المتفق والمفترق/ كَيْسان أبو عبدالرحمن، وكيسان أبو نافع، وكيسان
آخر.
بقلم: أبي صهيب الحايك.
حصل خلط عند بعض الأئمة بين كيسان
أبي عبدالرحمن وبين كيسان أبي نافع فظنوهما واحداً. وجمهور أهل العلم على التفريق
بينهما، وحصل خلاف في الثالث! وهذا الاختلاف ناتج عن بعض الأسانيد.
الحديث الأول: رواه أبو عون الزيادي ومحمد بن
بشر العبدي وأبو عامر العقدي ويونس بن محمد وحرمي بن عمارة وحماد بن خالد كلّهم عن
عمرو بن كثير بن أفلح، عن عبدالرحمن بن كيسان، عن أبيه، قال: ((رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم خرج من شعب البطائح حتى أتى بئر المعلاة، وهو في رداء ملتحف فيه،
فصلى ركعتين الظهر أو العصر، وخالف بين طرفيه)).
ورواه معروف بن مشكان عن
عبدالرحمن بن كيسان، عن أبيه.
الحديث الثاني: رواه قتيبة بن سعيد وشعيب بن
يحيى والوليد بن مسلم وابن وهب كلّهم عن ابن لهيعة عن سليمان بن عبدالرحمن عن نافع
بن كيسان أنّ أباه أخبره: أنه كان يتّجر بالخمر في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم،
وأنه أقبل من الشام، ومعه خمر في الزقاق يريد بها التجارة، فأتى رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فقال: إني جئت بشراب جيد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا كيسان، إنها قد حرمت بعدك)). قال: أفأبيعها يا رسول الله؟ قال: ((إنها قد
حُرمت وحرِّم ثمنها)). فانطلق كيسان إلى الزقاق فأخذ بأرجلها ثم أهراقها جميعاً.
ورواه يزيد بن سنان عن يحيى بن
أبي كثير عن إسماعيل بن أبي خالد الفدكي عن محمد بن عبدالله الطائفي عن نافع بن
كيسان عن أبيه، نحوه.
·
سقط في كتاب ابن عساكر:
ورواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق))
(61/414) ثُم قال: "رواه غيره فجعله من مسند نافع بن كيسان"، ثُم ساقه
من طريق أحمد بن علي بن محمد بن عياش قال: حدثنا أبو فروة الرهاوي، قال: حدثنا أبي،
عن أبيه، عن يحيى بن كثير: أخبرني إسماعيل بن أبي خالد، عن محمد بن عبدالله
الطائفي: أن نافع بن كيسان أخبره: أنه حمل خمراً إلى المدينة وذلك بعدما حرمت فجاء
إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما حملت يا نافع!
قلت وقع سقطٌ في هذه الرواية التي
ساقها ابن عساكر والصواب كما جاء عند أبي نعيم في ((المعرفة)) (5/2402) من طريق
محمد بن أحمد بن خالد البوراني الموصلي عن يزيد بن محمد بن فروة الرهاوي: حدثني
أبي، عن أبيه: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني إسماعيل بن أبي خالد: أن محمد بن
عبدالله الطائفي أخبره: أن نافع بن كيسان أخبره أن أباه أخبره أنه حمل خمراً إلى
المدينة بعدما حرمت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حملت يا أبا نافع،
الحديث.
وكذا جاء عند الطبراني في ((المعجم
الكبير)) (19/196) من طريق أبي حاتم الرازي، عن محمد بن يزيد بن سنان: حدثنا أبي
يزيد: حدثنا يحيى بن أبي كثير: حدثني إسماعيل بن أبي خالد الفدكي: أخبرني محمد بن
عبدالله الطائفي: أن نافع بن كيسان أخبره: أن أباه حمل خمراً إلى المدينة قبل أن
يحرمها النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما
حملت يا أبا رافع؟ قال: خمراً يا رسول الله. قال: أما تعرف أنها قد حرمت بعدك. قال:
أما أبيعها اليهود؟ قال: إن بائعها كشاربها. فشق أبو نافع زقاقه بالبطحاء.
[تحرفت "أبو نافع" إلى
"أبو رافع" في مطبوع الطبراني].
الحديث الثالث: رواه هشام بن خالد عن الوليد بن
مسلم عن ربيعة بن ربيعة عن نافع بن كيسان عن أبيه كيسان، قال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: ((ينـزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق)).
ورواه ابن عائذ عن الوليد قال: أخبرنا
من سمع عبدالرحمن بن ربيعة يحدّث عن عبدالرحمن بن أيوب بن نافع بن كيسان عن أبيه
عن جده نافع بن كيسان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ((ينـزل عيسى بن مريم عند باب دمشق)). قال نافع: "ولا أدري
أي بابها يومئذ". قال: ((عند المنارة البيضاء لست ساعات من النهار في ثوبين
ممشقين كأنما يتحدر من رأسه اللؤلؤ)).
الحديث الرابع: رواه نصر بن مرزوق عن عمرو بن
أبي سلمة عن صدقة بن عبدالله عن سليمان بن داود الخولاني عن أيوب بن نافع بن كيسان
عن أبيه نافع بن كيسان: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ستشرب أمتي
من بعدي الخمر يسمونها بغير اسمها، يكون عونهم على شرابها أمراؤهم)).
ورواه غيره عن عمرو عن صدقة بن
عبدالله عن سليمان بن داود الخولاني عن أيوب عن نافع بن كيسان عن أبيه نحوه.
·
وهم من جمع بين كيسان أبي عبدالرحمن وكيسان أبي نافع!
جمع ابن قانع بين كيسان أبي
عبدالرحمن وبين كيسان أبي نافع في ((معجم الصحابة)) (2/387).
وجمع بينهما أيضاً ابن منده. قال
ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (50/277) في ترجمة ((كيسان بن عبدالله بن طارق
اليماني الشامي أبي نافع الدمشقي)): "وقد أخطأ ابن مندة في كتابه خطأً فاحشاً!
فقال: كيسان بن عبدالله بن طارق، وقيل: ابن بشر، عِداده في أهل الحجاز. روى عنه
ابناه: عبدالرحمن ونافع. وساق في الترجمة هذا الحديث وحديث عبدالرحمن عن أبيه
كيسان قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالبئر العليا في ثوب".
قال ابن عساكر: "وهما اثنان:
كيسان أبو عبدالرحمن غير كيسان أبي نافع. أحدهما مدني، والآخر دمشقي. وقد فرّق
بينهما البخاري في ((تاريخه)) وابن أبي حاتم في كتابه والبغوي في ((معجمه))، إلا
أن أبا حاتم قال في نسب أبي نافع: كيسان بن عبدالله بن طارق. وحكى ذلك عن ابن
لهيعة. وما قالوه أولى بالصواب من قول ابن مندة، والله أعلم. غير أن ابن أبي حاتم
فرق بين كيسان راوي حديث الخمر وبين كيسان راوي حديث نزول عيسى، وذكر أن كل واحد
منهما روى عنه ابنه نافع! وأن الصواب في راوي حديث نزول عيسى نافع بن كيسان عن
النبي صلى الله عليه وسلم، وحكاه عن أبيه أبي حاتم ولم يصنع شيئاً؛ فإن قول من روى
عن الوليد بن مسلم عن ربيعة بن ربيعة عن نافع بن كيسان عن أبيه مع ما يعضده من
رواية سليمان بن عبدالرحمن عن نافع بن كيسان عن أبيه بحديث آخر أولى من قول من أتى
بخلاف ذلك، والله أعلم".
قلت: وقال أبو نُعيم في ((معرفة
الصحابة)) (5/2399) رقم (2536): "كيسان أبو عبدالرحمن مولى سلمة بن أسيد.
قاله سليمان. وقيل: كيسان بن عبدالله بن طارق، وقيل: ابن بشر الحجازي، نسبه بعض
المتأخرين"، ثُم ساق له حديث عمرو بن كثير بن أفلح عن عبدالرحمن بن كيسان عن
أبيه أنه رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي وهو في رداء. ثُم ترجم رقم (2537):
"كيسان والد نافع. ويكنى أبا نافع. أفرده سليمان بن أحمد، عن كيسان أبي
عبدالرحمن، وقال: كيسان أبو نافع غير المتقدم، وجعلهما بعض المتأخرين واحداً"،
ثُم ساق له حديث اتجاره بالخمر. وساق له حديث نزول عيسى أيضاً.
والصواب أن كيسان أبا عبدالرحمن
غير كيسان أبي نافع.
·
تفريق البخاري وابن أبي حاتم بين الثلاثة:
فرّق الإمام البخاري بين الثلاثة
أصحاب الأحاديث السابقى، فقال في ((التاريخ الكبير)) (7/232): "كيسان. حدثنا
عمرو بن محمد الناقد قال: حدثنا حماد بن خالد أبو عبدالله الخياط: سمع عمرو بن
كثير بن أفلح، عن عبدالرحمن بن كيسان، عن أبيه: ((رأى النبي صلى الله عليه وسلم
يصلي عند البئر العليا، بئر بني معيط بالأبطح، في ثوب متلبباً به الظهر أو العصر
ركعتين)). وقال عبدالرحمن أبو سعيد: حدثنا عمرو بن كثير بن أفلح قال: حدثني
عبدالرحمن بن كيسان أبو جرير، عن أبيه: رأى النبي صلى الله عليه وسلم".
ثُم قال: "كيسان بن عبدالله
بن طارق. قال ابن لهيعة عن سليمان بن عبدالرحمن الحارثي: أنّ نافع بن كيسان أخبره:
أنّ أباه كيسان كان يتجر في الخمر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم من
الشام بخمر في زقاق. فقال: يا رسول الله، إني قد قدمت بشراب جيد. فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: يا كيسان أنها قد حرمت بعدك. فقال: يا رسول الله، أفأذهب
فأبيعها؟ قال: إنها قد حرمت وحرّم ثمنها. فانطلق كيسان بالزقاق فأخذ بأرجلها وإهراقها".
ثُمّ قال: كيسان. قال هشام بن
خالد: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني ربيعة بن ربيعة قال: حدثني نافع بن كيسان،
عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ينـزل عيسى بن مريم بشرقي دمشق
عند المنارة البيضاء".
وكذلك فعل أبو حاتم وابنه.
قال ابن أبي حاتم في ((الجرح
والتعديل)) (7/165): "كيسان قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب
واحد عند بئر العليا. روى عنه ابنه عبدالرحمن بن كيسان. سمعت أبي يقول ذلك".
ثُم قال: "كيسان قال: سمعت
النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: ينـزل عيسى بن مريم عند باب دمشق الشرقي. روى عنه
ابنه نافع بن كيسان في رواية من أخطأ!! والصحيح نافع بن كيسان عن النبي صلى الله
عليه وسلم فقط ليس فيه ذكر كيسان. سمعت أبي يقول ذلك".
ثُم قال: "كيسان بن عبدالله
بن طارق فيما روى ابن لهيعة عن سليمان بن عبدالرحمن ابن عيسى الخراساني الدمشقي: أن
نافع بن كيسان أخبره: أن أباه كيسان كان يتجر في الخمر في زمان النبي صلى الله
عليه وسلم فحرم الخمر. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن الذي حرم شربه حرم
بيعه. سمعت أبي يقول ذلك".
قلت: إذن ابن أبي حاتم يرى فيما
نقله عن أبيه أن راوي حديث نزول عيسى هو نافع ابن كيسان عن النبيّ صلى الله عليه
وسلم –وسيأتي الكلام عليه- لا نافع بن كيسان عن أبيه! وقد تقدم رد ابن عساكر عليه،
وأنه لم يصنع شيئاً. وهو كما قال ابن عساكر: الصواب فيه: نافع بن كيسان عن أبيه.
ولكن ابن عساكر عدّ راوي حديث الخمر وحديث نزول عيسى واحداً. وتبعه على ذلك المزي
في ((تهذيب الكمال)) (24/239) فقال: "(تمييز) كيسان بن عبدالله بن طارق
اليماني، ثم الشامي، أبو نافع الدمشقي، والد نافع بن كيسان. له حديثان. أحدهما
يرويه عبدالله بن لهيعة عن سليمان بن عبدالرحمن عن نافع بن كيسان عن أبيه: أنه كان
يتجر في الخمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل من الشام ومعه خمر في زقاق
يريد به التجارة الحديث في تحريم الخمر وتحريم بيعها. والآخر يرويه الوليد بن مسلم
عن ربيعة بن ربيعة عن نافع بن كيسان عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول: ينـزل عيسى بن مريم عند باب دمشق الشرقي". ثُم ساق المزي كلام الحافظ
أبي القاسم في تاريخ دمشق.
قلت: وهذا رأي ابن أبي عاصم في
((الآحاد والمثاني)) (5/98)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (19/196)، وابن
عبدالبر في ((الاستيعاب)) (3/1330).
والبخاري على أنهما اثنان، وتبعه
ابن أبي حاتم، بل إن ابن أبي حاتم يرى أن حديث نزول عيسى ليس عن كيسان أصلاً،
وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى.
قال ابن حجر في ((الإصابة)) (5/626):
كيسان بن جرير مولى خالد بن عبدالله بن أسيد الأموي. روى عن النبي صلى الله عليه
وسلم في الصلاة في الثوب الواحد. روى عنه ابنه عبدالرحمن. أخرجه ابن ماجة بسندٍ
حسنٍ. وقال ابن منده: كيسان بن عبدالله، ويقال: ابن بشر، عداده في أهل الحجاز، روى
عنه ابناه عبدالرحمن ونافع. هكذا خلطه ابن منده بكيسان بن عبدالله بن طارق! وغاير
بينهما البخاري والبغوي والطبراني وصوّب ذلك أبو نعيم وابن عساكر، وهو الصواب".
ثُمّ قال: "كيسان بن عبدالله
بن طارق. نسبه البخاري ومن تبعه. وقال ابن السكن: سكن الطائف. روى عنه ابنه نافع.
روى أحمد والبغوي والروياني من طريق ابن لهيعة عن سليمان بن عبدالرحمن الحارثي عن
نافع بن كيسان الدمشقي أن أباه كيسان أخبره أنه كان يتجر في الخمر... تابعه سليمان
الخولاني عن أيوب عن نافع بن كيسان. وأخرجه أبو نعيم من طريق يحيى بن أبي كثير عن
إسماعيل بن أبي خالد عن محمد بن عبدالله الطائفي عن نافع. وأخرجه ابن السكن من
طريق عامر بن يحيى المعافري: أن رجلاً حدّثه أن كيسان حدّثه أن رجلين، فذكر قصة
فيها هذا. وأخرج البخاري وابن السكن والطبراني وابن منده من طريق ربيعة بن ربيعة
عن نافع بن كيسان عن أبيه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ينـزل عيسى بن مريم
عند المنارة البيضاء شرقي دمشق. وكذا أخرجه الربعي في ((فضائل الشام)) وتمام في ((فوائده))
من طريق هشام بن خالد عن الوليد بن مسلم عن ربيعة. ورجاله ثقات. قيل في هذا: عن
نافع بن كيسان ليس فيه عن أبيه وسيأتي في النون. ورأيت في بعض نسخ البخاري التفرقة
بين كيسان راوي حديث نزول عيسى وبين كيسان راوي تحريم الخمر. ونقل ابن أبي حاتم عن
أبيه أن من قال في الحديث في نزول عيسى عن نافع بن كيسان عن أبيه خطأ، وإنما هو عن
نافع بن كيسان عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قلت: قوله إنه في بعض نسخ البخاري
التفرقة بين كيسان راوي حديث نزول عيسى وبين كيسان راوي حديث تحريم الخمر في
النسخة الأخيرة، وهي نسخة ابن سهل، وكأن البخاري جمع بينهما في النسخ المتقدمة
للتاريخ. وكأن الصواب هو الجمع بينهما. والحديث عن نافع عن أبيه، وقد حصل خلط في
هذا أيضاً!
·
هل روى نافع بن كيسان عن النبيّ صلى الله عليه وسلم؟
قال ابن أبي حاتم في ((الجرح
والتعديل)) (8/457): "نافع بن كيسان شامي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: ينـزل عيسى بن مريم عند باب دمشق الشرقى فيما روى عنه ابنه أيوب بن نافع بن
كيسان. وهو حديث رواه الوليد بن مسلم، ويختلف عن الوليد على وجهين: فأما محمد بن
عائذ فروى عن الوليد قال: حدثنا من سمع عبدالرحيم بن ربيعة يحدّث عن عبدالرحمن بن
أيوب بن نافع بن كيسان عن أبيه أيوب عن جده نافع بن كيسان صاحب رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذا رواه صفوان بن صالح. ورواه
هشام بن خالد عن الوليد قال: حدثني ربيعة بن ربيعة عن نافع بن كيسان عن أبيه كيسان
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول. وأخرجه أبو زرعة في مسند الشاميين".
وذكر ابن قانع نافعاً هذا في ((معجم
الصحابة)) (3/141).
وقال ابن عبدالبر في ((الاستيعاب))
(4/1491): "نافع بن كيسان، والد أيوب بن نافع. يعد في الشاميين. لم يرو عنه
غير ابنه أيوب بن نافع. حديثه في الخمر يشربها أمتي يسمونها بغير اسمها الحديث.
روى عنه حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينـزل عيسى ابن مريم عند
باب دمشق الشرقي. يختلف في هذا الحديث، ويضطرب في إسناده".
وذكره ابن عساكر في ((تاريخ دمشق))
(61/413): "نافع بن كيسان. روى عن أبيه كيسان، وقيل: إن لنافع صحبة. روى عنه
ابنه أيوب بن نافع وسليمان بن عبدالرحمن الكبير وربيعة بن ربيعة على ما ذكر هشام
بن خالد عن الوليد بن مسلم عن ربيعة وخولف في ذلك". ثُم ساق له حديثه عن أبيه
في الخمر".
وقال أبو نعيم في ((معرفة
الصحابة)) (5/2676): قال أبو محمد بن سعد كاتب الواقدي: "نافع بن كيسان. سكن
دمشق. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال الأزدي في ((المخزون)) (ص186):
"نافع بن كيسان: انفرد عنه ابنه أيوب بن نافع".
وقال ابن حجر في ((الإصابة))
(القسم الأول) (6/412): "نافع بن كيسان الثقفي. قال ابن سعد: روى عن النبي صلى
الله عليه وسلم وسكن دمشق. وأخرج أبو نعيم في ((الصحابة)) من طريق صدقة عن سليمان
بن داود عن أيوب بن نافع بن كيسان عن أبيه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
ستشرب أمتي من بعدي الخمر يسمونها بغير اسمها يكون عونهم على شربها أمراءهم. وأخرج
ابن عائذ عن الوليد بن مسلم عمن سمع عبدالرحمن بن ربيعة عن عبدالرحمن بن أيوب بن
نافع عن كيسان عن أبيه عن جده نافع ابن كيسان صاحب النبي صلى الله عليه وسلم رفعه:
ينـزل عيسى بن مريم عند باب دمشق الشرقي. أخرجه تمام في ((فوائده)) من طريق ابن
عائذ، وتابعه محمد بن وهب بن عطية عن عبدالرحمن بن زمعه مثله. أخرجه ابن شاهين من
طريقه، وأخرج أيضاً من طريق موسى بن عامر عن الوليد: ذاكرت شيخاً من شيوخ دمشق
فقال: سمعت عبدالرحمن بن ربيعة يحدث عن عبدالرحمن بن أيوب مثله. وأخرجه ابن قانع
من وجه آخر عن الوليد: أخبرني شيخ من شيوخ قريش: سمعت عبدالرحمن به. وكذا رواه
صفوان بن صالح عن الوليد. واختلف على الوليد فقال هشام بن عمار عنه عن أبي ربيعة
عن نافع بن كيسان عن أبيه، وكذا قال هشام بن خالد كما تقدم في ترجمة كيسان، وقال
صفوان وموسى بن عامر كذلك".
قلت: أما حديث نزول عيسى فرواه هشام
بن خالد عن الوليد بن مسلم عن ربيعة بن ربيعة عن نافع بن كيسان عن أبيه كيسان، قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ينـزل عيسى بن مريم عند المنارة
البيضاء شرقي دمشق)).
وهذه الرواية التي عوّل عليها
البخاري في الترجمة له.
ورواه ابن عائذ عن الوليد قال: أخبرنا
من سمع عبدالرحمن بن ربيعة يحدّث عن عبدالرحمن بن أيوب بن نافع بن كيسان عن أبيه
عن جده نافع بن كيسان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ((ينـزل عيسى بن مريم عند باب دمشق)). قال نافع: "ولا أدري
أي بابها يومئذ". قال: ((عند المنارة البيضاء لست ساعات من النهار في ثوبين
ممشقين كأنما يتحدر من رأسه اللؤلؤ)).
وهذه الرواية التي عوّل عليها أبن
أبي حاتم في أن الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم هو نافع بن كيسان.
وكأن الوليد كان يضطرب فيه،
والصواب ما عوّل عليه البخاري.
والحديث الآخر رواه نصر بن مرزوق
عن عمرو بن أبي سلمة عن صدقة بن عبدالله عن سليمان بن داود الخولاني عن أيوب بن
نافع بن كيسان عن أبيه نافع بن كيسان: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ستشرب أمتي من بعدي الخمر يسمونها بغير اسمها، يكون عونهم على شرابها أمراؤهم)).
ورواه أحمد بن عبدالله بن
عبدالرحيم البرقي عن عمرو عن صدقة بن عبدالله عن سليمان بن داود الخولاني عن أيوب
عن نافع بن كيسان عن أبيه نحوه.
فرجع الحديث إلى رواية نافع بن
كيسان عن أبيه، وهو الصواب. وما جاء في هذه الروايات: عن أيوب بن نافع بن كيسان عن
أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم خطأ! لم يذكر بعض الرواة فيها: ((كيسان))، فلا
صحبة لنافع بن كيسان، والله أعلم.
والخلاصة أنهما اثنان: كيسان أبو
عبدالرحمن راوي حديث الصلاة في الثوب، وكيسان أبو نافع وهو ابن عبدالله بن طارق
الشامي.
·
قول لا يصح لابن الأثير:
ولا يصح قول ابن الأثير في ((أسد
الغابة)) (3/ 59): "نافع بن كيسان، والد أيوب ابن نافع. يعد في الشاميين، سكن
دمشق. روى عنه ابنه أيوب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ستشرب الخمر
أمتي، يسمونها بغير اسمها، يكون عونهم على شربها أمراؤهم. وروى عنه ابنه
حديثاً آخر في نزول عيسى. أخرجه أبو نعيم وأبو عمر، وأبو موسى".
قلت: الحديثان لكيسان لا لنافع بن
كيسان، والله أعلم.
·
هل وهم ابن عساكر؟ أم ابن حجر؟!
ذكر ابن عساكر في ((تاريخ دمشق))
(50/278-279) في ترجمة ((كيسان بن عبدالله ابن طارق اليماني الشامي أبي نافع
الدمشقي)) قول أبي زرعة: "وكيسان من قريش له بالشام حديث"، وقول ابن سُميع:
"وكيسان من قريش، ولده بدمشق"، وقول أبي القاسم عبدالصمد بن سعيد القاضي
قال في: ((تسمية من نزل حمص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم)): كيسان من قريش،
ولده بدمشق من مهاجرة اليمن. قال أبو سعيد: توفي بحمص".
وترجم ابن حجر في ((الإصابة)) (5/630):
"كيسان رجلٌ من قريش. ولده بدمشق من مهاجرة اليمن. ذكره أبو الحسن ابن سميع
وعبد الصمد بن سعيد فيمن نزل حمص من الصحابة. وقال أبو زرعة الدمشقي في طبقة
الصحابة: كيسان من قريش له بالشام حديث. وقد أورد ابن عساكر هذا الكلام في ترجمة
كيسان والد نافع، والذي يظهر أنه غيره ويؤيد ذلك قول ابن السكن الذي مضى أن والد
نافع سكن الطائف".
قلت: الذي يظهر لي أنه هو، وتقوية
ابن حجر لكلامه بقول ابن السكن أن كيسان ابن عبدالله بن طارق سكن الطائف، ليس
بالقوي! لأنه قد يكون سكن الطائف ثُم نزل الشام، فكم من صحابي اختلف أصحاب الطبقات
فيه؛ لأنه نزل في أكثر من موضع، والله أعلم وأحكم.
قال ابن حبان في ((الثقات))
(3/356): "كيسان والد نافع: سمع النبي صلى الله عليه وسلم: ينـزل عيسى بن
مريم بشرقي دمشق. سكن الشام".
·
وهم للحسيني! وآخر لابن حجر!
قال الحسيني في ((الإكمال لرجال أحمد))
(ص364): "كيسان الدمشقي أبو نافع، وهو كيسان بن عبدالله بن طارق اليماني. له
صحبة ورواية. وعنه ابناه نافع وعبدالرحمن حديثه التجارة في الخمر. وقال ابن أبي
حاتم: كيسان قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ينـزل عيسى بن مريم عند باب
دمشق الشرقي. روى عنه ابنه نافع بن كيسان في رواية من أخطأ! والصحيح: نافع بن
كيسان عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه ذكر كيسان. سمعت أبي يقول ذلك".
قلت: عبدالرحمن هذا أبوه كيسان
آخر، وتقدم حديث في الصلاة متلبباً بالثوب. وكيسان هذا تفرد بالرواية عنه ابنه
نافع، وليس له ابن يدعى عبدالرحمن، فوهم الحسيني في هذا.
وكذلك حديث نزول عيسى ليس لكيسان
هذا، وإنما لكيسان آخر، والله أعلم.
وقد تعقّب ابن حجر الحسيني في ((تعجيل
المنفعة)) (ص354) فقال: "قلت: كيسان والد نافع غير كيسان والد عبدالرحمن، وقد
فرقهما في المسند. فوالد نافع حديثه عند ابن لهيعة عن سليمان بن عبدالرحمن عن نافع
بن كيسان أن أباه أخبره أنه كان يتجر في الخمر الحديث. وكذا ذكره أبو حاتم من حديث
ابن لهيعة إلا أن بين سليمان ونافع عيسى الخراساني ثم الدمشقي، له حديث آخر. ذكر
أبو حاتم أن بعضهم روى من طريق نافع بن كيسان عن أبيه رفعه في نزول عيسى بن مريم
عند باب دمشق قال: وهو خطأ. قال: والصحيح أنه عن نافع بن كيسان عن النبي صلى الله
عليه وسلم ليس فيه لكيسان رواية. وأما والد عبدالرحمن فأخرج له أحمد من طريق عمرو
بن كثير بن أفلح قال: قلت لعبدالرحمن بن كيسان ألا تحدثني عن أبيك؟ فقال: حدثني
أبي، فذكر حديث صلاة من توشح بإزاره".
قلت: وهم ابن حجر في قوله: "وكذا
ذكره أبو حاتم من حديث ابن لهيعة إلا أن بين سليمان ونافع عيسى الخراساني ثم
الدمشقي"! والصواب ما عند ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (7/165) وعنه
ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (50/278): "روى ابن لهيعة عن سليمان بن
عبدالرحمن بن عيسى الخراساني الدمشقي أن نافع بن كيسان".
فكأنه تصحف في نسخة ابن حجر إلى:
"سليمان بن عبدالرحمن عن عيسى الخراساني"، وهو خطأ.
وسليمان بن عبدالرحمن بن عيسى،
خراساني الأصل (تهذيب الكمال: 12/32-33).
·
الحكم على هذه الأحاديث:
أما حديث كيسان أبي عبدالرحمن في
الصلاة في الثوب فحسنٌ.
وأما حديث كيسان أبي نافع في
تحريم الخمر، فقال الطبراني في ((المعجم الأوسط)): "لا يُروى هذا الحديث عن
كيسان إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن لهيعة".
قلت: حديثه هذا حسنٌ؛ وقد رواه
عنه جماعة.
وأما حديث نزول عيسى وتسمية الخمر
بغير اسمها، فحسنة أيضاً، ولها شواهد، والله تعالى أعلم.
قال ابن عبدالبر عن حديث نزول
عيسى: "إسناد صالح من حديث أهل الشام".
·
ترجمة نافع بن كيسان:
قال البخاري في ((التاريخ الكبير))
(8/84): "نافع بن كيسان عن أبيه: سمع النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح
والتعديل)) (8/457): "نافع بن كيسان. شامي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: ((ينـزل عيسى بن مريم عند باب دمشق الشرقي)) فيما روى عنه ابنه أيوب بن نافع
بن كيسان. وهو حديث رواه الوليد بن مسلم، ويختلف عن الوليد على وجهين: فأما محمد
بن عائذ فروى عن الوليد قال: حدثنا من سمع عبدالرحيم بن ربيعة يحدِّث عن عبدالرحمن
بن أيوب بن نافع بن كيسان عن أبيه أيوب عن جدّه نافع بن كيسان صاحب رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذا رواه صفوان بن صالح.
ورواه هشام بن خالد عن الوليد قال: حدثني ربيعة بن ربيعة عن نافع بن كيسان عن أبيه
كيسان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. وأخرجه أبو زرعة في مسند
الشاميين".
وقال الأزدي في ((المخزون)) (ص186):
"نافع بن كيسان. انفرد عنه ابنه أيوب بن نافع".
وذكره ابن عبدالبر في ((الاستيعاب))
(4/1491) فقال: "نافع بن كيسان، والد أيوب بن نافع. يعد في الشاميين. لم يرو
عنه غير ابنه أيوب بن نافع. حديثه في الخمر يشربها أمتي يسمونها بغير اسمها الحديث.
روي عنه حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينـزل عيسى ابن مريم عند
باب دمشق الشرقي. يختلف في هذا الحديث ويضطرب في إسناده".
وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد))
(4/88): "نافع بن كيسان: وهو مستور".
قلت: هو تابعي على رأي البخاري،
وصحابي على رأي أبي حاتم الرازي. وقد ذكره ابن شاهين وطائفة في الصحابة. وقال ابن
سعد: "روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسكن دمشق".
وحديثه الذي اعتمده من ذكره في
الصحابة مختلف فيه، والصواب أنه يرويه عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأبوه
هو الصحابي لا هو، وعلى هذا عوّل البخاري. وحديثه حسن، وهو صدوقٌ إن شاء الله.
وقول من قال بأنه لم يرو عنه إلا
ابنه أيوب بناءً على أنه صحابي، وليس كذلك! وقد روى عنه أكثر من واحد كما سبق
بيانه في الأسانيد السابقة.
·
ترجمة أيوب بن نافع بن كيسان:
قال ابن عساكر في ((تاريخ دمشق))
(10/136): "أيوب بن نافع بن كيسان. ولكيسان صحبة. ويقال: لنافع أيضاً صحبة.
روى عن أبيه نافع، وقيل: كيسان. روى عنه: سليمان بن داود الجولاني وابنه عبدالرحمن
بن أيوب".
قلت: الظاهر أنه مستور الحال،
ومثله يُحسّن حديثه إن شاء الله تعالى.
·
ترجمة عبدالرحمن بن أيوب بن نافع بن كيسان:
قال ابن عساكر في ((تاريخ دمشق))
(34/236): "عبدالرحمن بن أيوب بن نافع بن كيسان. حدّث عن أبيه. روى عنه
عبدالرحيم بن ربيعة، ويقال: عبدالرحمن بن ربيعة". وساق له من طريق ابن عائذ قال:
حدثنا الوليد قال: أخبرنا من سمع عبدالرحمن بن ربيعة يحدِّث عن عبدالرحمن بن أيوب
بن نافع بن كيسان، عن أبيه، عن جده نافع بن كيسان صاحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ينـزل عيسى بن مريم عند باب دمشق)).
قال نافع: "ولا أدري أي بابها يومئذ". قال: ((عند المنارة البيضاء لست
ساعات من النهار في ثوبين ممشقين كأنما يتحدر من رأسه اللؤلؤ)).
قلت: اختلف على الوليد في هذا
الحديث، فروي عنه عن ربيعة بن ربيعة عن نافع بن كيسان عن أبيه، وهذا الذي صوّبه
البخاري. وكأن الوليد كان يضطرب فيه.
وقد ذكر ابن عساكر في ((تاريخ
دمشق)) (34/341): "عبدالرحمن بن ربيعة، ويُقال: عبدالرحيم، ويقال: ربيعة بن
زمعة [هكذا في المطبوع، وكأنه تصحف، والصواب: ربيعة بن ربيعة]، وهو أصح. حدّث
عن عبدالرحمن بن أيوب ابن نافع بن كيسان. روى الوليد بن مسلم عن من سمعه عنه".
وقال في (36/129): "عبدالرحيم
بن ربيعة. حدّث عن عبدالرحمن بن أيوب بن نافع بن كيسان. روى عنه شيخ من شيوخ أهل
دمشق".
قلت: القلب أميل إلى أنه ربيعة بن
ربيعة الآتي. وأما حال عبدالرحمن بن أيوب بن نافع فمستور، والله أعلم.
وجاء في مطبوع ((المعجم الكبير))
(19/196) للطبراني: "ربيعة بن يزيد" وهو خطأ، والصواب: "ربيعة بن
ربيعة".
·
ترجمة ربيعة بن ربيعة:
قال البخاري في ((التاريخ الكبير))
(3/289): "ربيعة بن ربيعة مولى قريش الدمشقي: سمع نافع بن كيسان. روى عنه
الوليد".
وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح
والتعديل)) (3/478): "ربيعة بن ربيعة الدمشقي مولى قريش. روى عن نافع بن
كيسان. روى عنه الوليد بن مسلم. سمعت أبي يقول ذلك".
وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (8/240)
فقال: "ربيعة بن ربيعة مولى قريش، من أهل دمشق. يروي عن نافع بن كيسان. روى
عنه الوليد بن مسلم".
وذكره ابن عساكر في ((تاريخ دمشق))
(18/65).
وقال الذهبي في ((الميزان))
(3/67): "ربيعة بن ربيعة. شيخٌ حدّث عنه الوليد بن مسلم: لا يُعرف".
قلت: اعتمده البخاري وأثبت له
السماع من نافع، وحاله الصدق إن شاء الله تعالى.
·
وهم لابن عساكر!
ذكر ابن عساكر - رحمه الله - في
((تاريخه)) (1/227) حديث نزول عيسى عند المنارة البيضاء شرقي دمشق من طريق النواس
بن سمعان وأوس بن أوس، ثًُم قال: "ورواه كيسان مولى رسول الله صلى الله عليه
وسلم". ثُم ساق حديث ربيعة بن ربيعة السابق عن نافع عن كيسان.
قلت: لم يأت في أي طريق من طرق
الحديث أن كيسان هذا هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو وهم من ابن عساكر
فإن كيسان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر غير هذا.
·
ترجمة كيسان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال الإمام البخاري في ((التاريخ
الكبير)) (7/234): "كيسان أو مهران مولى النبيّ صلى الله عليه وسلم. روى عطاء
بن السائب عن أم كلثوم فقالت: إنّ مهران أو كيسان مولى النبيّ صلى الله عليه
وسلم".
وتبعه على ذلك أبو حاتم وابنه.
قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (7/165): "كيسان أو مهران مولى النبي
صلى الله عليه وسلم. روت عنه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب. سمعت أبي يقول
ذلك".
وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (3/356)
فقال: "كيسان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وأخرج حديثه الروياني في
((مسنده)) (1/449) قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا ابن فضيل، عن عطاء بن
السائب، قال: أتيت أم كلثوم بنت عليّ، فدخلت عليها، وفي البيت سرير محبوك بليف
ووسادة وقربة معلقة، فجعلت انظر. فقالت: ما تنظر، أنا من الله بخير. لو لم يكن لنا
إلا صدقة النبي صلى الله عليه وسلم أو عليّ لكان في ذلك غنىً. قال: قلت: لا أعرفها.
قلت: خذيها. فقالت: أخشى أن تكون صدقة، ولا تحل لنا صدقة، ولكن انطلق فتصدق بها أنت.
فقلت: لا، بل تصدقي بها أنت، فأبت، ثُم قالت: ((إن مولى للنبي صلى الله عليه وسلم
يُقال له: كيسان، قال له النبي صلى الله عليه وسلم في شيء ذكره من أمر الصدقة: إنا
أهل البيت نُهينا أن نأكل الصدقة، وإن موالينا من أنفسنا فلا تأكل الصدقة. ثُم
قالت: لقد جاءني البارحة صرة من قبل العراق فرددتها، ولم أقبلها)).
قال الروياني: حدثنا أحمد بن
عبدالرحمن، قال: حدثنا عمّي، قال: حدثنا علي بن عابس، عن عطاء بن السائب، عن فاطمة
بنت عليّ أو أم كلثوم بنت علي، قالت: سمعت مولى لنا يُقال له: هرمز، يكنى أبا
كيسان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنا أهل بيت لا تحل لنا
الصدقة، وإن موالينا من أنفسنا فلا تأكلوا الصدقة)).
قلت: أعاده البخاري في من اسمه
((مهران)) للاختلاف في اسمه في هذا الحديث. وهذا ليس تناقضاً منه، بل هو متنبه
لذلك، ولهذا ذكره فيما مضى ((كيسان أو مهران)). ولهذا قال في (7/427): "مهران
أو ميمون، مولى النبي صلى الله عليه وسلم. له صحبة. قال أبو نعيم: أخبرنا سفيان،
عن عطاء بن السائب، قال: أتيت أم كلثوم بشيء، فقالت: إن مهران أو ميمون مولى النبي
صلى الله عليه وسلم أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنا أهل بيت نهينا
عن الصدقة، وإنا لا نأكل الصدقة، وإن موالينا من أنفسنا)). وقال لنا مسدد: حدثنا
حماد بن زيد، عن عطاء، قال: سمعت أم كلثوم بنت علي: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم
قال لمولى لنا يقال له: كيسان -أو قالت: هرمز أبا كيسان، مثله".
وتبعه على ذلك أبو حاتم وابنه.
قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (8/300): "مهران أو ميمون مولى النبي
صلى الله عليه وسلم، ويقال: اسمه كيسان مولى النبي صلى الله عليه وسلم، له صحبة.
روت عنه أم كلثوم بنت علي. سمعت أبى يقول ذلك". قال عبدالرحمن: حدثنا أبي، قال:
حدثنا أبو معين، عن سفيان، عن عطاء بن السائب قال: أتيت أم كلثوم بنت علي بشيء،
فقالت: إن مهران أو ميمون أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنا أهل
بيت نهينا عن الصدقة)). وروى حماد بن سلمة عن عطاء ابن السائب عن أم كلثوم بنت علي:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمولى لنا يقال له: كيسان".
وذكره ابن عساكر في ((تاريخ دمشق))
(4/286)، فقال: "هرمز أبو كيسان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال:
كيسان. ثُم ساق الحديث من طريق ورقاء عن عطاء بن السائب قال: دخلت على أم كلثوم،
فقالت: إن هرمز أو كيسان حدثنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنا لا نأكل
الصدقة)).
قال ابن عساكر: "رواه علي بن
عابس عن عطاء فقال: عن فاطمة بنت علي أو أم كلثوم بالشك، وكنى هرمز أبا كيسان".
ثُم ساق من طريق عبدالله بن محمد
البغوي قال: حدثنا منصور بن أبي مزاحم، قال: حدثنا أبو حفص الأبار، عن ابن أبي
زياد، عن معاوية بن قرة، قال: شهد بدراً عشرون مملوكاً، منهم مملوك للنبي صلى الله
عليه وسلم يقال له: هرمز، فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ((إن الله تبارك
وتعالى قد أعتقك، وإن مولى القوم منهم، وإنا أهل بيت نبتلى بأكل الصدقة فلا تأكلها".
قال البغوي: أخبرنا منصور بهذا
الحديث عن الأبار، عن يزيد بن أبي زياد، وترك يزيد، وقال: "عن ابن أبي زياد".
·
عملُ أبي بكر الروياني في ((مسنده)):
قد تبيّن فيما سبق التفرقة بين
كيسان أبي عبدالرحمن وبين كيسان أبي نافع وبين كيسان مولى رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فكل منهم صاحب حديث. ولكن الروياني أخرج في ((مسنده)) (1/449) أحاديثهم تحت
ترجمة: ((حديث كيسان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم))!! وهذا خطأ! فكل واحد من
هؤلاء له حديث، وجمع بينهم الروياني، ولا يصح.
والحمد لله أولاً وآخراً.
شاركنا تعليقك