الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

أهمية معرفة المدارس الحديثية.

أهمية معرفة المدارس الحديثية.

 

بقلم: أبي صهيب الحايك.

 

إن المقصود بالمدارس الحديثية هو معرفة الحركة العلمية الحديثية في كلّ مصر من أمصار الإسلام، ومعرفة خصائص كلّ مدرسة، ورجالها، وما يتعلق بها من كل النواحي، لما في ذلك من أهمية كبيرة في تصحيح الأحاديث وتضعيفها.

وقد أشار الدكتور أبو موسى همام بن سعيد إلى أهمية معرفة المدارس الحديثية وأنها من وسائل الكشف عن العلة، وكان له السبق في إظهار أهمية هذه المدارس في عصرنا، فقال في مقدمته لشرح علل الترمذي لابن رجب (1/128): "معرفة المدارس الحديثية: نشأتها، ورجالها، ومذاهبها العقدية والفقهية، وأثرها وتأثيرها في غيرها، وما تميزت به عن غيرها. فقد نشأت للحديث مدارس في المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام ومصر واليمن.

وبهذه المعرفة يعالج الباحث أسانيد كثيرة، فيكشف عن علتها، فإذا كان الحديث كوفياً احتمل التدليس، أو الرفض. وإن كان بصرياً احتمل النصب وتأثير الإرجاء والاعتزال في إسناده. فإذا روى المدنيون عن الكوفيين فإنها تختلف الاحتمالات عما إذا روى المدنيون عن البصريين، ولذلك نجد الحاكم يقول بعد ذكره علة حديث: والمدنيون إذا رووا عن الكوفيين زلقوا. أما حديث الشام عن المدارس الأخرى فأكثره ضعيف.

وقد تكلم ابن رجب عن هذا عند كلامه على النوع الثاني من أنواع العلل، وهو من ضعف حديثه في بعض الأماكن دون بعض.

قال ابن رجب: ومنهم عبيدالله بن عمر العمري، ذكر يعقوب بن شيبة أن في سماع أهل الكوفة منه شيئاً. ومنهم الوليد بن مسلم الدمشقي صاحب الأوزاعي، ظاهر كلام الإمام أحمد أنه إذا حدث بغير دمشق ففي حديثه شيء. قال أبو داود: سمعت أبا عبدالله: سئل عن حديث الأوزاعي عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالباءة)). قال: هذا من الوليد يخاف أن يكون ليس بمحفوظ عن الأوزاعي؛ لأنه حدث به الوليد بحمص، ليس هو عند أهل دمشق! ومنهم المسعودي، من سمع منه بالكوفة فسماعه صحيح، ومن سمع منه ببغداد فسماعه مختلط.

وكذلك فقد ذكر ابن رجب طائفة من الثقات حدثوا عن أهل إقليم فحفظوا حديثهم، وحدثوا عن غيرهم فلم يحفظوا. فمنهم إسماعيل بن عياش الحمصي أبو عتبة، إذا حدث عن الشاميين فحديثه عنهم جيد، وإذا حدث عن غيرهم فحديثه مضطرب. ومنهم معمر بن راشد، كان يضعف حديثه عن أهل العراق خاصة.

وأمثلة هذا كثيرة عند ابن رجب، وهذا يلزم الباحث في العلل أن يعرف مدارس الحديث المختلفة، ومن أضبط الناس فيها، ومن أكثر الناس خطأ فيها وهكذا".

شاركنا تعليقك