلت: سماع أبي إسحاق من البراء بن عازب رضي الله عنه لا
يختلف فيه اثنان! ولا أدري هل هذا الكلام من علي الحلبي ناتج عن استعجاله أم قلة
اطلاعه؟!! وما ورد في جامع التحصيل هو كالتالي (وحديثه عن البراء أن النبي صلى
الله عليه وسلم مر بناس من الأنصار وهم جالسون في الطريق. قال ابن المديني: لم
يسمعه أبو إسحاق من البراء) (جامع التحصيل: 1/245).
والحديث أخرجه الترمذي وأحمد. قال الترمذي: حدثنا محمود بن
غيلان: حدثنا أبو داود: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق عن البراء (ولم يسمعه منه): أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بناس من الأنصار وهم جلوس في الطريق. فقال: إن
كنتم لا بد فاعلين فردوا السلام وأعينوا المظلوم واهدوا السبيل. (سنن الترمذي:
5/74) ورواية المسند (قال شعبة: ولم يسمعه من البراء).
قلت: مراد علي بن المديني وشعبة (قبله) لم يسمع هذا الحديث
بعينه، ولا يقصد أن أبا إسحاق لم يسمع منه مطلقاً، فهذا لايقوله أحد البتة!! وسماع
أبي إسحاق من البراء في الصحيحين بأعلى درجات التحمل، وخاصة في صحيح الإمام مسلم
بن الحجاج!! والأحاديث التي فيها التصريح بالسماع كثيرة أذكر بعضاً منها في
الصحيحين فقط:
1- قال البخاري: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا غندر: حدثنا
شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: ((لما صالح
رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية كتب علي بينهم كتاباً... الخ)). (صحيح
البخاري: 2/959).
2- قال البخاري: حدثنا عمرو بن خالد: حدثنا زهير: حدثنا
أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب -رضي الله عنهما- يحدث قال: جعل النبي صلى
الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد وكانوا خمسين رجلاً عبدالله بن جبير فقال:
((إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم)). (صحيح البخاري: 3/1105).
3- قال البخاري: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان
قال: حدثني أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: أتى رسول الله
صلى الله عليه وسلم بثوب من حرير فجعلوا يعجبون من حسنه ولينه، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ((لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل من هذا)). (صحيح البخاري:
3/1187)...". انتهى كلامه.
إلى غير ذلك من الأمثلة التي ذكرها الأخ الشريف.
7- عقد الحلبي (ص143) قسماً رابعاً للأحاديث التي لم يتعرض
لها الشيخ بنقد لكنه يصحح متونها. وهذا القسم أيضاً سرقه من الشيخ طارق فإنه ذكرها
في (ص73-76)!!
· مقارنة بين الكتابين:
8- وهذه مقارنة بين بعض ما في كتاب الشيخ طارق وكتاب علي
حلبي تثبت سرقة الأخير من الأول!! مع تعليقات مفيدة:
تنبيه: (اعتمدت على الطبعة الثانية من كتاب الشيخ طارق عوض
الله).
1- ذكر
الشيخ طارق فصلاً عنوانه: ((وقفات مع المعترض حول الإجماع على صحة كل أحاديث
الصحيحين))، وهذا ضمن ((القسم الأول: دفع تعدي المعترض على الشيخ باتهامه بمخالفة
الإجماع)).
وكان مما
ذكر الشيخ طارق أن الغماري ذكر في كتابه ((المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع
الصغير)) أن الإجماع على صحة جميع أحاديث الصحيحين غير معقول ولا واقع. وقال الشيخ
طارق إن أحمد الغماري يرفعه المعترض في كتابه ((تشنيف الأسماع)) (ص115-116).
وذكر حلبي (ص27): القسم الأول (رد الإجماع المزعوم)! وكان
مما ذكره نفس ما ذكره الشيخ طارق، ومنه ما في (ص38) ما يتعلق بقول الغماري في
المغير، وختم ذلك بقوله: "وأحمد الغماري عند محمود سعيد هو الإمام الحافظ
المحدث الناقد نادرة العصر...!! كما وصفه في تشنيف أسماعه".
قلت: فهل هذا توارد أفكار؟! أو سرقة بمعاونة الجانّ! أو...
2- ذكر
الشيخ طارق (ص129) حديث عمر بن حمزة عن أبي غطفان المري عن أبي هريرة مرفوعاً:
((لا يشربن أحد منكم قائماً فمن نسي فليستقيء)). ثم رد كلام المعترض بقوله:
"فأولاً:
هذا الحديث إنما أخرجه مسلم في الشواهد لا في الأصول.
ثانياً:
الشيخ الألباني مسبوق بهذا الحكم، فقد سبقه القاضي عياض، فأشار إلى ضعف هذا
الحديث، كما ذكر ذلك المعترض نفسه في كتابه (ص158-159).
ثالثاً:
إن الشيخ لم يضعف كل الحديث، وإنما ضعف القطعة الثانية منه فقط؛ لضعف إسنادها، كما
مرّ، ولأنها زيادة لم يجد ما يشهد لها، فقد قال في ((الضعيفة)) (927): "قد صح
النهي عن الشرب قائماً في غير ما حديث عن غير واحد من الصحابة، ومنهم أبو هريرة،
لكن بغير هذا اللفظ وفيه الأمر بالاستقاء، لكن ليس فيه ذكر النسيان فهذا هو
المستنكر من الحديث وإلا فسائره محفوظ".
فأين
التعدي إذاً؟!" انتهى كلام الشيخ طارق.
قال حلبي (ص134-136): "الحديث السادس: وهو التعدي
الثامن... وهو حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((لا يشربن...)). فقد أعلّ شيخنا في
((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) (2/326) ذكر النسيان فيه بقوله: "منكر بهذا
اللفظ..." ثم قال: "... وقد صح النهي عن الشرب قائماً في غير ما حديث عن
غير واحد من الصحابة، ومنهم أبو هريرة، لكن بغير هذا اللفظ وفيه الأمر بالاستقاء،
لكن ليس فيه ذكر النسيان فهذا هو المستنكر من الحديث وإلا فسائره محفوظ".
فما هو رد محمود سعيد؟!
تكلم (ص156-159)... ولكن الذي أريد بيانه هنا أمور:
الأول: أن شيخنا حفظه الله ليس منفرداً بتضعيف هذه
الزيادة، حتى يسمى عمله بغير حق ((تعدياً))! إذ قد ذكر النووي في شرح مسلم
(13/195) أن القاضي عياضاً ((أشار إلى تضعيف الحديث))! بل إن الحافظ ابن حجر قد
ذكر في ((فتح الباري)) (10/83) أن بعض الشيوخ رجحوا الوقف!
فهل متابعة أولاء تكون تعدياً؟ فإذا كانت كذلك فماذا يسمي –إذاً-
فعل هؤلاء؟!...
الثاني: أن الحديث في ((صحيح مسلم)) لم يكن في العُمُد
والأصول، وإنما كان في الشواهد والمتابعات! ؟ [هامش: الرواة المتكلم فيهم في صحيح
مسلم (ص379) للأخ الدكتور سلطان العكايلة]". انتهى كلام حلبي.
قلت: لا يشك من يقرأ كلام الشيخ طارق وكلام حلبي أن حلبي
قد الْتهم كلام الشيخ طارق!! والذي فعله الحلبي أنه وثق من السلسلة الضعيفة بذكر
رقم الجزء والصفحة ليخالف الشيخ طارق بذكره رقم الحديث، والذي يعتمده الحلبي في
نقله من السلسلة الصحيحة والضعيفة ذكر رقم الحديث وهو أيسر على طلبة العلم لاختلاف
الطبعات، ولكنه حيث يذكر الشيخ طارق رقم الحديث يخالفه حلبي بذكر الجزء والصفحة
تمويهاً!!
ثم إن الرد على المعترض أخذه حلبي من الشيخ طارق، فقدم
وأخّر، فالنقطة الأولى عند الشيخ طارق ذكرها حلبي في الثانية عنده، والثانية عند
الشيخ طارق ذكرها الحلبي في الأولى مع خطئه في نقل التوثيق من كتاب المعترض.
والأدهى والأمر من فعل حلبي أن ما ذكره في النقطة الثانية
هو من البدهيات في صحيح مسلم، ولكن ليخالف الشيخ طارق (وثّق هذه المعلومة) من كتاب
مخطوط للدكتور سلطان العكايلة! ولا ندري هل تكلم الدكتور على هذا الحديث في
رسالته؟!!! وهل تحتاج (هذه المعلومة الثمينة) إلى توثيق من كتاب مخطوط؟!!
ثُم إن الشيخ طارقا نبه إلى هذه القاعدة المعروفة في غير
هذا الحديث كما في حديث جابر ((أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس صلى
ست ركعات بأربع سجدات)). قال الشيخ طارق: "هذا الحديث لم يخرجه مسلم في
الأصول".
فسرق حلبي كلامه في الحديث نفسه، فقال (ص126):
"الحديث في شواهد الصحيح لا في أصوله"!!
وهذا النص أتى قبل النص الذي وثقه من كتاب الدكتور سلطان،
فهو أولى بالتوثيق من هذا الذي وثقه هنا!!!
3- ذكر
الشيخ طارق (ص235) حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعاً: ((أمسكوا عليكم أموالكم ولا
تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه)).
ثم قال
الشيخ طارق: "فقال الشيخ الألباني في ((الإرواء)) (6/49-50): ((صحيح أخرجه
مسلم... [وأبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه أبو سلمة ابن
عبدالرحمن عن جابر] به بلفظ: ((أيما رجل أعمر عمرى....)) أخرجه مسلم...)) اهـ كلام
الشيخ.
ثم قال
الشيخ؛ معلقاً على قوله: ((وقد عنعنه)): ((ثم رأيت النسائي قد أخرجه (2/136)
مختصراً، وفيه تصريح أبي الزبير بالتحديث)).
تعقبه
المعترض بعد أن ساق كلام الشيخ مبتوراً ليس كاملاً، فقد ذكر فقط ما وضعتُهُ بين
المعكوفتين من كلام الشيخ، ثم قال (ص85) مستنكراً: ((ولكن أبا الزبير انفرد عن
جابر بقوله صلى الله عليه وسلم: ((أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها))، وأبو سلمة
ابن عبدالرحمن لم يتابعه على هذه اللفظة؛ فتأمل))!!
فانظر
أيها القارئ المنصف؛ كيف أن هذا المعترض يزن بميزانين ويكيل بمكيالين!! فإذا كان
ذلك لمصلحته ولتحقيق غرضه تغاضى عن كل هذا، وإذا كان ذلك عليه أو أراد التشنيع على
الشيخ لم يتهيب، ولم يتردد في استنكار ما وقع هو فيه على الشيخ.
هذا؛ مع
بعد الشقة بين صنيع الشيخ وصنيعه؛ فإن صنيع الشيخ يدل على تمكنه من هذا العلم
ورسوخه فيه، وصنيعك يدل على سطحيتك، وعدم فهمك لدقائق هذا العلم، هذا على فرض
التسليم بصدق المقصد وسلامة النية!!
وذلك؛ أن
الشيخ حينما صرح بالمتابعة، ووجد الفارق بين لفظي الحديثين، لم يستبح لنفسه –كما
استبحت أنت- أن يُعَمِّي على القراء فلا يذكر المتن، بل ساق لفظه كاملاً، كما مر
في كلام الشيخ الذي نقلناه، وبترته أنتَ!!...". ا.هـ كلام الشيخ طارق.
قال حلبي (ص88) بعد أن ذكر الحديث: "وقد خرّج شيخنا
الحديث في ((الإرواء)) (رقم: 1607) تخريجاً لطيفاً، ذاكراً تصريح أبي
الزبيربالتحديث في رواية النسائي، وذاكراً متابعة أبي سلمة بن عبدالرحمن، له. وقد
صدر تخريجه للحديث بقوله: ((صحيح)). وعندما أورد متابعة أبي سلمة قال: ((... فقد
تابعه أبو سلمة بن عبدالرحمن عن جابر، به بلفظ: ((أيما رجل أعمر عمرى له
ولعقبه...)). ثم ذكره بتمامه.
فماذا فعل محمود سعيد؟
بَتَر إيراد شيخنا للفظ المتابعة، ودلّس على قرائه بقوله:
((ولكن قد مر أن أبا الزبير انفرد عن جابر، بقوله: ((أمسكوا عليكم أموالكم ولا
تفسدوها)) وأبو سلمة ابن عبدالرحمن لم يتابعه على هذه اللفظة، فتأمل))!
لقد تأملت! فرأيت كلامك فاسداً لأنه مبني على التلبيس!
وقائم على التحريف!! فالشيخ لما أورد لفظ المتابعة كان ذلك كالتصريح منه أن هذه
اللفظة ليست موجودة! ولكن لما بترت كلامه توهمت وأوهمت أنه لم يشر إلى عدم وجود
هذه اللفظة! ((فتأمل))!!... وإن من نافلة القول أن نبين أن ((يقظتنا)) –بعد منة
الله علينا وله الحمد- هي التي أوقفتنا على أستاذية الألباني وإمامته، وإلا
فالغافلون كثيرون، الذين لا يميزون بين الجمرة والتمرة، ولا يفرقون بين عَبثر
وغُنثر! فاليقظة اليقظة أيها الغفلى؟!...". انتهى كلام حلبي.
قلت: أين عقولكم يا أتباع هذا الأثري حلبي؟!! وكيف يصدق من
كان عنده أثارة من علم أنه لم يسرق كتاب الشيخ طارق؟!!
إن الذي يرد على آخر لا بد أن يذكر نص من يدافع عنه كما
فعل الشيخ طارق، وأما أن يصفه وصفاً كما فعل الحلبي! فلا!! لأن القارئ لا يستطيع
أن يربط الكلام بعضه ببعض إلا إذا كان كله أمامه، لا بالوصف كما يفعل الحلبي
(متهرباً) من إيراد الكلام كله لئلا ينفضح!!
وانظر كيف أشار إلى رقم الحديث في ((الإرواء)) مع أنه من
عادته أنه يذكر الجزء والصفحة منه!! ولكن لأن الشيخ طارق ذكر الجزء والصفحة خالفه
الحلبي كعادته في التمويه!!
ثم تعقّب المعترض ببتره كلام الألباني وهذا هو ما تعقبه به
الشيخ طارق!
حتى إنه لم يستطع إلا أن يسرق ثناء الشيخ طارق على الشيخ
الألباني في هذا الموضع!! فصاغه بعبارة أخرى مادحاً نفسه ((باليقظة))!!
وغيره ((بالغفلى))!!
إن المغفّل هو الذي يسرق من الآخرين... فأين اليقظة يا
حلبي؟!! وأنت أولى بأن توصف بالتدليس على القرّاء بسرقاتك الشنيعة... والتهاماتك
الفظيعة... فأين اليقظة؟ بل أين التقوى؟!!
4- تكلم
الشيخ طارق (ص121) على الحديث الثالث من القسم الثاني وهو حديث جابر: ((أنّ النبي
صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس صلى ست ركعات بأربع سجدات)).
فقال:
"أولاً: هذا الحديث لم يخرجه مسلم في الأصول، فقد أخرجه (3/31) بعد رواية
هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر المحفوظة، ثم أتى بهذه الرواية. وهي من
رواية عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر به، غير أنه خالفه فقال: ((ست
ركعات))، بينما المحفوظ: ((أربع ركعات)) كما في رواية الدستوائي.
ثانياً:
أن الشيخ قد سبقه أئمة كبار إلى تضعيف تلك الرواية، وهم: الشافعي، وأحمد بن حنبل،
والبخاري، والبيهقي، وابن عبدالبر، وابن تيمية، وابن القيم، وسيأتي تفصيل ذلك في
المثال (2) من القسم الرابع.
فهل من
وافق هؤلاء الأئمة يكون متعدياً؟!!".
ثُم ذكر
الشيخ الحديث الرابع: وهو حديث ابن عباس: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في
كسوف ثماني ركعات في أربع سجدات)).
قال الشيخ
طارق: "فأولاً: هذا إنما أخرجه مسلم في الشواهد، لا في الأصول.
ثانياً:
أن الشيخ قد سبقه أئمة حفاظ إلى تضعيف هذا الحديث، منهم: ابن حبان البستي،
والبيهقي، وابن عبدالبر، وقد ذكرنا أقوالهم كاملة تحت الحديث رقم (5) من الأحاديث
التي ضعفها الأئمة وهي في أحد الصحيحين في الفصل السابق". انتهى كلامه.
قال حلبي (ص126) بعد كلام له يرد على المعترض: "ويزيد
ذلك كله بياناً أمران:
الأول: أن الحديث في شواهد الصحيح لا في أصوله.
الثاني: أن عدداً من أهل العلم قد أعلّ هذا الحديث،
واستشكل ذكر ((الست)) فيه، مثل الإمام الشافعي، والإمام البخاري، والإمام أحمد،
والإمام البيهقي، والإمام ابن عبدالبر، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم
وغيرهم، فانظر ((السنن الكبرى)) (3/326، 328، 329) و((التمهيد)) (3/306-307)
و((زاد المعاد)) (1/452-456)!
فهل مثل هذه الموافقة لهؤلاء الأعلام تسمى تعدياً؟! أم
أنها اللجاجة؟! أم أن في النفس حاجة!
ثُم رد على المعترض في حديث ابن عباس، فقال:
"ثم أُذَكِّر بما طواه (!) محمود سعيد، ولم يدندن
حوله، ولم يشر إليه –مع أنه نقله عبر كلام شيخنا-، ألا وهو تضعيف عدد من كبار
المحدثين والحفاظ لهذه الرواية، كما في ((صحيح ابن حبان)) (7/98) و((سنن البيهقي))
(3/327) و((التمهيد)) (3/306) و((التلخيص الحبير)) (2/90)، وغيرها.
فهل - أيضاً- موافقة هؤلاء الكبراء تَعدٍّ؟ أم أن تسميتها
تعدياً هي عين التعدي؟!". انتهى كلامه.
قلت: انظر - يرحمك الله- إلى تبجحه وتعديه!! وسلوكه طريقاً
في الهاوية تُرديه!! فهو يسرق في معرض الرد على مخالف شيخه! فإذا كان هذا
(المبتدع) (محمود سعيد) قد تعدى، فماذا تسمي سرقتك من الشيخ طارق، وتشبعك بما لم
تعط؟!!
والذي فعله حلبي أنه أضاف كلمة ((إمام)) لمن ذكرهم الشيخ
طارق، ثم رجع إلى الإحالات التي أحال عليها الشيخ طارق فأتى بأماكن وجود هذه
الأقوال ووثقها هنا ليوهم القارئ (قرّائه) أنه كدّ وتَعِب في الرجوع إليها!!
والظاهر (دون يمين) أنه لم يفتح هذه الكتب!!! لأنه وثق مما ذكره الشيخ طارق، وما ذكره
المعترض!!
5- ذكر
الشيخ طارق (ص206) حديث ابن عمر: ((إن تطعنوا في إماراته - يعني أسامة بن زيد- فقد
طعنتم في إمارة أبيه من قبله...)) وفيه: ((فأوصيكم به فإنه من صالحيكم)). ثم نقل
الشيخ تعليق الألباني، ثم قال: "رد المعترض على الشيخ بكلام عجيب، انظر الرد
عليه: في المثال (15) من القسم الرابع".
وقال في
هذا الموضع الذي أحال عليه (ص431): "التشنيع على الشيخ بتحميل كلامه ما لا
يتحمله وإلزامه بما لا يلزمه!!
قال
المعترض (ص160): ((تحصل من هذا الآتي:
1- تضعيف
عمر بن حمزة، وقد مر رد هذا التضعيف.
2- أن
لفظة ((فأوصيكم به)) منكرة مردودة...)) ا.هـ.
أقول:
الاستنتاج
الثاني لا يفهم من كلام الشيخ بالمرة لأن الشيخ لم يرد بكلامه هنا الحكم على
الحديث، ولا على هذه اللفظة، وإنما هو يحكي واقعاً، فإنه بالفعل قد روى مسلم هذا
الحديث من طريق أخرى نحو رواية عمر بن حمزة بدون قوله: ((فأوصيكم به))، أما ما
يترتب على هذا من حكم على هذه اللفظة فلم يتعرض له الشيخ لأن المجال ليس مجال
تحقيق، وإنما مجال تعليق.
ومما يقوي
هذا: أنه لما تعرض لتحقيق الحديث، وتحقيق هذه الزيادة صحح الحديث بها، وهذا يدل
على أنه وقف على ما يقوي هذه الزيادة، ويدل على أنها محفوظة. فقد ذكر الشيخ الحديث
بالزيادة في كتابه ((صحيح الجامع الصغير)) (1429)، وقال: ((صحيح))؛ وهذا يدل على
أنه لم يقصد من تعليقه على الحديث في ((مختصر صحيح مسلم)) أن يعلّ هذه الزيادة، أو
يحكم عليها بأنها منكرة مردودة، كما يزعم المعترض، والحمد لله على التوفيق".
انتهى كلامه.
قال حلبي (ص158-159): "قال (ص160): ((فتحصل من هذا
الآتي:
1- تضعيف عمر بن حمزة، وقد مر رد هذا التضعيف.
2- أن لفظة ((فأوصيكم به)) منكرة مردودة، وهذه دعوى لا
دليل عليها...))!
فأقولُ جواباً عليه:
هذا إلزامٌ بما لا يلزم، وتمحلّ ظاهر، وتحميل للكلام ما لا
يحتمل! إذ منهج شيخنا في طرائق الإعلال معروفة، وأساليبه في نقد الروايات
والأسانيد معلومة.
إذ الشيخ يبيّن واقع رواية مسلم للحديث بطريقيه، ولا يريد
البتة –كما هو ظاهر- إعلال تلك الزيادة، فلو أراد ذلك لصرّح به، كما هو معهود
عنه...
ومما يدل على أن الشيخ لم يرد إعلال تلك الزيادة؛ أنه سكت
على الحديث –بالزيادة- مصححاً له في ((صحيح الجامع الصغير)) (1429)". انتهى
كلامه.
قلت: هل هذا توارد أفكار أم هي السرقة والضحك على من حولك
من الطيبين الأغمار!! والمقلدة الأغرار؟!
فانظر - رحمك الله- كيف سرق (علي حلبي) العنوان الذي عنون
به الشيخ طارق ووضعه في بداية كلامه، ثم رد على المعترض باختصار كلام الشيخ طارق،
ولكنه لم يستطع أن يفر من لفظ الشيخ طارق "يحكي واقعاً" فقال:
"يبين واقع رواية مسلم"، وكذلك استدلاله بما هو في صحيح الجامع!!
6- ذكر
الشيخ طارق (ص188) حديث جابر: ((ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة...))
الحديث.
ثم ذكر
قول المعترض (ص70): "وقد توبعا [يعني أبا الزبير والفهري]، والحمد لله تعالى.
قال عبد بن حميد في ((المنتخب من مسنده)): ثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن
دينار، عن جابر...".
قال الشيخ
طارق: "أقول: بغض النظر عن حال الطائفي..."، ثم نقل كلام البخاري في
((التاريخ الكبير)) (1/1/224) حول الخلاف في هذا الحديث، وفيه: "وقال لنا
آدم: ثنا أبو جعفر الرازي، عن عمرو، عن جابر، قوله. وقال لي يحيى بن موسى: حدثنا
عبدالرزاق، عن ابن جريج، أخبرني عمرو قال: سمعت [عن] جابر، وعن غير واحد. مثله.
هذا أصح، مرسل".
ثم قال
الشيخ طارق (ص190): "فأنت ترى؛ أن الإمام البخاري قد رجح رواية ابن جريج وأبي
جعفر الرازي الموقوفة على رواية الطائفي المرفوعة...". وذكر في الهامش عند
قول البخاري: "مرسل": أي: "موقوف".
ثم ذكر
الشيخ طارق بعض التنبيهات التي لها علاقة بهذا الحديث، ثم قال (ص194):
"العقيلي أنكره أيضاً... وكذلك الإمام ابن عبدالبر أنكره على الطائفي، فقال
بعد أن ساق روايته في ((التمهيد)) (13/116-117)...". انتهى.
قال حلبي (ص228) (مقطع 57): "ذكر (ص69) متابعة لحديث
جابر: ((ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة...)) المتقدم في الفصل الثاني (رقم:
2:4) من ((مسند عبد بن حميد)) قال: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي... بإسناده.
وقد رجّح البخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/11/224) (؟!)
رواية ابن جريج وأبي جعفر الرازي الموقوفة على غيرها، قائلاً بعد إيرادها: ((هذا
أصح، مرسل))، أي: موقوف.
وهو ترجيحٌ لهذه الرواية على رواية الطائفي وغيره.
وقد أعلّ رواية الطائفي نفسها الحافظ ابن عبدالبر في
((التمهيد)) (13/116-117) فليراجع". انتهى كلامه.
قلت: انظر كيف يختصر الحلبي كلام الشيخ طارق!! فمن يقرأ
كلام الشيخ طارق لطوله وبيانه فإنه يفهم المشكلة في الحديث، وأما من يقرأ كلام
الحلبي هذا لا يفهم عن أي شيء يتكلم! لأنه يختصر كلاماً موجوداً أمامه كما ترى!!
وقد سبق بيان الشيخ طارق في رسالته إلى الشيخ بكر أبو زيد
تفسير قول البخاري "مرسل" أي موقوف، وأنه خطأ! فتابعه حلبي على خطئه!!!
فالسارق دائماً يقع في ما يكشفه ويفضحه! وكما قال أهل
الاختصاص في ((علم الجريمة)): "إنه لا جريمة كاملة"!!!
تظنُّ بأَنَّ
جُرْمَك سوف يَخفى // وهذا العار في عينيك ألفىْ
لَعمرُ الله خُبْثُك
صارَ نَـتْـنـــــاً // فتُبْ للهِ خلِّ القلبَ أَصفـىْ
7- ذكر
الشيخ طارق (ص362) كلام المعترض (ص70): "وحرام هو ابن عثمان، ضعيف.
((الميزان)) (1/468)".
قال الشيخ
طارق: "أقول: خذ الأقوال التي في ((الميزان))، واحكم أنت يا منصف...
قال مالك
ويحيى: ((ليس بشيء)).
وقال
أحمد: ((ترك الناس حديثه)).
وقال
الشافعي وغيره: ((الرواية عن حرام حرامٌ)).
وقال ابن
حبان... وقال... وكذا قال الجوزجاني. وقال ابن المديني...
هذه هي
الأقوال التي ساقها الذهبي في ((الميزان)) وكلها –كما ترى- تصرح بوهائه وضعفه
الشديد...
ثم ذكر له
الذهبي بعض المناكير، ثم قال في آخر الترجمة معلقاً على بعض مناكيره: ((وهذا حديث
منكر جداً))!!". انتهى.
قال حلبي (ص229): "ثم قال (ص70) أيضاً: ((... وحرام
هو ابن عثمان ضعيف))!
قلت: بل هو أشد من ذلك.
قال أحمد: ((ترك الناس حديثه)).
وقال الشافعي وغيره: ((الرواية عن حرام حرام)).
فلو كان ضعفه يسيراً لما حرمت الرواية عنه!
لذا ختم الذهبي –رحمه الله- ترجمته في ((الميزان)) بإيراد
بعض مناكيره، قال في آخرها: ((وهذا حديث منكر جداً))!!". انتهى كلام حلبي.
قلت: انظر قول الشيخ طارق: "وضعفه الشديد"،
وقول حلبي: "بل هو أشد من ذلك". ونقله عنه حرفاً بحرف! مع بعض
الاختصار. والله المستعان.
8- ذكر
الشيخ طارق (ص300) قول المعترض: "محمد بن مسلم الطائفي من المكثرين عن عمرو
بن دينار، فلحديثه عنه مزية".
قال الشيخ
طارق: "وهذا كلام مقلوب... لأنه من المعروف بداهة؛ أن الإكثار مظنة الخطأ،
وكلما أكثر الراوي كلما كانت نسبة خطئه أكثر، هذا ما لا أظن عاقلاً ينكره".
ثم دلّل
الشيخ طارق على هذه القاعدة ببعض الأمثلة عن أئمة الحديث.
ثم نقل عن
الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (1/201): "... إذ الإكثار مظنة الخطأ... وأما من
أكثر منهم فمحمول على أنهم كانوا واثقين من أنفسهم بالتثبت...".
قال حلبي (ص230) مقطع (60): "قال (ص72): ((محمد بن
مسلم الطائفي من المكثرين عن عمرو بن دينار، فلحديثه عنه مزية...))!
قلت: ليس ذلك بإطلاق! إذ قد يكون الإكثار –وبخاصة ممن في
حفظهم شيء- سبباً في الوهن ودخول الخلل وورود المناكير. أما الإكثار من الثقات عن
شيوخهم، فهو مظنة التثبت، والدقة والصواب –إن شاء الله-.
فهذه قاعدة مهمة، فكن منها على ذُكْرٍ". انتهى.
قلت: نعم، هي قاعدة مهمة، ولكنها ليست منك!! بل هي مسروقة
من كلام ابن حجر وكلام الشيخ طارق!!! وبين السارق والمسروق منه فرق ساحق!! وإن لم
يفرق بينهما معاند سارق!! أو جاهل ناعق!!
فكُن من هؤلاء السُّراق على حذر!! ولا يغرنّك تقمّصهم
لعبارات ابن حجر!! فقلوبهم كالحجر!! بل أشد قسوة!! فكيف يكونون لك - يا طالب الحق-
قدوة وأُسوة!!
9- قال
الشيخ طارق (ص292): "ساق المعترض (ص72) التوثيقات التي جاءت في حق محمد بن
مسلم ثم قال: ((وفي مقابل كلّ هؤلاء انفرد الإمام أحمد بتضعيفه، ولم يبين سبب الضعف،
فهو جرحٌ غير مفسر فَيُرَدُّ في مقابل التعديل المذكور كما هو معروف))!!
أقول:
كثيراً ما يَرُدُّ المعترض تضعيفات الأئمة بهذه القاعدة، مع أنها ليست على
إطلاقها، وإنما محلُّها حيث يختلف الجرح المبهم مع التعديل اختلافاً لا يمكن الجمع
بينهما بطريقة من طرق الجمع المعروفة.
ورواة
الحديث أنواع...".
ثم نقل
الشيخ طارق هذه الأنواع وفصلها مع الأمثلة، ثم قال: "فقد وثقه مطلقاً أبو
داود والعجلي، وابن معين في رواية، وفي رواية أخرى فصّل كما سيأتي. وقال
عبدالرزاق: ((ما كان أعجب محمد بن مسلم إلى الثوري)).
فهؤلاء؛
الذين أطلقوا فيه التوثيق.
وضعفه
أحمد بن حنبل مطلقاً، كما سلف...
ومنهم من
وثقه في الجملة؛ إلا أنه بين أنه يخطئ..
قال ابن
حبان –بعد أن أدخله في ((الثقات))- (7/339): ((كان يخطئ)).
وقال
الساجي: ((صدوق، يهم في الحديث)).
ومنهم: من
بين نوع هذا الخطأ..
فقال ابن
مهدي: ((كتبه صحاح)).
فهو بذلك
يشير إلى أنه يخطئ إذا حدث من حفظه.
أما ابن
معين؛ فقد صرّح بهذا، فقال –كما في ((تاريخ الدوري)) (304)، وهو في ((الجرح))
(4/1/77): ((لم يكن به بأس، وكان سفيان ابن عيينة أثبت منه، ومن أبيه ومن أهل
قريته، كان إذا حدّث من حفظه يقول: كأنه يخطئ، وكان إذا حدث من كتابه فليس به
بأس))...
فإذا
تدبرنا على ما سبق؛ تبين لنا أن للطائفي حالتين:
الأولى:
إذا حدّث من كتابه، فهو في هذه الحالة ثقة؛ حديثه صحيح. ويظهر هذا باستقامة حديثه
وعدم مخالفته للثقات.
الثانية:
إذا حدث من حفظه، فهو في هذه الحالة يخطئ أحياناً، فحديثه في هذه الحالة في الأصل
حسن، إلا إذا ظهر خطؤه في حديث ما بمخالفته الثقات أو تفرده بما لا يحتمل التفرد،
ففي هذه الحالة يُرد حديثه، ويظهر بذلك أنه مما حدث به من حفظه. وبهذا الجمع؛ نكون
قد أعملنا أقوال العلماء كلها، ولم نطرح بعضها، ويحمل تضعيف أحمد له على ما رواه
من حفظه لا من كتابه...". انتهى.
قال حلبي (ص230) مقطع (61): "ثم تمم كلامه في الصفحة
نفسها (ص72) بإيراد قالات عدد من موثقي الطائفي (!!) ثم قال: ((وفي مقابل كلّ
هؤلاء انفرد الإمام أحمد بتضعيفه، ولم يبين سبب الضعف، فهو جرحٌ غير مفسر
فَيُرَدُّ في مقابل التعديل المذكور كما هو معروف))!!
كذا! مع أن في المقالات التي ذكرها لتوثيقه ما يثبت ضعفه،
وما يؤيد تفسير جرحه!
فعن ابن حبان: ((كان يخطئ)).
وعن الساجي: ((صدوق يخطئ)).
وقد فصّل ابن معين رحمه الله تعالى القول فيه تفصيلاً
حسناً تلتقي عليه الكلمات السابقة كلها، فقال في ((تاريخه)) (304-رواية الدوري):
((لم يكن به بأس، وكان سفيان بن عيينة أثبت منه ومن أبيه ومن أهل قريته، كان إذا
حدث من حفظه يقول: كأنه يخطئ، وكان إذا حدث من كتابه فليس به بأس)).
فمن وثقه أراد روايته من كتابه.
ومن جرحه أراد روايته من حفظه.
والله الموفق للصواب". انتهى كلام حلبي.
قلت: نعم، الله هو الموفق للصواب، لا للسرقة!! فها هو حلبي
قد أخذها (لقمة سائغة) من كلام الشيخ طارق، وأعطاها للقارئ مختصرة!!! مقتصراً على
بعض النقل والنتيجة التي ذكرها الشيخ طارق!!
وانظر قول الشيخ طارق: "ساق المعترض التوثيقات التي
جاءت في حق محمد بن مسلم"، وقول حلبي: "بإيراد قالات عدد من موثقي
الطائفي"!!!
وقد نقل حلبي عن الساجي قوله: "صدوق يخطئ"! وهو
خطأ إما غفلة منه وإما متعمدا! فلعله أخطأ فيه عمداً لكي لا يُكشف، والله أعلم!!
وبعباده من عباده أرحم.
وانظر قول حلبي: "قالات"! وهو جمع لقول فلان
وفلان عنده، وهذا الجمع لا يُعرف في العربية؛ فهل حلبي نافس سيبويه؟ بل هو تشدّق
سمج يدلّ على سفاهته! والصواب: "مقالات".
10- ذكر
الشيخ طارق (ص164-168) أحاديث احتج بها المعترض على إثبات سماع أبي الزبير فيها من
جابر، وكلها من طريق ابن لهيعة، فقال الشيخ طارق: "وابن لهيعة قد زاد السماع،
وهو ضعيف عندك... لأنه ليس من رواية أحد العبادلة عنه - انظر كتابك (ص109)، فكيف
تحتج به في إثبات السماع". انتهى.
قال حلبي (ص236) مقطع (67): "أورد (ص80) رواية من
المسند يرويها الإمام أحمد عن: حسن، حدثنا ابن لهيعة، أخبرنا أبو الزبير، أخبرني
جابر...)) مستدلاً بها على تصريح أبي الزبير بالتحديث للحديث المتقدم في الفصل
الثاني (برقم: 6:4)!
وقد غفل - أو تغافل- عن أن الطريق إلى أبي الزبير ابن
لهيعة، ورواية حسن عنه ليس من مقبول حديثه كما يعرفه أهل الشأن...". انتهى.
قلت: انظر كيف لفّ الكلام ومؤداه واحد، فبدل أن يذكر
العبادلة ذكر رواية حسن - وما أظن حلبي يعرف من حسن هذا! وهو الحسن بن موسى
الأشيب- وقد أحال الشيخ طارق المعترض إلى كتابه (ص109)، فماذا فعل الحلبي: كتب في
الهامش: وهو –أي المعترض- يعرف هذا كما في (ص108-109) من كتابه...
وكذلك فعل حلبي في مقطع (68) و (69) فإنه رد على المعترض
كما رد الشيخ طارق بأن الحديثين من رواية ابن لهيعة وليس من رواية أحد العبادلة
عنه!
سبحان الملك الجبار! على توارد الأفكار!! وتوافق الأنظار!!
ولكن كيد الظالمين في تبار، ومكرهم إلى بوار!! وغداً تأتيك البينات بالأخبار!!
ويوم القيامة يخسأ الفجار!! وتُهتَك الأستار!! وتُكشف الأسرار!! وللسارقين بئس
القرار!! فرحماك اللهمّ أنت العزيز الغفار.
11- ذكر
الشيخ طارق (ص169) حديث مَعقل عن أبي الزبير عن جابر أن امرأة من بني مخزوم سرقت،
فأُتي بها النبي صلى الله عليه وسلم، فعاذت بأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والله، لو كانت فاطمة لقطعت يدها))، فقطعت.
ثم قال:
"قال
المعترض (ص86): ((صرّح أبو الزبير بأن جابر بن عبدالله أخبره، وذلك فيما رواه أحمد
في ((المسند)) (3/386)، قال أحمد: ثنا حسن: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا أبو الزبير:
أخبرني جابر، أن امرأة من بني مخزوم سرقت... الحديث)) ا.هـ.
أقول –أي
الشيخ طارق-: هذا؛ كالذي مرّ، من ضعف حديث ابن لهيعة؛ لأنه من غير طريق العبادلة
عنه.
ومَعقل،
هو ابن عبيدالله الجزري، صدوق من رجال مسلم، وهو لم يذكر لفظ الإخبار بين أبي
الزبير وجابر، فتحقق أنَّ هذا اللفظ مما زاده ابن لهيعة خطأ ووهماً.
ثم إن
معقلاً قد توبع على عدم ذكر السماع أيضاً، تابعه: موسى بن عقبة...
وتابع
معقلاً أيضاً على عدم ذكر السماع: أشعث بن سوار إن كان محفوظاً...". انتهى.
قال حلبي (ص239) مقطع (71): "أورد (ص86) تصريحاً لأبي
الزبير بالسماع، للحديث المتقدم (برقم: 2:5) وقد رواه مسلم من طريق الحسن بن أعين،
حدثنا معقل، عن أبي الزبير، عن جابر...! أو التصريح بالسماع من ((المسند)) من طريق
حسن عن ابن لهيعة، حدثنا أبو الزبير، أخبرني جابر...!
قلت - أي الحلبي-: وفيه –زيادة على ما سبق تكراره- من عدم
صحة رواية حسن عن ابن لهيعة، وبالتالي عدم صحة السند إلى التصريح بالتحديث: أن
رواية معقل راجعة إلى رواية ابن لهيعة!
وهي علة دقيقة لا يعرف قدرها إلا طلبة الحديث، وأهله:
قال الحافظ ابن رجب في ((شرح علل الترمذي)) (2/638-639) في
ذكر ((قوم ثقات في أنفسهم، لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف))، قال: ((... ومنهم:
معقل بن عبيدالله الجزري، ثقة، كان أحمد يضعف حديثه عن أبي الزبير خاصة، ويقول:
((يشبه حديثه حديث ابن لهيعة، ومن أراد حقيقة الوقوف على ذلك، فلينظر إلى أحاديثه
عن أبي الزبير، فإنه يجدها عند ابن لهيعة، يرويها عن أبي الزبير كما يرويها معقل
سواء...)).
فهل يكون مثل هذا الإسناد صالحاً لقبول ذلك التحديث!؟
وبخاصة أن كلتا الروايتين راجعتان إلى أصلٍ واحد!؟". انتهى كلامه.
قلت: نقل الحلبي الرد الأول من الشيخ طارق كعادته. وإتيانه
بكلام ابن رجب هنا كان ينبغي توجيهه في تضعيف رواية معقل من أساسها، وكان لمعقل
هذا عن أبي الزبير عن جابر نسخة يرويها عنه الحسن بن محمد بن أعين عن معقل.
قال ابن رجب في ((شرح علل الترمذي)) (2/866): "قد سبق
قول الإمام أحمد أن حديثه ـ أي معقل- عن أبي الزبير يشبه حديث ابن لهيعة، وظهر
مصداق قول أحمد أن أحاديثه عن أبي الزبير مثل أحاديث ابن لهيعة سواء كحديث اللمعة
في الوضوء وغيره، وقد كانوا يستدلون باتفاق حديث الرجلين في اللفظ على أن أحدهما
أخذه عن صاحبه كما قال ابن معين في مطرف بن مازن إنه قابل كتبه عن ابن جريج ومعمر
فإذا هي مثل كتب هشام بن يوسف سواء، وكان هشام يقول لم يسمعها من ابن جريج ومعمر
إنما أخذها من كتبي، قال يحيى: فعلمت أن مطرفاً كذاب، يعني علم صدق قول هشام عنه".
فالمسألة ليست مسألة عنعنة وتحديث، وإنما رجوع حديث معقل
إلى حديث ابن لهيعة. وأنّى لحلبي معرفة ذلك لأن فاقد الشيء لا يُعطيه!
12- ذكر
الشيخ طارق (ص195) حديث معقل عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً: ((استكثروا من
النعال...)) الحديث.
ثم نقل
قول المعترض فقال:
"قال
المعترض (ص93): ((لم أجد تصريحاً بالسماع لأبي الزبير، لكن تابعه الحسن البصري (!)
فيما رواه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (8/44) عن مجاعة بن الزبير، عن الحسن، عن
جابر به، وأخرجه ابن عدي في ترجمة مجاعة بن الزبير بنفس السند من ((الكامل))
(6/2418). ومجاعة مختلف فيه، فيمكن أن يُحسَّن حديثه لا سيما في المتابعات
والشواهد...)).
أقول:
كلامك هذا
منتقد من وجهين:
الوجه
الأول:
أن ((مجاعة))
هذا؛ لا يمكن أن يحسّن حديثه، بل هو ضعيف....".
ثم تكلم
الشيخ طارق عن حاله في (8) صفحات، وفيها فوائد.
ثم قال:
"الوجه
الثاني:
على فرض
التسليم بما قُلْتَه من أن مجاعة يمكن أن يحسّن حديثه، لا نسلم لك بما بنيته على
ذلك...
أولاً:
لأنك قلتَ (ص94):
((والحسن
البصري لم يسمع من جابر بن عبدالله كما ذكره جماعة)).
فكيف
يستقيم هذا مع قولك هنا: ((تابعه الحسن البصري))؟!
فإن الذي
تابعه في الحقيقة إنما هو الواسطة التي أسقطها الحسن البصري بينه وبين جابر رضي
الله عنه.
ثانياً:
أننا لو سلمنا بتحسين حديث مجاعة في الجملة، لما كان حديثه هذا كذلك؛ لأنه اضطرب
فيه، مما يدل على أنه لم يحفظه جيّداً، والبحث هنا يدور حول حديثه خاصة، لا حول
حديثه عامة.
فأنتَ
قلتَ (ص94):
((وفي
الباب... وعن عمران بن حصين. رواه العقيلي (4/255) والخطيب في التاريخ (9/404-405)
من طريق مجاعة بن الزبير عن الحسن عن عمران بن حصين به)).
فهذا؛ وجه
ثان قاله مجاعة، فإما أن يكون كلاهما محفوظاً، أو أحدهما، أو ليس واحد منهما.
فالاحتمال الأول...". انتهى.
قال حلبي (ص244) مقطع (78): "أورد (ص93) متابعةً
لحديث أبي الزبير عن جابر: ((استكثروا من النعال...)) المتقدم في الفصل الثالث
(برقم: 7: 1)، قائلاً: ((لم أجد تصريحاً بالسماع لأبي الزبير، لكن تابعه الحسن
البصري فيما رواه البخاري في التاريخ...)).
ثم يقول (ص94) ناقضاً ما بناه: ((والحسن البصري لم يسمع من
جابر بن عبدالله كما ذكره جماعة...))!!
قلت: فماذا أفادت أبا الزبير متابعةُ الحسن إذاً؟!
وبخاصة أن مجاعة بن الزبير راويه عن الحسن قد اضطرب فيه:
فجعله مرة عن جابر، ومرة عن عمران بن حصين.
فقد رواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (18/138) وغيره من
طريق مجاعة، عن الحسن عن عمران!
فتعلّ هذه الرواية تلك!
ومن عَجب أنه أورد هذه الرواية زاعماً أنها ((في الباب))،
دون تأمل في رواتها اتفاقاً واختلافاً!". انتهى كلام حلبي.
قلت: انظر - رحمك الله- كيف لخّص واختصر ما فصّله الشيخ
طارق، فإن رده على المعترض كان طويلاً. وفاتَ (حلبي) أهم شيء في الرد وهو الوجه
الأول لأن الرد الأقوى هو ما جاء فيه.
ولاحظ قول الشيخ طارق: "لا نسلم لك بما بنيته على
ذلك"، وقول حلبي: "ناقضاً ما بناه"!!!
والجديد الذي أتى به حلبي هو ذكره لرواية الطبراني لحديث
عمران بن حصين، (ولأن ذلك فتحاً عنده) قال في الهامش: "وقد فات هذا المصدر
محمود سعيد، إذ عزاه للخطيب والعقيلي! وليس من شك أن الطبراني أعلى وأشهر... إلا
أن يكون وقف عليه... وكَتَمه!!"
قلت: أنا لا أدافع عن محمود سعيد المبتدع، ولكن لم يريد أن
يكتم هذه الرواية كما يزعم الحلبي؟!! فإنه ذكر الرواية نفسها عند العقيلي والخطيب،
فلا حاجة لكتمها!!
ثُم إن ذكرها من عند الطبراني لا يساعدنا في الرد على
المعترض، بل إن عزوه لها من عند العقيلي والخطيب ومن قبلهما البخاري وابن عدي أحسن
في الرد عليه؛ لأن هؤلاء ذكروا روايته في ترجمته وهذا يعني أنهم يستنكرونها عليه
كما نبّه على ذلك الشيخ طارق، وأما الطبراني فإنه يسوق الروايات في معجمه بحسب
المسانيد، فلا تفرح يا حلبي بعزوها إلى الطبراني!!!
والعجب من حلبي أنه ذكر في الصفحة التالية (246) في
الحاشية أن هذا الاستدراك الذي استدركه هنا بذكر رواية الطبراني هي ((مثال على
الاستدراك العلميّ)).
ذلك مبلغهم من العلم...
13- ذكر
الشيخ طارق (ص175) حديث معقل عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً: ((لا يقيمن أحدكم
أخاه يوم الجمعة ثم ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه، ولكن يقول: افسحوا)).
ثم نقل
الشيخ كلام المعترض، فقال:
"قال
المعترض (ص98):
((تابعه
سليمان بن موسى عند أحمد وعبدالرزاق. قال أحمد، ثنا محمد ابن بكر: أنا ابن جريج:
أخبرني سليمان بن موسى، قال: أخبرني جابر به. وهو في ((مصنف عبدالرزاق)) بنفس
السند (3/268)، وأخرجه أحمد من طريقه أيضاً (3/295). وسليمان بن موسى ثقة فيه بعض
اللين، والسند إليه صحيح)).
ثم قال:
((قال ابن
معين: ((سليمان بن موسى عن جابر مرسل))... وابن حبان ذهب مذهب ابن معين، فقال في
((مشاهير علماء الأمصار)) (ص179): ((وقد قيل: إنه سمع جابراً، وليس بشيء، تلك كلها
أخبار مُدلَّسة)). ولكنه سمع من جابر هذا الحديث، فلا يعد مدلساً، وإن صحّ أنه لم
يسمع منه لم تكن روايته عنه إلا من باب الإرسال الخفي في الأصح، والله أعلم)). اهـ
كلامه.
أقولُ:
اعتمادك
على هذه الرواية لإثبات سماع سليمان بن موسى من جابر، وعليه إثبات متابعته لأبي
الزبير؛ خطأ محضٌ، وذلك لأمور...
الأول: أن
ابن معين وابن حبان قد نصَّا على عدم سماع سليمان بن موسى من جابر، ولم يخالفهما
أحد...
الثاني:
أن ذكر لفظ الإخبار في هذه الرواية بين سليمان بن موسى وجابر، مما أخطأ فيه محمد
بن بكر البرساني...
الثالث:
أنه مع تفرده بذكر الإخبار بين سليمان وجابر، قد خالفه من هو أوثق منه بطبقات، ألا
وهو الإمام عبدالرزاق بن همام، فقد رواه في ((مصنفه)) –كما ذكرتَ أنتَ (3/268)-،
عن ابن جريج، به. فلم يذكر لفظ الإخبار.
وعبدالرزاق
وإن كان أثبت من البرساني في الجملة، فإنه أيضاً أثبت منه في ابن جريج خاصة.
فقد قال
أبو زرعة الدمشقي في ((تاريخه)) (1/457): ((قلت لأحمد بن حنبل: من أثبت في ابن
جريج: عبدالرزاق أو محمد بن بكر البرساني؟ قال: عبدالرزاق)).
فدلّ هذا،
على أن رواية البرساني شاذة غير محفوظة.
تَنْبيهٌ..
وقعت
رواية عبدالرزاق هذه في ((المسند)) (3/295)، هكذا: ((ثنا عبدالرزاق: أنا ابن جريج،
قال سليمان بن موسى: أنا جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم...)) فذكر الحديث.
و((أنا))
اختصار ((أخبرنا)) كما هو معروف، وأخشى
أن يكون ذلك خطأ من الناسخ أو الطابع؛ لأن رواية عبدالرزاق هذه في ((مصنفه)) بذكر
العنعنة بين سليمان بن موسى وجابر...".
ثم ذكر
الشيخ طارق متابعة عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن أبي رواد لعبدالرزاق بذكره العنعنة،
ثم قال:
"وعليه،
فلا تصح أيضاً متابعة سليمان لأبي الزبير، ويكون المتابع في الحقيقة هو الواسطة
الساقطة بين سليمان وجابر".
ثم تكلم
الشيخ عن وصف المعترض لسليمان بالتدليس، وختم ذلك بالرد على قول المعترض: ((وإن صح
أنه لم يسمع منه لم تكن روايته عنه إلا من باب الإرسال الخفي في الأصح)).
قال الشيخ
طارق:
"أقول:
نعم؛ هو
كذلك، والإرسال الخفي صريح في عدم السماع، والذي من مقتضاه انقطاع السند، وبهذا
ينهدم بحثك جملة وتفصيلاً، ولا يثبت حينئذ لا سماع سليمان من جابر؛ لأن روايته عنه
من باب الإرسال الخفي، ولا متابعة سليمان لأبي الزبير؛ لأن المتابعة حينئذ تكون من
الواسطة الساقطة بين سليمان وجابر.
والحمد
لله الذي بنعمته تتم الصالحات". انتهى كلامه.
قال حلبي (ص250) مقطع (84): "ذَكَرَ (ص97-98) متابعاً
لأبي الزبير في حديثه عن جابر، مرفوعاً: ((لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم
ليخالف...)) المتقدم في الفصل الثاني (برقم (16:4)، قائلاً:
((تابعه سليمان بن موسى عند أحمد وعبدالرزاق، قال أحمد،
ثنا محمد ابن بكر: أنا ابن جريج: أخبرني سليمان بن موسى، قال: أخبرني جابر به. وهو
في ((مصنف عبدالرزاق)) بنفس السند (3/268)، وأخرجه أحمد من طريقه أيضاً (3/295))).
ثم نقل عن ابن معين نَفْيَه سماعَ سليمان بن موسى جابراً،
وكذا عن ابن حبان، ثم عقّب بقوله:
((ولكنه سمع من جابر هذا الحديث، فلا يعد مدلساً، وإن صحّ
أنه لم يسمع منه لم تكن روايته عنه إلا من باب الإرسال الخفي في الأصح، والله
أعلم)).
قلت –أي حلبي-: وعليه تعليقاتٌ:
الأول: أن الإمام أحمد روى الحديث في ((مسنده)) عن عبدالرزاق...
وفيه: ((.. قال سليمان بن موسى أنا جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال...)).
ورواه - بعده - عن محمد بن بكر.. وفيه: ((.. سليمان بن
موسى قال: أخبرني جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم...)).
والرواية الأولى التي فيها ((أنا)) موهمةٌ أنها اختصار
((أخبرنا)) وليست كذلك بدليل أن رواية ((مصنف عبدالرزاق)) (5591) –وهو شيخ
أحمد فيه- فيها: ((عن سليمان بن موسى أنّ جابر بن عبدالله قال...)).
الثاني: أن اختلاف عبدالرزاق ومحمد بن بكر في شيء إنما
يُرجح فيه عبدالرزاق، لأنه أوثق وأثبت:
ففي ((تاريخ دمشق)) (1/457) لأبي زرعة الدمشقي:
((قيل لأحمد بن حنبل: من أثبت في ابن جريج: عبدالرزاق أو
محمد ابن بكر البرساني؟ قال: عبدالرزاق)).
فالقول قول عبدالرزاق، وليس فيه التصريح بالتحديث. ويؤيده:
الثالث: أن الحافظ ابن حجر في ((أطراف المسند المعتلي
بأطراف المسند الحنبلي)) (1/ق47/أ) صدّر رواية سليمان بن موسى عن جابر بقوله:
((سليمان بن موسى الأشدق عن جابر، ولم يدركه))، ثم أورد أول حديث له، وهو حديث
الباب، وقال عقبه: ((عن محمد بن بكر وعبدالرزاق عن ابن جريج عنه به)).
فهذا ترجيح صريح يضاف إلى مقالات ابن معين وابن حبان
والمزي وغيرهما.
الرابع: على ضوء ما سبق تعرف خطأ محمود سعيد في قوله عن
الحديث: ((وهو في ((مصنف عبدالرزاق)) بنفس السند))!!
الخامس: قول محمود سعيد في خاتمة بحثه: ((وإن صح أنه لم
يسمع منه لم تكن روايته عنه إلا من باب الإرسال الخفي في الأصح))!!
أقول: نعم؛ هي كذلك، وبها يتقوّض بحثك من أساسه، ولا تسلم
متابعة سليمان بن موسى من أصلها! إذ المتابع في الحقيقة هو الساقط بين سليمان بن
موسى وجابر، وهذا هو عين المحظور من رواية أبي الزبير عن جابر بالعنعنة دون تبيين
السماع.
ثم أليست جرأة محمود سعيد في رد كلام أئمة الحديث هي من
التعدي الصارخ على أهل الاختصاص؟! ثم يصف غيره - دون حق- بالتعدي!". انتهى
كلام حلبي.
قلت: وانظر أيضاً أخي القارئ إلى تلخيصه واختصاره لكلام
الشيخ طارق!!! فما ذكره هو عينه ما ذكره الشيخ طارق وإن تلاعب بالألفاظ كعادته!!
والذي زاده عن ابن حجر في الأطراف لا يقدم ولا يؤخر، ولكنه
أراد أن يبعد التهمة عنه من سرقته الشنيعة، ويدلك على ذلك رده الأخير على المعترض،
فقارن بينه وبين كلام الشيخ طارق!!
- قال الشيخ طارق: "أقول: نعم هو كذلك".
- فقال الحلبي: "أقول: نعم هي كذلك"!!
ومن عادة الحلبي أنْ يبدأ كلامه بـ: ((قلت))!! ولكنه نسي
هنا فذكر ما يذكره الشيخ طارق دائماً ((أقول))!!!
- قال الشيخ طارق: "ينهدم بحثك جملة وتفصيلاً".
- فقال الحلبي: "يتقوّض بحثك من أساسه".
- قال الشيخ طارق: "لا يثبت حينئذ لا سماع سليمان من
جابر... ولا متابعة سليمان لأبي الزبير لأن المتابعة حينئذ تكون من الواسطة
الساقطة بين سليمان وجابر".
- فقال الحلبي: "ولا تسلم متابعة سليمان من أصلها!
إذا المتابع في الحقيقة هو الساقط بين سليمان بن موسى وجابر".
فانظر تعديه الصارخ على أهل الاختصاص بسرقته كلامهم!!!
تنبيه: الذي اُشتهر باسم تاريخ دمشق هو كتاب ابن عساكر،
وتاريخ أبي زرعة - وإن كان موضوعه عن تاريخ دمشق أيضاً -، إلا أن شهرته بين أهل
العلم هو: "تاريخ أبي زرعة"، فكان الأولى بحلبي أن يقول: "ففي
تاريخ أبي زرعة"، لا: "ففي تاريخ دمشق" لئلا يختلط على بعض الطلبة.
14- تكلم
الشيخ طارق (ص159-160) على منهج المعترض في إيراده الشواهد، فقال: "وأحياناً
يأتي بشواهد، بعد أن لا يجد تصريحاً بالسماع ولا متابعة، ويكون إسناد الشاهد
ضعيفاً لسوء حفظ أو انقطاع؛ فتجده يدفع العلة التي في السند بمجرد أن المتن محفوظ
صحيح.
وهذا؛ ليس
بشيء؛ لأن صحة المتن لا يلزم منها صحة كل إسناد يروى به هذا المتن...
فإن
المعترض (ص100) ذكر شاهداً لحديث رواه أبو الزبير عن جابر، وهذا الشاهد من طريق
محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن يحيى بن جعدة، عن رجل حدَّثه، عن أم مالك
الأنصارية.
ثم قال
المعترض: ((قال الحافظ الهيثمي: فيه عطاء بن السائب، ثقة ولكنه اختلط، وفيه راوٍ
لم يُسَم)).
ثم قال:
((عطاء بن السائب لم يختلط في هذا الحديث لأن له شواهد كثيرة، منها حديث جابر
المذكور)).
أقول:
لقد نسي
المعترض أن الشواهد إنما تصحح المتن لا الإسناد، وأبو حاتم يقول فيما رواه ابن
فضيل عن عطاء: ((وما روى عنه ابن فضيل، ففيه غلطٌ واضطراب)).
فهذا؛ حكم
من أبي حاتم على هذه الرواية وأمثالها مما رواه ابن فضيل عن عطاء...
ثم إن
جعله حديث جابر المذكور شاهداً لحديث أم مالك الأنصارية الذي يرويه عطاء بن
السائب؛ خطأ مركب!!
لأنه جعل
المشهود له شاهداً!! ولأن كون المتن له ما يشهد له، فأين الذي يشهد لهذا السند
الذي جاء به عطاء بن السائب ولم يتابع عليه؟!
ثم إن
المعترض جعل اشتمال هذا الحديث على شيء متواتر، دليلاً على سماع أبي الزبير له من
جابر! وهذا في غاية العجب!!
فقد قال:
((لم أجد
لأبي الزبير تصريحاً بالسماع، لكن أحاديث زيادة الطعام ببركته صلى الله عليه وسلم
متواترة، لا تحتاج لما يقويها)).
وهذه؛
حيدة وخروج عن محل البحث؛ لأن كون الحديث قد اشتمل على بعض ما هو متواتر، لا
يستلزم صحة هذا الحديث بعينه، فضلاً عن ثبوت سماع أحد رواته له من شيخه...".
انتهى.
قال حلبي (ص252) مقطع (87): "أورد (ص100) قول النبيّ
لامرأةٍ في عُكَّة سمنٍ عصرتها: ((لو تركتها ما زال قائماً))، وهو من حديث أبي
الزبير عن جابر، فلم يورد له تصريحاً بالتحديث، وإنما قال –بعدُ- ((.. لكنّ أحاديث
زيادة الطعام ببركته صلى الله عليه وسلم متواترة لا تحتاج لما يقوِّيها...))!
قلت: فلماذا تورده؟ ولماذا تنظمه في سلك ((التعديات))
ملزماً الشيخ في تضعيفه، ثم تقول: ((.. لا تحتاج لما يقويها))!؟! علماً أن شيخنا
لم يتعرض له بنقدٍ، بل قد صحح متنه في بعض كتبه كما سبق.
ثم أورد محمود سعيد لحديث الباب شاهداً من حديث محمد بن
فضيل عن عطاء بن السائب، عن يحيى بن جعدة، عن رجل حدثه، عن أم مالك.. به.. وهو في ((مصنف
ابن أبي شيبة)) و((معجم الطبراني الكبير))، ثم نقل قول الهيثمي فيه: ((رواه
الطبراني، وفيه عطاء بن السائب، ثقة، ولكنه اختلط، وفيه راو لم يسم))، فقال عقبه:
((عطاء ابن السائب لم يختلط في هذا الحديث، لأن له شواهد كثيرة، منها حديث جابر
المذكور)).
قلت: وهذا منه أعجب شيء يكون! فما شأن الاختلاط –وهو من
متعلقات الإسناد- بالمتن؟! إذ الشواهد –كما يعرفه الطلاب- إنما صلتها بالمتون، لا
الأسانيد!
ومع ذلك فإن ابن أبي حاتم قال في ((الجرح)) (3/1: 334) في
عطاء: ((وما روى عنه ابن فضيل، بَلَغني فيه غلط واضطراب)). فتأمل". انتهى.
قلت: تأملت فوجدتك أخذت كلام الشيخ طارق فاختصرته وصغته
بعباراتك (الإنشائية) البرّاقة المليئة بعلامة التعجب!!!!!!!!!
فكيف يتوافق كلامك مع كلام الشيخ طارق في تعقبه في مسألة
الاختلاط والاستشهاد بكلام أبي حاتم؟!
وهنا أيضاً زاد حلبي توثيق عبارة أبي حاتم من ((الجرح))
وأجزم أنه لم يرجع إلى الكتاب!! لأن العبارة في ((الجرح)) هي كما نقلها الشيخ طارق
ليس فيها ((بلغني))! ولكن حلبي أحب أن يوثقها ففتح كتاب ((الكواكب النيرات)) ومنه
نقل العبارة والتوثيق؛ لأنه جاء فيها: ((وما روى عنه ابن فضيل بلغني فيه غلط
واضطراب))، ووثق المحقق في الحاشية: (الجرح (3: 1: 334).
15- ذكر
الشيخ طارق (ص274) عياض بن عبدالله الفِهري، ونقل قول أبي حاتم الرازي فيه في
((الجرح والتعديل)) (3/1/409): ((ليس بقوي)).
قال:
"نقلها المعترض (ص110) بلفظ: ((ليس بالقوي)). ثم قال: ((وهو تليين هين)).
أقول:
نَعم؛
((ليس بالقوي)) تليين هين، لكن ليس كذلك ((ليس بقوي))، وهذا لا يخفى على عارفٍ
بدلالات الألفاظ، فإن قولهم: ((ليس بالقوي)) نفي لكمال القوة فقط، ومن قيلت فيه
هذه الكلمة فهو في جملة الثقات إلا أن غيره أوثق منه، فحديثه حسن في الأصل، أما
قوله: ((ليس بقوي)) فهو نفي لأصل القوة، فهي إذاً من صيغ الجرح، فهي بمرتبة
((ضعيف))؛ لأن الضعيف انتفى عنه أصل القوة، كما لا يخفى". انتهى كلامه.
قال حلبي (ص259) مقطع (94): "تكلم (ص110) على عياض
ابن عبدالله الفهري، فكان مما نقله فيه قول أبي حاتم في ((الجرح والتعديل))
(3/1/409): ((ليس بالقوي)) قائلاً: ((وهو تليينٌ هيِّنٌ..))!
كذا نقلها، وقد حرّفها!
وأكاد أجزم أنه تعمد ذلك –والعياذ بالله-!
إذ النّص في ((الجرح)): ((ليس بقوي))، وفرق بينها وبين
((ليس بالقوي)) كما يعرفه صغار الطلبة.
إذ ((ليس بقوي)) نفي للقوة من أصلها وأسها، أما ((ليس
بالقوي)) فنفي لكمال القوة.
فلماذا هذا يا هذا؟!". انتهى كلام حلبي.
قلت: لماذا هذا (أنت) يا هذا؟! تسرق كلام الشيخ وتتبجح به
وكأنه قولك؟!! كيف تتوافق معه في قوله: نفي لكمال القوة ونفي لأصل القوة؟!!
ثم لو سألت حلبي: من قال بهذا التفريق بين هذين المصطلحين
من أهل العلم؟! فإنه لن يعرف الجواب!! وإنما يسرق دون وعي!
أقول له: نسبه المعلمي اليماني في "التنكيل" إلى
النسائي، وعممه الشيخ طارق، ومن قبله الشيخ الألباني، ولكنه قول لا يصح، لا عن
النسائي ولا عن غيره، وقد حققته - بحمد الله- بالأدلة في موقعي: "دار الحديث
الضيائية".
وحتى يتأكد لك أخي القارئ أن علي حلبي يسرق كلّ شيء: انظر
قول الشيخ طارق: "لا يخفى على عارف"، ومقابله قول الحلبي: "كما
يعرفه صغار الطلبة"!!
16- قال
الشيخ طارق (ص343): "قال المعترض (ص111): ((إن مسلماً رحمه الله تعالى أخرج
حديثه في ((صحيحه))، فهو توثيق له؛ لأنه أخرج له في الأصول، وبلفظ مغاير لألفاظ
الباب)).
أقولُ:
مسلم ما
أخرج حديثه في الأصول، بل في الشواهد، ومن عَرف طريقة مسلم في ترتيب أحاديث
((صحيحه)) أيقن أن مسلماً ما احتج به، بل استشهد..
وقد كفانا
المعترض مؤنة هذا... فقال بصدد كلامه عن رواية هشام بن سعد في صحيح مسلم، وإثباته
أنها في الشواهد والمتابعات، وليست في الأصول. قال (ص136-137): ((رواية هشام بن
سعد في مسلم...
أقول:
وأوضح
منه: حديث عياض هذا؛ فإن مسلماً وضعه في آخر الباب...". انتهى.
قال حلبي (ص260) مقطع (95): "قال (ص111) عن عياض بن
عبدالله الفهري: ((.. فإن مسلماً رحمه الله تعالى أخرج حديثه في صحيحه، فهو توثيق
له، لأنه أخرج له في الأصول، وبلفظ مغاير لألفاظ الباب..))!
قلت: لا، بل في الشواهد، كما يعرفه المتأمل بأدنى نظرة.
إذ أورده مسلم في آخر الباب بمعنى الأحاديث قبله.
وهل طريقة الاستشهاد إلا هذه؟". انتهى.
ثم وضع حلبي حاشية قال فيها: "وهو يعرف هذا، كما في
(ص136-137) من كتابه حول هشام بن سعد ورواية مسلم له، ولكنه يعرفُ ويحرِفُ".
انتهى.
قلت: نعم، المعترض يعرف ويَحْرِف، وأنت ماذا؟! أَلا تَسرِق
وتَغْرِف؟!!
17- ذكر
الشيخ طارق (ص341) قول المعترض في ((إسماعيل بن زكريا الخُلقاني)) فقال: "قال
المعترض (ص126): ((احتج به الجماعة))!!
أقول: لم
يحتج به البخاري...
قال
الحافظ في ((مقدمة الفتح)) (ص390-391): ((روى له الجماعة، وليس له في البخاري سوى
أربعة أحاديث: ثلاثة منها أخرجها من رواية غيره بمتابعته، والرابع أخرجه عن محمد
بن الصباح، عنه عن أبي بردة، عن جده أبي بردة عن أبي موسى في قصة الرجل الذي عليه
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قطعتم ظهر الرجل))، ولهذا شاهد من حديث أبي بكرة
وغيره، والله أعلم))" انتهى.
قال حلبي (265): "قال (ص126): ((إسماعيل بن زكريا
احتج به الجماعة..))!
قلت: وليس ذلك بإطلاق كما يراه الناظر في كلام الحافظ ابن
حجر في ((هدي الساري)) (ص390-391) إذ أشار إشارةً جلية إلى أن البخاري إنما أخرج
له ثلاث متابعات وشاهداً!" انتهى.
قلت: أنا أتفهم فعل الشيخ طارق اقتصاره على كلام ابن حجر
في مقدمة الفتح، والذي لا أتفهمه كيف اقتصر حلبي على مقدمة الفتح كذلك!!
فحلبي اعتمد على ما ذكره الشيخ طارق واختصر الكلام كما هو
ظاهر!! وموّه بذكره اسم الكتاب ((هدي الساري)) لا كما ذكر الشيخ طارق ((مقدمة
الفتح))!!
ثم إن ابن حجر لم يشر إشارة بل صرّح، وكأن الحلبي خانته
(العبارة) فلم يفرق بين التصريح والإشارة!!
18- ذكر
الشيخ طارق (ص356) ((عمرو بن أبي سلمة التنّيسي)) ثم قال: "قال المعترض
(ص131-132): ((ضعفه يحيى بن معين، والساجي...)). وقال (ص133): ((عمرو بن أبي سلمة
المضعَّف)).
أقول:
عمرو بن
أبي سلمة هذا؛ أخرج له البخاري ومسلم، فيلزمك إذاً أن تضعّف كلَّ إسناد فيه في
((الصحيحين)) وإن صححت المتن.
والعجب؛
إنه قد توبع هنا، والذي تابعه ثقة بلا شك، ومع ذلك فلم يتردد في تضعيفه!
والأعجب
أنه أنكر على الشيخ الألباني إبقاءه كلامه في عياض بن عبدالله الفهري بعد أن وجد
له متابعاً، فقال (ص109):
((كان يجب
عليه ما دام وجد متابعة لعياض بن عبدالله الفهري أن يشطب كلامه عليه...)).
... لكن؛
الذي نريد أن نقوله هنا: ما دمت تلزم الشيخ بذلك، فلماذا لم تلزم به نفسك أيضاً،
فإن عمرو بن أبي سلمة التنيسي قد تابعه ثقة...". انتهى.
قال حلبي (ص266) مقطع (106): "ضعّف (ص131-133) عمرو
بن أبي سلمة - وهو التنيسي-!
قلت: وهو من رجال الشيخين! ومع ذلك ضعفه!
هذه واحدة!
وأخرى: أنه –باعترافه- قد توبع في حديثه ومع ذلك أصر على
تضعيفه!!
وقد سبق في المقطع (رقم: 92) تعقبه بحق فيما تعقب به شيخنا
بغير حق في مسألة شبيهة بهذه تماماً". انتهى كلامه.
قلت: أقول كما قال الله عز وجل: {فإنها لا تعمى الأبصار،
ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.
فالأولى ذكرها الشيخ طارق، وكذلك الثانية، والثالثة!! فإن
التعقب الذي أشار إليه حلبي هو نفسه الذي ذكره الشيخ طارق هنا فيما يتعلق بحديث
عياض بن عبدالله الفهري... ولكن الحلبي ظن نفسه (ذكياً) فأفرد هذا في مقطع وذاك في
آخر!!! والله المستعان على التلبيس والتدليس، بل والسرقة الجهنَّمية!!!
تنبيه: قول الشيخ طارق: "إبقاءه كلامه"! ركاكة
في التعبير من الشيخ -حفظه الله- والأولى: "ثباتهُ على كلامه".
19- قال
الشيخ طارق (ص380): "اعتبارٌ... على أن استغلال المعترض للأخطاء المطبعية،
ليس مقصوراً على كُتُب الشيخ، بل هو يستغلها مطلقاً، في أي كتاب وقعت فيه، ما دام
هذا يحقق غرضه.
فمن
هذا...
وقع في
((مسند أحمد)) (5/194):
((ثنا
المغيرة: ثنا سعيد بن عبدالعزيز، حدثني إسماعيل ابن عبيدالله...
فـ
((المغيرة)) شيخ أحمد لواقع في السند الصواب فيه: ((أبو المغيرة))، وهو عبدالقدوس
بن الحجاج، وهذا مما يعرف بمجرد النظر!!
ويدلّ
عليه...
1- أنه من
شيوخ أحمد المعروفين المشهورين.
2- وأن...
ولكن
المعترض لم يرض بهذا وأراد أن يدفع حجة الشيخ بحجة، بل بشبهة واهية، بل هي أوهى من
بيت العنكبوت، فقال: (ص132) بعد أن ساق إسناد أحمد:
((فشيخ
أحمد هو المغيرة وليس أبا المغيرة))!!
ثم قال:
((نعم لم
يُذكر أن لأحمد شيخاً اسمه المغيرة فقد فتشت في ((التهذيب)) و ((تعجيل المنفعة))
ثم في ((مناقب الإمام أحمد)) لابن الجوزي فلم أجد شيخاً له اسمه المغيرة، ولكن هذا
لا يقطع بالأمر فأحياناً يفوت هذه الكتب –ما هو على شرطها))!!
أقول:
كون هذه
الكتب يفوتها أحياناً ما هو على شرطها شيء، وكونه لا توجد له ترجمة بالمرة شيء
آخر، فلو سلمنا جدلاً بأنه فات هذه الكتب، فهل فات أيضاً كل الكتب التي صنفت في
الرجال؟! مع أنه من شيوخ أحمد الذين روى عنهم في المسند، وهم معروفون مشهورون.
ثم ضرب
مثالين ليقوي بهما ما قال، فقال:
((خذ
مثلاً: أبا عبدالله، مسلمة الرازي. حديثه في ((المسند)) (605، 810) وفات الحافظ في
((تعجيل المنفعة)) وهو على شرطه)).
أقولُ:
هذا؛
حديثه ليس في ((المسند))، وإنما هو في ((زوائد المسند)) لعبدالله بن أحمد بن حنبل،
فقد قال عبدالله بن أحمد في الموضعين: ((حدثني عبدالأعلى بن حماد: حدثنا داود بن
عبدالرحمن: حدثنا أبو عبدالله مسلمة الرازي، عن أبي عمرو البَجلي...)).
ثم إنه
ليس من شيوخ عبدالله، فضلاً عن أبيه أحمد بن حنبل. وهو وإن فات الحافظ ابن حجر في
((التعجيل))، إلا أنه لم يفت الحسيني في ((الإكمال))، وهو أصل ((التعجيل))، فقد
ترجمه في ((مسلمة))، فقال (850):
((مسلمة
الرازي، أبو عبدالله: عن أبي عمرو البجلي، وعنه أبو داود بن عبدالرحمن)).
فكيف
يُسوي بين شيوخ أحمد الذين انتقاهم ((للمسند)) وبين غيرهم، ومع ذلك تجنب أحمد
الرواية عنهم في ((المسند))، وإنما وقعت رواياتهم فيما زاده عبدالله ابنه".
انتهى كلامه.
قال حلبي (ص266) مقطع (107): "تعقّب (ص132) شيخنا في
اجتهاد له حول شيخٍ للإمام أحمد ورد اسمه في ((المسند)): ((المغيرة))، فرجح شيخنا أنه
((أبو المغيرة))، وهو راوٍ ثقةٌ مشهورٌ اسمه عبدالقدوس ابن الحجاج.
فتكلم محمود سعيد نحو صفحة بكلامٍ باردٍ لا وجه له في
العلم يتعقب فيه شيخنا! قال في آخره: ((فشيخ أحمد هو المغيرة وليس أبا المغيرة))!
فما هو الصواب؟
الصواب الذي لا ريب فيه - دون إطالة وتشعيب كلام- هو ما
ذهب إليه شيخنا بثقوب نظره، ودقة علمه، والدليل الذي يطوح بكلام محمود سعيد من
أصله، هو أنه قد وردت كنية ((أبي المغيرة)) على الصواب في الحديث نفسه في ((أطراف
المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي)) (ج2/ق25/أ) للحافظ ابن حجر العسقلاني!
فماذا تقول؟"
ثم قال الحلبي (ص267) مقطع (108): "ذكر ص(132) أمثلة
على رواة في ((المسند)) فات ذكرهم الحافظ ابن حجر في ((تعجيل المنفعة))، فكان مما
قاله:
((.. خُذ مثلاً: أبا عبدالله مسلمة الرازي، حديثه في
((المسند)) (رقم: 605 و810) وفات الحافظ..)).
قلتُ: سبحان الله حتى الأمثلة التي يضربها هو، لا يحسنها،
بل تنقلب عليه! إذ هذا من زيادات عبدالله على ((مسند)) أبيه! ففي الموضعين يقول
عبدالله: ((حدثني عبدالأعلى ابن حماد، حدثنا داود بن عبدالرحمن، حدثنا أبو عبدالله
مسلمة الرازي...)).
ثم أمرٌ آخرُ: أن ما فات الحافظ هو في الحقيقة من باب
السهو، وليس من باب التقصير في الإحاطة، بدليل أن أصل ((التعجيل)) وهو ((الإكمال))
للحسيني قد ذكره (850): ((مسلمة الرازي، أبو عبدالله: عن أبي عمرو البجلي، وعنه:
داود بن عبدالرحمن)).
ففات من هذا الراوي؟ أفات العلماء أم الجهلاء؟!".
انتهى كلامه.
قلت: هكذا سرق حلبي رد الشيخ طارق فاستعان في المقطع الأول
بأطراف المسند، ولكن لولا وجود هذا التعقب للشيخ طارق لما فكّر فيه حلبي ولما خطر
بباله!
وما ذكره في المقطع الثاني رقم (108) سرقه بتمامه مع
تغييره لبعض العبارات!!
ثم إن المعترض ذكر مثالين فقط لا أمثلة كما قال حلبي! وهو
يحبّ أن يعظِّم من شأن فريسته ليبدو فحلاً (أو بإعجام الحرف الثاني!)
20- ذكر
الشيخ طارق (ص357) ((هشام بن سعد المدني)) وقال: "قال المعترض (ص135): ((اعلم
–علمني الله وإياك الحق وسلك بنا طريقه- أن هشام بن سعد مختلط الحديث كما قال ابن
معين)).
ثم قال:
((قال عنه
أحمد مرة...))".
ونقل
الشيخ طارق كلام المعترض في نحو صفحتين، ثم قال:
"أقول:
نقلت لك كلامك كله إلا ما فيه تكرار، ليظهر لك مدى استماتته لإثبات ضعف الراوي، مع
أنه ممن استشهد به مسلم، وهو يأبى ذلك على الشيخ الألباني، وسود صفحات في الدفاع
عن رجال حالهم أوهن من حال هذا أو قريب منه.
ثم لماذا
هذا كله، والرجل قد توبع، والشيخ الألباني ساق روايته مساق المتابعات، بل إنه صرح
بذلك، فقال –كما نقلت أنت عنه (ص130): ((إن هشام بن سعد قد تابعه –يعني: سعيد بن
عبدالعزيز- أيضاً..)).
وأنت نفسك
صرحتَ بهذا (ص136-137).
وعلى هذا؛
فيلزمك تضعيف كل إسناد وقع فيه هشام بن سعد في ((صحيح مسلم))، وإن صححت
المتن!!". انتهى.
قال حلبي (ص269) مقطع (110): "تكلم محمود سعيد
(ص135-136) بنحو صفحتين مضعفاً هشام بن سعد الذي قال فيه شيخنا: ((ثقة حسن
الحديث)).
أقول: وهشام هذا ممن استشهد بهم مسلم في ((صحيحه))! ولكن
محمود سعيد –في سبيل الرد على الألباني- يُشرِّق ويُغرِّب، ويُناقض نفسه بحقٍّ (!)
وبغير حقٍّ.. المهم.. أن يردّ على الألباني!...
ثم إنّ شيخنا قد أورد رواية هشام في المتابعات، إذ له من
يتابعه، وهذا يُقوي الاستشهاد بحديثه". انتهى كلامه.
قلت: لم تفعل شيئاً يا حلبي! بل أخذت ما ذكره الشيخ طارق
حفظه الله.
21- ذكر
الشيخ طارق (ص258) ((عمر بن حمزة)) ثم قال: "قال عثمان الدارمي في ((تاريخه))
(478)، ورواه عنه ابن عدي في ((الكامل)) (5/1679):
((قلت
ليحيى بن معين: ما حال عمر بن حمزة الذي روى عن سالم؟ قال: ضعيف)).
وقال عباس
الدوري عنه (2026): ((عمر بن حمزة.. وعمر ابن محمد بن زيد..، عمر بن حمزة
أضعفهما)).
قال
المعترض (ص142)، بعد أن أشار إلى قولي ابن معين:
((فهذا
تعديل، حيث إنه فاضل بينه وبين عمر بن محمد بن زيد الثقة المحتج به في
الصحيحين...)).
أقولُ:
كونه ثقة
محتجاً به في ((الصحيحين)) لا يقدم ولا يؤخر هنا؛ لأن البحث هنا ليس منصباً لتحقيق
حال ابن زيد، وإنما لتحقيق رأي ابن معين فيه، بغض النظر عن صحته وعدم صحته. وابن
معين رأيه في ابن زيد أنه ((صالح الحديث))، كما سيأتي.
وكأن
المعترض أحس بهذا، فقال:
((قال
الدوري عن ابن معين [أي في ابن زيد]: ((كان صالح الحديث))، فابن معين لم يضعف عمر
بن حمزة مطلقاً كما ظن البعض...)).
أقولُ:
مِنْ
هؤلاء البعض: المزي، مغلطاي، والذهبي، وابن حجر!!.. فهل كان هؤلاء يرجمون
الظنون؟!! عجباً!!
... بينما
قال ابن معين في ابن زيد: ((صالح الحديث))...
... وكل
من كان عالماً بمعاني ألفاظ الجرح والتعديل في اللغة والاصطلاح، لا يشُمّ من كلمة
ابن معين تلك رائحة التعديل لعمر بن حمزة.
فأما في
اللغة...
فإنهم
يطلقون ((اسم التفضيل)) يريدون به الدلالة على أحد معنيين..
الأول:
وهو الأصل –الدلالة على شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما على الآخر فيها.
كقولك:
((زيد أعلم من عمرو))، فهذا يدل على اشتراك زيد وعمرو في العلم، إلا أن زيداً زاد
على عمرو فيه...
والحاصل...
أن ما
فهمه المعترض من قول ابن معين في رواية الدوري: ((عمر ابن حمزة أضعفهما)) من أنها
تدل على تعديل عمر بن حمزة بعيدٌ جداً عن الفهم الصحيح، وأن الكلمة مهما فهمناها
على أوجهها المختلفة فلا تدل على التعديل أبداً، بل هي إن لم تدل على التضعيف فهي
على الأقل لا تدل على خلافه. والله من وراء القصد.
فإن قيل:
إن الإمام
ابن القطان قد فهم هذا الذي فهمه المعترض، فإنه قال: ((وعمر ضعفه ابن معين، وقال:
إنه أضعف من عمر بن محمد بن زيد، فهو في الحقيقة تفضسل أحد ثقتين على الآخر)).
قلتُ:
هذا لا
يعارض ما قررناه، ولا يؤيد ما قاله المعترض؛ لأن الإمام ابن القطان قد اعتبر ابن
زيد ثقة باعتبار الحكم النهائي فيه، لا باعتبار قول ابن معين فيه: ((صالح الحديث))...".
انتهى.
قال حلبي (ص274) مقطع (114): "استدل (ص142) بقول ابن
معين في عمر بن حمزة: ((عمر بن حمزة أضعفهما)) على تعديله (!) قائلاً: ((أي أضعف
من عمر بن محمد ابن زيد، فهو تعديل، حيث إنه فاضل بينه وبين عمر بن محمد بن زيد
الثقة المحتج به في الصحيحين...))!
قلت: لا، بل إنه جرحٌ، إذ عمر هذا عند ابن معين صالح
الحديث، أي دون المراتب العلية في الثقة، فهو عندما يفاضل بين عمر بن حمزة وعمر
فهو تفاضل بالضعف لا بالثقة، كما لو قلنا: ((محمود)) أجهل من ((سعيد))(!).
ثم قول محمود سعيد بعدُ: ((... فابن معين لم يضعف عمر بن
حمزة مطلقاً كما ظن البعض)) قول باطل كما شرحته.
ثم هؤلاء ((البعض)) من هم؟
إنهم ابن القطان ومغلطاي، والمزي، والذهبي، وابن حجر،
وغيرهم!
اربأْ بنفسك يا هذا". انتهى كلامه.
قلت: أنت اربأْ بنفسك!!
انظر - أيها القارئ- كيف سرق كلام الشيخ طارق ونسبه لنفسه
وقال -دون ذرَّة حياء!-: ((كما شرحته))!!
وقوله: ((إذ عمر هذا عند ابن معين صالح الحديث...)) من
يقرأه لا يدري أي عمر يريد؟! فحلبي أراد أن يفر من ذكر كلام الشيخ طارق، إذ الشيخ
ذكره باسم ((ابن زيد)) فلم يذكر ذلك الحلبي فقال عنه ((عمر)) والآخر اسمه عمر
كذلك، وهذا مما يلبس على القارئ! وهذا مثال واضح لما قدمته آنفاً أن حلبي يضع
أمامه كتاب الشيخ طارق ويأخذ منه فيلخص ويختصر ويتصرف بالعبارات!!!
حتى إنه سرق المثال الذي ذكره الشيخ طارق في المفاضلة
فبدّل الأسماء، فذكر اسم المعترض واسم أبيه، وذكر "الجهل" خلافاً لما
ذكر الشيخ طارق "العلم" للتمويه على القرّاء، ولكنه مفضوح!!
وذكره اسم والد المعترض لا ينبغي أن يمثّل به هنا!! إذ
الكلام على المعترض، فما دخل والده، فلو أردنا أن نفاضل بين حلبي وبين آخر بالجهل
فلا يجوز لنا أن نذكر ((حسن)) لأن هذا اسم أبيه، فما شأن والده هنا؟!
وانظر كيف سمى حلبي البعض كما سماهم الشيخ طارق مع تقديمه
مغلطاي قبل المزي من أجل المخالفة فقط، والأولى تقديم المزي لأنه شيخ مغلطاي كما
فعل الشيخ طارق، ولكن أراد حلبي أن لا يشك أحد أنه سرق من الشيخ طارق.
ولهذا أيضاً زاد مع هؤلاء ابن القطان فأخطأ خطأً شنيعاً!!!
لأن ابن القطان يرى رأي المعترض كما ذكر الشيخ طارق!!
22- قال
الشيخ طارق (ص272): "قال المعترض (ص144):
((أما
النسائي؛ فلم يثبت عنه - والله تعالى أعلم- تضعيف عمر بن حمزة، ومن نقل عنه
التضعيف فقد أخطأ (!) عليه وبيان ذلك، أن النسائي نفسه قال في ((الضعفاء)) (ص84)
ما نصه: عمر بن حمزة بن عبدالله بن عمر ليس بالقوي)).
أقولُ:
وقوفك على
هذه القولة للنسائي لا ينفي الأخرى، فالنسائي –رحمه الله تعالى- يتكلم في الرجال
كثيراً، ومن الرواة من تكلم فيه في غير موضع من كتبه، وربما اختلفت أقواله في
الراوي الواحد.
وقد مر في
كتابك مثل هذا تماماً، فقد قلت في كلامك في هشام بن سعد (ص135):
((قال
النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي)).
فلماذا لم
ترد إحداهما بالأخرى، كما فعلت هنا؟...
ثم قال:
((ومنه يعلم أن قول الألباني: ((ضعفه النسائي))، ليس بجيد، وتقويله ما لم يقله،
والله أعلم)).
أقول:
أما الشيخ
الألباني، فلم يقل هذا، وإنما نقله من طريق الذهبي في ((الميزان))، فهل كان الذهبي
متقولاً على النسائي، أم المزي، أم مغلطاي، أم ابن حجر؟!!". انتهى.
قال حلبي (ص274) مقطع (115): "ومما سبق تعرف أن قول
محمود سعيد (ص144): ((.. أن إطلاق الضعف على عمر بن حمزة –معزواً إلى ابن معين-
كما فعل الألباني ليس بجيد..)).
قلت: لا، بل هو الذهبي رحمه الله وغيره، وتابعهم شيخنا - لأنه
الصواب- فإنكارك على الإمام الذهبي تعدٍّ عليه؟ أم أنك لا تدري ما يخرج من
رأسك؟!".
ثم قال حلبي (ص275) مقطع (116): "ثم قال (ص144):
((أما النسائي فلم يثبت عنه - والله تعالى أعلم- تضعيف عمر بن حمزة، ومن نقل عنه
التضعيف فقد أخطأ عليه وبيان ذلك، أن النسائي نفسه قال في ((الضعفاء)) (ص48) ما
نصه: عمر بن حمزة.. ليس بالقوي))، وهناك فارق بين قولهم: ضعيف، وقولهم: ليس
بالقوي..)). كذا قال!
مع أن صنيع الذهبي وغيره فهمُهم من ((ليس بالقوي))
التضعيف، أو أنه نقل عنه القولان، فيفسِّر أحدهما الآخر.
وهو ما جرى به قلم محمود سعيد نفسه في (ص212) من كتابه حيث
نقل عن النسائي قوله فيه هشام بن حسان: ((ضعيف))، وقال مرة: ((ليس بالقوي))!
فلماذا اللعب على الحبلين؟!
ولماذا الكيلُ بمكيالين؟!". انتهى كلامه.
قلت: ولماذا تلعب أنت أيضاً على الحبلين؟!! ماذا فعلت؟
أخذت كلام الشيخ طارق ثم قدمت فيه وأخرت، فذكرت آخره في مقطع (115)، وأوله في
المقطع الذي بعده (116)!!
وهذا من المواضع التي فضح حلبي فيها نفسه، فنقل عن الشيخ
طارق إلزام المعترض بما نقله عن النسائي في كتابه عن "هشام بن حسان"!
وقد بيّن الشيخ طارق في رسالته أنه أخطأ في هذا وأنه قال ذلك في ((هشام ابن سعد))
وقد صححه في الطبعة الثانية كما ذكرت آنفاً.
قال الشيخ طارق في رسالته: "رد المعترض محمود سعيد في
كتابه تنبيه المسلم (ص144) ما حكاه العلماء من تضعيف الإمام النسائي لعمر بن حمزة
بحجة أن الثابت في كتاب الضعفاء للنسائي (ص84) أنه قال في عمر بن حمزة: "ليس
بالقوي"، ولم يقل: "ضعيف".
فتعقبته (ص212) من كتابي بأن الوقوف على هذه القولة
للنسائي لا ينفي الأخرى... إلخ كلامي. ثم ألزمته بأنه أعتمد مثل هذا النقل عن النسائي
في راوٍ آخر في كتابه، ولم يرده بمثل مارد هذا. فقلت له (ص212): "وقد مر في
كتابك مثل هذا تماماً، فقد قلتَ في كلامك في هشام بن حسان (ص135): "قال
النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي". فلماذا لم ترد إحداهما بالأخرى كما
فعلت هنا؟" ا.هـ كلامي. وهذا الذي نقلته من كتاب المعترض وألزمته به نقل
صحيح، غير أنني أخطأت حيث قلت: إن الإمام النسائي قال هذا القول في "هشام بن
حسان"، والصواب أن النسائي قاله في "هشام بن سعد"، لا ابن حسان،
وكان هذا سبق قلم مني.
وبالرجوع إلى هذه الصحيفة المشار إليها، أعني: (ص135) من
كتاب المعترض يتبين ذلك.
فماذا صنع علي حسن؟؟
جاء فنقل كلام المعترض السابق ذكره، ثم تعقبه بقريب من
تعقبي عليه، ثم أراد أن يلزم المعترض بنفس إلزامي فقال (ص275): "وهو ما جرى
به قلم محمود سعيد نفسه (ص212) من كتابه حيث نقل عن النسائي قوله في هشام بن حسّان
"ضعيف"، وقال مرة: "ليس بالقوي"! فلماذا اللعب على الحبلين؟!
ولماذا الكيل بمكيالين؟!" ا.هـ كلام علي حسن.
والمتدبر لكلام علي حسن هذا، ولما زعم أنه نقله من كتاب
المعترض، يتبين له من أول نظرة أنه لم ينقله من كتاب المعترض مباشرة، وإنما أخذه
من كتابي، وأوهم أنه رجع إلى كتاب المعترض.
ودليل ذلك أمران:
الأول: متابعته لي على الخطأ في اسم الراوي، حيث تابعني في
تسميتي له "هشام بن حسان"، وقد بينا أن الصواب في اسم هذا الراوي
المطابق للواقع والمطابق لما في كتاب المعترض أنه "هشام بن سعد"!
الثاني: أنه لما عزا هذا القول لكتاب المعترض أخطأ في
كتابة رقم الصحيفة خطأ فادحاً، حيث ذكر أنّ المعترض جرى بذلك قلمه في (ص212) من
كتابه وهذا الكلام لا وجود له في هذه الصحيفة من كتاب المعترض.
فمن أين إذن نقل علي حسن هذا الرقم (ص212)؟!
الواضح جداً: أنه نقل هذا من كتابي أنا، حيث إن هذا الرقم
(ص212) هو رقم الصحيفة التي وقع فيها كل ذلك في كتابي ولكنه - لأمر يعلمه الله
تعالى - بدلاً من أن ينقل رقم صحيفة كتاب المعترض والتي فيها مانقلته عنه - وقد
ذكرته في كلامي - وهو (ص135) نقل رقم صحيفة كتابي أنا، ليشهد على نفسه بما هو
أهله.
ولم يكلف نفسه أن يرجع إلى الصحيفة التي ذكرتها من كتاب
المعترض، لينقل منها مباشرة بعد أن عرف رقمها مني، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل
على أنه اعتمد على كتابي اعتماداً كلياً". انتهى كلام الشيخ طارق.
23- ذكر
الشيخ طارق (ص206) حديث عمر بن حمزة عن سالم عن ابن عمر مرفوعاً: ((إن تطعنوا في
إمارته –يريد: أسامة ابن زيد- فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله...)) الحديث، وفيه:
((فأوصيكم به فإنه من صالحيكم)).
قال الشيخ
طارق: "علّق الشيخ الألباني عليه، فقال: ((في إسناده عمر بن حمزة، وهو ضعيف،
كما قال الحافظ في ((التقريب))، لكن رواه مسلم من طريق أخرى نحوه، دون قوله:
فأوصيكم به)).
ردّ
المعترض على الشيخ بكلام عجيب... ثم قال المعترض (ص160):
((إن عمر
بن حمزة لم ينفرد باللفظ المذكور فقط، فقد تابعه عليه حافظان جليلان ثقتان، هما:
الزهري، وموسى بن عقبة، وأخرج المتابعتين النسائي في ((فضائل الصحابة)) (ص24، 25)
قال: أخبرنا هارون بن موسى، قال: أنا محمد بن فليح، عن موسى ابن عقبة، عن الزهري،
قال: قال سالم بن عبدالله، قال: عبدالله: طعن الناس في إمارة ابن زيد، فقام رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن تطعنوا في إمارة ابن زيد...)) الحديث، وفيه:
((فاستوصوا به خيراً فإنه من خياركم)).
قال
المعترض:
((ثم قال
النسائي: أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث، قال: أنا المعافى، قال: أنا زهير، قال:
أنا موسى بن عقبة، عن سالم بن عبدالله عن عبدالله بن عمر به، وفيه مرفوعاً:
((فاستوصوا به خيراً فإنه من خياركم)).
قال
المعترض:
((وهما
متابعتان صحيحتان، لكن المتابعة الثانية أصح، لقول الإسماعيلي: لم يسمع موسى بن
عقبة من الزهري شيئاً. انظر ((التهذيب)) (10/362) اهـ. كلام المعترض.
أقولُ:
ابتداءً:
جزمك بصحة هاتين المتابعتين؛ لا يستقيم مع تسليمك بأن موسى بن عقبة لم يسمع من
الزهري؛ لأن مقتضى هذا أن يكون السند إلى الزهري منقطعاً، والذي من موجباته ضعف
السند، فكيف تكون إذاً متابعة الزهري صحيحة؟ إلا إذا كان الانقطاع ليس بعلة قادحة
توجب الضعف عندك، وإلا إخالك تقول بذلك، فإن هذا من مبادئ ما يتعلمه المرء في هذا
العلم الشريف.
ثانياً:
أن المتابع في الحقيقة واحد فقط، هو موسى بن عقبة، وأما ذكر الزهري بينه وبين سالم
بن عبدالله في الرواية الأولى خطأ من الراوي عن موسى بن عقبة.
وهاك
البيان...
إن الرواة
قد اختلفوا في ذكر الزهري على موسى بن عقبة..
فذكره
محمد بن فليح، كما في الرواية الأولى.
ولم يذكره
زهير، وهو ابن معاوية، كما في الرواية الثانية.
وزهير؛
أثبت من محمد بن فليح بلا شك؛ فإنّ الثاني قد تكلم فيه ابن معين، وقال فيه أحمد بن
حنبل: ((ما به بأس، ليس بذاك القوي)). فهو بالطبع أنزل من زهير، فروايته هنا
مرجوحة أمام رواية زهير الراجحة المحفوظة.
هذا وجه
ترجيح.
ويزيده
قوة: أن زهيراً، مع كونه أوثق من محمد بن فليح بمفرده، قد تابعه رجلان آخران، فلم
يذكرا الزهري أيضاً.
قال ابن
سعد (4/1/45-46):
((أخبرنا
عفان بن مسلم، قال: حدثنا وهيب بن خالد. وأخبرنا المعلى بن أسد، قال: حدثنا
عبدالعزيز بن المختار، قال: حدثنا موسى بن عقبة، قال: حدثني سالم، عن أبيه)).
فهذان؛
اثنان قد تابعا زهير بن معاوية على عدم ذكر الزهري بين موسى بن عقبة وسالم بن
عبدالله.
الأول:
وهيب بن خالد، وهو ثقة ثبت.
والثاني:
عبدالعزيز بن المختار، وهو صدوق في أقل الأحوال.
ومما يزيد
هذا قوة: أن موسى بن عقبة ذكر سماعه هنا من سالم، فقال: ((حدثني سالم))...
ثم لننظر
فيما نسبتَه إلى الإسماعيلي...
أنتَ عزوت
هذا لـ ((التهذيب)) (10/362)، والذي هناك:
((قال
الإسماعيلي في كتاب العتق: يُقال: لم يسمع موسى بن عقبة من الزهري شيئاً. كذا
قال)).
فأولاً:
الإسماعيلي لم يقل هذا، وإنما حكاه عن مجهولٍ، بصيغة التمريض، إشعاراً بضعف هذا
القول.
ثانياً:
الحافظ ابن حجر أشار إلى ضعفه أيضاً، بقوله: ((كذا قال))!!
ثالثاً:
أن البخاري قد احتج برواية موسى بن عقبة عن الزهري في غير موضع من صحيحه...
والحاصل..
أنه لا
يسلم للمعترض من هاتين المتابعتين لعمر بن حمزة إلا متابعة واحدة، وهي متابعة موسى
بن عقبة؛ لأن ذكر الزهري في الرواية الأخرى شاذ غير محفوظ، والله أعلم".
انتهى كلامه.
قال حلبي (ص282) مقطع (123): "تكلّم (ص 160-161) على
زيادة ((..فأوصيكم به..)) في حديث: ((إن تطعنوا في إمارته..)) أي: أسامة، فذكر لها
متابعة الزهري، وموسى بن عقبة (!) قائلاً: ((وهما متابعتان صحيحتان)، لكنّ
المتابعة الثانية أصح، لقول الإسماعيلي: لم يسمع موسى بن عقبة من الزهري شيئاً))!
كذا قال! وهو كلام يحوي متناقضات عدّة:
الأولى: جزمه بأنهما صحيحتان! وليس الأمر كذلك كما أقرّ
به!
الثانية: ذِكره أن المتابعة الثانية (أصح)، فهذا يعني
توكيداً على الملاحظة الأولى وهي أن الأولى صحيحة! وليس الأمر كذلك أيضاً
باعترافه!
الثالثة: أن الأولى التي ذكر وأكّد أنها صحيحة هي –باعترافه-
منقطعة! فهل الانقطاع يعارض التصحيح أم يوافقه؟!
الرابعة: أن الإسماعيلي لم يقل هذا، إنما عزاه لغيره
قائلاً: يُقال))!
الخامسة: أن الحافظ ابن حجر لم يرتضِ هذا القول بعد نقله
في ((التهذيب)) (10/362) فقال عقبه: ((كذا قال))!
السادسة: أن المتابعتين هما في الحقيقة لرواية واحدة، ترجع
في أصلها لموسى ابن عقبة، فلا يقال: هما متابعتان!
السابعة: أن الحديث قد اختلف في إسناده...
ويزيد ذلك ثباتاً ووضوحاً:
أن أحمد (2/106) وأبا يعلى (5462) وابن سعد (4/1/45-46)
والطيالسي (2/140) قد رووا الحديث من طريق وهيب، وعبدالعزيز بن المختار، وحماد بن
سلمة: جميعهم عن موسى بن عقبة قال: حدثني سالم، عن ابن عمر به.
دون ذكر الزهري، فهذا يدل على أن روايته مرجوحة، وبخاصة أن
موسى ابن عقبة قد صرح بالتحديث عن سالم كما ترى، فروايته هي المحفوظة.
وعليه، فهل هما متابعتان أم واحدة؟
الثامنة...
قلت: هذه نُبَذٌ من أوهام محمود سعيد في هذا المقام، ولو
دقّقت زيادة لظهر أكثر وأكثر.. وفيما أوردت كفاية!
والله الموفق للهداية". انتهى كلام حلبي.
قلت: هداك الله.
ولو دقّقت لما ظهر لك زيادة، لأنك (سرقت) كلّ ما عند الشيخ
طارق! فمن أين ستأتي بالزيادة يا مسكين؟!!
وانظر أيها القارئ - رحمك الله- كيف فرّق النقطة الأولى
التي ذكرها الشيخ طارق إلى ثلاث نقاط!! فلم يدر كيف يصيغها، فكرر قولته:
"وليس الأمر كذلك"! فإن كان ليس كذلك فما هو الذي كذلك؟!!!
ومما يؤكد سرقته في هذا المقام أنه تابع الشيخ طارق في
قوله: "جزمك بصحة هاتين المتابعتين لا يستقيم...".
فقال حلبي: "جزمه بأنهما صحيحتان! وليس الأمر كذلك
كما أقر به!".
قلت: هكذا تبعه في الجزم، وكان الأولى أن يُقال: ((جزمك
بصحة المتابعة الأولى)) لأن الشيخ طارق قد سلّم له بصحة المتابعة الثانية في آخر
كلامه، وتبعه حلبي على ذلك أيضاً.
ثم هو - أي المعترض- لم يقر به –كما زعم حلبي-، وإنما
ألزمه الشيخ طارق إلزاماً بوجود الانقطاع!
24- ذكر
الشيخ طارق تحت عنوان: ((التشنيع على الشيخ بنسبته إلى التناقض والتخبط!!)) (ص403)
حديث زيد بن خالد الجهني عن أبي طلحة الأنصاري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال))... الحديث.
ثم نقل
قول الشيخ الألباني:
"قال
الشيخ الألباني:
((صحيح
دون قول عائشة: ((لا)) فإنه شاذٌ أو منكرٌ؛ فقد أخرجه مسلم و.. و.. من طريق سهيل
بن أبي صالح، عن سعيد ابن يسار، عن أبي الحباب مولى بني النجار، عن زيد بن خالد
الجهني به، وهذا إسناد جيد، لكن سهيل بن أبي صالح، قال الحافظ في ((التقريب)):
((صدوق تغير حفظه بآخره، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً))، وأورده الذهبي في
الضعفاء، وقال: ((ثقة، قال ابن معين: ليس بالقوي)). وقد استنكرت من حديثه هذا
قوله: ((فهل سمعت رسول الله ذكر ذلك؟ فقالت: لا)) فإن السيدة عائشة رضي الله عنها
قد سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيناً، أخرج ذلك عنها الشيخان
وغيرهما في حديث النمرقة، قالت في آخره: ((ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن البيت
الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة)). اهـ كلام الشيخ.
فتعقبه
المعترض بكلامٍ طويلٍ، والذي يهمنا منه هنا قوله (ص167):
((ثم قال
الألباني: ((وقد استنكرت من حديثه...)) إلخ، لا شك أن الألباني يقصد بالنكارة هنا
مخالفة سهيل لمن هو أوثق منه.. وعليه؛ فيكون سهيل بن أبي صالح ضعيفاً. فانظر –رحمني
الله وإياك- إلى هذا الاضطراب، يقول أولاً: ((شاذ أو منكر))، ثم يقول: ((هذا إسناد
جيد))، ثم يختار النكارة، فكيف تجتمع النكارة مع جودة الإسناد، حيث إن النكارة
يشترط لثبوتها –على التعريف المذكور- ضعف الراوي، فهل يجوَّد إسناد فيه راوٍ
ضعيف؟! وهكذا يقع المتعدي على ((الصحيح)) في ضروب من التناقضات والأخطاء والأوهام.
نسأل الله تعالى العافية)) اهـ.
أقولُ:
النكارة؛
يطلقها الأئمة أحياناً ويريدون بها بطلان المتن أو الجزء المستنكر منه حتى ولو كان
الإسناد صحيحاً؛ لأنه –كما هو معروف- لا
تلازم بين صحة الإسناد وصحة المتن، لكن الأئمة قد يرون أن هذا الراوي وإن كان
صدوقاً فاضلاً إلا أنه أدخل عليه هذا الحديث أو أخطأ فيه عن غير عمدٍ، إذ الثقة قد
يخطئ، والجواد قد يعثر...
وأما قول
المعترض:
((فكيف
تجتمع النكارة مع جودة الإسناد...)).
فهو إن
دلّ على شيء فإنما يدلّ على جهل المعترض بطرق الأئمة في نقد المرويات، كيف
لا وهو يستنكر أمراً معروفاً مشهوراً عند الأئمة النقاد، لا يخفى على الطلاب
المبتدئين وهو مبني على ما قررناه من أن صحة الإسناد لا يلزم منها صحة المتن.
والشيخ
إنما حكم بالجودة على الإسناد لا على المتن فاستنكاره بعض المتن لا يعارض تجويده
للإسناد كما سلف.
وهذه
أمثلة من صنيع الأئمة المتقدمين والمتأخرين مطابقة لصنيع الشيخ تماماً...
وساق
أيضاً –أي الذهبي- في ((السير)) (4/342) حديث ابن عباس قال: أوحى الله إلى محمد
صلى الله عليه وسلم: ((أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وإني قاتلٌ بابن
ابنتك سبعين ألفاً، وسبعين ألفاً)).
ثم قال:
((هذا
حديث نظيف الإسناد، منكر اللفظ))!!...". انتهى.
قال حلبي (ص284) مقطع رقم (124): "نقل (ص164) عن
شيخنا تجويد إسناد حديث في ((صحيح مسلم))، فتعقبه بقوله (!): ((فنَزَل الألباني
بالإسناد من الصحة إلى الجودة بسبب سهيل بن أبي صالح...".
ثم قال (ص285) مقطع (125): "ثم نقل (ص167) عن شيخنا
قوله في سهيل بن أبي صالح: ((وقد استنكرت من حديثه..)) إلخ، ثم قال متعقباً:
((لا شك أن الألباني يقصد بالنكارة هنا مخالفة سهيل لمن هو
أوثق منه)). ثم قال بعد كلام: ((فانظر - رحمني الله وإياك- إلى هذا الاضطراب، يقول
أولاً: شاذ أو منكر، ثم يقول: هذا إسناد جيد، ثم يختار النكارة، فكيف تجتمع
النكارة مع جودة الإسناد..))!!
كذا! وهو كلّه دالٌّ على جهل هذا الناقد، وأنه في
بحوثه ومراجعاته كصبيان المدارس، يقول ما لُقّنه دون دراية أو تأمل، أو
جولان نَظرٍ.
إذ النكارة لا يُراد بها فقط المخالفة كما زعم هذا الناقد
مدعياً أنه ((لا شك)) فيه! بل الشك كله فيه!
إذ العلماء يطلقون النكارة أحياناً ويريدون بها استنكار
لفظ من المتن، ولو كان ظاهر الإسناد الصحة، أو أن رجاله ثقات.
والأمثلة على هذا أكثر من أن تحصى ذكرت شيئاً منها عن بعض
الغُماريين في كتابي ((كشف المتواري)) (ص63).
ومنه أيضاً قول الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (4/342)
في حديث ابن عباس، قال: ((أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم: إني قد قتلت
بيحيى ابن زكريا..))، حيث قال الذهبي عقبه:
((هذا حديث نظيف الإسناد، منكر اللفظ)).
وغير هذا كثير، ولكن الجهل باصطلاحات العلماء وأصولهم، ثم
تطبيقاتهم لهذه الأصول يودي بصاحبه إلى مهاوي التناقض، وظلمات الغلط" انتهى
كلام حلبي.
قلت: نعم - صدقت وإن كنت سارقاً (من باب قوله صلى الله
عليه وسلم: صدقك وهو كذوب)- فإن الجهل باصطلاحات العلماء يودي بصاحبه إلى مهاوي
التناقض وظلمات الغلط!!
فها أنت ذا لم تفرّق بين مصطلح ((التجويد)) ومصطلح
((الجودة))!!! واطلب العلم (بدل السرقة!) تعرف الفرق بينهما إن شاء الله.
وانظر - أخي القارئ- كيف (استل) من كلام الشيخ طارق ما
يريده، فذكر معنى النكارة المقصودة عند أهل العلم، وكذلك أتى بمثال واحد مما ذكره
الشيخ طارق، وكان الشيخ طارق قد ذكر في كتابه أكثر من عشرين مثالاً، ولا أستبعد أن
تكون هذه الأمثلة ضمنها علي الحلبي كتابه الذي أشار إليه: ((كشف المتواري))! ولم
أطلع عليه.
وانظر العبارات التي وضعت تحتها خط في نص الشيخ طارق وفي
كلام الحلبي، وقارن بينهما!!
25- ذكر
الشيخ طارق (ص241): ((بشير بن المهاجر)) ونقل فيه قول الإمام أحمد: ((منكر الحديث،
قد اعتبرت حديثه فإذا هو يجيء بالعجب العُجاب))!!
ثم نقل
قول المعترض فقال:
"قال
المعترض (ص169): ((من المعروف أن النكارة عند أحمد –رحمه الله تعالى- معناها
التفرد))!!
أقولُ:
كلا؛ بل
هذا أحد معانيها عنده...
... أما
أحمد وإن كان يطلق النكارة بهذا المعنى أحياناً، إلا أن هذا ليس مطرداً عنده، بل
كثيراً ما يطلق النكارة يريد بذلك تضعيف الراوي...
ثم قال –أي
المعترض-: ((وعليه؛ فلا يعتبر قول أحمد: ((منكر الحديث)) تضعيفاً لبشير بن
المهاجر، بل معناه أنه يتفرد أو يغرب)).
أقولُ:
لو سلمنا
بأن معنى النكارة هنا التفرد والإغراب، لما كان قول أحمد: ((منكر الحديث)) يعني:
مجرد التفرد والإغراب، بل إن هذه الكلمة تعني شيئاً زائداً على هذا، وهو أن هذا
الإغراب والتفرد قد كثر في حديثه...
ثم إن
أحمد لم يقل في بشير: ((منكر الحديث)) فقط، بل زاد هذا القول بياناً، فقال: ((...
قد اعتبرت أحاديثه، فإذا هو يجيء بالعجب العجاب)).
فإن هذا
الكلام لا يقال إلا إذا كان –مع كثرة تفرده- يخالف الثقات ويأتي بالطامات؛ لأن
الثقة مهما تفرد، لا يقال في حقه: ((إنه يجيء بالعجب العجاب))!!...
وأكبر
دليل على أن قول أحمد في الراوي: ((منكر الحديث)) –يعني: تضعيفاً للراوي-: أن
الإمام أحمد نفسه قد صرّح بذلك في غير موضع...
والعجب أن
الإمام أحمد نفسه صرح بأن بشير بن المهاجر ((منكر الحديث)) لمخالفته للثقات، بل
صرح بأن حديثه هذا قد خالف فيه الثقات.
وقد نقلنا
كلامه في المثال (13) من الأحاديث التي أعل الأئمة متونها وهي في ((الصحيحين)) أو
أحدهما، في القسم الأول من هذا الكتاب". انتهى.
قال حلبي (ص287) مقطع (127): "قال (ص169) في بشير بن
المهاجر: ((أما من تكلم فيه فلكونه ينفرد، قال أحمد: ((منكر الحديث، قد اعتبرت
أحاديثه فإذا هو يجيء بالعجب العجاب)).
ومن المعروف أن النكارة عند أحمد رحمه الله تعالى معناها
التفرد... وعليه فلا يعتبر قول أحمد: ((منكر الحديث)) تضعيفاً لبشير بن المهاجر..
بل معناه يتفرد أو يغرب، والتفرد لا يضر إلا إذا كثر، وكان الغالب على حديث
الراوي...)) إلخ.
قلت - أي حلبي-: وعليه تعليقاتٌ:
الأول: تعريفه للمنكر فيه حصرٌ لهذه الكلمة ومعانيها، وليس
الأمر كذلك، بل إن لها معاني أخر، منها النكارة الحقيقية.
الثاني: أننا لو سلمنا بأن معنى النكارة عند أحمد هو
((التفرد)) فإن قوله هنا فيه –بعدُ-: ((يجيء بالعجب...)) يُعكِّر جداً على هذا
التسليم، ويُبيّن المعنى الحقيقي لهذه الكلمة!
الثالث: أن للإمام أحمد كلمة أخرى في بشير تكشف ما أجمل في
الكلمة الأولى، حيث روى عنه العقيلي قوله: ((مرجئ متهم، متكلم فيه))، وأما كلام
محمود سعيد (ص170-171) في (تأويل) هذه الكلمة فهو من تحريف الكلم عن مواضعه.
الرابع: أن كلامه –بعد- في التفرد وما يتبعه، إنما هو مبني
على ما قبله من اعتبار حديث بشير، وأن كلمة أحمد فيه هي بهذا المعنى، وهو كله غير
سديد لما تقدم.
الخامس: أن ما تقدم نقله عن الإمام أحمد (ص141) من إعلاله
هذه الزيادة ببشير هذا (لنكارة حديثه) يؤيد هذا المعنى الذي لا راجح سواه،
فتأمل". انتهى كلام حلبي.
قلت: لم تفعل شيئاً يا (حلبي)!! فإنك لخصت هذه التعليقات
من كلام الشيخ طارق، وزدت اثنين من عندك وهما (الثالث) و(الرابع).
أما التعليق الثالث والذي نقله من العقيلي والتهذيب كما
أشار في الهامش ففيه تصحيف لا شك فيه! وما جاء فيه من قوله ((متهم)) لا يصح!!!
فالعقيلي رواه عن حمدان بن علي - وهو الوراق الثقة - قال:
قلت لأحمد ابن حنبل: بشير بن المهاجر يروي عن ابن بريدة؟ قال: ((كوفي مرجئ متهم
يتكلم)).
والذي في ((تهذيب التهذيب)): "قال العقيلي: مرجئ متهم
متكلم فيه".
فصوّب (حلبي) ما فيهما فقال: "مرجئ متّهم، متكلم
فيه". وقال في الهامش: "في الضعفاء (1/143)، وقارن بـ ((تهذيب التهذيب))
(1/469)، وما هنا من صوابٍ فهو منهما معاً".
قلت: مَنْ قال بأن ما ذكرته هو الصواب؟!
أقول: صواب النص هو: ((كوفي مرجئ منهم يتكلم)) أي هو من
مرجئي الكوفة، فكلمة ((منهم)) تعود على كوفي، أي من أهل الكوفة. وقوله ((يتكلم))
أي في الإرجاء.
وكان الأئمة النقاد يقولون: "فلان يتكلم في
القدر"، و"فلان يتكلم في الإرجاء".
قال أحمد العجلي في ((أبان بن يزيد العطار)): "ثقة،
يرى الإرجاء ولا يتكلم به".
ومما يؤيد هذا أن العقيلي روى عن الإمام أحمد في ((الضعفاء))
(1/56) أنه قال: "إبراهيم بن طهمان من أهل خراسان، وكان مرجئاً يتكلم".
وأما التعليق الرابع فهو غير مفهوم!!!
وانظر إلى إحالة الشيخ طارق إلى ما سبق من كتابه، وإحالة
حلبي كذلك! فهو يمشي على خطاه.
قال الشيخ طارق (ص109): "قال أحمد بن حنبل –كما في
((معالم السنن)) للخطابي (6/254-255): ((أحاديث ماعز كلها أن ترديده إنما كان في
مجلس واحد، إلا ذلك الشيخ بشير بن المهاجر، وذلك عندي منكر الحديث)). وقال ابن
القيم –كما في ((الروضة الندية)) (2/271-272): ((كل هذه الألفاظ صحيحة، وفي بعضها
أنه أمر فحفرت له حفرة، ذكرها مسلم، وهي غلط من رواية بشير بن المهاجر، وإن كان
مسلم روى له في ((الصحيح)) فالثقة قد يغلط، على أن أحمد وأبا حاتم قد تكلما
فيه...))".
وقال حلبي في إحالته (ص140-141): "وقد تكلم العلامة
ابن القيم في إنكار الحفر وتعليله بسوء حفظ بشير بن المهاجر في ((تهذيب سنن أبي
داود)) (6/251). ونقل الخطابي في ((معالم السنن)) (6/254) عن الإمام أحمد ذلك
أيضاً، وقوله في بشير ابن مهاجر أنه: ((منكر الحديث))".
وذكر حلبي حاشية عند قوله ((ابن القيم)): "وفي الروضة
الندية (2/271-272) لصديق حسن خان كلامٌ آخر عن ابن القيم في ذلك".
قلت: فانظر إلى حلبي بإحالته يشهد على نفسه بسرقة الشيخ
طارق!! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وتأمل كيف أنه حين أحال على معالم السنن قال: (6/254)،
فخالف توهيماً الشيخ طارق الذي قال: (6/254-255)! إنها فعلة إبليسيّة!
26- نقل
الشيخ طارق (ص246) كلام المعترض (ص169): ((والتفرد لا يضر إذا إذا كثر، وكان
الغالب على حديث الراوي، وعند ذلك فلا يقبل حديثه إلا إذا توبع عليه، أما إذا خالف
في بعض حديثه فلا يضره ذلك)).
ثم قال
الشيخ طارق: "وهذا حقٌّ؛ وعليه فيلزمك ألا تقبل حديث بشير بن المهاجر إلا إذا
توبع عليه؛ لأنه ممن يكثر التفرد، كما حققناه عن أحمد -رحمه الله تعالى-، وقد قال
مثله ابن حبان، فإنه قال: ((يخطئ كثيراً))".
ثم وضع
الشيخ طارق حاشية عند هذا، فقال: "لكن؛ قال المعترض (ص169-170): ((ولم يكن
بشير بن المهاجر يكثر التفرد والإغراب عن أقرانه، بل وقع ذلك في بعض حديثه فقط،
ودليل ذلك قول البخاري: ((يخالف في بعض حديثه)). فهو يخالف في بعض حديثه وليس في
أكثر حديثه، وهذا يقع لكثير من الرواة...)). اهـ.
أقولُ:
ليس في
قول البخاري هذا دليل على ما قُلتَ، وأنت ما فهمت منه هذا إلا لأنك لم ترجع إلى
((التاريخ الكبير)) للبخاري لتنظر في كلمة البخاري هناك كاملة، وتمعن النظر فيها
لتفهمها حق الفهم.
وهاك ما
قاله البخاري (1/2/101-102): ((بشير بن المهاجر الغنوي الكوفي، رأى أنساً. حدثنا
خلاد قال: ثنا بشير بن المهاجر قال: سمعت عبدالله بن بريدة، عن أبيه، قال: سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((رأس مئة سنة يبعث الله ريحاً باردة يقبض فيها
روح كل مسلم)). قال أبو عبدالله - يعني البخاري-: يخالف في بعض حديثه هذا)) اهـ.
فقول
البخاري - رحمه الله تعالى-: ((... يخاف في بعض حديثه هذا))، نصٌّ في أن هذا الحكم
ليس لحديثه عامة، وإنما لهذا الحديث خاصة...
شيء
آخر...
على فرض
التسليم بأن هذا حكم من الإمام البخاري على حديثه عامة، فإن ((البعض)) يطلق على
الطائفة من الشيء، من غير إفادة قلة أو كثرة، فلماذا تُحمل كلام الإمام ما لا
يتحمله". انتهى.
قال حلبي (ص288) مقطع (128): "قال (ص169) حول بشيرٍ:
((ولم يكن بشير ابن المهاجر يكثر التفرد والإغراب عن أقرانه، بل وقع ذلك في بعض
حديثه فقط، ودليل ذلك قول البخاري: يخالف في بعض حديثه. اهـ. فهو يخالف في بعض
حديثه وليس في أكثر حديثه...)).
قلتُ: وعليه تعليقات:
الأول: أن ابن حبان وصف بشيراً في ((ثقاته)) (6/98) بأنه
((يخطئ كثيراً)).
الثاني: أن كلمة البخاري التي أوردها، بَتَرها –كعادته-
فَفَهم منها ما فهمه، إذ تتمةُ كلامه رحمه الله في ((تاريخه الكبير))
(1/2/101-102) بعد أن أورد له حديثاً: ((يخالف في بعض حديثه هذا)).
فحذف محمود سعيد كلمة (هذا) لتسلم له دعواه، ويسلم القول
الذي بناه! ولكن هيهات، فإنما هو على شفا جُرُف هار.
إذ كلمة الإمام البخاري - رحمه الله- كما هو واضحٌ لكلِّ
ذي عينين إنما هي في حديثه هذا خاصة، لم يرد الحكم على مطلق حديثه، فافهم".
انتهى كلام حلبي.
قلت: والله ما فكّرت يوماً أن أدافع عن محمود سعيد ممدوح
(هذا)، ولكن سرقة حلبي من الشيخ طارق تجعلني مضطراً أن أدافع عنه في هذا المقام!!
فكلام الشيخ طارق - حفظه الله- غير مسلَّم! وفيه نظر!
(وليس القصد تتبع الشيخ طارق في كتابه، فهو كتاب جيد وعليه بعض الملاحظات العلمية
التي لا تنقص من قيمته، ولعلني - إن مد الله في العمر- أناقشه في بعض الأمور
لاحقاً).
وأما ما يتعلق بردّه هذا، فأقول:
1- هذا النص عن البخاري نقله هكذا دون كلمة ((هذا)) الأئمة
قبل محمود سعيد، وهم: الإمام ابن عدي في ((الكامل)) (2/21) فقال: حدثنا ابن حماد:
حدثنا البخاري قال: ((بشير بن مهاجر الغنوي رأى أنساً. يخالف في بعض حديثه)).
ونقلها كذلك ابن كثير في ((تفسيره)) (1/34)، والمزي في
((تهذيب الكمال)) (4/177)، وابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (1/411).
2- ترجيح الشيخ طارق بأن المخالفة التي ذكرها البخاري في
حديثه هذا خاصة يخدم محمود سعيد في استنتاجه الذي وصل إليه اعتماداً على قول
البخاري! فإذا كان البخاري يرى أنه خالف في حديث واحد - وهو هذا- فهذا يعني أن
باقي حديثه ليس فيه مخالفة، وهذا عين ما يريده محمود سعيد.
3- ولهذا فإن ترجيح أن البخاري لم يرد هذا الحديث هو
الأصوب في حال بشير ابن المهاجر؛ لأن البخاري غير غافل عن أنه يخالف في أكثر من
حديث! ولهذا لم يخرِّج له!!
4- قصد البخاري من هذا: الإتيان بمثال على حديثه الذي
يخالف فيه! فإنه خالف حديث عبدالله بن عمرو بن العاص في ذكر الدجال الذي رواه مسلم
وغيره، وفيه: ((... ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض
أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته...)). فإرسال الريح ليس على رأس
المائة، وإنما في آخر الزمان، وكأنه دخل لبشير حديث في حديث، أي حديث: ((أرأيتكم
ليلتكم، فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد)).
وما نقله ابن عدي عن البخاري من طريق ابن حماد - وهو
الدولابي- من كتاب الضعفاء الكبير للبخاري، ورواية ابن سهل التي عندنا من التاريخ
الكبير، زاد البخاري هذا الحديث كمثال من مخالفات ابن المهاجر لا أنه لم يخالف إلا
فيه! فكأن البخاري يقول: انظر كيف خالف في بعض حديثه هذا، أي الذي ذكرته هنا في
ترجمته.
والبخاري يورد في ترجمة الراوي أغرب ما يروي، ولهذا أورد
البخاري هذا الحديث في ترجمة بشير لاستنكاره بتفرده به!!!
وكلام البخاري في الضعفاء في المخالفة في غير حديث هو
الصواب، وليس بينه وبين ما في التاريخ أي تناقض.
فانظر - رحمك الله- كيف قلّد حلبي الشيخ طارقا في هذا!!
واتهم المبتدع بحذفه وبتره كلمة ((هذا)) مع أن محمود سعيد نقل هذا عن المزي أو ابن
حجر!
ولا أدري كيف يتوافق التعليق الأول الذي ذكره حلبي مع
التعليق الثاني، فهما متناقضان تماماً!!! فالأول يقول: إن بشير بن المهاجر يخطئ
كثيراً، والثاني: إنه لم يخالف إلا في حديث واحد، فأين (الفهم) يا علي؟! تنقل (دون
وعي)!!!
(فافهم أنت...)!!!
27- ذكر
الشيخ طارق (ص225) حديث بشير بن المهاجر عن عبدالله بن بريدة عن أبيه: ((أن ماعز
بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني ظلمت
نفسي وزنيت، وإني أريد أن تطهرني، فرده...، وفيه: فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم
أمر به فرجم)).
قال الشيخ
طارق: "علّق الشيخ الألباني على هذا الحديث، فقال:
((ذِكْرُ
الحَفر في هذا الحديث شاذٌّ، تفرد به بشير بن المهاجر، وهو لين الحديث كما في
((التقريب)) للحافظ ابن حجر، وقد تابعه علقمة بن مرثد عند مسلم فلم يذكر الحفر،
وهو ثقة محتج به في ((الصحيحين)). وكذلك أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري، فدلّ
ذلك على شذوذ هذه الزيادة ونكارتها)).
فتعقبه
المعترض بكلامٍ طويل!! ينظر الرد عليه في مواضعه من هذا الكتاب، لكن الذي يهمنا
هنا: النظر في الشواهد التي ساقها ليقوي بها حديث بشير بن المهاجر هذا..!!...
ثم ساق
خمسة أحاديث ذُكر فيها الحفر، ثلاثة منها خاصة بالحفر للمرأة، وحديثان للرجل.
وهذه
الخمسة؛ على فرض صلاحيتها للاعتبار، لا تصلح كشواهد لحديث الباب؛ لأن الباب خاص
بالحفر لماعز بن مالك، فمهما ذكر الحفر في غير قصته لن يكون ذلك كافياً لإثبات
الحفر له خاصة، لاحتمال أن يكون حفر لغيره ولم يحفر له.
فأما
أحاديث الحفر للمرأة؛ فهي بعيدة كل البعد عن الحفر لماعز؛ لأنه كان رجلاً، فسقط
الاستشهاد بهذه الأحاديث الثلاثة من أصله!!
وأما
الحديثان اللذان فيهما ذكر الحفر للرجل؛ فليس في أحدهما أن المحفور له كان ماعز بن
مالك، فلو ثبت بهما الحفر في الجملة للرجال، لما كان ذلك مثبتاً للحفر لماعز
خاصةً، كما سلف.
ومع ذلك؛
فلا مانع من أن ننظر في الحديثين اللذين فيهما الحفر للرجال عامة، هل يصلحان
للاعتبار أم لا؟!
فأما
الحديث الأول...
وأما
الحديث الثاني...
هذا؛ ومما
يؤكد نكارة ذكر الحفر في قصة ماعز بن مالك: أن أبا سعيد الخدري قال –كما في ((صحيح
مسلم)) (5/118): ((أمرنا [صلى الله عليه وسلم] أن نرجمه فانطلقنا به إلى بقيع
الغرقد، فما أثقناه ولا حفرنا له، فرميناه...)).
ومما يدل
على أن بشيراً لم يحفظ هذا الحديث... قال الإمام أحمد..." إلخ كلامه.
قال حلبي (ص291) مقطع (130): "ثم ذكر (ص172-173)
شواهد(!) للحفر الذي استنكره شيخنا في حديث ماعز المتقدم في الفصل الثاني!
قلتُ: وكلها لا تصلح للشهادة، وذلك لأنها قسمان:
الأول: أن ثلاثة أحاديث منها خاصة بالحفر للمرأة، وفرق
كبير بين المرأة والرجل في هذا المقام.
الثاني: أن الدليل يخالفه، إذ قد روى مسلم في ((صحيحه))
(3/1320) عن أبي سعيد الخدري في قصة رجم ماعز، قال: ((أمرنا [أي النبي صلى الله
عليه وسلم] أن نرجمه، فانطلقنا إلى بقيع الغرقد، فلما أوثقناه، ولا حفرنا له،
فرميناه بالعظم والمدر والخزف...)).
فهل بقي بعد هذا الحديث الصحيح الصريح موطنٌ لذكر شواهده،
وبخاصة أن إسناده لم يتكلم فيه أحد قط، أما الآخر - الذي نحن في صدد تتميم الكلام
عليه- قد تكلم فيه أحمد وابن القيم وغيرهما". انتهى كلامه.
وذكر حلبي عند ذكره الشواهد حاشية قال فيها: "على أن
في أسانيدها كلها ضعفاً، ولولا أن الكتاب قد طال لتتبعت عللها وما فيها!".
قلت: أَرِحْ نفسك من تتبع عللها! فقد فعل ذلك الشيخ الذي
سرقت منه في عدة صفحات (من ص227-231)! واقتصر الشيخ طارق في الكلام على الحديثين
اللذين فيهما ذكر الحفر للرجل، وبيَّن العلل فيهما. ولم يتعرض للأحاديث الثلاثة
الخاصة بالمرأة، ولكن حلبي أطلق القول بضعفها أيضاً دون علم!!!
وسرقة حلبي لهذا الرد واضحة جلية لا تحتاج إلى تعليق!!!
ولولا أن تعليق الشيخ طارق أمام حلبي وهو كلام طويل لما قال: "ولولا أن
الكتاب قد طال لتتبعت عللها وما فيها"!!!!
28- ذكر
الشيخ طارق (ص275): ((محمد بن قيس قاصّ عمر بن عبدالعزيز))، ثم قال:
"قال
الحافظ في ((التقريب)): ((ثقةٌ، من السادسة، وحديثه عن الصحابة مرسلٌ)).
اعتمد
الشيخ على هذا القول في الحكم بالإنقطاع على حديث محمد ابن قيس هذا عن أبي صِرمة
الصحابي عن أبي أيوب، أنه قال حين حضرته الوفاة: كنت كتمت عنكم شيئاً سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لولا
أنكم تذنبون لخلق الله خلقاً يذنبون فيغفر لهم)).
فتعقبه
المعترض، فقال (ص193):
((إن محمد
بن قيس سمع من أبي صرمة مالك بن قيس الصحابي، ولم يصب الألباني في دعوى الانقطاع
بين محمد بن قيس وأبي صرمة، بل قلّد الحافظ –رحمه الله تعالى- حيث عدّ محمد بن قيس
من السادسة، وهم من لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة - رضوان الله عليهم- ولو رجع
الألباني إلى كتب الرجال - غير ((التقريب))- لعلم أن عدَّ محمد بن قيس من السادسة
خطأ...)).
ثم قال:
((وبيان
ذلك؛ أنهم عندما ترجموا لمحمد بن قيس ذكروا أنه يروي عن أبي صرمة، وعندما ترجموا
لأبي صرمة ذكروا أن محمد بن قيس يروي عنه، وسكتوا إقراراً. ولم أرَ من قال: إن
محمد بن قيس لم يرو عن أبي صرمة تصريحاً أو تلويحاً، بل إنهم في ترجمة محمد بن قيس
ذكروا روايته عن جابر بن عبدالله وأبي هريرة ثم تعقبوا ذلك بأنه مرسل)).
أقولُ:
أئمة
الحديث يفرّقون بين أمرين: بين مجرد رواية راوٍ معين عن شيخ معين، وبين ثبوت سماع
هذا الراوي من ذاك الشيخ.
فالرواية
المجردة لا تدل على السماع؛ لاحتمال أن يكون الراوي قد سمع بواسطة ثم أسقطها عند
الرواية.
وكذلك
ثبوت السماع لا يدل على وقوع الرواية؛ لاحتمال أن يكون الراوي سمع من شيخه لكنه لم
يحدث بما سمعه منه...
فالرواية
المجردة وحدها لا تدل على السماع...
وبعد أن
بينا تكلّف المعترض وتعسفه في إثبات سماع محمد بن قيس من أبي صرمة، وسلوكه في ذلك
مسلكاً وعراً، فللقارئ المنصف حقٌّ علينا أن نبين له الصواب في المسألة، فأقول:
لقد
اجتمعت عدة قرائن تدل على أن محمد بن قيس لم يسمع من أبي صرمة، فوق تصريح الحافظ
ابن حجر بذلك...
القرينة
الرابعة...
أنه قد
جاء من وجه آخر بذكر الواسطة بين محمد بن قيس وأبي صرمة.
قال المزي
في ((تحفة الأشراف)) (3/108):
((ورواه
عبدالله بن صالح عن الليث عن محمد بن قيس عن محمد بن كعب عن أبي صرمة عن أبي أيوب،
وهو أشبه بالصواب ممن أسقط منه محمد بن كعب، والله تعالى أعلم)).
فهذا
الإمام المزي –رحمه الله تعالى- قد رجح الرواية التي فيها الواسطة على غيرها مما
لم يذكر فيه الواسطة...
وباجتماع
هذه القرائن، لا يشك فاهم لهذا العلم، أن محمد بن قيس لم يسمع من أبي صرمة، وهو
الذي جزم به ابن حجر والمزي هنا، ومن قبلهما ابن حبان، والحمد لله على
التوفيق...". انتهى.
قال حلبي (ص298) مقطع (136): "نقل شيخنا في
((الصحيحة)) (4/604) عن الحافظ ابن حجر قولَه في محمد بن قيس: ((.. وحديثه عن
الصحابة مرسلٌ))، فأعلّ بهذه الكلمة سنداً في ((صحيح مسلم)) يرويه محمد بن قيس عن
أبي صرمة.
فقال محمود سعيد (ص193):
((هكذا أعلّ الألباني هذا السند، وسيعلم إن شاء الله
مجانبته للصواب حتماً، وبيان ذلك: أن محمد بن قيس سمع من أبي صرمة...)).
قلت –أي حلبي-: وهنا مسألتان مهمتان:
الأولى: حول ((تقريب التهذيب)) وطريقة شيخنا في الإفادة
منه والتعامل معه، إذ ليس الأمرُ فيها كما ذكره محمود سعيد –بجهل- أنه ((قلّده))!!
لا، بل لشيخنا طريقة منهجية دقيقة معه، فصّلت القول فيها، وكشفت عن خوافيها، ورددت
على أمثال محمود سعيد من المتطاولين، في كتابي ((محدّث العصر.. ومنهجه في دراسة
السنة ونقد الأسانيد))، وهو على وشك التمام إن شاء الله الملك العلاَّم.
الثانية: أن مجرد ذكر الرواة عن الشيخ أو الراوي هو عنهم
في كتب الجرح والتعديل لا يفيد البتة القطع بالسماع عنه أو عنهم، وبيان ذلك في
تعليق لي على ((إحكام المباني..)) (ص45) –وهو رد على محمود سعيد نفسه أنقله
بتمامه- رداً على من استلزم ذلك الاستلزام الفاسد:
قلت: ((لا يستلزم ذكره أنه روى عنه، أو سمعه، أو حتى
أدركه))!! وأضرب مثالاً على هذا...".
ثم قال حلبي (ص300) مقطع (137): "ثم قوله المتقدم:
((.. ولم أر من قال: إن محمد بن قيس لم يرو عن أبي صرمة تصريحاً وتلويحاً..)) قولٌ
يدل على جهل واستعلاء!
فإن لم تَرَ أنتَ، فقد رأى غيرُك!
فالحافظ ابن حجر (لوَّح) بهذا! أم أنك لا ترى؟!
ثم ما هو أهم من ذلك –ويلتقي معه- ما أشار إليه الحافظ
المزي في ((تحفة الأشراف)) (3/108) في هذا الحديث نفسه، حيث قال: ((ورواه عبدالله
بن صالح عن الليث عن محمد بن قيس عن محمد بن كعب عن أبي صرمة عن أبي أيوب، وهو
أشبه بالصواب ممن (أسقط) منه محمد بن كعب، والله تعالى أعلم)).
وهي عند الطبراني في ((المعجم الكبير)) (3991)، قال:
((حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي، حدثنا عبدالله بن صالح...))، فذكره.
قلت: فهذا ترجيح بيّن للانقطاع الذي صدرنا الكلام به.
فافهم هذا وانتبه". انتهى كلامه.
قلت: أنت (فافهم وانتبه)!! لأنك لم تفعل شيئاً! وإنما
قلّدت الشيخ طارقا في ردّه!!!
وكلام الشيخ طارق - حفظه الله- فيه نظر! والقرائن التي أتى
بها لرد كلام المعترض لا تسلم من النقد؛ لأن هناك خلافاً طويلاً عريضاً في ((محمد
بن قيس)) الراوي عن أبي صرمة، والذي يروي عن جابر وعن أبي هريرة، هل هو هذا أم هو
الزيات أم آخر؟! وقد جمع بين هؤلاء الإمام البخاري وفرّق بينهما ابن أبي حاتم
وغيره، وقد حققت هذا، وتبيّن لي صحة ما قاله الإمام البخاري رحمه الله، وعليه فإن
سماع محمد بن قيس من أبي صرمة صحيح إن شاء الله، ولعلي أناقش كلام الشيخ طارق فيما
بعد إن شاء الله تعالى.
وما قاله الشيخ طارق من أن مجرد الرواية غير السماع صحيح،
ولكن ما قاله المعترض من أن عدم تعقب ابن حجر لرواية محمد بن قيس عن أبي صرمة
وتعقبه ذلك في روايته عن جابر وغيره من الصحابة له وجه، مع التنبه إلى أن أقوال
الحافظ ابن حجر في التهذيب وغيره تختلف عن أقواله في التقريب؛ ففي التقريب نفى
سماعه من الصحابة كلياً، وهذا كان مستند الشيخ الألباني كما قال المعترض.
وأما كلام حلبي في المنهج المزعوم للشيخ الألباني في
تعامله مع كتاب التقريب فهو مجرد دعوى لا دليل عليها!! وقد أحال حلبي على
((مجهول))!! أي كتابه المزعوم!!!
فالرد على كلام المعترض يجب أن يكون هنا لا الإحالة على
مجهول، بل على معدوم!! فقد مضى أكثر من (15) عاماً على ذكره لهذا الكتاب، ومع ذلك
لم ير النّور!! مع أنه قال بأنه ((على وشك التمام))...!!!
وانظر أيضاً كيف تبع حلبي الشيخ طارق على استدلاله بما قال
المزي!!! وما قاله المزي ليس بصواب!!
فالحديث أخرجه مسلم والنسائي عن قتيبة بن سعيد عن الليث بن
سعد عن محمد بن قيس قاص عمر بن عبد العزيز عن أبي صرمة عن أبي أيوب.
وتابع قتيبة عليه: إسحاق بن عيسى [كما في ((مسند أحمد)) (5/414)].
وعيسى بن حماد [كما في ((تاريخ دمشق)) (55/109)].
وخالفهم عبدالله بن صالح فرواه عن الليث وزاد فيه محمد بن
كعب، وعبدالله بن صالح فيه كلام معروف، ولا يحتج بما تفرد به؛ فكيف يُقضى بروايته
على ثلاثة؟!! بل إن مخالفة قتيبة له كافية في ردّ روايته.
ورواية محمد بن كعب لهذا الحديث عن أبي صرمة أخرجها مسلم
من طريق إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عن محمد بن كعب القرظي عن أبي صرمة عن أبي أيوب
الأنصاري.
ورواها الترمذي في ((الجامع)) (5/548) والطبراني في
((المعجم الكبير)) (4/156) من طريق عمر مولى غفرة عن محمد بن كعب عن أبي أيوب.
فلم يذكر أبا صرمة في إسناده! ورواية إبراهيم بن عبيد أصح
من رواية عمر مولى غفرة.
وبهذا يكون محمد بن كعب قد تابع محمد بن قيس في روايته عن
أبي صرمة.
29- قال
الشيخ طارق (ص286): "يقول المعترض (ص194-195):
((ليس
للحافظ قول واحد في محمد بن قيس، بل له أربعة أقوال (!!): الذي في ((التقريب))،
واثنان في ((التهذيب))، والأخير في ((الإصابة)).
ثم أخذا
المعترض في تفصيل هذه الأقوال!! فقال:
((الأول:
في ترجمة محمد بن قيس قال: ((روى عن أبي هريرة وجابر، يقال: مرسل، وأبي صرمة
الأنصاري... إلخ)) ((التهذيب)) (4149).
فانظر كيف
ضعف روايته عن أبي هريرة وجابر ثم سكت عن أبي صرمة.
الثاني: في
((التهذيب)) (12/134) في ترجمة أبي صرمة قال: ((روى عنه محمد بن كعب القرظي ومحمد
بن قيس المدني... إلخ)). ثم قال الحافظ: ((وروى عنه أيضاً محمد بن يحيى بن حبان
أفاده العسكري وهو غلط، وإنما روى محمد عن ابن محيريز عنه)). اهـ.
فانظر كيف
أقرّ الحافظ رواية محمد بن قيس عن أبي صرمة، وتعقب رواية غيره –محمد بن يحيى-
عنه؟!
الثالث:
ذكر في ((الإصابة)) (4/108) رواية محمد بن قيس عن أبي صرمة)).
ثم قال
المعترض:
((فهذه
ثلاثة أقوال للحافظ تدفع دعوى الانقطاع))!
أقولُ:
انظر؛ كيف
سمى ((سكوت)) الحافظ ابن حجر ((قولاً))، ويقول: إن للحافظ ابن حجر أربعة أقوال،
والواقع أنه قول واحد، وهو الذي في ((التقريب)) والثلاثة الأخرى ليست أقوالاً بل
هي سكوت.
ولو سلمنا
بأنها أقوال؛ فليست هي ثلاثة، كما يقول المعترض، بل هو قول واحد إلا أنه تعدد
ذكره، وهل إذا قال الرجل قولاً ثلاث مرات صار بذلك ثلاثة أقوال؟! قد يكون.. لكن
عند المعترض فقط!!
لكن؛
الأعجب والأغرب أنه يقول بعد ذلك:
((وهذه
الثلاثة أقوال بلا شك أقوى وأولى بالعمل من قوله في ((التقريب))، فلعله سبق قلم
منه –رحمه الله تعالى- قصد أن يكتب عن أبي هريرة مرسل، فجمع الصحابة)).
أقولُ:
ليست هي
أقوالاً، كما سلف، بل القول هو الذي قاله في ((التقريب))، وهو صريح في عدم سماع
محمد بن قيس من أبي صرمة عند الحافظ، وسكوته في المواضع الثلاثة الأخرى لا يعارض
هذا القول؛ لأنه سكوت عن مجرد الرواية لا عن السماع، ولو كان سكوتاً عن السماع لما
كان مقدماً على قوله الذي في ((التقريب))؛ لأن المفهوم إذا عارض نصاً صريحاً قدم
النص عليه، كما هو معروف، لا سيما وأنه قد سبق الحافظ إلى هذا الإمام ابن
حبان". انتهى.
قال حلبي (ص301) مقطع (138): "ثم قال (ص194): ((ليس
للحافظ قول واحد في محمد بن قيس، بل له أربعة أقوال: الذي في ((التقريب))، واثنان
في ((التهذيب))، والأخير في ((الإصابة))..))!
وهذا من أعجب شيء يكون، إذ ليس في هذه (الأقوال) المزعومة
ما يشير إلى هذا التعدد المدَّعى، وغاية ما هناك أن الحافظ رحمه الله قد ذكر في
((التهذيب)) و ((الإصابة)) محمد بن قيس وروايته عن أبي صرمة.. دون أن يعقّب بشيء!
(فاستنبط) محمود سعيد من ذلك أنّ هذه أقوالٌ له!! وماذا؟ ثلاثةٌ!
علماً أن السكوت لا يؤخذ منه حكم في هذا المقام، لأنه
يخالف قوله الصريح الجلي في ((التقريب)) –وهو رابعها عنده-!
فلا يقال: ((له أربعة أقوال..))! فهذا لا يصلح بحال!
وأعجب من ذلك قوله –بعد- نقداً لقول الحافظ في
((التقريب)): ((.. فلعله سبق قلم منه رحمه الله تعالى، قصد أن يكتب: ((عن أبي
هريرة مرسل)) فجمع الصحابة))!!
وهي من أشد طاماته، وأعظم بلاياه، فلا قوة إلا
بالله". انتهى كلامه.
قلت: بل (سرقاتك) من أشد طاماتك، وأعظم بلاياك، فلا قوة
إلا بالله!!!
فانظر كيف سرق من الشيخ طارق مسألة (الأقوال) و(السكوت)،
بل سرق (تعجبه) في آخر كلامه!!!!
وكلام المعترض لا بأس به، وغاية ما في الأمر أنه قصد أن
ابن حجر ذكر ((محمد بن قيس)) في أربعة مواضع من كتبه، ثلاثة منها لم يتعقب فيها
روايته عن أبي صرمة وظاهره أنه لا ينكرها لأن من عادته أنه إذا أنكر شيئاً ذكره
سيما وأنه تعقب روايته عن جابر وغيره بأنها مرسلة، ولكنه في التقريب ذكر بأنه
روايته عن الصحابة مرسلة بإطلاق، وكأنه فاتته روايته عن أبي صرمة؛ لأنه ليس من
مشاهير الصحابة كجابر وأبي هريرة.
والجزم بأن ما قاله ابن حجر في التقريب هو الفصل في ذلك
فيه نظر!! لأن ابن حجر يخالف أحياناً بعض أقواله التي في التقريب عما هو في كتبه
الأخرى، وهي مسألة تحتاج إلى مزيد بيان ليس هذا موضعه.
30- قال
الشيخ طارق (ص423) تحت عنوان: ((التشنيع على الشيخ باتهامه بالتقوّل على
الأئمة!!)):
"روى
مسلم حديثاً من طريق محمد بن قيس - قاص عمر بن عبدالعزيز- عن أبي صرمة، عن أبي
أيوب، مرفوعاً.
روى
الترمذي نفس الحديث، ثم قال: ((حديث حسن غريب)).
قال الشيخ
في ((الصحيحة)) (4/604):
((وإنما
لم يصححه الترمذي - والله أعلم- مع ثقة رجاله؛ لأن فيه انقطاعاً بين أبي صرمة –وهو
صحابي اسمه: مالك بن قيس- وبين محمد بن قيس، ولم يسمع منه. قال الحافظ في ترجمته
في ((التقريب)): ((ثقة من السادسة، وحديثه عن الصحابة مرسل)).
فتعقبه
المعترض، فقال (ص196):
((هذا
تقويلٌ للترمذي لما لم يقله، وكأن الألباني يريد أن يقول: إن الترمذي رأيه مخالف
لكل الحفاظ...)).
ثم قال:
((أما عدم
تصحيحه للحديث، فهذا لا يضر الحديث، فلكل رأيه. والترمذي حسّن بعض أحاديث
((الصحيحين)) كما لا يخفى، ولا يلزم من إخراج الحديث في ((الصحيحين)) أو أحدهما أن
يصححه الترمذي.
لكن هل
قام في خلد أحد من أهل الحديث أن الانقطاع ينـزل الحديث من رتبة الصحة إلى
الحُسن؟! ربما لا تجد هذا إلا في فهمه وعلمه، ذلك أن الانقطاع ينـزل الحديث إلى
رتبة الضعيف ولو كان رواته أئمة حفاظاً في غاية الضبط والإتقان. والله أعلم)).
أقولُ:
الحسن على
رسم الترمذي، حيث أطلقه، له معنى خاص به، وقد بيّنه هو في كتاب ((العلل)) الذي في
آخر ((سننه))، فقال (5/758):
((وما
ذكرنا في هذا الكتاب: ((حديثٌ حسنٌ)) فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا...)).
... فإذا
حكم الترمذي على حديث فيه انقطاع... ولهذا؛ فإن الحافظ ابن حجر لما ذكر في
((النكت)) (1/387) حديث المستور، والضعيف... قال:
((فكل ذلك
عنده - أي الترمذي- من قبيل الحسن، بالشروط الثلاثة، وهي:
1- أن لا
يكون فيهم من يتهم بالكذب.
2- ولا
يكون الإسناد شاذاً.
وأن يُروى
مثل ذلك الحديث أو نحوه من وجه آخر فصاعداً.
وليس كلها
في المرتبة على حد سواء، بل بعضها أقوى من بعض، ومما يقوي هذا ويعضده: أنه لم يتعرض
لمشروطية اتصال الإسناد أصلاً، بل أطلق ذلك، فلهذا وصف كثيراً من الأحاديث
المنقطعة بكونها حساناً)).
ثم ساق
أمثلة على ذلك...". انتهى.
قال حلبي (ص302) مقطع (139): "شنّع (ص196) على شيخنا
لما قال: ((وإنما لم يصححه الترمذي –والله أعلم- مع ثقة رجاله لأن فيه انقطاعاً))،
فقال:
((.. هذا تقويلٌ للترمذي لما لم يقله.. أما عدم تصحيحه
للحديث، فهذا لا يضر الحديث، فلكل رأيه.. لكن هل قام في خَلَد أحد من أهل الحديث
أن الانقطاع ينـزل الحديث من رتبة الصحة إلى الحسن؟..)) إلخ كلامه!
قلتُ: أمّا أنه تقويل.. فهي دعوى ليس عليها تعويل!!
ويُبينها التالي، في هذا النقل العزيز الغالي:
قال الحافظ ابن حجر في ((النكت على ابن الصلاح)) (1/387)
بعد بحثه مسألة الحديث الحسن وحدّه، وأن للإمام الترمذي اصطلاحه الخاص به:
((.. وليس هو في التحقيق عند الترمذي مقصوراً على رواية
المستور، بل يشترك معه الضعيف بسبب سوء الحفظ، والموصوف بالغلط والخطأ، وحديث
المختلط بعد اختلاطه، والمدلس إذا عنعن، وما في إسناده انقطاعٌ خفيفٌ، فكلُّ ذلك
عنده من قبيل الحسن، بالشروط الثلاثة، وهي:
1- أن لا يكون فيهم من يتهم بالكذب.
2- ولا يكون الإسناد شاذاً.
وأن يُروى مثل ذلك الحديث أو نحوه من وجه آخر فصاعداً.
وليس كلها في المرتبة على حد سواء، بل بعضها أقوى من بعض،
ومما يقوي هذا ويعضده: أنه لم يتعرض لمشروطية اتصال الإسناد أصلاً، بل أطلق ذلك،
فلهذا وصف كثيراً من الأحاديث المنقطعة بكونها حساناً)).
ثم ضرب على ذلك أمثلة عدة، يكفي المنصف عنها ما ذكرناه من
تأصيل عنه - رحمه الله تعالى.
ثم؛ أليس هذا كافياً لأن يُنصف محمود سعيد نفسَه من
(نفسِه)؟
وأليس هذا كافياً لأن يعلم محمود سعيد أنه دون مثل هذه
الردود التي يناطح فيها كُبراء السنة وأئمة العلم!". انتهى.
قلت:
بل: أليست هذه السرقة الواضحة كافية لأن ينصف (علي حلبي)
نفسَه من (نفسِه)؟
وأليس هذا كافياً لأن يعلم (علي حلبي) أنه دون مثل هذه
الردود التي (يسرقها) من أهل العلم!!!
فكيف يدور في خلد أحد أن يأتي الشيخ طارق وعلي حلبي بكلام
ابن حجر نفسه الذي في (النَّكت) للرد على المعترض؟! فأين أنتم يا من غطّى حلبي
وجوهكم عن الشمس بغربال، فلا ترونها؟ ألا تستيقظون من سباتكم الطويل؟
بل إن مما يكشف حلبي في وضوح هذه السرقة أن الشيخ طارق وضع
عبارة ابن حجر هذه: ((فلهذا وصف كثيراً من الأحاديث المنقطعة بكونها حساناً))،
بالخط الغامق، وكذلك فعل علي الحلبي في كتابه!!
فماذا يقول العقلاء؟!!
31- ذكر
الشيخ طارق (ص312): ((مطر الوراق)) وقال:
"قال
محمد بن عثمان بن أبي شيبة في ((سؤالاته)) لعلي بن المديني (3): ((سألت علياً عن
مطر الوراق؟ فقال: كان صالحاً وسطاً، ولم يكن بالقوي)).
قال
المعترض (ص199):
((ذكر هذا
النقل عن ابن المديني محمد بن عثمان بن أبي شيبة في ((السؤالات)) (48)، وابن أبي
شيبة ضعيف. انظر: ((تاريخ بغداد)) (3/43).
أقولُ:
ابتداءً:
أنت اعتمدت على نقل ابن أبي شيبة عن علي بن المديني، حينما وافق ذلك غرضك، عند
كلامك في هشام بن سعد - انظر: كتابك (ص135-136)-، ولم تَردَّه بضعف ابن أبي شيبة
كما فعلت هنا، فلماذا تزن بميزانين، وتكيل بمكيالين؟!
وأما ابن
أبي شيبة؛ فقد قال المعترض في هامش (ص200):
((قال عنه
عبدالله بن أحمد: ((كذاب))، ورماه ابن خراش بالوضع، وقال إبراهيم بن إسحاق الصواف:
((كذاب، يسرق حديث الناس))، وقال داود بن يحيى: ((كذاب، وضع أشياء كثيرة، يحيل على
أقوام أشياء ما حدثوا بها قط))، وتركت كلام مطين بسبب ما كان بينهما مما يكون بين
الأقران. ولهم كلام آخر فيه، انظر: ((تاريخ بغداد)) (3/45-46)، ((الميزان))
(2/379))). اهـ.
أقولُ:
هذا الذي
ذكرتَهُ كلَّه؛ إنما تفرد بحكايته عن هؤلاء الأئمة أبو العباس ابن عقدة، وهو في
نفسه ليس بعمدة، وتفرده بحكاية التكذيب عن هؤلاء الكبار لابن أبي شيبة، على شهرته
بين أهل طبقته، مما يكفي في اتهامه بهذا الذي نقله، فكيف وهو يخالفه في المذهب؟!
... وأما
قول المعترض: ((... ولهم كلام آخر فيه)).
فأما ما
جاء من طريق ابن عقدة؛ فلن نشغل به الوقت ونسوّد به الصفحات.
وأما ما
جاء من طريق غيره؛ فليس فيه إلا التوثيق المطلق، أو التليين الهين..
قال صالح
بن محمد: ((ثقة)).
....
وقال
مسلمة بن القاسم: ((لا بأس به، كتب الناس عنه، ولا أعلم أحداً تركه)).
وقال
الذهبي...
فابن أبي
شيبة رجل صدوق، بل هو من الحفاظ...
وهذا
القول الذي حكاه عن ابن المديني يعد من أعدل الأقوال في مطر الوراق، فلا أدري
لماذا تكلف المعترض دفعه بالطعن في أحد أئمة المسلمين؟!
فاللهم
اغفر لنا وله، واهدنا وإياه سواء السبيل". انتهى كلامه.
قال حلبي (ص304) مقطع (141): "نقل (ص199) عن ابن
المديني في ((سؤالاته)) جرحاً في مطر الوراق، ثم قال: ((ذكر هذا النقل عن ابن
المديني محمد بن عثمان بن أبي شيبة... وابن شيبة ضعيف..))!
آلآن أيها الناقد؟!
ألم تذكر أنك استدللت بكلام لابن المديني من رواية محمد بن
عثمان هذا (ص135-136) من كتابك؟
أم أن حبّ النقد والرد بالباطل يطغى على العقول، ويحرف
الأذهان؟!".
ثم قال في مقطع (142): "ثم تكلم في حاشية (ص200) عن
حال محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ناقلاً أنه ((كذاب)) ورمي بالوضع و.. و.. إلخ.
ثم عزا ذلك لـ ((تاريخ بغداد)) و ((الميزان))!
قلتُ: سائر ما أورده في حاشيته هذه إنما هو - كما تبين من
مراجعة ((تاريخ بغداد))- من رواية أبي العباس بن عقدة.
ومن المعلوم أنه ((لا يقبل من ابن عقدة ما ينقله في
الجرح))، وبخاصة أنه ((ليس بعمدة))، فهذا يدفع الاحتجاج به، إذ أن ((في سرقة الكتب
والأمر بالكذب، وبناء الرواية عليه ما يمنع الاعتماد على الرجل فيما ينفرد به)).
فما ذكره من ترك ابن أبي شيبة، ورميه بالوضع مما يرد عليه
ولا كرامة.
لذا فإن مسلمة بن القاسم قال فيه: ((لا بأس به، كتب الناس
عنه، ولا أعلم أحداً تركه)).
ومن عجبٍ أن محمود سعيد قد اقتصر في حاشيته المشار إليها
في ترجمة ابن أبي شيبة على إيراد أشد كلام فيه مما سبق نقضه إجمالاً، ثم قال بعد:
((ولهم كلام آخر فيه))!
قلتُ: وأي كلام هذا؟ إنه من تلبيسات محمود سعيد، وإيهامه
القرّاء أنه مثل سابقه!
وليس الأمر كذلك!
إذ الناظر بتأمل في هذا الكلام الآخر يرى أنه توثيق له، أو
تضعيف خفيف يناقض دعاوى التكذيب السابقة!
وهو –هداه الله- ساكت عن هذا كله ليسلم له مراده، ويحصل
مبتغاه، مما يوافق هواه!
ولزيادة البيان...
والهادي هو الله سبحانه، لا ربّ سواه". انتهى كلام
حلبي المسروق.
قلت:
لم تفعل شيئاً يا
(حلبي)!! بل سرقت ولخصت كعادتك!!!
وقد شهدت على نفسك كما شهدت على ابن عقدة بما نقلته:
إذ أنّ: ((في سرقة الكتب والأمر بالكذب، وبناء الرواية
عليه ما يمنع الاعتماد على الرجل فيما ينفرد به)).
فهل نعتمد عليك؟!!!!!!!
هذا، وإنّ كثيراً من المواضع التي زادها حلبي على كتاب
الشيخ طارق عوض الله هي من المواضع (الإنشائية) التي (يبرع) فيها!! ووجودها وعدمها
سواء عند أهل النقد!! بالإضافة إلى ما أتى به من نقولات - على كثرتها- عن أهل
العلم فلا شك أنها مهمة ولكنها في الوقت نفسه لا تخفى على صغار طلبة العلم!!
"فجمّع وقمّش"!!
وقد حاول أحد الأغرار أن يُدافع عن حلبي وينفي هذه السرقة،
وهو من (مجاهيل الانترنت) الذين يختبؤون وراء الكنى! واسمه: (أبو عمر العتيبي)،
فقال على شبكة (الساحة الإسلامية): "يعلم الله أني قد بدأت في كتابة رد على
رسالة الأخ طارق عوض الله، بينت فيها تجنيه على الشيخ علي الحلبي. وكثير من تلك
المواطن لا تسمى سرقة مطلقاً. وبعضها فيها اشتباه ولها مخرج صحيح. وبعد كتابة بعض
المقال توقفت لأشغالي، وزهدت في الرد لقلة الجدوى وكثرة الجدل. ولكن سأضرب مثالاً
واحداً ذكرته في مقالي الذي لم يكتمل:
- ومن المواضع التي زعم! الأخ طارق عوض الله أنها مسروقة!!
من كتابه: ص/154 من كتابه حيث قال: [أخشى أن يكون في إسناد الطيالسي سقط أو تحريف
فإن عيسى بن ميمون المكي لم يذكروا له رواية عن عمرو بن دينار، ولا للطيالسي رواية
عنه، وإنما ذكروا في شيوخ الطيالسي: عيسى بن صدقة، وهذا متروك! وينظر لعله تصحيف
من "عبيس بن ميمون" فإن الطيالسي يروي عنه أيضاً كما في ترجمته من
التهذيب (7/88) وهذا متروك أيضاً!! أما أنا فلم يترجح عندي شيء، فمن ترجح عنده شيء
أو وجد شيئاً آخر فليتفضل به علينا نكن له من الشاكرين].
وزعم! أن الشيخ علي الحلبي سرقه!! منه فذكره في كتابه
(ص/229) وهو ظالم في ما زعمه!. قال الشيخ علي الحلبي: [قال ابن عبدالبر في التمهيد
(13/117): "انفرد به محمد بن مسلم من بين أصحاب عمرو بن دينار..". فدل
هذا على أن عيسى بن ميمون غير محفوظ! ويزيده بياناً أن عيسى بن ميمون الثقة- وهو
المكي- لم تذكر له رواية عن عمرو بن دينار أو للطيالسي عنه!! فلعله محرف من
"عبيس بن ميمون" وهو من مشايخ الطيالسي! فإذا كان كذلك - وهو الراجح إن
شاء الله- فهو متروك: ففي السند –إذاً- تصحيف وسقط: أما التصحيف: فهو
"عبيس" إلى "عيسى"! وأما السقط: فهو سقط الطائفي من سنده!].
فبمقابلة كلام الشيخ الفاضل علي الحلبي بكلام الأخ الفاضل
طارق عوض الله يظهر الفرق الواضح بين الكلامين. فقد ذكر الشيخ علي الحلبي كلام ابن
عبدالبر ولم يذكره الأخ. ورجح أنه عبيس بن ميمون وتوقف الأخ طارق عن الترجيح. والذي
يظهر لي أن الاحتمالين الذين ذكرهما الأخ طارق والاحتمال الذي رجحه الشيخ علي
الحلبي؛ بعيدان...] إلخ.
بل هناك مواطن أوضح من هذا تعجبت لحشر الأخ طارق عوض الله
لها في تهم السرقة! والله الموفق.
ومن العجائب والغرائب ضمن دعاوى الأخ طارق عوض الله قوله: [ومن
تلك الكتب: سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي: وعادة علي حسن إذا ما عزا لكتاب
"الضعفاء لأبي زرعة الرازي وأجوبته على أسئلة البرذعي" أنه يعتمد على
الطبعة التي حققها الدكتور سعدي الهاشمي، ذات الأجزاء الثلاثة. وعادتُه في العزو
إليها - كما هي عادة غيره - لرقم الجزء والصحيفة؛ لأن الكتاب يمثل الجزء الثاني من
تلك الأجزاء الثلاثة، والجزآن الآخران يشتملان على دراسة المحقق وفهارس الكتاب. وعلي
حسن اعتمد على تلك الطبعة على "العلل" لابن عمار (ص 108)(1) بل وفي
كتابه هذا أيضاً (ص 198). وقد كنتُ نقلتُ من هذا الكتاب تضعيفاً لأبي زرعة لعمر بن
حمزة في (ص 332) من كتابي، وعزوت ذلك إلى رقم الجزء والصحيفة، فقلت: (2/364). فجاء
علي حسن، فنقل نفس الذي نقلته، لكنه غير رقم الصفحة ورقم الصحيفة، وذكر عوضاً
عنهما رقماً لفقرةٍ، فقال (ص 137) من كتابه. [... "سؤالات البرذعي له"
(رقم: 79)]. كذا قال!! فلست أدري من أين أتى الأخ علي حسن بهذا الرقم، فإن طبعة
هذا الكتاب غيرُ مرقمة الفقرات، اللهم إلا القسم المختص بكتاب الضعفاء، وليس هذا
النقل منه، فكتاب الضعفاء يبدأ في (ص597) وينتهي في (ص674)، وكلام أبي زرعة في عمر
ابن حمزة إنما هو في (ص364)، فهو قبل ذلك. فمن أين أتى أخونا علي حسن بهذا الرقم؟!
فإن كان اعتمد هذه المرة على طبعة أخرى مرقمة الفقرات، فأين هي؟ فإن الكتاب -حسب
علمي - لم يطبع سوى هذه الطبعة، وقد سألت بعض إخواني المهتمين بطبعات الكتب، فنفى
أن يكون لهذا الكتاب غير هذه الطبعة. وإن أتى بتلك الطبعة، فلنا أن نسأله: لماذا
هذه الطبعة هذه المرة بالذات؟! وإن كان هذا الرقم مختلقاً ملفقاً، لا وجود في
الواقع، وإنما ذكره علي حسن من عنده لحاجةٍ في نفس يعقوب؛ "فقد سقط معه
الخطاب، وسد في وجههِ الباب"].
يقول أبو عمر العتيبي: فأين السرقة يا طارق؟ أنت لم تذكر
الرقم وهو ذكره فلم يأخذ منك -هنا- شيئاً!! فكيف تسمي هذه سرقة يا رجل؟!! ولقد
تعجبت من كلام طارق بهذا الكلام الفاسد خصوصاً آخره فرجعت إلى سؤالات البرذعي
وعددت تراجمه فوجدت الأمر كما ذكره الشيخ علي الحلبي، ووجدت ترجمة عمر بن حمزة رقم
(79). فإما أن يكون الرقم هو من ترقيم الشيخ علي لنسخته. وإما أن تكون هناك طبعة
أخرى مرقمة - ولا علم لي بذلك-. فتعجبوا من عصر كثرت فيه دعوى السرقة!!". انتهى
كلام المُدافع عن حلبيه!!
قلت: ما أغبى هؤلاء الأتباع الذين يدافعون عن السّراقين!
لو استطعت أيها النكرة أن تثبت أن حلبيك! لم يسرق الكتاب لما تأخرت ثانية في ذلك!
ولكن كعادة القوم يتعذرون بانشغالهم!
أما الموضع الأول فزيادة حلبي قول ابن عبدالبر وترجيحه لا تنفي
أنه سرق من الشيخ طارق، فالأمر واضح بين يديك، ونحن لا ننفي أن حلبي زاد بعض
الأشياء على الشيخ طارق، وهذه الزيادات على الأصل الذي سرقه من الشيخ طارق، ولا
يعني أنه لم يسرق يا أيها الجاهل، ولعل ما أوردته لك من مقابلات بين كلام الشيخ
طارق وكلام حلبيك المسروق يزيل هذا الغباش الذي غطّى قلبك قبل عينيك.
وأما الأمر الثاني الذي يتعلق بسؤالات البرذعي فالشيخ طارق
ذكره في الدليل الثالث، قال: "وهو: أنه قد تابعني على العزو إلى طبعات معينة
لبعض الكتب التي لها أكثر من طبعة، مع أن عادته في كتابه هذا وغيره عندما يعزو إلى
هذه الكتب أن يعزو إلى طبعة أخرى غير التي اعتمدت أنا عليها". ثم ذكر أمثلة
لذلك ومنها سؤالات البرذعي، وغاية ما في الأمر الذي أراد الشيخ طارق التنبيه عليه
من خلال هذا الدليل هو أن حلبيك قام بمتابعته على التوثيق من الكتب التي وثق منها
الشيخ طارق في المواضع نفسها التي سرق منها حلبيك، فهي سرقة واضحة، لا كما زعمت!
وكون حلبيك كان عنده بعض الذكاء في عدّ رقم الفقرة فوثقها ليبعد عنه السرقة فهذا
لا ينفي عنه هذه السرقة الواضحة الجلية لكتاب الشيخ طارق، فإما أن تردّ على كلّ
هذه الأدلة والمقارنات، وإلا فاصمت ولا تتكلم فيما لا علم لك به، واحفظ لسانك،
وأسأل الله الثبات. وأخبرك أيها الغِرّ أن عدك لهذه الفقرة من كتاب البرذعي
وموافقتك لحلبيك لا يصحّ! فقد رجعت إلى الكتاب وعددت فوجدت أن رقم ترجمته (90)
وعدك أنت وحلبيك غير صحيح!!! فتعلَّما العدّ!!
تنبيهات مهمة:
1- سُئِل علي حلبي: "ما هي أهم الكتب الحديثية التي
ألفتها وتظهر فيها شخصيتك الحديثية؟" فأجاب:
"كشف التبيين، والكشف المبين، تنوير العينين، ودراسات
علمية في صحيح مسلم"!!!
وسُئِل مرة: "ما أحبّ الكتب إليك مما ألفته؟"
فأجاب:
"علم أصول البدع، ودراسات علمية في صحيح مسلم"!!
قلت: فها هو يذكر هذا الكتاب المسروق في المرتين، وهو ليس
من تأليفه!!!
2- ذكر مشهور حسن آل سلمان كتاب عليّ حلبي في كتابه ((كتب
حذر منها العلماء)) وهو في معرض تحذيره من كتاب محمود سعيد ممدوح: ((تنبيه المسلم
إلى تعدي الألباني على صحيح مسلم)) (1/291) فذكر رد الشيخ طارق عليه في كتابه
((ردع الجاني المتعدي على الألباني))، وقال عنه: "وهو رد علمي رزين على ما
حواه تنبيه المسلم من أخطاء"، ثم ذكر مشهور ثلاث صفحات في منهج الكتاب
وتقسيمه.
ثم ذكر بعده كتاب حلبي: ((دراسات علمية في صحيح مسلم))
ووصفه بأنه "جيد"، ثم قال: "وضح فيه مفارقة مؤلف كتاب ((تنبيه
المسلم)) منهج أهل العلم وموافقته موافقة تامة سلوك أهل الأهواء، وبيّن فيه
الادعاءات والافتراءات التي اشتمل عليها هذا الكتاب؛ فجزاه الله خيراً".
قلت: إن كان مشهور حسن قد علم أن كتاب حلبي مسروق من كتاب
الشيخ طارق فهذه (خيانة) لأنه لم يبين ذلك!! وإن لم يعلم فهو كحاطب ليل!! لأن من
يصف هذين الكتابين بهذا الوصف الذي ذكره يدرك أن كتاب حلبي مسروق من كتاب الشيخ
طارق!!!
ولنا وقفة مع مشهور في كتابه هذا ((كتب حذر منها العلماء))
لاحقاً إن شاء الله تعالى!!!
3- قال علي حلبي في مقدمة تحقيقه لكتاب ((الأربعون حديثاً
التي حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على حفظها)) للإمام الآجري، [طبع سنة
1409هـ-1989م]، قال (6) في هامش (2): "وبعد ما يزيد على الأربعة عشر شهراً من
انتهائي من تحقيق الكتاب، وتخريجه، أرسل إليّ الأخ المفضال بدر البدر نسخة منه
بتحقيقه، معتمداً على نسختين خطيتين، ليست منهما النسخة التي اعتمدها، وهي - كما
سيأتي- مضبوطة، الخطأ فيها نادر، مقروءة على كبار الأئمة والحفاظ.
وقبل هذا بأسابيع وقفت على نسخة مطبوعة هذا العام أيضاً في
السعودية، بتحقيق محمود النقراشي، لكنّ تحقيقها ليس كما ينبغي، بل نسخة أخينا بدر
البدر أجود منها بكثير، فلم أعول عليها، والله المستعان.
وهذا كلّه يدفعني أن أسطر كلمة حقّ في هذا المجال:
إنّ هذا التكرار الذي نراه في عالم المطبوعات اليوم سببه
قلّة التعاون بين طلبة العلم، وعدم تواصلهم، ولست أقصد بهذا أخانا بدراً، فهو –شهد
الله- طالب علم مجد، يصل إخوانه طلبة العلم، ولا يقطعهم، ولكني أقول كلاماً عاماً
أبدأ بنفسي فيه أولاً، ثم الآخرين ثانياً، وبالله التوفيق.
ثم بد لي بعد تأملي في الكتاب بطبعتيه؛ الطبعة التي حققها
أخي بدر، والتي حققتها أنا، أنهما مختلفتان، إذ جمع الآجري رحمه الله - أولاً-
أربعين حديثاً، وسردها سرداً مع تبويب سريع عليها، فكان الكتاب بصورته التي بين
يديك، ثم شرحها شرحاً لطيفاً، فكان الكتاب بصورته التي حققها الأخ بدر، لذا فلا
نرى في طبعته التبويب الذي في طبعتنا، ولا نرى في طبعتنا الشرح الذي في
طبعته". انتهى.
قلت: على كلامه ملحوظات:
1- طالما أنك يا عليّ تطلب التواصل بين طلبة العلم من أجل
أن لا تتكرر الجهود، فلم سرقت كتاب الشيخ طارق، ولخصته واختصرته؟! فأصبح عندنا
نسخة أخرى (مكررة) للكتاب!!!
2- هذا التواصل الذي تريده بين طلبة العلم هو في الحقيقة
من أجل سرقتهم!! فقد أخبرني بعض الإخوة الثقات أن طريقة حلبي في التحقيق أو
التأليف: أنه يأتي إلى كتاب محقق ثم يدخل عليه بعض التعديلات والتخريجات بخطه، ثم
يغير العنوان، ثم يدفعه للطباعة باسمه!!!
وبعض الرسائل التي حققها حلبي في هذا الوقت الذي يتكلم عنه
إنما هي رسائل مطبوعة.
3- إذا كانت نسخة
الشيخ البدر فيها شرح للأحاديث فما هي فائدة نسختك؟! وأي علم في هذا التبويب الذي
زعمت أن نسخة البدر خلت منه؟! فهل مجرد زيادة كلمة في التبويب: "في طلب
العلم"، أو "في الصلاة"، أو غير ذلك إلى الحديث جعل لنسختك مزية
على نسخة البدر وأطلقت عليها تبويباً؟!!!
ثم إن العناوين التي ذكرت إنما هي من هامش النسخة المخطوطة
كما ذكرت (ص33)!!
فما الداعي لإخراج نسختك وأنت تطالب بعد التكرار؟!!!
4- معظم أحكام حلبي وتخريجاته للأحاديث مستفادة من كتب
الشيخ الألباني دون الإشارة في كثير من المواضع!!!! إلا في مواضع يسيرة، أو إذا
أراد أن ينبه على تصحيف وقع للشيخ الألباني كما في (ص53)!!! وغيرها.
وانظر على سبيل المثال:
- حديث رقم (2) (ص34)، قال مخرجه في نهاية كلامه:
"وفي الباب عن عدة من الصحابة، ولم يصح منها شيء".
قلت: وهذه الطرق كلها بما فيها الطريق التي تكلم عليها
حلبي تكلم عليها الشيخ الألباني بتفصيل في ((إرواء الغليل)) (2/141-143)، وقال في
نهاية تخريجه: "وجملة القول إن الحديث لا يصح لا موقوفاً ولا مرفوعاً".
- حديث رقم (7) (ص46). وانظر: ((السلسلة الصحيحة)) رقم
(937).
- حديث رقم (9) (ص52). وانظر: ((السلسلة الصحيحة)) رقم
(587).
- حديث رقم (12) (ص58). وانظر: ((السلسلة الضعيفة)) رقم
(2271).
وآخر
دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
وكتب:
خالد بن محمود ابن الحائك.
13/6/2008م.
شاركنا تعليقك