الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

حُصين بن مِحْصَن، هل تثبت له صحبة؟ ووقوع اسمه في إسناد خطأ. وأوهام وأخطاء تتعلق بترجمته!

حُصين بن مِحْصَن، هل تثبت له صحبة؟ ووقوع اسمه في إسناد خطأ. وأوهام وأخطاء تتعلق بترجمته!

 

بقلم: خالد الحايك.

 

· حديثه:

له حديثٌ واحدٌ يرويه عن عمّة له:

رواه ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (3/557) عن عليّ بن مسهر.

والحميدي في ((مسنده)) (1/172) عن سفيان.

وإسحاق بن راهوية في ((مسنده)) (5/77) عن جرير ويعلى بن عُبيد.

والإمام أحمد في ((مسنده)) (4/341) و (6/419) عن يزيد بن هارون ويعلى.

وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (8/459) عن يعلى بن عبيد الطنافسي.

والنسائي في ((سننه)) (5/311) من طرق عن الليث بن سعد وسفيان ويعلى ومحمد ابن المثنى ومحمد بن بشار ويزيد بن هارون ومالك بن أنس.

والطبراني في ((المعجم الكبير)) (25/183) من طرق عن سليمان بن بلال وحماد بن سلمة وحماد بن زيد.

كلّهم عن يحيى بن سعيد، عن بُشَير بن يسار، عن حصين بن محصن: أنّ عمّة له أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم تطلب حاجة، فلما قضت حاجتها، قال: ((ألك زوج؟)) قالت: نعم. قال: ((فأين أنت منه؟)) قالت: ما آلوه خيراً إلا ما عجزت عنه. قال: ((فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك)).

وأخرجه الحاكم في ((المستدرك)) (2/206) من طريق الحميدي عن سفيان عن يحيى ابن سعيد، به.

قال الحاكم: "هكذا رواه مالك بن أنس وحماد بن زيد والداروردي عن يحيى بن سعيد، وهو صحيحٌ ولم يخرجاه".

· ترجمته:

قال الإمام البخاريّ في ((التاريخ الكبير)) (3/5): "حصين بن محصن الخطمي الأنصاري المدني: سمع عمته. سمع منه بشير بن يسار".

قلت: "عمته" تصحفت في المطبوع إلى: "عميه"!

وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (3/196): "حصين بن محصن الخطمي، مديني. روى عن عمته. روى عنه بشير بن يسار. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال ابن حبان في ((الثقات)) (4/157): "حصين بن محصن الأنصاري: عِداده في أهل المدينة. يروي عن أم قيس، ولها صحبة وهي عمته. روى عنه بشير بن يسار".

وقال المزي في ((تهذيب الكمال)) (6/538): "حصين بن محصن الأنصاري الخطمي المدني، أراه أخا عبيدالله بن محصن الخطمي. روى عن هرمي بن عمرو الواقفي (س)، وعن عمة له لها صحبة (س). روى عنه بشير بن يسار (س)، وعبدالله بن علي بن السائب المطلبي. ذكره أبو حاتم ابن حبان في كتاب الثقات. روى له النسائي حديثين".

وتبعه ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (2/335) وزاد: "قلت: ذكره ابن حبان في التابعين. وقال ابن السكن: يقال له صحبة غير أن روايته عن عمته، وليست له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم. وذكره أبو موسى المديني في ذيل الصحابة، وحكى عن عبدان وابن شاهين أنهما ذكراه في الصحابة. ونسبه ابن شاهين أشهلياً. وذكره ابن فتحون في الصحابة، ونسبه ابن محصن بن عامر بن أبي قيس بن الأسلت، فالله أعلم".

وقال الذهبي في ((المغني في الضعفاء)) (1/178): "(س) حصين بن محصن: تابعيّ مجهول". وقال في ((الميزان)) (2/314): "تابعيّ روى عنه بشير بن يسار وعبدالله بن علي ابن السائب. وثقه ابن حبان". وقال في ((الكاشف)): "حصين بن محصن الأنصاري عن عمته الصحابية، وعنه بشير بن يسار وعبدالله بن علي بن السائب".

وقال ابن حجر في ((التقريب)) (ص170): "حصين بن محصن، بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الصاد المهملة، الأشهلي. معدودٌ في الصحابة، وروايته عن عمته". ثُمّ قال في (ص761): "حصين بن محصن أو عبيدالله بن محصن الأنصاري، عن عمة له يقال اسمها أسماء، وهي صحابية. لها حديث. س".

قلت: يتعلّق بترجمته عدّة أمور:

1- وقوع اسمه في بعض الروايات: عبدالله بن محصن!

وقع في رواية عند النسائي في ((السنن الكبرى)) (5/310) عن شعيب بن شعيب، قال: حدثنا عبدالوهاب، قال: حدثني شعيب، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: أخبرني يحيى: أنّ بشير بن يسار أخبره: أنّ عبدالله بن محصن أخبره: عن عمة له، الحديث.

وتابعه سليمان بن عبدالرحمن عن شعيب، فقال: "عبدالله بن محصن" كما في ((تاريخ دمشق)) (56/129).

ورواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (1/168) من طريق داود بن رُشيد، قال: حدثنا شعيب بن إسحاق، عن الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد: أنّ بشير بن يسار أخبره: أن حصين بن محصن، الحديث.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا شعيب بن إسحاق".

قال المزي في ((تهذيب الكمال)) (16/34): "عبدالله بن محصن عن عمة له (س) أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة لها. فقال: أذات زوج أنت، الحديث. وعنه بشير بن يسار (س). قاله الأوزاعي (س) عن يحيى عنه. وقال مالك والليث بن سعد وسعيد بن أبي هلال وغير واحد عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن حصين بن محصن، وهو المحفوظ. وذكره ابن حبان في من اسمه عبيدالله. روى له النسائي هذا الحديث الواحد".

قلت: بل لم يقله الأوزاعي، وإنما الذي قال ذلك عنه هو: شعيب بن إسحاق! وقد رواه داود بن رشيد عنه عن الأوزاعي على الصواب، فالاختلاف من شعيب! بل إن هذا الحديث غير محفوظ عن الأوزاعي إلا من طريق شعيب بن إسحاق! ولهذا استغربه الطبراني عن الأوزاعي!

وقد تعقّب ابن حجر المزي في ((تهذيب التهذيب)) (5/341)، فقال: "قلت: الذي ذكره ابن حبان في باب من اسمه عبيدالله غير هذا! فإنه قال: عبيدالله بن محصن الأنصاري، يروي عن أبيه، وله صحبة. وعنه عبدالرحمن بن أبي شميلة الأنصاري، فيحرر هذا".

قلت: نعم، هو آخر. وقد وهم المزي فيه. وما وقع في مطبوع كتاب ابن حجر خلاف ما وقع في مطبوع ابن حبان! وقد وهم ابن حبان في هذا أيضاً ولم ينبه عليه ابن حجر. قال في ((الثقات)) (5/65): "عبيدالله بن محصن الأنصاري. يروي عن أبيه، ولأبيه صحبة. روى عنه عبدالرحمن بن أبي شميلة الأنصاري".

كذا ذكره ابن حبان في التابعين. وهو وهم منه! لأن عبيدالله بن محصن هذا ذكره ابن حبان قبل ذلك في الصحابة. قال في الثقات (3/248): "عبيدالله بن محصن الأنصاري، أبو سلمة: له صحبة"، ثُم ذكر ابنه الراوي عنه في (6/398): "سلمة بن عبيدالله بن محصن الأنصاري، يروي عن أبيه. روى عنه عبدالرحمن بن أبي شميلة".

وعبيدالله بن محصن أراه الذي قال فيه المزي قبل قليل في ترجمة ((حصين بن محصن الأنصاري الخطمي المدني)): أراه أخا عبيدالله بن محصن الخطمي.

· كلام ابن حزم حول هذا الحديث وتعقبه:

ذكر ابن حزم في ((المحلى)) (10/333) حديث عبدالوهاب، عن شعيب بن إسحاق، عن الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن عبدالله بن محصن، عمن أخبره عن عمته.

ثُمّ ذكر رواية الجماعة عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن حصين بن محصن، عن عمته.

ثُمّ قال: "هذا كلّه لا يصح؛ لأن عبدالله بن محصن وحصين بن محصن مجهولان، لا يدري أحدٌ من هما!"

قلت: علم ابن حزم بالحديث أمانيّ! فكلّ حديث لا يوافق رأيه، أو لا يحلو له؛ فإنه يجهّل رواته دون علم!

والقاعدة عندي أن ابن حزم لا يؤخذ منه كلام في الرّجال أو في التصحيح أو التضعيف؛ لأن أحكامه على الرجال وعلى الأحاديث إنما هي من خلال كتبه الفقهية، وهذا يجعله يجهل ويصحح ويضعف دون ضوابط، والله المستعان.

2- قول المزي ومن تبعه بأن حصين بن محصن روى عن هرمي بن عمرو الواقفي، وروى عنه عبدالله بن علي بن السائب المطلبي!

جاء في بعض روايات حديث هرمي بن عبدالله المشهور في النهي عن إتيان المرأة في دبرها: حصين بن محصن عن هرمي بن عمرو عن خزيمة!

أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (5/318) من طريق عمرو بن الحارث: أنّ سعيد بن أبي هلال حدّثه: أنّ عبدالله بن علي بن السائب المطلبي حدّثه: أنّ حصين بن محصن الخطمي حدّثه: أنّ هرمي بن عمرو الخطمي حدّثه: أن خزيمة بن ثابت حدّثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن)).

وخالفه حسّان مولى محمد بن سهل بن عبدالعزيز، وخالد بن يزيد، كلاهما عن سعيد ابن أبي هلال، عن عبدالله بن علي، عن هرمي بن عمرو الخطمي، عن خزيمة بن ثابت.

فلم يذكرا: ((حصين بن محصن))!

قلت: اضطرب فيه سعيد بن أبي هلال، فمرة ذكر فيه: حصين بن محصن، ومرة أسقطه، وهذا يدل على أنه لم يحفظه! وكذلك أخطأ في قوله: ((هرمي بن عمرو))! لأن الحديث معروف من طريق ((هرمي بن عبدالله)).

والصواب في هذا الحديث ما رواه الحسن بن محمد بن أعين، وإبراهيم بن محمد الشافعي، ويونس بن محمد، والإمام محمد بن إدريس الشافعي، كلّهم عن محمد بن علي ابن الشافع بن السائب الشافعي –جدّ إبراهيم بن محمد من قِبل أمّه، وعمّ الإمام الشافعي، عن عبدالله بن علي بن السائب، عن عمرو بن أحَيْحَة بن الجُلاح الأنصاري، عن خزيمة.

والصواب من رواية هرمي ما رواه الوليد بن كثير، ومحمد بن إسحاق، كلاهما عن عبيدالله بن عبدالله بن الحصين، عن عبدالملك بن عمرو بن قيس الخطمي، عن هرمي بن عبدالله، عن خزيمة.

والذي حصل لسعيد بن أبي هلال أنه دخل له إسناد في إسناد بسبب عدم الحفظ! فهذا الحديث عنده من طريق هرمي، ومن طريق عبدالله بن علي بن السائب عن عمرو ابن أحيحة، وعنده حديث بشير بن يسار عن حصين بن محصن عن عمته، فدخلت عليه هذه الأسانيد في بعضها، واشتبهت عليه الأسماء؛ لأن هرمي خطمي، وحصين خطمي، وراوي حديث هرمي عبيدالله بن عبدالله بن حصين –حفيد حصين بن محصن-، فاشتبهت عليه الأسماء فأخطأ فيه، وجعل الحديث عن عبدالله بن علي عن هرمي بن عمرو عن خزيمة! فتركّب عنده اسم جديد: ((هرمي بن عمرو))، وإنما الحديث حديث عمرو وهو ابن أحيحة من رواية عبدالله بن علي، وحديث هرمي بن عبدالله من رواية عبيدالله بن حصين عن عبدالملك بن عمرو الخطمي.

وحديث حصين من رواية سعيد بن أبي هلال رواه النسائي في ((السنن الكبرى)) (5/312) عن محمد بن عبدالله بن عبدالحكم، عن شعيب بن الليث، عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلالن عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن حصين بن محصن، قال: أخبرتني عمتي أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسأله عن شيء. فقال: ((أذات زوج أنت؟)) قالت: نعم. قال: ((فكيف أنت له؟)) قالت: يا رسول الله، لا آلوه. قال: ((فأحسني، فإنه جنتك ونارك)).

ورواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/417) من طريق يحيى بن بكير، عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن بشير بن يسار، عن حصين بن محصن الخطمي- ولم يذكر يحيى بن سعيد!

فتبيّن من هذا أن عبدالله بن علي بن السائب لم يرو عن حصين بن محصن! ولم يرو حصين عن هرمي! وما حصل هو أنه وقع وهم في إسناد الحديث.

· تفرقة ابن حبان بين حصين بن محصن الراوي عن عمته وبين الراوي عن هرمي!

فرّق ابن حبان بين حصين بن محصن الراوي عن عمته، وبين محصن بن حصين الراوي عن هرمي! فقال في ((الثقات)) (4/157): "حصين بن محصن الأنصاري: عِداده في أهل المدينة. يروي عن أم قيس، ولها صحبة وهي عمته. روى عنه بشير بن يسار".

وقال في (6/212): "حصين بن محصن: يروي عن هرمي عن خزيمة. روى عنه عبدالله بن علي بن السائب".

قلت: تفرقة ابن حبان بينهما يدفع قول المزي ومن تبعه بأن حصين بن محصن يروي عن عمته وعن هرمي!

ومع ذلك فقد وهم ابن حبان في إفراد الترجمة الثانية؛ لأنه لا يوجد شخص اسمه حصين بن محصن روى عن هرمي، وقد بينت أنه حصل وهم لسعيد بن أبي هلال فيه.

والعجب من المزي والذهبي ومن تبعهما فإن كلامهما يدل على أنه واحد ولم يذكر ابن حبان غيره في كتابه! قال الذهبي في ((الميزان)) (2/314): "حصين بن محصن تابعيّ روى عنه بشير بن يسار وعبدالله بن علي بن السائب. وثقه ابن حبان".

فالذهبي جمع بين الترجمتين ولكن ابن حبان فرقهما! فكأنه لم يطلع على الترجمة الثانية عند ابن حبان! ولا كذلك المزي.

· تصرف محقق صحيح ابن حبان ومسند أحمد حول هذه الأحاديث!

قال الشيخ شعيب أثناء تعليقه على صحيح ابن حبان (9/515): "حديث حسن"!!

قلت: أنّى له الحسن، والإسناد خطأ!! وما جاء فيه من صيغ التحديث خطأ من الرواة! عن ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث: أن سعيد بن أبي هلال حدثه: أن عبدالله بن علي بن السائب حدثه: أن حصين بن محصن حدثه: أن هرمياً حدثه!!

فلم يتنبه الشيخ شعيب للعلة في الإسناد ومشى على ظاهر الحديث. والعجب منه حسن هذا الحديث للحصين بن محصن، ثُمّ لم يجزم بالحسن (هو ورفقاؤه) أثناء تحقيقهم لمسند أحمد عند الكلام على حديث حصين عن عمته، فقالوا: "إسناده محتمل للتحسين. الحصين بن محصن مختلف في صحبته"!!

قلت: وإن كان مختلفاً في صحبته، فعمته صحابية، فالحديث حسن، لا أنه محتمل للنحسين كما زعموا!

3- هل لحصين بن محصن صحبة؟

ذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان في التابعين.

وذكره أبو نُعيم في ((الصحابة)) (6/3581).

وقال ابن الأثير في ((أسد الغابة)) (1/269): "حصين بن محصن الأنصاري. قال عبدان: سمعت أحمد بن سيار يقول: إنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكره ابن شاهين أيضاً، فقال: ابن محصن بن النعمان بن سنان بن عبد كعب بن عبد الأشهل"، ثُم ساق حديثه، ثُم قال: "أخرجه أبو موسى وقال: لم يذكره غيرهما في الصحابة، ولا ندري له صحبة أم لا؟ وقد أخرجه أبو أحمد العسكري في الصحابة".

وقال ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (2/335): "وقال ابن السكن: يُقال له صحبة! غير أن روايته عن عمته وليست له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم. وذكره أبو موسى المديني في ((ذيل الصحابة)). وحكى عن عبدان وابن شاهين إنهما ذكراه في الصحابة، ونسبه ابن شاهين أشهلياً. وذكره ابن فتحون في الصحابة، ونسبه ابن محصن بن عامر بن أبي قيس بن الأسلت، فالله أعلم".

قلت: ظاهر تصرف ابن الأثير وابن حجر أن الذي ذكره ابن شاهين وعبدان وأبو موسى هو حصين بن محصن الذي يروي عن عمته. ولكن ابن حجر جعلهم ثلاثة في ((الإصابة)) (2/88)! فقال: "حصين بن محصن بن النعمان بن عبد كعب بن عبد الأشهل الأنصاري، ثم الأشهلي: ذكره ابن شاهين، وساق نسبه لكنه أورد في ترجمته حديثاً لغيره. وقال عبدان: سمعت ابن سيار يقول: إنه من الصحابة. وذكره في الصحابة أبو أحمد العسكري".

ثُمّ ذكر: "حصين بن محصن بن عامر بن أبي قيس بن الأسلت الأنصاري الأشهلي. ذكره خليفة بن خياط في الصحابة. واستدركه ابن فتحون، وقد تقدم ذكر عمّ أبيه حصين".

ثُمّ ذكر: "حصين بن محصن الأنصاري الخطمي: اختلف في صحبته. ذكره عبدان وابن شاهين والعسكري والطبراني في الصحابة. وقال ابن السكن يقال: إن له صحبة غير أن روايته عن عمته وليست له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: أخرجه المذكورون أولاً، فقالوا: عن حصين بن محصن: أنّ عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه النسائي كما قال ابن السكن، وهو الصحيح. وذكره في التابعين البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان، فالله أعلم".

قلت: هكذا فرّق ابن حجر بين هؤلاء الثلاثة! وما قاله في ترجمة الثالث من أن عبدان وابن شاهين والعسكري ذكروه في الصحابة يرد عليه!! لأن الذي ذكره هؤلاء هو الأول الذي ترجم له ابن حجر! فعلى هذا فالأول والثالث واحد! والثاني ذكره خليفة في ((الطبقات)) (ص81) قال: "الحصين بن محصن بن عامر بن أبي قيس بن الأسلت، واسم الاسلت عامر بن جشم بن وائل بن زيد بن قيس بن عامر بن مرة بن مالك بن أوس بن حارثة. أمه صفية بنت عبدالله من بني جحجبا". فالله أعلم.

وقال ابن حجر في ((التقريب)) (ص170): "حصين بن محصن الأشهلي: معدودٌ في الصحابة".

قلت: فكأن ابن حجر متردد فيهم! وكأنهم واحد، والله أعلم.

وقد ذكره الإمام أحمد في ((مسنده)) (4/341) فقال: ((حديث حصين بن محصن رضي الله عنه)). فكأنه عدّه من الصحابة، والله أعلم.

4- حالُ حصين بن محصن:

ذكره الذهبي في ((المغني في الضعفاء)) (1/178)، وقال: "تابعيٌّ مجهول". وجهّله ابن حزم كما مر سابقاً.

وذكره ابن حبان في ((الثقات)). ولم يتكلم عليه ابن حجر في ((التقريب))؛ لأنه معدود عنده في الصحابة، والصحابة كلهم عدول.

قلت: وهو وإن لم تصح صحبته؛ إلا أنه تابعيّ ثقة.

وقد جاء في بعض الروايات أن حديثه عن عمته مرسل! فسئل الدارقطني في ((العلل)) (15/419) عن هذا الحديث؟ فقال: "يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري، واختلف عنه: فرواه سعيد بن أبيي هلال، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن حصين بن محصن: أخبرتني عمتي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن بشير، عن حصين، عن عمته.

وقال نصر بن علي، عن ابن عيينة: أخبرته عمته أسماء. وليس ذلك بمحفوظ.

وقال الأوزاعي وليث بن سعد ويعلى بن عبيد: عن يحيى، عن بشير، عن حصين، عن عمته. غير أن في حديث الأوزاعي: عن عبدالله بن محصن. وإنما هو: حصين بن محصن.

ورواه مالك بن أنس ويحيى القطان وعبدالوهاب الثقفي وأبو خالد الأحمر ويزيد بن هارون، عن يحيى، عن بشير، عن حصين: أن عمته أتت النبي صلى الله عليه وسلم.

فصار في روايتهم مرسلاً". انتهى كلامه.

قلت: هو متصل إن شاء الله. وقد جاء في بعض الروايات صيغة الإخبار. ويقوي هذا أنه معدودٌ في الصحابة.

وقد تكلم فيه صاحبا ((تحرير التقريب)) (1/299) فقالا: "لا تصح صحبته، وهو تابعي، مجهول الحال. قال الذهبي في المغني: تابعي مجهول".

قلت: حصين إن لم تثبت صحبته فهو ثقة دون أدنى شك.

5- وهم للحسيني في هذا الحديث!

قال الحسيني في ((الإكمال لرجال أحمد)) (ص461): "يحيى بن بشير عن حصين بن محصن عن عمة له، لها صحبة. وعنه يعلى ويحيى الأنصاري: مجهول".

فتعقبه ابن حجر في ((تعجيل المنفعة)) (ص439)، فقال: "قلت: كذا ضبطه بشير، بفتح أوله. وهذا غلطٌ نشأ عن تصحيف! وإنما هو في الأصل: عن يحيى، عن بشير. فتصحفت "عن" فصارت "بن" فتركب منها اسم راوٍ لا وجود له! وصورة الحديث عند أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد -يعنى القطان- عن يحيى بن سعيد -هو الأنصاري- قال أحمد: ويعلى حدثنا يحيى -يعني وحدثنا يعلى، وهو بن عبيد- حدثنا يحيى -وهو بن سعيد، عن بشير، عن حصين بن محصن: أنّ عمّة له أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث في حق الزوج على زوجته. ثُم قال أحمد بعده: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن الحصين بن محصن: أنّ عمة له أتت فذكره. وهذا الحديث قد أخرجه النسائي من رواية يحيى القطان ويزيد بن هارون به. وأخرجه أيضاً من طريق مالك والليث وابن عيينة كلهم عن يحيى بن سعيد بسنده، فظهر أن يحيى بن بشير لا وجود له، وأن شيخه هو بشير، وليعلم أن بشير المذكور بصيغة التصغير، وحديثه في الصحيح".

6- عمّة حصين بن محصن:

ذكرها في الصحابة: الحميدي في ((مسنده)) (1/172)، و أحمد في ((مسنده)) (6/419)، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (6/134)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (8/459)، وخليفة في ((طبقاته)) (ص343)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (25/183) في "نساء غير مسميات ممن لهن صحبة"، ولم يسمها أحد من هؤلاء.

وسماها ابن حبان في ((الثقات)) (4/157): ((أم قيس)).

وقال ابن بشكوال في ((غوامض الأسماء المبهمة)) (1/70): "عمة حصين بن محصن هذه اسمها: أسماء". وساق حديثها بإسناده إلى سعيد بن عثمان بن السكن الحافظ، قال: حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن بشير عن يسار، عن حصين بن محصن أخبرته عمته أسماء: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة، الحديث.

وقال ابن حجر في ((التقريب)) في المبهمات من النسوة (ص761): "حصين بن محصن أو عبيدالله بن محصن الأنصاري عن عمة له يقال اسمها أسماء، وهي صحابية. لها حديث".

قلت: تفرد بتسميتها "أسماء" نصر بن علي! وبقية أصحاب سفيان لم يسموها. قال الدارقطني في ((العلل)) (15/419): "ورواه ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن بشير، عن حصين، عن عمته. وقال نصر بن علي، عن ابن عيينة: أخبرته عمته أسماء. وليس ذلك بمحفوظ".

قلت: وتسمية ابن حبان لها بأم قيس وهم لا شك فيه! وكأنه اشتبه عليه بأم قيس بنت محصن أخت عكاشة، والله أعلم. وأم قيس من المهاجرات، وعمة حصين أنصارية.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

شاركنا تعليقك