الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

إتحاف النبلاء! بين سرقة العلم والقول الغُثاء!

إتحاف النبلاء! بين سرقة العلم والقول الغُثاء!

 

وصلتني نسخة مصورة لكتاب جديد بعنوان "إتحاف النبلاء بتحقيق أحاديث الولاة والأمراء" للمدعو د. علي جاد الله المصري، نشر: دار اللؤلؤة/مصر، الطبعة الأولى: 1441هـ / 2020م.

وتصفحته سريعاً، فألفيته كتاباً مزعجاً من ناحية العرض وتخريج الأحاديث! فقد خلط الصحيح بالضعيف بل وبالمنكر!

فما الفائدة من ذكر المنكرات والواهيات التي في كتب الضعفاء في الباب! فطالما أنها منكرة وواهية فلا داعي لذكرها.

ثم إن الأصل في الكتاب أن يؤتى بمتن الحديث ثم يُخرج من كل طرقه ومخرجيه، أو الإشارة لإمام خرجه كالإمام أحمد، ثم من خرجه مع بيان مدار الحديث، ومن خالف وهكذا.

وأما أن نأتي بالحديث، ثم نأتي برواياته من كتب أخرى، حتى نأتي بالأسانيد المنكرة، فهذه طريقة ليست سوية في التخريج.

ثم إن الكتاب الأصل فيه ليس كتاب علل! فلم ذكر الاختلاف الكثير على بعض الرواة مع أن هناك بعض الوجوه الصحيحة فيه.

وكذلك الكلام على الرواة سطحي جداً، فيذكر الراوي وخلاصته من عند ابن حجر في الغالب بين قوسين، مع أن الكلام عليهم لا نحتاج له في الأحاديث الصحيحة.

وقد ذكر بعض الأحاديث وصححها، وهي ضعيفة أصلاً!

فالمؤلف لا يوجد له أسلوب علمي في هذا الكتاب، بل هناك مصائب فيه، كقوله مثلا (ص249): "قال الهيثمي في "بغية الحارث..." حدثنا...."!!

فالهيثمي لا يقول هذا، والأصل أن يقول: قال الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" [كما هو في بغية الحارث للهيثمي...].

ثم إن الدكتور قلب البحث فجأة واحدة من بيان عرض الأحاديث في الأبواب التي ذكرها إلى بيان أبواب في ضعف بعض الأحاديث!

وهذا أصلاً مخالف لمنهجه حيث يذكر علل وضعف الأحاديث في الأبواب السابقة!

والمفاجأة الكبرى هنا أن أربعة من هذه الأبواب في بيان علل هذه الأحاديث "مسروقة" من بحوث خاصة لي منشورة منذ سنوات في موقعي الحديثي.

بحثي:

«التِبيان» في ضعف زيادة «إِلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَان».

بحثه:

باب بيان ضعف لفظة «إِلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَان».

بحثي:

«القطع» بنكارة زيادة «وَإِنْ ضرِبَ ظَهْركَ وَأخذَ مَالكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ».

بحثه:

باب بيان ضعف حديث «فما العِصْمَةُ من ذلك»؟ قال: «السيفُ»، قلتُ: يا رسول الله، ثم ماذا؟ قال: «إن كان لله خليفةٌ في الأرض، فضرَبَ ظهرَك وأخذَ مالك فأطعهُ».

بحثي:

إِرشادُ الحائِر في حديث «أَفْضَل الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِر».

بحثه:

بيان ضعف حديث «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ»، وحديث «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَنَهَاهُ وأمره فَقَتَلَهُ».

بحثي:

«إعلامُ البَرية بضعف حديث النصيحة السّرية».

بحثه:

باب بيان ضعف حديث «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً».

وعلى فرض أن هذه البحوث خاصة به، ألا ينبغي لطالب العلم ذكر من سبقه في ذلك؟

فما الذي فعله هذا الدكتور؟

قدم وأخّر بحسب طريقة عرضه المزعج للكتاب، والمادة هي هي، فكلامي كان بعد تخريج الروايات.

فمثلاً الحديث الأول:

"قلت: هكذا رواه: يحيى بن سعيد الأنصاريّ، وعُبيدالله بن عمر، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن إسحاق، ويزيد بن عبدالله بن الهاد، وسيّار أبو الحكم، والوليد بن كثير، والنعمان بن داود بن محمد، كلّهم عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه عن جدّه عبادة بن الصامت".

وهو بدأ به مع تبديل الأسماء، ثم ساق التخريج بطريقته المزعجة في ذلك!

فحديث مالك مثلاً يقول فيه: "رواه عن مالك جماعة" ويأتيك بكل من روى الموطأ!!

وبحثه هذا أطول البحوث في كتابه حيث بلغ أكثر من (30) صفحة!!

وسأذكر سريعاً بعض التوافقات:

قلت: "ورواه الإمام مسلمٌ في «صحيحه» (3/1470) عن أحمد بن عبدالرحمن بن وهب بن مسلم عن عمّه عبدالله بن وهب، مثله. ولكن هذه اللفظة منفصلة في آخر الحديث: "قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان".

ورواه البيهقي في «السنن الكبرى» (8/145) من طريق نُعيم بن حماد عن ابن وهب، به. وكذلك فصل هذه اللفظة في آخر الحديث: "قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان".

فهل "قال" هذه تابعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم أم هي من قول عبادة أم من قول جنادة؟!" انتهى كلامي.

فقال هو:

"قلت: أما لفظة: "قال" فلا أدري من قول من؟ أمرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أم مدرجة من قول من دون عبادة بن الصامت؟".

وقلت في موضع:

"قَالَ سُفْيَانُ: زَادَ بَعْضُ النَّاسِ: مَا لَمْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا".

قلت: فقول سفيان هذا إشارة إلى تضعيفه لهذه الزيادة، فهو يعرف أن بعض أهل المدينة رووا هذه الزيادة في حديث بكير بن الأشج...".

قال هو:

"فسفيان إنما ذكر ذلك استنكارا والله أعلم".

وهكذا يمضي في بحثه بالترتيب نفسه للروايات عندي.

ومن الغرائب أني بعد أن عرضت للأحاديث وتخريجها والكلام عليها وضعت ملخصاً لكل ذلك.

فقام هو أيضاً بعد الكلام على الأحاديث بوضع ملخص لذلك!! ولم يفعل ذلك في كتابه إلا هنا!

فالله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

وكتب: خالد الحايك

الأول من شهر رمضان المبارك 1441هـ.

شاركنا تعليقك