الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

تنبيه الإمام أحمد على أحرف لم يسمعها هشيم في أحاديثه!

تنبيه الإمام أحمد على أحرف لم يسمعها هشيم في أحاديثه!

بقلم: خالد الحايك.

 

قال عبدالله بن أحمد في ((العلل ومعرفة الرجال)) (2/268): سمعت أبي يقول: "لم يسمع هشيم هذه الكلمة من يعلى بن عطاء في حديث جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الغداة فانحرف".

قلت: هذه الكلمة قد رواها هشيم في حديثه، ولكنهم كانوا يلقنونه إياها، وهي ثابتة في الحديث، ولكنه لم يسمعها من يعلى بن عطاء. وقد بيّن ذلك الإمام أحمد في تخريجه للحديث في مسنده، فإنه قال (4/160): حدثنا هشيم، قال: حدثنا يعلى بن عطاء، قال: حدثني جابر بن يزيد بن الأسود العامري، عن أبيه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته قال: فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر المسجد لم يصليا معه، فقال: عليّ بهما، فأتي بهما ترعد فرائصهما. قال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: يا رسول الله، قد كنا صلينا في رحالنا. قال: (فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة).

قال عبدالله: قال أبي: وربما قيل لهشيم: (فلما قضى صلاته تحرف) فيقول: (تحرف عن مكانه).

ثم قال أحمد: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر بمنى فانحرف، فرأى رجلين وراء الناس فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا مع الناس؟ فقالا: قد كنا صلينا في الرحال. قال: فلا تفعلا إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه فإنها له نافلة.

ثم قال: حدثنا بهز، قال: حدثنا أبو عوانة، عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، قال: فصلى بنا رسول الله صلاة الصبح أو الفجر قال: ثم انحرف جالساً أو استقبل الناس بوجهه، فإذا هو برجلين من وراء الناس لم يصليا مع الناس، فقال: ائتوني بهذين الرجلين. قال: فأتي بهما ترعد فرائصهما. فقال: ما منعكما أن تصليا مع الناس. قالا: يا رسول الله، إنا قد كنا صلينا في الرحال. قال: فلا تفعلا إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه فإنها له نافلة. قال: فقال أحدهما: استغفر لي يا رسول الله، فاستغفر له. قال: ونهض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهضت معهم وأنا يومئذ أشب الرجال وأجلده، قال: فما زلت أزحم الناس حتى وصلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده فوضعتها أما على وجهي أو صدري. قال: فما وجدت شيئاً أطيب ولا أبرد من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وهو يومئذ في مسجد الخيف.

قلت: فأراد الإمام أحمد - رحمه الله - أن يبيّن أن هذا الحرف لم يسمعه هشيم من يعلى. وغير الإمام أحمد يرويه عن هشيم دون أن يبين ذلك! فقد رواه ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (2/75) قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا يعلى بن عطاء قال: حدثني جابر بن يزيد بن الأسود العامري، عن أبيه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته قال: فصليت معه الغداة في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته وانحرف، إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه. قال: فقال عليّ بهما، فأتي بهما ترعد فرائصهما. فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله، كنا قد صلينا في رحالنا. قال: فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة.

والحديث رواه جماعة كبيرة عن يعلى بن عطاء وفيه هذا الحرف، وهو ثابت عنه. وقد بنى عليه الأئمة في كتبهم.

قال النسائي في ((السنن الكبرى)) (1/396) (باب: الإنحراف بعد التسليم): أخبرنا يعقوب بن إبراهيم: قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فلما صلى انحرف.

وقال أبو داود في ((سننه)) (1/167) (باب: الإمام ينحرف بعد التسليم): حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني يعلى بن عطاء، عن جابر ابن يزيد بن الأسود، عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا انصرف انحرف.

وقال ابن خزيمة في ((صحيحه)) (3/105) (باب انحراف الإمام من الصلاة التي لا يتطوع بعدها): حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا يعلى بن عطاء، قال: حدثنا جابر بن يزيد بن الأسود العامري، عن أبيه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته قال: فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف فلما قضى صلاته وانحرف فإذا هو برجلين في آخر القوم، فذكر الحديث.

قلت: كان الأولى بابن خزيمة أن يستدل بحديث سفيان وغيره على هذا الحرف لا بحديث هشيم؛ لأنه لم يسمع هذا الحرف من يعلى.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وكتب: خالد الحايك.

25 شعبان 1429هـ.

شاركنا تعليقك