الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

تابع لمسلسل السرقات! ظاهرة الكذب في تحقيقات من ينتسبون للسلف!

تابع لمسلسل السرقات: ظاهرةُ الكذب في تحقيقات من ينتسبون للسلف!

بقلم: خالد الحايك

 

إنَّ المطالع لتحقيقاتِ بعض المنتسبين للسَّلفية يَهولُه كثرة انتاجهم!! (وهذا ليس حسداً كما قد يفهمه البعض)!

فلو قسّمنا مدة اشتغالهم بالعلم (أو بالتحقيق) مع ما أخرجوه من تأليفات وتحقيقات تجد أن المعادلة (الرياضية) لا تستقيم!!

فالذي يقوم به هؤلاء أنهم يدفعون المخطوطات إلى (تلاميذهم) لنسخها والتعليق عليها، فإذا أنجزها (التلميذ النجيب) راجعها الشيخ (إن تفضل وراجعها)، ثم يضع عليها اسمه ويدفعها إلى الطباعة!!

أو يأتي بعض المساكين من الطلبة فيكون قد حقق كتاباً ما فيعرضه على بعض هؤلاء المشايخ، فيأخذه الشيخ، ثم يعتذر للتلميذ بأي عذر كان، ثم ما يلبث أن يدفعه إلى الطباعة فيخرج الكتاب موشحاً ((باسمه التجاري الكبير))... فيتهافت الطلبة كالفراش المبثوث لشراء ذلك الكتاب وتزيين مكتباتهم به -وبكتب الشيخ الأخرى- دون النظر فيه أو قراءة صفحة واحدة منه، والله المستعان.

قال مشهور حسن آل سلمان (النّجار!!) قال في كتابه ((المروءة وخوارمها)) المطبوع سنة (1415هـ) (ص295) عندما عَرض لذكر كتاب الصنعاني ((ثمرات النظر في علم الأثر)) قال: "وقد فرغت من تحقيقه مع أخي رائد صبري، وعسى أن أدفعه قريباً للطبع".

ثُم ظهر الكتاب بتحقيق رائد صبري وحده سنة (1417هـ) (طبع دار العاصمة/الرياض)، وقال محققه رائد صبري (ص7): "وللأمانة العلمية فإن الأخ ((مشهور حسن)) وفقه الله هو الذي دفع إليّ مخطوطة هذا الكتاب لتحقيقها مع ما كان له من رغبة في مشاركتي في ذلك إلا أن كثرة أشغاله حالت دون ذلك".

قلت: فبماذا يفسر الشيخ رائد كلام مشهور المتقدم أنهما قد أنهيا تحقيقه معاً؟!!! هل اتفقا على أن يحققه الشيخ رائد ثم يضع مشهور حسن اسمه التجاري على الغلاف لتسويقه؟ ثم حصل خلاف بينهما فأخرجه الشيخ رائد لأنه هو الذي اشتغل به، ومن أجل أن لا يُتهم بالسرقة قال بأن مشهور حسن فقط أعطاه المخطوط؟!!

الجواب بيّن واضح...

ومن أساليب الكذب عند هؤلاء أيضاً احتكارهم أسماء بعض الكتب وإيهام الناس أنهم يشتغلون على إخراجها من أجل أن لا يُقدم أحد على تحقيقها!!

قال الأخ عبدالله بن محمد الشمراني في كتابه النَّافع ((مزالق في التحقيق)): "المزلق الرابع: ظاهرة حجز الكتب: وأعني بهذا: أن يشيع أحد المحققين أنه يعمل على تحقيق أحد الكتب، ويسميه، أو أنه انتهى من العمل فيه، وسيطبعه قريباً، وهو يكذب فيما قاله، بل لم يعمل فيه أصلاً، ولكن غرضه من ذلك حجز الكتاب ((أو العنوان، أو الفكرة)) والإعلان عنه، وأنه حققه أو شرع في تحقيقه.

وبعض المحققين يحيلُ في تعليقاته بقوله: ((انظر كتاب كذا بتحقيقي))، أو ((قيدَ التحقيق))، أو ((قيد الإعداد))، وهو لم يبدأ فيه أصلاً، أو بدأ فيه، وما زال يعمل فيه ببطء، لكثرة شواغله.

وأنا أعرفُ - وللأسف الشديد- الكثير بأسمائهم يفعلون ذلك - وقصدهم - كما حدثني بعضهم بذلك - حجز الكتاب حتى لا يعمل فيه غيره. وأحدهم فعل ذلك فكان يحيلُ إلى كتابٍ للسّخاوي بتحقيقه، والكتاب غير مطبوع، فترك العمل فيه جمع من طلاب العلم، لأن فلاناً قد حققه وسيطبعه قريباً، وهو يحيل إليه في كتبه، وبعد سنوات قام أحدهم بتحقيق الكتاب، وطباعته، ثم تبيّن – برواية الثقات - أن الذي كان يحيل إليه، ويحيل على تحقيقه، لم ينسخه أصلاً، فضلاً عن تحقيقه وتخريج أحاديثه، وتوثيق نقوله، والتعليق عليه، كما يزعم!

مظاهر حجز الكتب: لهذا المزلق علامات يعرف أصحابه بها، مثل:

1- الإعلان عن هذا الكتاب في الورقة الأخيرة من كتبهم، مثل قولهم: ((قريباً - إن شاء الله - كتاب كذا بتحقيق فلان)) أو: ((تحت الطبع "كتاب كذا" بتحقيق فلان))، أو عبارة نحو ذلك.

وأحياناً يكون هذا الإعلان من قِبل الناشر المستقبلي للكتاب المُعْلن فيه. وتمر سنوات، ولم نر هذا الكتاب الذي عُبِّر عنه بقولهم: ((قريباً)).

2- وبعضهم يحيل في مراجع الكتب التي في آخر كتبه التي بتحقيقه إلى بعض الكتب، ويقول في توثيق المرجع ((بتحقيقي)) فإذا اطلع القراء على هذه القائمة، فإنهم سيقفون على هذا الكلام، فيعرفون أن الكتاب محقق، فيصرفون النظر عنه. وخذ على سبيل المثال محقق كتاب: ((المجالسة وجواهر العلم)) وفقه الله، ففي آخر الكتاب ذكر قائمة مرقمة بالمصادر والمراجع التي اعتمدها في تحقيقه، وتأمل ما قاله في الكتب التي تحت الأرقام الآتية: ((136، و166، و254، و329، و338، و369، و403، و470، و517، و519، و541، و610، و684، و838، و963، و1010، و1145)) فهذه أرقام كتب له سواء ما كان من تأليفه، أو تحقيقه، ويقول تحت هذه الكتب: "قيد الطبع"، أو "قيد التنضيد"، أو "قيد التحقيق"، أو "قيد الإعداد".

ولك أن تسأل أخي القارئ: كيف أحال في تحقيقه في كتاب ((المجالسة)) إلى هذه الكتب، وهي قيد التحقيق، والتنضيد، والإعداد؟ وكيف يُحيل على صفحات لم تُرقم، ولم تُصف، ولم تُطبع بعد؟ وما فائدة إحالة القارئ إلى كتاب معدوم؟ وكيف نصدق أن تكون هذه الكتب وعددها ((17)) كتاباً، تحت العمل، ونحن نعلم بأن المحقق الفاضل لا يملك سوى يَدَيْن، وفؤاد واحد، ولا سيما أن بعضها كتب عظيمة، والعمل فيها يستغرق سنوات؟!" انتهى.

قلت: وهذا بالإضافة إلى ما يحجزونه من تأليفات كذلك، فتجد الواحد منهم ينبّه منذ عشرات السنين أنه قارب على الانتهاء من التأليف الفلاني، أو أنه يعمل عليه، أو غير ذلك، وانتظروا إنا معكم منتظرون...

وسيأتي الحديث عن هذه الظاهرة إن شاء الله تعالى، وكذلك أقسام السرقات وكيفية حصولها...

وفي الختام، أتوجه بالنصح لهؤلاء أن يتقوا الله عزّ وجلّ ويرجعوا إلى رشدهم.

3/6/2008م.

شاركنا تعليقك