الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

بَقِيرَة امرأة الصحابي القعقاع بن أبي حَدْرَد وحديثهما، والترجمة لآل أبي حدرد (1).

بَقِيرَة امرأة الصحابي القعقاع بن أبي حَدْرَد وحديثهما، والترجمة لآل أبي حدرد (1).

 

بقلم: خالد الحايك.

 

· ضبطُ اسمها:

قال مُرتضى الزَّبيدي في ((تاج العروس)) (ص2535): "بَقِيرَةُ كسَفِينَة: امرأَةُ القَعْقَاعِ بنِ أبِي حَدْرَد. لها صُحْبَةٌ حَدِيثها في مُسْنَدِ أَحمدَ".

وقد ضبطها الشيخ حسين سليم أسد أثناء تحقيقه لمسند الحميدي (1/345): "بُقَيْرَة"! بضم أوله، تصغير بَقَرة! وهذا خطأ منه، والصواب ما قاله صاحب التاج.

وكذلك ضبطها بالضم المعلقون على مسند أحمد حديث رقم (27129)، ونقلوا عن السندي هذا الضبط!

· حديثها:

لها حديثٌ واحد في المسانيد.

أخرجه الحميدي في ((المسند)) (1/170)، وأحمد في ((المسند)) (6/378)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (24/203) من طريق إبراهيم بن بشار الرمادي، كلّهم عن سفيان بن عُيينة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق: أنه سمع محمد بن إبراهيم التيمي، يحدِّث عن بقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول: ((يا هؤلاء، إذا سمعتم بجيش قد خسف به قريباً، فقد أظلت الساعة)).

إسنادٌ ثان عن ابن إسحاق:

أخرجه أحمد في ((مسنده)) (6/379) عن إسحاق بن إبراهيم الرازي، قال: حدثنا سلمة بن الفضل. والطبراني في ((المعجم الكبير)) (24/204) من طريق محمد بن الصلت الكوفي، عن أبي شهاب الحناط عبد ربه، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن بقيرة امرأة القعقاع قالت: إني لجالسة في صفة النساء، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يخطب -وهو يشير بيده اليسرى- فقال: ((يا أيها الناس، إذا سمعتم بخسف ههنا قريباً، فقد أظلت الساعة)).

· سقط في مطبوع "الآحاد والمثاني"!

هذا الحديث أخرجه ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (6/233) قال: حدثنا إسحاق بن سليمان أبو يعقوب، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي، عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن بقيرة.

هكذا جاء في مطبوع الآحاد، وسقط من إسناده: "سلمة بن الفضل" بين إسحاق بن إبراهيم الرازي وبين محمد بن إسحاق! ولم ينبه على ذلك محقق الكتاب الدكتور باسم الجوابرة.

قلت: أما الإسناد الأول فهو صحيحٌ، ورجاله ثقات. وقد خولف ابن عُيينة في إسناده، فرواه أبو شهاب الحناط وسلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن بقيرة! فهل كلا الإسنادين صحيح؟ أم أن هناك وهماً؟ وإذا كان هناك وهم، فممن هو؟ هل من الحناط وسلمة، أم ابن إسحاق؟

قلت: كأن ابن إسحاق اضطرب فيه، والصواب هو ما رواه عن محمد التيمي عن بقيرة، وحدّث به مرة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن بقيرة، فوهم! وسبب وهمه أن محمد بن عمرو بن عطاء شيخه قد روى هذا الحديث، ولكن ليس عن بقيرة، وإنما عن صحابية أخرى يُقال لها: مليكة. أخرج حديثها ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (6/248) من طريق عبدالله بن وهب، قال: كتب إليّ حمزة بن عبدالواحد، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو: أنّ مليكة أخبرته: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمعتم بقوم قد خسف بهم فقد أظلت الساعة)).

وهذا إسنادٌ صحيحٌ.

وقد أخرج الإمام أحمد في ((مسنده)) (6/287) عن إسحاق بن إبراهيم الرازي -وهو ختن سلمة الأبرش- قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبدالرحمن بن موسى، عن عبدالله بن صفوان، عن حفصة ابنة عمر قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي جيشٌ من قِبل المشرق يريدون رجلاً من أهل مكة، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، فرجع من كان إمامهم لينظر ما فعل القوم، فيصيبهم مثل ما أصابهم)). فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان منهم مستكرهاً؟ قال: ((يصيبهم كلّهم ذلك، ثم يبعث الله كلّ امرئ على نيته)).

وخالف سلمة فيه عليّ بن مجاهد الرازي، فرواه عن ابن إسحاق، عن عاصم، عن عبدالرحمن، عن عبدالله بن صفوان، عن صفية بنت أبي عبيد، عن أم سلمة. رواه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (5/119).

وفي أسانيد هذا الحديث اختلافٌ شديد ليس فقط على ابن إسحاق، وإنما على غيره أيضاً. وقد بيّن هذه الاختلافات الإمام البخاري في ترجمة ((عبدالله بن صفوان بن أمية)) من التاريخ (5/118)، فلتنْظر ثَمّ.

· حكم الشيخ سليم أسد على رواية ابن إسحاق عن محمد بن عمرو:

قال الشيخ أسد أثناء تعليقه على ((مسند الحميدي)) (1/345): "وأخرجه أحمد وابن أبي عاصم والطبراني من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن بقيرة... وهذا إسنادٌ رجاله ثقات، وفيه عنعنة ابن إسحاق".

قلت: نعم، رجال هذا الإسناد ثقات، ولكن أخطأ فيه ابن إسحاق، والصواب ما رواه عن محمد التيمي عن بقيرة كما سبق بيانه. ولا مدخل لعنعنة ابن إسحاق التي أشار إليها الشيخ هنا!

· كلام المعلقين على مسند أحمد!

قالوا في حديث رقم (27129): "إسناده ضعيف. ابن إسحاق وإن صرح بسماعه من محمد بن إبراهيم التيمي عند الحميدي إلا أنه تفرد به، وفي بعض ما تفرد به نكارة فيما قاله الذهبي في الميزان، ثم إنه اختلف عليه فيه".

قلت:

1- في كلام هؤلاء الهواة اتهام لابن إسحاق! فهم لا يعتبرون تصريحه بالسماع من التيمي! نعم ابن إسحاق متكلم فيه؛ ويخطئ أحياناً، ولكنه صدوق، وتفرده لا يضر لسعة روايته.

2- لا ينبغي استخدام مقولة الذهبي العامة في كل حديث يتفرد به ابن إسحاق؛ لأننا لو فعلنا هذا لضاع حديثه كله. وهذه القاعدة تستخدم إذا كان هناك نكارة فيما يرويه ابن إسحاق، ولكن أين النكارة هنا في هذا الحديث؟

3- وأما بالنسبة للاختلاف عليه فلا يضر طالما أننا عرفنا الرواية التي أصاب فيها.

· ترجمة بَقيرة:

ذكرها خليفة بن خياط في ((الطبقات)) (ص344)، فقال: "بقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد".

وذكرها البخاري في ترجمة زوجها كما سيأتي.

وذكرها ابن حبان في ((الثقات)) (3/38) فقال: "بقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد. لها صحبة".

ثُمّ ذكرها في حرف النون من ((الثقات)) (3/424)، فقال: "نقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد. لها صحبة".

وذكرها ابن عبدالبر في ((الاستيعاب)) (4/1796).

وقال الحسيني في ((الإكمال لرجال أحمد)) (ص617): "بقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي. قال ابن أبي حيثمة: لا أدري أسلمية هي أم لا. وقال غيره: هي هلالية. لها صحبة ورواية. عدادها في أهل المدينة. روى عنها محمد بن إبراهيم التيمي، ومحمد بن عمرو بن عطاء. ذكرها ابن حبان في الصحابة من كتاب الثقات، فأوردها في باب الباء، ثم أوردها في النون".

قلت: ذكر محمد بن عمرو بن عطاء في الرواة عنها اعتماداً على رواية ابن إسحاق السابقة، وبينت أنه أخطأ فيه، والله أعلم.

وقال ابن حجر في ((الإصابة)) (7/538): "بقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي. ذكرها ابن أبي خيثمة، وقال: لا أدري أسلمية هي أم لا؟ وأخرج أحمد في ((المسند)) من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي: سمعت بقيرة امرأة القعقاع: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا هؤلاء، إذا سمعتم بجيش قد خسف به قريباً، فقد أظلت الساعة)). وأخرجه ابن السكن من هذا الوجه، وقال: لم يُرو عن بقيرة غير هذا الحديث بهذا الإسناد".

قلت: ليس لها إلا هذا الحديث الواحد، وهي ثقة، وحديثها صحيح.

· ترجمة زوجها القعقاع وحديثه:

قال الإمام البخاري في ((التاريخ الكبير)) (7/187): "القعقاع بن أبي حَدْرَد الأسلمي: له صحبة، وامرأته بقيرة. وحديثه عند عبدالله بن سعيد المقبري، ولا يصح حديثه. ويُقال: القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد، ولا يصح".

وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (7/136): "قعقاع بن أبي حدرد الأسلمي، ويقال: قعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد، ولا يصح. له صحبة، وهو زوج بقيرة. روى عبدالله بن سعيد المقبري عن أبيه عنه. سمعت أبي يقول ذلك. وأدخله بعض الناس في ((كتاب الضعفاء)) فسمعت أبي يقول: يُحَوّل من هذا الكتاب؛ فإنّ الرواى عنه عبدالله ابن سعيد المقبري، وعبدالله ضعيف".

· إبهام أبي حاتم الرازي للبخاري والاستدراك عليه! والرد عليه وبيان مقصد الإمام البخاري:

قلت: يقصد ابن أبي حاتم ببعض الناس الإمام البخاري، فإنه قال في ((الضعفاء الصغير)) (ص96): "القعقاع بن أبي حدرد: له صحبة، وامرأته بقيرة. وحديثه عند عبدالله ابن سعيد المقبري، لا يصح".

قلت: ومع أن أبا حاتم وابنه يأخذان كلام البخاري بحرفيته ويوردانه في كتبهما؛ إلا أنهما إذا سنحت لهم الفرصة بالاستدراك عليه فتجدهما يبهمانه أحياناً، ويقولان: بعض الناس! وكأنه أي أحد! وهذا هضمٌ لحقه –رضي الله عنه-، فإنني لا أعلم في الدنيا عالمٌ بالحديث أعلم منه.

ومع هذا فإنهما لم يفهما قصد البخاري من إيراده في ((الضعفاء))! وكم من شخص ذكره البخاري في هذا الكتاب، فيرد عليه أبو حاتم بقوله: "يحول من هناك"! دون أن يدري مقصد البخاري من إيراده فيه.

فقصد البخاري في إيراده في الضعفاء لا يعني تضعيف الرجل، بل إنه أثبت صحبته، فكيف يضعفه؟! وإنما أراد –رحمه الله- تضعيف الحديث الذي رواه عبدالله بن سعيد المقبري عنه فقط.

وما خشيه البخاري من الخلط في هذه الترجمة وقع، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فإنه قال –رحمه الله-: "القعقاع بن أبي حَدْرَد الأسلمي: له صحبة، وامرأته بقيرة. وحديثه عند عبدالله بن سعيد المقبري، ولا يصح حديثه. ويُقال: القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد، ولا يصح".

قلت: أثبت الإمام البخاري أولاً صحبة القعقاع بن أبي حدرد، وذكر زوجته، وأشار إلى صحبتها أيضاً. ثم ذكر أن له حديثاً رواه عبدالله بن سعيد المقبري، ولا يصح هذا الحديث عنه. ثُمّ نبّه إلى أنه وقع في بعض الروايات: القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد، ومن سماه كذلك فقد وهم؛ لأن القعقاع بن عبدالله هو ابن أخي القعقاع بن أبي حدرد. ومن أجل هذا الاشتباه وقع الوهم لكثير من أهل العلم في إثبات صحبة القعقاع بن أبي حدرد، والقعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد!

والصواب أن أبا حدرد صحابي، وله من الأبناء: القعقاع وعبدالله، وكلاهما له صحبة، وعبدالله هذا هو الذي كان لكعب بن مالك عليه دَيْن كما في ((صحيح البخاري)) (2/853). وكان لعبدالله هذا ابن اسمه القعقاع، وللقعقاع ابن اسمه إسماعيل، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. ولأبي حدرد ابنة اسمها خيْرة وهي صحابية لها رواية، وهي أم الدرداء زوجة أبي الدرداء. ولأبي حدرد أبناء غير هؤلاء، وسأجمع أحاديث هذه العائلة إن شاء الله تعالى.

قال خليفة في ((الطبقات)) (ص110): "وأبو حدرد، اسمه سلامة بن عمير بن أبي سلامة بن سعد بن يساف بن عبس بن هوازن بن أسلم بن أفصى. وابناه عبدالله والقعقاع ابنا أبي حدرد. روى عبدالله أحاديث منها قصة عامر بن الأضبط وغير ذلك، يكنى أبا محمد. مات زمن مصعب بن الزبير. وروى القعقاع عن النبيّ صلى الله عليه: تمعددوا".

وقال ابن حبان في ((الثقات)) (3/349): "القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي، عداده في أهل مكة. يُقال إن له صحبة".

قلت: لا شك في صحبته كما أثبته أهل العلم.

· حديث القعقاع بن أبي حدرد:

روى الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (6/152) من طريق صفوان بن عيسى، قال: حدثنا عبدالله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تمعددوا واخشوشنوا وامشوا حفاة)).

قال الطبراني: "لا يرد هذا الحديث عن القعقاع بن أبي حدرد إلا بهذا الإسناد. تفرد به صفوان بن عيسى!".

· استدراك على الطبراني، وسقط في معجمه:

قلت: بل تابعه عليه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة كما أخرجه الطبراني نفسه في ((المعجم الكبير)) (19/40) من طريق يوسف بن عدي، عن يحيى، عن عبدالله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن القعقاع، مثله.

ورواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (22/353) من طريق سعيد بن سليمان، عن إسماعيل بن زكريا، عن عبدالله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي حدرد، مثله.

قلت: سقط لفظ "ابن"، والصواب: "عن ابن أبي حدرد"، كما سيأتي في رواية ابن عساكر.

وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (5/303) عن عبدالرحيم بن سليمان، عن عبدالله بن سعيد، عن أبيه، عن رجلٍ من أسلم يقال له: ابن الأدرع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثله.

قلت: فكلّ هذه الطرق تدور على عبدالله بن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري المدني، وهو متروك الحديث. وأبوه سعيد بن أبي سعيد المقبري، وجدّه أبو سعيد المقبري، ثقتان.

وكان عبدالله بن سعيد يرويه مرة عن أبيه عن القعقاع بن أبي حدرد، ومرة عن أبيه عن أبي حدرد، ومرة عن أبيه عن رجل من أسلم يقال له ابن الأدرع، وكلّ ذلك باطل.

· أصل الحديث من قول عمر - رضي الله عنه -:

وهذا الحديث هو في أصله قولٌ مشهور لعمر بن الخطاب –رضي الله عنه-. أخرجه عليّ بن الجعد (كما في مسنده: 1/156) عن شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أبا عثمان النّهدي يقول: أتانا كتاب عمر بن الخطاب -ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد-: ((أما بعد، فائتزوا، وارتدوا، وانتعلوا، وألقوا الخفاف، وألقوا السراويلات، وعليكم بالشمس؛ فإنها حمام العرب، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل، وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا واخشوشنوا واخلولقوا، واقطعوا الركب، وانزوا نزواً، وارموا الأغراض، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير إلا هكذا وهكذا -وأشار بإصبعه السبابة والوسطى- قال: فما علمنا أنه يعني الأعلام)). ورواه ابن حبان في ((صحيحه)) في النوع التاسع من القاسم الرابع عن قتادة مثله. وهو عند عبدالرزاق في ((مصنفه)) (11/85) عن معمر عن قتادة أن عمر كتاب إلى أبي موسى، نحوه.

وأخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (4/275) من طريق يزيد بن هارون، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، قال: أتانا كتاب عمر بن الخطاب: ((اخشوشنوا واخشوشنوا واخلولقوا وتمعددوا؛ كأنكم معد، وإياكم والتنعم وزي العجم)).

ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في ((مصنفه)) (5/304)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه ((غريب الحديث)) كلاهما عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي العدبس الأسدي، عن عمر أنه قال: ((اخشوشنوا واخشوشبوا، وتمعددوا، واجعلوا الرأس رأسين، ولا تلثوا بدار معجزة، وأصلحوا مثاويكم، وأخيفوا الهوام قبل أن تخيفكم)). (تخريج الأحاديث والآثار: 3/251). ولهذا الأثر شرح طيب في كتاب ((الفروسية)) لابن القيم –رحمه الله-، فلينظر ثَمّ.

 

· خلط بعضهم بين القعقاع بن أبي حدرد الصحابي وبين ابن أخيه القعقاع بن عبدالله ابن أبي حدرد في هذا الحديث!

· توهيم ابن عساكر للبغوي، ووقوعه هو في الوهم!

الأئمة النقاد كالبخاري وغيره على أن هذا الحديث منسوب للقعقاع بن أبي حدرد الصحابي.

وقد ذكره ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (27/332) في ترجمة ((عبدالله ابن أبي حدرد)) الصحابي.

فرواه من طريق أبي القاسم عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز البغوي، قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: حدثنا إسماعيل بن زكريا، قال: حدثنا عبدالله بن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن ابن أبي حدرد، مرفوعاً.

قال ابن عساكر: "أخرج البغوي هذا الحديث في ترجمة ((عبدالله بن أبي حدرد)) معتقداً أن أبي حدرد هو عبدالله، وإنما هو القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد ابنه. كذلك رواه صفوان بن عيسى ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن عبدالله بن سعيد المقبري، فيكون الحديث مرسلاً؛ لأن القعقاع لا صحبة له. وقد أخرجه البغوي في حرف القاف بهذا الإسناد في ترجمة القعقاع إلا أنه لم يسمه، والقعقاع لا صحبة له. وقد أخرجه البغوي في الإسناد وسماه في الترجمة، وذلك من الأوهام العجيبة".

ثُمّ ساق حديث يحيى بن زكريا من طريق فيه سماع [وقد سقط شيء من الإسناد في المطبوع]! عن عبدالله بن سعيد ابن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن القعقاع بن أبي حدرد، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((تمعددوا واخشوشنوا وامشوا حفاة)).

قال ابن عساكر: "وقوله فيه "سمعت" وهم! فقد رواه محمد بن يحيى الذهلي -وكان من الحفاظ- عن محمد بن سابق، فقال فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك في حديث صفوان بن عيسى عن عبدالله بن سعيد، وعبدالله ضعيف بمرة".

قلت:

1- أما بالنسبة لوهم البغوي فصحيح، فإن المذكور في الحديث ليس عبدالله بن أبي حدرد، فوهم البغوي في ذكره في ترجمته.

2- وأما بالنسبة لقول ابن عساكر فليس بصحيح! وهذا الحديث إنما نُسب إلى القعقاع أخي عبدالله، وليس للقعقاع ابن عبدالله، فوهم ابن عساكر فيه.

3- قوله بأنه مرسل؛ من أجل أنه عدّ الحديث للقعقاع ابن عبدالله لا للقعقاع الصحابي، وهو خطأ.

4- عدّ ابن عساكر أن الوارد في رواية صفوان ويحيى ((القعقاع بن أبي حدرد)) هو القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد، واعتمد في ذلك على أن السماع الوارد في حديث يحيى خطأ! وكلامه هذا من الأوهام العجيبة! فكيف يتكلم على السماع الخطأ أو الصحيح وراوي الحديث متروك أصلاً!!

· وهم لابن عبدالبر!

قال ابن عبدالبر في ((الاستيعاب)) (3/1283): "القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي: روى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول: تمعددوا واخشوشنوا وامشوا حفاة. رواه عنه سعيد المقبري. وروى القعقاع هذا أيضاً عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: أنه مر بناس من أسلم وهم يتناضلون قال: ارموا يا بني إسماعيل؛ فإن أباكم كان رامياً، ارموا وأنا مع ابن الأكوع، الحديث. للقعقاع ولأبيه جميعاً صحبة، وقد ضعّف بعضهم صحبة القعقاع؛ لأن حديثه لا يأتي إلا من طريق عبدالله بن سعيد بن أبي سعيد، وهو ضعيف".

قلت: وقع ابن عبدالبر في الخطأ الذي نبّه إليه البخاري، فإنه قال من سمى القعقاع بن أبي حدرد القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد فقد وهم! لأن القعقاع بن عبدالله تابعي، والقعقاع بن أبي حدرد هو عمه وهو صحابي، والحديث منسوب إليه. فوهم ابن عبدالبر في اسم الصحابي.

ثُمّ إن تضعيف الأئمة للحديث بسبب ضعف سعيد بن أبي سعيد ليس تضعيفاً لصحبة القعقاع بن أبي حدرد كما ذهب إليه ابن عبدالبر! فصحبته ثابتة، والحديث الذي نُسب إليه لا يصح، وهذا معنى كلام البخاري المتقدم.

فالقعقاع بن أبي حدرد صحابي باتفاق، والقعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد ليس بصحابي، وأبوه عبدالله صحابي.

قال الحافظ ابن حجر في ((الإصابة)) (5/449): "القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي. قال البخاري: له صحبة، وحديثه عند عبدالله بن سعيد المقبري، ولا يصح. ويقال: القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد. وكذا ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه. وروى البغوي وابن شاهين والطبراني من طريق عبدالله بن سعيد بن سعيد المقبري عن أبيه عن القعقاع بن أبي حدرد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((تمعددوا واخشوشنوا وامشوا حفاة)). قال الطبراني: لا يروى عن القعقاع إلا بهذا الإسناد! تفرد به صفوان بن عيسى عن عبدالله ابن سعيد. وقال ابن السكن: ذكره بعضهم وأنه من الصحابة ولم يثبت، والمشهور بالصحبة والده عبدالله بن أبي حدرد. قلت: ولأبي عمر فيه وهم يأتي بيانه في القسم الأخير".

قلت: كأن ابن السكن خلط أيضاً بين القعقاع الصحابي وابن أخيه، فعدّ هذه الرواية للتابعي ونفى الصحبة عنه. وهذا صحيح، فالتابعي لا صحبة له، ولكن الحديث ليس للتابعي، وإنما منسوب للقعقاع الصحابي!

· الوهم الذي أشار إليه ابن حجر لابن عبدالبر ومناقشته في ذلك!

قال ابن حجر في (القسم الأخير) من ((الإصابة)) (5/554): "القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي: ذكره ابن عبد البر، وقال: روى حديثين أحدهما: تمعددوا واخشوشنوا، والثاني: مر بقوم ينتضلون، فقال: ارموا فإن أباكم كان رامياً. قال أبو عمر: للقعقاع صحبة ولأبيه صحبة، وقد ضعف بعضهم صحبة القعقاع بأن حديثه إنما يأتي من رواية عبدالله بن سعيد المقبري وهو ضعيف. قلت: الحديث الأول أخرجه ابن أبي شيبة وغيره من طريق عبدالله بن سعيد عن أبيه عن القعقاع بن أبي حدرد، وهو صحابي كما تقدم في القسم الأول. وأما القعقاع بن عبدالله فهو ابن أخيه، لا صحبة له. وأما الحديث الثاني فإنما جاء من رواية القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد عن أبيه كما تقدم في ترجمة عبدالله بن أبي حدرد في حرف العين. وقد نبه على وهم أبي عمر فيه ابن فتحون، ونقل عن خليفه أنه قال: عبدالله والقعقاع ابنا أبي حدرد، ولهما صحبة... وقال ابن فتحون: لو كان القعقاع بن عبدالله له صحبة لكان ينبغي لأبي عمر أن يقول: له ولأبيه وجده صحبة؛ لأن أبا حدرد صحابي. قلت: وهو كما قال، والعمدة في أن لا صحبة له إن رواية المقبري إنما هي عنه عن أبيه، فالصحبة لأبيه، والله اعلم".

قلت:

1- ابن عبدالبر لا ينفي صحبة القعقاع، ولا يعد القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد ابن أخي الأول صحابي! وإنما الوهم الذي دخل عليه هو أنه عدّ اسم الصحابي: القعقاع ابن عبدالله بن أبي حدرد! وهذا الذي نبّه عليه البخاري من قبل، بأن من قال في القعقاع ابن أبي حدرد: القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد فقد وهم.

2- الاستدراك على ابن عبدالبر بقول ابن فتحون: "لو كان القعقاع..."، ليس في محله؛ لأن ابن عبدالبر لا يرى صحبة التابعي ابن عبدالله الصحابي، وإنما وهمه في أنه اعتقد أن الحديث للصحابي الذي اسمه القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد.

3- ما نقله ابن حجر عن الطبراني بتفرد صفوان بن عيسى به عن عبدالله بن سعيد ليس بصحيح، وقد بينته فيما سبق.

4- قوله: "والعمدة في أن لا صحبة له إن رواية المقبري..."! فيه نظر! لأن رواية المقبري ليست عن القعقاع عن أبيه، ولا مدخل لعبدالله بن القعقاع فيها.

· وهم صاحب الإكمال لرجال أحمد!

قال الحسيني في ((الإكمال لرجال أحمد)) (ص352): "القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي المكي عن أبيه وغيره، وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري ويزيد بن عبدالله بن قسيط. ذكره ابن حبان في التابعين من كتاب ((الثقات)). وقال ابن أبي حاتم: ويقال القعقاع بن أبي حدرد ولا يصح له صحبة، وهو زوج بقيرة. روى عبدالله بن سعيد المقبري عن أبيه عنه في كتاب ((الضعفاء)) فسمعت أبي يقول: يحول من هذا الكتاب، فإن الراوي عنه عبدالله بن سعيد المقبري، وهو ضعيف. قال البخاري: له صحبة، وحديثه لا يصح".

قلت: خلط الحسيني في هذه الترجمة بين القعقاع التابعي وبين القعقاع الصحابي! فالنصف الأول الذي ذكره صحيحٌ وهو القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد التابعي.

والنصف الثاني من قول ابن أبي حاتم إلى آخره يتعلّق بالقعقاع بن أبي حدرد الصحابي عمّ القعقاع بن عبدالله.

وكأنه فهم من ترجمة ابن أبي حاتم أن القعقاع لا صحبة له، ولهذا قدمه على قول البخاري الذي أثبت صحبته! وقد وقع له خلل في النقل نتيجة الاختصار! والذي جعله يقع في هذا هو أن عبارة ابن أبي حاتم موهمة! فإن أباه استفاد من كلام البخاري، وقدّم وأخّر في عبارة البخاري، فأوهمت عبارته! وما نقله الحسيني فيه خلل، ولا أدري هل سقط من النسخة أم أنه قصد اختصاره كما يأتي.

وترجمة ابن أبي حاتم: "قعقاع بن أبي حدرد الأسلمي، ويقال: قعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد، ولا يصح. له صحبة، وهو زوج بقيرة. روى عبدالله بن سعيد المقبري عن أبيه عنه. سمعت أبي يقول ذلك. وأدخله بعض الناس في ((كتاب الضعفاء)) فسمعت أبي يقول: يُحَوّل من هذا الكتاب؛ فإنّ الرواى عنه عبدالله ابن سعيد المقبري، وعبدالله ضعيف".

قلت: مَنْ يقرأ كلام ابن أبي حاتم يظن أن عبارة "ولا يصح له صحبة" راجعة إلى قعقاع بن أبي حدرد! أي لا تصح لقعقاع صحبة! ولكن العبارة يجب أن تفصل. فقوله: "ولا يصح" يعود على قوله: "ويقال: قعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد"، وقوله: "له صحبة" يعود على "قعقاع بن أبي حدرد".

وعبارة البخاري أدق وأحسن وأسلم من عبارة أبي حاتم وابنه. قال البخاري: "القعقاع بن أبي حَدْرَد الأسلمي: له صحبة، وامرأته بقيرة. وحديثه عند عبدالله بن سعيد المقبري، ولا يصح حديثه. ويُقال: القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد، ولا يصح".

· مناقشة الحافظ ابن حجر:

قال ابن حجر في ((تعجيل المنفعة)) (ص344): "القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي المكي عن أبيه وغيره، وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري ويزيد بن عبدالله بن قسيط. قال البخاري: له صحبة وامرأته بقيرة، وحديثه من رواية عبدالله بن سعيد المقبري، لا يصح. وقال ابن حبان: يقال إن له صحبة. قلت: أنكر ابن عساكر أن تكون له صحبة وأخرج له من طريق البغوي من طريق عبدالله بن سعيد عن أبيه عن ابن أبي حدرد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تمعددوا واخشوشنوا)) الحديث. قال ابن عساكر أورده في حرف القاف لكنه لم يسمه في الترجمة، ثم أخرجه من طريق ابن مندة من هذا الوجه، فوقع عنده عن القعقاع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، وقوله فيه: "سمعت" غلط. وقد رواه الذهلي من هذا الوجه فلم يقل فيه "سمعت" قال: "قال". وقد أخرجه ابن إسحاق في ((المغازي)) عن يزيد بن عبدالله بن قسيط عن القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد عن أبيه، وهذا هو الصواب".

قلت:

1- كلام ابن حجر موهم! فإن البخاري أثبت الصحبة للقعقاع بن أبي حدرد، ونبّه على أن من قال: القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد فقد وهم. والذي يروي عن أبيه ويروي عنه يحيى وابن فسيط هو التابعي القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد.

2- الذي نقله عن ابن حبان قاله في الصحابي القعقاع بن أبي حدرد، لا في التابعي صاحب الترجمة؛ لأنه قال في ((الثقات)) (5/323): "القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي، يروي عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه يحيى ابن سعيد الأنصاري".

وقد ذكر ابن حبان ((القعقاع بن أبي حدرد)) في الرواة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكك في صحبته، والصواب أنه صحابي باتفاق. وكان الأولى بابن حجر أن لا يخلط بين الصحابي وبين التابعي!

3- كلام ابن عساكر –كما تقدم- كان في معرض ردّه على البغوي في إيراده هذا الحديث في ترجمة الصحابي ((عبدالله بن أبي حدرد))، وعدّه لابنه القعقاع وأنه ليس له صحبة، وقد بينت وهمه في مكانه.

4- قوله: "وقد أخرجه ابن إسحاق في ((المغازي)) عن يزيد بن عبدالله بن قسيط عن القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد عن أبيه، وهذا هو الصواب"!

قلت: هذا كلام عجيب! وكأن ابن حجر خلط بين حديثين! فإنه أورد هذا الكلام بعد أن تكلم على حديث ابن أبي حدرد: ((تمعددوا))، وظاهر كلامه أن ابن إسحاق روى هذا الحديث عن ابن قسيط عن القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد عن أبيه! ثُمّ صحح هذه الرواية!

ولكن ابن إسحاق لم يرو هذا الحديث قط! والحديث الذي رواه ابن إسحاق بهذا الإسناد هو حديث آخر في بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن أبي حدرد في سرية، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

· وهم لابن نُقطة!

قال في ((تكملة الإكمال)) (2/236) (باب حدرد وخدود): "أما حدرد، بفتح الحاء المهملة وسكون الدال المهملة المكررة بينهما راء مفتوحة، فهو أبو حدرد الأسلمي، يختلف في اسمه، فقيل: سلامة، وقيل: عبد. يُعدّ في الصحابة. روى عنه إبراهيم التيمي. قال مسلم في كتاب ((الكنى)): "أبو حدرد: عبد الأسلمي، له صحبة".

وابنه عبدالله بن أبي حدرد يُعدّ في الصحابة أيضاً. روى عنه عبدالله بن أبي سعيد المقبري. وابنه القعقاع من رواية يزيد بن عبدالله بن قسيط. وقال البخاري: القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي له صحبة، وامرأته بقيرة، وحديثه عن عبدالله بن سعيد المقبري، ولا يصح حديثه".

قلت:

1- وهم ابن نقطة في قوله إن عبدالله بن أبي سعيد المقبري روى عن عبدالله بن أبي حدرد! إنما يروي عبدالله بن أبي سعيد عن أبيه عن القعقاع بن أبي حدرد.

2- القعقاع بن أبي حدرد لم يرو عنه ابن قسيط، وإنما الذي روى عنه ابن قسيط هو ابن أخيه القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد، وهو تابعي. وكأن ابن نقطة أراد بقوله وابنه القعقاع من رواية يزيد، هو ابن عبدالله بن أبي حدرد الذي روى عنه ابن قسيط، فإن قصد ذلك فقد وهم أيضاً؛ لأن البخاري لا ينكلم عن هذا!

· وهم للهيثمي!

قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/136): "عن أبي حدرد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انتضلوا واخشوشنوا وامشوا حفاة، رواه الطبراني في الكبير والأوسط...". ثُمّ قال: "وعن عبدالله بن أبي حدرد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انتضلوا واخشوشنوا وامشوا حفاة، وزاد في رواية: تمعددوا. رواه الطبراني، وفيه عبدالله بن سعيد، وهو ضعيف".

قلت: الحديث لم يأت لا عن أبي حدرد ولا عن عبدالله بن أبي حدرد!! وكأن الهيثمي اعتمد على نسخة من الطبراني سقط لفظ "ابن" من الأول، فصار :عن أبي حدرد"، والصواب: "عن ابن أبي حدرد". والثاني جاء في النسخة: "ابن أبي حدرد" فسماه عبدالله، فصار: عبدالله بن أبي حدرد"، كما فعل البغوي، وسبق بيان وهمه في ذلك.

· حديثٌ آخر للقعقاع من رواية عبدالله بن سعيد:

روى ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (5/303) عن عبدالرحيم بن سليمان، عن عبدالله ابن سعيد، عن أبيه عن [ابن] أبي حدرد الأسلمي، قال: مرّ رسول الله بناس من أسلم وهم يتناضلون. فقال: ((ارموا يا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً. ارموا وأنا مع ابن الأدرع)). فأمسك القوم بأيديهم. فقال: ((ما لكم، لا ترمون؟)) قالوا: يا رسول الله، أنرمي، وقد قلت: أنا مع ابن الأدرع، وقد علمنا أن حزبك لا يغلب؟ قال: ((ارموا وأنا معكم كلّكم)).

وذكره ابن حجر في ((المطالب العالية)) (9/389) عن ابن أبي شيبة، وسمى ابن أبي حدرد: ((القعقاع بن أبي حدرد))، ووقع فيه: "مع ابن الأكوع" بدل: "ابن الأدرع"!

وقد ذكره ابن عبدالبر في ((الاستيعاب)) (3/1283) في ترجمة ((القعقاع بن عبدالله ابن أبي حدرد)) فقال: "وروى القعقاع هذا أيضاً عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: أنه مر بناس من أسلم وهم يتناضلون".

· وهم لابن حجر:

وتعقبه ابن حجر في ((الإصابة)) فقال: "وأما الحديث الثاني فإنما جاء من رواية القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد عن أبيه كما تقدم في ترجمة عبدالله بن أبي حدرد في حرف العين".

قلت: هذا وهم من ابن حجر –رحمه الله-! فإن هذا الحديث لم يرو من طريق القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد عن أبيه! وقول ابن حجر بأنه تقدم في ترجمة عبدالله في حرف العين كأنه سهو منه! فإني لم أجده أشار إلى هذا الحديث في ترجمة عبدالله بن أبي حدرد من ((الإصابة))!

وذكره ابن حجر في ((فتح الباري)) (6/539) فقال: "وقد ذكر ابن عبد البر من طريق القعقاع بن أبي حدرد في حديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بناس من بني أسلم وخزاعة، وهم يتناضلون فقال: ارموا بني إسماعيل".

قلت: سكت عنه ابن حجر! وكان الأولى به بيان أنه من طريق عبدالله بن سعيد بن أبي سعيد، وهو متروك. ومتن الحديث أصله في صحيح البخاري، وليس فيه: "بني أسلم وخزاعة"، وهذا منكرٌ؛ لأن الذي في الصحيح أن النفر كلهم من أسلم. وفيه بعض المباحث، ولها مكان آخر لبيانها إن شاء الله تعالى.

· حديثٌ فيه قصة للقعقاع بن أبي حَدرد مع عمر رضي الله عنهما!

أخرج أبو عوانة في ((مسنده)) (4/278) قال: حدثنا عبدالكريم بن الهيثم الديرعاقولي، قال: حدثنا إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان، قال: سمعت الزهريّ يقول: أخبرني كثير بن عباس، عن العباس، قال: لما كان يوم حنين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم القعقاع بن أبي حدرد يأتيه بالخبر. فذهب إليهم، فإذا مالك بن عوف النصري في جمعٍ كثيرٍ من هوازن -وهو يحرضهم على الجهاد-، ويقول: ألقوهم بالسيوف صلتة، ولا تلقوهم بسهم ولا برمح، فإن منهزمهم لا يرده شيء دون النحر. فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فدخل على المسلمين من ذلك رعبٌ شديدٌ. وقال عمر: كذب يا رسول الله. -قال سفيان: وإنما قال عمر كذب لما رأى المسلمين قد دخلهم-. فقال القعقاع لعمر بن الخطاب: لئن كذبتني يا ابن الخطاب لربما كذبت بالحق؟ فقال عمر: يا رسول الله، ألا تسمع ما يقول لي هذا! قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((قد كنت ضالاً فهداك الله)). قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ في نحو من عشرة آلاف. فقال رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لا نغلب اليوم من قلة. فابتلوا بكلمته، فانهزموا حتى لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا العباس وأبو سفيان ابن الحارث. قال العباس: وكنت آخذاً بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه، وأبو سفيان آخذ بركابه عن يساره. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عباس، ناد في الناس: يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة. -قال سفيان: يذكرهم البيعة التي بايعوه تحت الشجرة، والشجرة سمرة بايعوه تحتها على أن لا يفروا-. قال العباس: فناديت، فخلصت الدعوة إلى الأنصار إلى بني الحارث بن الخزرج، فأقبلوا ولهم حنين كحنين الإبل. فقالوا: لبيك يا رسول الله وسعديك. فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم قد أقبلوا. قال: ((هيه، عطفة البقرة على أولادها. الآن حمي الوطيس)). فأخذ كفاً من حصى فضرب بها وجوه المشركين، وقال: ((شاهت الوجوه)). فهزمهم الله وأعزّ نبيه صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن: {إذ أعجبتكم كثرتكم} الآية.

· زيادة من إبراهيم بن بشار في حديث ابن عيينة!

قلت: هذا الحديث مشهورٌ عن الزّهري، ولكن القسم الأول منه لا يوجد إلا في رواية إبراهيم بن بشار عن سفيان! والحديث رواه الحميدي عن سفيان (كما في مسند الحميدي: 1/218)، ولكن لم يذكر القسم الأول هذا! وفيه: قال العباس: ((كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته التي أهداها له الجذامي، فلما ولى المسلمون، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عباس، ناد. قلت: يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة -وكنت رجلاً صيتاً- فقلت: يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة، فرجعوا عطفة كعطفة البقرة على أولادها، وارتفعت الأصوات وهم يقولون: معشر الأنصار، يا معشر الأنصار. ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج: يا بني الحارث. قال: وتطاول رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو على بغلته- فقال: هذا حين حمي الوطيس. وهو يقول: قدماً يا عباس. ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن، ثم قال: انهزموا ورب الكعبة)). وربما قال سفيان: ((ورب محمد)).

قال سفيان: "حدثناه الزهري بطوله، فهذا الذي حفظت منه".

قلت: فها هو سفيان بن عُيينة يقول: هذا الذي حفظته من الزهري، فمن أين جاء إبراهيم بن بشار بهذه الزيادة عن سفيان؟!

والحديث أخرجه الإمام أحمد في ((مسنده)) (1/207) عن عبدالرزاق عن معمر عن الزهري، الحديث بطوله. ثم قال أحمد: حدثنا سفيان قال: سمعت الزهري مرة أو مرتين فلم أحفظه، عن كثير بن عباس قال: كان عباس وأبو سفيان معه يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال: فخطبهم، وقال: الآن حمي الوطيس، وقال: ناد يا أصحاب سورة البقرة.

والحديث أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (3/1398) من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن كثير بن عباس بن عبد المطلب، عن أبيه، الحديث بطوله. ثُم أخرجه من طريق عبد الرزاق، عن معمر عن الزهري بهذا الإسناد نحوه. ثُم قال مسلم: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال: أخبرني كثير بن العباس، عن أبيه، قال: كنت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وساق الحديث غير أن حديث يونس وحديث معمر أكثر منه وأتم".

قلت: وها هو مسلم ينبّه أيضاً على أن حديث يونس ومعمر أتم من حديث سفيان. وقصد مسلم بالأكثر والأتم بعض العبارات فقط. وأما القصة التي جاءت في حديث إبراهيم بن بشار بين عمر والقعقاع فلا توجد إلا من طريقه!

قلت: وإبراهيم صدوق له أوهام. وقد تكلم الناس في روايته عن ابن عيينة. قال الإمام أحمد: "كأن سفيان الذي يروي عنه إبراهيم بن بشار ليس هو سفيان بن عيينة". وقال عبدالله بن أحمد: سمعت أبي ذَكَر إبراهيم بن بشار الرَّماديّ، فقال: "كان يحضر معنا عند سفيان بن عيينة، فكان يملي على الناس ما يسمعون من سفيان، وكان ربما أملى عليهم ما لم يسمعوا". ويقول: "كان يغيِّر الألفاظ، فيكون زيادة ليس في الحديث"، أو كما قال. قال أبي: فقلت له يوماً: ألا تتقي الله، ويحك! تُملي عليهم ما لم يسمعوا؟ ولم يَحمده أبي في ذلك، وذمَّه ذمّاً شديداً.

وقال معاوية بن صالح: سألت يحيى بن معين عنه؟ فقال: "ليس بشيء. لم يكن يكتب عند سفيان، وما رأيت في يده قلماً قطّ. وكان يملي على الناس ما لم يقله سفيان". (تهذيب الكمال: 2/57-58).

قلت: فالقصة التي ذكرها إبراهيم بين عمر والقعقاع تفرد بها، وليس لها أصلٌ من حديث ابن عيينة. وأصل هذه القصة عند الحاكم في ((المستدرك)) كما بينته في مكان آخر! ولا يصح ذكر القعقاع فيها؛ والصواب في القصة أنه عبدالله بن أبي حدرد. وبعض ألفاظ رواية أبي عوانة عن إبراهيم فيها نكارة، والله أعلم.

والخلاصة أن القعقاع بن أبي حدرد الصحابي زوج بَقيرة لا رواية له.

 

· عائلةُ أبي حَدْرَد الصحابي وأحاديثهم رضي الله عنهم.

· أبو حَدْرد - رضي الله عنه -:

اختلف في اسمه: فقيل اسمه: عبد. وقيل: سلامة.

قال الإمام أحمد في ((الأسامي والكنى)) (ص50): "أبو حدرد، اسمه: عبد".

وقال الإمام البخاري في ((التاريخ الكبير)) (6/119): "عبد أبو حدرد الأسلمي، حجازيّ، له صحبة. نسبه أحمد".

وقال الإمام مسلم في ((الكنى والأسماء)) (1/272): "أبو حدرد عبد الأسلمي. له صحبة".

وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (6/93): عبد أبو حدرد الأسلمي، حجازي. ويقال إن اسمه سلامة، وهو والد عبدالله وأم الدرداء خيرة ولدي أبي حدرد. له صحبة. روى عنه محمد بن إبراهيم التيمي مرسل. سمعت أبي يقول بعض ذلك، وبعضه من قبلي. قال عبدالرحمن: حدثنا علي بن الحسن قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "أبو حدرد اسمه عبد". وقال الزبير بن بكار: "اسمه سلامة".

وذكره ابن حبان في الصحابة في ((الثقات)) (3/168) فقال: "سلامة أبو حدرد الأسلمي".

وقال الذهبي في ((المقتنى في سرد الكنى)) (1/169): "أبو حدرد سلامة بن عمير الأسلمي. وقيل اسمه عبد. له صحبة".

وقال ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (4/309): "عبدالله بن أبي حدرد، واسم أبي حدرد: سلامة بن عمير بن أبي سلامة بن سعد بن مسآب بن الحارث بن عبس بن هوازن بن أسلم بن أفصى. قال بعضهم: اسم أبي حدرد عبدالله، ويكنى عبدالله أبا محمد. وأول مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية، ثم خيبر، وما بعد ذلك من المشاهد.

أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم: ((أنّ أبا حدرد الأسلمي استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهر امرأته)). قال محمد بن عمر –هو الواقدي-: "هذا وهل! إنما الحديث أن ابن أبي حدرد الأسلمي استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهر امرأته. فقال: كم أصدقتها؟ قال: مئتي درهم. قال: لو كنتم تغرفونه من بطحان ما زدتم". وتوفي عبدالله بن أبي حدرد سنة إحدى وسبعين، وهو يومئذ ابن إحدى وثمانين سنة، وقد روى عن أبي بكر وعمر".

وقال المزي في ((تهذيب الكمال)) (33/228): "أبو حدرد الأسلمي المدني، والد عبدالرحمن بن أبي حدرد وبشير بن أبي حدرد وجد حمل بن بشير بن أبي حدرد. له صحبة. قال علي بن الحسن عن أحمد بن حنبل: اسمه عبد. وقال غيره: اسمه عبيد. وقال الزبير بن بكار: اسمه سلامة. روى حديثه حمل بن بشير بن أبي حدرد عن عمّه عن أبي حدرد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يسوق إبلنا هذه؟ قال رجل: أنا. قال: ما اسمك؟ قال: فلان. قال: اجلس، الحديث. قال محمد بن سعد: اسم أبي حدرد: سلامة بن عمير بن أبي سلامة بن سعد بن الحارث بن عبس بن هوازن بن أسلم، توفي سنة إحدى وسبعين".

· وهم للمزي:

قلت: وهم المزي في نقل كلام ابن سعد! وقد تعقبه ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (12/72) فقال: "قلت: إنما ترجم ابن سعد لعبدالله بن أبي حدرد، فقال: عبدالله بن أبي حدرد، واسم أبي حدرد: سلامة بن عمير، فساق نسبه، ثم قال: يكنى أبا محمد أول مشهد شهده الحديبية وما بعدها، وتوفي عبدالله بن أبي حدرد سنة إحدى وسبعين وهو يومئذ ابن إحدى وثمانين سنة، وقد روى عن أبي بكر وعمر. وهكذا أرخ خليفة ويحيى بن بكير وغير واحد وفاة عبدالله بن أبي حدرد في هذه السنة، والله تعالى أعلم. وروى عن أبي حدرد أيضاً: محمد بن إبراهيم فيما ذكره العسكري. وقال ابن عبدالبر: روى عنه ابنه عبدالله بن أبي حدرد. فيحتمل أن يكون هو المبهم في رواية البخاري، ولعبدالله بن أبي حدرد ولد اسمه القعقاع. روى عن أبيه، وعن جدّه".

وقال في ((التقريب)) (ص632): "أبو حدرد الأسلمي المدني. قيل: اسمه عبد. وقيل: عبيد. وقيل: سلامة بن عمير. صحابي، ويقال: هو والد عبدالله بن أبي حدرد الصحابي. مات عبدالله سنة إحدى وسبعين، فوهم من أرّخ أبا حدرد فيها".

وقال في ((الإصابة)) (7/86): "أبو حدرد الأسلمي، والد عبدالله تقدم حديثه في ترجمة ولده. وقد تقدم في حرف النون من الأسماء في ترجمة ناجية. وله حديث آخر عند البخاري في ((الأدب المفرد)). وقيل اسمه: سلامة بن عمير بن أبي سلامة بن سعد بن مِسْآب -بكسر الميم وسكون المهملة بعدها همزة ممدودة وآخره موحدة ضبطه أبو علي الجياني. وقيل اسمه عبد مكبر بغير إضافة، قاله أحمد. وقيل: عبيد مصغر. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابنه عمّ حمل بن بشير بن حدرد، ومحمد بن إبراهيم التيمي. ذكره العسكري. ووقع في ((تهذيب المزي)) أنّ ابن سعد أرخ وفاته سنة إحدى وسبعين! وتعقبه مغلطاي بأن ابن سعد إنما ترجم عبدالله بن أبي حدرد، وساق نسبه، ثم أرخه، وزاد: وهو ابن إحدى وثمانين. وكذا أرخه خليفة ويحيى بن بكير وغيرهما".

وقال ابن عبدالبر في ((الاستيعاب)) (2/820): "عبد أبو حدرد الأسلمي: هو مشهور بكنيته. واختلف فى اسمه فقيل: سلامة، وأكثرهم يقولون: عبد. يُعدّ في المدنيين. وهو والد عبدالله بن أبي حدرد، ووالد أم الدرداء، وسنذكر خبره فى الكنى".

وقال في ((الكنى)) من ((الاستيعاب)) (4/1630): "أبو حدرد الأسلمي من ولد أسلم بن أفصى. اختلف في اسمه، فقيل: سلامة بن عمير بن سلامة بن سعد بن مسآب بن عبس بن هوازن بن أسلم، كذا قال خليفة. وقال إبراهيم بن المنذر: مسآب بن الحارث بن عبس بن هوازن ابن أسلم. وقال أحمد بن حنبل: حُدّثت عن ابن اسحاق أن اسمه: عبد. وقال علي بن المديني: اسمه عبيد. وقال يحيى بن معين: اسمه عبد له صحبة، يعد في أهل الحجاز. روى عنه عبدالله بن أبي حدرد. وروى عنه محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي وأبو يحيى الأسلمي".

 

· حديثُ أبي حَدرد:

له حديثان:

الحديث الأول: أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (ص283) عن محمد بن المثنى. وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (4/335) عن محمد بن المثنى وعقبة بن مكرم. والحاكم في ((المستدرك)) من طريق أبي الرّبيع الزهراني، كلّهم عن أبي قتيبة سلم بن قتيبة، قال: حدثنا حَمَل بن بشير بن أبي حدرد، قال: حدثني عمّي، عن أبي حدرد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يسوقُ إبلنا هذه -أو قال: من يبلغ إبلنا هذه-؟ قال رجلٌ: أنا. فقال: ((ما اسمك؟)) قال: فلان. قال: ((اجلس)). ثُمّ قام آخر، فقال: ((ما اسمك؟)) فقال: فلان. فقال: ((اجلس)). ثُم قام آخر، فقال: ((ما اسمك؟)). قال: ناجية. قال: ((أنت لها. فسقها)). وفي رواية ابن أبي عاصم: "يوم الحديبية".

قال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد ولم يخرجاه".

· ترجمة حَمَلُ بن بشير بن أبي حدرد:

قال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (3/109): "حمل بن بشير بن أبي حدرد الأسلمي: سمع عمّه عن أبي حدرد. روى عنه سلم بن قتيبة".

وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (3/303): "حمل بن بشير بن أبي حدرد الأسلمي: روى عن عمّه عن أبي حدرد عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه سلم بن قتيبة".

وقال ابن حبان في ((الثقات)) (6/244): "حمل بن بشير بن أبي حدرد الأسلمي: يروي عن عمّه عن أبي حدرد. روى عنه سلم بن قتيبة".

وقال الذهبي في ((المغني في الضعفاء)) (1/193) وفي ((الميزان)) (2/382): "حمل ابن بشير بن أبي حدرد الأسلمي: لا يُعرف".

وقال ابن حجر في ((التقريب)) (ص181): "مقبول".

وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/47): "رواه الطبراني من طريق حمل بن بشير عن عمّه، ولم أر فيهما جرحاً ولا تعديلاً، وبقية رجاله ثقات".

· مناقشة الشيخ الألباني وغيره:

وقد ذكر الحديث الشيخ الألباني في ((ضعيف الأدب المفرد)) (ص75)، وفي ((السلسلة الضعيفة)) (رقم 4804)! وقال الشيخ: "حمل هذا مجهول، لم يرو عنه إلا ابن قتيبة هذا، ولم يوثقه غير ابن حبان. ولذا قال الذهبي: لا يعرف.

ثُم قال الشيخ: "وعمّه؛ لم أعرفه! وظاهر كلام الهيثمي أنه عرفه كالراوي عنه"! ثُم نقل كلام الهيثمي، وتعقبه بما لا يلزم، ثُم أتى بقول ابن حجر بأن عم حمل هذا قد يكون عبدالله بن أبي حدرد، واستبعده بكلام غير مفهوم، ثُم قال: "وطوّل ترجمته الحافظ في الإصابة، وفيها اختلاف واضطراب؛ من الصعب استخلاص الصواب منه بيسر! لكن المهم أننا لم نر أحداً ذكر راوياً آخر شارك هذا الصحابي في اسمه واسم أبيه، وهو عمّ حمل هذا، فهو إذن مجهول".

وقد تعقّب صاحبا التحرير ابن حجر في قبوله له، فقالا (1/325): "بل: مجهولٌ، تفرد بالرواية عنه أبو قتيبة سَلْم بن قتيبة، ولم يوثقه سوى ابن حبان، وقال الذهبي في الميزان: لا يعرف".

قلت: كلام الشيخ الألباني وصاحبي التحرير كلامٌ غير محرر! فإنّ الراوي إذا تفرد عنه راو واحد فلا يعني أنه مجهول وأن حديثه يُرد! فكم من راو لم يرو عنه إلا راو واحد وهو ثقة أخرج له أصحاب الصحيح.

واحتجاجهم بكلام الذهبي ليس في محله؛ لأن الذهبي قصد أنه لا يعرف في الرواية، فهو ليس بمشهور عند أهل العلم، وهذا لا يعني رد حديثه.

وظاهر كلامهم أنه مجهول العين! فكيف يكون ذلك والراوي عنه ثقة، وقد أثبت البخاري سماعه من عمّه؟! ولهذا فإن ابن حجر قََبِلَه في التقريب. وكذلك ابن حبان فإنه أورده في ثقاته؛ لأن حديثه ليس بمنكر، وهو حديثٌ مقبول، والله أعلم.

وأما تجهيل الألباني لعمّ حمل فليس في محله؛ لأن أعمام حمل صحابة، فلا يضرنا عدم معرفة من عمه هذا؛ لأنه صحابي ثقة. وقد جزم الحافظ في التقريب أنه عبدالله بن أبي حدرد الصحابي. وجوّز المزي أن يكون عبدالرحمن بن أبي حدرد الذي روى عن أبي هريرة.

وكلامه حول ما ذكر الحافظ في الإصابة في ترجمة عبدالله بن أبي حدرد مردود؛ فإن لم يفهمه هو! فلا يجوز له أن ينسبه إلى الاضطراب والاختلاف. فكلامه –وهو قصير غير مطول- هو الذي فيه اضطراب! فلا تدري ما الذي يريد أن يقوله الشيخ! والمعنى في بطن الشاعر!

ومما يؤيد صحة حديث حَمَل بن بشير أن ناجية الذي ورد في الحديث أسلمي، وآل أبي حدرد من بني سلمة، وقد اتفق على أنه هو صاحب بُدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو لم يخالف في حديثه، وهذه ترجمة ناجية:

· ترجمة نَاجية الصحابي:

قال الإمام البخاري في ((التاريخ الكبير)) (8/106): "ناجية صاحب بُدن النبيّ صلى الله عليه وسلم. قاله وهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية الأسلمي. قال علي: هو ابن جندب".

وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (8/486): "ناجية بن جندب الأسلمي المديني، صاحب بدن النبي صلى الله عليه وسلم، من بني سهم. كان نازلاً في بني سلمة. مات بالمدينة في زمان معاوية. روى عنه زاهر الأسلمي وعروة بن الزبير. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال ابن حبان في ((الثقات)) (3/415): "ناجية بن جندب الأسلمي: صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم. من بني سهم، كان ينـزل في بني سلمة. مات بالمدينة في ولاية معاوية بن أبي سفيان".

· تنبيه:

جاء في مطبوع الثقات: "من بني أسلم، كان ينـزل في بني سلمة"، وأشار المحقق المعلمي - رحمه الله - في الهامش أنه في الأصل: "سهم"، وقال: "وهو صحيح أيضاً؛ لأنها بطن من أسلم".

قلت: نعم، صحيح، ولكن لا يكون في ذكره كبير فائدة! فإذا قلت إنه من بني أسلم؛ فلا داعي لقولك: كان ينـزل في بني سلمة! ولكن أراد ابن حبان أن يبين أنه من بني سهم، وكان ينـزل في بني سلمة، وهو كذلك عند ابن أبي حاتم كما سبق، وكان الأولى بالمعلمي - رحمه الله - الرجوع إلى كتاب ابن أبي حاتم، وهو من تحقيقه، والصواب فيه.

قال خليفة في ((الطبقات)) (ص112): "ناجية صاحب البدن: روى قلت للنبيّ صلى الله عليه: كيف أصنع بما عطب من البدن؟ هو ناجية بن جندب بن عمير بن يعمر بن دارم بن عمرو بن واثلة بن سهم بن مازن بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة".

· من فرّق بين ناجية صاحب البدن وناجية بن الأعجم:

وقال ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (4/314): "ناجية بن جندب الأسلمي: من بني سهم، بطن من أسلم. شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على هديه حين توجه الى الحديبية، وأمره أن يقدمها إلى ذي الحليفة... قال محمد بن عمر: وشهد ابن جندب فتح مكة، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على هديه في حجة الوداع، وكان ناجية نازلاً في بني سلمة، ومات بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان".

وقد فرّق أهل العلم بين ناجية صاحب البدن وبين ناجية بن الأعجم. فذكر ابن سعد بعد ترجمة ناجية صاحب البدن: "ناجية بن الأعجم الأسلمي: شهد الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخبرنا محمد بن عمر –هو الواقدي-قال: حدثني الهيثم بن واقد، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، قال: حدثني أربعة عشر رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنّ ناجية بن الأعجم هو الذي نزل بالسهم في البئر بالحديبية فجاشت بالرواء حتى صدروا بعطن)). وقال محمد بن عمر: ويُقال الذي نزل بالسهم: ناجية بن جندب، ويُقال: البراء بن عازب، ويُقال: عباد بن خالد الغفاري. والأول أثبت أنه ناجية بن الأعجم. وعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة لأسلم لواءين، فحمل أحدهما ناجية بن الأعجم، والآخر بريدة بن الحصيب. ومات ناجية بن الأعجم بالمدينة في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان، وليس له عقب".

قلت: فرّق ابن سعد بينهما تبعاً لشيخه الواقدي، ونقل بعض أهل العلم هذا الاختلاف في الذي نزع بالسهم يوم الحديبية، فذكروا من بينهم ناجية بن جندب وناجية ابن الأعجم. قال ابن حجر في ((الإصابة)) (2/240): "يحتمل التعدد". وقال في ((الفتح)) (5/337): "ويمكن الجمع بأنهم تعاونوا على ذلك بالحفر وغيره".

وذكر ابن حجر في ((الإصابة)) (6/398): "ناجية بن الأعجم الأسلمي ذكره ابن سعد في الصحابة، وقال: لا عقب له". وذكره ابن أبي حاتم وحكى عن أبيه أنه قال: "لا أعرفه". وقال ابن شاهين في ((الصحابة)): "مات بالمدينة في آخر خلافة معاوية".

ثُمّ ذكر ابن حجر في ((الإصابة)) (6/399): "ناجية بن جندب بن عمير بن يعمر بن دارم بن وائلة بن سهم بن مازن بن سلامان بن أسلم الأسلمي. قال ابن إسحاق: حدثني بعض أهل العلم عن رجال من أسلم: أن الذي نزل في القليب بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجية بن جندب الأسلمي صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وزعم بعض أهل العلم: أن البراء بن عازب كان يقول: أنا الذي نزلت. قال ابن إسحاق: وزعمت أسلم أن جارية من الأنصار أقبلت بدلوها، وناجية في القليب يميح على الناس فقالت:

يا أيها المائح دلوي دونكا        إني رأيت الناس يحمدونكا

قال: فأجابها:

قد أقبلت جارية يمانيه            أني أنا المائح واسمي ناجيه

وقال سعيد بن عفير: كان اسمه ذكوان فسماه النبي صلى الله عليه وسلم ناجية، حين نجا من قريش. وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه أن ناجية صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات بالمدينة في خلافة معاوية. وأخرج الحسن بن أبي سفيان في ((مسنده)) من طريق موسى بن عبيدة عن عبدالله بن عمرو بن أسلم عن ناجية بن جندب قال: كنا بالغميم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر قريش أنها بعثت خالد بن الوليد جريدة خيل يتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكره رسول الله أن يلقاه، وكان بهم رحيماً، فقال: من برجل يعدلنا عن الطريق؟ فقلت: أنا بأبي أنت وأمي يا رسول الله. قال: فأخذت بهم في طريق قد كان بها فدافد وعقاب فاستوت لي الأرض حتى أنزلته على الحديبية، وهي تنـزح. قال: فألقى فيها سهماً أو سهمين من كنانته، ثم بصق فيها، ثم دعا بها فعادت عيونها حتى أني أقول: لو شئنا لاغترفنا قداحنا. ووقع لنا بعلو في ((المعرفة)) لابن منده وكذا أخرجه ابن السكن والطبراني من طريق موسى بن عبيدة، وهو عندهم بالشك: ناجية بن جندب أو جندب بن ناجية، وموسى ضعيف. ولناجية بن جندب حديثٌ آخر أخرجه ابن منده من طريق مجزأة بن زاهر عن أبيه عن ناجية بن جندب قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم حين صد الهدي. قلت: يا رسول الله، ابعث معي بالهدي حتى أنحره في الحرم. قال: وكيف تصنع؟ قال: قلت آخذ في أودية لا يقدرون عليّ. قال: فدفعه إليّ فنحرته في الحرم. قال ابن منده: "تفرد به مخول بن إبراهيم عن إسرائيل عنه، ورواه عنه أبو حاتم الرازي وغيره". كذا قال! وقد أخرجه النسائي من طريق عبيدالله بن موسى عن إسرائيل مثله. وأخرجه أبو نعيم من طريق محمد بن عمرو بن محمد المنقري عن إسرائيل، لكن قال فيه: عن ناجية عن أبيه، وكذا أخرجه الطحاوي من طريق مخول".

قلت: صحبة ناجية بن الأعجم لم تأت إلا من طريق الواقدي، ولا يُعتمد عليه!

قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (8/486): "ناجية بن الاعجم. مات بالمدينة في آخر زمان معاوية وليس له عقب. قال أبي: لا أعرفه".

قلت: لم يذكره البخاري ولا ابن حبان. ويحتمل أن يكون هو ناجية بن جندب صاحب البُدن؛ لأنه من الغريب أن يكون اثنان اسمهما واحد، وأحدهما هو الذي نزع بالسهم، وكلاهما مات في زمن معاوية! فالله أعلم.

الحديث الثاني لأبي حَدرد: أخرجه الطيالسي في ((مسنده)) (ص184) عن زهير بن محمد التميمي. وعبدالرزاق في ((مصنفه)) (6/177) عن سفيان الثوري. والحارث بن أبي أسامة في ((مسنده)) (كما في زوائدالهيثمي) (ص543) عن أبي نعيم عن سفيان. والطحاوي في ((مشكل الآثار)) (11/222) من طريق مؤمل بن إسماعيل عن سفيان. وابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (3/494) عن يزيد بن هارون. والحاكم في ((المستدرك)) (2/194) من طريق يزيد بن هارون وعبدالله بن المبارك. والطبراني في ((المعجم الكبير)) (22/352) من طريق يزيد بن هارون. وسعيد بن منصور في ((سننه)) (1/197) عن هشيم، كلّهم (زهير وسفيان ويزيد وابن المبارك وهشيم) عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم القرشي، عن أبي حدرد أنه استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نكاح. فقال: ((كم أصدقت؟)) قال: مئتي درهم. قال: ((لو كنتم تغرفون من بطحان ما زدتم)).

· وهم لعبدالرزاق في هذا الحديث!

جاء في ((مصنف عبد الرزاق)) (6/177) رواية الدبري عنه، عن الثوري، عن يحيى ابن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، قال: حدثني أبو حدرد الأسلمي: أنّ رجلاً جاء النبي صلى الله عليه وسلم  يستعينه، الحديث.

وهكذا رواه أحمد في ((المسند)) (3/448) عن عبدالرزاق أن رجلاً.

وخالفه أبو نعيم ومؤمل فجعلا الذي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم هو أبو حدرد نفسه، وتابعهما على ذلك: زهير بن محمد ويزيد بن هارون وابن المبارك، كلهم عن يحيى.

وجاء في ((مسند أحمد)) عن وكيع أن الذي جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يستعينه هو ابن أبي حدرد، وسيأتي الكلام على ذلك.

· جمع المفترق:

جمع الطبراني بين الروايات دون التنبه إلى مخالفة عبدالرزاق لأصحاب سفيان!

قال الطبراني في ((المعجم الكبير)) (22/352): حدثنا إسحاق بن إبراهيم –هو الدبري-، عن عبدالرزاق، عن الثوري. [ح] وحدثنا علي بن عبدالعزيز، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي حدرد الأسلمي، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم  استعينه في مهر امرأة. فقال: ((كم أصدقتها؟)) قال: قلت، مئتي درهم. قال: ((لو كنتم تغرفون من بطحان ما زدتم)).

قلت: رواية عبدالرزاق عن سفيان أن رجلاً جاء النبيّ صلى الله عليه وسلم، ورواية أبي نعيم عن أبي حدرد: أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم أستعينه، مثل رواية وكيع عن سفيان، فخالفهما عبدالرزاق! فعندما جمع الطبراني بين الإسنادين، حمل رواية عبدالرزاق على رواية أبي نعيم، وهذا من أخطاء جمع الروايات.

· الحكم على الحديث وهل هو من رواية أبي حدرد أم ابنه!

قال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد، ولم يخرجاه".

قلت: جاء في ((مسند أحمد)) (3/448) عن وكيع عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن ابن أبي حدرد الأسلمي أنه أتي النبي. فصارت القصة لابن أبي حدرد لا لأبي حدرد!

ونقل ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (4/309) عن الواقدي أنه قال عن رواية أبي حدرد: "هذا وهلٌ! إنما الحديث أن ابن أبي حدرد الأسلمي استعان رسول الله".

وأشار الترمذي في ((الجامع)) (3/420) إلى هذا الحديث، فقال: "وفي الباب عن أبي حدرد الأسلمي".

وأخرجه الدولابي في ((الكنى)) عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن محمد ابن إبراهيم، عن عبدالله بن أبي حدرد، عن أبيه، به.

قال الشيخ الألباني في ((الصحيحة)) (2173) عن رواية ابن عياش: "زاد فيه عبدالله ابن أبي حدرد. وهذه الزيادة منكرة؛ لتفرد إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها".

قلت: المنكر في رواية ابن عياش أنه زاد فيها: "عن أبيه" فسلك الجادة! وروايته تؤيد رواية وكيع أن هذا الحديث عن ابن أبي حدرد وهو عبدالله، فالحديث حديثه لا حديث أبيه. وهذا الذي أميل إليه، فكأن يحيى بن سعيد كان يقول أحياناً: عن ابن أبي حدرد، وأحياناً: عن أبي حدرد؛ والصواب: عن ابن أبي حدرد.

ويؤيده ما رواه أحمد في ((مسنده)) (6/11) عن يعقوب قال: حدثنا أبي، عن عبدالله ابن جعفر، عن عبدالواحد بن أبي عون، عن جدته، عن ابن أبي حدرد الأسلمي أنه ذكر أنه تزوج امرأة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينه في صداقها. فقال: ((كم أصدقت؟)) قال: قلت، مئتي درهم. قال: ((لو كنتم تعرفون الدراهم من واديكم هذا ما زدتم! ما عندي ما أعطيك)). قال: فمكثت، ثم دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثني في سرية بعثها نحو نجد. فقال: ((اخرج في هذه السرية لعلك أن تصيب شيئاً فأنفلكه)). قال: فخرجنا حتى جئنا الحاضر ممسين. قال: فلما ذهبت فحمة العشاء بعثنا أميرنا رجلين رجلين. قال: فأحطنا بالعسكر، وقال: إذا كبرت وحملت فكبروا واحملوا. وقال حين بعثنا رجلين رجلين: لا تفترقا ولأسألن واحداً منكما عن خبر صاحبه فلا أجده عنده، ولا تمنعوا في الطلب. قال: فلما أردنا أن نحمل سمعت رجلاص من الحاضر صرخ يا خضرة فتفاءلت بأنا سنصيب منهم خضرة. قال: فلما اعتمنا كبر أميرنا وحمل وكبرنا وحملنا. قال: فمر بي رجل في يده السيف، فاتبعته، فقال لي صاحبي: إن أميرنا قد عهد إلينا أن لا نمعن في الطلب، فارجع. فلما رأيت إلا أن أتبعه قال: والله لترجعن أو لأرجعن إليه ولأخبرنه أنك أبيت. قال: فقلت، والله لأتبعنه. قال: فاتبعته حتى إذا دنوت منه رميته بسهم على جريداء متنه فوقع. فقال: ادن يا مسلم إلى الجنة، فلما رآني لا أدنو إليه ورميته بسهم آخر فأثخنته رماني بالسيف فأخطأني، وأخذت السيف فقتلته، واحتززت به رأسه وشددنا فأخذنا نعماً كثيرة وغنماً. قال: ثم انصرفنا. قال: فأصبحت فإذا بعيري مقطور به بعير عليه امرأة جميلة شابة، قال: فجعلت تلتفت خلفها فتكبر فقلت لها: إلى أين تلتفتين؟ قالت: إلى رجل والله إن كان حياً خالطكم. قال: قلت، وظننت أنه صاحبي الذي قتلت! قد والله قتلته، وهذا سيفه، وهو معلق بقتب البعير الذي أنا عليه. قال: وغمد السيف ليس فيه شيء معلق بقتب بعيرها. فلما قلت ذلك لها قالت: فدونك هذا الغمد فشمه فيه إن كنت صادقاً. قال: فأخذته فشمته فيه فطبقه. قال: فلما رأت ذلك بكت. قال: فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني من ذلك النعم الذي قدمنا به)).

· كلام هواة التخريج المعلقين على مسند احمد!

قالوا في حديث التيمي عن أبي حدرد رقم (15706): "إسناده ضعيف لإنقطاعه. محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من أبي حدرد"، ثم ساقوا كلام بعض أهل العلم في أن التيمي لقي أفراداً من الصحابة.

قلت: نعم، رواية التيمي عن أبي حدرد مرسلة، ولكن قد تبيّن لنا أن الحديث لابن أبي حدرد؛ فلا انقطاع، والحديث حسن، ولله الحمد.

وقالوا عن حديث عبدالواحد رقم (23882): "إسناده ضعيف لإبهام جدة عبدالواحد بن أبي عون، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبدالواحد بن أبي عون فمن رجال ابن ماجة، وأخرج له البخاري تعليقاً".

قلت: لا يضرّ إبهام جدة عبدالواحد؛ لأن الراوي عنها حفيدها وهو ثقة، والقصة لها أصل في الصحيح.

· كلام محمّد عوّامة على هذه الروايات!

وقد تكلّم محمد عوامة أثناء تحقيقه لمصنف ابن أبي شيبة (9/137) حول هذه الروايات! فضعّف إسناد عبدالواحد؛ لأن جدته لم تسم. وأشار إلى أن الذهبي وافق الحاكم في أنه صحيح؛ لكن الذهبي نفسه أشار في ((المهذّب)) (11353) إلى الإنقطاع بين التيمي وأبي حدرد. ثُم ذكر أن ابن عبدالبر وابن حجر ذكرا أن التيمي روى عن أبي حدرد، ويؤيد هذا أنه جاء في رواية عبدالرزاق عن سفيان تصريح التيمي بالسماع من أبي حدرد!

قلت: كلام الشيخ عوّامة حول هذا الحديث لا يحلّ مشكلة! بل يزيدها؛ لأنه لم يستطع ضبط الكلام حول الروايات! وكلامه فيه خلط! وأنا أقول:

1- روى يحيى بن سعيد الأنصاري الحديث على وجهين: عن أبي حدرد، وعن ابن أبي حدرد، والأقرب إلى الصواب أنه عن ابن أبي حدرد؛ لأن التيمي لم يدرك أبا حدرد! ويُستفاد من رواية ابن عياش السابقة أنه عن عبدالله بن أبي حدرد.

2- تصريح السماع الذي في رواية عبدالرزاق خطأ منه! لأن الجماعة رووه عن سفيان ولم يذكروا السماع! وكأن الإمام أحمد أراد التنبيه على الخطأ في روايات هذا الحديث فبدأ أولاً برواية وكيع عن سفيان عن يحيى عن التيمي عن ابن أبي حدرد، ثُم ثنّى برواية عبدالرزاق عن سفيان عن يحيى عن التيمي قال: حدثني أبو حدرد أن رجلاً! فأراد التنبيه على الخطأ المزدوج لعبدالرزاق: بذكره للسماع بين التيمي وبين أبي حدرد، وجعله الحديث عن رجل!

3- حديث أحمد وإن كان فيه جدة عبدالواحد ولم تسم؛ فإن ذلك لا يضر، فهي تابعية، ولا يُعلم أن هناك تابعية متهمة كما قال الإمام الذهبي في فصل النساء من الميزان.

ويشهد لحديثها ما أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (2/1040) عن يحيى بن معين، قال: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، قال: حدثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار. فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((هل نظرت إليها؟ فإن في عيون الأنصار شيئاً)). قال: قد نظرت إليها. قال: ((على كم تزوجتها؟)) قال: على أربع أواق. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((على أربع أواق! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل. ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه)). قال: فبعث بعثاً إلى بني عبس، بعث ذلك الرجل فيهم.

ويؤيده ما رواه ابن قانع في ((معجم الصحابة)) (2/132) من طريق الليث عن بكير ابن الأشج عن إسماعيل بن القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد قال: تزوج جدّي عبدالله بن أبي حدرد امرأة على أربع أواق، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((لو كنتم تنحتون من الجبل ما زدتم!)).

والقصة مشهورة عند أصحاب المغازي والسير أنها لعبدالله بن أبي حدرد.

4- قول الشيخ عوامة أن: "محمد بن إبراهيم التنيمي يروي عن أبي حدرد، ذكر ذلك ابن عبدالبر وابن حجر كلاهما في كتابيهما في الصحابة في ترجمة أبي حدرد"! في استدلاله نظر! لأن ابن عبدالبر وابن حجر إنما ذكرا ذلك لأنه وقع في هذا الحديث أن محمداً رواه عن أبي حدرد! والصواب في الحديث أنه عن ابنه عبدالله.

5- وأما قوله بأن الذهبي وافق الحاكم في أنه صحيح! فغير صحيح! لأن الذهبي ملخصٌ فقط لكلام الحاكم وهذا ليس بموافقة!

· تنبيه:

أورد الهيثمي الحديث في ((مجمع الزوائد)) (4/282) وقال: "رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح".

قلت: كان ينبغي للهيثمي أن يبين أن إحدى طرق الطبراني فيه راوٍ متروك! فرواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (22/353) وفي ((المعجم الأوسط)) (7/303) من طريق عمر بن سهل المازني، عن عمر بن صُهبان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي حدرد الأسلمي، قال: أتيت رسول الله، الحديث.

وعمر بن صهبان منكر الحديث متروك.

· وهم في إسناد هذا الحديث نتج عنه ترجمة وهمية!

ذكر ابن الأثير في ((أسد الغابة)) (2/482): "محمد بن أبي حدرد. قال ابن منده: مختلف في حديثه ولا تصح له صحبة. وقد تقدم نسبه عند ذكر أبيه. وقد روى محمد بن إسماعيل النيسابوري، عن أبيه، عن عبيد بن هشام، عن عبيدالله بن عمرو، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي حدرد: أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينه في نكاح، فقال: كم الصداق؟ قال: مائتا درهم. قال: لو كنتم تغرفون من بطحان، ما زدتم.

ورواه الثوري وعبدالوهاب وأبو ضمرة، عن يحيى فقالوا: محمد بن إبراهيم، عن أبي حدرد.

وقد أخبرنا أبو جعفر بإسناده، عن يونس، عن ابن إسحاق، قال جعفر بن عبدالله بن أسلم، عن أبي حدرد قال: تزوجت بامرأة من قومي، فأصدقتها مئتي درهم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نكاحي، قال: كم أصدقت؟ قلت: مئتي درهم. فقال رسول الله: سبحان الله ! لو كنتم تأخذونها من واد، ما زدتم. ثم ذكر غزوة أبي حدرد إلى الغابة.

وهذا هو الصواب، ولا اعتبار برواية من روى: محمد بن أبي حدرد. أخرجه ابن منده، وأبو نعيم". انتهى كلامه.

قلت: نعم لا اعتبار برواية من روى محمد بن أبي حدرد، وكذلك من روى أبي حدرد؛ لأن غزوة الغابة معروفة لعبدالله بن أبي حدرد لا أبي حدرد.

قال ابن حجر في ((الإصابة)) (القسم الرابع) (6/332): "محمد بن أبي حدرد الأسلمي: ذكره ابن منده، وقال: مختلف في حديثه ولا تصح له صحبة. وساق من طريق عبيد بن هشام عن عبيدالله بن عمرو عن يحيى بن سعيد عن محمد بن أبي حدرد أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه في نكاح. فقال: كم؟ فقال: مائتا درهم. فقال: لو كنتم تغرفون من بطحان ما زدتم. كذا أورده! وهو خطأ نشأ عن تصحيف. والصواب عن محمد عن ابن أبي حدرد واسمه عبدالله، ومحمد هذا هو ابن إبراهيم التيمي".

وقال في ((الإصابة)) (4/56) في ترجمة ((عبدالله بن أبي حدرد)): "وروى الإسماعيلي في ((مسند يحيى بن سعيد الأنصاري)) من طريقه عن محمد غير منسوب أنه حدثه أن أبا حدرد الأسلمي استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نكاح، فسأله: كم أصدقت؟ كذا قال! ومحمد هو بن إبراهيم التيمي، وقيل ابن يحيى بن حبان، وقيل: ابن سيرين. وحكى الطبري عن الواقدي أن هذا الحديث غلط، وإنما هو لابن أبي حدرد، وهو الذي استعان. وعكس ذلك أبو أحمد الحاكم".

قلت: الصواب ما ذكره ابن حجر آنفاً أنه عبدالله بن أبي حدرد، والحديث حسنٌ.

· ترجمة عبدالرّحمن بن أبي حدرد الأسلميّ:

أخرج ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (2/144) عن وكيع. وأحمد في ((مسنده)) (2/260) و (2/324) و (2/471) عن زيد بن الحباب وأبي عامر العقدي ووكيع. وأبو داود في ((سننه)) (1/129) عن القعنبي، كلهم عن أبي مودود، عن عبدالرحمن بن أبي حدرد الأسلمي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا بزق أحدكم في مسجدي -أو قال: في المسجد- فليحفر وليعمق، أو ليبزق في ثوب حتى يخرجه)).

قال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (5/275): "عبدالرحمن بن أبي حدرد الأسلمي المدني: سمع أبا هريرة. سمع منه أبو مودود".

وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (5/228): "عبدالرحمن بن أبي حدرد الأسلمي المديني: سمع أبا هريرة. روى عنه أبو مودود عبدالعزيز بن أبي سليمان المديني. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال ابن حبان في ((الثقات)) (5/91): "عبدالرحمن بن أبي حدرد الأسلمي: يروي عن أبي هريرة. روى عنه أبو مودود".

وقال ابن حجر في ((التقريب)) (ص338): "مقبول من الثالثة. بخ د". وذكر ابن حجر في ترجمته من ((تهذيب التهذيب)) (6/146) رواية حمل بن بشير بن أبي حدرد عن عمه عن أبي حدرد، وقال: "فيحتمل أن يكون عمه هو عبدالرحمن". وقال في ترجمة حمل من ((تهذيب التهذيب)) (12/385): "لعل اسم عمّه عبدالله بن أبي حدرد".

قلت: أياً كان عمه، فكلاهما ثقة.

قال البرقاني (كما في سؤالاته: ص41): سألت الدارقطني عن عبدالرحمن بن أبي حدرد عن أبي هريرة؟ فقال: "لا بأس به".

فالحديث صحيح.

· وهم لابن أبي حاتم!

ترجم ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (5/38): "عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي، له صحبة في رواية ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبدالله بن أبي حدرد قال: كنت في سرية بعثها النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى أضم. روى عن أبي هريرة. روى عنه أبو مودود عبدالعزيز بن أبي سليمان المديني وابنه".

قلت: خلط ابن أبي حاتم بين عبدالله بن أبي حدرد وبين عبدالرحمن بن أبي حدرد! فالذي روى عن أبي هريرة وروى عنه عبدالعزيز هو عبدالرحمن بن أبي حدرد. وعبدالله بن أبي حدرد صحابي روى عنه ابنه القعقاع.

والحمد لله ربّ العالمين.

شاركنا تعليقك