الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

علّة حديثٍ أثبت بعض أهل العلم به صحبة كُليب الجرميّ!

علّة حديثٍ أثبت بعض أهل العلم به صحبة كُليب الجرميّ!

بقلم: خالد الحايك.

 

ذكر ابن قانع في ((معجم الصحابة)) (2/384) ترجمة ((كليب الجرمي))، وقال: حدثنا عبدالله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثنا قطبة بن العلاء، قال: حدثني أبي العلاء بن المنهال، قال: قال لي محمد بن سوقة: اذهب بنا إلى عاصم بن كليب، فانطلقنا فكان فيما قال: حدّثني أبي كليب الجرمي: أنه شهد جنازة شهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام مع أبي أفهم وأعقل، فانتهى إلى القبر، ولما مكن للميت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للحافر: خذ من موضع كذا وسوِ موضع كذا، حتى ظنّ الناس أنه سنة، ثم التفت إلى الناس، فقال: ((إن هذا لا ينفع الميت ولا يضره، ولكن الله يحب من العامل إذا عمل شيء أن يجوده)).

قلت: ورواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (19/199) في ترجمة ((كُليب بن شهاب بن محبوب الجرمي أبو عاصم)) من طريق القاسم بن وهب الكوفي، عن قطبة بن العلاء الغنوي، نحوه.

ورواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (4/335) من طريق أبي أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، عن قطبة، نحوه.

قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/98): "رواه الطبراني في الكبير، وفيه قطبة بن العلاء وهو ضعيف، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به".

قلت: بل هو ضعيف.

قال البخاري في ((الضعفاء الصغير)) (ص96): "قطبة بن العلاء بن المنهال الكوفي عن أبيه. ليس بالقوي وفيه نظر".

وقال ابن حبان في ((المجروحين)) (2/220): "قطبة بن العلاء بن المنهال الغنوي. كنيته أبو سفيان. من أهل الكوفة. يروي عن الثوري، وعن أبيه. روى عنه العراقيون. كان ممن يخطىء كثيراً، ويأتي بالأشياء التي لا تشبه حديث الثقات عن الأثبات، فعدل به عن مسلك العدول عند الاحتجاج".

قلت: وأصل هذا الحديث الذي رواه مرسلٌ، فأخطأ فيه فوصله، فاعتمده بعضهم في إثبات صحبة كليب الجرمي!

قال أبو حاتم الرازي: "كليب بن شهاب الجرمي الكوفي والد عاصم بن كليب. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً ولم يدركه، إنما يرويه الناس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجلٍ من الأنصار". (الجرح والتعديل: 7/167).

وقال ابن حجر في ((الإصابة)) (5/668): "روى حديثه قطبة بن العلاء بن منهال عن أبيه عاصم بن كليب عن أبيه: أنه خرج مع أبيه إلى جنازة شهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث. وأخرجه ابن أبي خيثمة والبغوي وابن قانع عنه، وابن السكن وابن شاهين والطبراني من طريق قطبة. وهو غلطٌ نشأ عن سقط، وذلك أن زائدة روى هذا الحديث عن عاصم بن كليب فقال: عن أبيه عن رجلٍ من الأنصار قال: خرجت مع أبي فذكر الحديث. وجزم أبو حاتم الرازي والبخاري وغير واحد بأن كليباً تابعي، وكذا ذكره أبو زرعة وابن سعد وابن حبان في ثقات التابعين. وروى عن كليب أيضاً إبراهيم ابن مهاجر، وذكره أبو داود فقال: كان من أفضل أهل الكوفة".

قلت: فالحديث رواه عاصم بن كليب عن أبيه عن رجلٍ من الأنصار عن أبيه. فالحديث ضعيفٌ لا يحتج به، ولا تثبت صحبة كليب به، بل هو تابعي، وقد وهم من ذكره في الصحابة.

قال ابن عبدالبر في ((الاستيعاب)) (3/1329): "كليب بن شهاب الجرمي، والد عاصم بن كليب. له ولأبيه شهاب صحبة. قال عاصم: إن أباه كليباً خرج مع أبيه إلى جنازة شهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأنا غلام أفهم وأعقل، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يحب من العامل إذا عمل عملاً أن يحسنه. وقد روى عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عن عمر وعلي".

وقال ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (6/123): "كليب بن شهاب الجرمي من بني قضاعة، وهو أبو عاصم بن كليب. روى عن عمر وعلي. وكان ثقة كثير الحديث. رأيتهم يستحسنون حديثه ويحتجون به".

وقال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (7/229): "كليب بن شهاب الجرمي، يُعدُّ في الكوفيين. سمع علياً وعمر. روى عنه ابنه عاصم وإبراهيم بن مهاجر".

وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (3/356) في الصحابة وقال: "كليب بن شهاب الجرمي، والد عاصم بن كليب. يُقال إن له صحبة".

ثُم أعاده في التابعين (5/337) فقال: "كليب بن شهاب الجرمي، أبو عاصم. يروي عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب. عِداده في أهل الكوفة. روى عنه الثوري وابنه عاصم بن كليب".

وقال ابن حجر في ((التقريب)) (ص462): "كليب بن شهاب والد عاصم: صدوق من الثانية. ووهم من ذكره في الصحابة".

وقد وهم ابن حجر في ((الفتح)) (9/626) بقوله: "وله صحبة"!!

وكتب خالد الحايك.

18 جمادى الأولى 1429هـ.

25/5/2008م.

شاركنا تعليقك