الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

الجمع والتفريق: (سُميط وشُميط) – هل وهم الإمام البخاري في هذا الباب، أم لا؟ وفوائد تتعلّق بذلك.

الجمع والتفريق: (سُميط وشُميط) – هل وهم الإمام البخاري في هذا الباب، أم لا؟ وفوائد تتعلّق بذلك.

 

بقلم: أبي صهيب الحايك.

 

· الوهم الأول:

قال البخاري في باب السين من ((التاريخ الكبير)) (4/204): "سميط بن عجلان: عن مؤذن بني عدي. روى عنه الصعق بن حزن".

ثُمّ قال في باب الشين من تاريخه (4/262): "شميط بن عجلان أبو عبيدالله البصري، أخو الأخضر الشيباني، ويُقال: التيمي. روى عنه ابنه عبيدالله. وقال سيار بن حاتم: هو القيسي. روى عن عطاء بن زهير عن أبيه: لقيت عبدالله بن عمرو، قلت: أخبِرني عن الصدقة؟ قال: ((شرُّ مالٍ: مالُ العميان، والعرجان، والكسحان، واليتامى، وكلّ منقطع به)). قلت: إن للعاملين عليها فيها حقاً؟ قال: ((بقدر عمالتهم)). قلت: والمجاهدين؟ قال: ((قومٌ قد أحل لهم. إن الصدقة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي)). حدثني عيسى بن إبراهيم: حدثنا عبدالعزيز بن مسلم، حدثنا شميط بن عجلان، عن أبيه سمع ابن عمر".

قلت: هكذا فرّق بينهما الإمام البخاري، وتبعه على ذلك ابن حبان. قال في ((الثقات)) (6/432): "سميط بن عجلان، بصري. يروي عن مؤذن بني عدي. روى عنه الصعق بن حزن. وليس هذا بوالد عبدالله بن شميط. ذاك بالشين وهذا بالسين".

ثُمّ قال في (6/451): "شميط بن عجلان العابد التيمي من أهل البصرة، كنيته أبو عبيدالله. أخو الأخضر بن عجلان. يروي عن مالك بن دينار والبصريين. روى عنه ابنه عبيدالله بن شميط".

وقد جمع بينهما أبو حاتم وابنه. قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (4/391): "شميط بن عجلان، أبو عبيدالله البصري. أخو الأخضر بن عجلان. روى عن أخيه الأخضر بن عجلان، وعن مؤذن بني عدي. روى عنه جعفر بن سليمان، وابنه عبيدالله بن شميط، وموسى الراسبي. سمعت أبي يقول ذلك. وسألته عنه؟ فقال: لا بأس به، يُكتب حديثه".

قال الخطيب في ((موضح أوهام الجمع والتفريق)) (1/120): "الوهم الخامس والثلاثون: قال البخاري: سميط بن عجلان عن مؤذن بني عدي. روى عن الصعق بن حزن. هكذا ذكره في باب السين المهملة. وقال في باب الواحد من حرف الشين المعجمة: شميط بن عجلان أبو عبيدالله البصري أخو الأخضر الشيباني، ويقال التيمي. روى عنه ابنه عبيدالله. وقال سيار بن حاتم هو القيسي. هذا كلّه كلام البخاري فوهم في موضعين: أحدهما: تفرقته بين الترجمتين لظنه أن كلّ واحد من الرجلين اللذين ذكرهما غير صاحبه، وليس الأمر كذلك، بل هو رجلٌ واحدٌ. والثاني: ذكره إياه أولاً في باب السين المهملة؛ وذلك تصحيف لا شك فيه؛ لأنه بالشين المعجمة كما ذكره آخراً، وليس في الرواة من اسمه سميط بالسين غير المعجمة إلا رجل واحد، وهو سميط بن عمير، ويقال: ابن سمير السدوسي البصري، وكنيته أبو عبدالله. حدّث عن أبي موسى الأشعري وعمران بن حصين وكعب. روى عمران بن حدير عنه فسمى أباه عميراً، وروى عاصم الأحول عنه فسمى أباه سميراً".

وقال ابن ماكولا في ((الإكمال)) (4/361): "وشميط بن عجلان، أبو عبيدالله البصري، أخو الأخضر بن عجلان، وهو الشيباني، وهو التيمي، وهو القيسي. روى عن عطاء بن زهير ومؤذن بني عدي. روى عنه ابنه عبيدالله والصعق بن خزن. ذكره البخاري في باب الشين المعجمة، وهو الصحيح. وأخرجه في باب السين المهملة، وهما واحد".

قلت: الأقرب إلى الصواب أنهما واحد. وقد روى أبو نُعيم في ((الحلية)) (3/132) في ترجمة ((شميط)) من طريق عبدالله (والصواب: عبدالرحمن وهو العيشي) بن المبارك، قال: حدثنا الصعق بن حزن، قال: حدثنا شميط بن عجلان، قال: حدّث مؤذن بني كعب (والصواب: بني عدي) قال: بينا أنا أسير في أرض قفراء إذ أذنت، فقال لي قائل من خلفي: نِعم، ما أدبك الله. فالتفت فإذا أبو برزة الأسلمي، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبد أذن في أرض قفر فتبقى شجرة ولا مدرة ولا تراب ولا شيء إلا استحلى البكاء لقلة ذاكري الله في ذلك المكان)).

قلت: هذا حديث منكر! والمؤذن هذا مجهول الحال. ويؤيد أن الراوي عنه شميط لا سميط أن شميطاً كان عابداً زاهداً، وكان يحبّ مثل هذه الأحاديث. والإسناد بصري: فالصعق بصري، وشميط وأبو برزة كذلك. وشميط يروي عن التابعين.

 

· سقط في كتاب الدارقطني "المؤتلف والمختلف":

قال ابن ماكولا في ((تهذيب مستمر الأوهام)) (ص287) في باب (سميط وشميط): "قال أبو الحسن: وقال البخاري في باب السين: سميط بن عجلان مؤذن بني عدي. روى عنه الصعق بن حزن. أخرجه في باب السين وهو شميط هذا. وحكاية أبو الحسن عن البخاري وأنه ذكره في حرف السين صحيحة، لكنه قال: عن مؤذن بن عدي، رواه عنه الصعق بن حزن. فسقط عنه أو عن من كتب عنه "عن"، وبقي مؤذن بن عدي".

 

· الوهم الثاني:

قال الإمام البخاري في ((التاريخ الكبير)) (5/118): "عبدالله بن شميط بن عجلان الشيباني، أو عبيد الله. سمع عبدالله أبا بكر الحنفي، وعمّه الأخضر بن عجلان. يُعدّ في البصريين. سمع منه موسى بن إسماعيل".

وقال في (5/384): "عبيدالله بن شميط بن عجلان. روى عنه ابن المبارك وسيّار بن حاتم. سمع أباه وعتبة الغلام البصري".

قلت: هكذا قال البخاري، وهما واحد. ولا أدري هل خفي ذلك على البخاري أو لا؟ فإنه ذكر في الترجمة الأولى عبدالله أو عبيدالله، ثم ترجم لعبيدالله، فإما أنه وهم في ذلك! أو أنه قصد أن يبين أنه جاء على الشك في رواية ثم جزم بأنه عبيدالله، فالله أعلم.

وقد فهم ابن حبان من ترجمتي البخاري أنهما اثنان، فقال في ((الثقات)) (7/39): "عبدالله بن شميط بن عجلان الشيباني، أخو عبيدالله من أهل البصرة. يروي عن عمه الأخضر بن عجلان، وأبي بكر الحنفي. روى عنه موسى بن إسماعيل".

ثُمّ قال في (8/403): "عبيدالله بن شميط بن عجلان التيمي من أهل البصرة ابن أخى الأخضر بن عجلان، يروي عن أبيه وعتبة الغلام. روى عنه ابن المبارك وسيار بن حاتم العنـزي، وكان متقشفاً".

قلت: هكذا جزم ابن حبان بأن عبدالله هو أخو عبيدالله، وهو وهم. وكذا وهم أبو حاتم في جعلهما أخوين. فقد قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (5/17): "عبدالله أبو بكر الحنفي، بصري. روى عن أنس. روى عنه الأخضر بن عجلان، وعبيدالله بن شميط، وعبدالله بن شميط. سمعت أبي يقول ذلك".

والصواب أنه عبيدالله بن شميط، وجاء في النسخ: عبدالله بن شميط، فظنه بعضهم أنه غير عبيدالله، وليس كذلك.

 

· هل روى عبدالرحمن بن المبارك العيشي عن عُبيدالله بن شميط؟:

ذكروا في الرواة عن عبيدالله بن شميط: عبدالله بن المبارك وعبدالرحمن بن المبارك، كما هو في ((الجرح والتعديل)) (5/319) و ((تهذيب الكمال)) (19/57).

قلت: أما عبدالله بن المبارك فقد روى عنه. وأما عبدالرحمن بن المبارك فإنه يروي عنه بواسطة.

روى أبو نُعيم في ((الحلية)) (3/132) في ترجمة ((شميط)) من طريق إسماعيل بن عبدالله، عن عبدالله بن المبارك، قال: حدثنا الصعق بن حزن، قال: حدثنا شميط بن عجلان، قال: حدّث مؤذن بني كعب، قال: بينا أنا أسير في أرض قفراء إذ أذنت، الحديث.

ورواه الخطيب في ((الموضح)) (1/122) من طريق أبي يحيى محمد بن عبدالرحيم صاعقة، عن عبدالرحمن بن المبارك، قال: حدثنا الصعق بن حزن، قال: حدثني شميط بن عجلان، قال: حدث مؤذن بني عدي، مثله.

قلت: ما في الحلية تصحيف، والصواب: عبدالرحمن بن المبارك؛ لأن إسماعيل الوارد في رواية أبي نعيم، هو: إسماعيل بن عبدالله الأصبهاني سمّويه، وهو من تلاميذ عبدالرحمن ابن المبارك.

ثُم إن طبقة عبدالله بن المبارك (ت 181هـ) أقدم من طبقة عبدالرحمن بن المبارك (ت 228هـ).

 

· الوهم الثالث:

قال الإمام البخاري في ((التاريخ الكبير)) (4/203): "سُمَيْط عن أنس. روى عنه سليمان التيمي. وروى عمران بن حدير، عن سميط بن عمير السّدوسيّ، عن أبي موسى وكعب. وكنيته أبو عبدالله. وروى عاصم، عن سميط بن سمير، عن عمران بن حصين. وروى عاصم أيضاً عن سميط، عن أبي الأحوص. وقال ابن طهمان عن عمران، عن سميط بن عمير بن جبلة، عن كعب. وقال ابن معاذ: أخبرنا معتمر، عن أبيه: حدثني السميط، عن أنس: ((افتتحنا مكة، ثم غزونا حُنيناً)) حديث طويل. وقال ابن معاذ وصالح: حدثنا معتمر، حدثنا أبي، عن السميط، عن أبي السوار، عن خاله: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: ((إنّ ناساً يتبعون، ولا أريد أن يتبعون)). قال أبو النعمان عن السميط بن عمير بن جبلة السدوسي، عن أبي رافع حدّثه: عن ابن سلام قوله".

قلت: الظاهر أن كلّ هؤلاء واحد عند الإمام البخاري. وحديث السميط عن أنس الطويل أخرجه الإمام مسلم في ((صحيحه)) (2/736). وحديث عاصم عن سميط بن سمير أخرجه ابن ماجه في ((سننه)) (2/1296) عن سويد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن مسهر، عن عاصم، عن السميط بن السمير، عن عمران بن الحصين، قال: أتى نافع بن الأزرق وأصحابه فقالوا: هلكت يا عمران. قال: ما هلكت. قالوا: بلى. قال: ما الذي أهلكني. حديث طويل. ثم أخرجه من طريق حفص ابن غياث عن عاصم، بنحوه. وحديث عمران بن حدير عن السميط عن أبي موسى، أخرجه ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (5/504) عن يزيد بن هارون، قال: حدثنا عمران بن حدير، عن السميط بن عمير، قال: دخل رجل يوم الجمعة المسجد، فصلى أربعاً. فقال رجل لصاحبه: رأيت ما رأيت؟ قال: نعم. فأخذاه فأتيا به أبا موسى الأشعري، فقالا: إن هذا دخل المسجد فصلى أربعاً! فقال: هل غير؟ فقالا: لا. قال: إن هذه لريبة. قال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: ما شربتها قبل اليوم. فجلده ثمانين.

وحديثه عن كعب أخرجه ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (7/507) عن يزيد بن هارون قال: أخبرنا عمران بن حدير، عن السميط بن عمير، عن كعب، قال: ((كأني بمقدمة الأعور الدجال: ستمائة ألف من العرب يلبسون السيجان، ويزيد لي تصديقاً ما أرى نعشو منها)).

وحديثه عن أبي الأحوص أخرجه الخطيب في ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) (1/330) من طريق عبدالرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن السميط، عن أبي الاحوص، عن عبدالله، قال: ((حدِّث القوم ما أقبلت عليك قلوبهم، فإذا انصرفت قلوبهم فلا تحدثهم)). قيل له: ما علامة ذلك؟ قال: ((إذا حدقوك بأبصارهم؛ فإذا تثاءبوا واتكأ بعضهم على بعض، فقد انصرفت قلوبهم، فلا تحدّثهم)).

وروى البخاري في ((الأدب المفرد)) (ص414) عن محمد بن محبوب، قال: حدثنا عبدالواحد، قال: حدثنا عاصم الأحول، عن شميط أو سميط، عن أبي الأحوص، قال: قال عبدالله: ((النوم عند الذكر من الشيطان إن شئتم فجربوا إذا أخذ أحدكم مضجعه وأراد أن ينام فليذكر الله عزّ وجلّ)).

وحديثه عن أبي السوار أخرجه الإمام أحمد في ((مسنده)) (5/294) عن عارم بن الفضل، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: حدثنا السميط، عن أبي السوار، حدّثه أبو السوار، عن خاله، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناس يتبعونه فاتبعته معهم، قال: ففجئني القوم يسعون. قال: وأبقى القوم. قال: فأتى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربني ضربة، إما بعسيب أو قضيب أو سواك، وشيء كان معه. قال: فوالله ما أوجعني. قال: فبت بليلة، قال: أو قلت ما ضربني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لشيء علمه الله فيّ. قال: وحدثتني نفسي أن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبحت. قال: فنـزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((إنك راع، لا تكسرن قرون رعيتك)). قال: فلما صلينا الغداة -أو قال: صبحنا- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إن أناساً يتبعوني وإني لا يعجبني أن يتبعوني. اللهم فمن ضربت أو سببت فاجعلها له كفارة وأجراً -أو قال: مغفرة ورحمة)). أو كما قال.

وللسميط آثار أخرى:

1- روى ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (6/298) عن وكيع، عن عمران بن حدير، عن السميط، قال: كان عمر يقول: ((الكلالة: ما خلا الولد والوالد)).

2- وروى أيضاً في ((المصنف)) (4/77) عن أبي معاوية، عن عاصم، عن السميط بن عمير السدوسي، قال: خطبت امرأة، فقالوا: لا نزوجك حتى تطلق امرأتك ثلاثاً. فقلت: قد طلقتها ثلاثة. قال: فزوجوني، ثم نظروا، فإذا امرأتي عندي! فقالوا: أليس قد طلقت امرأتك؟ قلت: بل كانت تحتي فلانة بنت فلان فطلقتها، وأما هذه فلم أطلقها. فأتيت شقيق بن مجزأة بن ثور -وهو يريد الخروج إلى عثمان- فقلت: سَلْ أمير المؤمنين عن هذه؟ فسأله، فقال: ((نيته)).

3- وروى أحمد في ((المسند)) (4/438) عن عارم، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: حدثني السميط الشيباني، عن أبي العلاء قال: حدّثني رجلٌ من الحي: إن عمران بن حصين حدّثه أن عبيساً أو ابن عبيس في أناس من بني جشم أتوه، فقال له أحدهم: ألا تقاتل حتى لا تكون فتنة؟ قال لعلي: قد قاتلت حتى لم تكن فتنة، حديث طويل.

قال أبو بكر ابن منجوية في ((رجال مسلم)) (1/297): "السميط بن عمير بن حية ابن زميلة بن واقد بن شراحيل بن حرمل بن عمرو بن سدوس. ويقال: سميط بن سمير السدوسي، كنيته أبو عبدالله البصري".

وقال مسلم في ((الكنى والأسماء)) (ص485): "أبو عبدالله، سميط بن عمير عن أنس وعمران بن حصين. روى عنه سليمان التيمي وعمران بن حدير وعاصم الأحول".

قلت: تبع الإمام مسلم الإمام البخاري في جعلهم واحداً. وتبعه أيضاً ابن حبان في ((الثقات)) (4/346)، فقال: "سميط بن عمير بن جبلة السدوسي، من أهل البصرة. كنيته أبو عبدالله. يروي عن أنس بن مالك وعمران بن حصين. روى عنه عاصم الأحول. ويُقال سميط بن سمير".

ولكنه ذكر آخر في (4/348) قال: "السميط بن عمير. يروي عن عمر بن الخطاب بأنه جعل الجد أباً. روى عنه عمران بن حدير: حدثنا عمر بن محمد الهمداني قال: حدثنا محمد بن أشكاب، قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عمران بن حدير، عن السميط بن عمير: أنّ عمر بن الخطاب جعل الجد أباً".

قلت: هو نفسه الذي ذكره سابقاً. والراوي عنه هو عمران بن حدير، وهو نفسه الذي يروي عن السميط عن أبي موسى، فتعيّن أنه هو، والله أعلم.

ونقل المزي في ((تهذيب الكمال)) (12/145) قال: "وقال ابن حبان في كتاب الثقات: سميط بن عمرو بن جبلة: ركب إلى عمر بن الخطاب".

قلت: ذكر المحقق الدكتور بشار أن هذا يشعر بأن المزي لم يراجع ثقات ابن حبان! وكلامه هذا ليس بدقيق! نعم، هو أخطأ في نقل النص بحروفه عن ابن حبان، وأخذ بعض كلام ابن أبي حاتم فزاده في الترجمة التي ساقها ابن حبان.

قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (4/317): "سميط بن عمير ركب إلى عمر. روى عن عمران بن حصين وأبي الأحوص. روى عنه عاصم الأحول. سمعت أبي يقول ذلك". ثُمّ قال: "سميط: روى عن أنس. روى عنه سليمان التيمي وعمران بن حدير. سمعت أبي يقول ذلك".

قلت: هكذا فرّق بينهما أبو حاتم وابنه، والصواب أنهما واحد.

قال المزي في ((تهذيب الكمال)) (12/146): "وفرّق أبو حاتم الرازي وابن حبان بين سميط الذي يروي عن أنس، ويروي عنه سليمان التيمي. وبين الذي ركب إلى عمر، وروى عن أبي موسى وعمران وأبي الأحوص، وروى عنه عاصم الأحول وعمران بن حدير. وقال ابن حبان في الذي يروي عن أنس: سميط بن سمير وفي الآخر سميط بن عمرو ابن جبلة السدوسي، وجعلهما أبو الحسن الدارقطني وأبو نصر بن ماكولا وغيرهما واحداً، فالله أعلم".

قال ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (4/210) بعد أن حكى كلام المزي: "قلت: الذي رأيت في الثقات لابن حبان: سميط بن عمير: يروي عن أنس وعمران بن حصين، وعنه عاصم الأحول، ويقال سميط بن سمير. وفيه أيضاً: سميط بن عمير: يروي عن عمر بن الخطاب أنه جعل الجد أباً، وعنه عمران بن حدير، فيحرر ما نقله عنه المؤلف. وقال البخاري في تاريخه الكبير: سميط بن عمير، قاله عمران بن حدير، وروى عاصم عن سميط ابن سمير فظهر من كلامه إنهما عنده واحد، وذكر في ترجمته روايته عن كعب. وقال العجلي: لم يسمع من كعب، وهو ثقة".

قلت: ما وقع عند أبي حاتم والمزي من أن السميط ركب إلى عمر كأنه تصحيف! وكأن الخطأ في كتاب ابن أبي حاتم؛ لأن المزي تبعه على ذلك. والصواب: "كتب إلى عمر". فقد ذكر ابن حجر في القسم الثالث من ((الإصابة)) (3/265): "سميط بن عمير: له إدراك، وكتب إلى عمر في وقعة جرت له. وله رواية عن عمران بن حصين، وعنه عمران بن حدير وعاصم الأحول. وذكره ابن حبان في ثقات التابعين".

قلت: في قوله: "له إدراك" نظر شديد! ولا أدري كيف يكون ذلك؟ وأما كتابته إلى عمر فلعل هناك سقطاً في الرواية، فيكون الذي كتب إلى عمر أبو موسى الأشعري، وكان من عادته –وكان أميراً على البصرة- إذا أشكل عليه شيئاً أن يكتب إلى عمر. وسميط بصري ويروي عن أبي موسى، فالله أعلم.

ويُحتمل أنه كتب إلى عثمان، فتحرفت إلى عمر. وقد سبق أن سميطاً سأل رجلاً أن يسأل عثمان عن حادثة وقعت له في الطلاق.

والخلاصة أن رأي البخاري هو الصواب. فسميط بن عمير الذي يروي عن أنس هو نفسه الذي يروي عن عمران بن حصين وأبي موسى.

 

 

8 محرّم 1429هـ.

شاركنا تعليقك