هل اضطرب هشام بن عروة في حديث: «من أحيا أرضاً ميتة له بها أجر»؟
ولماذ أعرض البخاري عن طريقه؟
بقلم:
أبي صهيب الحايك.
قال الإمام البخاري في ((صحيحه))
(2/823): ((باب من أحيا أرضاً مواتاً، ورأى ذلك علي في أرض الخراب بالكوفة موات.
وقال عمر: من أحيا أرضاً ميتة فهي له. ويُروى عن عمرو بن عوف عن النبي صلى الله
عليه وسلم، وقال: في غير حق مسلم وليس لعرق ظالم فيه حق. ويُروى فيه عن جابر عن
النبيّ صلى الله عليه وسلم)).
ثُم قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال:
حدثنا الليث، عن عبيدالله بن أبي جعفر، عن محمد بن عبدالرحمن، عن عروة، عن عائشة -رضي
الله عنها- عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: ((من أعمر أرضاً ليست لأحد، فهو
أحق)). قال عروة: "قضى به عمر في خلافته".
قال ابن حجر في ((تغليق التعليق))
(3/310): "فإن قيل: لم مرضه البخاري وصححه الترمذي. قلت: الترمذي اتبع ظاهر
إسناده، وأما البخاري فإنه عنده معللٌ للاختلاف فيه على هشام في إسناده ولفظ متنه.
أما اختلاف اللفظ فقد مضى. وأما اختلاف الإسناد: فرواه يحيى بن سعيد القطان -وهو
من جبال الحفظ- وأبو ضمرة أنس بن عياض المدني وأبو معاوية، كلّهم عن هشام، عن ابن
رافع، عن جابر. ورواه عبدالله بن إدريس وغيره، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي
صلى الله عليه وسلم مرسلاً. وكذا رواه يحيى بن عروة عن أبيه. ورواه أبو الأسود، عن
عروة، عن عائشة. وفيه اختلاف غير هذا، فلهذا لم يجزم به، والله أعلم. وإن كان ظاهر
الإسناد الصحة، فقد قدمنا أنه ربما مرَّض أحاديث صحيحة الإسناد لعلل فيها".
وقال في ((الفتح)) (5/19): "عن
جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: وصله أحمد قال: حدثنا عباد بن عباد، قال: حدثنا
هشام، عن عروة، عن وهب بن كيسان، عن جابر، فذكره. ولفظه: ((من أحيا أرضاً ميتة،
فله فيها أجر، وما أكلت العوافي منها فهو له صدقة)). وأخرجه الترمذي من وجه آخر عن
هشام بلفظ: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له))، وصححه. وقد اختلف فيه على هشام: فرواه
عنه عباد هكذا، ورواه يحيى القطان وأبو ضمرة وغيرهما عنه عن ابن رافع عن جابر.
ورواه أيوب عن هشام عن أبيه عن سعيد بن زيد، ورواه عبدالله بن إدريس عن هشام عن
أبيه مرسلاً. واختلف فيه على عروة: فرواه أيوب عن هشام موصولاً، وخالفه أبو الأسود
فقال: عن عروة عن عائشة كما في هذا الباب، ورواه يحيى بن عروة عن أبيه مرسلاً كما
ذكرته من سنن أبي داود، ولعل هذا هو السر في ترك جزم البخاري به.
وقد عَرض الدارقطني لبعض الاختلاف
في هذه الأسانيد وأسانيد أخرى، فقال في ((العلل)) (4/414): "يرويه أيوب
السختياني عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد. تفرد عبدالوهاب الثقفي عنه.
واختلف فيه على هشام بن عروة: فرواه الثوري عن هشام عن أبيه قال: حدثني من لا أتهم
عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتابعه جرير بن عبدالحميد. وقال يحيى بن سعيد
الأنصاري ومالك بن أنس وعبدالله بن إدريس ويحيى بن سعيد الأموي عن هشام عن أبيه
مرسلاً. وروي عن الزهري عن عروة عن عائشة، قاله سويد بن عبدالعزيز عن سفيان بن
حسين. ورواه يحيى بن عروة ابن الزبير عن أبيه عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم. والمرسل عن عروة أصح".
قلت: قد اختلف على هشام بن
عروة في متن الحديث وإسناده:
- هشام بن عروة عن عبيدالله بن
عبدالرحمن بن رافع بن خديج عن جابر مرفوعاً:
رواه الإمام أحمد في ((المسند)) (3/313)
و (3/326) و (3/381) عن يحيى بن سعيد وعبدالله بن عقيل أبي عقيل وحماد بن أسامة.
وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (4/487) عن وكيع. والدارمي في ((سننه)) (2/347) عن عبدالله
بن سعيد، عن حماد أبي أسامة. والنسائي في ((السنن الكبرى)) (3/404) من طريق يحيى.
وابن حبان في ((صحيحه)) (11/613) من طريق حماد بن سلمة ويحيى القطان. والبيهقي في
((السنن الكبرى)) (6/148) من طريق أنس بن عياض، كلّهم عن هشام بن عروة، قال: أخبرني
عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج الأنصاري، قال: سمعت جابر بن عبدالله يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحيا أرضاً ميتة فله فيها أجر، وما أكلت
منه العافية فهو له صدقة)).
وفي رواية وكيع: "ابن أبي
رافع"، وهو خطأ! والصواب: "ابن رافع".
- هشام بن عروة عن أبيه عن النبيّ
صلى الله عليه وسلم مرسلاً:
رواه مالك في ((الموطأ)) (2/743).
وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (4/487) عن وكيع. والنسائي في ((السنن الكبرى))
(3/405) من طريق الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق)).
قال الليث: "ثُم كتبت إلى
هشام بن عروة فكتب إليّ بمثل حديث يحيى بن سعيد".
- هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد
بن زيد مرفوعاً:
رواه الترمذي في ((الجامع)) (3/662)
عن محمد بن بشار. وأبو داود في ((السنن)) (3/178)، والبزار في ((مسنده)) (4/87) عن
محمد بن المثنى، كلاهما عن عبدالوهاب الثقفيّ، قال: حدثنا أيوب، عن هشام بن عروة،
عن أبيه، عن سعيد بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من أحيا أرضاً ميتة
فهي له، وليس لعرق ظالم حق)).
قال أبو عيسى الترمذي: "هذا
حديثٌ حسنٌ غريبٌ! وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه
وسلم مرسلاً. والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق... وفي
الباب عن جابر وعمرو بن عوف المزني جدّ كثير وسمرة".
وقال البزار: "وهذا الحديث
قد رواه جماعة عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلاً، ولا نحفظ أحداً قال عن هشام بن
عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد إلا عبدالوهاب عن أيوب".
وقال ابن حجر في ((الفتح))
(5/19): "شاهدٌ قويٌ".
وقال الشيخ حسين سليم أسد في
تعليقه على ((مسند أبي يعلى)) (2/252): "إسناده حسن".
قلت: تفرد بوصله بذكر ((سعيد بن
زيد)) عبدالوهاب بن عبدالمجيد الثقفي، وهو ثقة، إلا أن حفظه ليس بذاك، وكان قد
اختلط بأخرة، ورواية من أرسله عن هشام عن أبيه أصح. فأنّى يكون إسناده حسناً؟!
وكيف يكون شاهداً قوياً؟! فهو إسنادٌ معلول! علله الدارقطني ورجح المرسل كما سبق.
وتحسين الترمذي إنما هو للمتن؛
لأنه روي من طرق أخرى صحيحة، ولهذا حكم على طريق عبدالوهاب بالغرابة!
- هشام بن عروة عن وهب بن كيسان
عن جابر مرفوعاً:
رواه الترمذي في ((الجامع)) (3/663)
عن محمد بن بشار. والنسائي في ((السنن الكبرى)) (3/404) عن محمد بن يحيى بن أيوب.
وابن حبان في ((صحيحه)) (11/616) من طريق محمد بن يحيى، عن عبدالوهاب الثقفي، عن أيوب
السختياني، عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)).
قال أبو عيسى: "هذا حديثٌ
حسنٌ صحيحٌ".
ورواه الإمام أحمد في ((المسند))
(3/304) عن عبّاد بن عبّاد المهلبيّ. والنسائي في ((السنن الكبرى)) (3/404) عن علي
بن مسلم، عن عباد، عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبدالله قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحيا أرضاً ميتة فله منها -يعني أجراً- وما
أكلت العوافي منها فهو له صدقة)).
ورواه أحمد في ((المسند)) (3/338)
عن يونس، عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، مثل حديث أيوب.
قلت: هكذا رُوي عن هشام بن عروة
على وجوه كثيرة، والراجح أنه كان عنده بعدة طرق، ولم يضطرب فيه. وحديثه عن جابر
صحيح، وعبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع جهّله بعضهم وليس بصحيح، فهو صدوق، وقد رُوي
الحديث عن جابر من طريق أخرى لا بأس بها، رواه أحمد في ((المسند)) (3/356) عن يونس
ويحيي بن أبي بكير قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحيا أرضاً ميتة فله فيها أجر، وما أكلت
العافية منها فهو له صدقة)). وقال ابن أبي بكير: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)).
قلت: وكلا المتنين محفوظ، ولا
تعارض بينهما. ولم يتعرض الدارقطني لهذه الطرق، وإنما عَرَض لحديث سعيد بن زيد
وعلله، ورجح المرسل عليه.
قال ابن حبان في ((صحيحه)) (11/617):
"وقد سمع هشام بن عروة هذا الخبر من وهب بن كيسان وعبيدالله بن عبدالرحمن بن
رافع بن خديج عن جابر بن عبدالله، وهما طريقان محفوظان".
وقال ابن عبدالبر في (( الاستذكار))
(7/185): "والحديث صحيحٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تلقاه العلماء
بالقبول".
وقال في ((التمهيد)) (22/282):
"ليس في حديث جابر: فهي له، وإنما فيه: فله فيها أجر، وهما عندي حديثان عند
هشام، أحدهما عن أبيه، والآخر عن عبيدالله بن رافع، ولفظهما مختلف، فهما حديثان،
والله أعلم".
وله طريق آخر محفوظ رواه أبو داود
في ((سننه)) (3/178) عن هناد بن السري، عن عبدة، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن
عروة، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)).
قال عروة: "فلقد خبرني الذي حدثني هذا الحديث أن رجلين اختصما إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم غرس أحدهما نخلاً في أرض الآخر فقضى لصاحب الأرض بأرضه، وأمر
صاحب النخل أن يخرج نخله منها. قال: فلقد رأيتها وإنها لتضرب أصولها بالفؤس، وإنها
لنخل عم حتى أخرجت منها".
·
إشارة البخاري لحديث عمرو بن عوف في الترجمة السابقة:
قال الحافظ ابن حجر في ((الفتح))
(5/19): "ويروى عن عمرو بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم، أي مثل حديث عمر
هذا. قوله: وقال فيه: ((في غير حق مسلم وليس لعرق ظالم حق)) وصله إسحاق بن راهويه
قال: أخبرنا أبو عامر العقدي عن كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف، قال: حدّثني أبي:
أنّ أباه حدّثه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أحيا أرضاً مواتاً
من غير أن يكون فيها حق مسلم فهي له وليس لعرق ظالم حق)). وهو عند الطبراني ثم
البيهقي. وكثير هذا ضعيفٌ، وليس لجده عمرو بن عوف في البخاري سوى هذا الحديث. وهو
غير عمرو بن عوف الأنصاري البدري الآتي حديثه في الجزية وغيرها، وليس له أيضاً
عنده غيره. ووقع في بعض الروايات ((وقال عمر وبن عوف)) على أن الواو عاطفة، وعمر
بضم العين، وهو تصحيف، وشرحه الكرماني ثم قال: فعلى هذا يكون ذكر عمر مكرراً،
وأجاب بأن فيه فوائد: كونه تعليقاً بالجزم، والآخر بالتمريض، وكونه بزيادة والآخر
بدونها، وكونه مرفوعاً، والأول موقوف، ثم قال: والصحيح أنه عمرو بفتح العين. قلت:
فضاع ما تكلفه من التوجيه. ولحديث عمرو بن عوف المعلق شاهدٌ قويٌ أخرجه أبو داود
من حديث سعيد بن زيد، وله من طريق ابن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه مثله مرسلاً،
وزاد: قال عروة: ((فلقد خبرني الذي حدثني بهذا الحديث: أن رجلين اختصما إلى النبي
صلى الله عليه وسلم غرس أحدهما نخلاً في أرض الآخر فقضى لصاحب الأرض بأرضه، وأمر
صاحب النخل أن يخرج نخله منها)). وفي الباب عن عائشة، أخرجه أبو داود الطيالسي.
وعن سمرة عند أبي داود والبيهقي، وعن عبادة، وعبدالله بن عمرو عند الطبراني، وعن
أبي أسيد عند يحيى بن آدم في ((كتاب الخراج))، وفي أسانيدها مقالٌ! لكن يتقوى
بعضها ببعض".
وقال في ((الدراية في تخريج
أحاديث الهداية)) (2/201): "حديث ليس لعرق ظالم حق. الطبراني من حديث عبادة
بن الصامت قال: ((إنه من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ليس لعرق ظالم حق))،
ورجاله ثقات إلا أنه منقطع. وروى إسحاق والبزار والطبراني وابن عدي من حديث كثير
بن عبدالله بن عمرو بن عوف: حدثني أبي: أن أباه أخبره: أنه سمع النبي صلى الله
عليه وسلم يقول: ((من أحيا أرضاً مواتاً من غير أن يكون فيها حق مسلم فهي له وليس
لعرق ظالم حق))، وكثير ضعفوه كثيراً. وقد جاء هذا الحديث من طريق أجود من هذه
فأخرجه الثلاثة من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد رفعه: ((من أحيا
أرضاً ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق))، قال الترمذي: رواه جماعة عن هشام عن أبيه
مرسلاً.
قلت هو في ((الموطإ)) كذلك عند
جميع الرواة، وقال الدارقطني: تابعه يحيى بن سعيد وابن إدريس وغيرهما عن هشام.
ورواه الثورى عن هشام عن أبيه عمّن لا يُتهم. وأخرجه أبو داود من طريق ابن إسحاق
عن يحيى بن عروة عن أبيه مرفوعاً نحوه، قال عروة: فلقد أخبرني الذي حدثني بهذا
الحديث، وفي رواية له: أنه رجل من الصحابة، وأكثر ظني أنه أبو سعيد، وشذّ مسلم بن
خالد فرواه عن هشام عن أبيه عن عبدالله بن عمرو. وأخرجه الطبراني وخالفهم جميعاً
زمعة بن صالح أحد الضعفاء، فرواه عن الزهري عن عروة عن عائشة، أخرجه الطيالسي
والدارقطني والبزار. وله طريق أخرى عند الطبراني من رواية ابن أبي مليكة عن عروة
عن عائشة، وفي إسناده رواد بن الجراح، وهو ضعيف. ويعارضه حديث رافع بن خديج رفعه:
من زرع في أرض قوم بغير أذنهم فله نفقته، وليس له من الزرع شيء. أخرجه أبو عبيد في
((الأموال)) وجمع بينه وبين الأول".
قلت: أما حديث عمرو بن عوف فتفرد به
حفيده كثير بن عبدالله وهو ضعيف، وقد سمع من أبيه، فالله أعلم.
وأما الشاهد من طريق سعيد بن زيد
فمعلول كما سبق بيانه، فكيف يكون أجود من غيره كما زعم ابن حجر؟!
وحديث عائشة رواه الطيالسي في
((مسنده)) (ص203) عن زمعة بن صالح المكيّ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العباد عباد الله، والبلاد بلاد الله، فمن أحيا
من موات الأرض شيئاً فهو له، وليس لعرق ظالم حق)).
وزمعة ضعيفٌ يخالف في حديثه ولا
يتابع عليه، وقد ذكر ابن عدي هذا الحديث في ترجمته من ((الكامل)) (3/229).
وأما حديث مسلم الزنجي، فرواه
الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (1/190) من طريق محمد بن عبدالوهاب الحارثي قال:
حدثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو مرفوعاً.
قال الطبراني: "لم يرو هذا
الحديث عن هشام عن أبيه عن عبدالله بن عمرو إلا مسلم!".
قلت: ومسلم بن خالد الزنجي ضعيف.
وأما حديث عبادة فرواه الطبراني
في معجمه، قال: حدثنا يوسف القاضي، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، قال: حدثنا
الفضل بن سليمان، عن موسى بن عقبة، قال: حدثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة
بن الصامت، عن عبادة بن الصامت، قال: ((إنه من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه ليس لعرق ظالم حق)).
قلت: وهذا منقطع، إسحاق لم يدرك
عبادة، وهذا من نسخة طويلة في الأقضية يرويها عن عبادة، ولا يُتابع عليها من أيّ
طريق عن عبادة، وإن كانت هذه الأقضية معروفة من طرق عن غير عبادة.
وأما حديث سمرة فرواه ابن أبي
شيبة في ((مصنفه)) (4/487) عن عبدة بن سليمان، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن
سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحاط حائطاً على أرض فهي له)).
قال ابن حجر في ((التلخيص الحبير))
(3/62): "رواه أحمد وأبو داود والطبراني والبيهقي من حديث الحسن عن سمرة، وفي
صحة سماعه منه خلاف".
قلت: سمع منه أحاديث قليلة، وهذا
ليس منها. وقد رُوي عن الحسن مقطوعاً. رواه ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (4/487) عن إسحاق
الأزرق عن هشام عن الحسن قال: ((من أحيا أرضاً مواتاً لم تكن لأحد قبله فهي له)).
قال هشام: "وكتب بذلك عمر بن عبدالعزيز".
والمحصلة أن جلّ هذه الطرق ضعيفة
ومعلولة، وقول ابن حجر أنها تقوي بعضها البعض فيه نظر! وقد صحّ الحديث من طرق
أخرى. وإشارة البخاري في الترجمة لحديث عمر وجابر وعمرو بن عوف، كأنه ليس من أجل
تضعيفها - وإن مرّض القول فيها - وإنما ذكرها في الترجمة من أجل الاختلاف الكبير
في أسانيدها، وقد صح الحديث من طريق عمر وجابر، وأما حديث عمرو بن عوف، وإن كان من
رواية حفيده كثير، وهو ضعيف، فيحتمل أنه أصاب في هذا الحديث، والله أعلم وأحكم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ
العالمين.
هيثم هلال :
قطعت جهيزة قول كل خطيب جزاك الله كل خير وما أقول إلا كما قال القائل : بلغتك لم أنسب ولم أتغزل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شاركنا تعليقك