وهم عجيب للطبراني ومن قبله ابن حبان، وتنبيه على خطأ في مطبوع
التاريخ الكبير للإمام البخاري.
بقلم: خالد الحايك.
قال الطبراني في ((المعجم الأوسط))
(نسخة طارق عوض الله) (1/176)، (نسخة د. محمود الطحان) (1/334): حدثنا أحمد بن
القاسم، قال: حدثنا أحمد بن جميل المروزي، قال: حدثنا عبدالله بن المبارك، قال:
حدثنا روح بن القاسم، قال: حدثنا عبيدالله بن أبي بكر، عن جدّه أنس بن مالك، عن
النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((من عال جاريتين حتى تبلغا دخلت أنا وهو الجنة.
وأشار بأصبعيه الإبهام والتي تليها)).
قال الطبراني: "لم يرو هذا
الحديث عن روح إلا ابن المبارك".
قلت: وهم الطبراني –رحمه الله-
فإن روحاً الذي روى عنه ابن المبارك هذا الحديث ليس بابن القاسم، وكأنه جاء غير
منسوب في الإسناد، فنسبه الطبراني، فوهم. والصواب أنه شيخ آخر بصري اسمه: روح.
قال الإمام البخاري في ((التاريخ
الكبير)) (3/310): "روح. قال بشر: أخبرنا عبدالله قال: أخبرنا روح -شيخٌ من
أهل البصرة- قال: أخبرني عبيدالله بن أبي بكر، عن جده أنس، عن النبي صلى الله عليه
وسلم: من عال جاريتين دخلت أنا وهو الجنة. وقال محمد ابن عبدالرحيم: أخبرنا أحمد
بن جميل، قال: أخبرنا عبدالله، قال: أخبرنا روح -أراه بصرياً لقيته بالكوفة-، مثله".
قلت: هكذا جاء غير منسوب، فنسبه
الطبراني عندما رواه، فوهم.
·
وهم لابن حبّان:
وما حدث للطبراني وقع فيه ابن
حبان من قبله. قال في ((الثقات)) (6/305): "روح ابن القاسم العنبري التميمي،
من أهل البصرة، يروي عن عطاء وابن المنكدر. روى عنه ابن المبارك، ويزيد بن
زريع...".
قلت: هذا وهم منه –رحمه الله- فإن
الذي روى عنه ابن المبارك هو الشيخ البصري الذي أشار إليه البخاري وليس بابن
القاسم.
·
تنبيه على خطأ في مطبوع التاريخ الكبير:
جاء في الترجمة السابقة للبخاري
في المطبوع هكذا: "روح بن بشر. قال أخبرنا عبدالله قال: أخبرنا روح شيخ من
أهل البصرة...".
قلت: نبّه الإمام المعلمي اليماني
إلى هذا الخطأ، فقال: "كذا وقع في الأصل ((روح بن بشر)) زسيأتي في السند
((روح شيخ)) وفي الآخر ((روح أراه بصرياً)) وقال ابن أبي حاتم: ((روح البصري))،
ولم يذكره ابن حبان، ولكن ذكر في ترجمة روح بن القاسم أنه روى عنه ابن المبارك،
ولم يذكر ذلك غيره حتى المزي مع محاولته الاستيعاب، فكأن ابن حبان يزعم أن روحاً
هذا هو ابن القاسم، وقد دلّ صنيع ابن أبي حاتم وابن حبان أنه لم يكن في نسختيهما
من هذا الكتاب ((روح بن بشر))، ويؤيده أنه لو كان كذلك لكان ظاهر السياق، إما أن
روحاً روى عن عبدالله وهو ابن المبارك كما نبّه عليه بهامش الأصل وصرّح به ابن أبي
حاتم، وإما أن يكون المؤلف حذف فاعل ((قال)) وكلاهما كما ترى، فالصواب ((روح، ثنا
بشر)) أو ((روح. بشر)) أي قال بشر، وكأنه بشر بن محمد السختياني، فإنه يروي عن ابن
المبارك وعنه المؤلف". انتهى كلامه.
قلت: وهذا الأخير هو الصواب، أعني
أن بشراً يروي عن ابن المبارك، لا أنه والد روح. فتكون الترجمة: "روح. قال
بشر أخبرنا عبدالله..."؛ ومن عادة الإمام البخاري أنه يتبع هذا الأسلوب في
كتابه. انظر: (التاريخ الكبير: 3/302).
وقد وقع سبق قلم للمعلمي –رحمه
الله- فإن الذي صرح بأن روحاً روى عن ابن المبارك هو ابن حبان، لا ابن أبي حاتم.
قال ابن أبي حاتم في ((الجرح
والتعديل)) (3/496): "روح البصري: روى عن عبيدالله بن أبي بكر. روى عنه ابن
المبارك، لقيه بالكوفة. سمعت أبي يقول ذلك".
14
محرّم 1429هـ.
شاركنا تعليقك