الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

عبدُاللهِ بنُ مُيسَّر، وتحرير في ضبط اسمه، وفوائد أخرى.

عبدُاللهِ بنُ مُيسَّر، وتحرير في ضبط اسمه، وفوائد أخرى.

 

بقلم: خالد الحايك.

 

أخرج الإمام أحمد في ((المسند)) (4/101) عن أبي نعيم، والطبراني في ((الكبير)) (19/342) عن فضيل بن محمد الملطي، عن أبي نُعيم الفضل بن دُكين، قال: حدثنا عبدالله بن مُيَسَّر المديني – جليسُ ابن أبي ذئب - عن زيد بن أبي عتاب، قال: قام معاوية على المنبر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. مَن يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين)). وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أيما امرأة أدخلت في شعرها من شعر غيرها فإنما تدخله زوراً)). قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الناس تبع لقريش في هذا الأمر: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والله لولا أن تبطر قريش لأخبرتها ما لخيارها عند الله عزّ وجلّ)). قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خير نساء ركبن الإبل نساء قريش: أرعاه على زوج في ذات يده، وأحناه على ولد في صغر)).

· خطأ للشيخ شعيب:

قال الشيخ شعيب أثناء تعليقه على ((المسند)) (28/125) رقم (16927): "إسناده صحيح، رجاله ثقات، عبدالله بن مبشر وثقه ابن معين..." هكذا قال: "بن مبشر" وهو خطأ وسيأتي الكلام عليه.

وأخرجه ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (6/402) قال: حدثنا الفضل بن دكين، عن عبدالله بن ميسر، عن زيد بن أبي عتاب، قال: قام معاوية على المنبر فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الناس تبع لقريش في هذا الأمر: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والله لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لخيارها عند الله)). وأخرجه ابن أبي عاصم في ((السنة)) (2/760) و (2/1009) (دار الصميعي) عن أبي بكر بن أبي شيبة. قال محققه د. باسم الجوابرة: "إسناده صحيح، رجاله ثقات... ورواه أحمد 4/101 من طريق الفضل بن دكين به. ورواه الطبراني في الكبير 19/360 رقم 847 من طريق شعبة عن حبيب بن الزبير عن عبدالله بن أبي الهذيل عن معاوية".

· خطأ للدكتور باسم جوابرة:

قلت: وقع عند الدكتور: "مَيْسرة" في كلا الموضعين، وهو خطأ، والصواب: "مُيَسَّر". وقول الدكتور: رواه أحمد من طريق الفضل يوهم أن بين أحمد والفضل واسطة وليس كذلك، فأحمد يرويه عن شيخه أبي نعيم الفضل بن دكين. وأما إشارته إلى رواية الطبراني فإن لفظه مختلف! وهو عن عبدالله بن أبي الهذيل قال: كتب معاوية إلى عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة)). ثُمَّ إنّ الصحيح في هذا الحديث أنه من رواية عمرو بن العاص ولا ذكر لمعاوية فيه!! أخرجه أحمد في ((المسند)) (4/203) عن محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن حبيب بن الزبير، قال: سمعت عبدالله بن أبي الهذيل قال: كان عمرو بن العاص يتخولنا، فقال رجل من بكر بن وائل: لئن لم تنته قريش ليضعن هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب سواهم. فقال عمرو بن العاص: كذبت! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة)). وأخرجه الترمذي في ((الجامع)) (4/503) عن حسين بن محمد البصري عن خالد بن الحارث عن شعبة به. قال الترمذي: "هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ". وأخرجه ابن أبي عاصم في ((السنة)) عن عبيدالله بن معاذ عن أبيه عن شعبة به. وهو عند الدكتور في الكتاب الذي حققه (2/745).

ورواية الطبراني المُشار إليها قال فيها: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة [ح] وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري، قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا النضر بن شميل، قال: حدثنا شعبة. وقد رواه ابن أبي عاصم في ((السنة)) عن أبي صالح هدية بن عبدالوهاب عن النضر بن شميل قال: حدثنا شعبة، عن حبيب بن الزبير، عن عبدالله بن أبي الهذيل، قال: كنا نجالس عمرو بن العاص نذاكره الفقه، فقال رجل من بكر: لتنتهين قريش وليجعلن الله هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب! فقال عمرو بن العاص: كذبت! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الخلافة في قريش إلى قيام الساعة)). قلت: أخطأ الطبراني عندما جمع بين الإسنادين في حمل متن رواية أحمد على متن رواية النضر بن شميل، وقد تقدمت رواية أحمد، وهي تختلف عن الرواية المُنازع فيها! ورواية أبي صالح هدية عن النضر قد أصاب في إسناد الحديث ولم يذكر معاوية، ولكنه خالف في متنه، والخلاف في الحديث على النضر بن شميل! أما رواية أبي صالح هدية المروزي فكأن الوهم منه فإنّ ابن حبان ذكره في ((الثقات)) (9/246) وقال: "ربما أخطأ". وأما رواية محمود بن غيلان فقد يكون الخطأ من  الطبراني أو من شيخه الحسين بن إسحاق التستري، والله أعلم.

· خطأ لحمدي السلفي:

وقد أخطأ الشيخ حمدي السلفي محقق كتاب الطبراني أيضاً فإنه عند رواية الطبراني التي فيها ذكر معاوية أشار المحقق في الهامش (19/360) أن الحديث تقدم في (779)! والذي أشار إليه المحقق هو الحديث المشهور عن معاوية: ((إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا أكبه الله على وجهه ما أقاموا الدين)).

· الخطأ في الضبط في كتب الرواية والكتب المطبوعة:

وقد جاء في جُلِّ كتب الرواية وكتب الرجال المطبوعة: ((مبشر)) وهو خطأ. وقد ضبطه ابن ماكولا في ((الإكمال)) (7/156) في ((باب: مُبشِّر ومُيَسَّر)) فقال: "وأما ميسّر: بياء معجمة باثنتين من تحتها وسين مهملة مشددة... وعبدالله بن مُيسِّر المديني جليس ابن أبي ذئب...قال هذا كلّه البخاري". وكذا ضبطه الذهبي في ((المشتبه)) (ص568) فقال: "وبياء ومهملة: عبدُالله بن مُيَسّر، شيخٌ لأبي نُعيم المُلائي". وقد تعقّبه ابن ناصر الدين في ((توضيح المشتبه)) (8/29) فقال: "قلت: تبع المصنف في هذا ابن ماكولا، فإنه ذمر عبدالله بن ميسر، بالياء المثناة تحت والسين المهملة، ثم حكى كلام البخاري فيه في ((التاريخ))، والذي هو في نسختي من ((التاريخ)) بخطّ الحافظ أُبيّ النّرسيّ، بالشين المعجمة، وهو عبدالله بن مبشر، جليس ابن أبي ذئب، سمع زيد بن عتاب، سمع منه أبو نُعيم. ولم يذكره الدارقطني في ترجمة ((ميسر)) بالمثناة تحت والمهملة، ولا عبدالغني بن سعيد، مع رواية الدارقطني لـ ((تاريخ البخاري))، واطّلاع عبدالغني عليه. وقد ذكره المصنف في ((الميزان)) على الصواب بعد ذكر عبدالله بن مالك، وقبل ذكر عبدالله بن المثنى، فقال: عبدالله بن مبشر الغفاري، له عن بعض التابعين، قال الأزدي: لا يصح حديثه. وقول المصنف: "له عن بعض التابعين": أراد –والله أعلم- ما رواه وكيع عن سفيان عن عبدالله بن مبشر عن شيخ لهم قال: رأى عثمان أترجة في المسجد فأمر فكسرت. علّقه البخاري في تاريخه عن وكيع سوى قوله: في المسجد، وعلقه أيضاً عن ابن مهدي عن سفيان عن شيخ من أهل المدينة قال: حدثني عبدالله بن أبي حبيبة قال: رأيت عثمان". ثم قال ابن ناصر الدين: "محمد بن ميسر... وقول المصنف – أي الذهبي – بفتح السين – يدل على أن الذين ذكرهم المصنف قبل هذا بكسر السين المهملة عنده، لكن الدارقطني جعل ميسر بن عمران وعلي بن ميسر ومحمد بن ميسر الصاغاني بالفتح، وكذلك قيدهم بالفتح عبدالغني بن سعيد".ا.هـ.

· تعقب ابن ناصر الدِّين:

قلت: ما ذكره ابن ناصر الدين من أدلة على أن الصواب في اسم والد عبدالله بالشين ليس بسديد! أما قوله بأن في نسخته من البخاري بخط النرسي بالشين مُعارَضٌ بالنسخة التي اعتمدها ابن ماكولا وهي عنده بالسين المهملة وبالياء. وأما عدم ذكر الدارقطني وعبدالغني له في باب "ميسر" مع اطلاعهم على تاريخ البخاري فليس بدليل أيضاً! لأنه قد يكون في نسخهم أيضاً بالشين أو أن ذلك فاتهما.

ومما يؤيد ذلك أن الإمام الخطيب قد صنّف كتابه ((المؤتنف تكميل المختلف)) استدرك فيه ما فات الدارقطني وعبدالغني، وكان مما استدركه في كتابه هذه الترجمة، فقال في ((المؤتنف)) (129/أ): "باب مُبشِّر ومُيَسَّر: والثاني بياء معجمة باثنتين من تحتها وسين مهملة: عبدالله بن مُيسَّر المدني. أخبرنا ابن الفضل، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، قال: حدثنا أبو أحمد بن فارس، قال: حدثنا البخاري، قال: عبدالله بنُ مُيَسَّر جليس ابن أبي ذئب، سمع زيد بن أبي عتاب. سمع منه أبو نُعيم. وقال وكيع عن سفيان: عبدالله بن ميسر عن شيخ لهم رأى عثمان أترجة في المسجد فأمر فكسرت. وقال ابن مهدي عن سفيان قال: حدثني شيخ من أهل المدينة قال: حدثني عبدالله بن أبي حبيبة قال: رأيت عثمان"ا.هـ. قلت: فها هو الخطيب ينقل من التاريخ أنه بالسين والياء. وابن ماكولا قد تابع شيخه الخطيب في هذا فذكره في ((الإكمال))، ولو كان ما عند الخطيب وهم لما تبعه ابن ماكولا في ذلك، ولكان عليه أن يذكره في كتابه ((مستمر الأوهام)) لأنه خصصه لأوهام الخطيب في كتابه ((المؤتنف)).

· خطأ في الضبط:

ولم يضبط صاحب الإكمال السين المهملة المشددة فضبطها الذي أكمل تحقيق الكتاب بالكسر: "مُيَسِّر"! وكذلك محقق مشتبه الذهبي! وهو خطأ، والصواب بالفتح كما قيّده الخطيب بخطه في (المؤتنف)): "مُيَسَّر" وهو على وزن محمَّد.

· وهم لابن ناصر الدِّين:

وقد وهم ابن ناصر الدين في قوله بأن الذهبي ذكره على الصواب في ((الميزان))! لأن الذهبي يرى أن عبدالله هو ابن ميسر لا مبشر، والذي ذكره في ((الميزان)) هو ابن مبشر! ووهم أيضاً في ذكر هذه الأحاديث للغفاري هذا؛ لأن هذه الأحاديث ذكرها البخاري لابن ميسّر لا لابن مبشر!! وسيأتي الحديث الذي يقصده الذهبي، ومزيد بيان لهذا عند الكلام على إسناد حديث لزيد بن عتاب إن شاء الله تعالى.

· جهل بعض المحققين المعاصرين:

وقد وقع في ((إكمال تهذيب الكمال)) (5/161) في ترجمة ((زيد بن أبي عتاب مولى أم حبيبة)): "يروي عن سعد ومعاوية. روى عنه: ابن أبي ذئب والذمعي كذا ذكره [المزي وذكره] ابن حبان". وقال محققا الإكمال: "ما بين المعقوفتين سقط من الأصل والسياق يقتضيه". قلت: هذا جهلٌ منهما! فلا سقط في عبارة مغلطاي، وإنما نسبا السقط لأنهما ظنا أن مغلطاي يتعقب المزي دائماً، وزيادة ما بين المعقوفين يعني أن المزي ذكره كذلك، وليس بصحيح؛ فالمزي ذكره على الصواب: يروي عنه عبدالله بن ميسر جليس بن أبي ذئب. والذي أراده مغلطاي هو نقل ما عند ابن حبان في ((الثقات)) (4/246) قال: "زيد بن أبي عتاب مولى أم حبيبة يروي عن سعد ومعاوية. روى عنه ابن أبي ذئب وموسى بن يعقوب الزمعي"، وهذه العبارة تتفق مع ما نقله مغلطاي في الإكمال، ولكن أساء المحققان إلى العبارة فزادا فيها ما لا يقتضيه السياق! والعجب منهما أنهما أشارا في الهامش إلى مكان وجود هذه الترجمة في ثقات ابن حبان ولم يفهما مقصود مغلطاي! وهو أنه وقع في ثقات ابن حبان أن ابن أبي ذئب روى عنه. فيحتمل أن ابن حبان أخطأ فيه، أو أن هناك سقطاً في ثقات ابن حبان، والصواب: "روى عنه: [عبدالله بن ميسر جليس] ابن أبي ذئب وموسى بن يعقوب الزمعي".

 

وكتب: خالد الحايك.

شاركنا تعليقك