الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

هل لثعلبة بن أبي مالك صحبة؟! وكيف تعامل بعض المعاصرين مع حديثه؟

هل لثعلبة بن أبي مالك صحبة؟! وكيف تعامل بعض المعاصرين مع حديثه؟

 

بقلم: أبي صهيب الحايك.

 

ذكر ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (4/215) من الصحابة: ((ثعلبة بن أبي مالك)) رضي الله عنه. ثُم ساق له حديثاً.

قال: حدثنا يعقوب بن حميد، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن صفوان بن سليم، عن ثعلبة بن أبي مالك –رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ضَرر ولا ضِرار)) "وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في مشارب النخل بالسيل الأعلى على الأسفل حتى يشرب الأعلى، ويروي الماء إلى الكعبين، ثم يسرح الماء إلى الأسفل، وكذلك حتى تنقضي الحوائط أو يفنى الماء".

قال ابن أبي عاصم: "هذا بالمدينة خاصة".

قال محقق الكتاب الدكتور باسم الجوابرة: "رواه الطبراني في الكبير 2/80 رقم 1387 من طريق يعقوب بن حميد به نحوه، ورواه ابن الأثير في أسد الغابة بإسناده إلى ابن أبي عاصم به نحوه. قال الحافظ في الإصابة: رجاله ثقات. وقال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة 250: وإسحاق بن إبراهيم لم أعرفه. ورواه ابن ماجة في سننه في كتاب الرهون 2/829 رقم 2481 من طريق محمد بن عقبة بن أبي مالك عن عمه ثعلبة نحوه مختصراً". انتهى تعليق الدكتور.

قلت:

1- لم يتعرض الدكتور لصحبة ثعلبة بن أبي مالك! وكأنه سلّم أنه صحابي؛ لأن ابن أبي عاصم أورده هنا في الصحابة! وكان ينبغي له مناقشته في ذلك!

2- نقله عن الشيخ الألباني مبتور! نعم قال الشيخ: "وأما إسحاق بن إبراهيم هذا لم أعرفه"، ولكنه استدرك على نفسه فأتبع ذلك بقوله: "ثُم تبيّن أنه ابن سعيد الصواف المدني، وهو ليّن الحديث كما قال الحافظ، فيصلح للاستشهاد به".

3- لم يناقش الدكتور ابن حجر في قوله: "رجاله ثقات"!

وهذا الحديث بهذا الإسناد تفرّد به إسحاق بن إبراهيم. وابن حجر نفسه ليّنه، فكيف يكون رجاله ثقات؟! بل قال أبو زرعة: "ليس بقوي منكر الحديث" (الجرح والتعديل: 2/206).

والحديث مروي عن ثعلبة ولكن قسمه الثاني، وأما قوله: ((لا ضرر ولا ضرار)) فلم يرو إلا من طريق إسحاق، وهذه الزيادة منكرة، وهذا معنى قول أبي زرعة منكر الحديث. ويحتمل أنه سمع الشطر الثاني فقط، وأدخل فيه الشطر الأول فأخطأ، وقد يكون هذا معنى إدخال ابن حبان لإسحاق في ((الثقات)) (8/109) وقوله فيه: "كان يخطىء".

4- إشارة الدكتور إلى رواية ابن ماجة لهذا الحديث مختصراً يوهم أن هذا طريق محمد ابن عقبة ثابت! وكذلك يوهم أن حديث: "لا ضرر ولا ضرار"، رواه ابن ماجة في حديث محمد بن عقبة! وليس كذلك.

قال ابن ماجة في ((سننه)) (2/829): حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: حدثنا زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك، قال: حدثني محمد بن عقبة بن أبي مالك، عن عمّه ثعلبة بن أبي مالك، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سيل مهزور الأعلى فوق الأسفل يسقي الأعلى إلى الكعبين ثم يرسل إلى من هو أسفل منه.

فحديث إسحاق بن إبراهيم فيه زيادة منكرة، وهي: ((لا ضرر ولا ضرار))، ولا أدري كيف اعتبر الشيخ الألباني حديث إسحاق وأنه صالح للاستشهاد به؟!!

وهذا الحديث مرسل؛ لأن ثعلبة له رؤية فقط، ولا صحبة له. وقد وهم الشيخ الألباني في ((الصحيحة)) (250) في قوله بأن هذا الحديث موصول! وكان ينبغي له أن يضعه في المراسيل التي ذكرها من طرق هذا الحديث!

وعموماً فإن حديث إسحاق بن إبراهيم منكرٌ! والصواب في هذا الحديث ما رواه أبو داود في ((سننه)) (3/316) من طريق الوليد بن كثير، عن أبي مالك بن ثعلبة، عن أبيه ثعلبة بن أبي مالك: أنه سمع كبراءهم يذكرون أن رجلاً من قريش كان له سهم في بني قريظة، فخاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهزور -يعني السيل الذي يقتسمون ماءه- فقضي بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الماء إلى الكعبين لا يحبس الأعلى على الأسفل.

وتابعه عليه محمد بن إسحاق عن أبي مالك بن ثعلبة، عن أبيه ثعلبة، مثله. أخرجه ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (6/9).

وهذا يدل على أن ثعلبة تابعي، وليس بصحابي.

قال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (2/174): "ثعلبة بن أبي مالك القرظي المديني. كان كبيراً، إمام بني قريظة. سمع عمر وحارثة بن النعمان. وعن ابن عمر. سمع منه ابن الهاد والزهري وابنه مالك. نسبه الليث عن عمر مولى غفرة".

وقال ابن أبي حاتم في ((المراسيل)) (ص21): سألت أبي عن حديث رواه أبو سعيد الأشج عن عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحق عن الزهري عن ثعلبة بن أبي مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً خطبتين يفصل بينهما بجلوس، وأبو بكر وعمر كذلك. فسألت أبي عن ثعلبة بن أبي مالك هذا؟ فقال: "هو من التابعين، وهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل".

قال أبو محمد ابن أبي حاتم: وروى ثعلبة بن أبي مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في سيل مهزول، وأدخله أحمد بن سنان في مسنده. قال أبي: "ليست له صحبة".

وقال العباس بن محمد الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: "ثعلبة بن أبي مالك القرظي قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال عمر بن شبه: حدثنا أبو عاصم، عن سماك بن حرب، عن ثعلبة قال: "كنت غلاماً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (5/79): "قال محمد بن عمر –هو الواقدي-: وكان ثعلبة إمام بني قريظة حتى مات، وكان كبيراً، وكان قليل الحديث".

وقال ابن حجر في ((الإصابة)) (1/407): "ثعلبة بن أبي مالك القرظي. مختلفٌ في صحبته. قال ابن معين: له رؤية. وقال ابن سعد: قدم أبو مالك، واسمه عبدالله بن سام، من اليمن، وهو من كندة، فتزوج امرأة من قريظة، فعرف بهم. وقال مصعب الزبيري: كان ممن لم ينبت يوم قريظة فترك كما ترك عطية ونحوه. قلت: ... وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. وقال أبو حاتم: هو تابعي وحديثه مرسل. قلت: وحديثه عن عمر في ((صحيح البخاري)). ومن يُقتل أبوه بقريظة ويكون هو بصدد من يقتل لولا الإنبات لا يمتنع أن يصح سماعه، فلهذا الاحتمال ذكرته هنا".

وذكر ابن حجر في ((الإصابة)) (القسم الرابع: فيمن ذكر في الصحابة غلطاً) (6/319): "مالك بن أبي ثعلبة القرظي. ذكره يحيى بن يونس الشيرازي في الصحابة. وتبعه جعفر المستغفري. وتبعه أبو موسى في الذيل. قال جعفر: أورد له حديثاً ابن إسحاق عنه: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قضى في سيل مهزور أن الماء يحبس إلى الكعبين ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل. وهذا مرسل؛ لأن ابن إسحاق لم يلق أحداً من الصحابة، إنما روى عن التابعين فمن دونهم. أخرجه البغوي على الصواب من طريق محمد بن إسحاق عن مالك بن أبي ثعلبة عن أبيه. وقد تقدمت الإشارة إليه في ترجمة ثعلبة، وأن له رواية ولا صحبة له. لكن أخرجه ابن ماجة من طريق محمد بن عقبة بن أبي مالك عن عمه ثعلبة بن أبي مالك. وقد قضى أبو حاتم بإرسال رواية ثعلبة بن أبي مالك، فصار مالك بن أبي ثعلبة".

وذكر أيضاً في ((الإصابة)) (القسم الثالث) (7/61): "أبو ثعلبة القرظي. له إدراك وسمع من عمر. روى عنه الزهري. ذكره أبو أحمد في ((الكنى)) من طريق عبدالرحمن بن يحيى العدوي عن يونس الديلي عن الزهري عن أبي ثعلبة القرظي: سمعت عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحترقون فإذا صلوا الصبح غسلت ما كان قبلها، الحديث. قال أبو أحمد: هذا حديثٌ منكرٌ، وذكر أبي ثعلبة فيه غير محفوظ، وعبدالرحمن ابن يحيى ليس ممن يعتمد على روايته، والمعروف ثعلبة بن أبي مالك القرظي. قلت: لا يبعد احتمال أن يكون غيره".

قلت: كلام ابن حجر هذا يُنظر فيه لو كان عبدالرحمن بن يحيى يعتمد عليه!

وذكر كذلك في ((الإصابة)) (القسم الرابع) (7/62): "أبو ثعلبة الأنصاري. ذكره ابن منده، وأخرج من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن مالك بن ثعلبة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في وادي مهزور أن الماء يحبس إلى الكعبين الحديث. هذا خطأ، وهو مقلوب الأسماء. والصواب: ثعلبة بن أبي مالك، كما مضى في الأسماء، وهو قرظي من حلفاء الأنصاري، ولم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم بينهما رجل لم يسم. وهو عند أبي داود على الصواب".

شاركنا تعليقك