دعوى ابن القطّان بأن البخاريّ وابن أبي حاتم يتفقان في الأوهام
كثيراً! وردّها.
بقلم: خالد الحايك.
ذكر أبو محمّد عبدالحقّ الإشبيليّ
في كتابه ((الأحكام الوسطى)) من طريق الدارقطني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم في امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها زوجها في الحج: ((ليس لها
أن تنطلق إلا بإذن زوجها)).
قال أبو محمّد: "في إسناده
رجلٌ مجهول يُقال له محمد بن أبي يعقوب الكرماني. رواه عن حسّان بن إبراهيم
الكرماني".
وتعقّبه ابن القطان في ((بيان
الوهم والإيهام)) (3/288) فقال: "هذا ما ذكر من غير مزيد، وهذا الحديث ذكره
الدارقطني هكذا: حدثنا إبراهيم بن أحمد القرميسيني، قال: حدثنا العباس بن محمد بن
مجاشع، قال: حدثنا محمد بن أبي يعقوب، قال: حدثنا حسان ابن إبراهيم، قال: حدثنا
إبراهيم بن الصائغ، قال: قال نافع، عن ابن عمر، فذكره.
فأبو محمّد - رحمه الله - قال في
محمد بن أبي يعقوب هذا الذي يروي عن حسان بن إبراهيم: إنه مجهول كما قال غيره، وهو
أبو حاتم الرازي، وكذلك ذكره البخاري ذكراً يقضي بأنه مجهول. ورد ذلك الخطيب بن
ثابت على البخاري، وبيّن أنه محمد بن إسحاق بن أبي يعقوب الكرماني المتقدم ذكره
عنده في باب الألف من أسماء الآباء. قال: وقد وهم البخاري في التفرقة بينهما
بترجمتين، وهما واحد، وكذلك قال أبو نصر الكلاباذي كما قال الخطيب. فأما متابعة
ابن أبي حاتم للبخاري على التفرقة فغير معتبرة؛ فإنه إنما ينقل رسوم البخاري في
الأكثر، ويزيد الجرح والتعديل، فلذلك يتفقان في الأوهام كثيراً، وكذا ذكره
ابن الجارود في كتابه الكنى منسوباً إلى جده فقال: أبو عبدالله محمد بن أبي يعقوب
كما في الإسناد.
وإذا كان محمد بن إسحاق بن أبي
يعقوب فهو ثقة، وثقه ابن معين، وأخرج له البخاري في جامعه، روى عنه البخاري
بالبصرة، وإذا ثبت هذا، فليس ما أعلّ به الخبر به علة، وعلته إنما هي العباس بن
محمد بن مجاشع، فإنه لا تُعرف حاله، فاعلم ذلك". انتهى كلام ابن القطان.
قلت: بل إن الوهم يقع بكثرة لابن
القطان. نعم البخاري يخطئ، ولكن ليس بكثرة كما صرّح به ابن القطان، بل إن هذا
الموضع الذي ذكر بأن البخاري وهم فيه، فإن الواهم فيه هو والخطيب، وترجمة ابن أبي
حاتم محتملة!! والبخاري لم يفرّق بينهما بل هما عنده واحد لمن فقه تراجمه كما
بينته في مكان آخر. وهو من شيوخ البخاري، روى له في الصحيح.
وأما قوله بمتابعة ابن أبي حاتم
للبخاري فصحيح، بل إن الذي يتابعه هو أبوه أبو حاتم. والوهم يقع لابن أبي حاتم
أكثر مما يقع للبخاري. وكلام ابن القطان في تهويله مردود!
وكذلك تجهيل ابن القطان للعباس لا
يصح! بل هو ثقة من شيوخ الطبراني.
قال أبو الشيخ في ((طبقات
المحدثين بأصبهان)) (3/562): "عباس بن محمد بن مجاشع، يكنى أبا الفضل. يروي
عن محمد بن أبي يعقوب الكرماني عامة المسند من أصل كتابه. شيخ ثقة".
وكذلك قال أبو نُعيم في ((تاريخ
أصبهان)) (2/107).
وقال ابن حجر في ((لسان الميزان))
(3/245): "العباس بن محمد بن مجاشع عن محمد بن أبي يعقوب الكرماني. وعنه
إبراهيم بن محمد القومسي. قال ابن القطان: لا يعرف. وحديثه في الحج من سنن
الدارقطني. قلت: قد تابعه أحمد بن محمد الأزرق كما رواه البيهقي من طريقه".
وكتب: خالد الحايك.
30/4/2008م.
شاركنا تعليقك