من إشارات
الإمام البخاري في تضعيف الأحاديث.
بقلم خالد الحايك.
قال البخاري في ((التاريخ الكبير))
(8/75): "أبو المنبَذر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يكون بأفريقية،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً
وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً فأنا الزعيم لآخذن بيده فأدخلنه الجنة))، قاله رِشدين
ابن سعد عن حيي بن عبدالله عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن أبي المنبذر".
قلت: هكذا في المطبوع: ((أبو المنبذر))
- بالباء -.
والصواب: "المُنَيذر"
دون ذكر أداة الكنية، وهي زائدة هنا؛ لأن البخاري أورده في حرف الميم، ولو كانت أداة
الكنية ثابتة لأورده في "الكنى".
وقد ذكره ابن حجر في "الإصابة"
(6/179) (8270) هكذا: "المنيذر - مُصغراً -، الأسلميّ، ويقال الثمالي، ويقال
هو المنيذر بصيغة التّصغير. وقيل بوزن المنتشر".
وترجمة البخاري له اعتماداً على
هذا الحديث، وجعل العهدة فيه على رشدين بن سعد؛ لقوله: "قاله رشدين بن
سعد"، وهذا يعني أنه لا يعتد بروايته في إثبات صحبته، وهذه إشارة منه لتضعيفه.
والحديث أخرجه ابن قانع في ((معجم
الصحابة)) (3/105) في ترجمة ((المنيذر الإفريقي)) من طريق يحيى بن غيلان الأسلمي.
والطبراني في ((المعجم الكبير)) (20/355) من طريق أحمد بن سليمان، كلاهما عن عن رِشدين
بن سعد، عن حيي بن عبدالله المعافري، عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن المنيذر صاحب
النبي صلى الله عليه وسلم - وكان ينـزل أفريقية- قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ((من قال: رضيت بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً فأنا الزعيم
لآخذن بيده يوم القيامة ولأدخلنه الجنة)).
·
كلام فيه نظر لأبي نُعيم الأصبهاني!
ورواه أبو نُعيم في ((معرفة
الصحابة)) (5/2521) من طريق الطبراني، ثم قال: "رواه ابن وهب عن حيي
نحوه".
قلت: في كلامه نظر! فإن ابن وهب
لم يسم الرجل!
قال ابن حجر في ((الإصابة)) (6/180)):
"وتابعه ابن وهب عن حيي، ولكنه لم يسمه. قال: عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم".
قلت: تفرد رشدين بذكر اسم الصحابي
((المنيذر))، ورشدين ضعيفٌ، لا يحتج به.
وحيي بن عبدالله بن شريح المعافري
تفرد بالحديث، وهو ضعيفٌ جداً. قال فيه البخاري: "فيه نظر"، وقال
النسائي: "ليس بالقوي"، فهو ممن يكتب حديثه ولا يحتج به!
·
تصحيح الألباني لها الحديث! والرد عليه.
والحديث صححه الألباني فذكره في
((الصحيحة)) (2686) وأشار إلى رواية رشدين ومتابعة ابن وهب له، ثم قال: "ولا
يخفى أن الصحابة كلهم عدول، فعدم تسمية ابن وهب إياه لا يضر، فبهذه المتابعة ثبت
الحديث، والحمد لله"، ثم صحح إسناد رشدين الذي عند الطبراني!
قلت: في كلامه نظر من وجهين:
الأول: أنه حتى نثبت أنه (صحابي)
وهو غير مسمى لا بد من توافر شرطين: الأول: أن يكون التابعي الذي يرويه ثقة،
والثاني: أن يصرح بالسماع بينه وبين الصحابي، وقد أشار ابن حجر إلى أن ابن وهب
قال: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فلم يثبت السماع في الحديث، وعلى
فرض ثبوته، فإنه لا يسلم للأمر الثاني.
الثاني: وهو أن الحديث تفرد به
حيي، وهو ضعيف لا يحتج به.
فالحديث ضعيف، والله تعالى أعلم وأحكم.
وكتب خالد الحايك.
23 ربيع ثاني 1429هـ.
شاركنا تعليقك