الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

«داود بن إبراهيم الواسطي»، و«وداود بن إبراهيم الواسطي قاضي قزوين»، و«وداود بن إبراهيم العقيلي»، وخلط لابن حبان وغيره من أهل العلم!

داود بن إبراهيم الواسطي، وداود بن إبراهيم الواسطي قاضي قزوين، وداود بن إبراهيم العقيلي. وخلطٌ لابن حبّان وغيره من أهل العلم!

بقلم: أبي صهيب الحايك.

 

· خلط لابن حبان!

ذكر ابن حبان في ((الثقات)) (6/280) قال: "داود بن إبراهيم الواسطي، سكن البصرة، يروي عن طاوس وحبيب بن سالم، روى عنه ابن المبارك وأبو داود الطيالسي".

قلت: خلط ابن حبان بين اثنين فجعلهما واحداً!

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/236): "داود بن إبراهيم: سمع طاوساً قوله. سمع منه ابن المبارك".

ثُمّ قال: "داود بن إبراهيم الواسطي: سمع حبيب بن سالم، روى عنه أبو داود. قال علي: هو البصري، وقال الوليد بن عمرو بن سُكَيْن: حدثنا يعقوب بن إسحاق قال: حدثنا إبراهيم بن داود: سمع حبيب بن سالم، نحوه".فقد فرّق بينهما البخاري.

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/406): "داود بن إبراهيم، روى عن طاوس ووهب بن منبه، روى عنه ابن المبارك وعبدالرزاق، سمعت أبي يقول ذلك".

ثُمّ قال: "داود بن إبراهيم الواسطي، روى عن حبيب بن سالم، روى عنه أبو داود الطيالسي، سمعت أبي يقول ذلك. حدثنا يونس بن حبيب الأصبهاني، قال: حدثنا أبو داود: حدثنا داود الواسطي، وكان ثقة".

ثُمّ قال: "داود بن إبراهيم قاضي قزوين، روى عن شعبة ووهيب، روى عنه محمد بن أيوب، سمعت أبي يقول: داود بن إبراهيم هذا متروك الحديث، كان يكذب، قدمت قزوين مع خالي فحمل إليّ خالي مسنده فنظرت في أول مسند أبي بكر رضي الله عنه، فإذا حديث كذب عن شعبة، فتركته، وجهد بي خالي أن أكتب منه شيئاً فلم تطاوعني نفسي، ورددت الكتب عليه".

وذكر الرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (3/1) في ترجمة «داود بن إبراهيم العقيلي أبي سليمان الواسطي قاضي قزوين» من طريق أبي حاتم قال: "دخلت قزوين سنة ثلاث عشر ومائتين وداود قاضيها ومعي خالي محمد بن يزيد، فدخلنا على داود فدفع إلينا ممرساً فيه مسند أبي بكر الصديق - رضي الله عنه-، فأول حديث رأيت فيه: حدثنا شعبة عن أبي التياح عن المغيرة بن سبيع عن أبي بكر الصديق قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال من أرض يقال لها: خراسان، سبعة أقوام وجوههم المجان المطرقة». فقلت: ليس هذا من حديث شعبة عن أبي التياح، وإنما هذا من حديث سعيد بن أبي عروبة وعبدالله بن شوذب عن أبي التياح. فقلت لخالي: لا أكتب عنه إلا أن يرجع عن هذا. فقال خالي: استحي أن أقول هذا. فخرجت ولم أسمع منه شيئاً". [نبهني على هذه الترجمة أحد الإخوة جزاه الله خيراً].

قلت: يُحتمل أن هذا الأخير قاضي قزوين هو الذي روى عنه الطيالسي، نزل البصرة فلقيه الطيالسي فسمع منه، وكأنه لم يخبر حاله تماماً، فوثّقه كما في روايته لحديثه في «مسنده» (ص58): قال: حدّثنا داود الواسطي وكان ثقة، قال: سمعت حبيب بن سالم قال: سمعت النعمان بن بشير ابن سعد، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ - وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا يَكُفُّ حَدِيثَهُ - فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، فَقَالَ: يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ، أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمَرَاءِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ. فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، الحديث».

ثُمَّ أتى قزوين فصار قاضيها، فإن قيل: إن أبا حاتم فرّق بينهما! فأقول: الذي روى عنه الطيالسي تبع فيه أبا حاتم البخاري كعادته، ثم ذكر قاضي قزوين لأنه رآه ودخل عليه ووجد أنه يكذب في حديثه ولا يرجع فتركه!وهذا الجواب على فرض أن هذا الشيخ الذي يروي عنه الطيالسي قد عُمِّر؛ لأن أبا داود الطيالسي مات سنة (204هـ)، وأبو حاتم كان أول سماع له في الحديث سنة (209هـ) كما قال الإمام الذهبي في ترجمته في «السير»، وهذا محتمل لأن هذا الشيخ يروي عن شعبة وهو بصري، وشعبة هو شيخ الطيالسي، فالله أعلم.وقد يستبعد البعض هذا لأن الذي يروي عنه الطيالسي وهو (حبيب بن سالم كاتب النعمان) من التابعين يروي عن النعمان بن بشير (ت65هـ)، فكيف يسمع منه القاضي القزويني الذي توفي سنة (214هـ)؟

قلت: هذا صحيح؛ لأن طبقة تلاميذ النعمان - ومنهم حبيب- توفوا ما بين (90هـ) إلى سنة (115هـ) ومن توفي في هذه الفترة لا يمكن لرجل توفي سنة (214هـ) أن يسمع من هذه الطبقة.

فهذا يدلّ على أن «داود الواسطي» الذي يروي عن «حبيب بن سالم» ليس هو القاضي القزويني.

لكن هل سمع «داود الواسطي» من «حبيب بن سالم»؟ نعم، جاء في الرواية تصريحه بالسماع منه، فإن صحّ ذلك فهو لا يُعرف إلا من طريق الطيالسي - وقد وثقه-، لكن هل نقبل تفرده بهذا الحديث عن حبيب بن سالم دون أصحاب حبيب الثقات؟!

وهو بالنسبة لنا مجهول الحال - وإن وثقه الطيالسي-! فأين سمع من حبيب، وكيف؟

ويُحتمل أنه هو القاضي القزويني من أقران الطيالسي ولم يسمع من حبيب بن سالم، فيكون الحديث منقطعاً! والله أعلم.

· توثيق أبي داود الطيالسي!

وتوثيق الطيالسي لداود فيه نظر! فهو ليس من أهل النقد في الرّجال! وهو نفسه فيه كلام وكان يغلط وله أوهام، ومذهبه في التوثيق واسعٌ جداً، أي ليس هو من أهل الخبرة في النقد فيوثق الرجل لأدنى شيء.

وكيف يتفرد راوٍ غير مشهور بهذا الحديث عن كوفيّ، والكوفة مركز رئيس في الحديث، وأهلها ليس عندهم هذا الحديث!!

وقد تكلّمت على هذا الحديث بإسهاب في تعقبي للألباني في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» حديث رقم (5) عنده، وبيّنت أن العهدة في هذا الحديث على داود، ولو كان هذا الحديث عند حبيب لوجدناه عند أصحابه الكوفيين، وقد تفرد به هذا البصري المجهول الذي روى عنه الطيالسي!

وكذلك «حبيب بن سالم» قال عنه البخاري: "فيه نظر"! ووثقه أبو حاتم وغيره.

قال الدارقطني في «الغرائب والأطراف» [كما في الأطراف: 3/24]: "تفرد به أبو داود الطيالسي عن داود بن إبراهيم الواسطي عن حبيب بن سالم عن النعمان".

· من فرّق بين قاضي قزوين هذا والواسطي الذي يروي عن خالد الطحّان الواسطيّ!

قال ابن الجوزي في «الضعفاء والمتروكين» (1/259): "داود بن إبراهيم قاضي قزوين، يروي عن شعبة. قال أبو حاتم الرازي: متروك الحديث، كان يكذب".

ثُمّ قال: "داود بن إبراهيم العقيلي الواسطي، يروي عن خالد بن عبدالله. قال الأزدي: مجهول كذاب".

ثُم قال: "داود بن إبراهيم الصنعاني رأى وهب بن منبه. وداود بن إبراهيم الواسطي، حدّث عن شعبة".

وقال الذهبي في «المغني في الضعفاء» (1/216): "داود بن إبراهيم الواسطي عن حبيب بن سالم. وداود بن إبراهيم عن عبدة بن سليمان. وداود بن إبراهيم عن الحسن بن شبيب، فما علمت أن أحداً ضعفهم، وفيهم من فيه جهالة".

وقال في «الميزان» (3/4): "داود بن إبراهيم قاضي قزوين عن شعبة، قال أبو حاتم: متروك الحديث كان يكذب... فأما داود بن إبراهيم الواسطي عن حبيب بن سالم فوثّقه الطيالسي وحدّث عنه. وداود بن إبراهيم شيخ حدّث عن عبدة بن سليمان، وداود بن إبراهيم عن الحسن بن شبيب، فمستوران".

ثُمّ قال: "داود بن إبراهيم العقيلي عن خالد بن عبدالله الطحان فهذا كذّبه الأزدي".

قلت: داود بن إبراهيم العقيلي الذي يروي عن خالد الطحان (ت179هـ) هو نفسه قاضي قزوين.روى تمام في «فوائده» (1/107) من طريق محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس الرازي قال: حدثنا داود بن إبراهيم العقيلي قاضي قزوين، قال: حدثنا خالد بن عبدالله الواسطي، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا بويع للخليفتين فاقتلوا الآخر منهما».وكذا ذكر الرافعي في «أخبار قزوين» (3/2) في ترجمة «داود بن إبراهيم العقيلي الواسطي قاضي قزوين» في حديث رواه من طريق عمرو بن سلمة الجعفي عن داود بن إبراهيم العقيلي عن شعبة.والخلاصة عندي أن داود بن إبراهيم الواسطي الذي روى عنه أبو داود الطيالسي قد يكون هو قاضي قزوين المتروك المتّهم بالكذب، وإلا فهو مجهول الحال، ولا يُعتد بتوثيق الطيالسي له! والحديث مردود بتفرده عن حبيب، وتفرد الطيالسي عنه.

والخلاصة عندي أن داود بن إبراهيم الواسطي الذي روى عنه أبو داود الطيالسي هو العقيلي وهو قاضي قزوين، وهو متروك متّهم بالكذب.

20/3/2009م.

شاركنا تعليقك