الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

مناقشة ابن حبان في ترجمة السائب الطائفي!

مناقشة ابن حبان في ترجمة السائب الطائفي!

بقلم: خالد الحايك.

 

قال ابن حبان في ((الثقات)) (6/413): "السائب الطائفي، يروي عن يزيد بن عامر المراسيل، روى عنه ابنه سعيد بن السائب".

قلت: لم يُشر أحد من أهل العلم إلى أن رواية السائب عن يزيد بن عامر مرسلة! وقد جاء في بعض الروايات أنه سمع منه.

روى ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (3/136) قال: حدثنا أبو مسعود الرازي، قال: حدثنا موسى بن مسعود الرازي، قال: حدثنا سعيد بن السائب الطائفي، قال: حدثنا السائب بن يسار قال: سمعت يزيد بن عامر السوائي - وقد كان شهد حنيناً مع المشركين ثم أسلم بعد فحسن إسلامه - فنحن نسأله عن الرّعب الذي ألقى الله تعالى في قلوب المشركين يوم حنين كيف كان؟ قال: (كان يأخذ لنا الحصاة فيرمي بها الطست فتطن. قال: فكنا نجد في أجوافنا مثل هذا. وقال عند إنكشافة انكشفها المسلمون يوم حنين فتبعهم الكفار فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من الأرض، ثم أقبل بها على المشركين فرمى بها في وجوههم فقال: ارجعوا شاهت الوجوه فما منا أحد يلقى أخاه إلا وهو يشكو إليه القذاء ويمسح عينه).

قال - أي السائب -: وسمعت يزيد بن عامر رضي الله عنه: (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ومعه نفر حتى وقف على القرن مستقبل القبلة، فبينا هم يطوفون بالطاغية في السحر إذ سمعوا منادياً يقول: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل} ففزعنا لذلك وقلنا: ما هذا الكلام الذي لا نعرفه، ثم نظرنا فلم يتكلم أحد. قال يزيد: فذكر لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل أو رحل).

قلت: فرواية السائب عن يزيد متصلة وصحيحة وليست مرسلة، وقد أدرك السائب عمر وسمع منه ورأى عنه أشياء، وهو من ثقات التابعين.

ولعل ما ذكره ابن حبان دخل عليه من قوله في راوٍ آخر الكلام نفسه وروى حديثاً عن يزيد بن عامر، وروى عنه سعيد ابن السائب الطائفي.

قال ابن حبان في الثقات (5/482): "نوح بن صعصعة، شيخٌ يروي المراسيل، روى عنه سعيد بن السائب الطائفي".

ونوح هذا يروي حديثاً عن يزيد بن عامر ولا يصح، وكأنه مرسل كما أشار ابن حبان، والله أعلم.

قال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (4/155): "السائب الطائفي عن يزيد بن عامر السوائي عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال لي إبراهيم بن المنذر عن معن: حدثني سعيد ابن السائب عن أبيه عن يزيد بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال في (8/109): "نوح بن صعصعة عن يزيد بن عامر قال: جئت والنبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر أو العصر فجلست فانصرف، فرأى يزيد جالساً فقال: ألم تسلم يا يزيد؟ قال: بلى إني كنت قد صليت في منـزلي وأنا أحسب أن قد صليتم. قال: فإذا جئت إلى الصلاة فوجدت الناس في الصلاة فصلّ معهم وإن كنت قد صليت تكون لك نافلة وهذه مكتوبة. قال محمد: حدثنا إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى عن سعيد ابن السائب الطائفي عن نوح بن صعصعة".

قلت: فكأن البخاري أشار في ترجمة السائب إلى هذا الحديث الذي ذكره في ترجمة نوح، فإن صح ذلك، فتكون إشارة ابن حبان إلى أنه يروي المراسيل عن يزيد إلى هذا الحديث وأن الصواب فيه أنه عن نوح بن صعصعة عن يزيد، وهو مرسل كذلك، والله أعلم.

وكتب، خالد الحايك.

27 شعبان 1429هـ.

شاركنا تعليقك