الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

المتفق والمفترق/ عُمرُ بن كثير بن أفلح، وعَمرو بن كثير بن أفلح.

 المتفق والمفترق/ عُمرُ بن كثير بن أفلح، وعَمرو بن كثير بن أفلح.

 

بقلم: أبي صهيب الحايك.

 

فرّق بينهما البخاري، فقال في ((التاريخ الكبير)) في (باب من اسمه عمر) (6/188): "عمر بن كثير بن أفلح: سمع عبدالرحمن بن كيسان. وروى ابن المثنى عن معاذ عن ابن عون: عمر ابن كثير بن أفلح [عن] ابن عمر: كان يكره أن يصلي إلى العود القائم".

وقال أيضاً (5/342): "عبدالرحمن بن كيسان بن جرير عن أبيه، قاله حماد الخياط وأبو سعيد. روى عنه عمر بن كثير بن أفلح".

ثُم ذكر في (باب من اسمه عمرو) (6/366): "عمرو بن كثير بن أفلح: سمع عبدالرحمن بن كيسان عن أبيه، قاله حماد الخياط. وقال موسى بن مسعود: حدثنا عمر بن كثير بن أفلح مولى خالد بن أسيد عن عبدالرحمن".

قلت: ذكره البخاري في باب (عمر) وفي باب (عمرو) لينبه على أنه ورد خلاف في اسمه، ولئلا يظن ظان أنه وهم في ذلك، ولكن من منهج البخاري التنبيه على ذلك في بابين مختلفين. والصواب عنده: "عمرو بن كثير".

قال البخاري (7/232): "كَيْسان. حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال: حدثنا حماد بن خالد أبو عبدالله الخياط: سمع عمرو بن كثير بن أفلح، عن عبدالرحمن بن كيسان، عن أبيه: رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي عند البئر العليا، بئر بني معيط بالأبطح، في ثوب متلبباً به الظهر أو العصر ركعتين. وقال عبدالرحمن أبو سعيد: حدثنا عمرو بن كثير بن أفلح قال: حدثني عبدالرحمن بن كيسان أبو جرير، عن أبيه رأى النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال أيضاً (6/188): "عمر بن كثير بن أفلح، مولى أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- عن أبي محمد نافع وابن سفينة وعبيد سنوطاً. سمع منه يحيى بن سعيد الأنصاري وابن عون وسعيد بن سعيد. وقد روى عثمان بن حكيم: حدثنا محمد بن أفلح مولى أبي أيوب عن أسامة".

قلت: فرّق البخاري بين (عَمرو بن كثير) الراوي عن عبدالرحمن بن كيسان، وبين (عُمر بن كثير) مولى أبي أيوب.

· وهم لابن أبي حاتم، وكيف وقع له؟!

وجمع بينهما ابن أبي حاتم، فقال في ((الجرح والتعديل)) (6/130): "عمر بن كثير بن أفلح مولى أبي أيوب: روى عن ابن عمر، وعبيد سنوطاً. سمعت أبي يقول ذلك". قال أبو محمد: "روى عن عبدالرحمن بن كيسان عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه محمد بن بشر العبدي وحماد بن خالد الخياط وأبو عون الزيادي، غير أن أبا عون قال: عمرو بن كثير بن أفلح، وهو وهم منه".

قلت: كلام أبي حاتم الذي نقله عنه ابنه مستقيم. وأما ما زاد عليه ابنه فهو خطأ! لأن ما زاده يتعلق بترجمة (عمرو بن كثير) لا عمر. فخلط بينهما ابن أبي حاتم. ونتيجة هذا الخلط وقع في خطأ آخر، وهو قوله: "غير أن أبا عون قال: عمرو بن كثير بن أفلح، وهو وهم منه"!

قلت: الوهم منك. ووهم أبي عون أنه قال: "عمر بن كثير"، والصواب: "عمرو بن كثير".

وابن أبي حاتم نفسه نقل عن أبيه هذا في ((الجرح والتعديل)) (6/256) فقال: "عمرو بن كثير بن أفلح، ويقال: عمر بن كثير بن أفلح: سمع عبدالرحمن بن كيسان. روى عنه حماد بن خالد الخياط ومحمد بن بشر العبدي وأبو عون الزيادي، ويقول أبو عون: عمر بن كثير. سمعت أبي يقول ذلك".

وقد وقع ابن أبي حاتم في الوهم؛ لأن أبا عون يروي عن عمر بن كثير المدني، ويروي عن عمرو ابن كثير المكي، فجمع بينهما، والصواب أنهما اثنان.

· استدراك على ابن عبدالبر!

قال ابن عبدالبر في ((التمهيد)) (23/243): "عمرو بن كثير بن أفلح الذي روى عنه ابن أبي فديك ليس هو عمر الذي روى عنه يحيى بن سعيد، وإنما الذي روى عنه يحيى ابن سعيد هو الذي روى عنه ابن عجلان وغيره. وهو الذي روى عنه ابن عون، وهو من التابعين ممن لقي ابن عمر وأنس بن مالك، وهو كبير أكبر من عمرو بن كثير، وأظنهما أخوين، ولكن عمر بن كثير بن أفلح أجل من عمرو بن كثير بن أفلح وأشهر، وهو الذي في الموطأ، وليس لعمرو بن كثير في الموطأ ذكر إلا عند من لم يقم اسمه وصحفه".

قلت: أما ظنه بأنهما أخوين فهذا مما أستبعده! فواحد مكي، والآخر مدني، والله أعلم.

قال ابن حبان في ((الثقات)) (7/166): "عمر بن كثير بن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، من أهل المدينة. يروي عن نافع أبي محمد مولى أبى قتادة، وعبيد سنوطاً. روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وابن عون".

وقال في ((مشاهير علماء الأمصار)) (ص133): "عمر بن كثير بن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، من متقني أهل المدينة وقرائهم".

وقال في ((الثقات)) (8/477): "عمرو بن كثير بن أفلح، مولى خالد بن أسيد. يروي عن عبدالرحمن بن كيسان. روى عنه حماد بن خالد بن الخياط وموسى بن إسماعيل".

· تنبيه:

تقدم قول الإمام البخاري في ((التاريخ الكبير)) في (باب من اسمه عمر) (6/188): "عمر بن كثير بن أفلح: سمع عبدالرحمن بن كيسان. وروى ابن المثنى عن معاذ عن ابن عون: عمر ابن كثير بن أفلح [عن] ابن عمر: كان يكره أن يصلي إلى العود القائم".

قلت: أشار البخاري في ترجمة ((عمرو بن كثير)) أنه هو الذي يروي عن عبدالرحمن ابن كيسان. وهو غير عمر بن كثير. وعمر بن كثير هو الذي يروي عن ابن عمر، وكان الأولى بالإمام البخاري أن يورد هذا الأثر عن عمر في ترجمة: ((عمر بن كثير بن أفلح مولى أبي أيوب)).

شاركنا تعليقك