الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

المتفق والمفترق/ هَرمي بن عبدالله الواقفي، وهَرمي بن عبدالله الأنصاريّ.

المتفق والمفترق/ هَرمي بن عبدالله الواقفي وهَرمي بن عبدالله الأنصاريّ.

 

بقلم: خالد الحايك.

 

جمع بينهما بعض أهل العلم، وفرّق بينهما آخرون. واختلفوا هل هو صحابي أم تابعي؟! وقد خلط بينهما بعضهم.

ففرّق بينهما أبو نصر ابن ماكولا، فقال في ((الإكمال)) (7/315): "وأما هرمي، بفتح الهاء والراء وبعد الميم ياء، فهو: هرمي بن عبدالله بن رفاعة بن نجدة بن مجدعة بن كعب بن سالم، وهو واقف، يقال له: الواقفي. شهد الخندق والمشاهد إلا تبوكاً، وهو أحد البكائين. وهرمي بن عبدالله: حدّث عن خزيمة بن ثابت، روى عنه عبدالملك بن عمرو الخطمي، وعمرو بن شعيب. وقيل فيه: هرم".

وفرّق بينهما كذلك ابن حجر في ((التقريب)) (ص571)، فقال: "هرمي بن عبدالله الخطمي، ويقال: ابن عتبة، أو ابن عمرو، ومنهم من قلبه، فقال: عبدالله بن هرمي، فوهم، وهو مستور من الثانية. وقد قيل: إنه ولد في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأرسل عنه. (س ق)". ثُمّ ذكر: "هرمي بن عبدالله بن رفاعة الأنصاري الواقفي، بقاف مكسورة ثم فاء، المدني. قال ابن سعد: كان من البكائين في غزوة تبوك، وقد وهم من خلّطه بالخطمي. (تمييز)".

وقد خلط بينهما بعضهم!

فقال الذهبي في ((الكاشف)) (2/334): "هرمي بن عبدالله، وقيل: عبدالله بن هرمي، مختلف في صحبته، له عن خزيمة بن ثابت. وعنه عمرو ابن شعيب، وعبدالله بن علي بن السائب".

وقال العلائي في ((تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل)) (ص332): "هرمي الأنصاري المدني، مختلف في صحبته! أثبتها له ابن سعد وغيره. وذكره ابن حبان في التابعين".

قلت: هذا الذي أثبت صحبته ابن سعد وغيره، هو غير الذي ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، ولا يوجد في كلام ابن حبان ما يشير أنه إلى أن الصحابي هو التابعي، فهو فقط ذكر التابعي. قال في (5/516): "هرمي بن عبدالله الواقفي: يروي عن خزيمة بن ثابت: إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن. روى عنه حميد الأعرج، وهو الذي روى عنه عبدالملك ابن عمرو بن قيس الخطمي".

قال المزي في ((تهذيب الكمال)) (30/165): "هرمي بن عبدالله، وقيل: هرمي بن عتبة، وقيل: هرمي بن عمرو (س)، وقيل: عبدالله بن هرمي الأنصاري الواقفي (ق)، ويُقال: الخطمي المدني، مختلف في صحبته. له حديثٌ واحدٌ عن خزيمة بن ثابت (س ق) في النهي عن إتيان النساء في أدبارهن. وفي إسناده اضطرابٌ كبيرٌ. روى عنه ثمامة بن قيس ابن رفاعة الواقفي من بني عبيدالله، وحصين بن محصن الخطمي (س)، وحميد بن قيس الأعرج، وعبدالله بن علي بن السائب بن شافع (س)، وعبدالملك بن عمرو بن قيس الخطمي (س) وعبيدالله بن عبدالله بن الحصين الخطمي (س)، وعمرو بن شعيب (س ق)، ويزيد بن عبدالله بن الهاد (س) على خلاف في ذلك. قال محمد بن سعد: هرمي بن عبدالله بن رفاعة بن بجرة بن مجدعة بن عدي بن نمير بن واقف، كان قديم الإسلام، وهو من البكائين الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد الخروج إلى تبوك فاستحملوه. وقال أبو نصر بن ماكولا: وأما الواقفي فينسب إلى بني واقف بطن من الأنصار منهم هلال بن مرة الواقفي وهرمي بن عبدالله بن رفاعة بن بجرة بن مجدعة بن كعب بن سالم، وهو واقف الواقفي شهد الخندق والمشاهد إلا تبوكاً، وهو أحد البكائين الذين قال الله فيهم {تولوا وأعينهم تفيض من الدمع}. وقيل: هرمي بن عتبة. وقد روى عن خزيمة بن ثابت، وذكره ابن حبان في التابعين من كتاب الثقات. روى له النسائي وابن ماجة".

وتعقبه ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (11/27) فقال: "قلت: الذي يظهر أن هرمي بن عبدالله الواقفي صحابيٌ كبيرٌ، غير هرمي بن عبدالله الخطمي أو الواقفي أيضاً الراوي عن خزيمة بن ثابت. وقد روى ابن إسحاق عن ثمامة بن قيس بن رفاعة عن هرمي ابن عبدالله رجلٌ من قومه كان ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم متوافرين، قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: ((من سمع الأذان بالجمعة، ولم يأتها كان في التي بعدها أثقل)). رواه إبراهيم بن سعد وعبدالرحمن بن مغراء عن ابن إسحاق هكذا. فهرمي بن عبدالله هذا هو الذي روى عن خزيمة. وأما الذي شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بعض مشاهده، وكان في غزوة تبوك ممن استحمله فلا يوصف بكونه ولد في عهده، والله تعالى أعلم. وقد فرّق بينهما أبو نصر ابن ماكولا في الإكمال في باب الهاء، ونص البخاري على أن قول من قال فيه عبدالله بن هرمي غير صحيح، وأن الصواب هرمي بن عبد الله".

قلت: هذا الذي ذكره ابن حجر هو الصواب إن شاء الله تعالى. وهذا هو مذهب الإمام البخاري، فإنه ترجم لهرمي بن عبدالله التابعي في ((التاريخ الكبير)) (8/256). وترجم في (2/178): "ثمامة بن قيس بن رفاعة الرافعي، من بني عبدالله المديني، عن هرمي ابن عبدالله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجمعة. روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار، مرسلٌ".

وروى يعقوب بن سفيان في ((المعرفة والتاريخ)) (1/315) من طريق ابن إسحاق قال: "ولد هرمي بن عبدالله الواقفي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدرك الصحابة متوافرين".

قلت: وهذا هو التابعي الذي روى عن خزيمة حديث النهي عن إتيان النساء في أدبارهنّ. وهذا الحديث صحيح، وليس بمضطرب كما زعم بعضهم، وإنما فيه اختلاف على بعض رواته، وقد فصّلت الكلام عليه في موضعٍ آخر.

فهرمي هذا مخضرم، وقد وهم من ذكره في الصحابة. قال ابن حجر في ((الإصابة)) (القسم الثاني) (6/567): "هرمي بن عبدالله، ويقال: ابن عتبة، ويقال: ابن عمرو الأنصاري الخطمي، ويقال: الواقفي. ذكره أبو موسى في الذيل، وأخرج من طريق ابن إسحاق: حدثني ثمامة بن قيس بن رفاعة، عن هرمي بن عبدالله -رجلٌ من قومه، كان ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأى أصحابه وهم متوافرون- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أدرك الجمعة، ثم لم يأتها كان في التي بعدها أثقل)) الحديث. ولهرمى هذا رواية عن خزيمة بن ثابت عند النسائي، وفي سنده اختلاف، وقيل فيه: عبدالله بن هرمي، وهو مقلوبٌ أشار إلى ذلك البخاري في تاريخه".

وأما الصحابي فهو: هرمي بن عبدالله الواقفي. ذكره أبو نعيم في ((الصحابة)) (5/2770)، وذكر قول ابن إسحاق أنه قديم الإسلام، وكان من البكّائين.

وقال ابن عبدالبر في ((الاستيعاب)) (4/1549): "هرمي بن عبدالله، أحد بني واقف. كذا ذكره ابن اسحاق في البكائين. لا هرم".

قلت: يعني أن من سماه ((هرم)) فقد أخطأ! ولكنه ذكره في باب ((هرم)) فقال في (4/1537): "هرم بن عبدالله الأنصاري، من بني عمرو بن عوف، هو أحد البكائين الذين نزلت فيهم {تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً} الآية".

وقال ابن حجر في ((الإصابة)) (6/535): "هرم أو هرمي بن عبدالله الأنصاري، من بني عمرو بن عوف، وهو أحد البكائين الذين نزلت فيهم {تولوا وأعينهم تفيض من الدمع}. قاله ابن عبد البر تبعاً للدّولابي، وتعقبه الرُّشاطي وغيره، فقالوا: ليس هو من بني عمرو بن عوف، وإنما هو من بني مالك بن الأوس، واسمه هرمي. وهو هرمي بن عبدالله ابن رفاعة بن نجدة بن مجدعة بن عامر بن كعب بن واقف بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس، وهكذا نسبه ابن الكلبي وابن سعد وغيرهما. وقال ابن سعد: كان قديم الإسلام، وهو أحد البكائين. وزاد ابن ماكولا: شهد الخندق والمشاهد بعدها، وهو غير هرمي بن عبدالله الراوي عن خزيمة بن ثابت. قال ابن الأثير: كأن ابن ماكولا جعلهما واحداً! وهو ذهولٌ منه! واعتذر ابن الأثير عن قول ابن عبدالبر أنه من بني عمرو بن أوس بأن بني واقف كانوا حلفاء بني عمرو في الجاهلية، وهو اعتذارٌ حسنٌ".

قلت: فقول من قال في ترجمة هرمي بن عبدالله الذي أخرج له النسائي وابن ماجة إنه مختلف في صحبته، لا يصح! لأن التابعي غير هرمي الصحابي.

شاركنا تعليقك