الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

المتفق والمفترق/ عَمرو بنُ عَمرو الأُحموسي وعُمَر بن عمرو آخر، وأوهام لبعض الأئمة في هذا الباب. وأبو عون الأنصاري وأبو عون آخر، وفوائد أخرى.

المتفق والمفترق/ عَمرو بنُ عَمرو الأُحموسي وعُمَر بن عمرو آخر، وأوهام لبعض الأئمة في هذا الباب.

وأبو عون الأنصاري وأبو عون آخر، وفوائد أخرى.

بقلم: خالد الحايك

 

قال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (6/358) في باب ((عمرو)): "عَمرو بن عمرو الأُحموسي: سمع مخارقاً. روى عنه أبو المغيرة".

وقال في ((التاريخ الكبير)) (7/430): "مخارق بن أبي مخارق: سمع ابن عمر. روى عنه عَمرو الأحموشي أو الأحموسي".

وقال في ((التاريخ الكبير)) (6/182) في باب ((عًمر)): "عُمر بن عمرو عن أبي عون الأنصاري: بسط رجلٌ يده إلى طعام، فقال: بسم الله والبركة. فقال أبو إدريس الخولاني: قُلْ: بسم الله وحده. قاله عبدالله عن معاوية".

قلت: فرّق الإمام البخاري بين عمرو بن عمرو الأحموسي وبين عمر بن عمرو الذي يروي عن أبي عون الأنصاري.

وخلط بينهما ابن أبي حاتم تبعاً لأبيه، وسمى عمرو بن عمرو: عُمر بن عمرو!!

قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (6/127): "عمر بن عمرو بن عبد الأُحموسي، شامي أبو حفص أدرك عبدالله بن بسر. وروى عن أبي عون الأنصاري، والمخارق بن أبي المخارق الذي يروي عن ابن عمر. روى عنه معاوية بن صالح، وبقية، ويحيى بن سعيد العطار، وأبو المغيرة. سمعت أبي يقول ذلك. وسمعته يقول: لا بأس به، صالح الحديث، هو من ثقات الحمصيين. بابة عتبة بن أبي حكيم وهشام بن الغاز".

وقال في ((الجرح والتعديل)) (8/352): "مخارق بن أبي المخارق: روى عن ابن عمر. روى عنه عمر بن عمرو بن عبد الأحموسي. سمعت أبي يقول ذلك".

وذكر ابن حبان في (أتباع التابعين) من ((الثقات)) (7/183) في باب (عُمَر) فقال: "عمر بن عمرو: يروي عن أبي عون الأنصاري، عِداده في أهل الشام. روى عنه معاوية بن صالح".

· أوهام لأبي حاتم وابنه!

قلت: وقع أبو حاتم وابنه في جملة من الأوهام:

1- أخطأ أبو حاتم وابنه في تسمية الذي يروي عنه مخارق، فإن اسمه ((عّمرو)) بالفتح كما قال البخاري. وأما عمر بن عمرو فآخر وسيأتي الكلام عليه لاحقاً إن شاء الله.

2- خلط أبو حاتم وابنه بين الراوي عن عبدالله بن بسر وبين الراوي عن أبي عون! فهما اثنان كما قال البخاري، فالذي يروي عن أبي عون اسمه ((عمر)) لا عمرو!!

3- أخطأ أبو حاتم في تكنيته ((بأبي حفص))!! والذي يكنى بأبي حفص آخر كما سيأتي. وعمرو بن عمرو يكنى ((أبا عثمان)).

4- قول أبي حاتم "أدرك عبدالله بن بسر" فيه نظر؛ لأنه اعتمد على رواية لم تصح! ولهذا لم يذكره البخاري في ترجمته واكتفى بذكر سماعه من مخارق.

وإدراكه لعبدالله بن بسر لا يعني أنه سمع منه! بل إن في إدراكه له نظر شديد! لأن عبدالله بن بسر مات سنة (88هـ) كما قاله جماعة من المؤرخين، والأحموسي مات سنة (164هـ) كما قال الفسوي في ((تاريخه)) (1/31).

ومما يؤيد أن اسمه ((عمرو)) ما رواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (5/114) عن أحمد بن عمير بن جوصا قال: "كنا ببغداذ فرأيت أصحاب الحديث يتذاكرون بحديث أيوب السختياني واشباهه، فاطلعت لهم رأسي، فقلت لهم: أيش أسند جنادة عن عبادة، فسكتوا. ثم قلت لهم: أيش أسند عمرو بن عمرو بن عبد الأحموسي، فلم يجيبوا بشيء".

· ضبط نسبته ((الأُحموسي)):

الأُحموسي وليس الأحمسي، بضم أوله وزيادة واو: في حمير الأحموس بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن سدد بن زرعة –وهو حمير الأصغر- كذا لابن الكلبي والهمداني. [هامش كتاب الأنساب: 1/147]. وفيه: "ينسب كذلك أبو حفص عمر بن عمرو بن عبد الشامي عن أبي بسر عبدالله بن بسر السلمي وابن أبي البركات الشامي، وعنه الجراح بن يحيى أبو يحيى المؤذن الحمصي، وكعب بن حامد الحلبي والد يعقوب وأحمد بن علي الشامي، ذكره أبو أحمد الحاكم".

قلت: هذا خطأ! والصواب: عمرو بن عمرو، وكنيته ((أبو عثمان)).

· أوهام تتعلق بهذه الترجمة:

1- قال الحسيني في ((الإكمال لرجال أحمد)) (ص318): "عمرو بن عمرو أبو عثمان الأحمسي قال: حدثني المخارق بن أبي المخارق عن ابن عمر. وعنه أبو المغيرة. مجهولان.

قال ابن حجر في ((تعجيل المنفعة)) (1/313): "عمرو بن عمرو أبو عثمان الأحمسي عن المخارق بن أبي المخارق عن ابن عمر، وعنه أبو المغيرة: مجهول. قلت: الصواب: الأُحموسي، بضم وزيادة واو، وليس بمجهول، بل هو معروف، ولكنه تصحّف على الحسيني، فانقلب. والصواب: أنه عُمر بضم أوله بن عمرو بفتح أوله، عكس ما وقع هنا. ونصّ حديثه عند أحمد: حدثنا أبو المغيرة: حدثنا عمر بن عمرو أبو عثمان الأحموسي، فذكر الحديث في الحوض. وبذلك ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحاً، ذكراه فيمن اسمه عمر بضم أوله. قال ابن أبي حاتم هو من ثقات الحمصيين وذكر أنه روى أيضاً عن عبدالله بن بسر الصحابي، وذكره ابن حبان في الطبقة الثالثة من الثقات. وقال روى عنه معاوية بن صالح، فكأنه لم يقف على روايته عن عبدالله بن بسر وإلا لكان يعده في الطبقة الثانية، والله أعلم".

قلت: وهم ابن حجر في أن اسمه ((عمر)) وأن البخاري ذكره هكذا! فالبخاري ذكره في ((باب عمرو)) بالفتح، وهو الصواب، وقد بينت وهم أبي حاتم فيه.

ثم إن استدراكه على ابن حبان فإن الذي ذكره ابن حبان هو ((عمر بن عمرو)) الذي يروي عن أبي عون الأنصاري، وهذه هي طبقته التي ذكره فيها ابن حبان، ولكن لأن ابن حجر تبع أبا حاتم في جمعه بين الراوي عن أبي عون والراوي عن عبدالله بن بسر قال ما قال! والصواب التفرقة بينهما كما ذهب إليه إمام الصنعة البخاري.

2- جاء في ((الأحاديث المختارة)) (9/82) ترجمة: ((عمر بن عمرو بن عبد الأحموسي عن عبدالله بن بسر)).

قال الحافظ الضياء المقدسي: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بأصبهان: أنّ أم ابراهيم الجوزدانية أخبرتهم: أنبأنا محمد بن عبدالله: أنبأنا سليمان بن أحمد الطبراني: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي: حدثنا محمد بن مصفى: حدثنا الجراح بن يحيى المؤذن: حدثنا عمرو بن عبد الأحموسي، عن عبدالله بن بسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استفتح أول نهاره بخير وختمه بالخير قال الله عز وجل لملائكته: لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب)).

قلت: إن كان وقع هكذا في أصل ((المختارة)) فهو خطأ! لأن الصواب: ((عَمرو بن عمرو بن عبد الأحموسي عن عبدالله بن بسر)).

· الحُكم على الحديث:

قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (1/259): "رواه الطبراني وإسناده حسنٌ إن شاء الله".

وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/112): "رواه الطبراني، وفيه الجراح بن يحيى المؤذن، ولم أعرفه. وبقية رجاله ثقات".

وقال أيضاً في ((مجمع الزوائد)) (10/120): "رواه الطبراني من طريق الجراح بن يحيى المؤذن عن عمر بن عمرو بن عبد الأحموسي. والجراح بن يحيى لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، ولم يرو عن عمر بن عمرو إلا الجراح بن مليح البهزاني الشامي، فإن كان هو إياه فهو ثقة".

قلت: بل هو حديثٌ منكرٌ!! والجراح بن يحيى المؤذن هذا مجهول لا يُعرف!

وقد اعتمد الهيثمي في قوله: " ولم يرو عن عمر بن عمرو إلا الجراح بن مليح البهزاني الشامي، فإن كان هو إياه فهو ثقة"، على ما ذكره ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (2/523) قال: "جراح بن مليح البهراني، شامي حمصي. روى عن بكر بن زرعة والزبيدى وأرطاة بن المنذر. روى عنه الهيثم بن خارجة وعبدالرحمن بن يحيى بن إسماعيل وموسى بن أيوب النصيبي وهشام بن عمار. سمعت أبي يقول ذلك". ثم قال ابن أبي حاتم: "وروى عن عمر بن عمرو بن عبد الأحموسى وشعبة بن الحجاج. سمعت أبي يقول: "هو صالح الحديث". قال عبدالرحمن: سئل أبو زرعة عن الجراح بن مليح؟ فقال: "حمصي بهرانى ليس بوالد وكيع". قال عبدالرحمن: أخبرنا يعقوب بن إسحاق الهروي فيما كتب إلىّ قال: أخبرنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: سألت يحيى بن معين عن الجراح بن مليح البهراني؟ فقال: "لا أعرفه".

· وهمان لابن أبي حاتم!

قلت: وهم ابن أبي حاتم في قوله إن الجراح بن مليح روى عن عمرو –وأخطأ كذلك في تسميته عمر-!! لأن الذي روى عن عمرو الأحموسي اسمه ((الجراح بن يحيى المؤذن))!!

ولو فرضنا أن الجراح بن يحيى هو الجراح بن مليح لما قُبِل حديثه؛ لأن أحاديثه فيها نكارة، وقول أبي حاتم فيه "صالح الحديث" يدل على عدم الاحتجاج به إذا انفرد. وله حديث مثل هذا استنكره الإمام الذهبي!

رواه الذهبي في ((تذكرة الحفاظ)) (3/1026) من طريق أحمد بن علي بن شعيب: حدثنا محمد بن حفص: حدثنا جراح بن يحيى: حدثنا عمر بن عمرو: سمعت عبدالله بن بسر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء كلّه محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعوه فيستجاب الدعاء به)).

قال الذهبي: "هذا حديثٌ منكرٌ".

ورواه الذهبي أيضاً في ((سير أعلام النبلاء)) (17/114) وقال: "إسنادٌ مظلم".

· حديث الأحموسي عن المخارق بن أبي المخارق:

رواه الإمام أحمد في ((المسند)) (2/132) قال: حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا عمرو بن عمرو أبو عثمان الأحموسي، قال: حدثني المخارق بن أبي المخارق، عن عبدالله بن عمر أنه سمعه يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((حوضي كما بين عدن وعمان: أبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحاً من المسك، أكوابه مثل نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً. أول الناس عليه وروداً صعاليك المهاجرين. قال قائل: ومن هم يا رسول الله؟ قال: الشعثة رؤوسهم، الشحبة وجوههم، الدنسة ثيابهم، لا يفتح لهم السدد، ولا ينكحون المتنعمات الذين يعطون كل الذي عليهم، ولا يأخذون الذي لهم)).

· من أين جاء أبو حاتم بكنية الأحموسي ((أبي حفص))؟!

لما سمّى أبو حاتم الأحموسي ((عُمر بن عمرو)) خلطه بِعُمر بن عمرو بن ميمون المكنى بأبي حفص.

قال الإمام البخاري في ((التاريخ الأوسط)) (2/243): "حدثني موسى بن عمر قال: مات أبي عمر بن عمرو بن ميمون بن مهران أبو حفص فيها بدابق من الشام"، أي في سنة سبع وثمانين.

وقد مر في الحديث السابق عند أحمد: ((عمرو بن عمرو أبو عثمان الأحموسي)).

· ترجمة أبي عون الأنصاري وأبي عون آخر، وبعض الأوهام!

قال الإمام البخاري في ((الكنى)) (ص62): "أبو عون ابن أبي عبدالله الأنصاري الشامي الأعور: سمع أبا إدريس الخولاني. روى عنه ثور بن يزيد والزبيدي وأبو بكر".

وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (9/414): "أبو عون ابن أبي عبدالله الأنصاري الشامي الأعور. روى عن ابن عمر رؤية، وسمع أبا إدريس الخولاني. روى عنه ثور بن يزيد، وأبو بكر بن أبى مريم، ومحمد بن الوليد الزبيدي. سمعت أبي يقول ذلك. قال أبو محمد ابن أبي حاتم: وروى عن عثمان رضي الله عنه مرسل. روى معاوية بن صالح عن محمد بن أيوب عنه. قال عبدالرحمن: سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: "لا أعرف اسمه. روايته عن عثمان مرسل".

وقال ابن حبان في طبقة أتباع التابعين من ((الثقات)) (7/662): "أبو عون ابن أبي عبدالله الأنصاري الأعور، من أهل الشام. يروي عن أبي إدريس الخولاني. روى عنه الزبيدي".

وقال الذهبي في ((الكاشف)) (2/448): "أبو عون الأنصاري الأعور عبدالله عن أبي إدريس الخولاني. وعنه ثور وأرطاة بن المنذر. ثقة. س".

وقال الحاكم أبو أحمد: "أبو عون عبدالله الشامي الأعور سماه أحمد بن عمير. روى عن أبي إدريس وسعيد بن المسيب، ويقال إن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم روى عنه". انتهى. وكذا ذكر مسلم في الرواة عنه ابن حزم، وذكر ابن عبدالبر في ((الكنى)) أنه روى عن عثمان مرسلاً، وزاد في الرواة عنه الزبيدي. (تهذيب التهذيب: 12/209).

وهناك آخر اسمه ((أبو عون الأنصاري)):

قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (6/252): "عمر بن عون بن عمرو بن تميم الأنصاري أبو عون. روى عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي عمرة الأنصاري. روى عنه سعيد بن كثير بن عفير المصري. سألت أبي عنه؟ فقال: مجهول".

· وهم للذهبي تبعه عليه ابن حجر!

وقد وهم الذهبي في ((الميزان)) (5/338) فقال: "عمرو بن عمرو بن عون بن تميم أبو عون الأنصاري. روى عنه سعيد بن عفير: مجهول".

وتبعه على هذا ابن حجر في ((اللسان)) (4/372)!! وقال في ((الكنى)) منه (7/89): "أبو عون الأنصاري: اسمه عمرو بن عمرو".

قلت: خلط الذهبي وابن حجر بين عمرو بن عمرو الأحموسي وبين عمر بن عمرو الذي يروي عن أبي عون الأنصاري، وبين عمر بن عون أبي عون الأنصاري الذي يروي عنه ابن عفير!!

والذي يروي عنه ابن عفير هو أبو عون عُمر بن عون بن عمرو الأنصاري كما بينه ابن أبي حاتم، والأحموسي وأبو عون الأنصاري لا علاقة لهما بهذه الترجمة.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

وكتب: خالد بن محمود الحايك.

15/6/2008م.

شاركنا تعليقك