الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

علة حديث: «مَوْقِفُ سَاعَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ»!

علة حديث: «مَوْقِفُ سَاعَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ»!

كما وعدتكم أيها الإخوة، فهذا بيان لعلة هذا الحديث الذي نبّه (أحدهم!!!) أهل مكة بأن لا يفرطوا فيه...!!!

روى عَبَّاسُ بنُ عَبْدِاللَّهِ التَّرْقُفِيُّ في ((جُزئه)) المعروف، قال: حدثنا أبو عبدالرّحمن عبدالله بن يزيد الْمَقْرِئُ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بنُ أَبِي أَيُّوبَ، قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي الرِّبَاطِ، فَفَزِعُوا إِلَى السَّاحِلِ، ثُمَّ قِيلَ: لَا بَأْسَ، فَانْصَرَفَ النَّاسُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَاقِفٌ، فَمَرَّ بِهِ إِنْسَانٌ فَقَالَ: مَا يُوقِفُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَوْقِفُ سَاعَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ)).

ورواه ابن حبان في ((صحيحه)) (10/462) برقم (4603) عن خلاد بن محمد المقرئ بن خالد الواسطي، عن عباس الترقفي، به.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ ابن حبّان: "سَمِعَ مُجَاهِدٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَادِيثَ مَعْلُومَةً بَيْنَ سَمَاعِهِ فِيهَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، وَقَدْ وَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شَيْئًا، لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ فِي إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مَوْلِدُ مُجَاهِدٌ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمَاتَ مُجَاهِدٌ سَنَةَ ثَلَاثَ وَمِئَةٍ، فَدُلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ مُجَاهِدًا سمع أبا هريرة".

وقال الشيخ شعيب: "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عباس بن عبدالله الترقفي، فقد روى له ابن ماجة، وهو ثقة عابد وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" 2/849، وزاد نسبته لأبي نعيم".

ورواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/140) وابن عساكر في ((الأربعون في الحث على الجهاد)) (ص81) من طريق إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّدٍ الصَّفَّار، عن عَبَّاس التَّرْقُفِيّ، به.

وذكره الشيخ الألباني في ((سلسلته الصحيحة)) برقم (1068) وقال بعد أن خرّجه: "قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات معروفون، نعم قد قيل: إن مجاهد لم يسمع من أبي هريرة، هكذا حكاه في "التهذيب" بصيغة التمريض: "قيل" وهذا هو الصواب، فقد وجدت تصريح مجاهد بسماعه من أبي هريرة في "سنن البيهقي" (7/270) بسند صحيح عنه. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/2/408/3507) في ترجمة يونس بن غياث عن أبي هريرة هكذا ذكره بدون إسناد، ثم قال: ورواه أصبغ عن ابن وهب قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عبدالرحمن عن يونس بن يحيى" انتهى.

قلت:

اغتر ابن حبان وغيره ممن صححه بأن هذا الحديث من رواية "مجاهد عن أبي هريرة"! ونافح ابن حبان في إثبات سماع مجاهد من أبي هريرة.

وسماع مجاهد من أبي هريرة ثابت ولا شك فيه، ولكن العلة الحقيقية للحديث أن وجود "مجاهد" في إسناده خطأ!!!

فقد ذكر ابن حجر في ((المطالب العالية)) أن ابن أبي عمر العدني رواه عن المقرئ، قال: حدثنا سعيد - هو ابن أبي أيوب - قال: محمد بن عبدالرحمن - هو أبو الأسود - عن يونس بن خباب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((موقف ساعة في سبيل الله تعالى أفضل من شهود ليلة القدر عند الحجر الأسود)).

قال ابن حجر: "خالفه عباس الترقفي عن المقرىء فقال: عن مجاهد بدل يونس، أخرجه ابن حبان في صحيحه".

قلت: ما جاء في المطبوع "يونس بن خباب" تحريف، والصواب: "يونس بن غياث"، ولم يتنبه لهذا بعض المعاصرين ممن جعل هذا الحديث من رواية: "يونس بن خباب" و"يونس بن غياث"!! وهما واحد.

وقد رُوي هذا الحديث من طريق آخر غير طريق المقرئ لم يذكر فيه مجاهداً. وقد نبه عليه الإمام البخاري في ((التاريخ الكبير)) (8/408) حيث قال: "يونس بن غياث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: موقف ساعة في سبيل الله. ورواه أصبغ عن ابن وهب قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن محمد بن عبدالرحمن، عن يونس بن يحيى".

قلت: البخاري – رحمه الله- أراد بيان أن هذا الحديث تفرد به: "يونس بن غياث" وسماه ابن وهب: "يونس بن يحيى"، وهذا الاختلاف في اسم أبيه لا يضر؛ لأنه قد يكون بعضهم نسبه إلى جدّه، ويحتمل أن بعضهم وهم فيه.

ولكن الثابت أن راويه عن أبي هريرة هو يونس هذا، وهو رجل مجهول، لا يُعرف إلا في هذا الحديث.

فأراد البخاري أن ينبه على تفرد يونس بهذا الحديث عن أبي هريرة!!

والعجب من الألباني ذكر ما قاله البخاري في ترجمة يونس ولم يرفع به رأساً!!!! وهذا يرجع إلى عدم فهم تراجم الإمام البخاري - رحمه الله -.

فالحديث حديث "يونس بن غياث" أو "يونس بن يحيى" وهو مجهول، وحديثه منكر مردود!!

وكتب:

أبو صهيب الحايك

27 رمضان 1433هـ.

 

شاركنا تعليقك