الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

«القَنَاعة» في حُكمِ حَديث مُسْلِمِ بنِ قَرَظَةَ في «الطّاعة»!

«القَنَاعة» في حُكمِ حَديث مُسْلِمِ بنِ قَرَظَةَ في «الطّاعة»!

 

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، وعلى آله وصحبه الطيبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن حديث مُسلم بن قَرظة عن عوف بن مالك في الطاعة من الأحاديث المشهورة في السمع والطاعة!

وهذا الحديث خرّجه الإمام مسلم في «صحيحه» وغيره من العلماء في كتبهم.

وقال عنه الحافظ ابن عساكر: "هذا الحديث جليل".

وقد تفرد به مُسلم بن قرظة عن عوف بن مالك - رضي الله عنه -، ورواه عن مسلم: رُزَيْقُ بنُ حَيَّانَ، ورَبِيعَةُ بنُ يَزِيدَ كما جاء في الأسانيد!

وسنبدأ بتخريج الحديث ثم الكلام عليه إن شاء الله.

·       تخريج الحديث:

·       حديث رُزَيْقِ بنِ حَيَّانَ عن مُسلم بن قَرَظَة:

رواه رُزَيْقِ بنِ حَيَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ قَرَظَةَ، عَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فقالَ: «لا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ».

·       حديث يَزيد بن يزيد بن جابر الشّاميّ الدمشقي، عن رُزَيق:

جاء الحديث من هذا الطريق فقط في رواية عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن يزيد، به.

أخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (4/128) (1895) عن عِيسَى بن يُونُسَ، عن الْأَوْزَاعِيّ، عَنْ يَزِيدَ بنِ يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ.

وعن ابن راهويه رواه: مسلمٌ في «صحيحه» (3/1481) (1855)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/908) (951).

ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (18/63) (116)، وفي «مسند الشاميين» (1/368) (637)  عن مُوسَى بن هَارُونَ.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/426) (7186) عن أَبي عَبْدِالرَّحْمَنِ السِّجْزِيّ، خَيَّاط السُّنَّةِ.

كلاهما (موسى، والسجزي) عن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيّ ابن راهويه، به.

·       حديث عبدالرحمن بن يزيد بن جابر الشاميّ الدمشقيّ، عن رُزَيق:

رواه عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر ستة، هم: عبدالله بن المبارك، والوليد بن مسلم، والأوزاعي، وصدقة بن خالد، وبشر بن بكر، والوليد بن مزيد البيروتي.

·       رواية عبدالله بن المبارك عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر:

وأخرجه ابن المبارك في «مسنده» (243) عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ.

وأخرجه نُعيم بن حماد في «الفتن» (1/151) (382) عن ابن المُبَارَكِ، به.

وأخرجه أحمد في «مسنده» (39/406) (23981) عن عَلِيّ بن إِسْحَاقَ.

والطبراني في «المعجم الكبير» (18/63) (117) عن مُحَمَّد بن حَاتِمٍ المَرْوَزِيّ، عن حَبَّان بن مُوسَى.

كلاهما (علي بن إسحاق، وحبان بن موسى) عن ابن المبارك، به.

·       رواية الوليد بن مسلم عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر:

وأخرجه مسلم في الموضع السابق عن دَاوُد بن رُشَيْدٍ، وإِسْحَاق بن مُوسَى الْأَنْصَارِيّ.

والدارمي في «مسنده» (3/1843) (2839) عن الحَكَمُ بنِ المُبَارَكِ.

وابن أبي عاصم في «السنة» (2/509) (1072) عن يَعْقُوب بن حُميد بن كاسب.

والبزار في «مسنده» (7/184) (2752) عن مُحَمَّد بن عُمَرَ بنِ خَلَّادٍ.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/424) (7182) عن عَلِيّ بن سَهْلٍ الرَّمْلِيّ.

ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/909) (952) عن مُحَمَّد بن يَحْيَى، عن مُحَمَّد بن المُبَارَكِ الصوري.

كلهم (داود بن رُشيد، وإسحاق بن موسى، والحكم بن المبارك، ويعقوب بن حميد، ومحمد بن عمر، وعلي بن سهل، والصوري) عن الوَلِيد بن مُسْلِمٍ.

·       رواية الأوزاعي عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر:

وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (1/334) (587) عن أَبي عَقِيلٍ أَنَس بن سُلَيْمٍ الخَوْلَانِيّ، عن سَعِيد بن حَفْصٍ النُّفَيْلِيّ.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/425) (7184) عن مُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ كَثِيرٍ الحَرَّانِيّ، عن مُحَمَّد بن مُوسَى بنِ أَعْيَنَ.

وعن أَبي عَبْدِالرَّحْمَنِ السِّجْزِيّ، خَيَّاط السُّنَّةِ، عن سَعِيد بن حَفْصٍ.

وعن عَلِيّ بن عُثْمَانَ بنِ نُفَيْلٍ الحَرَّانِيّ، عن مُحَمَّد بن مُوسَى بنِ أَعْيَنَ.

كلاهما (سعيد بن حفص، ومحمد بن موسى) عن مُوسَى بنُ أَعْيَنَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ.

·       رواية صَدقة بن خالد عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر:

وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (2/509) (1071).

والطبراني في «المعجم الكبير» (18/63) (117)، وفي «مسند الشاميين» (1/333) (586) عن أَحْمَد بن المُعَلَّى الدِّمَشْقِيّ.

كلاهما (ابن أبي عاصم، وأحمد بن المعلّى) عن هِشَام بن عَمَّارٍ، عن صَدَقَة بن خَالِدٍ.

·       رواية بِشر بن بكر عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر:

وأخرجه أبو عوانة في «مستخرجه» (4/424) (7183) عن عِيسَى بن أَحْمَدَ، وسُلَيْمَان بن شُعَيْبٍ.

وابن عساكر في «تاريخه» (18/139) من طريق أبي عثمان سعيد بن عثمان بن حبيب التنوخي.

ثلاثتهم عن بِشْر بنِ بَكْرٍ التنيسيّ.

·       رواية الوليد بن مَزْيد البيروتي عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر:

وأخرجه أبو عوانة في «مستخرجه» [طبعة الجامعة الإسلامية] (15/236) (7626) عن العباس بن الوليد بن مَزْيد، عن أبيه.

ستتهم (عبدالله بن المبارك، والوليد بن مسلم، والأوزاعيّ، وصدقة بن خالد، وبشر بن بكر، والوليد بن مَزيد) عن عَبْدالرَّحْمَنِ بن يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ.

كلاهما (يَزيد بن يزيد بن جابر، وأخوه عبدالرحمن بن يزيد بن جابر) عن رُزيق بن حيّان، عن مسلم بن قَرَظَة، عن عوف بن مالك، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، به، بنحوه.

وفي رواية الوليد بن مسلم عن عبدالرحمن بن جابر: "عن رُزَيْق بن حَيَّانَ مَوْلَى بَنِي فَزَارَةَ، عن مُسْلِم بن قَرَظَةَ - ابْنَ عَمِّ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ - يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.. «لَا، مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ، أَلَا وَمَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، ولَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ»".

وزاد: "قالَ ابنُ جَابِرٍ: فَقُلْتُ: - يَعْنِي لِرُزَيْقٍ - حِينَ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ: آللَّهِ، يَا أَبَا الْمِقْدَامِ، لَحَدَّثَكَ بِهَذَا، أَوْ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: "إِي وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَسَمِعْتُهُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

وفي رواية ابن المبارك، عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر: "عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، وَكَانَ ابْنَ عَمِّ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ..".

وفي رواية صدقة، عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر: "عَنْ مُسْلِمِ بنِ قَرَظَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّيَ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ يَقُولُ..".

فتحصّل من هذا أن الحديث رواه عن رُزيق بن حيّان: يزيد وعبدالرحمن ابنا يزيد بن جابر – وسيأتي الكلام على رواية يزيد إن شاء الله.

وجاء في بعض الروايات أن مسلم بن قرظة هو ابن عم عوف بن مالك، وفي بعضها أن عوف بن مالك عمّه!

·       حديث رَبيعة بن يزيد عن مُسلم بن قَرَظَة:

ورُوي الحديث عن مسلم بن قَرظة من طريق آخر: رواه عنه: ربيعة بن يزيد الدمشقي، ورواه عن ربيعة: فَرَجُ بنُ فَضَالَةَ الحمصي، ومُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ الحمصي.

·       رواية فَرَج بن فَضَالَةَ، عن رَبِيعَةَ بنَ يَزِيدَ:

أما رواية فَرَج بن فَضَالَةَ:

فأخرجها أحمد في «مسنده» (39/427) (23999) عن يَزِيد بن هارون، قَالَ: أَنْبَأَنَا فَرَجُ بنُ فَضَالَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ بنِ يَزِيدَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خِيَارُكُمْ وَخِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: لَا، مَا صَلَّوْا لَكُمُ الْخَمْسَ، أَلَا وَمَنْ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي اللهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا أَتَى، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَتِهِ».

وأخرجه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/408) (1468) (1469) عن يَحْيَى بن عَبْدِالحَمِيْد الحِمّاني الكوفي.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/426) (7188) عن أَبي أُمَيَّةَ، عن سَعِيد بن سُلَيْمَان الواسطي.

والخطيب في «المتفق والمفترق» (3/1751) (1294) من طريق أحمد بن منصور الرمادي، عن يزيد بن هارون الواسطي، ومحمد بن الصبّاح.

وأبو بكر الصولي في «جزئه» (1176) عن إِبْرَاهِيم بن فَهْدِ بنِ حَكِيمٍ، عن مُحَمَّد بن خَالِدِ بنِ عَبْدِاللَّهِ.

كلهم عن فرج بن فضالة، به، نحوه.

·       رواية مُعَاوِيَة بن صَالِحٍ، عن رَبِيعَةَ بن يَزِيدَ:

وأما رواية معاوية بن صالح:

فأخرجها ابن زَنْجَوَيْه في كتاب «الأموال» (48).

ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/910) (953) عن أَبي الْأَزْهَرِ أَحْمَد بن الْأَزْهَرِ النيسابوري.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/426) (7187) عن أبي إِسْمَاعِيل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيّ.

والطبراني في «المعجم الكبير» (18/62) (115)، وفي «مسند الشاميين» (3/132) (1938)  عن بَكْر بن سَهْلٍ الدمياطيّ.

كلهم (حُميد بن زَنجويه، وأبو الأزهر، والسلمي، وبكر بن سهل) عن أبي صالح عَبْداللَّهِ بن صَالِحٍ كاتب الليث.

وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (10/449) (4589).

وابن عساكر في «تاريخه» (58/116) من طريق أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المقرىء.

كلاهما (ابن حبان، وابن المقرىء) عن أبي العباس مُحَمَّد بن الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، عن حَرْمَلَة بن يَحْيَى، عن ابن وَهْبٍ.

كلاهما (عبدالله بن صالح، وابن وهب) عن مُعَاوِيَة بن صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خِيَارُكُمْ وَخِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تَبْغَضُونَهُمْ، وَيَبْغَضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ». قَالُوا: أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَا، مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ الْخَمْسَ، إِلَّا مَنْ وَلِيَهُ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَلْيَكْرَهُ مَا أَتَى مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، أَلَا وَلَا تَنْزِعَنْ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ».

وقال الإمام مسلم لما خرّج حديث يزيد وعبدالرحمن ابني يزيد بن جابر: "ورَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ".

من خلال هذا التخريج يتبيّن لنا أن الحديث تفرد به مُسلم بن قَرَظة عن عوف بن مالك.

ورواه عن مسلم هذا: رُزيق بن حيّان، وربيعة بن يزيد.

أما حديث رُزَيق فرواه عنه - وفق ما سبق -: يزيد وعبدالرحمن ابنا يزيد بن جابر، وهما ثقتان.

واما حديث ربيعة بن يزيد فرواه عنه: فرج بن فضالة، ومعاوية بن صالح.

وهذه كلها أسانيد شامية! تفرد بها أهل الشام!

·       الاختلاف على الأوزاعي! وهل روى يزيد بن يزيد بن جابر هذا الحديث؟!

تقدم في التخريج أن رواية يزيد بن يزيد بن جابر لهذا الحديث جاءت فقط من طريق عِيسَى بن يُونُسَ، عن الْأَوْزَاعِيّ، عَنْ يَزِيدَ بنِ يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ، عن رزيق بن حيّان.

وهذه متابعة لرواية أخيه عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، عن رزيق بن حيّان.

وقد تفرد عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي بتسمية "يزيد" فقال: عن الأوزاعي عن يزيد بن يزيد بن جابر!

وخالفه مُوسَى بنُ أَعْيَنَ الجزري، فرواه عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر!

والذي أميل إليه أنه حصل وهم في تسمية "ابن جابر" فسماه عيسى بن يونس "يزيد"، وضبطه موسى فسماه "عبدالرحمن"، ورواية موسى أضبط؛ لأن الحديث مشهور عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر لا عن أخيه!!

وقد يقول قائل: ما المانع من أن يرويه يزيد وأخوه عبدالرحمن؟

أقول: لا مانع، لكن وجود الاختلاف على الأوزاعي يدلّ على أن الحديث حديث واحد منهم؛ لأنه لو رواه الأوزاعي عن يزيد وأخيه عبدالرحمن لتوبع عيسى عليه لكثرة تلاميذ الأوزاعي!

ومما يؤيد ذلك طريقة تخريج أبي عوانة للحديث في «مستخرجه» (4/426) (7186 )، قال:

حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بنُ زَيْدِ بنِ لُقْمَانَ، قَالَ: حدثنا عَبْدُالوَهَّابِ بنُ نَجْدَةَ [ح].

وَحَدَّثَنَا مُوسَى بنُ أَبِي عَوْفٍ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حثنا عَبْدُالرَّحِيمِ بنُ مُطَرِّفٍ، قَالَا: حدثنا عِيسَى بنُ يُونُسَ [ح].

وحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ السِّجْزِيُّ، خَيَّاطُ السُّنَّةِ، قَالَ: حدثنا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، قال: حدثنا عِيسَى بنُ يُونُسَ، قال: حدثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قال: حدثنا يَزِيدُ بنُ يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ، عَنْ رُزَيْقِ بنِ حَيَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، عَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ.

فالذي يظهر لي أن رواية عبدالوهاب بن نجدة وعبدالرحيم بن مُطرف عن عيسى بن يونس لا يوجد فيها تسمية "ابن جابر"، ولهذا فصل هاتين الروايتين عن رواية إسحاق بن راهويه عن عيسى بن يونس، والتي جاء فيها تسمية "ابن جابر"!

فلو كان "ابن جابر" مسميّا في روايتهما عن عيسى بن يونس لما فصلهما عن رواية ابن راهويه، وإلا لأوردها ثم قال: "جميعهم: عن عيسى بن يونس"، والله أعلم.

ولو صحت التسمية في تلك الروايتين عن عيسى بن يونس، فربما يكون الخطأ في التسمية من عيسى نفسه، وقد خالفه موسى بن أعين في ذلك، وكلاهما من الثقات.

والذي في مطبوع «مسند ابن راهويه» "عن يزيد بن جابر"! فإن صح في أصل إسحاق فيكون سقط من كتابه "[عبدالرحمن بن]" فصار الحديث "عن يزيد بن جابر" ويزيد هو: "يزيد بن يزيد بن جابر"، ومن هنا جاء منسوباً فيمن رواه عن إسحاق بن راهويه، والله أعلم.

ولم يذكر الطبراني في «مسند الشاميين» (1/368) تحت ترجمة «يَزِيد عَنْ زُزَيْقِ بنِ حَيَّانَ» إلا رواية ابن راهويه هذه!

والذي يترجّح لي أن تسمية ابن جابر في رواية ابن راهويه عن عيسى بن يونس بـ "يزيد" خطأ! والصواب أنه "عبدالرحمن"، والحديث حديثه كما جاء في روايات كثيرة أخرى.

وعليه فيكون عبدالرحمن بن جابر تفرد بهذه الرواية عن رزيق بن حيان!!

وكأن ابن حجر - رحمه الله - يرى أن الحديث حديث "عبدالرحمن" وأن ما جاء في رواية عيسى خطأ!!

فإنه لمّا خرّج الحديث في «إتحاف المهرة» (12/549) أشار للروايات في «مستخرج أبي عوانة» فقال: "[عه] في الإمارة: ثنا علي بن سَهْل الرملي، ثنا الوليد بن مسلم، به. وعن عيسى بن أحمد وسليمان بن شعيب، قالا: ثنا بشر بن بَكر. وعن العباس بن الوليد بن مَزْيَد، حدثني أبي. وعن محمد بن يحيى بن كثِير وعلي بن عثمان بن نفَيْل - فرقهما - قالا: ثنا محمد بن موسى بن أَعْيَن، ثنا أبي. وعن خياط السنة، ثنا سعيد بن حَفْص، ثنا موسى بن أعْيَن. وعن عبدالله بن زيد بن لقمان، عن عبد الوهاب بن نَجْدة. وعن خياط السُنة، عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. وعن موسى بن أبي عوف الدمشقي، عن عبدالرحيم بن مطرف، ثلاثتهم عن عيسى بن يونس، كلاهما عن الأوزاعي، ثلاثتهم عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، به.

وقال عيسى بن يونس في روايته عن الأوزاعي: عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن رزيق بن حيان، به".

فجعل ابن حجر رواية الأوزاعي عن عبدالرحمن، وأشار إلى أن رواية عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن يزيد بن يزيد!

فعرضه لذلك هنا يدلّ على الخطأ في رواية عيسى بن يونس، والله أعلم.

·       ترجمة رُزيق بن حيّان:

ورُزَيق بن حيّان:

هو رزيق - بتقديم الراء المهملة - ويقال: زريق - بتقديم الزاي المعجمة - بن حيان، أبو المقدام الفزاري، مولاهم من أهل دمشق.

وقد ذكره البخاري، وابن أبي حاتم، والدارقطني، وعبدالغني بن سعيد المصري، وابن مَاكُولَا وغيرهم بتقديم الرَّاءِ المُهْمَلَةِ، وهو الموجُودُ فِي مُعْظَمِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ كما قال الشرّاح، وقالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وأبو زرعة الدِّمَشْقِيُّ بتقديم الزَّايِ المُعْجَمَةِ.

ولّاه عمر بن عبدالعزيز والوليد وسليمان جواز مصر وأخذ عشر أموال التجارة بها، وكان أحد الكُتّاب بدمشق.

روى عن عمر بن عبدالعزيز، ومسلم بن قرظة. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبدالرحمن ويزيد ابنا يزيد بن جابر، ويحيى بن حمزة. [تاريخ ابن عساكر].

قال البخاري في «التاريخ الكبير» في باب الراء (3/318): "رزيق بن حيان مولى بني فزارة. سمع مسلم بن قرظة. قال الوليد: حدثني ابن جَابِر: قلت لرزيق: يا أبا المقدام".

وقال مسلم في «الكنى والأسماء» (2/793): "أبو المقدام رزيق بن حيان القراري: سمع مسلم بن قرظة، روى عنه عبدالرحمن بن يزيد بن جابر".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/505): "رزيق بن حيان أبو المقدام مولى بني فزارة، كان على جواز مصر زمن الوليد وسليمان وعمر بن عبدالعزيز. روى عن مسلم بن قرظة، وعمر بن عبدالعزيز. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبدالرحمن بن يزيد بن جابر، ويزيد بن يزيد بن جابر. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال ابن حبان في «الثقات» (4/239): "رُزَيْق بن حَيَّان مولى بني فَزَارَة، كُنْيَتُهُ أَبُو المِقْدَام، يروي عَن مُسلم بْن قرظة. روى عَنهُ ابن جَابر".

وقال في موضع آخر (4/270): "زُرَيْق بن حَيَّان الفَزارِيّ: شَامي، يَرْوِي عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عَنْهُ أهل الشَّام. توفي بِنيقية من أَرض الرّوم فِي إِمَارَة يزِيد بن عَبْدالملك من سهم أَصَابَهُ وَهُوَ ابن ثَمَانِينَ سنة".

وقال في «مشاهير علماء الأمصار» (ص: 185): "زريق بن حيان الفزاري من خيار أهل الشام، توفي في ولاية يزيد بن عبدالملك وهو ابن ثمانين سنة".

وقال أبو عبدالله بن منده: قال لنا أبو سعيد بن يونس في حرف الراء: "رزيق بن حيان: روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري. قال الحسن بن علي العداس: توفي رزيق سنة خمس ومائة، وكان في مُكْس أيلة في خلافة عمر بن عبدالعزيز".

وقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: "تُوُفِّيَ فِي إِمَارَةِ يَزِيدَ بنِ عَبْدِالمَلِكِ بِأَرْضِ الرُّومِ مِنْ سَهْمٍ أَصَابَهُ فِي الغَزَاةِ".

قلت: كانت ولاية يزيد من سنة (99 - 105هـ)!

وذكره الذهبي في «تاريخ الإسلام» (3/45) في طبقة من توفوا ما بين سنة (101 - 110هـ)، وقال: "وقال يحيى: إنما كتب العلم في أول دولة بني العباس، وورد أَنَّهُ وُلِّيَ دِيوَانَ العُشْرِ بِمِصْرَ لِلْوَلِيدِ بنِ عَبْدِالمَلِكِ".

قلت: هذا غريب!! لأن بداية دولة بني العباس كانت سنة (132هـ)!

وكانت ولاية الوليد بن عبدالملك من سنة (86 - 96هـ)!

وقال الذهبي: "روى عنه... ويحيى بن حمزة، فتحرر وفاة هذا الشيخ، ورواية يحيى عنه".

قال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (3/274): "قرأت بخط الذهبي: إن كانت وفاته محفوظة فرواية يحيى بن حمزة عنه مستحيلة! ووثقه النسائي".

قلت: نقل ابن حجر توثيق النسائي له من كتاب مغلطاي وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله لاحقا.

واضطرب الذهبي فيه فأعاد ذكره في «تاريخ الإسلام» (3/408) في طبقة من توفوا ما بين سنة (121 - 130هـ)!!!

والذي نقل وفاته حفيده فيما نقل أبو زرعة الدمشقي «تاريخه» (ص242) قال: حَدَّثَنِي مُحْرِزُ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ مُحْرِزٍ، عَنْ أَبِيهِ قالَ: "تُوُفِّيَ زُرَيْقُ بنُ حَيَّانَ الفَزَارِيُّ بِنَيْقِيَّةَ بِأَرْضِ الرُّومِ، فِي إِمَارَةِ يَزِيدَ بنِ عَبْدِالمَلِكِ مِنْ سَهْمٍ أَصَابَهُ، وَهُوَ ابن ثمانين سنة".

وقال في موضع آخر (ص: 694): وحَدَّثَنِي مُحْرِزٌ، عَنْ أَبِيهِ قالَ: "تُوُفِّيَ زُرَيْقُ بْنُ حَيَّانَ - جَدُّهُ - فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِالمَلِكِ، بِأَرْضِ الرُّوُمِ، قَالَ: وَكَانَ اسْمُهُ سَعِيدُ بنُ حَيَّانَ، فَلَقَّبَهُ عَبْدُالمَلِكِ: زُرَيقٌ".

ومحرز هذا لا يُعرف!

ذكره ابن عساكر في «تاريخه» (57/83): "محرز بن عبدالله بن محرز بن رزيق بن حيان الفزاري المازني مولاهم. حكى عن أبيه وفاة جده. روى عنه أبو زرعة".

وأبوه مجهول لا يُعرف!

وقال ابن العديم في «بغية الطلب فى تاريخ حلب» (8/3648): "ودخل بلاد الروم غازيا في إمارة يزيد بن عبدالملك فاجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها، وكان أحد الكتاب من أهل دمشق، وولاه عمر بن عبدالعزيز والوليد وسليمان ابنا عبداللك جواز مصر وأخذ عشر أموال التجارة بها".

·       أقوال أهل العلم رُزيق بن حيّان:

لم أجد للمتقدمين فيه كلاماً لكن نقل مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (4/377) قال: "وفي كتاب «الجرح والتعديل» للنسائي: رزيق بن حيان: ثقة. وذكره ابن خلفون في كتاب «الثقات»".

قلت: كذا نقل مغلطاي! وأخشى أن يكون هذا التوثيق في "رزيق بن حكيم"!! لأن جُلّ العلماء وثقوا ابن حكيم، ولم يتكلموا عن ابن حيّان!! وكلاهما من موالي بني فزارة، والله أعلم.

وقد نقل مغلطاي في ترجمة "رزيق بن حكيم" قال: "ولما ذكره ابن خلفون في كتاب «الثقات» قال: كان عبدا صالحا".

وقال الذهبي في «الكاشف» (1/396): "ثقة، توفي 105هـ".

وقال ابن حجر في «التقريب»: "صدوق. مات سنة خمس ومائة وله ثمانون سنة".

قلت:  إن كان رزيق بن حيّان الشامي توفي سنة (105هـ)، وكان له (80) سنة لما مات، فكيف يروي عن عوف بن مالك الشامي الذي مات سنة (73هـ) بواسطة مسلم بن قرظة!!!!!

لا شك أنه أدركه لسنوات طويلة! فكيف يروي عنه بواسطة رجل لا يُعرف!!

ولا يوجد له حديث مسند إلا هذا الذي رواه له مسلم!!

·       رزيق بن حيان، ورزيق بن حُكَيْم!

ورزيق بن حيّان هذا غير رزيق بن حُكيم مولى بني فزارة. فهذا آخر ثقة.

وهناك روايات ليحيى بن سعيد عنهما!!

قال الدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (2/1013) «باب رُزَيْق وزُرَيْق والرَّزِيق»: "أمّا رُزَيْق: فهو رُزَيْق بن حُكيم الأَيْلِي يقال: أنه كان مولى لبني فزارة، كان رجلا صالحا، يَرْوي عن القَاسِم بن مُحمَّد، وسعيد بن المُسَيَّب، وعمر بن عبدالعزيز، رَوَى عنه مَالِك بن أنس، وابنه حكيم بن رزيق، ويونس الأَيْلِي.

حَدَّثَنا ابن مَخْلَد: حَدَّثَنا عَبَّاس قال: سَمِعتُ يَحْيى يقول: رُزَيْق بن حكيم ولي لعمر بن عبدالعزيز".

ثم قال: "رُزَيْق بن حَيَّان: يَرْوي عن مُسْلم بن قَرَظَة، يُكْنَى أبا المِقْدام الفَزَارِيّ، اسمه سعيد. رَوَى عنه: يَحْيى بن حَمْزَة، وعبدالرَّحْمن بن يزيد بن جابر، وغيره.

حَدَّثَنا أبو عَبدالله الفارسي: حَدَّثَنا أبو زُرْعَة الدِّمَشْقيّ قال: أبو المِقْدَام زُرَيْق بن حَيَّان اسمه سَعِيد بن حَيَّان.

حَدَّثَنا ابن مَخْلَد: حَدَّثَنا عَبَّاس قال: قال يَحْيى: رُزَيْق بن حَيَّان أقدم من رُزَيْق بن حُكَيْم، وقد وليا لعمر بن عبدالعزيز".

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/318): "رزيق بْن حكيم الأيلي مولى بني فزارة، سَمِعَ سَعِيد بن المسيب، وعُمَر بن عَبْدالعزيز قولهما. روى عنه: يونس، وابنه حكيم. قَالَ إِسْمَاعِيل: حدثنا مالك: سَمِعَ رزيق بن حكيم: كتب إلى عُمَر بن عَبْدالعزيز وهو الوالي يومئذ".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/504): "رزيق بن حكيم الأيلي أبو حكيم مولى بني فزارة عامل أيلة لعمر بن عبدالعزيز. روى عن سعيد بن المسيب، وعمر بن عبدالعزيز. روى عنه: مالك بن أنس، ويونس بن يزيد، وابنه حكيم بن رزيق. سمعت أبي يقول ذلك".

·       وهم لابن عساكر!

قلت: لكن قال ابن عساكر أن الذي ولي لعمر بن عبدالعزيز هو ابنه: حكيم بن رزيق!

قال ابن عساكر في «تاريخه» (15/136): "حكيم بن رزيق بن حكيم الفزاري، مولاهم الأيلي. حدّث عن أبيه، وسعيد بن المسيب، وعبدالله بن فيروز الديلمي. روى عنه: ابن المبارك، وإسحاق بن عبدالله بن أبي فروة، وعبدالرحمن بن يحيى العذري. ووفد على عمر بن عبدالعزيز واستعمله عمر".

قلت: وهم ابن عساكر في هذا!! والذي استعمله عمر بن عبدالعزيز هو الأب لا الابن!

روى عبدالرزاق في «مصنفه» (6/44) (9957) قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ المُبَارَكُ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَكِيمُ بنُ زُرَيْقٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِالعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى أَبِيهِ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ كَتَبْتُ إِلَى عُمَّالِنَا أَنْ لَا يَتْرُكُوا عِنْدَ نَصْرَانِيٍّ مَمْلُوكًا مُسْلِمًا إِلَّا أُخِذَ فَبِيعَ، وَلَا امْرَأَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ نَصْرَانِيٍّ إِلَّا فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا، فَأَنْفِذْ ذَلِكَ فِيمَا قِبَلَكَ».

وروى البيهقي في «السنن الكبرى» (1/356) (1105) من طريق عَبْداللهِ بن المُبَارَكِ، عَنْ [حكيم بن] رُزَيْقِ بنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بنَ الْمُسَيِّبِ، عَنْ رَاعٍ فِي غَنَمِهِ أَوْ رَاعٍ تُصِيبُهُ جَنَابَةٌ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مِيلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، قَالَ: "يَتَيَمَّمُ صَعِيدًا طَيِّبًا".

وقد وثقه ابن معين، وابن سعد، والعجلي، وغيرهم.

هكذا ترجم أهل العلم لرزيق بن حيّان، ورزيق بن حُكَيم، لكن الغريب أن أهل العلم ذكروا أن "رُزيق بن حيان" مولى بني فزارة، وكذا "رزيق بن حكيم" مولى لبني فزارة أيضاً!

وقالوا إن "رزيق بن حيان" كان عاملاً لعمر بن عبدالعزيز على عشور مصر، وقال ابن يونس: "كان في مُكْس أيلة في خلافة عمر بن عبدالعزيز". وقالوا بأن "رزيق بن حكيم" كان أيضاً عاملا لعمر بن عبدالعزيز على أيلة!!

وكأنه لهذا قال ابن معين: "رُزَيْق بن حَيَّان أقدم من رُزَيْق بن حُكَيْم، وقد وليا لعمر بن عبدالعزيز".

وقالوا أيضاً إن يحيى بن سعيد الأنصاري روى عنهما!!

والحقيقة أن هذا كلّه فيه نظر!! فقد حصل خلط بينهما!

والذي أميل إليه أن الذي ولي لعمر بن عبدالعزيز وغيره من الخلفاء هو "رزيق بن حكيم" فهو عامل أيلة، ولا يتعارض هذا مع من قال بأن الأول كان على ديوان العُشر بمصر، - فأيلة قديماً كانت تتبع لمصر، فهو كان على ديوان العشر بأيلة التي هي من مصر أو أنه كان عامل أيلة وهو من يجمع عشر مصر.

وفي «صحيح البخاري» (2/5): قَالَ يُونُسُ بن يزيد الأيلي: "كَتَبَ رُزَيْقُ بْنُ حُكَيْمٍ إِلَى ابنِ شِهَابٍ، وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِوَادِي القُرَى: هَلْ تَرَى أَنْ أُجَمِّعَ وَرُزَيْقٌ عَامِلٌ عَلَى أَرْضٍ يَعْمَلُهَا، وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ السُّودَانِ وَغَيْرِهِمْ؟ - وَرُزَيْقٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَيْلَةَ -...".

وكَانَ رُزَيْقٌ أَمِيرًا عَلى أيلة مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بنِ عَبْدِالعَزِيزِ.

وما جاء من ذكر أهل العلماء في ترجمة "رزيق بن حيّان" أنه كان على جواز مصر في زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبدالعزيز إنما جاء في رواية يحيى بن سعيد الأنصاري عنه!

والصواب أن الحديث حديث "رزيق بن حكيم" مولى بني فزارة، وقد أسقط أهل العلم هذا على راوي حديث الطاعة لأنه جاء في الرواية أنه "مولى بني فزارة"!

روى مالك في «الموطأ» (1/255) (20) عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ زُرَيْقِ بنِ حَيَّانَ - وكَانَ زُرَيْقٌ عَلَى جَوَازِ مِصْرَ فِي زَمَانِ الوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ وَعُمَرَ بنِ عَبْدِالعَزِيزِ -، فَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ: «أَنِ انْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، دِينَارًا. فَمَا نَقَصَ، فَبِحِسَابِ ذَلِكَ. حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا. فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ، فَدَعْهَا وَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا. وَمَنْ مَرَّ بِكَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَخُذْ مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا، دِينَارًا. فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، حَتَّى يَبْلُغَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا. وَاكْتُبْ لَهُمْ بِمَا تَأْخُذُ مِنْهُمْ، كِتَابًا إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ».

ورواه أبو عُبيد القاسم بن سلام في كتاب «الأموال» (ص: 515) (1164) عن سَعِيد بن عُفَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رُزَيْقِ بنِ حَيَّانَ الدِّمَشْقِيِّ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَهْلُ العِرَاقِ يَقُولُونَ زُرَيْقٌ، أُولَئِكَ أَعْلَمُ بِهِ - يَعْنِي أَهْلَ مِصْرَ، قَالَ: وَكَانَ رُزَيْقٌ عَلَى جَوَازِ مِصْرَ فِي زَمَنِ الوَلِيدِ، وسُلَيْمَانَ، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِالعَزِيزِ، فَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ...

قَالَ: حَدَّثَنَا ابنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رُزَيْقِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِالعَزِيزِ...

ورواه الشافعي في «مسنده» (ص: 97) عن مَالِك بن أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ رُزَيْقِ بنِ حَكِيمٍ: أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِالعَزِيزِ، كَتَبَ إِلَيْهِ... فذكره.

كذا فيه: "رزيق بن حكيم".

لكن رواه البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (6/132) (8256) من طريق الرَّبِيع قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زُرَيْقِ بْنِ حَيَّانَ، وَكَانَ زُرَيْقٌ عَلَى جَوَازِ مِصْرَ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ، وَسُلَيْمَانَ، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِالعَزِيزِ، فَذَكَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ، فذكره.

ورواه أبو يوسف القاضي في كتاب «الخراج» (ص: 150) قَالَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، عَنِ رُزَيْق بنِ حَيَّانَ - وَكَانَ عَلَى مَكْسِ مِصْرَ - فَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَتَبَ إِلَيْهِ، فذكره.

ورُوي عن يحيى بن سعيد دون نسبة!

رواه عبدالرزاق في «المصنف» (6/96) (10116)، (10/334) (19278) قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ رُزّيْقٍ صَاحِبِ مُكُوسِ مِصْرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِالعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ، فذكره.

ورواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (2/357) (9878) عن يَعْلَى بن عُبَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ زُرَيْقٍ، مَوْلَى بَنِي فَزَارَةَ: أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِالعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ حِينَ اسْتُخْلِفَ: «خُذْ مِمَّنْ مَرَّ بِكَ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يُدِيرُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا...».

قلت:

هذا هو الأثر الذي اعتمد عليه أهل العلم في أنّ راوي حديث الطاعة هو هذا!!

ولذا نجدهم كلهم يقولون ذلك في ترجمته!

فقال ابن أبي حاتم عن أبيه: "رزيق بن حيان أبو المقدام مولى بني فزارة، كان على جواز مصر زمن الوليد وسليمان وعمر بن عبدالعزيز. روى عن مسلم بن قرظة، وعمر بن عبدالعزيز. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبدالرحمن بن يزيد بن جابر، ويزيد بن يزيد بن جابر".

وفي ترجمة الآخر يقول: "رزيق بن حكيم الأيلي أبو حكيم مولى بني فزارة عامل أيلة لعمر بن عبدالعزيز. روى عن سعيد بن المسيب، وعمر بن عبدالعزيز. روى عنه: مالك بن أنس، ويونس بن يزيد، وابنه حكيم بن رزيق. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال ابن عساكر: "رزيق، ويقال: زريق بن حيان أبو المقدام الفزاري مولاهم، من أهل دمشق، وولاه عمر بن عبدالعزيز، والوليد، وسليمان جواز مصر وأخذ عشر أموال التجارة بها، وكان أحد الكتاب بدمشق. روى عن عمر بن عبدالعزيز، ومسلم بن قرظة. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبدالرحمن ويزيد ابنا يزيد بن جابر، ويحيى بن حمزة".

وساق في ترجمته من طريق أبي مصعب، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن رزيق بن حيان - وكان رزيق على جواز مصر في زمن الوليد بن عبدالملك وسليمان بن عبدالملك وعمر بن عبدالعزيز، فذكره.

وقال أبو سعيد ابن يونس: "رزيق بن حيان. روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري. قال الحسن بن علي العداس: توفي رزيق سنة خمس ومائة، وكان في مكس أيلة في خلافة عمر بن عبدالعزيز".

وقال أبو الحسن ابن سميع في الطبقة الرابعة: "ورزيق بن حيان مولى بني فزارة، دمشقي، ولاه الوليد وسليمان وعمر مكس مصر - يعني عشور أموال التجارة".

وقال أبو أحمد العسكري: "ورزيق بن حيان أبو المقدام مولى بني فزارة، ويقال: زريق بن حيان، وكان على جواز مصر زمن الوليد وسليمان وعمر بن عبدالعزيز. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبدالرحمن بن يزيد بن جابر. وذكر أبو الحسين الرازي في كتاب تسمية أمراء دمشق قال: ومن كتاب دمشق رزيق مولى بني فزارة، وهو جد أبي عطية بن محرز، وكان الوليد بن عبدالملك ولاه العشر بمصر".

قلت: هكذا اعتمد أهل العلم على ما جاء في رواية يحيى بن سعيد الأنصاري من تعريف برزيق في حمل ذلك على راوي حديث الطاعة!!

والصواب أن راوي حديث الطاعة لا علاقة له بهذه الترجمة، وإنما ذلك الحديث هو لرزيق بن حكيم مولى بني فزارة وهو المشهور المعروف الذي ولي للخلفاء.

وكأن يحيى بن سعيد كان يسميه: "رزيق بن حيان"، وأحيانا "رزيق بن حكيم"، ويدل على ذلك ما رواه الشافعي في روايته عن مالك من تسميته: "رزيق بن حكيم".

ويؤيده أيضاً ما جاء في روايات أخرى تدل على أن عامل أيلة لعمر بن عبدالعزيز هو ابن حكيم.

ففي «كتاب المحاربة من موطأ ابن وهب» (109) قال أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وعَمْرُو بنُ الحَارِثِ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ يَحْيَى بنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُمْ: أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِالعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عُرْوَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ صَاحِبِ اليَمَنِ فِي رَجُلٍ تَهَوَّدَ بَعْدَ إِسْلامِهِ أَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى الإِسْلامِ، فَإِنْ أَسْلَمَ تَرَكَهُ، وَإِنْ أَبَى قَتَلَهُ.

قَالَ: فَأَمَرَ أَمِيرَهُمْ إِذَا رُفِعَ عَلَى الخَشَبَةِ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رُفِعَ جَاءَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ وَيَقُولُ لَهُ: وَيْحَكَ، إِنَّ لَكَ أَوْلادًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى تَابَ، فَأُنْزِلَ وَلَمْ يُقْتَلْ.

وَبَعْضُهُمْ يُزِيدُ عَلَى بَعْضٍ فِي الحَدِيثِ.

قال ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ.

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ، كُلُّهُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالعَزِيزِ بِذَلِكَ.

وقال ابنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدالجَبَّارِ بنُ عُمَرَ: أَنَّ رُزَيْقَ بنَ الحَكِيمِ حَدَّثَهُ: أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِالعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ فِي ابنِ عَارِقٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ.

وروى مالك في «الموطأ» (2/828) (18) عَنْ رُزَيْقِ بنِ حَكِيمٍ الْأَيْلِيِّ: أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ مِصْبَاحٌ، اسْتَعَانَ ابْنًا لَهُ فَكَأَنَّهُ اسْتَبْطَأَهُ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ لَهُ: يَا زَانٍ.

قَالَ زُرَيْقٌ: فَاسْتَعْدَانِي عَلَيْهِ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَجْلِدَهُ. قَالَ ابْنُهُ: وَاللَّهِ لَئِنْ جَلَدْتَهُ لَأَبُوءَنَّ عَلَى نَفْسِي بِالزِّنَا. فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ: أَشْكَلَ عَلَيَّ أَمْرُهُ فَكَتَبْتُ فِيهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِالعَزِيزِ - وهُوَ الوَالِي يَوْمَئِذٍ - أَذْكُرُ لَهُ ذَلِكَ. فَكَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ أَنْ أَجِزْ عَفْوَهُ.

قَالَ زُرَيْقٌ: وَكَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِالعَزِيزِ أَيْضًا: أَرَأَيْتَ رَجُلًا افْتُرِيَ عَلَيْهِ. أَوْ عَلَى أَبَوَيْهِ. وَقَدْ هَلَكَا. أَوْ أَحَدُهُمَا قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ: إِنْ عَفَا فَأَجِزْ عَفْوَهُ فِي نَفْسِهِ. وَإِنِ افْتُرِيَ عَلَى أَبَوَيْهِ. وَقَدْ هَلَكَا. أَوْ أَحَدُهُمَا فَخُذْ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ. إِلَّا أَنْ يُرِيدَ سِتْرًا.

وروى البيهقي في «السنن الكبرى» (10/292) من طريق عَبْدالعَزِيزِ بن أَبِي سَلَمَةَ ابن الماجشون: أَنَّ رُزَيْقَ بْنَ حَكِيمٍ كَانَ عَامِلًا لِعُمَرَ بنِ عَبْدِالعَزِيزِ عَلَى أَيْلَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنِّي لَمْ أَجِدِ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ إِلَّا بِالْحِجَازِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: «أَنِ اقْضِ بِهِ، فَإِنَّهُ السُّنَّةُ».

وروى عَبْدُالرَّزَّاقِ في «المصنف» (10/241) (18984) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ رُزَيْقٍ صَاحِبِ أَيْلَةَ: أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِالعَزِيزِ فِي آبِقٍ سَرَقَ، قَالَ: وَكُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّ الْآبِقَ لا يُقْطَعُ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، «فَإِنْ سَرَقَ سَرِقَةً تَبْلُغُ رُبُعَ دِينَارٍ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ فَاقْطَعْهُ».

قال عبدالرزاق: وعَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رُزَيْقٍ، مِثْلَهُ.

فهذه الأخبار كلها عن رزيق عامل عمر بن عبدالعزيز وهو واحد، ويستحيل أن يكون راوي حديث الطاعة الشامي، والآخر ابن حكيم!!

والأخبار تدلّ على أنه "رزيق بن حكيم" كما جاء مصرحاً في بعضها، واتفقت على أنه عامل أيلة، وأنه كان يكتب لعمر بن عبدالعزيز، ولا علاقة لراوي حديث الطاعة بهذه الأخبار!

وما جاء في بعض الروايات عن يحيى بن سعيد أنه "رزيق بن حيان" فإما أن يكون خطأ في تسميته، أو أنه يقال له: "ابن حيان"، و"ابن حكيم"، أو أن "حيان" محرفة عن "حكيم"، والرسم بينهما متشابه، أو أن الاسم وقع دون نسبة فزاد النسبة بعض الرواة كما يحصل كثيراً.

والذي جعل أهل العلم يقولون بأن راوي حديث الطاعة هو هذا عامل أيلة ما جاء في إسناد الحديث أنه "مولى بني فزارة" وتفسير بعص الرواة بأنه "رزيق بن حيان"، فأسقطوا ما قيل في عامل عمر بن عبدالعزيز عليه! ورغم أنهم جعلوهما اثنين إلا أنهم وهموا في الخلط بينهما في المعلومات التي تُعرف عن "رزيق بن حكيم"!!

ففي رواية الوَلِيد بن مُسْلِمٍ: "حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: أَخْبَرَنِي مَوْلَى بَنِي فَزَارَةَ، وهُوَ رُزَيقُ بنُ حَيَّانَ...".

وفي رواية صَدَقَة بن خَالِدٍ: "حَدَّثَنَا ابنُ جابر: حدثنا رزيق مولى بني فَزَارَةَ...".

وفي رواية بِشْرِ بن بَكْرٍ: "حدثنا ابن جَابِر: حَدَّثَنِي رُزَيْقٌ، مَوْلَى بَنِي فَزَارَةَ...".

وفي رواية مُوسَى بنِ أَعْيَنَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: "حَدَّثَنِي أَبُو المِقْدَامِ...".

قلت: فهذا الراوي "رُزيق مولى بني فزارة"، والظاهر أن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر هو من سماه "رزيق بن حيان" وكنّاه "أبو المقدام".

فتشابه هذا مع ما يُعرف عن "رزيق بن حكيم الأيلي مولى بني فزارة" فقلد أهل العلم بعضهم في إسقاط ما يعرف عن ابن حكيم على هذا الراوي الذي تفرد بالرواية عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر!! ولم يثبت أن أخاه يزيد روى عنه كما بينه آنفاً، ووهم من ذكره في الرواة عنه.

وعليه فهذا "رزيق بن حيان أبو المقدام" راوي حديث الطاعة "مجهول الحال"!! ولا يُعرف إلا في هذا الإسناد!! والله أعلم.

·       رواية ربيعة بن يزيد عن مسلم بن قرظة:

وأما الرواية الأخرى عن مسلم بن قرظة فرويت عن ربيعة بن يزيد عنه، ورواها عن ربيعة: فرج بن فضالة، ومعاوية بن صالح الحمصيان.

·       أما فَرَج بن فَضَالَةَ الحِمْصِيّ (ت 177هـ):

فأهل العلم على تضعيفه! وقوّى أحمد أمره!

قال معاوية بن صالح الأشعري، عن أحمد بن حنبل، قال: "ثقة".

وقال أبو داود: قلت لِأَحْمَد، فرج بن فضَالة؟ قَالَ: "إِذا حدث عَن الشاميين فَلَيْسَ بِهِ بَأْس، ولكِن حَدِيثه عَن يحيى بن سعيد مُضْطَرب".

وقال النسائي عَن أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَد بن حنبل، قال: "إذا حدّث عَنِ الشاميين فليس بِهِ بأس، ولكنه حدث عَنْ يحيى بْن سَعِيد مناكير".

وَقَال الحسين بن إدريس الأَنْصارِيّ، عَن أبي داود، قال: سمعت أَحْمَد بن حنبل سئل عَنْ إِسْمَاعِيل بن عياش: هو أثبت أو أَبُو فضالة؟ قال: "أَبُو فضالة يحدث عَنْ ثقاتٍ أحاديث مناكير".

وَقَال عثمان بْن سَعِيد الدارمي، عَن يحيى بن مَعِين: "ليس به بأس".

وَقَال المفضل بْن غسان الغلابي، عَن يحيى بن مَعِين: "صالح".

وَقَال أَبُو بَكْرِ بن أَبي خيثمة عَن يحيى بن مَعِين: "ضعيف الحَدِيث".

وَقَال إِبْرَاهِيم بن عَبداللَّهِ بن الجنيد: قال رجل ليحيى بن مَعِين وأنا أسمع: أيما أعجب إليك: إِسْمَاعِيل بن عياش أو فرج بن فضالة؟ قال: "لا، بل إِسْمَاعِيل ثم قال: فرج ضعيف الحديث، وأيش عند فرج؟!".

وَقَال مُحَمَّد بْن عثمان بْن أَبي شَيْبَة، عن علي بن المديني: "هو وسط، وليس بالقوي".

وقَال عَبدالله بن علي بن المديني، عَن أَبِيهِ: "ضعيف لا أُحدِّث عنه".

وقَال البُخارِيُّ، ومسلم: "منكر الحديث".

وقال الترمذي: قَالَ البُخَارِيُّ: "الفَرَجُ بنُ فَضَالَةَ ذَاهِبُ الحَدِيثِ".

وَقَال أبو حاتم: "صدوق، يكتب حديثه، ولا يحتج به. حديثه عن يحيى بن سعيد فيه إنكار وهو في غيره أحسن حالًا، وروايته عن ثابت لا تصح".

وقَال النَّسَائي: "ضعيف".

وقَال عَمْرو بن عَلِيّ الفلاّس: "كنا عند يَحْيَى بن سَعِيد ومعنا معاذ، فَقَالَ معاذ: حَدَّثَنَا فرج بْن فضالة فرأيت يَحْيَى كلح وجهه".

قال: وسمعت عَبْدالرَّحْمَنِ بن مهدي يقول: "حدّث فرج بْن فضالة عَنْ أهل الحجاز بأحاديث مقلوبة منكرة".

وَقَال زكريا بْن يحيى الساجي: "ضعيف الحديث، روى عن يَحْيَى بْن سَعِيد أحاديث مناكير. كان يَحْيَى بن سَعِيد، وعبدالرحمن بْن مهدي لا يُحدّثان عَنْهُ".

وَقَال الحاكم أَبُو أَحْمَد: "حديثه ليس بالقائم".

وَقَال القاضي أَبُو الطيب الطبري، عَنِ الدَّارَقُطنِيّ: "ضعيف الحديث. يروي عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد أحاديث لا يتابع عليها".

وقال البرقاني: سألته - يعني الدارقطني - عن الفرج بن فضالة؟ فقال: "ضعيف".

وقال السجزي: وسمعته - أي الحاكم - يقول: "الفرج بن فضالة ممن لا يُحتج بحديثه".

وقال ابن عدي: "وهو مَعَ ضعفه يُكتب حديثه".

وقال ابن حبان: "كَانَ مِمَّن يقلب الْأَسَانِيد وَيلْزق المُتُون الوَاهِيَة بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة، لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ".

وقال ابن حجر: "ضعيف".

·       وأما مُعَاوِيَة بن صَالِحٍ الحمصيّ الْأَنْدَلُسِيّ (ت 158هـ):

كان من أهل حمص، ونزل الأندلس، وكان قاضياً بها.

قال ابن مَعِينٍ: "كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ لَا يَرْضَى مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ".

وقال أبو أمية الأحوص بن المفضل، عن أبيه، قال: "وضعّف القطان معاوية بن صالح".

وقال عَلِيّ بن المديني: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ؟ قَالَ: "مَا كُنَّا نَأْخُذُ عَنْهُ ذَلِكَ الزَّمَانَ".

وقال الليث بن عبدة: قال يحيى بن معين: "كان ابن مهدي إذا حدث بحديث معاوية بن صالح زبره يحيى بن سعيد، وقال: أيش هذه الأحاديث! وكان ابن مهدي لا يُبالي عن من روى، ويحيى ثقة في حديثه".

وقال أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبٌ الفَرَّاءُ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ [الفزاري] يَوْمًا بِحَدِيثٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: "مَا كَانَ بِأَهْلٍ أَنْ يُرْوَى عَنْهُ".

وقال أَحْمَدُ بنُ سَعِيدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ: سَمِعْتُ خَالِي مُوسَى بنَ سَلَمَةَ، قَالَ: "أَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ؛ لِأَكْتُبَ عَنْهُ فَرَأَيْتُ أَدَاةَ المَلَاهِي. قالَ: فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: شَيْءٌ نُهْدِيهِ إلى ابن مَسْعُودٍ صَاحِب الْأَنْدَلُسِ! قَالَ: فتَرَكْتُهُ وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ".

وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: "معاوية بن صالح: صالح".

وقال الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: "معاوية بن صالح ليس برضى".

وقال صالح بن أحمد عن أبيه قال: "معاوية بن صالح حمصي ثقة".

وقال أبو طالب: قال أحمد بن حنبل: "كان معاوية بن صالح أصله حمصي، وكان قاضياً على الأندلس، خرج من حمص قديماً، وكان ثقة".

وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن معاوية بن صالح؟ فقال: "ثقة محدث".

قال: وسألت أبي عن معاوية بن صالح؟ فقال: "صالح الحديث، حسن الحديث، يُكتب حديثه ولا يُحتج به".

وقال أبو حاتم: قال علي بن المديني: "كان عبدالرحمن بن مهدي يوثق معاوية بن صالح".

وقال حُميد بن زَنْجَوَيْهِ: "قُلتُ لعلي بن المديني، إنك تطلب الغرائب، فأت عَبداللَّه بن صَالِح واكتب كتاب مُعَاوِيَة بن صالح تستفيد مِئَتَي حديث".

وقال يعقوب بن شيبة: "وقد حمل الناس عن معاوية بن صالح، ومنهم من يرى أنه وسط ليس بالثبت ولا بالضعيف، ومنهم من يضعفه".

وقال العجلي: "معاوية بن صالح: حمصي ثقة".

وقال محمد بن عبدالله بن عمّار الموصلي: "معاوية بن صالح هو أندلسي، الناس يروون عنه، وزعموا أنه لم يكن يدري أي شيء الحديث".

وقال ابن عدي: "ولمعاوية بن صالح حديث صالح عن ابن وهب عنه كتاب، وعند أبي صالح عنه كتاب، وعند ابن مهدي ومعن عنه أحاديث عداد، وحدّث عنه الليث وبشر بن السري وثقات الناس، وما أرى بحديثه بأساً، وهو عندي صدوق إلا أنه يقع في أحاديثه إفرادات".

وقال ابن حبان: "يُغْرب".

وفي كتاب «الجرح والتعديل» عن النسائي: "ليس به بأس".

وقال الساجي: "ليس بالقوي"، قال: "وقال يحيى بن معين: ليس بالقوي، ولا جاء بمنكر".

وقال أبو الفتح الأزدي: "ضعيف".

وقال الذهبي: "صدوق إمام".

وقال أيضاً: "وهو ممن احتج به مسلم دون البخاري. وترى الحاكم يروي في مستدركه أحاديثه، ويقول: هذا على شرط البخاري فيهم في ذلك ويُكرره!".

وقال ابن حجر: "صدوقٌ له أوهام".

قلت: هو صدوق، له إفرادات يُغرب فيها! فلا يُحتج بما انفرد به.

وهذا الحديث حدّث به معاوية بن صالح في مصر لما قدمها سنة (157هـ)، وسمعه منه: عبدالله بن صالح كاتب الليث، وابن وهب، وكلاهما عنده عن معاوية كتاب.

قال أبو صالح عبدالله بن صالح: "قدم علينا معاوية بن صالح سنة سبع وخمسين ومائة، وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائة".

وفرج بن فضالة ومعاوية بن صالح حمصيان، وفرج ضعيف، ومعاوية لا يحتج بحديثه!

وأخشى أن يكون أحدهما أخذه من الآخر!! والله أعلم.

قال الأثرم: قلت لأحمد: فإن الهيثم بن خارجة - يعني يقول: إن أهل حمص لا يروون عن معاوية بن صالح؟ قال: "قد روى عنه الفرج بن فضالة".

ولم يتابعا من ثقات أهل الشام عليه ممن روى عن ربيعة بن يزيد كالأوزاعي.

وقد سمع عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، والوليد بن مسلم من ربيعة بن يزيد، ولم يرويا هذا الحديث عنه!! مع أن الوليد بن مسلم روى الحديث عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر من طريق آخر كما مر!

ولو قلنا بصحة متابعة معاوية بن صالح لفرج بن فضالة فتبقى العلّة في "مسلم بن قَرَظَة" كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

·       ترجمة رَبِيعَة بن يَزِيد القَصِير الدِّمَشْقِيّ ( ت 123هـ):

ربيعة بن يزيد أبو شعيب الإيادي القصير: روى عن واثلة بن الأسقع، وعطية بن عروة السعدي، وأبي إدريس الخولاني، وجبير بن نفير، ومعاوية ابن أبي سفيان، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وعبدالرّحمن بن أبي عميرة المزني، وعمر بن عبدالعزيز، وعبدالله ابن أبي زكريا الخزاعي، وعبدالله بن قيس، وأبي كبشة السلولي وقزعة بن يحيى، وعبدالله ابن عامر القارىء، ومسلم ابن قرظة الأنصاري، وأبي أسماء الرحبي.

روى عنه: العلاء بن الحارث، وأبو عمرو الأوزاعي، وسعيد بن عبدالعزيز، والعباس بن سالم بن جميل اللخمي، وعبدالله بن العلاء بن زبر، وعبدالرّحمن بن يزيد بن جابر، وعبدالله بن يزيد الدمشقي، والوليد بن سليمان بن أبي السائب، وعبدالرّحمن بن عامر. [تاريخ دمشق: (72/192)].

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/288): "ربيعة بن يزيد القصير الدمشقي: سَمِعَ واثلة. سَمِعَ منه: الأوزاعي، وسَعِيد بن عَبْدالعزيز، ومعاوية، وحيوة، وابن جابر، والوليد بن مُسْلِم. وسمع أبا كبشة السلولي، وعبداللَّه بن عامر، وقزعة، وابن الديلمي. وعن مُسْلِم بن قرظة".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/474): "ربيعة بن يزيد الدمشقي القصير: روى عن واثلة بن الأسقع، وأبي إدريس الخولاني، وعبدالله بن الديلمي، وعبدالله بن عامر اليحصبي. روى عنه: الأوزاعي، وسعيد بن عبدالعزيز، ومعاوية بن صالح. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال ابن حبان في «الثقات» (4/232): "رَبِيعَةُ بنُ يَزِيدَ القَصِيرُ الدِّمَشْقِيُّ، كُنْيَتُهُ أَبُو شُعَيْبٍ، وكَانَ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الشَّامِ. يروي عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع. رَوَى عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بنُ عَبْدِالعَزِيزِ، وَأَهْلُ الشَّامِ. قُتِلَ غَازِيًا بِالمَغْرِبِ".

ثم قَالَ: "خَرَجَ رَبِيعَةُ بنُ يَزِيدَ غَازِيًا نَحْوَ المَغْرِبِ فِي بَعْثٍ بَعَثَهُ هِشَامُ بنُ عَبْدِالمَلِكِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ كُلْثُومَ بنَ عِيَاضٍ القُشَيْرِيَّ، قُتِلَ رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ غَازِيًا فِي ذَلِكَ البَعْثِ بِالمَغْرِبِ، وكَانَ يَزِيدُ صَاحِبًا لِمُعَاوِيَةَ".

وقال ابن عساكر: "قتلته البربر بالمغرب سنة ثلاث وعشرين ومائة، فكان في البعث الذي طلع المغرب مع كلثوم بن عياض القشيري".

وقال الذهبي: "وكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ ثَمَانِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ-. وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ مُعَاوِيَةَ".

قلت: يعني وُلد في سنة بضع وأربعين، وعليه فيبعد أن يكون من أصحاب معاوية كما قال ابن حبان! يمكن أنه سمع منه لكن أن يكون من أصحابه ففيه نظر!

قال العجلي: "ربيعة بن يزيد الدمشقي: تابعي ثقة".

وقال البرقاني: سمعت الدَّارَقُطْنِيّ يقول: "ربيعة بن يزيد الدمشقي، يعرف بالقصير: يُعتبر به".

وقال ابن حجر: "ثقة عابد".

قلت: قال البخاري في ترجمته بعد ذكره شيوخه الذين سمع منه: "وعن مسلم بن قرظة"! وهذه إشارة منه إلى عدم ثبوت سماعه من مسلم بن قرظة = أي لم يثبت أنه سمع هذا الحديث من مسلم بن قرظة.

وتعليق مسلم لحديثه بعد روايته لحديث رزيق بن حيان فيه إشارة إلى عدم ثبوته عنده! فقال: "ورواه معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن مسلم بن قرظة، عن عوف، عن النبي صلى الله عليه وسلم".

ولو ثبت عنده لأسنده في المتابعات! إلا أنه علّقه! وهو نفسه قد خرّج لمعاوية بن صالح عدة أحاديث في صحيحه!

والغريب أن هذا الحديث يرويه فرج بن فضالة ومعاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد، عن مسلم بن قرظة، عن عوف بن مالك، فكيف يروي عن عوف بن مالك الشامي الذي مات سنة (73هـ) بواسطة مسلم بن قرظة! وهو قد أدركه وكان عمره تقريباً (30) سنة لما مات عوف!! بل أدرك معاوية أيضاً. فلو كان هذا الحديث عند عوف بن مالك لربما سمعه ربيعة منه، والله أعلم!

وعلى العموم فلو ثبتت رواية رزيق بن حيان، وربيعة بن يزيد، عن مسلم بن قرظة، فتبقى المسألة في تفرد مسلم بن قرظة بهذا الحديث عن عوف بن مالك!!

وسنترجم لمسلم بن قرظة، ثم نتكلم على الحديث.

·       ترجمة مُسلم بن قَرَظَة:

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (7/270): "مُسْلِم بْن قرظة الأشجعي، ابْنُ عَمِّ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ لَحًّا، الشَّامِيُّ: سَمِعَ عَوْفَ بنَ مَالِكٍ. رَوَى عنه: رُزيق، ويزيد بن يزيد ابن جَابِرٍ.

قَالَ لَنَا أَبُو صَالِحٍ: حدثنا مُعَاوِيَةُ: أنّ ربيعة بن يزيد حدّثه عَنْ مُسْلِمِ بنِ قَرَظَةَ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «خياركم وخيار أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ».

وقَالَ الحُمَيْدِيُّ: حدثنا الوَلِيدُ قَالَ: حَدَّثَنِي [ابن] جَابِر: سَمِعَ رُزَيْقًا: سَمِعَ مُسْلِم بْن قَرَظَةَ: سَمِعَ عَوْفًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْله".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (8/192): "مسلم بن قرظة الأشجعي، ابن عمّ عوف بن مالك الاشجعي، الشامي لحا. روى عن عوف بن مالك. روى عنه: رزيق بن حيان، وربيعة بن يزيد، ويزيد بن يزيد بن جابر. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال ابن حبان في «الثقات» (5/396): "مُسلم بن قرظة الْأَشْجَعِيّ ابن عَم عَوْف بن مَالك، كنيته أَبُو المِقْدَام. يروي عَن عَوْف بن مَالك: «سَتَكُون عَلَيْكُم أَئِمَّة تحبونهم ويحبونكم» الحَدِيث. عِداده فِي أهل الشَّام. روى عَنهُ: يزِيد بن يزِيد بن جَابر، وَرَبِيعَة بن يزِيد، ورزيق بن حَيَّان. وَرَوَاهُ عبدالرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر عَن رُزَيْق بن حَيَّان عَن مُسلم بن قرظة".

وذكره محمد بن سعد في الطبقة الثانية من أهل الشام في «الطبقات» (7/313): "مسلم بن قرظة الأشجعي. روى عن عمّه عوف بن مالك الأشجعي".

وكذا ذكره مسلم بن الحجاج.

وقال ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (58/115): "مسلم بن قرظة الأشجعي ابن عمّ عوف بن مالك. حدّث عن عوف بن مالك. روى عنه: ربيعة بن يزيد، ورزيق بن حيان أبو المقدام مولى بني فزارة، ويزيد بن يزيد بن جابر".

وقال أبو زرعة الدمشقي في الطبقة التي تلي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - فهي العليا -: "مسلم بن قرظة الأشجعي ابن أخي عوف".

 وقال ابن سُميع في الطبقة الثانية: "مسلم بن قرظة ابن أخي عوف بن مالك، حمصي، حفظ عن عوف".

وقال أحمد بن محمد بن عيسى: "مسلم بن قرظة الأشجعي ابن أخي عوف بن مالك الأشجعي". [تاريخ دمشق لابن عساكر: (58/118)].

وذكره يعقوب بن سفيان في الطبقة العليا من أهل الشام.

وذكره أيضًا البزار في كتاب «السنن»، وقال: "مسلم هذا مشهور". [إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي: 11/176)].

وخرج أبو عوانة الإسفرائيني حديثه في «صحيحه»، وكذلك ابن حبان.

وفي كتاب الصريفيني: "وقيل: ابن أخي عوف بن مالك".

وقال الذهبي في «الكاشف» (2/260): "مسلم بن قرظة الاشجعي عن عوف بن مالك، وعنه ربيعة بن يزيد ورزيق بن حيان. ثقة".

وقال ابن حجر في «التقريب»: "مسلم بن قَرَظَة، بفتحات والظاء معجمة، الأشجعيُّ، ابن أخي عَوْفِ بن مالك: مقبولٌ، من الثالثة. م".

فتعقبه صاحبا «التحرير» (3/374) فقالا: "بل: صدوقٌ حسن الحديث، فقد روى عنه ثلاثة، وروى له مسلم في الصحيح، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال البزار: مشهورٌ، وذكره يعقوب بن سفيان في الطبقة العليا من أهل الشام، ووثقه الذهبي في الكاشف".

قلت:

أولاً: ما ذكره أهل العلم في ترجمة «مسلم بن قرظة» إنما هو مأخوذ من روايته هذه التي لا يُعرف في الدنيا إلا بها!!

فمن نسبه بأنه أشجعي وأنه ابن عمّ عوف؛ فلأنه جاء في بعض الطرق أنه "ابن عم عوف"، وفي بعضها قال: "سمعت عمّي عوف"، ولهذا اختلفوا، فبعضهم قال: "ابن عم عوف"، وبعضهم قال: "ابن أخي عوف"!!

قال المزي في الرواة عن عوف: "وابن عمه، وقيل: ابن أخيه مسلم بْن قرظة الأشجعي (م)".

ولأن عوفا أشجعي فنسبوا قرظة بأنه أشجعي أيضاً لأنه جاء في الرواية أنه عمّه!! وزاد بعضهم: "الأنصاري"!

ثانياً: ما ذكره البخاري وتبعه عليه أبو حاتم وغيره من أن يزيد بن يزيد بن جابر روى عنه غير صحيح!! وإنما جاء في بعض الروايات أن يزيد بن يزيد بن جابر روى عن رزيق عنه! وقد بينت فيما سبق أن هذا وهم أيضاً.

قال مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (11/176): "قال المزي: ذكر - يعني صاحب «الكمال» - في الرواة عنه: يزيد بن يزيد بن جابر، وإنما يروي عن زريق بن حيّان عنه، كذا قاله، وهو غير جيد؛ لما ذكره البخاري في «التاريخ الكبير»: مسلم بن قرظة الأشجعي ابن عم عوف بن مالك الشامي، روى عنه زريق ويزيد بن يزيد بن جابر".

وهذا الذي ذكره مغلطاي عن المزي ليس في أصل تهذيب المزي، وإنما هو في حاشية النسخة التي بخطه في تعقباته على صاحب «الكمال» كما أشار محقق «تهذيب الكمال».

يعني أن المزي تعقّب هنا صاحب «الكمال» بذكره أن "يزيد بن يزيد بن جابر" روى عنه، ووهمه في ذلك؛ لأن يزيد بن يزيد بن جابر يروي عنه بواسطة رزيق بن حيّان.

فتعقبه مغلطاي بأن كلام المزي ليس بجيد؛ لأن البخاري ذكر في ترجمته أن يزيد بن يزيد بن جابر روى عنه!

وأخذ ابن حجر كلام مغلطاي كعادته في «تهذيب التهذيب» (10/135) وقال: "وذكر صاحب الكمال أن يزيد بن يزيد بن جابر روى عنه، ووهم في ذلك، وإنما يروي يزيد عن رُزيق عنه. قلت: لكن ذكر البخاري ويعقوب بن سفيان وابن حبان وغيرهم أن يزيد بن يزيد بن جابر يروي عنه".

فتبع مغلطاي في تعقبه للمزي!! والصحيح أن المزي أصاب في قوله؛ لأن يزيد بن يزيد بن جابر لا يروي عن مسلم بن قرظة! وإنما جاء في إسناد أنه يروي عن رزيق عن مسلم بن قرظة، وقد بينت أن هذا خطأ أيضاً، ولم يرو يزيد بن يزيد هذا الحديث لا عن رزيق ولا عن مسلم مباشرة!!

ثالثاً: إثبات البخاري سماع مسلم بن قرظة من عوف بن مالك لأنه هكذا جاء في بعض الروايات، وقد ذكر في الترجمة الرواية التي فيها ذلك.

وما جاء في هذه الرواية من إثبات السماع لا يصح!! وأصول الشاميين فيها الكثير من الأخطاء والأوهام في الأسانيد، ولا يُعتمد عليها في ذلك ما لم تكن هناك قرينة تدعمها، والبخاري نفسه - رحمه الله - يُخطىء في هذا في مواضع من كتابه في إثبات السماعات من خلال أسانيد وكتب الشاميين التي فيها أصلا أخطاء في ذلك كما بينته في بحث خاص.

فلا يُقال: إن البخاري قد أثبت سماع مسلم من عوف، فالحديث صحيح بذلك!! إذن يجب إلزام البخاري بتخريجه؛ لأنه على أصله في ثبوت السماع! لكنه - وإن أثبت السماع في بعض التراجم كهذه إلا أنه لا يخرج تلك الأحاديث في «صحيحه»! فإثباته للسماع في الترجمة إنما جاء من خلال الرواية، ولا نلزمه بتخريج مثل هذه الأحاديث التي جاء في بعض طرقها السماعات!

رابعاً: إيراد أصحاب كتب «الطبقات» لمسلم بن قرظة في الطبقة العليا من الشاميين التي تلي طبقة الصحابة لأن هذا هو الأمر الطبيعي لرجل عداده في التابعين يروي عن طبقة الصحابة.

وهذا الإيراد منهم اعتمدوا فيه على هذه الرواية فقط، ولا يُحتج بذلك على صحة الحديث من عدمه أو في توثيق الراوي من تضعيفه!

فلو أنهم وجدوا أي معلومات عنه غير ما جاء في بعض أسانيد الحديث لذكروها كعادتهم وخاصة من صنّف في الشاميين كأبي زُرعة الدمشقي، وابن عساكر جامع ما يتعلق بالشاميين والذي لا تكاد تفوته معلومة عن الشاميين!!

لكن لا يوجد أي شيء عن هذا الراوي إلا أنه سمع من عوف بن مالك، وأنه ابن أخي عوف أو ابن عمّه كما جاء في بعض روايات الحديث!!

خامساً: ما ذكره بعض أهل العلم المتأخرين من توثيق مسلم بن قرظة كالذهبي وغيره لأن مسلماً أخرج له هذا الحديث في «صحيحه»! وأصبح مُسَلَّماً عند المشتغلين بالحديث أن من يُخرّج له البخاري ومسلم ولا يوجد فيه أيّ جرح أو تعديل فهو على الثقة عندهما!!

لكن هذا فيه نظر على إطلاقه!!

وكذا من أخرج الحديث في كتابه الذي يعده صحيحاً عنده كابن حبان إنما تبع مسلما في ذلك، وهو على شرطه لأنه ذكره في ثقاته كذلك!!

سادساً: ما قاله ابن سميع أنه "حفظ عن عوف" لا دليل عليه سوى أنه جاء في الرواية أنه سمع منه! وحتى السماع لا يدل على الحفظ دائماً !!

سابعاً: ما نقله مغلطاي عن البزار أنه قال فيه: "مسلم هذا مشهور"! غير مُسلَّم إن أراد شهرته في الرواة!! فهو لا يروي عنه إلا واحد أو اثنين إن ثبت ذلك! ولا يوجد له إلا هذا الحديث! ولا يعرفه أهل بلده! فكيف يكون مشهوراً! مع أننا لم نجد من ذكر كلمة البزار قبل مُغلطاي!!

وإن قصد بأنه مشهور بهذا الحديث، فهو صحيح من هذا الباب؛ لأن الحديث معروف به، ولهذا أخرجه الإمام مسلم وغيره.

ثامناً: قول ابن حجر فيه: "مقبول" ليس توثيقاً، وهذا المصطلح يطلقه ابن حجر على من توبع في حديثه، فيُقبل وإلا لُيّن في حديثه.

فقد ذكر في مقدمة كتابه في الطبقة السادسة قال: "من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يُترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول، حيث يُتابع، وإلا فليّن الحديث".

ولم يُتابع مسلم بن قَرظة عليه، فهو ليّن عند الحافظ ابن حجر.

وما تعقبه به صاحبا «التحرير» مردود! وهما لا يفهمان مصطلحات أهل العلم! والرد عليهما في النقاط السابقة.

والخلاصة أن هذا الراوي «مُسلم بن قَرَظة» مجهول! فهو لا يُعرف إلا في هذا الحديث وما جاء في بعض طرقه أنه ابن عمّ عوف أو ابن أخيه، وروى عنه رزيق مولى بني فزارة وهو مجهول الحال! ورواية ربيعة بن يزيد فيها نظر، ولم تثبت!

والعجيب أن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر (ت ما بين 153 و 156هـ) يروي الحديث عن رزيق بن حيان، عن مسلم بن قرظة، ولا يرويه عن شيخه ربيعة بن يزيد، عن مسلم بن قرظة!!

فكيف يكون الحديث عند ربيعة بن يزيد، ويرويه عنه فرج بن فضالة - وهو ضعيف - ومعاوية بن صالح - مُتكلّم فيه -، ولا يرويه أحد من الثقات ممن سمع من ربيعة؟! بل لا يرويه عبدالرحمن بن جابر عن شيخه ربيعة!!

والحديث يرويه ثلاثة من أهل الشام من طبقة واحدة تقريباً [عبدالرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي (ت ما بين 153 و 156هـ)، ومعاوية بن صالح الحمصي (ت 158هـ)، وفرج بن فضالة (ت 177هـ)]، وثلاثتهم من تلاميذ ربيعة بن يزيد الدمشقي.

وأخشى أن تكون رواية فرج ومعاوية ترجع لرواية عبدالرحمن ولم يضبطا الإسناد فروياه عن ربيعة بن يزيد! وضبطه عبدالرحمن فرواه عن رزيق! والأقران يأخذون من بعضهم بعض الأحاديث الفوائد، وفي الغالب القرين لا يضبط ما سمعه من قرينه!!

فالحديث غريبٌ جداً! وفيه نكارة!!

وأين هذا الحديث عن الرواة الثقات من أصحاب عوف بن مالك - رضي الله عنه - كجُبير بن نُفير الحضرمي، وسليم بن عامر، وأبي إدريس الخولاني، وأبي مُسلم الخولاني!! حتى يتفرد به رجلٌ مجهول لا يُعرف!!

وهذا الحديث عدا عن جهالة راويه لا يُقبل لأنه مما يرويه الشاميون في مسألة الطاعة غير المضبوطة - وإلا فأصل السمع والطاعة من الدّين لكن بالضوابط الشرعية -، وقد انتشرت أحاديث كثيرة ضعيفة ومنكرة في مسألة الطاعة نتيجة الخلافات السياسية والاقتتال بين الناس، وخاصة في الشام!!

فكما أن أهل العلم لا يقبلون حديث المبتدع الذي يؤيد فيه بدعته، فكذلك أحاديث الطاعة المطلقة لا تقبل من الرواة الشاميين! فكيف إذا كان راويها ضعيفاً أو مجهولاً!!!

·       تنبيه:

هناك راو آخر اسمه «مُسلم بن قَرَظة» غير هذا، نُنبه عليه لئلا يختلط على بعضهم براوي حديث الطاعة!

وهو: مُسلم بن قَرَظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفليّ.

كان أبوه يكنى أبا عمرو، وكان شديدًا على المسلمين، وتزوّج بنت عتبة بن ربيعة فولدت له فاختة التي تزوّجها معاوية، ومات أبوها كافرا قبل الفتح، وعاش ولده مسلم حتى قتل يوم الجمل. ذكره الباورديّ. [الإصابة في تمييز الصحابة: (6/205)].

·       شُبهة واعتراض!

قد يعترض البعض بأن ما جاء في الحديث من حلف رزيق أنه سمعه من مسلم بن قرظة، وحلف مسلم أنه سمعه من عوف دليل على صحة الحديث!!

فأقول: نعم زاد الوليد بن مسلم الدمشقي في روايته للحديث عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر: "قالَ ابنُ جَابِرٍ: فَقُلْتُ: - يَعْنِي لِرُزَيْقٍ - حِينَ حَدَّثَنِي بِهَذَا الحَدِيثِ: آللَّهِ، يَا أَبَا المِقْدَامِ، لَحَدَّثَكَ بِهَذَا، أَوْ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَقَالَ: "إِي وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَسَمِعْتُهُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

وهذا الاستحلاف من ابن جابر لرزيق من باب التثبت كما في بعض الروايات: "قَالَ ابنُ جَابِرٍ: فَلَمْ أَسْتَحْلِفْهُ اتِّهَامًا وَلَكِنِ اسْتَحْلَفْتُهُ اسْتِثْبَاتًا".

 وهو منهج عند أهل الحديث عند انتشار الكذب في الحديث أو عدم الاقتناع بما يرويه الراوي أو من باب الاطمئنان للحديث.

وهذا قد يكون إيجابياً بحيث يؤيد صحة الرواية، وقد يكون سلبياً بحيث يُبين ضعفها!!

فلولا أن عبدالرحمن استغرب هذا الحديث لما استحلف رزيقاً فيه!! سيما وهو حديث لا يُعرف عندهم في الشام!! لكن بعد حلفه عليه اطمئن! لكن تبقى المسألة في جهالة مسلم بن قرظة! فهو لا يعرف! فكيف نقبل حديثه برواية رزيق وهو نفسه فيه جهالة!!

فحلف رزيق لا يجعل الحديث صحيحاً ! ولا يُخرج مسلم بن قرظة عن حدّ الجهالة!!!

ومثل هذه الألفاظ لاحظتها في حديث الشاميين "فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ"! كما ذكروا في حديث تحريم الظلم: "كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيُّ، إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيثِ، جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ".

وكذا ما يذكره بعض الرواة الضعفاء والمتهمين: "لوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا"، أو: "لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ عَشْرًا أَوْ عِشْرِينَ مَا حَدَّثْتُ بِهِ"!!

وقد روى ابن ماجه في «سننه» (2/1373) (4100) قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ القُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ، وَلَا فِي إِضَاعَةِ الْمَالِ، وَلَكِنِ الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا تَكُونَ بِمَا فِي يَدَيْكَ أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ، وَأَنْ تَكُونَ فِي ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ، إِذَا أُصِبْتَ بِهَا، أَرْغَبَ مِنْكَ فِيهَا، لَوْ أَنَّهَا أُبْقِيَتْ لَكَ».

قَالَ هِشَامٌ: "كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيُّ، يَقُولُ: مِثْلُ هَذَا الحدِيثِ فِي الْأَحَادِيثِ، كَمِثْلِ الْإِبْرِيزِ فِي الذَّهَبِ"!

قلت: هذا حديث لا يصح! وعمرو بن واقد منكر الحديث!! وكأن مثل هذه الأقوال التي تكون في وصف حال بعض الرواة حول بعض الأحاديث من باب تزويقها لقبولها جذباً للسامعين!!!

وروى أبو أحمد الحاكم في «فوائده» (37) عن أبي عمرو محمد بن القاسم بن سنان الدقاق، عن هارون بن زياد الحِنّائي، عن خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن عرفجة بن شراحيل الأشجعي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنها ستكون هنات وهنات - ومدّ صوته بالآخرة - فمن أراد أن يفرق بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأمرها جامعٌ فاقتلوه كائناً من كان».

ثم استقبل عرفجة القبلة، فقال: "والله الذي لا إله إلا هو لقد قال: اقتلوه كائناً من كان، ما استثنى أحداً".

وهذا الحديث أصله عراقي عن عرفجة، وليس فيه ما جاء في آخره: "ثم استقبل عرفجة..."!!

وخالد بن يزيد بن أبي مالك دمشقي، وهو ضعيف جداً، يروي المناكير، وتركه بعض أهل العلم!!

وهذه المبالغات تدلّ في الغالب على وهن الرواية! فلا يحتاج الراوي لمثل هذه الألفاظ لو كان حديثه مضبوطاً !!! وقد جمعت باباً في مثل هذه الأمور!

·       تضعيف "حسّان عبدالمنان" للحديث! ورد الألباني عليه!

قال حسان عبدالمنان في تعليقه على هذا الحديث في كتاب «رياض الصالحين» (ص501) (218): "في إسناده مسلم بن قرظة، وهو مجهول الحال".

وذكر الألباني الحديث في «سلسلته الصحيحة» (2/711) (11- 907)، وردّ على حسّان، فقال: "قلت: وهذا الحديث مما جنى عليه المشار إليه في الاستدراك رقم (6)، فأعله فيما علق على ما سماه بـ "رياض الصالحين"! بقوله: "مسلم بن قرظة مجهول الحال. وانظر الحديث رقم (129)".

وجَهِل أن إخراج هؤلاء الثلاثة له في "صحاحهم" إنما هو منهم توثيق له؛ أعني مسلمًا وابن حبان وأبا عوانة، كما أنه تجاهل إيراد ابن حبان إياه في "الثقات" (5/396)، وجزم الذهبي في "الكاشف" بأنه ثقة، ولذلك لم يسع شيخه شعيبًا الأرناؤوط إلا أن يقول في تعليقه على "الإِحسان" (10/449): "إسناده قوي على شرط مسلم". وكيف لا والرجل تابعي مشهور كما قال البزار؟! وذكره يعقوب بن سفيان في الطبقة العليا من تابعي أهل الشام في كتابه "المعرفة" (2/333). ونحوه ما في "تاريخ ابن عساكر" (16/482) عن أبي زرعة الدمشقي أنه ذكره في الطبقة التي تلي أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي العليا.

يضاف إلى ذلك أن الإِمام أحمد احتج بهذا الحديث على عدم جواز الخروج على الأئمة، وذكر أنه جاء من غير وجه. كما رواه عنه الخلال في "السنة" (1/3/629 تحقيق الزهراني). كل هذا قالوه في ابن قرظة وحديثه، والرجل يعله بجهالته! فهل هو الجهل أو التجاهل؛ أم الأمران معًا؟!" انتهى.

وقال في موضع آخر (7/17) (3007) رادّا على حسان: "فقد روى عنه - أي: مسلم بن قرظة - ثلاثة من الثقات: رزيق بن حيان، وربيعة بن يزيد، ويزيد بن يزيد بن جابر؛ كما في "تاريخ البخاري" (4/1/270 - 271) وساق له هذا الحديث، و"جرح ابن أبي حاتم" (4/1/192)، و"ثقات ابن حبان" (5/396)، و"تاريخ ابن عساكر" (16/482)، ولذلك جزم الذهبي في "الكاشف " بأنه "ثقة"، وصحح حديثه هذا مسلم وأبو عوانة وابن حبان، وكذلك البيهقي بإقراره لتصحيح مسلم، ثم هو إلى ذلك من كبار التابعين المشهورين؛ كما يدل على ذلك أقوال مؤلفي "الطبقات"؛ فقد روى ابن عساكر عن ابن سعد أنه أورده في (الطبقة الثانية) من تابعي الشام. وعن أبي زرعة الدمشقي أنه ذكره في الطبقة التي تلي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهي العليا. وهكذا قال يعقوب الفسوي في "المعرفة" (2/333). وقد احتج أحمد في عدم جواز الخروج على الأئمة بهذا الحديث، وذكر أنه جاء من غير وجه كما رواه عنه الخلال في "السنة" (1- 3/129- تحقيق الزهراني)" انتهى.

قلت: ما ذكره حسّان عبدالمنان هو الصواب، فمسلم بن قرظة مجهول الحال إن ثبتت رواية ربيعة بن يزيد عنه، وإلا فهو مجهول العين!

وما ذكره الألباني في ردّه على حسان قد ناقشته وبينته آنفاً!!

وتصحيح بعض الأئمة لحديث ومتابعته في ذلك عند البعض لا يعني الجزم بصحته وأنه لا نستطيع مخالفته! فالأصل اتباع الحجة والدليل في تأييد الرأي ضمن المنهج العام لأهل النقد.

وتصنيف "مسلم بن قرظة" في الطبقات العليا من طبقات التابعين لا يعني توثيق الرجل!! وإنما ذكره أصحاب الطبقات لأنه روى عن صحابي دون النظر هل صحت روايته أم لا! فليس كل من يُذكر في كتب الطبقات يكون ثقة أو مقبول الرواية!

·       الخلاصة والفوائد:

لقد خلصت من خلال هذا البحث إلى جملة من الفوائد، منها:

1- تفرد مُسلم بن قَرَظَة برواية حديث: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم!!

2- لا يوجد أية معلومات عن "مسلم بن قرظة" إلا ما جاء في بعض طرق الحديث أنه ابن أخي عوف، أو ابن عمه! ومنه أخذ أهل العلم في بناء ترجمته! ولا يُعرف إلا في هذا الحديث!

وهو مجهول لا يُعرف!! وحديثه ضعيف!

3- إثبات البخاري سماع "مسلم بن قرظة" من عوف بن مالك؛ لأنه هكذا جاء في بعض الروايات، وقد ذكر في الترجمة الرواية التي فيها ذلك، وهذه طريقته في الترجمة في "تاريخه".

4- إيراد أصحاب كتب «الطبقات» لمسلم بن قرظة في الطبقة العليا من الشاميين التي تلي طبقة الصحابة لأن هذا هو الأمر الطبيعي لرجل عداده في التابعين يروي عن طبقة الصحابة، وهذا الإيراد منهم اعتمدوا فيه على هذه الرواية فقط، ولا يُحتج بذلك على صحة الحديث من عدمه أو في توثيق الراوي من تضعيفه!

5- ما نقله مغلطاي عن البزار أنه قال في "مسلم بن قرظة": "هذا مشهور"! فيه نظر!!

6- بحسب قول ابن حجر في "مسلم بن قرظة": "مقبول" أي إذا توبع، لكنه لم يُتابع عليه فهو "ليّن الحديث" عنده!

7- يبدو أن مسلماً أخرج الحديث في "صحيحه" لما جاء في بعض طرق من أن رزيقا حلف أنه سمعه من مسلم بن قرظة: سمع عوف بن مالك يحدّث به!

8- صحح الحديث أيضاً ابن حبان بإخراجه له في "صحيحه" وغيره من المتأخرين والمعاصرين لتخريج مسلم له أيضاً في "صحيحه".

9- لم يثبت أن "يزيد بن يزيد بن جابر" روى عن مسلم بن قرظة! ولم يثبت أنه روى هذا الحديث عن "رزيق بن حيان"! وقد حصل وهم في ذكره في بعض طرق الحديث!

10- ما جاء في بعض طرق الحديث من حلف رزيق بن حيان أنه سمع الحديث من "مسلم بن قرظة" لا يعني صحة الحديث؛ لأن رزيقا هذا فيه جهالة! ومسلم بن قرظة مجهول!

11- وهم البخاري ومن تبعه كأبي حاتم في ذكر "يزيد بن يزيد بن جابر" في الرواة عن "مسلم بن قرظة"!

12- روى الحديث فرج بن فضالة الحمصي - وهو ضعيف جداً -، ومعاوية بن صالح الحمصي - وهو متكلّم فيه ولا يُحتج به - عن ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن مسلم بن قرظة!

ولم يتابعهم أيّ ثقة على هذه الرواية! والميل إلى أنهما أخذاه من بعضهما أو من عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، ولم يضبطاه!

وظاهر صنيع البخاري في "تاريخه" أنه يضعف ما روي عن ربيعة هنا! وكذا مسلم بتعليقه لرواية معاوية بن صالح عن ربيعة في "صحيحه"!

13- أسانيد الحديث كلها شامية! تفرد بها أهل الشام! وأحاديث الشاميين في مسألة الطاعة المطلقة لا تُقبل نظراً للاختلافات السياسية في تلك العصور!

14- خلط أهل العلم كثيراً بين "رُزيق بن حيان" و"رُزيق بن حُكَيْم"! فجعلوا كليهما ممن استعمله عمر بن عبدالعزيز وغيره من الولاة!!

والصواب أن من استعمله عمر بن عبدالعزيز وغيره هو "رزيق بن حُكيم" وهو ثقة. وهو الذي روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وكان يسميه بعض الرواة: "رزيق بن حيان"، ويحتمل أن ذلك تحرّف! وبسبب ذلك حصل الخلط بينهما، وكذا ما جاء في أن كلا منهما قيل فيه: "مولى بني فزارة"!

15- "رزيق بن حيان" مجهول لا يُعرف! وقد تفرد بالرواية عنه: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر!

16 ما نقله مغلطاي من توثيق النسائي لرزيق بن حيان فيه نظر!! وتوثيق الذهبي له، وقول ابن حجر فيه بأنه صدوق لا يُقبل! فهو لا يُعرف إلا بهذا الحديث!

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

وكتب: خالد الحايك - عفا الله عنه -.

 

شاركنا تعليقك